-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 28 - 3 - الثلاثاء 11/2/2025

 

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثامن والعشرون

3

تم النشر الثلاثاء

11/2/2025



سطعت شمس المدينة وتجاوزت السادسة وقد انتهت من فرضها وأذكارها و هو لم يأتِ بعد وهاتفه مغلق لتشعر بالضيق الذي جعلها تنتج أسوء السيناريوهات لذا قررت أن تنزل للأسفل وتتمشى قليلًا ربما هدأت حتى لا تستقبله بتجهم  . 


بالفعل ارتدت ملابس مناسبة وتحركت نحو باب الجناح تفتحه وما إن اندفعت نحو الخارج حتى اصطدمت بصدره يظهر أمامها لذا لف يديه حولها مستغلًا صدامها وطالعها بنظرات متفحصة وتساءل  : 


- رايحة فين يا ديما  ؟ 


دارت حول ملامحه تتفحصه لتلمح في عينيه التعب وغمامة حمراء نتجت عن الإرهاق مصاحبة بوميض حزين لذا أجلت معاتبتها وسألته باهتمام وحنين  : 


- مالك يا ثائر  . 


هذا ما يريده الآن لذا دلف بها إلى الداخل وأغلق الباب وسمح لجسده أن يحتويها ولجسدها أن يحتوي قلبه  . 


وضع رأسه على كتفها يغمض عينيه والتزم الصمت لتبادله وتربت على ظهره بتعجب وتدرك أن هناك شيئًا أحزنه أو أرهقه لذا ظلت تملس على طول ظهره بيديها حتى مر عدة دقائق فابتعد يحدق بها ثم أردف بهدوء  : 


- احنا هنرجع فرنسا النهاردة يا ديما  . 


بملامح ثابتة أخفت دهشتها وسألته وهي تبتعد خطوة للوراء  : 


- ليه  ؟  إنت قلت هنقعد أسبوع  . 


في هذه اللحظة كان مضطرًا للاستحواذ على عاطفتها لذا مط شفتيه وأمسك بمعصمها يسحبها إلى الأريكة وجلسا عليها ثم بتركيز تام قال بنبرة مغلفة بالحزن  : 


- من وقت ما شوفت أحمد وأنا بفكر  ،  وخصوصًا بعد اللي حصل إمبارح أنا متأكد إنها هتحاول تدس سمها زي كل مرة والموضوع مش ناقص  ،  علشان كدة قلت أنزل أصلي الفجر واستنى شوية وأحاول أشوفه  . 


صمت لثوانٍ فتساءلت بانتباه  : 


- وبعدين  ،  شوفته  ؟ 


تمعن بها ثم أطرق رأسه يومئ بلا ويجيب  : 


- للأسف رفض  . 


عاد يطالعها ويستطرد  : 


- علشان كدة خلينا نرجع فرنسا  ،  إحساس صعب جدًا إني أكون في مكان واحد أنا وهو ومش قادر أكلمه  ، ده غير إني مش عايز أشوف الإنسانة دي تاني في أي مكان . 


بالرغم من أنها لم تجرب إحساسه إلا أنها تعلم مدى صعوبة ما يشعر به لذا وافقته الرأي وأجابته بنبرة مطمئنة يتوغلها الحزن  : 


- تمام يا حبيبي خلينا نرجع  ،  المهم تكون مرتاح  ،  وقريب جدًا ربنا هيزيل من على عيونه الغمامة وهيفوق  ،  صدقني ده إحساسي  . 


تحول الحزن في عينيه لذنبٍ داهمه لذا ابتسم ونزل بنظره نحو شفتيها فلاحظت نظراته لذا قضمتهما بخجل فتولى مهمة تحريرهما بشفتيه فمن ذا الذي يقدر على أسرهما أمامه  ،  إنهما حرتان مادامتا في حضرته  ،  تتمتعان ما دام يدللهما ويدغدغهما بخاصته  ،  تعطيانه طعم الشهد فلا يشبع منهما لا صباحًا ولا مساءً  . 


وجدت نفسها على الفراش فشقهت من صدمتها حيث لا تعلم متى حملها ونقلها وكأن الوقت أمام تسلطه ينكسر لتبدأ يديه تنفيذ مهمتها الرسمية لتجده يحتويها ويهمس بالفرنسية عند أذنها بإثارة جعلت معدتها تتلوى استمتاعًا  : 


- سألتهمك بطريقتي أيتها الفريسة حتى تتشابك العروق مع الأوردة في جسدكِ هذا   . 


❈-❈-❈


عاد داغر إلى المنزل ليرى والدته وشقيقته وحبيبة قلبه  .


منذ أن عاد من سفره وهو لم يتسنى له رؤيتهن جيدًا  ، عاد العم محمود صباحًا إلى كاليفورنيا وصمم صالح على النزول  إلى الورشة  . 


طرق الباب فشعرت بسمة أنه هو لذا توجهت لتستقبله وتفتح له بنفسها وحينما وجدته أمامها ابتسمت وتعلقت على طرف لسانها كلمة الاشتياق لذا تنفست بقوة كي لا تسقط منها ونطقت بدلًا عنها  : 


- حمدالله ع السلامة  . 


بمقلتين ممتلئتين بالحنين والشوق أجابها  : 


- الله يسلمك يا بسوم  . 


أسرعت دينا نحوه تعانقه فبادلها العناق حتى كادت أن تبكي برغم أنه لم يغب عنها كثيرًا ولكنها أدركت أنها بدونه مشتتة  ،  تحتاجه كثيرًا ليتصدى لذلك اللوتشو ولكن لتتمهل قليلًا لذا ابتعدت تطالعه وسألته باهتمام عفوي  : 


- صالح عامل إيه دلوقتي  ؟ 


أومأ يجيبها تحت نظرات بسمة التي شردت في عناقه لشقيقته وسحبتها مخيلتها إلى عناقٍ مماثل ولكن بشعورٍ مختلف  ،  ماذا إن حاوطها بذراعيه هكذا فهل ستشعر بالأمان كما أرادت أن تشعر دينا  ؟ 


تحدث داغر بهدوء وهو يدلف ليرحب بوالدته  : 


- كويس يا دينا الحمد لله  ،  ربنا يصبره  . 


استقبلته منال بعناقٍ أيضًا وابتسمت تردف بحنين  : 


- وحشتنا يا داغر  ،  نورت البيت يا حبيبي  . 


- منور بيكم يا ست الكل  ،  عاملين إيه  ؟ والولاد عاملين إيه  ؟ طمنوني فين حاجة حصلت في غيابي  ؟ 


نظرت دينا إلى منال تسألها هل تخبره لتمنعها الأخرى بنظراته بأنه ليس الوقت المناسب لذا استرسلت هي  : 


- لا يا حبيبي كل حاجة تمام  ، يالا علشان نفطر  . 


توجه نحو مائدة الفطور يجلس عليها واتجهتا دينا وبسمة خلف منال لتساعداها لذا التقطت بسمة طبق الفول واتجهت تضعه على المائدة فنظر إليها ليلمح طيفًا حزينًا يشع من ملامحها لذا تساءل مباشرةً  : 


- مالك يا بسوم  ؟ 


رفعت نظراتها إليه تبتسم وتجلى التعجب تقاسيمها تجيبه بسؤال مراوغ  : 


- مالي يا داغر  ؟ 


دقق النظر فيها وتابع  : 


- فيه حاجة حصلت وأنا مش هنا  ،  صح  ؟ 


لن تراوغ ولن تكذب فهي كانت قد قررت التحدث معه لذا التقطت نفسًا قويًا وأومأت تجيبه بهدوء وخجل  : 


- أيوا  ،  بس خلينا نفطر الأول وبعدين هنقعد نتكلم  . 


ظهور منال ودينا جعلاه يرضخ للجلوس وتناول الفطور أولًا ولكنه بات متلهفًا لمعرفة ماذا حدث معها في غيابه  . 


لم يمر دقائق حتى أعلن انتهاءه من الفطور فنهض يردف  : 


- الحمد لله  . 


التفت يطالعها ويسترسل  : 


- بسمة خلصي فطارك وتعالي نتكلم شوية في البراندا لو سمحتِ  . 


أومأت له بحرج أسفل نظرات دينا ومنال التي سعدت وتمنت لو يفصح ابنها عن مشاعره ويريح عذابه وعذاب هذه الفتاة التي أحبتها كثيرًا  . 



دقائق أخرى وتحركت بسمة نحو الشرفة لتجده يجلس في انتظارها  ،  الجلوس هنا مريح خاصة وأنها محاطة بساتر زجاجي يمنع رؤية من في الخارج لهما لذا جلست أمامه فتحدث مباشرةً  : 


- قولي علطول عملوا إيه  ؟ 


- مين  قصدك  ؟ 


سألتها بتعجب من سؤاله ليجيبها بتأكيد بعدما اشتدت عروقه : 


- هيكون مين غير عمك وابنه يا بسمة  ،  اتكلمي علطول علشان أنا على أعصابي  . 


تنفست بعمق وحاولت أن تتريث لذا نطقت بحكمة  : 


- لاء ماهو أنت مادام على أعصابك يبقى مش هتكلم  ،  لازم تهدى وتسمعني كويس يا داغر ولو سمحت بلاش اندفاعك ده لإن فعلًا الموضوع محتاج تأني  . 


مسح على وجهه يستغفر ثم عاد يطالعها وأردف بهدوء  : 


- طيب قولي سامعك  . 


تنفست بعمق ثم قررت أن تقص عليه ما حدث فقالت  : 


- ماجد جه الحارة واتكلمنا وقال إنه عايزني أرجع الفيلا  ،  طبعًا الصح ظاهريًا إني أرجع وإن قعادي هنا مش صح ومش نافع خصوصًا إنك قاعد عند صالح بس أنا مابقتش قادرة أعيش معاهم يا داغر  ،  مش بعد ما لقيت حنية خالتو منال ولهفة مالك ورؤية معايا وصداقة دينا  ،  هرجع لهناك إزاي وأعيش الإحساس الكئيب اللي كنت عايشاه وسطهم ده  ؟ 


- يبقى ماترجعيش طبعًا  . 


نطقها بفرحة واندفاع وبدون تفكير لتتنفس وتجيبه  : 


- للأسف صعب جدا  ،  تعرف قالي إيه  ؟ 


قطب جبينه ينتظر تكملة حديثها فتابعت بترقب وتوتر من ردة فعله  : 


- قال إن أونكل نبيل ممكن يضغط عليا بيك لو أنا مارجعتش  . 


حرر لسانه مستنكرًا يتساءل  : 


- يضغط عليكي بيا  ؟  اللي هو إزاي يعني  ؟ 


نطقت والخوف سكن جدران ملامحها  : 


- مش عارفة بس حسيته تهديد  ،  وأنا مستحيل هقبل إنك تتأذي بسببي  . 


نهض يردف بهياج وعصبية مفرطة  : 


- وانا مستحيل هسيبك تروحيلهم تاني  . 


لا يعلم من أين أتته هذه الجسارة ولكن ربما من مكوثها لفترة في منزله واعتياده على كونها فردًا من عائلته بات مسؤولًا عنها لذا نظرت له نظرة ثاقبة وأردفت بنبرة مؤكدة  برغم السعادة والطمأنينة التي توغلتاها : 


- اهدى واقعد علشان نلاقي حل . 


زفر بضيق ولكنه رضخ لرغبتها فعاد يجلس ويتابع بنبرة جادة  : 


- بصي يا بسمة الشقة اللي فوق هتتأجرلك وتقعدي فيها وده علشان تكوني مرتاحة وهتكوني هنا في حماية ربنا ثم حمايتي وأي حد منهم لو راجل يقرب  ، وابن عمك ده أنا هعرفه مقامه . 


هزت رأسها تتنفس بضيق وتابعت بترقب وعينيها تتفحص عينيه  : 


- مش هينفع يا داغر  ،  أنا فعلا نفسي اعمل ده بس عمي مش هيسكت  ،  ده غير أنه ممكن يئذيني في الشركة وسط الموظفين علشان اقبل ارجع  ،  وممكن فعلًا يئذيك وده اللي مش هتحمله أبدًا  ،  ماينفعش أبقى هنا خصوصًا إن مافيش صفة رسمية لدة  . 


تجرأت ونطقتها هي وباتت الآن الكرة في ملعبه لذا حدق بها وصمت لهنيهة يستكشف مغزى حديثها وبرغم إحساسه بأنها تتعمد ما فهمه إلا أن الخوف جعله ينتظر ويحدق بها لدقائق تصارعت فيها القرارات في عقله ليردف بعدها دون تردد  : 


- إيه رأيك لو نكتب كتابنا أنا وانتِ  ؟ 


الدهشة والسعادة تكونتا في مقلتيها وهي تطالعه لثوانٍ قبل أن تتساءل بتلعثم نتج عن توترها  : 


- إزاي  ؟ 


لم ينتظر منها الموافقة السريعة ولكن سؤالها شتته لذا توترت نظراته وزفر بقوة ونطق وهو ينهض ويستعد للمغادرة أو الهرب  : 


- فكري كويس الأول وأنا معاكي في الحالتين يعني ماتقلقيش  ،  أنا بس لازم انزل الورشة دلوقتي علشان صالح  . 


غادر يتعجب من نفسه وكيف نطق هذا الحل  ،  ربما هو بالنسبة لها حلًا ولكنه بالنسبة له استغلال  . 


استغل الموقف ليقترب منها  ،  ليحميها  ،  لتكن معه بأي شكلٍ كان لذا فر هاربًا لأنه لا يمتلك تبرير لعرضه المفاجئ  ، نطق الحل وعرض الأمر وعليها أن تفكر وتخبره حتى لا تظنه يستغلها ماديًا  .


أما بالنسبة لعمها وابنه فيكفيه أن تقبل وما بعد ذلك سيكون عهدًا على عاتقه  ، سيقف لهما مثل الشوكة في الحلق وليريهما من هو داغر الصابر الذي يهددانها بأذيته . 




❈-❈-❈


مساءً وبعد سفرٍ طويل اتجها سويًا بسيارته التي تركها في المطار آنذاك وقاد نحو منطقتهما  . 


وصل أمام منزلها فترجل يحضر شنطتها من صندوق السيارة وترجلت تخطو نحو منزلها ليتبعها ويضع الحقيبة عند الدرج ثم نظر إليها نظرات ماكرة يردف مبتسمًا  بغمزة : 


- أشوفك بكرة في المجلة إن شاء الله  ،  تصبحي على خير  . 


لم تستطع إخفاء ابتسامتها وحماسها لذا تنفست تجيبه  : 


- وانت من أهله  . 


التفت يستقل سيارته واتجهت تفتح باب منزلها ودلفت وتحرك هو إلى منزله  . 


أغلقت الباب خلفها واتجهت نحو الأريكة تضع الحقيبة ثم نظرت حولها وهجمت عليها ذكرى ذلك اليوم لتنفض رأسها وتتذكر أنه معها إذًا فهي بخير لذا استلت هاتفها وجلست تتحدث مع طفليها مكالمة دامت لعدة دقائق ثم أغلقت ونهضت تتساءل لما لم يأتِ  ؟ هل غفا  ؟   


ابتسمت بخفة حينما تذكرت غمزته لتتأكد أنه لن يغفو ولكنه سيكون هنا في أقرب وقت لذا تنفست بعمق وقررت أن تدلل نفسها  . 


تحركت نحو حقيبتها وفتحتها تستل منها حقيبة صغيرة بها مشتريات العناية الشخصية ثم انتشلت قميصًا ورديًا مناسبًا لقضاء ليلة رومانسية وتحركت نحو غرفتها لتغتسل وتتجهز قبل أن يأتي  . 


دلفت الحمام وتجردت من ثياب سفرها ووضعتهم في السلة لتظل بقميصٍ كريمي اللون قصير بعض الشيء بحمالات رفيعة لذا وقفت أمام المرآة العلوية للحوض وفتحت حقيبتها تخرج منها غسول البشرة وبدأت تعتني ببشرتها العناية التي تسبق الاستحمام ثم انتشلت شرائح شمعية وصبغة توريد القدمين وتحركت نحو المرحاض تجلس فوقه وشمرت عن ساقيها لتبدأ في العناية بهما  . 


كانت مندمجة فيما تفعله وخصلاتها القصيرة تمردت عليها فغطت رقبتها وكتفيها خاصةً وأنها تطرق رأسها ليتسنى لها العناية بساقيها جيدًا  . 


شقهت حينما ضلل خياله على ما تفعله ورفعت بصرها تطالعه وقد شعرت بالخجل ولكنه لم يمهلها وقتًا بل تقدم منها بعيون مفترسة ومشاعر متضخمة فشقهت حينما انتشلها في عناقٍ لتسقط منها الأغراض لذا ضحكت وازدادت قهقهاتها المختلطة بالمتعة حينما انحنى على رقبتها يترك عليها علامات عشقه وسبل نجاته لذا تعلقت به ولفت ذراعيها تعقدهما حول رقبته وتردف بنبرة مدللة من أثر ما يفعله  : 


- ثائر استنى بس لما أخلص اللي كنت بعمله  ،  يالا أطلع استناني برا  . 


بالطبع لن يطيعها بل استمر في رسم خريطته عليها ليتجه نحو أذنيها ويهمس برغبة ملحة وبالفرنسية كعادته في الغزل  : 


- لا يحق للفريسة أن تشترط الانتظار  ،  الفهد جائع  . 


انتزعها نحو حوض الاستحمام وفتح صنبور المياه و تساقطت المياه عليهما كالمطر ليعطيها إحساسًا بأنه الغيث الذي جاء بعد سنواتٍ من تصحرٍ مشاعرها وبالفعل حينما أخذت هذا الشعور لم تبخل في إعطائه شعورًا من النعيم الذي تمتلكه من رقتها ونعومتها ولمسات يديها وهمسها باسمه المثير ثائر   . 



❈-❈-❈


في الصباح توجها إلى المجلة سويًا ودلف كلٍ منهما مكتبه بهدوء بعدما اتفقا على عدم إشهار زواجهما الآن  . 


عاصفة هوجاء اندفعت داخل المجلة حيث ظهرت مارتينا تخطو بحدة متجهة إلى مكتب ثائر ودون أي استئذان فتحت المكتب وصفعته بقوة انتبهت ديما على إثرها في مكتبها فانتفضت وتوقفت تتجه إلى النافذة الداخلية وتنظر منها فلاحظت همهمات الموظفين وخربش الفضول عقلها ولكنها قررت العودة إلى مكتبها وإرسال رسالة إلى ثائر  . 


وقفت مارتينا أمامه بملامح يشع منها الغضب ولولا قوته لكان احترق بنيران نظراتها لذا حدجها بنظرة عميقة ثم أردف مرحبًا وهو يخط بقلمه بعدما أبعد أنظاره عنها   : 


- أهلًا مارتينا  ،  ما هذه العاصفة التي أتيتِ بها  ؟ 


تحركت نحو مكتبه وصفعته تنحني وتردف من بين أسنانها  : 


- هل أقمت معها علاقة  ؟  وإياك أن تنكر ثائر  ،  أنت معها منذ أسبوعٍ وسافرت معها لحضور مناظرات لعينة مثلكما  ،  أنت كذبت علي واستهونت بذكائي  ،  أخبرني الآن هل فعلت  . 


ابتسم بجانب فمه ثم دقق فيها بمقلتين قاتمتين وأجابها بثباتٍ مستفز  : 


- نعم فعلت  . 


لمح الجنون في عينيها فاسترسل قبل أن تقذفه  : 


- مثلما فعلتِ مع توماس مارتينا  ،  انتقمت منكِ  ...  ومنها  . 


برغم اندلاع حريق التملك داخلها إلا أنها ألجمت جنونها ونطقت من بين أسنانها  : 


- ولكنني فعلت ذلك من أجلك أيها الغبي  . 


أومأ يجيبها بثبات وعينيه لا تفارق عينيها بنبرة متقنة يضغط على كل حرفٍ يخرج منه : 


- وأنا كذلك  ،  انتقمت منكِ لتعيشي نفس الشعور مارتينا  ، وفعلتها معها لأكسر شوكتها وتكف عن تحديها لي  ،  يعني أنني ضربت عصفورين بحجر واحد  . 


الهدف الثاني جعلها ترتد وتجلس وعينيها لا تفارقه والتعجب باديًا على ملامحها لتحاول فك شفرة كلماته لذا تساءلت  : 


- كيف ذلك  ؟  إياك ثائر  ،  إياك والتلاعب معي فأنا لست كتلك الحقيرة  . 


ازدرد ريقه وابتسم يجيبها  : 


- تزوجتها  . 


صمتها لا يعني شيئًا سوى الهلاك لذا تابع يوضح  : 


- لم يفلح معها نفس الطريق الذي سلكتيه مع توماس لذا قررت الزواج منها  ،  ولهذا دعينا نعترف أنها ليست حقيرة  ،  هي تظن أنها محصنة وأتت لتتحداني وتثبت قوة المرأة العربية وتطيح بأفكاري واستنتاجاتي وآرائي لسنوات عرض الحائط لذا كان علي أن أعلمها درسًا لن تنساه  ،  وقريبًا جدًا سأكسر شوكتها أمام الجميع وسأظهر ضعفها بشكلٍ لن تستطيع النهوض بعده مجددًا .


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة