-->

رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - الفصل 20 - 3 - السبت 2/2/2025

 

  قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة عفاف شريف


الفصل العشرون

3

تم النشر السبت

1/2/2025



كان أنس يقود السيارة بهدوء، بجانبه أمير المنشغل في هاتفه. حتى أنه طلب منه أن يقود هو في طريق العودة، فلدية بعض الأعمال مضطر أن ينجزها. قالها بهدوء، وجلس في المقعد بجانب السائق، ولم يعترض هو. فليعود للمنزل، ليرتاح، وترتاح تلك الجالسة خلفه.

 فكان بكل دقيقة وأخرى ينظر حيث ملك، يطمئن عليها، ويحمد الله أنها قد غفت. فهي ما زالت تلوم نفسها على ما حدث اليوم مع تميم، تحديدًا أنها لم تسنح لها الفرصة للاعتذار إلى الآن.

إلا أنه في النهاية يقلق.

 وضع ملك الصحي غير مستقر من الأساس، وهي تضغط على نفسها، والظروف حولها تضغطها. وبقلبه خوف شديد، فالضغط القادم سيكون أقوى. 

الضغط من جهة أمه، وسيكون الأسوأ .

 يدعو الله أن تمر تلك السفريه بخير، فقد فلتمر بخير.


❈-❈-❈


كانت في غرفتها تتحرك ذهابًا وإيابًا، تشعر برأسها على وشك الانفجار. أحضرها إلى هنا ليرميها بكل بساطة في منزل العائلة مع حفنة من الأطفال. 

كيف يجرؤ؟ كيف له أن يفعل هذا؟

 ماذا يظن نفسه؟ هو هناك مع أخيه، 

ما دخلها هي؟ ما دخلها في كل تلك الأوضاع؟


ليأتي بها إلى هنا بكل بساطة ويتركها تغلي غضبًا، ولتحترق في الجحيم. كلما هاتفه، يخبرها أنه مشغول. وفي المقابل، حور تحادث حسام معظم الوقت، تطمئن عليه، ويطمئن عليها. هل حسام فقط المتفرغ؟ لا طبعًا.


 فزوجها المحترم اكتشفت أنه يعمل حتى في المستشفى. الحقير! 

يجعلها هي تنشغل عن عملها، وهو يهتم بعمله.


 أي أناني تزوجت؟ أفاقت من تفكيرها على ظهور السيارة التي توقفت أمام المنزل. يهبط منها أمير، وجهه في هاتفه، ولم يدري لماذا رفع عينه، ليقابل عينيها التي تطلق شرار.


 يومه أسود إن شاء الله، قالتها لنفسها وهي تحدجه بشر. فالصبر يا أمير، الصبر.


❈-❈-❈


هبطت الدرج ببطء شديد، ووقفت بصمت في مكانٍ بحيث هي تراهم وهم لا يروها.


 كانت في منتصف الدرج تراقب دخولهم للمنزل، لتظل محلها تشاهد المشهد بعيونٍ جامدة.


مدحت، الذي ما أن دلف ورأى حور أمامه حتى قبل جبهتها ويد الصغيرة شمس، وتابع طريقه، ملقيًا نفسه على الأريكة بتعب.


تبعه أنس الممسك بيد ملك بيد ومحيطًا خصرها باليد الأخرى.


تبعتهم آلاء الصامتة تمامًا، 

أما هي فقد كانت تشعر بنيران تكاد تخرج من عينيها وهي تقف في انتظار زوجها، تراقب دخوله ببطء، عيناه في هاتفه، لا يهتم أبدًا حتى برفع عينه لينظر إليها.


هبطت درجة تلو الأخرى حتى وصل أمامها، وهنا رفع عيناه، ناظرها لثوانٍ قبل أن يتخطاها.

تابع الجميع، ولم توقفه هي.

لهم غرفة، فلتنظر.


❈-❈-❈

انسحبت آلاء سريعًا نحو غرفة الصغار بشوق شديد.

وما إن رأوها حتى هللوا مسرعين نحوها،

حتى تميم الصغير الذي جلس يصفق بشوق.

ضمت الصغار إلى صدرها بشوق حقيقي.

كم اشتاقت لهم، ولصوتهم الذي يملأ حياتها.

كانت تظن أنها سترتاح منهم،

لكن لم تدرك أنه ورغم كل تعبها والإرهاق المنصب عليها،

لا تستطيع العيش بدونهم أبدًا.

هم حياتها، روحها ونور عينها.

مهما فعلوا.


اقتربت من تميم، حملته وقبّلته الكثير من القبلات قائلة بحب وحنان:

وحشتني يا تيمو، أوي أوي.

ابتسم لها الصغير يشد حجابها بضيق،

يريد أن يلعب بخصلاتها.

لتضحك بيأس،

قبل أن ترفع عينيها حيث يقف كل من مريم ومراد في انتظار دورهم.


وفعلاً، أنزلت تميم برفق ليجلس مكانه،

قبل أن تفتح ذراعيها،

لينطلق الصغار ملقين بأنفسهم بين أحضانها.

ضمتهم برفق قائلة بعطف:

وحشتوني يا ولاد، وحشتيني يا مريم، وأنت كمان يا مراد.

كبرتو أوي ما شاء الله، ما شاء الله.

تمتموا معًا بشوق هم أيضًا: وأنتي كمان يا عمتو، وحشتينا أوي.


ولم يرَ أي منهم،

يارا الواقفة تنظر إليهم شاعرة بالضيق.

ضيق،

لا تعلم سببه.

❈-❈-❈


وقفت حُور بالمطبخ بجانب منير، تضع الطعام في الأطباق، تملأ أكواب العصير، وتحملها للخارج. 

التفتت تنظر لمدحت الجالس بهدوء، يحمل شمس يلاعبها بهدوء وهو يحادث أنس، وبجانبه ترتاح ملك على الأريكة بعد أن تحررت من حاجبها.

 وأمير في أحد الأركان يتحدث في الهاتف، تقريبًا منذ وصل وهو منعزل هكذا.


كادت أن تدلف إلا أن أوقفها صوت ملك الخافت المعتذر من خلفه: أنا آسفة يا حُور، والله سايبه عليكي الشغل كله.

ابتسمت لها الأخرى قائلة بمزاح: يعني بعمل إيه يا ملوكه؟

يدوب حاجات بسيطة. لو سمحتي ارتاحي، أهم شيء عشان خاطر البيبي.


وغادرت سريعًا تحت نظرات مدحت الحنونة.


❈-❈-❈

بعد نصف ساعة، كانت طاولة العشاء الكبيرة تضم الجميع

أبناء كانوا أو زوجات أو حتى أحفاد. 

طاولة كبيرة ممتلئة بهم، في اجتماع دافئ، اجتماع تأخر كثيرًا، ومنذ مدة طويلة لم يحدث. 

ينقصه بعض الأفراد، إلا أنه دافئ ومريح. كان مدحت يترأس الطاولة، 

يضع على ساقه تميم الصغير، والمقعد بجانبه فارغ. مقعد تميم لم ولن يجلس عليه سواه في انتظار عودته بخير.


في الجهة الأخرى، يجلس أمير بجانب يارا، وبجانبها الصغيرين.

 وفي الجهة الأخرى، مقعد تميم الفارغ، بعدها أنس بجانبه ملك، وحور تحمل شمس، وبجانبها آلاء والثلاث صغار في المقاعد الفارغة. تنفست الصعداء أن أباها أخذ تميم منها.

 كانت الطاولة عامرة بهم. بدأوا في تناول الطعام، وعيني يارا تراقب أنس الذي يطعم زوجته بهدوء وحنان. 

يصر عليها أن تأكل من هذا وذاك، يجلب لها كوب الماء برفق، يفعلها ببساطة. 

كان هذا هو الأمر الطبيعي، لا اصطناع ولا أي شيء، فقط يتعامل بحب بدون خجل.


وآلاء المنشغلة بإطعام أولادها قبل أن تضع حتى لقمة بفمها، وهي تجلس تطالع زوجها الذي بكل لقمة ينظر للهاتف، وصغارها بجانبها يأكلون بصمت.

 بدأ الجميع يتشارك حديثًا هادئًا فيما بينهم، رغم انشغال تفكير كل منهم في أمور أخرى.


نظر مدحت لزوجة ابنه يارا، يراقب صمتها وجمود ملامحها، وهي تكاد لا تشارك في الحديث، قبل أن يحادثها برفق: مالك يا يارا؟ انتي كويسة؟

نظرت له بصمت، قبل أن ترد بهدوء: الحمد لله يا أونكل، شكرًا لحضرتك.

أومأ لها قائلًا بحنان: طيب كلي يلا.

ابتسمت له بكآبة، وهي تكمل طعامها بالفعل. تشعر بالتشتت والتيه.

 بداخلها الكثير من المشاعر. هي لا تريد أن تظل هنا، لأنها ورغم ما تشعر به، لم تَرَ من هذا المنزل سوى كل خير.


لكن، لكن هذا الجالس بجانبها يثير بداخلها الكثير من الغضب، غضب سينال منه الكثير.


 فقط فلتنهِ هذا العشاء.


❈-❈-❈

كانت نائمة على فراشها، تراودها أحد الكوابيس. 

تشعر بشيء يطبق على أنفاسها، لا تستطيع التنفس. لا تقدر أبدًا. ترى نفسها واقفة في مكان مظلم، مخيف، بارد. كانت وحدها، تحاوطها أصوات مرعبة ظهرت من حيث لا تدري. 

الأصوات تقترب، همسات، صرير غريب. فلم تجد نفسها سوى وهي تركض، وتركض، تريد الهرب.


لكن الأصوات تزداد اقترابًا، وهي أيضًا تزداد سرعة، تريد الابتعاد، الفرار من مجهول لا تعرفه.


لكن فجأة، بطأت خطواتها دون أن تعرف السبب، دون أن تريد. كأنها مقيده.


حاولت أن تركض، لكنها لم تعرف. الأصوات تزداد اقترابًا، وصوت أنفاسها العالية المرتعبة يزداد علوًا.


التفتت لا تعلم لماذا، وهناك كان يقف رجل لا تعرفه، يقترب دون أن تظهر ملامحه. من هذا؟ هي لا تعرفه.


أغمضت عينيها لثوانٍ تريد الصراخ، تريد أن تستيقظ، إلا أنها فتحتها مجبرة وهي تسمع صوتًا غريبًا. لتجحظ عيناها، وهي تجد ذاك الأسود الضخم يسير ببطء، بيده سكين كبير، لكن ليس باتجاهها، بل تجاه رجل آخر يوليه ظهره.


رفع السكين ، لتصرخ هي بصوت عالٍ لكي ينتبه الآخر.


وفعلًا، التفت لها، ويا ليتَه لم يلتفت!

ففي نفس اللحظة، انغرز السكين في ظهره. ظهر تميم.


اتسعت عيناه بهلع ورعب.

تريد أن تصرخ وتصرخ، أن تتحرك لتنقذه، أن تفعل أي شيء، إلا أنها لم تستطع.


لا هي قادرة على التحرك، ولا هي قادرة على إخراج صوتها.


حتى شعرت فجأةً بظلمة المكان حولها، وسقوطها حيث لا تدري.

فتحت عينيها تتنفس بقوة، تشعر بملمس الدموع يغطي وجهها.


رفعت يدها المرتجفة تمسح وجهها المتعرق، قبل أن تعتدل جالسة على الفراش، تشعر بقلبها يكاد يتوقف.

ما هذا الكابوس المرعب؟


أنفاسها العالية، جسدها المرتجف.


فلم تجد نفسها سوى وهي تمسك الهاتف بيد مرتجفة، ليصدع بعدها صوت القرآن يعم الغرفة.


وهي تجلس تضم نفسها بخوف، شاعرةً بالرعب، الكثير من الرعب.


❈-❈-❈

ظلت هكذا لا تتحرك، حتى شعرت بالباب يفتح ويغلق.

لقد أتى عمر.

أغمضت عينيها، تحمد الله أنها أعدت غداءً سريعًا قبل نومها.

فتحتها على دخوله للغرفة، يتخطاها متجاهلًا إياها.

وقررت هي أيضًا تجاهله.

منذ حديثهم عن العمل، وهو لا يحادثها. يعاقبها تقريبًا.

لا تدري الحقيقة، ولا تريد أن تفكر.

وقفت سريعًا بغضب، وسرعان ما داهمها تشوش في الرؤية ودوار شديد، جعلها تتأوَّه وتكاد تسقط.

لولا تلك اليد التي أحاطت خصرها سريعًا، وصوتها يهمس لها بقلق:

فريدة، في إيه؟ انتي كويسة؟

هزت رأسها دون أن ترد، ليحملها بسرعة، واضعًا إياها على الفراش مرة أخرى، وهو يجلب عطرًا يمرره أمام أنفها علَّها تفيق.

وفعلاً، مع مرور الدقائق، أصبحت تشعر أنها بخير.


فتحت عينيها تناظره بصمت، وهو يمسح وجهها، قبل أن يتابع بخوف: حصل إيه يا فريدة؟ حاسة بإيه؟ وشك أصفر أوي، وعَرْقان. انتي كويسة؟


ظلت تناظر عيناه المرتعبة بحيرة.

هي حقًا أصبحت مشوشة، لذا أجابت بهمس خافت:الحمد لله، أنا بس بقت الدوخة ملزماني بسبب إني وقفت الفيتامينات بقالِي فترة."

هز رأسه قائلًا بتأكيد:اكتبلي أسماءهم، وأنا هجيبهم. أو إيه رأيك نكشف عشان نطمن؟

هزت رأسها نافِيًا قائلة بخفوت: لا، مش مستاهلة. أنا الحمد لله بخير. بس إرهاق."

وصمتت.

ولم يجد هو ما يقول، فلفَّ ذراعه حول خصرها، يضمها إلى صدره بصمت.


صمت لا هي ولا هو يريدان انتهائه.


فربما أصبح الصمت هو الأنسب لهم.


❈-❈-❈

دلف الجميع إلى غرفهم.

مدحت إلى غرفته ليرتاح بعد عناء طال لأيام.

أنس وملك.

حور بالصغيرة.


آلاء بأطفالها، التي أصرت أن يناموا في أحضانها.

وبالفعل، حممتهم واحدًا تلو الآخر.

ووقفت تنظر لهم وهم مصطفين بجانب بعضهم البعض.

آية وآيلا بجانبهم عز، وتميم بين أحضانها يغفو.

وضعته برفق في الفراش، ووقفت تراقبهم لدقيقة، قل أن تلتفت تقف بجانب النافذة تفكر بهدوء.

طوال الوقت وهي تبعد عينها عن إخوتها:

حسام وحور، ملك وأنس.


تخاف عليهم من أن تحسدهم دون أن تدري.


تقرأ القرآن وتسم الله في سرها، وتدعو من كل قلبها أن يحفظهم الله.


لكن والله، أحيانًا لا تكون تريد أن تفكر.


أصبحت تخشى عليهم من نفسها، تخشى من قلبها المهان أن يحسد دون قصد.


ويعلم الله أنها تعاني، لكن ماذا هي فاعلة؟


حنان أنس وأخيها حسام، يفطر قلبها.

ليس عليهم، بل عليها.


على زوج لم يتصل بها ولو لمرة واحدة.

على أبٍ لم يفكر في السؤال عن واحد من أبنائه ولو لدقيقة.

على مظهرها أمام الجميع، وهو المتغيب الوحيد.

الجميع أتى، الجميع هنا، وهو خذلها كالعادة.

لا جديد.

أصبحت لا تريد أن تفكر، لكن إلى متى؟

إلى متى؟

لن تستطيع أن تظل هكذا طويلًا.

لا بد من أخذ القرار، لا بد من هذا.


❈-❈-❈

في غرفة يارا وأمير،

ها هي هنا منذ نصف ساعة، والمحترم زوجها لم يأتِ إلى الآن.

كادت أن تخرج لتري أين هو،

لكن دخوله للغرفة أوقفها.

وهي تراه يلقي بالهاتف على الفراش،

يحرك رأسه بتعب.

وهي تقف تتحرك بعصبية.

نقل عيناه نحوها ولم يتحدث،

بل تابع ما يفعله وهو يخرج ملابس مريحة للنوم.

إلا أن هتفت بعصبية لا تقدر على الاحتمال:

أنت عايز تجنني؟

تنهد وهو ينظر لها قائلاً بهدوء:

في إيه يا يارا؟ عايزة إيه؟

اتسعت عيناها وهي تستمع إلى صوته الهادئ البارد لتنفجر قائلة بغضب: بجد؟ ده ردك عليّ؟

جايبني هنا،

ومخليني سايبة شغلي وحياتي وكل حاجة هناك،

ورزعني هنا أخد بالي من العيال،

وحضرتك قاعد في المستشفى بحجة أخوك،

بتاخد بالك من شغلك؟

وأولع أنا؟

يولع شغلي؟

طبعًا وأنا إمتى كنت في حساباتك؟

وتابعت بحزم وقوة: أنا هرجع بيتي يا أمير،

مش عايزة أقعد هنا.

أنت عايز تقعد، اقعد،

أنت حر،

وأنا حرة،

ظل يطالعها بهدوء،

قبل أن يقترب منها ببطء،

واقفًا أمامها قائلاً:

أولًا، صوتك ميعلاش.

مش عايزين مشاكل.

ثانيًا، مفيش رجوع غير معايا.

خلاص تميم فاق،

يومين، تلاتة بالكثير،

وهنرجع.

ف كلام كتير وزعيق،

أنا مش عايز.

ومتنسيش شغلك اللي أنتي فرحانة بيه ده،

أنا السبب فيه.

ف مش عايز مشاكل لحد ما نرجع.

استحملي، مجتش من يومين.

وأخذ ملابسه ودلف إلى الحمام،

صافعا الباب خلفه،

تاركًا إياها تغلي غضبًا،

تكاد تنفجر.


❈-❈-❈

كان مسطحًا على فراشه،

يشاهد خروج حسام من الغرفة لِيُحادث زوجته،

وليتركه ليرتاح.

لكن أي راحة؟

أصبحت كلمة بعيدة كل البعد عنه.

أي راحة، وقد غادرت قطعة السكر من حياته.

غادرت من كانت تزين حياته،

من يحيا منتظرًا أن يضمها إلى قلبه قبل صدره،

مخبرًا إياها: "أنا أحبك".

طارت الأحلام، حلّقت بعيدًا،

بعيدًا جدًا،

حيث لا مكان لوجودها،

حيث مستحيل أن تتحقق.

أرجع رأسه للخلف،

شاعرًا بالاختناق،

وكم يصعب عليه أن يقول إنه ليس بخير.

غادرت، وتركت بداخله أثرًا،

أثرًا دُمغ بنيران عشقه المفقود،

وأغمض عيناه بألم.

كان الألم الذي يعتصر قلبه أشد من أي جرح،

فكلما تذكرها، شعر وكأن روحه قد فقدت نصفها الآخر،

وضاع الأمل في عينيه كما يضيع الغروب في بحر من الظلمات.


❈-❈-❈

"الصباح كفصل جديد يُضاف إلى كتاب الحياة،

يحمل بين سطوره وعودًا غير مكتملة،

وأحلامًا تنتظر من يوقظها.

الشمس تمد خيوطها كأنها تكتب رسالة للكون:

انهضوا، فالنور لا ينتظر المترددين.

في كل زاوية، همسات الفجر تملأ الهواء بنكهة البدايات،

تُذكّر الأرض بأنها خُلِقت لتُعاش،

وأن كل إشراقة هي فرصة أخرى، لمن يدركها."


وقفت سيارة الأجرة أمام المستشفى،

قبل أن تخرج منها وتنظر للمستشفى برهبة،

حاملة باقة ورد رقيقة تماثلها رقة،

تضمها لصدرها بتوتر،

وهي تخطو ببطء شديد نحو الداخل.

قبل أن تقف أمام فتاة الاستقبال،

متسائلة بهدوء وابتسامة مرتبكة:

لو سمحتِ، عايزة رقم غرفة 

تميم مدحت العسلي.


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة عفاف شريف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة