-->

رواية جديدة فراشة في سكٌ العقرب لناهد خالد الفصل 14 - الأربعاء 12/2/2025

 

قراءة رواية فراشة في سكٌ العقرب كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية فراشة في سكٌ العقرب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ناهد خالد

الفصل الرابع عشر

تم النشر يوم الأربعاء

12/2/2025



"بينما أنتَ تحتفل بفوزك عدوك يقف هُناك يتراقص على ألحان غبائك، وينصب لكل فخًا لن تتوقعه"


"ليس هناك أمتع من أن توهم عدوك بأنه يسبقك ويدرك مختطاتك بل ويمتلك زمام اللعبة، وفي الحقيقة أنتَ من هيأت له كل هذا، وزمام اللعبة لا أحد يمتلكها غيرك"


_ الدار أمان يا مازن بيه، أنا لوحدي..


وجملتها التي قالتها كانت إشارة واضحة ل" مازن" إنها بمفردها الآن.. 


_ أخيرًا يا فيروز قدرتي تكوني لوحدك، انا من وقت ما كلمتيني كنت قلقان متعرفيش تكلميني وانتِ لوحدك. 


نظرت" فيروز" ل" مستكة لتقول لها بعدما أبعدت الهاتف عن أذنها قليلاً:


_ أنا قلقانة الحيزبونه اللي أسمها صفاء دي تيجي أو حد يسمعني وانا بتكلم، ما تقفي على الباب عشان تنبهيني لو حد جه. 


نظرت لها" مستكة " بصمت لتدرك الأولى معنى نظرتها فقالت:


_ يابت والله مش بطرقك، انا فعلاً قلقانة حد ييجي. 


زفرت انفاسها بضيق قبل أن تتجه للخروج قائلة:


_ انجزي يا ختي.. 


اغلقت الباب خلفها لتعود "فيروز" لمهاتفته:


_ على ما عرفت اخد تليفون من حد، وبعدين شاهين ده بييجي البيت في اوقات مش منتظمة وبقلق احاول اتكلم مع حد من الخدم ويشوفني وقتها اكيد هيشك فيا.. او حتى الحيزبونه اللي عنده دي بتوصله دبة النملة أكيد. 


همهم "مازن" قائلاً:


_ اامم.. أكيد قصدك صفاء، فعلاً لازم تحرصي منها، صفاء زي الكلب الوفي بالضبط لشاهين. 


غمغمت مجيبة:


_لاحظت ده من اول ما شوفتها. 


_ اومال عرفتِ تاخدي تليفون ازاي؟ وبتاع مين ده؟ 


_ سبحان الله لاقيت واحده من الشغالين هنا معرفة ليا، بنت حتتي ولما طلبت مساعدتها متأخرتش. 


حذرها قائلاً:


_ اوعي تكوني عرفتيها حاجة.


تلجلجت في الإجابة وهي تقول:


_ هو يعني مش كله... بس في شوية حاجات كان لازم تعرفهم عشان تساعدني، بس متقلقش البت دي جدعة وانا عارفه معدنها كويس مش هتضرني ابدًا وهي عارفة ان شاهين ممكن يقتلني فيها. 


_ متثقيش في حد يا فيروز، ولو عرفتيها حاجه فمتعرفش كلمة زيادة بعد كده، لازم تحرصي على قد ما تقدري. 


_ حاضر. 


توجه لسؤاله الأهم:


_ قوليلي ايه اللي حصل في اليومين اللي فاتوا، وشاهين طلب منك ايه بالضبط؟ 


وكأنها كانت تنتظر سؤاله، لتنطلق تخبره  بكل ما حدث طوال الوقت الذي قضته هُنا، وأنهت حديثها تقول بنبرة ضعيفة لم تستطع التحكم بها:


_ أنا عاوزه اخرج من هنا في أسرع وقت، الراجل ده باين عليه مجنون ومبيهموش حد، أنا مش متخيلة ان عنده مكان مخصوص لتعذيب الناس! رغم إني قادرة اتعامل معاه ومابينش له خوفي، بس أنا من جوايا مرعوبة ليحصل مني أي غلطة أو يكشفني في أي وقت ويعرف إني كدبت عليه ويرجعني للمكان ده تاني.. وإن كان في المرة الأولى مخلاش حد يقربلي واكتفى بالترهيب ليا فأكيد المرة التانية مش هيعمل كده. 


_ انا فاهم كل اللي بتقوليه، وكويس إننا حطينا خطة بديلة قدرت تحفظك من شره، وده يخليكِ تثقي فيا وتطمني إني مش هسيبك تتأذي. 


قالت بصدق:


_ مش هنكر إني اطمنت لما الخطة التانية نجحت وبعدت شره عني، بس بردو مش هنكر إني لسه قلقانة وكل لحظة بتعدي عليَّ في المكان ده بقلق أكتر. 


_ وده شعور طبيعي مِنك، بس أنتِ دلوقتي بقيتِ في بيته وخروجك منه هيعتمد عليه ثباتك وذكائك. 


زفرت باختناق وقالت:


_ قالي انه هيخليني اكلمك بكره، معرفش لسه هيطلب مني ابلغك ايه. 


_ اكيد عشان تعرفيني إنك قدرتِ تجندي واحدة من الخدم، عمومًا متقلقيش اللعبة في ايدينا احنا، شاهين فاكر انه هو اللي بيحركنا لكن في الحقيقة احنا اللي بنحركه. 


قالت بضيق حقيقي:


_ انا محتاجه اعرف طبيعة علاقته بشدوى دي، انا حاسه إني زي الأطرش في الزفة، مش فاهمه هو بيحبها ولا لأ، علاقتهم طبيعية ولا لأ، في حاجة بينهم غلط بس أنا مش فهماها. 


_ ومش هينفع تفهميها، لأنك لو فهمتي طبيعي طريقتك معاها هتتغير بناءً على اللي فهمتيه، وده مينفعش يحصل عشان محدش يشك فيكي، وبعدين الأحسن ميكونش ليكِ علاقة بيها خالص، أنتِ مجرد ضيفة.. انا فاهم إنها أكيد متضايقه وهي اللي بتتعامل معاكِ بس طنشيها، أنتِ المفروض ضيفة في بيتها والطبيعي مش هتكوني نِد ليها. 


تذبذبت نبرتها وهي تقول:


_ في حاجه انا مقولتلكش عليها.. 


_ حاجة ايه؟ 


_ شاهين قال قدام شدوى إني خطيبته، وكل اللي هنا دلوقتي فاهمين كده، وانا مش عارفه السبب اللي خلاه يقول حاجه زي دي. 


وضحكاته التي انطلقت فجأة جعلتها تشك أنها قالت له إحدى الدعبات، قطبت ما بين حاجبيها حائرة وسألته باستنكار:


_ بتضحك على ايه؟ أنا مقولتش نكتة! 


هدأت ضحكاته ولكن ظهر المرح في نبرته وهو يجيبها:


 _ بالعكس دي أحلى من النكتة، شاهين بيحاول يرد اللي حصل فيه زمان من شدوى، اول مرة أشوفه بيلعب الألعاب الهايفة دي، بس شكله مش قادر ينسى اللي عملته فيه زمان. 


وبكل فضول سألته:


_ اللي هو ايه؟ 


ورده لم يُرضي فضولها ابدًا وهو يقول:


_ شاهين زمان خد قلم محترم من شدوى، قلم سمع في العيلة كلها وخلاه ولا يسوى قدام الكل، والواضح أنه دلوقتي بيستخدمك عشان يردلها القلم ده، بس مهما عمل مش هيقدر يرد ربعه حتى. 


وبفطنتها سألته:


_ هي شدوى زمان فضلت حد على شاهين؟ 


_ تقدري تقولي كده. 


_ ده قبل الجواز ولا بعده؟ 


_ لا قبل الجواز، بس وقتها كان شاهين وشدوى في حكم المخطوبين، مكانش لسه في حاجه رسمي، بس العيلة كلها كانت عارفة إن شدوى لشاهين و مسألة خطوبتهم كانت مجرد وقت مش أكتر، وتخيلي إن شدوى اللي كانت بتماطل. 


أردفت بيأس:


_ أنا مش فاهمة حاجة. 


_ مش مهم، صدقيني لو فهمك هيفرق في لعبتنا كنت اكيد فهمتك، لكن مش هيفرق ابدًا، ودلوقتي تعاملك مع شدوى هيكون تعامل واحدة لمرات خطيبها، يعني طبيعي هيكون في غيرة، وشد وجذب لازم تسايريها فيه عشان ماتشكش في حاجة وشدوى مش غبية ابدًا، و مينفعش تعرف أي حاجه بيني وبينك وكويس إن شاهين علاقته بيها مش كويسة يعني مستحيل يعرفها خصوصًا بعد فيلم الخطوبة ده. 


_ تمام، هقفل بقى قبل ما حد ييجي. 


_ تمام، بس زي ما قولتلك خليكِ فايقة طول الوقت ومركزة، ومتثقيش اوي في البت معرفتك دي، وكمان اي خطر تحسي بيه كلميني فورًا، انا مش عاوزك تتأذي في لعبتنا دي يا فيروز. 


_ اتفقنا. 


غمغمت بها قبل أن تغلق المكالمة وتفتح الباب مُشيرة ل "مستكة" أن تاتي من أول الطرقة الطويلة، ركضت لها وأخذت منها الهاتف تقول بعجالة:


_ كل ده مش قولتلك مطوليش! هنزل بسرعة عشان صفاء هتمسكني سين وجيم بسبب تأخيري عندك، وهبقى احاول اطلعلك في أوقات محدش منهم فاضي فيها. 


وركضت على الفور للأسفل قبل أن تلاحظ صفاء تأخرها. 


 عادت "فيروز" لغرفتها وجلست فوق الفراش ليسترجع عقلها حديث "مازن" معها قبل اختطافها بيومين.. 


"قبل عِدة أيام" 


كان "مازن" يجلس معها في أحد المطاعم لتناول الغداء، قال لها جاذبًا إنتباهها له:


_ بصي يا فيروز ركزي معايا، دلوقتي شاهين لما يحب يوصلك له ٣ طرق مفيش غيرهم.. 


قالها وهو يخرج ورقة من جيبه وقلم ويبدأ بالتخطيط عليها وكأنه يشرح خطة لسرقة بنك ما، رسم ثلاث أسهم وهو يباشر شرحه:


_ أول طريق انه يحاول يوقع بينا من غير ما يقربلك، يعني يبعتلك حاجات غلط عشان يطلع صورتي وحشة قدامك، ويشكك فيا، عشان في النهاية علاقتنا تفشل، ونسيب بعض، او بمعني أدق تسبيني، وممكن يحاول يخوفك.. يهددك انك لو مبعدتيش عني هتتأذي بما إني ضابط فانتِ تفتكري ان اعدائي هيأذوكي، وتحسي إنك في خطر، وقتها بردو وارد تنسحبي...


قاطعته تسأل بضيق':


_ أنا نفسي أفهم هو ايه اللي هيهمه أوي كده انه يبوظ علاقاتك العاطفية! أكيد في سبب قوي يخليك متأكد كده إن شاهين هيكون كل همه يبوظ علاقتك بيا. 


ضجر "مازن" من إلحاحها لمعرفة إجابة هذا السؤال فقرر الإجابة ليرتاح من تِكرار تساؤلاتها وقال:


_ شاهين في فترة من زمان كان بيحب بنت، معرفش إن كان حب فعلاً ولا مجرد إعجاب، بس عمومًا كان متعلق بيها وكانوا متفقين على الجواز، وقتها أنا كنت عارف البنت دي بحكم علاقتي بيه.. 


وكادت تسأله عن طبيعة علاقته بهِ، ليقاطعها مكملاً:


_ ومتسأليش عن علاقتي بيه لأني مش هقولك، المهم... 


امتعضت ملامحها وهي ترى رفضه إخبارها بطبيعة العلاقة، لكنها كل مدى تتأكد أنها كانت علاقة قوية، وعلى الأرجح فسدت حين علمَ مازن بتجارة الاخير الغير مشروعة! 


_ وقتها انا قررت اصارحها بحقيقة شاهين عشان ماتتغفلش، وقولتلها على شغله، وده كان سبب انفصالها عن شاهين.. سافرت فجأة من غير حتى ما تعرفه انها عرفت حقيقته، بس قدر يوصلها بعد فترة، ووقتها عرفته انها عرفت مني حقيقة شغله، وأنها مستحيل تكمل معاه وهو في الشغل ده، ووقتها علاقته بيها انتهت.. وطبعًا بسببي، بس مش ده بس اللي صدمه فيا، الصدمة الأكبر إني مكنتش عرفته إني عرفت انه بيشتغل في السلاح... فمكانش متوقع غدر مني، رجع من السفر وواجهني ووقتها عرفته إني كنت عارف تجارته في السلاح، ودي كانت آخر مواجهة بينا..بعدها بقينا اعداء. 


انتهى من سرد القصة القديمة عليها، ولكنها لم تكن سردًا كاملاً، بل لقد كان جزءًا من حقيقة ما حدث والباقي احتفظ بهِ لنفسه.. 


_ يعني هو اتأثر ببعدها عنه، يمكن كمان شاف ده زي مانتَ قولت غدر منك، عشان كده متوقع انه يخربلك أي علاقة تدخلها؟


هز رأسه بلا معنى وقال:


_ انا شبه متأكد أصل شاهين مابيسبش حقه، وبياخده بنفس الطريقة، عشان كده متوقع ده. 


نظرت للورقة تسأله:


_ ايه هم الطريقين الباقيين؟ 


عاد يخطط بها وهو يسترسل:


_ اولاً اتمنى انه ميستخدمش الطريق الأولى، لأن كده الخطة كلها هتخرب، لما يلعب معاكي من بعيد مش هيكون عندك أي فرصة تدخلي بيته.. الطريق التاني انه يحاول يتوددلك، يخلق تعرف بيكِ وبعدها هتلاقيه بيتسرسب لحياتك من غير ما تحسي، بس انا مستبعد الطريق ده لأن شاهين ملوش خُلق لطريق زي ده، هو غشيم يعني كل طرقه مباشرة، مش هيقعد يتعرف لسه والحوارات دي.. فاحتمال انه ياخد الطريق ده احتمال ضعيف.. 


_والطريق التالت؟ 


ترك القلم من يده وهو يقول جاهلاً:


_ الطريق التالت هيكون مفاجأة لينا، مش هنتوقعه.. وده اكتر طريق ممكن شاهين يسلكه بنسبة كبيرة. 



رفعت حاجبها الأيسر باستهجان:


_ صدق كلامك فدني جدًا! 


تغاضى عن سخريتها وقال:


_ يمكن كلامي اللي فات مش مفيد قد اللي جاي، في أي لحظة هتحسي بيها بالخطر أو إنك ملكيش مخرج مع شاهين هتقوليله الحقيقة. 


قطبت ما بين حاجبيها مستفسرة:


_ حقيقة؟ حقيقة ايه مش فاهمة؟ 


رجع بظهره للوراء يستند على ظهر الكرسي وابتسم ابتسامة غامضة وهو يقول:


- هتقوليله انا ومازن مفيش أي علاقة تجمع بينا، كل الحكاية إني ليا مصلحة عنده ومقابلها هو طلب مني أمثل ان في بينا علاقة وحكالي عنك وقالي إنك لما تعرف إن في علاقة بينا هتحاول تتواصل معايا، ووقتها هو هيستفيد بأنه يخليني ادخل حياتك وبأي شكل اكون جزء فيها فأعرف اخبارك وكمان اكون عينه جوه بيتك، انا معرفش بالضبط هو هيستفيد مني ازاي غير كده، بس الأكيد ان له استفاده أكبر هعرفها لما اكون في بيتك، واتفاقي معاه ان اللعبة دي كلها متاخدش اكتر من اسبوعين، لانه قالي بمجرد ما ادخل بيتك هقدر اوصل للي هو عاوزه ووقتها اللعبة هتخلص.. هيقولك وهتستفيدي ايه منه؟ وقتها هتحكيله عن حوار القضية وتبينيله قد ايه الشقة دي مهمة عندك لدرجة إنك مستعدة تعملي المستحيل عشان تفضل معاكي واهل أمك مياخدوهاش.. 


سألته والصدمة متجلية على وجهها:


_ وبعدين؟ 


تراقص العبث والمكر في عينيهِ وهو يجيبها:


_ وبعدين، شاهين هيحب يلعب بيكِ، ككارت في صالحة، هيفكر انه كده وقعني في شر أعمالي، وخطتي هتتقلب ضدي، وإنك هتكوني في صفه، لكن الحقيقة إنك دايمًا هتكوني في صفي أنا.. واللعبة هاكون انا الوحيد المتحكم فيها. 


جحظت عيناها وهي تردد:


_ يعني شاهين هيفكر إني دلوقتي بقيت معاه، وإني هوصله خطواتك اول بأول، وهوصلك اللي هو عاوزه يوصلك.. لكن الحقيقة إنك أنتِ اللي هتوصله اللي عاوزه توصلهوله... أنتَ ازاي جت فكرة زي دي في بالك؟؟ 


قالت الجملة الأخيرة بانبهار لم تستطع اخفائه، ليقول بهدوء:


_ انا وشاهين في الحرب دي بقالنا فترة طويلة، وابقى غبي لو ماتعلمتش ازاي العب بذكاء، صحيح هو دايمًا كان بيعلن فوزه ويسبقني بخطوة، لكن في كل مرة كنت بستفيد حاجة من الجولة، غير إن معرفتي وقربي من شاهين لسنين طويلة خلتني اتعلم حاجات كتير مهمة.. مش هنكر وهقولك إن هو بنفسه اللي علمني ازاي العب مع خصمي. 


فُغر فاهها وهي تستمع لحديثه، وما لبثت أن رددت بصدمة مستنكرة:


_ وأول من طبقت عليه اللي اتعلمته منه كان هو! حكايتكوا عجيبة أوي وفيها أسرار وغموض كبير. 


هز رأسه يقول:


_ دي حقيقة، المهم لو بقيتِ معاه واتحطيتِ في موقف إنك تكلميني وهو جنبك لازم تعرفيني إن في حد معاكي أو لو في أي لبش عمومًا. 



_ وهعرفك ازاي!!؟ 


_ هتقوليلي مازن... لكن لو لوحدك هتقوليلي الدار آمان يا مازن بيه.. ركزي يا فيروز واوعي تتلغبطي، لو مقولتيش جملة الدار آمان أو قولتيلي مازن بس يبقى في حد جنبك، لو قولتي الجملة أو قولتيلي مازن بيه يبقى لوحدك.. واعرفي إنك لو اتلغبطي هنروح في داهية عشان وقتها أنا هتكلم براحتي. 


هزت رأسها في توترٍ وقالت:


_ فهمت والله...ربنا يستر.. 



"عودة للأحداث" 


هزت رأسها بسخرية وهي تقول:


_ وقعت مع اتنين أمكر من بعض، محدش فيهم سهل، واحد كل اللي قاله وكل الاحتياطات اللي خدها نفعتنا دلوقتي، والتاني استغلني عشان يرد القلم لمراته ويا عالم ايه اللي جاي معاهم.. يارب طلعني من بينهم على خير أنتَ عارف إني حاولت اخرج من قبل حتى ما اقابل شاهين ده بس اتدبست أكتر.. 


❈-❈-❈


في شركة العقرب.. 


انتهيا للتو من اجتماع بقادات الشركة، وخرجا من غرفة الاجتماعات إلى مكتب "شاهين" الذي قال ما إن دلف مكتبه:


 _ والبيه مجاش ليه؟ هو ناسي إن النهاردة الجرد السنوي للشركة؟ ولا سايبنا نقوم بشغله كالعادة؟ 


جلس "معاذ" أمامه وهو يقول:


_ معلش يا شاهين يمكن مشغول، ده طبعًا غير إنه مبيحبش ييجي الشركة أصلاً وهو متأكد إنك هنا. 


احتدت نبرته وهو يعقب:


_ مفيش حاجة اسمها كده، ده شغل، يعني ييجي يتابع شغله ورجله فوق رقابته، عداوتنا الشخصية ملهاش علاقة بالشغل. 


القى "معاذ" اللوم عليهِ وهو يقول:


_ الغلط غلطك يا شاهين، من سنين ومازن طلب ياخد نصيبه وينفصل وأنتَ اللي رفضت، ولما حب يبيعه وقفتله بردو، من وجهة نظري الانفصال كان هيبقى أفضل. 


أردف "شاهين" وقد تملك الغضب منه:


_ مش هجيب واحد غريب يقاسمني في شركتي! 


_ مهو عرض عليك تشتري أنتَ نصيبه وبردو رفضت، شاهين ماتكابرش أنتَ رفضت عشان ده آخر خيط بيربطك بمازن ومش عاوز تخسره.. وده شيء يخليني احترمك جدًا إنك بتحاول لآخر نفس إن علاقتكوا ماتوصلش لنقطة النهاية، بس المكابرة بتاعتك دي هي اللي غلط، يمكن لو كنت قولت لمازن أنا مش عاوز أخسر آخر رابط بيني وبينك كان هدي وكانت مشاكل كتير ما بينكوا انحلت، لكن أنتَ خدتها معاه عِند وأنتَ عارف إنه هيعند أكتر. 


رفع شفته العليا ساخرًا:


_وأنا مش هستحلفه بحبي عشان علاقتنا ترجع كويسة، ومبقاش فارق معايا أصلاً، هو اختار طريقه من زمان وانا كمان اخترت طريقي، وطرقنا عمرها ما هتتقابل. 


قال "معاذ" آسفًا:


_ أنتَ مجروح منه، ومازن خبط فيك كتير، وحقك تشيل على قد ما تقدر، بس الغريب إن في نفس الوقت أنا متأكد إنك لسه بتشوفه العيل الصغير اللي مهما يغلط مضطر تسامحه وبتلتمسله الف عذر عشان تشفعله غلطته، علاقتك مع مازن كانت دايمًا بتبهرني، عمري ما شوفت حد بيحب حد ويخاف عليه زي حبك وخوفك على مازن، وكنت دايمًا اقول أنه محظوظ انه... 


قاطعه "شاهين" بضجر:


_ بس انا فعلاً مابقتش زي الأول، وقلبي شايل فوق ما تتخيل يا معاذ، فبلاش ثقتك دي، انا اه عمري ما افكر أأذيه، بس مبقتش شاهين الدرع الحامي لمازن، مبقتش اقف في وش الدنيا عشانه، يمكن مأذيهوش بس لو شوفت حد بيأذيه مش هتدخل زي زمان. 


ابتسامة ساخرة ظهرت على شفتي "معاذ" وأدرك "شاهين" معناها فهو لا يصدق حديثه، تجاهل الحديث عن الموضوع وهو يخبره:


_ النهاردة عيد ميلاد تيم.. أكيد هتيجي. 


تغيرت ملامح "معاذ" وسكت لثواني ثم قال:


 _ وطبعًا شدوى هانم موجودة. 


زفر "شاهين" باختناق:


_ ملكش دعوه بيها يا معاذ، يعني هي الحفلة مفيهاش غيرها! أنتَ جاي عشاني وعشان تيم. 


اعترض بضيق واضح:


_ مليش دعوة بيها ازاي بس، أنتَ عارف إني مبطيقهاش ولا هي، ودايمًا بتحصل بينا مشكلة لما بنتقابل. 


_ لو وجهتلك كلام متردش عليها انا اللي بقولك اهو، ومتقلقش هي المرادي مشغولة في حاجه أهم في حد تاني غيرك مبطيقهوش أكتر. 


سأله متعجبًا:


_ ده مين ده؟ 


لم يرغب في إخباره الآن:


_ لما تيجي هتعرف، المهم أخوك لسه مكلمني امبارح بيشتكي منك. 


امتعضت ملامحه بوضوح يقول:


_ طبعًا حوار الجواز. 


_ هو في غيره! رفضت العروسة الجديدة ليه؟ 


_ شوف يا خي يعني منتصر في بلد تانية وعنده مشاغله مراته وعياله ومع كل ده بردو مش سايبني في حالي.. وعمال يجبلي كل فترة عروسة شكل، ريحوا نفسكوا انا مش هتجوز. 



حدقه "شاهين" بتركيز وسأله:


_ أنتَ في حد في دماغك يلا؟ مهو رفضك ده مش منطقي أنتَ حتى مابتقعدش مع البنت ولا بتشوفها! 


ولأول مرة منذُ زمن يعترف "معاذ" قائلاً:


_ ايوه يا شاهين فيه. 


تلهف "شاهين" لإجابته وسأله بتعجبٍ:


_ ومستني ايه؟ ما تتجوزها! 


هز رأسه بأسف:


- ياريت الموضوع كان سهل كده. 


ضم حاجبيهِ بعدم فهم:


_ وايه اللي يمنع؟ هي مين البنت دي؟ حد اعرفه؟ 


نهض "معاذ" ليهرب من تساؤولاته وهو يقول:


_ أنتَ آخر حد ممكن اقولك هي مين.. هروح اكمل شغلي، وابقى اشوفك في الحفلة. 


وهرب تحت نظرات "شاهين" التي تحمل علامة استفهام كبيرة خصوصًا مع جملته الأخيرة... 


❈-❈-❈


عيناها تلمع بنظرات فرِحة كفرحة طفلة بثياب العيد، منذُ أعطت لها "صفاء" العلبة الكبيرة المُغلفة تخبرها أن "شاهين" هو من أمر بتوصيلها لها، وحين فتحتها تفاجأت بثوب من اللون الأسود بقماشته الناعمة وتفاصيله كانت مُبهرة لها، يصل طوله لنهاية الساق وبدون أكمام مع فتحة عُنق واسعة بعض الشيء تتدلى على هيئة طبقات فوق بعضها، ومعه كل كمالياته، من حذاء أحمر ناري، وإكسسوارات بها اللون الأحمر، حتى أدوات زينة الوجه لم ينساها، احتضنت الفستان بفرحة ولوهلة نست كل ما هي فيه، وظلت تنظر للهدية التي تأتيها لأول مرة في حياتها من رجلٍ بنظرات لامعة من جمالها ومن جمال الشعور بها، تذكرت أن صفاء أخبرتها بأن عليها أن تجهز في تمام السابعة مساءًا من أجل حفل ذكرى مولد الصغير، فنظرت للساعة التي دقت عقاربها السادسة وهرولت للمرحاض لتجهز خلال الساعة الباقية. 


❈-❈-❈


وفي الحفل المليء بالمفاجأت.. 


وقفت "شدوى" المتزينة بثوب أحمر رغم جرئته إلا أنه تلائم مع بشرتها الفاتحة وشعرها الأصفر، يصل لركبتيها ويضيق على جسدها فيأخذ منحنياته، وبدون أكمام مع فتحة صدر واسعة، تجاور "شاهين" الذي ارتدى حلة سوداء أنيقة يتداخل مع قماشها  قماش آخر معروف بال"قطيفة" وقميص من نفس اللون وحذاء لامع مماثل، تستقبل المدعوين للحفل، بابتسامة دبلوماسية ناعمة، وتودد للواقف جوارها من حين لآخر، فتارة تمسك كفه، وتارة تتعلق بذراعه.. مدعية أن كل هذا من أجل الشكل العام.. 


حضرَ "معاذ" الذي دلف من البوابة المصنوعة للحفل وهو يحي "شاهين" دون أن يعير لها أي اهتمام، فقالت بعد أن مرَّ من جوارهما:


_ شايف قلة ذوقه.. 


حذرها "شاهين" باقتضاب:


_ شدوى شيلي معاذ من دماغك ومتركزيش معاه. 


استنكرت حديثه لتقول بضيق:


_ وانا هحطه في دماغي ليه! هو بس يبطل يوقع بينا ويحرضك عليَّ. 


زجرها بجانب عينيهِ وقال:


_ انا مش عيل عشان حد يحرضني، وكفاية كلام لحد كده. 


ابتلعت باقي حديثها مرغمة ووقفت بتزمر واضح رافضة في صمتها وجود ذلك الذي لا تتقبله ابدًا في حفلة طفلها. 


نزلت درجات السلم الداخلي بعدما انتهت من تجهيز نفسها، ترفع طرف فستانها الأسود الأنيق والذي جاء مناسبًا لمقاسها تمامًا، وهكذا الحذاء! والأمر آثار استغرابها فكيف عرف مقاسها بهذه الاحترافية! حررت خصلاتها السوداء كسواد الليل الحالك خلف ظهرها ليصل لبعد منتصفه، آخاذًا تجعيده الطبيعي، وزينة وجهها بسيطة للغاية لكنها أعطتها جمالاً مميزًا، ولم تغير لون بشرتها ولو بدرجة، خرجت من الفيلا للحديقة المُقام فيها الحفل، لتتوقف برهبة من كم المتواجدين، وظلت محلها غير قادرة على التحرك، وأثناء تنقلها لبصرها في الارجاء اتسعت عيناها دهشًة وهي تبصر آخر شخص توقعته لتردد هامسًة:


_ نورهان!!!! 


يتبع 


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ناهد خالد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة