-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 89 - السبت 26/4/2025

 

  قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل التاسع والثمانون


تم النشر السبت

29/4/2025



حركت رأسها بيأس وقالت:

-تاني بنتين لأ يا ستي مش بنتين.


تسأل أمير بفضول:

-يعني هما ولادين زي صفا وياسين؟


ردت بنفي:

-لأ.


نظر أمير ونور إلي بعضهم بعدم فهم واستطردت بإبانة:

-يعني مش بنتين ولا ولادين هكون حامل في أيه في أرنبين مثلاً؟


 ردت الطبيبة باستنكار:

-أرنبين؟! فصلتيني يا دكتورة لأ حامل في ولد وبنت مبارك عليكم.


رد أمير مبتسماً:

-الله يبارك فيكِ يا دكتورة.


تحدثت نور بغيظ:

-طيب ما تقولي يا دكتورة ولد وبنت لازم فوازير رمضان دي.


قلبت الطبيبة عينيها بملل وقالت:

-فوازير رمضان ؟! تصدقي بالله أنا بدعي كل شوية إن شهور حملك تعدي علي خير وتقومي بالسلامة والمرة جاية تابعي مع حد غيري الله يباركلك أنا عندي عيال عايزة أربيهم.


قطبت الأخري جبينها بحيرة وتسألت:

-طيب ما تربي عيالك وأنا مالي بيكِ وبأولادك مش فاهمة بردوا ؟!


تهكمت قائلة:

-ما هو أنا علي يدك هتشل يا دكتورة بعد إذنكم عندي حالة ولادة.


نهضت الطبيبة وغادرت الغرفة سريعًا دون أن تستمع إلي رد نور من الأساس، بينما انفجر أمير ضاحكًا وسط إمتعاض نور التي صاحت بغيظ:

-بتضحك فرحان فيا صح ؟!


أومأ بإيجاب:

-أيوة فرحان فيكِ كل شوية تجري في شكل حد فيهم يبقي تستاهلي بقي إلي يجري ليكِ ياسين هيولع منك وحتى الدكتورة كمان شكلها بتعزك أوي قومي يا حبيبتي قومي خلينا نخرج لياسين وصفا.


نهضت علي مضض وخرجوا سويًا وما رأتهم صفا تسألت بلهفة:

-ها يا نور هتيجي ولاد ولا بنات ؟


أجاب أمير مبتسمًا:

-ولد وبنت بإذن الله.


تهكم ياسين بسخرية:

-أوبس بنت ؟! نور هتخلف بنت يا عيني عليها.


رمقته بغيظ وأردفت ببرود:

-مش هرد عليك عارف ليه؟


أجاب ياسين ببساطة:

-عشان إنتِ مش عارفة تردي أصلاً قصفت جبهتك صح هههههههههههه.


غمغمت بسخرية:

-كركركر دمك تقيل أوي .


جذبت صفا زوجها من يده وهتفت بتوتر:

-طيب يلا يا حبيبي عشان نروح مشوارنا.


أومأ بإيجاب:

-حاضر يا حبيبتي.


تساءلت نور بلهفة:

-مشوار إيه ؟! انتوا رايحين فين؟


تحدث أمير بنفاذ صبر:

-يا حبيبتي وإحنا مالنا رايحين فين ولا جايين منين هو حد كان سألك إنتِ راحة فين؟


هزت رأسها نافية وعقبت قائلة:

-لأ بس لو سألوا هقول عادى اننا هنروح عند بابا وماما نفرحهم.


تحرك ياسين بزوجته وهو يقول:

-محدش سألك ولا هيسألك وبلاش تحشري مناخيرك في إلي ملكيش فيه يلا سلام يا أمير.


لوح أمير بيده:

-مع السلامة.


نظر إلى زوجته بغيظ وقال:

-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أقول إيه فيكِ يا شيخة جايبة الكلام لنفسك يلا بينا نمشي إحنا كمان.


زمت شفتيها بغيظ:

-هو إلي بارد ومستفز علي فكرة .


تهكم بسخرية:

-ياسين مستفز وبارد والدكتورة مستفزة وباردة كل الناس وحشة إلا إنتِ إلي حلوة يلا يا حبيبتي نمشي إحنا كمان يلا ربنا يهديكِ.


هتفت بانزعاج:

-ربنا يهديني؟ قصدك إيه بقى إن شاء الله هو جنابك شايفني مجنونة ولا إيه يا راجل إنتَ؟! مش ملاحظ إنك كل شوية تقول ربنا يهديني ؟!


ضرب كف بكف وتحدث بنبرة حادة:

-راجل إنتَ هو أنا ليه حاسس إنك شوية وتردحي ليا؟ بصي أنا نازل وإنتِ حصليني عشان لو فضلت واقف معاكِ هنا هتشل….

……


بعد مرور ساعة كان يتوقف ياسين بسيارته أمام إحدي المولات الكبيرة، ألتفت إلي زوجته مبتسمًا :

-جاهزة ؟


أومأت بإيجاب:

-جاهزة يا حبيبي.


هبط ياسين من السيارة واتجه إلي الباب الآخر وقام بفتحه وهو يشير إلي زوجته وينحني بطريقة مسرحية:

-اتفضلي يا سمو البرنسس.


تبسمت بدلال يليق بها ومدت يدها وتمسكت بقبضته وهبط من السيارة بحذر شديد وبعدها دلفوا إلى داخل المول متشابكِ الأيادي.


حول ياسين بصره حول المحال التجارية وتسأل باهتمام:

-تحبي نبدأ بإيه ؟ الهدوم بتاعتهم.


أومأت بإيجاب:

-أيوة خلينا نبدأ في الهدوم الآول لأنها هي إلي هتحتاج وقت السراير والشنط أمرها سهل.


حرك رأسه بإيجاب وقال:

-تمام يا حبيبتي.

……


كانت تقف برفقة زوجها أمام باب شقة والديها تطرق على الباب بمرح شديد كعادتها:

-أصحي يا نايم وحد الدايم.


حرك أمير رأسه بيأس وقال:

-إيه يا حبيبتي الإزعاج بتاعك ده هو ايه اللي أصحي يا نايم وحد الدايم إحنا مش في رمضان يا حبيبتي وإنتِ جاية تسحريهم بلاش ازعاج.


ردت باللامبالاة:

-ولا ازعاج ولا حاجة هما اتعودوا على كده و تأقلموا مع روحي المرحة.


لوى شفتيه متهكمًا:

-روحك المرحة ؟! آه يا فرحتي بيكِ .


قطع حديثهم فتح باب الشقة وظهر لهم وجه عايدة البشوش:

-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم هو يا بنتي مفيش مرة تيجي هادية وراسية كده مينفعش غير بالخبط والجنان ده؟


رفع ياسين يده مستسلمًا وقال:

-شوفتي مجبتش أنا حاجة من عندي أهو أزيك يا ماما عاملة إيه يا حبيبتي ؟


تبسمت بحب وقالت:

-أهلاً يا حبيبي عامل إيه ؟


ضمها بحب وقبل جبهتها:

-بخير تقول ما إنتِ بخير يا حبيبتي.


رمقتهم بغيظ وقالت:

-علي فكرة أنا بنتك مش بنت البطة السودة إنتِ عندك Error أنا إلي بنتك وهو جوز بنتك إنتِ بتتعاملي العكس معاه هو إنه إبنك ومعايا أنا علي إنك حماتي ؟!


أجابت باستفزاز:

-ما هو أبني حبيبي وبعدين أعمل عليه حما عليه قلب أمه ده مش كفاية البلوة إلي بليناه بيها ؟!


ضيقت عينيها متسائلة:

-بلوة ؟! قصدك إيه بكلامك يا ماما أوعي تكوني تقصديني؟


أومأت بتأكيد:

-أيوة طبعًا أدخلوا يلا الغداء جاهز.


تحركت إلي الداخل وهما خلفها وأمير يحاول كبت ضحكاته بصعوبة، رمقته بغيظ وأردفت:

-أضحك يا حبيبي كاتم الضحكة ليه دي مرات أبويا دي مش حماتي.


خرج والدها من غرفتها ورحب بهم:

-أهلاً بأولادي الحلوين وحشتوني يا ولاد.


اقتربوا منه وضم كل منهم وبعدها جلس الأربعة علي السفرة.


تحدث أمير بحماس:

-عرفنا جنس البيبيهات النهاردة.


تساءلت عايدة باهتمام:

-خير يا حبيبي نوعهم إيه؟


أجابت نور مبتسمة:

-عهد وياسين.


عزمي بفرحة:

-بسم الله ما شاء الله اللهم بارك يا ولاد مبارك عليكم يارب العالمين.


عايدة بفرحة:

-مبارك يا ولاد يتربوا في عزكم يارب العالمين ياه يا نور أخيرًا هتبقي أم بس يارب تعقلي بس وتبطلي الجنان بتاعك ده.


تململت نور بضيق:

-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم هو كل شوية حد فيكم يقول لي أعقلي وبطلي جنان ؟! أنا دكتورة قد الدنيا شككتوني في نفسي والله.


قهقهة الجميع عليها مما جعلها تدب على الأرض بغيظ:

-بس بقي يا جماعة والله لو ما بطلتوا هزاركم ده مش هاكل معاكم وهقوم من غير أكل.


أجاب أمير باستفزاز:

-يبقى احسن حاجة عملتيها يا حبيبتي ووفرتي الأكل أهو على الأقل نلاقي حاجة بدل ما تخلصي الأكل زي كل مرة .


رمقته باستياء وقالت:

-بقي كده!! صحيح أنا إلي غبية لازم أخلص الأكل كله ليكم عقاب عشان تبطلوا تضايقوني….


…..


انتهت الجولة الشرائية وعادوا إلي المنزل مرة آخري واستقبلهم كل من سلوي وهناء بقلب متلهف جلسوا برفقتهم وتحدث ياسين بحماس:

-ها بقي نفسكم في إيه إنتوا الإتنين؟


أجابوا في نفس واحد:

-بنات.


نظر ياسين وصفا إلي بعضهم وسرعان ما انفجروا ضاحكين:

-هههههههههههه بردوا بنات كده في إقبال جماهيري علي البنات يا حبيبتي.


تساءلت سلوى باهتمام:

-بتضحكوا ليه؟ بنات صح؟


حرك رأسه نافيًا:

-لأ يا ست الكل ولدين أمير وأحمد.


ابتسمت سلوى وقالت:

-بسم الله ما شاء الله مبارك عليكن يا ولاد أنا كان نفسي في بنات بس النصيب المرة الجاية بإذن الله.


هتفت هناء بحنان:

-مبارك يا ولاد ربنا يكرمك علي خير يارب العالمين وبإذن الله المرة الجاية بنت.


تبسم ياسين باتساع وقال:

-شوفتي يا حبيبتي مجبتش حاجة من عندي أنا في إقبال إن في مرة جاية بصي إحنا هنكمل نص دستة بس إنتِ وشطارتك بقى المرة الجاية تجيبي توأم تلاتة مرة واحدة يبقي كده براءة.


شهقت بصدمة:

-مس لما دول يجوا الأول حرام عليكم والله ونص دستة إيه إنتَ التاني هو أنا أرنبة ؟! لأ يا حبيبي أنا خلاص أكتفيت أوي كده شطبنا خلاص.


تبسم بخفة وقال:

-الايام ما بينا وبكره نشوف وإنتِ إلي هتفكري في الحمل تاني بإذن الله.

❈-❈-❈


مرت الأيام سريعًا وأوشكت رحلة الحمل أن تنتهي وياسين يزداد اهتمامه بصفا كل يومًا عن اليوم الذي يسبقه، يدللها كأنها ملكة مدللة، وأصر عليها أن تأخذ إجازة من العمل بعد ثقل حركتها وظلت جالسة بالمنزل في الصباح كان يأخذها ياسين يسيروا قليلاً متنعمين بنسمات الصباح الباردة، وكذلك في المساء عند عودته من عمله يأخذها في نزهة لكي يرفه عنها مكوثها في المنزل كي لا تمل وكان الوضع نفسه عند نور فقد أخذت أجازة هي الأخرى من عملها ..


 في مساء أحد الأيام صراخ مرتفع شق سكون الليل انتفض علي أثره من يتمدد جوارها وجعله ينتفض بفزع شديد، نظر إلي زوجته وجدها تضع يدها فوق أحشائها تتألم بوجع شديد..


تسأل بتلهُف:

-مالك يا حبيبتي في إيه ؟ إنتِ كويسة يا صفا ؟!


ردت بنفي وهي تأن بألم شديد:

-مش قادرة يا ياسين مش قادرة شكلي بولد.


انتفض بفزع وتحدث بنبرة متوترة:

-بتولدي الوقتي؟! مش لسه في اول التاسع ؟!


أجابت بصوت متألم:

-معرفش معرفش أنا مش قادرة..


قطع حديثهم طرق علي باب الغرفة نهض سريعًا وفتح الباب وجد هناء وسلوي.


تساءلت سلوى بقلق:

-خير يا أبني في إيه صفا بتصرخ ليه؟


تداركت هناء بقلق:

-هي بتولد ولا أيه يا ابني؟! ده لسه بدري عليها.


تراجع إلى الخلف وأفسح لهم المجال للدخول مرددًا بإيجاب:

-شكلها كده هكلم الدكتورة بتاعتها تسبقنا على المستشفى.

❈-❈-❈

دلفوا سريعًا إليها وهو يتبعهم يبحث عن هاتفه بلهفة وضغط على عدة أزرار وانتظر الرد من الطرف الآخر:

-ألو أيوة يا دكتورة صفا تعبانة أوي شكلها بتولد تمام تمام مسافة الطريق ونكون في المستشفى.


أغلق الهاتف ونظر إليهم بتوجس وهو يقترب من صفا التي تأن في أحضان والدته ووضع يده علي وجنتيها بحزن:

-إنتِ كويسة صح؟


هتفت سلوي بحنان:

-أطمئن يا حبيبي هتبقي كويسة روح غير هدومك وانا وهناء هنجهزها عشان نتحرك.


انتبهت هناء إلي شئ واستطردت قائلة:

-إحنا مجهزناش شنطة البيبي لسه؟


رد ياسين بلهفة:

-لأ لأ أنا وصفا مجهزنها من وقت ما جبنا هدوم البيبهات.


تنهدت بإرتياح:

-تمام يا حبيبي روح يلا جهز نفسك إنتَ.


أومأ بإيجاب:

-حاضر.


تحرك سريعًا تجاه غرفة الملابس يرتدي ملابسه علي عجالة بينما بدأت هناء وسلوي في مساعدة صفا علي أن تنهض كي تبدل ملابسها.


بعد مرور ما يقارب العشر دقائق خرج ياسين من غرفة الملابس وجد زوجته تقف مستندة علي الحائط برأسها وتبكِ بتألم بعدما ارتدت عباءة سمراء واسعة بعض الشئ كي تلائمها ووضعت الحجاب فوق رأسها بإهمال ولا يوجد أثر لوالدته أو والدتها، تألم قلبه حزنًا لأجلها مما جعله يشعر بنصل حاد داخل صدره اقترب منها بحنان وهتفت بصوت متحشرج:

-لو كنت أعرف إنك هتتعبي كده كنت هقولك بلاش نخلف تاني.


هتفت بضعف:

-متقولش كده أنا هبقى كويسة.


تسأل بحزن:

-كنتِ تعبانة كده وإنتِ بتولدي مودي؟!


حركت رأسها نافية وعقبت قائلة:

-لأ كان أكتر من كده والفرق إنك المرة دي معايا وجنبي ومهون عليا تعبي.


تبسم بحب وقال:

-وهفضل جنبك لآخر يوم في عمري يلا عشان ننزل ماما ومامتك فين؟!


ردت بوهن:

-راحوا يجهزو ويجهزو مودي.


مطت شفتيها بعدم رضا:

-طيب ليه ناخد مودي الجو برد عليه نخليه هنا مع الدادة.


هزت رأسها نافية وهتفت بإصرار:

-لا أبني هيجي معايا.


ربت على ظهرها بحنان وقال:

-حاضر يا حبيبتي إهدي ويلا بقى عشان أشيلك و أنزلك لغاية العربية.


اتسعت مقلتيها وهتفت برفض قاطع:

-لأ لأ مش هتقدر ضهرك هيوجعك.


رفع حاجبه متجهمًا:

-نعم نعم مين إلي مش هيقدر يشيلك يا حبيبتي إنتِ بتشككِ في قدرات جوزك ولا أيه ؟! 


هتفت بتبرير:

-يا حبيبي مش قصدي بس أنا وزني زاد مش هتقدر ضهرك هيوجعك بجد ؟


ضرب كف بكف وأنحني على حين غفلة وحملها بين أحضانه، انتفضت بهلع:

-عاااا حرام عليك يا حبيبي.


تبسم بحب وغمزها بخفة:

-شوفتِ بقي إني أقدر أشيلك يا قلبي.


كان جوابها أنها صرخت بالم:

-عااااا مش قادرة يلا بسرعة.


تسأل بحيرة:

-هو إنتِ مش كنتِ هادية الوقتي إيه إلي حصل.


ردت بتألم:

-عشان الطلق رجع ومش قادرة.


قطب جبينه بحيرة وتسأل:

-يعني إيه؟!


صاحت بانفعال:

-مش وقته لما أولد هفهمك يا آخرة صبري مش وقته.


تحرك سريعًا متوجهًا إلي الأسفل يتبعه هناء وسلوي التي تحمل الصغير بين أحضانها.


فتحت له هناء الباب وفتحت باب السيارة وضعها في المقعد الخلفي بحذر شديد وصعدت جوارها هناء.


بينما استقلت سلوى في المقعد الأمامي جواره، وأحتل ياسين مقعد القيادة وبدأ في قيادة السيارة سريعًا.


تحدثت سلوي بتساؤل:

-نكلم أمير ونور يجوا لينا ؟!


رد ياسين برفض:

-لأ لأ بلاش نقلقهم في وقت زي ده؟!


أومأت بإيجاب:

-عندك حق أنا قصدي بس عشان ميزعلوش إننا مقولناش ليهم.


تحدثت صفا بضعف:

-نور هتزعل مني كلمهم يا حبيبي هي كانت متفقة معايا تبقى معايا وأنا بولد وأنا أبقى معاها وهي بتولد.


تنهد بقلة حيلة وقال:

-حاضر هكلمه.


أخرج هاتفه من جيبه وقام بمهاتفة أمير.

❈-❈-❈


علي الطرف الآخر كان يغط في نوم عميق حتى قطعه رنين هاتفه المتواصل، فتح أهدابه بنوم و ألتفت جواره وجد الفراش خاليًا، قطب جبينه بحيرة وتسأل:

-إيه ده هي نور راحت فين؟!


انتبه إلي رنين هاتفه فمد يده وأشعل الأباجورة التي جواره وآخذ هاتفه وما أن رأي رقم ياسين اعتدل بلهفة وأجاب:

-ألو أيوة يا ياسين إنت كويس؟!


-بجد بتولد ألف مبارك يا حبيبي حاضر حاضر مسافة الطريق وهنحصلكم ماشي يا حبيبي في رعاية الله ابقي طمني سلام عليكم ورحمه الله وبركاته.


أغلق الهاتف معه ونهض من فوق الفراش كي يبحث عن زوجه:

-يا تري هي راحت فين دي في الوقت ده؟!


اتجه إلي باب المرحاض وطرق الباب أكثر من مرة ولكن لم يؤتيه رد فتأكد من خلوه:

-مش في الحمام يبقى فين بقي؟!


اتجه إلى باب الغرفة وفتحه متوجهاً إلى الخارج يبحث عنها لم يجدها في الريسيبشن ولكن جذب انتباهه الإضاءة الخافتة التي تأتي من المطبخ، تبسم ساخرًا وقال:

-هو ده سؤال أكيد بتأكل هي هتختفي فين غير كده ؟!


تحرك تجاه المطبخ إليها وليته لم يفعل ما أن دلف إلى الغرفة وجدها تجلس علي الأرض تربع قدميها وأمامها صينية مكرونة بشاميل وعدة قطع من البانيه ومن الرائحة والبخار المتصاعد تأكد أنها أعدت لتوها.


ضرب كف بكف وصاح بعدم تصديق:

-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إنتِ بتهببي ايه؟! وإيه إلي قدامك ده؟!


ردت باللامبالاة:

-وإنتَ شايف إيه؟! مكرونة بشاميل وبانيه ؟!


تهكم قائلًا:

-لا والله مكرونة بشاميل وبانية إنتِ بتهزري ولا بتتكلمي جد؟!


تململت في جلستها وهتفت بملل:

-بتكلم جد ممكن بقي تسبني أكل عشان جعانة؟!


صاح بانفعال:

-نعم يا أختي جعانة؟! وبالنسبة لحلة المحشي إلي أتعشيتي بيها امبارح والبطة وجوزين الحمام ده ده كله راح فين؟!


ردت ببساطة:

-يا حبيبي هو انا لازم كل شوية أفكرك أنا الوقتي مش باكل لنفسي وبس لأ أنا بأكل لأتنين وأنا معاهم يعني بأكل لتلاتة.


تهكم بسخرية:

-لأ يا حبيبتي وإنتِ الصادقة مش بتاكلي لتلاتة إنتِ بتاكلي لثلاثمائة شخص ويزيدون.


زفرت بضيق وقالت:

-هو إنتَ كل لما تشوفي بأكل تكسر بخاطري كده ؟! طيب خلاص مش هاكل وخليني جعانة أنا وأولادك.


مسح جبهته عدة مرات واتجه إلي وجلس أرضًا في مواجهتها وتحدث بنبرة هادئة:

-هو إنتِ ليه مش قادرة تستوعبي إني خايف عليكِ ؟!


تساءلت بملل:

-خايف عليا من إيه ؟! من الأكل ؟! هو في حد يخاف علي حد انه بياكل كويس ومهتم بنفسه؟! ده إنتَ المفروض تكون فرحان بيا علي فكرة.


أومأ بتفهم:

-طيب ماشي همشي بالمنطق بتاعك كلي بس بالمعقول يا حبيبتي بالمعقول أه جسمك مش بيتخن أوي حاليًا لكن مين عارف ممكن فيما بعد يحصل إيه أو إيه أضرار الأكل ده عليكِ فيما بعد مش دي كلها دهون غير السكريات غير النشويات وكترها على الجسم غلط كل حاجة بمعدل صح كلامي ولا غلط يا دكتورة ؟! أنا عايزك تعرفي إنك أغلي وأهم شخص عندي في حياتي يا حبيبتي بس أنا خايف عليكِ فعلاً ويهمني مصلحتك فهماني وبعدين الرسول صلى الله عليه وسلم قال(ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) يعني كل حاجة بمقدار وعقل.


هتفت بتبرير:

-أنا بحاول أعمل كده فعلاً بس أعمل إيه كنت جعانة وأنا خُفت الجوع يأثر علي الأطفال قمت آكل أي حاجة.


نظر إلي الطعام نظرة ذات معنى:

-بجد؟ تأكلي أي حاجة بزمتك إنتِ مصدقة نفسك قايمة الساعة اتنين بالليل تعملي مكرونة بشاميل وبانيه وتقولي أي حاجة ؟! 


أومأت بإيجاب:

-أيوة كنت أكل إيه يعني ؟!


رد بنفاذ صبر:

-كلي بيض جبنة بطاطس محمره عندك علي بسكويت وكيك أعملي شاي باللبن وكلي بسيطة يعني.


استنكرت حديثه:

-نعم أكل شاى بلبن وبسكوت ده أكل ؟!


قطب جبينه بحيرة وتسأل:

-أيوة أكل هو غيروه وأنا معرفش ولا أيه؟!


هزت رأسها نافية واستطردت بإبانة:

-ده مش يحتسب أكل من الأساس ده بنحلي بيه بعد الأكل.


أغمض عينيه ورفع يده إلي أعلي وقال:

-عندك إنتَ يارب أقول إيه بس لله الأمر من قبل ومن بعد أنا إيه بس إلي صحاني من النوم وخلاني اشوف الجريمة دي.


قطبت جبينها بعدم فهم وتسألت:

-آه صحيح هو إنتَ ايه اللي صحاك؟!


ضرب جبينه بخفة وقال:

-حرام عليكِ يا شيخة نستيني صفا بتولد وزمانهم وصلوا المستشفى.


اتسعت مقلتيها بعدم تصديق:

-مش معقول ؟ صفا بتولد إزاي ده لسه معادها لسه شوية.


رفع كتفيه بحيرة:

-مش عارف والله وزمانهم في المستشفى حاليًا قومي يلا نجهز عشان نروح ليهم.


أومأت بإيجاب:

-تمام روح ألبس إنتَ وجهز نفسك وأنا هخلص أكل وأقوم أجهز.


حول بصره بينها وبين الطعام وتسأل ببلاهة:

-نعم يا أختي ؟ هتخلصي أكل هتقعدي تخلصي الوليمة دي ده عقبال ما تخلصي هيبقي صفا ولدت وعملوا السبوع كمان قومي يا آخرة صبري مش عايزين نتأخر عليهم.


تنهدت بقلة حيلة وقالت:

-خلاص هقوم ألبس واجهز وأخذ الأكل معايا في العربية.


حرك رأسه بيأس وتحدث بنبرة هازئة:

-براحتك يا أخرة صبري قومي معايا يلا.


نهض من مكانه ومد يده إليها:

-هاتي ايديك يا حبيبتي يلا قومي مع إنك مش محتاجة ليا أساعدك تقومي إنتِ محتاجة ونش يشيلك معايا.


رمقته بإزدراء:

-تصدق إنك رخم أنا هقوم لوحدي مش محتاجة مساعدة منك.


داعبها قائلاً:

-مش هتقدري تقومي يا دبدوبتي قومي يلا بقي عشان اتأخرنا عليهم إنتِ عارفة اني بهزر معاكِ يا قلبي.


مدت يدها ونهضت بمساعدته بينما أنحني هو وقام بحمل الطعام من على الأرض ووضعه فوق الطاولة وغادروا سويًا كي يستعدوا من أجل الذهاب.

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة زينب سعيد القاضي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة