رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 85 - السبت 11/4/2025
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل الخامس والثمانون
تم النشر السبت
11/4/2025
مرت عدة أشهر استقرت بها الأوضاع لدي الجميع، في أحد الأيام بعد يوم عمل طويلاً شاق، توقف بسيارته أمام المشفى وهبط من السيارة واتجه إلي الداخل متوجهًا إلى مكتب زوجته الحبيبة، وأثناء سيره تقابل مع دكتور عصام الذي قابله بترحاب:
-ياسين باشا منور المستشفى.
رد الآخر بهدوء:
-نورك يا دكتور أخبارك إيه؟
رد ممتن:
-بخير الحمد لله.
أومأت بإيجاب:
طيب الحمد لله ربنا يديمها علينا جميعًا طمني أخبار المستشفى إيه؟ كله تمام ؟
أجاب بعملية:
-تمام الحمد لله أكيد جاي عشان دكتورة صفا عشان تروحوا سوا زي كل يوم صح؟ وأسف جدًا علي تدخلي أو سؤالي ده.
رفع حاجبه متجهمًا وتسأل:
-أيوة حضرتك عندك مشكلة إني أجي المستشفي بتاعتي أخد مراتي؟ مش فاهم مشكلتك الصراحة فياريت توضح كلامك معلش؟
رفع كفيه باستسلام:
-أفهمني طيب أكيد طبعًا معنديش مشكلة إنك تجبها أو تيجي تاخدها إن شاء الله تبات هنا في المستشفى كمان ده شپ خاص بيكم إنتوا لكن كل الحكاية أنا غرضي شئ تاني أو بالأصح يعني حابب ألفت نظرك لحاجة ممكن حضرتك تستغرب منها أو تبقي شايف إنها شئ غير مهم بس أنا شايفها بعين أب من معزتي ليك إنتَ ودكتورة صفا.
تسأل الآخر بنفاذ صبر:
-خير حاجة إيه ؟ ما تتكلم علي طول يا دكتور هو أنا هفضل أسحب من حضرتك الكلام كده كتير ؟!
تحدث الدكتور عصام بعملية:
-إحم يعني الدكاترة والممرضين مركزين معاكم أوي .
زفر باستياء:
-طيب ودي فيها ايه مش فاهم ؟
أجاب الآخر بإيضاح:
-يعني العين عليكم ممكن حد يحسدكم ولا حاجة.
ضرب ياسين كف بكف وتحدث بنبرة حادة:
-هو حضرتك بتتكلم جد يا دكتور؟ حسد؟
أومأ بإيجاب:
-أيوة وقبل ما تقول حاجة الحسد مكتوب في القرآن وأنا عشان بعتبرك زي أبني ودكتورة صفا زي بنتي حبيت انبهكم للنقطة دي .
مسح جبهته عدة مرات وتسأل بحيرة:
-تنبهني للنقطة دي؟ ما هو أنا مش فاهم إيه الغريب أني أوصل مراتي الحامل شغلها وأجي أخدها إيه الغريب في كده؟
رد الآخر بهدوء:
-حضرتك تقدر توصلها أكيد بس لغاية المستشفى تحت مش توصلها لغاية المكتب وتطلع تاخدها منه كمان فهمتني ؟ ده لمصلحتك علي فكرة إنتَ وهي كفاية إلي انتوا شفتوه.
تنهد بقلة حيلة وقال:
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ماشي يا دكتور هحاول أعمل بالنصيحة بس مش أكيد.
تبسم الآخر وقال:
-كون انك هتحاول ده مؤشر كويس يلا مش هعطلك بعد إذنك.
رد ياسين باختصار:
-إتفضل حضرتك.
غادر عصام وأكمل ياسين سيره متوجهًا إلي مكتب زوجته وهو يتمتم بغيظ:
-الصبر من عندك يارب.
❈-❈-❈
كانت تجلس في مكتبة مستندة بظهرها علي ظهر مقعدها مغمضة العينين بإرهاق شديد، حتي أنها لم تستمع إلي الطرق الذي على باب الغرفة واتبعه دخول ياسين والذي ما أن رأها تحرك سريعًا إليها ووضع يده علي وجهها وهو يناديها بقلق:
-صفا صفا إنتِ بخير يا حبيبتي ؟
فتحت عيناها بضعف وتسألت:
-ياسين ؟! إنتَ جيت امتى ؟
رد بتوتر:
-لسه جاي حالاً مالك يا حبيبتي إنتِ كويسة ؟
أومأت بإيجاب:
-أيوة الحمد لله بخير مرهقة بس شوية.
رمقها بعدم تصديق وهتف بإصرار:
-قومي أجهزي يلا نروح للدكتورة نطمئن عليكِ.
تبسمت بهدوء وقالت:
-يا حبيبي أنا بخير اطمئن.
تجاهل رفضها وهتف بإصرار:
-أنسي يا هانم هنروح للدكتورة نطمئن عليكِ عشان أطمئن بجد.
ردت بهدوء:
-الدكتورة النهاردة أجازتها يا حبيبي.
رد بنفاذ صبر:
-نروح لدكتورة تانية يعني مفيش في المستشفى غيرها ؟
تحدثت بتريث:
-لأ أكيد في طبعًا بس الأمر مش مستدعي أروح لدكتورة تانية ومش متابعة حالتي أصلاً ولا هتقدر تفيدني لأنها متعرفش الحالة ولا حتى باخد علاج إيه كل الحكاية إني مرهقة وبس والله متقلقش كان عندي ضغط شغل النهاردة.
زفر بضيق وصاح بعصبية:
-وجنابك ترهقي نفسك ليه يا دكتورة أظن إحنا كان كلامنا واضح هتنزلي الشغل يبقي تخلي بالك من نفسك وأدي النتيجة شايفة حالتك ؟!
هتفت بتبرير:
-أنا فعلاً بحاول قدر الإمكان أقلل شغل علي قد ما بقدر بس كون أن في حد محتاج مساعدتي صعب أرفض.
صمت قليلًا وأردف متسائلاً:
-إنتِ أكلتي حاجة طول النهار ولا لأ ؟
نظرت له بتردد:
-ملحقتش.
اتسعت مقلتيه وصاح بانفعال:
-نعم يعني جنابك من الساعة سبعة الصبح من غير أكل ؟ إنتِ أتجننتِ يا مدام ولا إيه؟
حاولت الدفاع عن نفسها:
-ممكن تهدي وتسمعني أنا كده كده مكنتش قادرة اكل لكن لو جوعت أكيد كنت هاكل.
صاح بعصبية أكبر:
-والله ؟ مكنتيش قادرة تأكلي ؟ عقب أقبح من ذنب يا هانم إنتِ طول النهار رافضة الأكل والشرب من الأساس ماشيين وراكِ بالأكل والشرب كأنك عيلة صغيرة يا هانم.
ردت بهدوء:
-ده مش بإرادتي وإنتَ عارف كده كويس وعارف لو غصبت نفسي على الأكل برجع.
زفر باستياء وقال:
-الدكتورة قالت إيه مش قالت حتى لو بترجعي تأكلي بردوا ومعدتك هتاخد إلي هتستفادى بيه صح ولا غلط؟
ردت بإيجاب:
-صح بس غصب عني بجد.
تنهد بقلة حيلة وقال:
-تمام يا حبيبتي إحنا هنمشي من هنا أخدك على مطعم نأكل أي حاجة.
أشمئز وجهها وهتفت بنفي:
-لأ لأ خلينا نروح البيت أفضل.
تنهد بقلة حيلة وقال:
-زي ما تحبي يا حبيبتي.
قطع حديثهم فتح باب المكتب وإقتحام نور الغرفة وهي تتناول سندوتش:
-صفصف بتعملي إيه؟ إيه ده إنتَ هنا؟
ضغط ياسين علي شفتيه بغيظ وقال:
-لأ هناك إنتِ شايفة إيه شفاف أنا قدامك؟
ردت بإستفزاز:
-شايفة ظرافة وخفافة إنتَ بتعمل إيه هنا شكلك منكد عليها صح ما أنا عرفاك بتحب النكد زي عنيك.
صاح بانفعال:
-أنا هنا قاعد مع مراتي إيه مشكلتك إنتِ؟ وبعدين نتخانق سوا أو نتصالح ده شئ خاص بينا إحنا ملكيش علاقة بيه خليكِ في حالك.
❈-❈-❈
ردت بملل:
-ده في أحلامك.
قطب جبينه بحيرة وتسأل:
-هو ايه إلي في أحلامي ؟ وبعدين لحظة واحدة إنتِ إزاي تدخلي المكتب بالشكل الهمجي ده مش المفروض تخبطي ؟
أجابت ببرود:
-أخبط ليه هو أنا داخلة عليها الحمام ؟ وبعدين دي صاحبتي وأدخل ليها وقت ما أحب متحشرش إنتَ نفسك بينا عارف ليه؟ عشان الداخل بينا خارج.
زفر باستياء وقال:
-حسبي الله ونعم الوكيل في الظالم طيب يا دكتورة حتي لو صاحبتك أو أختك كمان المفروض تخبطي علي الباب غير إن دي غرفة كشف ووراد جدًا يبقي فيه مرضي هتدخلي بالمنظر ده؟
ردت ببرود:
-وفيها إيه؟ وبعدين أصلاً هي دكتورة نفسية يعني لو مريضة واخدة راحتها أوي هتبقي ممدة على شازلونج غير إن حاليًا الوقت ده مفيش مرضي أصلاً خلاص صفا مش بتتقبل فيه حالات يعني أطلع إنتَ منها وخليك في حالك.
رمقها بتحذير وقال:
-نعم؟! خليني في حالي ؟ أنا لو ساكت ليك فهو إكرامًا لأمير وصفا وبس غير كده قسماً بربي مكنتش عديت عمايلك دي علي خير يا دكتورة.
نهضت صفا من مقعدها أخيرًا بعد أن قررت أن تتخلى عن صمتها:
-بس بقي كفاية كده انتوا الأتنين حرام عليكم والله هو إنتوا كل لما تشوفوا بعض تمسكم في خناق بعض ؟!
كتف ياسين ذراعه فوق صدره وتحدث بنبرة حادة:
-أنا متخنقتش مع حد هي الي دخلت زي التور الهايج وهبت فيا زي الباجور الجاز.
وضعت نور يدها حول خصرها وصاحت بغيظ:
-نعم أنا تور هائج و باجور جاز ؟!
صاحت صفا بعصبية:
-خلاص كفاية حرام عليكم ياسين لو سمحت عشان خاطري متردش عليها وإنتِ يا نور أقسم بالله لو نطقتي بحرف واحد أنا إلي هزعل منك.
تنهدت نور بضيق وقال:
-أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ماشي أنا ماشية دلوقتي سلام.
غادرت نور من الغرفة بينما تهاوت صفا علي المقعد مرة آخري تزفر بضيق.
إقترب ياسين منها وتحدث بأسف:
-أسف يا حبيبتي بس بجد مش قادر أتعامل معاها خالص طريقتها صعبة أوي زي ما إنتِ شايفة ودائمًا واخدة وضع الهجوم غير إن دخولها المكتب بالشكل ده غلط وخصوصًا لو في مريض صح كلامي ولا غلط ؟
أومأت بإيجاب:
-صح بس ده أسلوب نور مع الأسف من زمان حاول تتحملها عشان خاطري.
مسح جبهته بخفة وعقب قائلاً:
-بزمتك يا مؤمنة أتحملها أكتر من كده إيه حرام عليكِ ده أنا جبت آخري منها يا شيخة.
ربتت على ظهره بحنان وقالت:
-معلش إستحملها شوية صغيرين كمان.
زفرت باستياء وقال:
-حاضر يا صفا لأجل عيونك إنتِ هستحملها وأمري لله يلا بينا نروح عشان تأكلي وترتاحي يا حبيبتي.
أومأت بتفهم ونهضت من المقعد تخلع معطفها الطبي وساعدها هو في ذلك وبعدها أخذت حقيبتها وغادروا المكتب بل المشفي بأكملها متشابكِ الأيادي ولأول مرة يلاحظ ياسين تحديق الجميع بهم بنظرات مختلفة، خرجوا أمام المشفى وفتح لها باب السيارة وساعدها علي أن تستقلها وأغلق الباب جيدًا وبعدها اتجه إلي المقعد المجاور واستقل السيارة وأدار عجلة القيادة متوجهًا إلى وجهته.
…..
في فيلا ياسين المحمدي.
كان يجلس الصغير الذي تخطى عامه الآول بعدة أرضًا وسط ألعابه وتجلس جواره جدتيه كل منهما تداعبه تارة، ولكنه يتذمر ويأخذ ألعابه منهم.
تحدثت سلوي بضحك:
-أه منك يا صغنن إنتَ إحنا الإتنين بنلعبك ومش عاجبك؟
تبسمت هناء وقالت:
-عايز يلعب لوحده خلينا نقوم نشوف ورانا إيه ونسيبه يلعب لوحده.
أومأت الآخري بإيجاب:
-عندك حق تعالي نقوم.
ما أن هما الاثنتين كي ينهضوا حتي بدأت وصلة الصغير المعتادة بالبكاء، فإضطرا أن يجلسوا مرة أخرى.
هتفت سلوي بإستياء:
-أه منك إنتَ يا شبر ونص مش كنا بنلاعب جنابك وإنتَ مش راضي دلوقتي بقي عشان جينا نقوم إنتَ بقي فتحت في العياط .
هتفت هناء ضاحكة:
-هو مش عايز نلعب معاه بألعابه هو عايز نفضل قاعدين جنبه كده نتفرج عليه وخلاص.
حركت سلوى رأسها بيأس وقالت:
-أه يا صغنن منك يعني مقعدنا جنبك ٣ ساعات بحالهم كده لغاية ما ضهري وجعنا عشان نتفرج عليك وإنتَ بتلعب؟! أه منك يا محمد يا بن ياسين تعلب مكار زي أبوك.
ردت هناء مدافعة:
-لأ لأ مين ده إلي تعلب بس ده قمر حبيب قلب وعقل تيته من جوه.
قهقهت الأخرى بخفة وعقبت قائلة:
-يا سلام ده مكنش رأيك من شوية وهو عمال يخطف منك اللعبة وعمال يعيط.
تبسمت بحنان وقالت:
-يعمل إلي هو عايزه ده روح قلب تيتة.
ردت الاخرى بضحك:
-يا سلام ما هو روح قلبي أنا كمان يا حبيبتي صح يا مودي ؟
فردت ذراعيها كدعوة صريحة للصغيرة لضمه ولب الآخر النداء سريعاً وألقي نفسه داخل أحضانها وهو يقهقه ببراءة.
ظلت تقبله وهي تداعبه بحنان:
-قلب وعقل وروح تيتة من جوه إنتَ يا مودي تعالي .
❈-❈-❈
نظرت إلي الطريق بحيرة وبعدها حولت بصرها إلي زوجها وتساءلت بحيرة:
-إنتَ رايح فين يا حبيبي ده مش طريق البيت ؟!
أومأ بإيجاب:
-أيوة مش رايحين البيت فعلاً.
قطبت جبينها بعدم فهم وتسألت:
-مش رايحين البيت طيب إحنا رايحين فين ؟
أجاب بهدوء:
-رايحين وسط البلد.
مطت شفتيها بحيرة وقالت:
-ليه هو إنتَ هتجيب حاجة من هناك ؟
حرك رأسه نافيًا:
-لأ إحنا رايحين وسط البلد عشان ناكل كشرى.
تساءلت ببلاهة:
-بتتكلم جد تأكل كشري مش معقول.
أجاب ببراءة:
-مش معقول ليه هناكل كشري يا حبيبتي إيه الغريب؟!
اتسعت مقلتيها بعدم تصديق:
-بجد إلي أنا سامعاه ده إنتَ عايز تاكل كشري بجد ولا عشاني ؟
تبسم بخفة وقال:
-هو الصراحة مش هكدب عليكِ عايز اكل كشري غير عارف إنك بتحبيه ومش هتقدري تقاومي إنك متكليهوش.
تبسمت بحماس وقالت:
-فكرة موفقة الصراحة إنتَ مجرد ما قولت ريقي جري تلقائي عشان هأكله بس مش هقدر أحط شطة طبعًا عشان غلط في الحمل.
تبسم بحب وقال:
-مش مهم شطة المرة دي المهم تأكلي وتشبعي من حاجة بتحبيها.
نظرت له بامتنان واسترسلت:
-شكرًا بجد.
استنكر حديثها وتدراك مستفسرًا:
-شكرًا علي إيه؟
ردت بحب:
-لإنك فكرت فيا وفكرت بحب إيه وإيه ممكن يسعدني وعملته.
تبسم بحب وقال:
-هو أنا عندي غير أفكر فيه أصلاً؟! عارفة بقي أن النهاردة أنا متحمس أوي للكشري المرة إلي فاتت كنت داخل وأنا أعمي وكنت خايف من نظرات الناس وإنتِ كنتِ الممرضة بتاعتي مش مراتي وكل حاجة بحساب لكن المرة دي غير المرة دي أنا مفتح وبشوف وإنتِ مراتي يعني هندخل سوا واحنا ايدينا في ايد بعض.
تبسمت بحنين:
-ياه كانت ايام حلوة أوي فاكر الفول والفلافل من العربية ؟
اتسعت ابتسامته وتحدث بلهفة:
-ههههههههههههه وهي دي حاجة تتنسي أصلاً ده كفاية قرن الشطة الحراق ولا المش أبو دودو بتاعك حرام عليكِ يا مفترية لأ وإيه تقولي ليا ده صاروخ هههههههههههه بس هو فعلاً كده كان هيطلع من دماغي لأ وكمان حاطة بصل أخضر يا مفترية.
تبسمت هي الأخرى وهتفت بحماس:
-يا كانت أيام حلوة أوي وحبسنا بعدها بعصير قصب يا حبيبي كانت أيام حلوة فعلاً.
هتف بحنان:
-ولا تزعلي نفسك يا حبيبتي بإذن الله نروح مرة نفطر الصبح من علي عربية فول هو أنا عندي كام صفا بس هي واحدة وبس.
❈-❈-❈
ابتسمت بامتنان:
-ربنا يبارك ليا فيك يا حبيبي.
توقف بسيارته أخيرًا وهبط من السيارة واتجه إلى الباب الآخر وفتح لها باب السيارة هبطت منه و دلفوا سويًا متشابكِ الأيادي وجلسوا على طاولة جانبية وطلبوا الأوردر.
نظر حوله وقال:
-المكان حلو جدًا علي فكرة تصدقي مريح للأعصاب أوي.
أومأت بإيجاب:
-فعلاً .
وصل الطعام بالفعل وأخذ كل منهم طبقه وبدأوا يتناولوا طعامهم بنهم شديد.
نظر لها بإشفاق وقال:
-حطي شوية شطة صغيرين مش هيكون غلط صح؟
هزت رأسها نافية وعقبت قائلة:
-لأ مش هيكون غلط يا حبيبي حاجة بسيطة بس.
أومأ بتفهم:
-خلاص يلا حطي شوية من نفسك يا حبيبتي.
وضعت ملعقة صغيرة وقلبت الطبق جيدًا وبدأت تلوكه بتلذذ شديد:
-الله كده بقى تحفة أوي .
تبسم بحنان وقال:
-ألف هنا يا حبيبتي.
بعد فترة انتهوا من تناول الطعام وبعدها نهضوا سويًا متجهين إلي الخارج ولكن لم يصعد السيارة وظل ينظر حولها، قطبت جبينها بحيرة وتسألت:
-بتدور علي ايه يا حبيبي ؟
اجاب بمرح:
-علي محل عصير قصب في واحد هناك أهو تعالي بقي نروح نشرب عصير قصب نحبس به.
تحركا سويًا وتقفوا أمام المحل وتسأل:
-هو أنا المفروض اقوله ايه ؟
تبسمت بخفة وقالت:
-أتنين عصير قصب كبير في علب بس.
أومأ بتفهم وذهب بالفعل أحضر طلبهم وبعدها وعادوا إلى السيارة مرة أخرى يتناولوا العصير قبل أن ينطلق بسيارته مرة آخري.
وضعت صفا يدها على بطنها بشبع:
-أه شبعت الحمد يا حبيبي حاسة اني مش قادرة اخد نفسي من كتر الأكل.
تبسم بحب وقال:
-طيب الحمد لله يا قلبي ألف هنا علي قلبك يا قطتي نروح بقي؟ ولا لسه نفسك في حاجة تانية ؟
هزت رأسها نافية:
-لأ كفاية أوي كده أنا عايزة أروح بقى اخد ابني في حضني وانام وأرتاح.
تبسم بإشفاق وقال:
-ماشي يا حبيبتي بس ممكن بلاش تروحي الشغل بكره ريحي أفضل.
حركت رأسها بإيجاب:
-حاضر يا حبيبي أطمئن هريح بكره وبعدين أنا دلوقتي بقيت أحسن الحمد لله.
تنهد براحة وقال:
-الحمد لله ربنا يكملك بعقلك يا حبيبتي.
….
وصل أمير إلى المشفى كي يقل زوجته وجدها تقف أمام المشفى في إنتظاره.
صعدت جواره بضيق شديد، قطب جبينه بحيرة وتسأل:
-مالك يا حبيبتي قالبة وشك كده ليه ؟ في حاجة حصلت زعلتك ولا إيه؟
أومأت بإيجاب:
-أه.
نظر لها بترقب وتسأل:
-خير يا حبيبتي في إيه فهميني ؟
صاحت بغيظ:
-الكائن المستفز إلي اسمه ياسين .
قلب عينيه بملل وتسأل:
-عملتي إيه بقي في ياسين ؟
شهقت بصدمة:
-نعم عملت في ياسين إيه؟ إنتَ مش شايف حالتي ؟
تحدث بهدوء:
-شايف حالتك بس فعل ياسين هيكون رد فعل علي إلي إنتِ عملتيه فقصري علي نفسك وعليا يا حبيبتي كده وقولي عملتي إيه يا آخرة صبري.
هتفت بعند:
-لأ المرة دي معملتش حاجة وإنتَ ظالمني علي فكرة.
تبسم ساخرًا وقال:
-بجد انا الي ظالمك؟ طيب يا حبيبتي أنا ظالم ومفتري كمان فهميني بقي في إيه؟
ردت بهدوء مصطنع:
-فتحت باب المكتب بتاع صفا من غير ما أخبط وهو بقي أشتغل زعيق وخناق.
أغلق عينيه وفتحها عدة مرات وتحدث بنبرة حادة:
-بجد ؟ وهو طبيعي إنك تفتحي عليهم الباب من غير ما تخبطي؟ إنتِ بتهزري يا هانم؟
أجابت ببرود:
-أنا متعودة على كده مع صفا إحنا أصحاب ومفيش بينا الكلام الفارغ ده.
زفر باستياء وقال:
-أصحاب ومفيش بينكم الكلام الفارغ ده؟ لا والله يا مدام عذر أقبح من ذنب إنتِ غلطانة زي كل مرة أنا بجد مش عارف أعمل معاكِ إيه قلتها ليكِ مرة واتنين وتلاتة ملكيش علاقة بياسين إنتِ في حالك وهو في حاله.
زفرت بضيق وقالت:
-ما هو أنا في حالي لكن هو إلي بيجر شكلي.
رفع حاجبه متجهمًا:
-والله؟ إنتِ شايفة كده؟ أنا كل إلي أنا شايفه إن جنابك إلي بتجري في شكله لكن لو هو زي ما بتقولي هو إلي بيجر في شكلك كنت قدرت أوقفه عند حده لكن يا حسرة مراتي هي إلي بتجر شكله وخليتي شكلي زي الزفت قدامه إني مش عارف أحكم مراتي لو سمحتِ أكبري لجوزك تجاهليه لو شوفتيه في مكان روحي مكان تاني يا ستي ممكن؟
زفرت بضيق وقالت:
-ماشي لما نشوف آخرتها.
حرك رأسه بيأس:
-لله الأمر من قبل ومن بعد مفيش فايدة فيكِ مش عارف أقول إيه غير إن ربنا يهديكِ وبس.
نظرت له شذرًا، وهتفت باستياء:
-ربنا يهديني ؟ شايفني بشد في شعري مثلاً ؟
تنهد بقلة حيلة ورد:
-يا ستي ربنا يهديني أنا حتي في دي كمان معترضة ؟!
زفرت بضيق وقالت:
-لأ مش معترضة بس إنتَ في نيتك إني مجنونة.
قبض على خصلات شعره وصاح بانفعال:
-يا ولية أرحميني حرام عليكِ إنتِ عايزة مني إيه بس أنا هتشل علي إيدك يا بعيدة هو إنتِ كنتِ دخلتي جوه قلبي وعرفتي نيتي إيه؟ النية بتاع ربنا.
نظرت له بتوتر:
-خلاص خلاص إهدي وسوق يلا خلينا نروح.
رمقها شذرًا وأدار عجلة القيادة بغيظ شديد.
عضت شفتيها بحرج وقالت:
-احم ممكن نعدي على أي مطعم نجيب أكل جاهز.
حرك رأسه بإيجاب دون الرد مما جعلها تشتاظ غضبًا:
-أنا بكلمك على فكرة المفروض ترد عليه مش تهز رأسك كده فهمت أنا إيه؟! مس بفهم أنا في لغة الإشارة دي كلمني زي البني أدمين لو سمحت.
ضغط على أسنانه بقوة يكاد يجزم أنها ستكسر من شدة ضغطه وتحدث من بين أسنانه:
-هزيت راسي يعني أه يعني حاضر يعني تمام.
ردت ببرود:
-وبتقولها من غير نفس كده ليه جنابك متضايق مني أوي اركن عربيتك على جنبك وخليني أنزل.
نظر لها والشر يقطر من عينيه وتحدث بفحيح:
-قسمًا بالله يا بنت عايدة إن ما سكتي وقفلتي بقك ده و حطيتي إيدك علي بوقك هوقف العربية فعلاً قدام النيل وأشيلك أرميكِ فيه وأخلص البشرية كلها منك سامعة ولا مش سامعة ؟!
وضعت يدها سريعًا علي فمها وهزت رأسها بخوف.
تنهد براحة وأكمل القيادة بهدوء:
-أيوة كده هدوء هدوء خلينا كده لغاية ما نوصل البيت مش عايز صوت ولا نفس ولا أقولك أتنفسي أتنفسي أحسن تفطسي مني يا حياتي.
❈-❈-❈
انتهت الجولة ووصل ياسين إلي الفيلا الخاصة به، هبط أولاً واتجه إلي الباب الآخر قام بفتحه إلي صفا وساعدها علي أن تهبط من السيارة بحنان:
-بالراحة يا حبيبتي كويسة الوقتي صح؟
تبسمت بحب وقالت:
-أيوة الحمد لله.
تحركوا سويًا إلى الداخل فتح باب الفيلا و دلفوا سويًا وما أن خطوا بقدميهم إلي الداخل هلل الصغير أرضًا وتحرك تجاههم يحبي ببراءة، تبسم الإثنين وجلس ياسين أرضًا كي يتلقفه في أحضانه:
-حبيب بابا البطل عامل إيه ؟!
قبله بحنان ونهض به وقربه من والدته التي قبلته بحنان:
-حبيب مامي وحشتني أوي أوي يا حبيبي.
مد الصغير يده إلي والدته كي تحمله:
-يا قلب ماما عايز تيجي ليا هاته يا حبيبي أشيله.
هز الآخر رأسه بنفي:
-لأ بلاش عشان بطنك يا حبيبتي أقعدي وأنا أحطه على رجلك يا حبيبتي.
أومأت بإيجاب:
-تمام.
إقتربت سلوى بحنان وقالت:
-حمد الله علي السلامة يا ولاد أجهز ليكم الغداء ؟
رد ياسين ممتن:
-لأ يا ست الكل ألف هنا ليكم يارب إحنا أكلنا في بره كشري.
هتفت سلوي بحنان:
-ألف هنا يا حبيبي تصدق نفسي في الكشري أوي.
تبسم بحب وأشار إلي عينيه:
-من عيوني يا حبيبتي هجبلك لغاية عندك بإذن الله.
حركت رأسها نافية:
-لأ لأ تجيب إيه يا حبيبي هيبرد أنا هبقى أخد هناء ونروح ناكل إحنا في المطعم براحتنا الكشري وهو سخن.
أومأ بتفهم:
-ماشي يا حبيبتي علي راحتكم.
تحدثت صفا بإرهاق:
-هي ماما فين ؟
ردت سلوى بإيضاح:
-في أوضتها يا حبيبي بتصلي المغرب.
أومأت بتفهم:
-طيب أنا هطلع أغير هدومي وأشوفها وأنام هات مودي معاك يا حبيبي.
حرك رأسه بإيجاب وتسأل بقلق:
-لسه تعبانة؟
هزت رأسها نافية:
-لأ لأ يا حبيبي أطمئن بقيت بخير والله بس هو إرهاق والأكل كبس علي معدتي.
أومأ بتفهم:
-ماشي يا حبيبتي براحتك.
تحركت صفا متجهة إلي الأعلي وظل ياسين واقفًا برفقة والدته التي تساءلت بقلق:
-في حاجة يا حبيبي ولا إيه هي تعبانة فعلاً ولا إنتوا متخانقين ؟ أوعي يا حبيبي ده حامل الزعل غلط عليها.
رد بهدوء:
-لأ لأ ربنا ما يجيب زعل يا أمي هي تعبانة شوية.
تنهدت بارتياح وقالت:
-كويس طمنت قلبي ربنا يطمئن قلبك مالك بقي شكلك مش عاجبني ؟
زفر بضيق وقال:
-كالعادة نور جت مكتب صفا وشدينا سوا.
حركت رأسها بيأس:
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم تاني ؟ إيه السبب المرة دي؟
تهكم بسخرية:
-من غير سبب زي كل مرة بتجر شكلي كالعادة.
ربتت على ظهره بحنان وهتفت برجاء:
-معلش يا حبيبي حقك عليا أنا متزعلش منها عشان خاطري أنا وأمير.
تبسم بتفهم وقال:
-حاضر يا أمي ادعيلي بس ربنا يديني الصبر عشان أقدر أستحملها عشان أنا جبت أخري الصراحة منها.
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-ربنا يقويك يا حبيبي أنا مش عارفة ليه عدم تقبلها ده غير إن الموضوع ده أكيد مأثر علي نفسية أمير حتي بقي فين وفين لما يجي هنا هو وهي عشان يمنع المشاحنات بينكم.
رد بتعقل:
-عارف يا أمي وبحاول قدر الإمكان أهون عليه إن الموضوع مش فارق معايا لكن هي بتتفنن إزاي تجر شكلي ربنا يهديها…
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة زينب سعيد القاضي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية