رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 87 - الخميس 16/4/2025
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل السابع والثمانون
تم النشر الخميس
16/4/2025
خرجت إلى الحديقة وجدته يجلس أرضًا وبجواره الخادمة التي ما أن رأتها نهضت بإحترام:
-صباح الخير يا دكتورة.
ردت مبتسمة:
-صباح النور هقعد علي المرجيحة وهاتي يقعد جنبي معلش.
أومأ بإيجاب:
-حاضر.
جلست صفا على الأرجوحة وحملت الخادمة الطفلة ووضعته جوارها، ضمته إلي أحضانها بحنان وقالت:
-روحي إنتِ شوفي شغلك وهو معايا.
أومأت بإيجاب:
-تمام يا هانم زي ما تحبي.
غادرت الخادمة وظلت صفا تداعب طفلها بحنان وهي تغني له:
حلاوته، حلاوته نايم ننه، ننه
كل شواية يكبر، يكبر سنة، سنة
والغلاوة تكتر والحب اللي بينا
يا مالك قلبي، قلبي
طعامته، طعامته، عاشقة يا ناس وحابة
كل شوية يكبر، يكبر حبة، حبة
والغلاوة تكتر وتزيد المحبة
عالي، عالي، عندي، عندي
ده اللي حلّى، حلّى، حلّى
الأيام وخلّى، خلّى
الحياة دي حلوة
وكل يوم بتحلى
ده اللي خلّى الدنيا جنة
لما شرّف لما جالنا
ده اللي روّق بالنا
وخلّى الضحكة تعلى
ده اللي حلّى، حلّى، حلّى
الأيام وخلّى، خلّى
الحياة دي حلوة
وكل يوم بتحلى
ده اللي خلّى الدنيا جنة
لما شرّف لما جالنا
ده اللي روّق بالنا
وخلّى الضحكة تعلى
يا روحي، يا روحي مسمسم مقطقط
كل شوية يكبر، يتنطط يخبط
والغلاوة تكتر، أشوفك أزقطط
يا مالك قلبي، قلبي
يا سيدي، يا سيدي خدك على خدي
كل شوية تكبر، تطول تبقى قدي
والغلاوة تكتر والأيام تعدي
عالي، عالي، عالي عندي
ده اللي حلّى، حلّى، حلّى
الأيام وخلّى، خلّى
الحياة دي حلوة
وكل يوم بتحلى
ده اللي خلّى الدنيا جنة
لما شرّف لما جالنا
ده اللي روّق بالنا
وخلّى الضحكة تعلى.
أنهت الأغنية وقبلت جبهة طفلها بحنان:
-ربنا يبارك ليا فيك يا قلب ماما من جوه.
اقتربت هناء منها وتحدثت مبتسمة:
-يا بختك يا عم مودي ماما قاعدة تغني ليك مين قدك قاعد بقي معاها وناسي تيته خالص.
تبسمت صفا بحب وقالت:
-هو مين ده اللي ينسي تيتة بس يا ست الكل ده بيقعد معاكِ إنتِ وماما سلوي أكتر ما بيقعد معايا انا وباباه.
جلست هناء جوارها علي الأرجوحة وتحدثت بهدوء:
-وإنتِ وباباه مش مقصرين معاه يا حبيبتي متشيليش نفسك فوق طاقتك يا حبيبتي.
أومأت بتفهم وقالت:
-بس أنا حاسة إني ظلماه يا ماما.
ألتفت لها الأخري وتساءلت بحيرة:
-مش فاهمة يا بنتي ظالماه إزاي بس ؟ ده إنتِ مفيش أحن منك عليه يا حبيبتي.
قبلت جبهته بحنان وقالت:
-يعني مكنش المفروض يحصل حمل دلوقتي كده قصرت معاه اتفطم بدري غير لما البيبيهات يجوا هيحتاجوا رعاية وكده اهتمامي به هو هيقل وهيبعد عن حضني أنا حاسة إني مأثرة في حقه أوي.
ربتت والدته بحنان على ظهرها:
-بلاش تحملي نفسك فوق طاقتك يا حبيبتي أولاً الحمل ده كان هيحصل حتى لو حاولتي تخدي مانع حمل ليه بقى لأن دي إرادة ربنا يا حبيبتي فهماني؟
أومأت بإيجاب:
-فهماكِ.
أسترسلت الآخري بإيضاح:
-أما بقي إنك مأثرة معاه حالياً أو عشان أتفطم بدري عادي جدًا في أطفال مش بترضع طبيعي من الأساس غير إنه بقي متعود أصلاً علي الببرونة يا حبيبتي و يستسهل الرضاعة فيها إهدي كدي وروقي يا حبيبة ماما كده وبعدين إنتِ واخدة أجازة تريحي ولا واخدة أجازة تنكدي علي نفسك؟! قومي يلا افطري حاجة خفيفة و اشربي كوباية لبن خلي وشك ينور كده.
أكملت ممازحة:
-لا فوقي كده وبلاش تبقي ست نكدية أحسن كده جوزك يطفش ولا يفكر يتجوزك عليكِ.
تبسم بخفة وقالت :
-لا اطمني يا حبيبتي ياسين بيحبني واستحالة يبص لواحدة غيري أنا قاعدة على قلبه ومربعه.
تبسمت الأخري:
-ههههههههه ماشي يا ست المغرورة.
حركت رأسها نافية وعقبت قائلة:
-أنا مش مغرورة دي ثقة في نفسي وفي ياسين يا أمي.
تبسمت والدتها بحنان وقالت:
-ربنا يبارك فيكِ يا بنتى ويبارك فى جوزك واولادك يارب العالمين.
أمنت على دعائها :
-اللهم أمين يارب العالمين هقوم أتمشي شوية خلي مودي معاكِ مش هقدر أشيله.
أومأت بتفهم:
-ماشي يا حبيبتي بس بلاش تتمشي كتير عشان متتعبيش…
❈-❈-❈
توقف بالسيارة أمام باب الفيلا الداخلي ووضع المفتاح في الباب وفتحه وولج إلى الداخل، وما أن خطت قدميها وجد صغيره يحبي أرضًا تجاهه ووالدته تتبعه بتثاقل نتيجة حملها وهو يناغي ببراءة:
-داد داد.
اتسعت ابتسامته وأنحني يلتقطه بين أحضانه بحب:
-قلب وعقل وروح داد يا مودي إنتَ وحشتني يا بطل.
حمله بخفة واستقام بجسده واقترب من زوجته مرددًا بحنان:
-عاملة إيه يا حبيبتي كويسة الوقتِ؟
ردت بوهن:
-أه الحمد لله يا حبيبي أطمئن أحسن كتير النهاردة.
تنهد براحة وقال:
-طيب الحمد لله.
رمقها بعتاب وتدارك قائلاً:
-صدقتي بقي أن الشغل هو إلي تعبك؟
قلبت عينيها بملل وقالت:
-تاني موضوع الشغل؟
تنهد بضيق وتدراك قائلاً:
-أنا خايف عليكِ من الشغل وبعدين أنا مقولتش ليكِ سيبي الشغل كل إلي انا بقوله وعايزه إنك ترتاحي لغاية ما تقومي بالسلامة وتاخدي كمان سنتين تلاتة رعاية أطفال وبعدين ترجعي شغلك عادي .
تهكمت قائلة:
-وبعد الولادة أجازة سنتين تلاتة وبعدها أرجع بقي يا حلاوة ده أنا كده هكون نسيت الطب من الأساس عارفه إنك خايف عليا وعلى أولادك وكل إلي بتقوله ده نابع من حبك لينا بس صعب أسيب شغلي لكن أوعدك لو حسيت أني مش قادرة أكمل فعلاً هاخد أجازة لغاية ما أولد وبعد الولادة لو حسيت أني مقصرة في حقك وحق أولادي هاخد أجازة حلو كده ؟
تنهد بقلة حيلة وقال:
-أقول إيه ماشي يا حبيبتي.
قطع حديثهم اقتراب سلوى منهم وتسألها القلق:
-حمد الله علي السلامة يا حبيبي رجعت إمتي وبعدين مالكم يا أولاد واقفين كده ليه في حاجة ؟
اقترب من والدته مقبلاً رأسها بحب:
-الله يسلمك يا حبيبتي لسه راجع وحبيب بابي ومامي كانوا يستقبلوني.
تبسمت بحنان وقالت:
-ربنا يبارك ليك فيهم ويبارك في إلي جايين بإذن الله ها مش ناوين بقي تعرفوا النوع إيه عشان علي الأقل نعرف هنتكلم بصيغة المؤنث ولا المذكر.
أومأ بتفهم وتسأل:
-عندك حق نعرف بقي بس كده نجيب الهدوم بتاعت البيبيهات عادي صح؟
ردت بإيجاب:
-أه خلاص يا حبيبي هانت وتولد يا دوب نعرف ونجيب الهدوم.
تبسم باتساع وقال:
-حلو اوي يبقي نروح آخر الأسبوع.
قطبت صفا جبينها بحيرة وتسألت:
-طيب ليه آخر الأسبوع ما نروح بكره في معادي وخلاص وأنا قولت لنور إننا ممكن نشوف جنس المولود بكره.
رد بإيضاح:
-متفرقش بس علشان أكون فضيت نفسي أخذ اليوم أجازة لان بعد ميعاد الدكتورة هطلع أنا وإنتِ على المول نجيب حاجة البيبهات سوا ولا أقولك خير البر عاجله بكره بإذن الله.
أومأت بتفهم:
-تمام يا حبيبي زي ما تحب.
تحدثت سلوي بحنان:
-طيب يلا بقى كفاية رغى ويلا عشان نتغدى قبل الأكل ما يبرد.
أومأ بإيجاب و دلفوا سوياً وجلسوا على الطاولة يتناولوا الغداء وياسين يحمل طفله ويطعمه بيده بحنان:
-ألف هنا يا روح بابي.
ألتفت إلي صفا وتسأل باهتمام:
-هو مش هيأكل حاجة غير شوربة لسان عصفور ؟
أجابت بتوضيح:
-لسه يا حبيبي إحنا بنبدأ الأكل معاه واحدة واحدة إلي يتقبله وميتعبش منه يتضاف لقايمة الأكل بتاعه.
حرك رأسه بإيجاب:
-تمام.
مدت يدها كي تأخذه:
-هاته عنك يا حبيبي عشان تعرف تأكل.
حرك رأسه نافيًا:
-لأ لأ خليه معايا هأكله أنا.
تحدثت سلوي باهتمام:
-أمير عامل إيه يا حبيبي كويس؟
حول بصره تجاه والدته وأجاب:
-أه بخير يا حبيبتي.
مطت شفتيها بعدم رضا:
-زعلانة منه أوي فين وفين لما بشوفه.
تبسم بخفة وعقب قائلاً:
-معلش يا أمي الشغل صعب الفترة دي .
أكدت هناء علي حديثه:
ربنا يعينه إنتِ شايفة ياسين بيرجع متأخر أهو وهو كمان زيه مش بيلحق يتحرك.
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-كان فيها إيه لو وافق يقعدوا معانا كده.
هتفت صفا بتبرير:
-هو حابب يبقي ليه حياته الخاصة غير إن ياسين ونور علاقتهم حدث ولا حرج مش بيعملوا حاجة غير بيتخانقوا سوا تواجدهم في مكان واحد بمثابة البنزين جنب النار.
تهكم قائلاً:
-بجد يبقي أكيد صاحبتك هي إلي نار عشان كل لما تشوفني تهب فيا الله يكون في عون أمير بجد مستحملها إزاي مش فاهم.
أجابت ببساطة:
-بيحبها طبيعي إلي بيحب حد يتقبله بعيوبه ومميزاته.
رد بنفاذ صبر:
-آه منك آه مصرة تدافعي عنها وخلاص.
تبسمت بخفة وقالت:
-مش صاحبة عمري…
….
في شقة أمير كان يجلس برفقة نور يتناولوا الغداء الخاص بهم.
تذوق إصبع من طاجن ورق العنب ولوكه في فمه وتحدث بتلذذ:
-تسلم إيدك يا حبيبتي الورق العنب تحفة.
تبسمت بحنان وقالت:
-ألف هنا علي قلبك يا حبيبي صحيح نسيت أقولك صفا هتروح بكره هي وياسين للدكتورة وفي الأغلب هيعرفوا جنس التوأم هكلمها أتأكد منها.
أومأ بتفهم:
-تمام واحنا هنروح امتى ؟
أجابت ببساطة:
-هنروح معاهم أكيد يعني.
زوى ما بين حاجبيه وتسأل:
-هما رايحين سوا من حقهم ليه بقي نروح معاهم ونزعجهم .
استنكرت حديثه وهتفت باستياء:
-نزعجهم إيه ؟ وبعدين صفا إلي قالت ليا.
صحح حديثها وهتف بحزم:
-قالت ليكِ أنها هتروح هي وزوجها يبقي ليه نروح معاهم في لحظة خاصة زي دي؟
تحدثت بهدوء:
-هو إحنا هندخل معاهم عند الدكتورة ؟ أكيد طبعًا لأ هما هيروحوا سوا ويدخلوا وبعدها أروح أنا وإنتَ وندخل عادي.
تنهد بقلة حيلة وقال:
-أنا مش مقتنع بكلامك أصلاً غير إنك إنتِ وياسين اللهم بارك آول ما بتشوفوا بعض كأن العفاريت لبستكم.
إمتعض وجهها بضيق وردت:
-هو إلي مستفز وبارد أنا مش عارفة صفا مستحملاه إزاي يا قلبي نافخ نفسه وعامل فيها ديك البرابر وهو يا حسرة ريش على مفيش.
حرك رأسه بيأس وتحدث بنبرة حادة:
-يا بنتي إنتِ مالك وماله وهي متحمله عشان بتحبه يا اخرة صبري زوجها أبو عيالها.
قلبت عينيها بملل وقالت:
-لو كان جوز جزمة كان أفيد منها.
رمقها بتحذير:
-نور زي ما ياسين مش بيغلط فيكِ عشان عارف أنه لو غلط هقف ليه نفس الوضع بالنسبة ليكِ مش هقبل تغلطي فيه وأسكت وكفاية اني مبقتش اروح عند خالتي كتير عشان ميحصلش صدام بينك وبينه وإنتِ ما شاء الله بتحاولي تخترعي الصدف عشان نتقابل معاه هو شخصيًا
ردت بتبرير:
-أنا بتقابل مع صاحبتي مش معاه هو.
رد متهكمًا:
- صاحبتك معاكِ كل يوم في الشغل.
هتفت بلهفة:
-لأ مجتش النهاردة شوفت بقى انك ظالمني ؟!
رفع حاجبه متجهمًا وتسأل:
-يا سلام جت في يوم؟
ردت بدهاء:
-وبكره أجازتي يعني حتى لو روحنا وقبلناهم مش هنفضل معاهم كتير عشان نروح عند بابا وماما.
مسح جبهته عدة مرات وقال:
-بصي مهما تقولي وتعيدي مش مقتنع بكلامك بس هعديها.
تنهدت بارتياح وقالت:
-شاطر يا حبيبي ممكن بقي تأكل الأكل الحلو ده قبل ما يبرد؟!
أومأ بإيجاب:
-تمام تسلم ايدك.
ردت بحب:
-تسلم من كل شر ألف هنا علي قلبك يا حبيبي.
تساءلت باهتمام:
-هتيجي معايا بكره عند بابا وماما ؟
حرك رأسه بإيجاب:
-اه بإذن الله يا حبيبتي.
❈-❈-❈
أغمضت عيناها بحالميه:
-متحمسة أوي بكره أخيرًا هنعرف نوع البيبيهات قولي بقي هنسميهم ايه؟
هتف مفكرًا:
-بصي هو أكيد لو ولد هسميه ياسين واتمنى متعترضيش علي ده.
زفرت بضيق وقالت:
-ملقتش غير إسم ياسين؟! إنتَ بتهزر ولا بتتكلم جد؟
رد بتأكيد:
-بتكلم جد فعلاً لو جالي ولد هسميه ياسين والبنت سميها إنتِ ولو ولدين يبقي يوسف وياسين.
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-ماشي ياسين ياسين عشان خاطرك بس وتعرف إني بحبك بس لو بنات وعد وعهد.
ابتسم بإعجاب:
-حلوين أوي ولو ولد وبنت يبقي ياسين وعهد إيه رأيك ؟
أجابت بمكر:
-طيب ما نخليها يوسف وعهد ؟
حرك رأسه بيأس وقال:
-أه منك يا اخرة صبري بتلفي وتدوري علي إيه مش قولنا خلاص ياسين ؟!
ردت باختصار:
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم خلاص ياسين.
تبسم بنصر:
-أيوة كده يا حبيبتي شاطرة عشان أحبك.
❈-❈-❈
بعد أن انتهى الغداء خرج ياسين وصفا في الحديقة جلست هي على الأرجوحة وتوقف هو خلفها يحرك الأرجوحة ببطء شديد.
تهكمت قائلة:
-يا حبيبي بلاش تتعب نفسك المرجيحة مش بتتحرك أصلاً للدرجة دي أنا بقيت تقيلة ومش قادر تحركني؟!
قهقه بخفة وقال:
-هههههههههههه أكيد لأ طبعًا أنا بس خايف أحركها جامد تقعي أو تتعبي الحق عليا خايف عليكِ يعني؟!
تبسمت بحب وقالت:
-عارفة يا حبيبي وكنت بهزر معاك ممكن تيجي تقعد جنبي أفضل وبلاش تتعب نفسك.
أومأ بإيجاب:
-حاضر يا حبيبتي.
جلس جوارها وتسأل:
-مالك حاسك مش كويسة؟ في حاجة مضيقاكِ؟
حركت رأسها سريعًا نافية:
-لأ يا حبيبي الحمد لله بخير كل الحكاية إني زهقانة شوية.
صمت قليلًا مفكرًا وأردف متسائلاً:
-امممم طيب إيه رأيك نخرج نتمشى شوية ونغير جو وكمان ناخد مودي معانا.
اتسعت ابتسامتها و هتفت بحماس:
-موافقة طبعًا هي دي محتاجة سؤال يا حبيبي هقوم البس بسرعة ونتحرك.
أومأ بتفهم:
-ماشي يا حبيبتي براحتك.
❈-❈-❈
بعد مرور نصف ساعة كانوا يستقلون السيارة ياسين أمام عجلة القيادة وطفله في أحضانه وصفا جواره.
تحدثت صفا بلهفة:
-يا حبيبي عشان خاطري هاته وخليه في حضني لو سمحت وأطمئن مش هيضغط علي بطني.
حرك رأسه نافيًا:
-لأ يا حبيبتي ريحي نفسك البطل ده هيسوق العربية مع بابي صح يا مودي ؟
قهقه الصغير ببراءة:
-داد داد.
وضع قبلة حانية على جبهته:
-قلب وعقل وروح داد يا صغنن إنتَ سيبك بقي مني أنا ومودي قوليلي حابة تروحي فين؟
مطت شفتيها بحيرة وقالت:
-مش عارفة مفيش مكان في دماغي إنتَ حابب نروح فين؟
أجاب بتفكير:
-إيه رأيك نروح نقعد على الكورنيش شوية؟
صفقت بحماس وقالت:
-موافقة طبعًا يا حبيبي ودي محتاجة سؤال.
تبسم بخفة وقال:
-حلو اوي يبقي هي بينا علي كورنيش النيل ودي بقي هتبقي اول مرة للأستاذ مودي يروح الكورنيش ويتفرج على الحبيبة كمان من دلوقتي.
تبسمت بخفة وقالت :
-ههههههههه كده بيتعلم للمستقبل لما يكبر شوية يروح هو وحبيبته.
أومأ ضاحكًا:
-ماشي يا حبيبتي أهو يتعلم.
بدأ قيادة السيارة ببطء نوعاً ما مما جعل صفا تتنهد براحة:
-أيوة كده يا حبيبي الله يباركلك واحدة واحدة عشان مودي معاك أنا مش فاهمة هو حاطط إيده كده ليه معاك؟! هو كده بيستكشف بس بيستكشف أيه كيف يقود سيارة ؟! ابننا حالة استثنائية اللهم بارك.
تحدث الآخر بزهو:
-طبيعي طبعًا يبقي حالة استثنائية مش إبن ياسين المحمدي ؟!
حركت رأسها بيأس:
-أيوة بقي أيوة النرجسية في أبهي صورها.
رفع حاجبه متجهمًا وتسأل بحذر:
-نرجسي؟ يعني إيه نرجسي دي حاجة وحشة ولا حلوة بس عشان أفهم؟
أجابت بحذر:
-وسط يعني مش حلوة ومش وحشة يعني فيما معناها إنك مغرور شوية بس كده .
تبسم بزهو وقال:
-لحظة واحدة لو أنا نرجسي عشان مغرور فده مش لقب وحش بالنسبة ليا لأن أنا مش مغرور غرور والسلام لأ طبعًا أنا مغرور عشان يحقلي الغرور يا حياتى ده أنا ياسين المحمدي على سن ورمح وده مش بس اجتهاد مني أو أني أتولدت ولقيت كل حاجة جاهزة وكملت عليها لأ طبعًا ده توفيق من ربنا ليا آولاً وآخرًا يا حبيبتي.
حركت رأسها بيأس:
-فاهمة طبعًا إن ده في الأول والآخر توفيق من ربنا بس أنا بحلل ليك شخصيتك وده اسمه نرجسية.
تنهد بنفاذ صبر:
-با ستي أنا نرجسي وفرحان بنفسي إني نرجسي كده ريحي نفسك بقى يا دكتورة أنا إيه بس يارب إلي خلاني أحب دكتورة نفسية عايشة حياتها كلها وسط المجانين طبيعي هطلع عقدها وجننها عليا أنا والواد الغلبان ده مش كنت أحب دكتورة تجميل كده ولا حاجة تقفيل بره كده.
رفعت حاجبها مستنكرة:
-نعم نعم قصدك إيه يا حبيبي ؟ أنا مش عجباك ولا إيه؟ لأ لأ فوق كده يا سينو يا حبيبي وأتمسا وقول يا مسا ناسي يا حبيبي إنك لفيت ورايا سبع لفات عشان اتجوزك ولا إيه ؟
تبسم بخفة وقال:
-إهدي يا وحش بهزر معاكِ مبتهزرش يا رمضان ولا إيه ؟
أجابت بعند:
-لأ يا حبيبي بهزر ولو عايز أتقبل هزارك الحلو الجميل اللطيف ده إنتَ كمان تتقبل هزاري أنا كمان لما أخد مودى حبيب قلب ماما ونقعد فى أوضة تانية عشان تحس بقيمتنا يا حبيبي.
شهق بصدمة:
-نعم تسيبي الأوضة عشان أحس بقيمتكم يا حبيبتي أنا بهزر وربنا بهزر اعقلي كده يا حبيبتي ربنا يهديكِ.
أجابت ببرود:
-أنا مش مجنونة يا حبيبي عشان أعقل لكل فعل رد فعل.
ضرب كف بكف:
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يا حبيبتي بهزر وربنا بهزر اعقلي كده يا صفا وبلاش هبل.
شهقت باصطناع:
-نعم وكمان بتقول إني هبلة؟! الله يسامحك بجد إخص عليك أخدتني لحم ورمتني عضم.
نظر لها بعدم تصديق وسرعان ما انفجر ضاحكًا:
-ههههههههه أخذتك لحم ورميتك عضم أه يا أنا يا أما إنتِ فين يا سلوي تشوفي الوكسة السودة إلي إبنك فيها مرات إبنك هتشلني خير يا حبيبتي أكمل سواقة عادي عشان نروح مشوارنا ولا هنطلع علي محكمة الأسرة علي طول ؟!
قهقهت بخفة:
-هههههه لأ لأ الموضوع مش مستدعي محكمة أسرة خلينا نروح كورنيش النيل أحسن عشان نأكل درة مشوي.
رمقها شذرًا وهتف باستياء:
-يا سلام يا آخرة صبري ليكِ عين تأكلي كمان بعد ما نشفتي دمي بكلامك؟
تبسمت بدلال وتداركت قائلة:
-مش إنتَ إلي بدأت يا حبيبي يبقي تستحمل كلامي لكل فعل رد فعل.
حرك رأسه بيأس:
-أه ياني منك يا بنت هناء أه لو مكنتش بحبك بس كان هيبقى رد فعلي حاجة تانية معاكِ.
تبسمت بدلال وقالت:
-بس إنتَ بتحبني يعني قلبك مش هيطاوعك تعمل حاجة فيا صح ؟
رد بحب:
-صح يا صفا القلب.
❈-❈-❈
أنهي مراجعة إحدي الملفات الخاصة بعمله وخرج من غرفة المكتب واتجه إلي غرفة النوم وجد زوجته تجلس فوق الفراش وتحمل حاسوبها فوق قدميها وتضع السماعات بأذنها وتطلع إلي شئ ما بإمعان شديد وهي تتناول حبات الفشار وعلي شفتيها ابتسامة حالمة حتى إنها لم تنتبه له ولم تشعر بدخوله الغرفة من الأساس ظن أنها تشاهد فيلم رومانسي بالتأكيد، إقترب منها وجلس جوارها ليري ما تشاهد وليته لم يفعل فلم تكن تشاهد فلم رومانسي إطلاقًا بل كانت عملية جراحية للمخ اشمئز وجهه والتفت لها ومد يده يبعد السماعات عن أذنها.
انتبهت له وتساءلت بحيرة:
-أمير إنتَ جيت أمتي يا حبيبي خلصت شغلك إمتي ؟ أنا محستش بيك خالص لما دخلت الأوضة.
تجاهل سؤالها وعاجلها بسؤال آخر:
-سيبك من جيت إمتي هو سؤال واحد بس يا مؤمنة ليك قلب تأكلي وإنتِ بتتفرجي علي العك ده؟ ده أنا أمير خوفت واشمئزت من المنظر لأ إنتِ بالنسبة ليكِ عادي لأ وكمان بتاكلي؟
تبسمت بخفة وقالت:
-شكلك ناسي حاجة مهمة أوي يا حبيبي إني دكتورة والمناظر دي متعودين عليها دائماً يعني مفيش مجال للخوف أما الإشمئزاز ده فأنا تأقلمت يا حبيبي خلاص معاه.
زفر بضيق وقال:
-فاهم بس الوضع صعب فعلاً .
أومأت بتفهم:
-تمام يا حبيبي هقفله هبقى اكمل بعدين أنا فتحته لانك كنت مشغول في شغلك قُولت أسلي نفسي شوية.
رد بهدوء:
-تمام يا حبيبتي براحتك طبعًا أنا بس استغربت الوضع شوفي بقي لينا فيلم حلو كده الله يباركلك ينسيني المرار إلي شوفته ده وحابب أقولك شابوه ليكِ بجد يا حبيبتي أنا عارف إن مهنة الطب صعبة لكن بعد إلي شوفته ده مش صعبة وبس دي ترعب.
تبسمت بهدوء وقالت:
-صح فعلاً ترعب من اتجاهين اتجاه من الشكل إلي شوفته ده وترعب من اتجاه إن بيبقي هدفك الأساسي لما تدخل اي عملية إنك لازم تبذل قصاري جهدك عشان تنقذ المريض إلي تحت إيدك سيبك بقى حابب تسمع فيلم إيه؟
مط شفتيه بحيرة وقال:
-مش عارف الصراحة شوفي حاجة على ذوقك بس الله يباركلك يبقى فيلم خفيف ظريف ينسيني اللي أنا شوفته ده.
تبسمت بحب وقالت:
-عيوني يا حبيبي حاضر هقوم اعملك أحلي طبق فشار كمان.
صاح بلهفة:
-لأ لأ الله يباركلك يا حبيبتي أنا بعد إلي شوفته جالي خلاص عقدة من الفشار خلاص.
تبسمت بخفة وعقبت بإيضاح:
-ههههههههه على فكرة عايزة اوضح ليك حاجة مش أنا بس إلي بأكل كده أي دكتور متعود على الوضع ده وبيأكل كده عادي زي أحسن تقول عليا مفجوع كالعادة.
قهقه بخفة واستطرد بإبانة:
-فهمت يا حبيبتي طبعًا بس ده ميمنعش ولا ينفي إنك مفجوعة فعلاً في الواقع….
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة زينب سعيد القاضي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية