رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 83 - الخميس 3/4/2025
قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية تائهة في قلب أعمى
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب سعيد القاضي
الفصل الثالث والثمانون
تم النشر الخميس
3/4/2025
"لا تعلم ما تخبئه الأقدار لك فقد تنقلب حياتك رأسًا علي عقب في غمضة عين"
بعد ما يقارب الساعتين خرجت نورسيل من الغرفة وبرفقتها صفا التي تقوم بتوديعها، كان يجلس يوسف بانتظارها نهض فور خروجهم واقترب من زوجته:
-أخبارك يا حبيبتي ؟ خلصتي خلاص ؟
أومأت بإيجاب:
-أيوة يا حبيبي خلاص وسعيدة جدًا إني أتعرفت علي دكتورة صفا.
ردت الآخري مبتسمة:
-يا حبيبتي أنا الأسعد والله علي معادنا الأسبوع الجاي ؟
حركت رأسها بإيجاب:
-أكيد طبعًا بإذن الله.
تحدث يوسف ممتنًا:
-شكرًا لحضرتك يا دكتورة تعبناكِ معانا.
ردت بلباقة:
-ولا تعب ولا حاجة اتشرفت بيكم.
باغتها بمجاملة:
-تسلمي يا رب العالمين سلامي لياسين باشا.
أومأت بإيجاب:
-الله يسلمك يوصل حاضر بإذن الله.
غادر يوسف ونورسيل بينما عادت هي إلي مكتبها مرة آخري جلست على مقعدها واتكأت بذراعيها فوق المكتب بشرود:
-أه منك يا ياسين قلبي وجعني مش عارفة ليه يا تري إنتَ ناوي على إيه يا ياسين يا بن سلوي مغلطش لما قُولت حبي ليك اكبر لعنة في حياتي أتكويت بها ومازالت بتكوي مش هقول غير ربنا يهديك يا حبيبي ويبعد عنك شيطانك..
❈-❈-❈
كان يجلس جوارها في المقعد الخلفي وهو يستمع إلى ثرثرتها الفرحة وعلى وجهه ابتسامة راحة من فرحتها وحماسها الظاهر للعيان.
لاحظت صمته فتساءلت بحيرة:
-ساكت ليه يا حبيبي من اول ما ركبنا العربية وإنتِ مقولتش ولا كلمة؟
تبسم بحب وقال:
-بسمعك يا قلبي.
ردت بدلال:
-بس انا اتكلمت كتير قول إنتَ حاجة.
مازحها قائلًا:
-حاجة.
زجرته بعينيها وصاحت بغيظ:
-يوسف أنا بتكلم جد.
ضحك رغمًا عنه:
-يا شيخة معرفش اهزر معاكِ أبدًا؟!
ردت ببرودٍ:
-أيوة عشان هزار رخم .
ضيق عينيه متسائلًا:
-والله ؟! أه منك إنتِ مفكيش غير لسان يا روحي ما شاء الله ما شوفت حد في طولة لسانك بس ما علينا خلينا في المهم وطمنيني مرتاحة فعلاً مع الدكتورة؟
حركت رأسها بإيجاب:
-جدًا الصراحة هو مش هكدب عليك في الاول كنت مقلقة منها ومن الكلام معاها بعد ما شُوفت صاحبتها التانية دي كلامها بس الصراحة لذيذه أوي تحس أصلًا إنك عايز تتكلم معاها وخلاص تخيل هي كمان حامل في توأم؟
تسأل بحيرة:
-لأ دي ولدت معاها بيبي باين ؟
أومأت بالإيجاب:
-أيوة صح معاها بيبي وحامل في توأم.
هتف بهدوء:
-بسم الله ما شاء الله المهم إنتِ مرتاحة معاها؟ حابة تكملي معاها؟
ردت بإيجاب:
-أيوة لإن حسيت إنها بتتعامل معايا كأني صديقة مش علي إنها دكتورة وأنا مريضة وأنا ارتحت ليها اوي الصراحة ده غير هي كمان بتكلمني عن حياتها.
تنهد بارتياح وقال:
-طيب الحمد لله أهم حاجة عندي إنك مرتاحة وبس.
سألت بفضول:
-هو إنتَ تعرف جوزها ؟
أومأ بإيجاب:
-أيوة رجل أعمال معروف مش أصدقاء بس نعرف بعض عادى يعنى بتسألي ليه؟
أجابت ببساطة:
-أصل إنتَ قُولت ليها سلامي لياسين بيه حبيت أفهم بس وبعدين ده هما كمان حمايتهم حكاية زينا بس أنا مش هحكِ ليك أكيد عشان دي أسرار بيني وبين صاحبتي حتى أخدنا أرقام بعض والواتس والفيسبوك عشان نتواصل سوا وندردش كمان.
قهقه بسعادة وقال:
-ههههههههه ماشي يا حبيبتي مش عايز أعرف حاجة المهم إنتِ تكوني مبسوطة وبس ده المهم عندي ها بقي الجميل حابب يروح فين؟
تساءلت بتلهُف:
-هنقضي اليوم سوا ؟
أومأ بإيجاب:
-أيوة بإذن الله.
صقفت بحماس وقالت:
-حلو أوي يبقي نروح الوقتِ نفطر وبعدها نروح ندخل سينما وآخر النهار نتغدا سواء وبالليل نتمشى على الكورنيش إيه رأيك ؟!
رد مبتسمًا:
-موافق طبعًا طالما حبيبتي عايزة كده عيوني ليكِ..
❈-❈-❈
عودة إلى فيلا ياسين المحمدي تتحرك سلوى ذهابًا وإيابًا وهي تحمل الصغير الذي لا يكُف عن البكاء، وهي تحاول تهدأته بشتي الطرق:
-بس يا حبيبي بقي مالك يا عيون تيته مالك بس.
جاءت هناء من المطبخ بخطوات متلهفة وهي تمد يدها بالببرونة الخاصة به:
-عملت ليه ببرونة يانسون يمكن عنده مغص ولا حاجة.
تنهدت الأخري بضيق:
-مش عارفة يا هناء ده مش بيفصل أنا بفكر أكلم صفا تيجي تاخده للدكتور.
هتفت هناء بلهفة:
-لأ لأ حرام عليكِ دي حامل بلاش نخضها وتيجي على ملا وشها أنا بفكر اخده أنا وإنتِ نوديه وخلاص.
تحدثت سلوي مقترحة:
-طيب أنا عندي إقتراح أكلم ياسين يجي ياخد واحدة مننا به للدكتورة بدل ما نركب تاكسي والولد يتبهدل.
أيدتها الأخري:
-فكرة حلوة دي أهو كده أفضل ونطمئن إن الولد بخير صفا أصلًا لسه قافلة معايا وسمعت صوته وهو بيعيط وقلقانة عليه يا حبيبتي.
ردت سلوى باختصار:
-خير خير إن شاء الله يكون مجرد مغص ويروح لحاله خدي أديه اليانسون وأنا هطلع أكلم ياسين سمي عليه.
أخذته منها بحنان وهي تقبل وجنته:
-بس يا حبيب تيته إهدي يا حبيبي.
❈-❈-❈
إقتحمت نور المكتب كعادتها وهي تصيح بلهفة:
-إيه يا صفا المزة دي قمر أوي.
رفعت رأسها وهتفت باستياء:
-يا بنتي قُلت ليكِ مليون مرة خبط علي الباب قبل ما تدخلي.
ردت ببرودٍ:
-وأخبط ليه هو أنا داخله مكتب حد غريب ده إنتِ صاحبتي الأنتيم المهم بقي قوليلي مين القمر الي كانت عندك دي؟ و إسمها إيه؟
أجابت بنفاذ صبر:
-إسمها نورسيل يا اخرة صبري خلاص كده إرتاحتي ؟!
سألت بفضول أكبر:
-إسمها حلو وغريب أوي تطلع مين بقي؟
ردت بضيق:
-واحدة يا ستي إيه مشكلتك.
تهكمت الآخري بغيظ:
-ما أنا عارفة أنها واحدة كنت قوُلت ليكِ إنها أتنين؟
قلبت صفا عينيها بنفاذ صبر:
-نور انا علي اخري بجد أرحميني الله يباركلك.
هدأتها قائلة:
-إهدي إهدي مالك يا صفا في إيه قلبتي كده ليه؟
ردت بعبوث:
-لسه قافلة مع ماما مودي عمال يعيط لسه خايفة يكون تعبان.
تفهمت الوضع وقالت:
-طيب اهدي يا حبيبتي ممكن يبقى دور مغص ولا حاجة.
تنهدت بحزن وقالت:
-أنا كُنت هرجع اخذه وأروح بيه للدكتور بس ماما قالت لأ خليكِ لو فضل تعبان هما يتصرفوا .
أومأت بتفهم:
-طيب اهدي بقي وان شاء الله مفيش حاجة يا حبيبتي.
تطلعت لها بأمل:
-يارب يا نور يارب قلبي وجعني عليه أوي.
❈-❈-❈
كان يجلس في مكتبه يصُب كامل تركيزه على الأوراق التي أمامه قاطعه رنين هاتفه النقال، ترك ما بيده عند رؤية هوية المُتصل:
-ألو أيوة يا ماما خير يا حبيبتي ؟ إيه ده صوت مودي هو لسه بيعيط؟
سلوى:
-أيوة يا حبيبي كنت بكلمك تيجي تاخدني نوديه للدكتور نطمئن عليه.
أجاب بلهفة:
-حاضر يا حبيبتي مسافة الطريق وأكون عندك بإذن الله سلام عليكم.
أغلق الهاتف ونهض سريعًا ولملم أغراضه وتحرك متوجهًا إلي الفيلا كي يطمئن علي صغيره الحبيب.
❈-❈-❈
أثناء مغادرته قابله أمير الذي تفاجئ من وضعه فأوقفه وتسأل بتلهُف:
-في إيه يا ياسين بتجري كده ليه؟
أجاب بتوتر:
-محمد تعبان ومش مبطل عياط هروح أوديه للدكتور.
أتسعت مقلتي أمير وهتف:
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم طيب أنا جاي معاك.
حرك رأسه نافيًا وعقب بإيضاح:
-لأ لأ خليك إنتَ هنا شوف الشغل وأنا هتحرك أروح أوديه للتليفون وهبقي أطمنك.
ربت الآخر علي ظهره بحنان وقال:
-ماشي يا حبيبي لو احتاجت حاجة كلمني وهجيلك.
رد ياسين ممتن:
-ربنا يبارك فيك يا صاحبي سلام.
تحرك ياسين بينما ظل هو واقفًا ينظر في آثره بشرود:
-ربنا يصلح الحال يا صاحبي…
❈-❈-❈
وصل سريعًا إلى الفيلا أوقف السيارة واتجه إلي الداخل وهو يستمع إلي صرخات طفله الصغير وجد والدته تتحرك به ذهابًا وإيابًا.
تسأل بتلهُف:
-هو من ساعة ما أنا مشيت وهو بيعيط ؟
حركت رأسها بالإيجاب وقالت:
-أيوة يا حبيبي.
بسط وأخذه منها بحنان:
-هاتيه في حضني يا ماما.
أعطتهُ الطفل بحذر ويا للعجب هدأ الطفل وأستكان في أحضان والده.
مما جعل الآخري تتعجب وتتساءل بحيرة:
-ده سكت خلاص؟
تنهد بإرتياح وعقب قائلاً:
-أيوة بس خلينا ناخده للدكتور نطمئن عليه أفضل.
ردت بتعقل:
-لأ يا حبيبي خليك جنبه يا حبيبي ولو عيط تاني نروح بيه عند الدكتور هو مفيش حرارة ولو عنده مغص او حاجة تعباه مكنش هيبطل عياط يا حبيبي.
أومأ بإيجاب:
-تمام يا أمي.
❈-❈-❈
مساءً وصل أمير أمام المشفى وأوقف سيارته وقام بمهاتفة نور كي تهبط برفقة صفا وبالفعل هبطوا سويًا وجدوا أمير يجلس في سيارته في انتظارهم.
ألتفت صفا حولها وتساءلت بحيرة:
-هو ياسين فين يا أمير وليه مش معاك؟
أجاب بتوضيح:
-هو روح البيت لمودي وكلمني عشان أروحك.
انقبض قلبها وتساءلت بلهفة:
-إبني مالهُ حصلهُ إيه؟
تحدث بهدوء:
-مفيش حاجة والله هو كويس ومعاه في البيت وهنروح ليهم دلوقتي وتطمني عليه كمان يا ستي أركبِ يلا.
صعدت نور في الأمام جوار زوجها، بينما استقلت هي بالمقعد الخلفي.
قاد أمير السيارة وفي أقل من ساعة كانوا قد وصلوا إلي الفيلا أول من هبط من السيارة كانت صفا التي ركضت سريعًا إلى الداخل تتبعها نور وأمير، ما أن أبصرت طفلها الغافي بحنان في أحضان والده حتي تنهدت براحة وقالت:
-الحمد لله قلبي كان هيقف من القلق على الولد.
تحدث ياسين بهدوء:
-اهدي يا حبيبتي اطمني هو بخير وزي الفل كمان الحمد لله.
اقتربت منه وبسطت يدها كي تأخذه لكن رفض ياسين بحزم:
-معلش يا حبيبتي خليه معايا لغاية معلش.
دلف أمير ونور وتبادلوا التحية مع الجميع نهضت سلوى بحماس وقالت:
-حلو أوي طالما كلنا متجمعين هقوم احضر الغداء ونتغدا سوا.
أيدتها هناء بتأكيد:
-عندك حق يلا بينا.
تحرك الإثنين وقاموا بتحضير السفرة وجلس الجميع يتناولوا الطعام في جو يسودهُ الألفة والمحبة.
وياسين يأخذ طفله في أحضانه، نظرت له بحنان وقالت:
-هاته يا حبيبي عنك عشان تعرف تأكل.
حرك رأسه نافيًا وأجاب بهدوء:
-لأ لأ يا حبيبتي خليه معايا.
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-ماشي يا حبيبي علي راحتك.
❈-❈-❈
بعد مرور ساعة كان يجلس في مكتبه وبرفقته أمير والصغير لا يزال في أحضانه.
تسأل أمير باهتمام:
-ياسين إنتَ كويس؟!
رد بهدوء:
-كويس أهو الحمد لله مالي فيا إيه مش فاهم؟!
استطرد أمير بنبرة ذات معني:
-حاسس إنك مخبي حاجة عني أو بتخطط حاجة من ورايا يا صاحبي.
تهرب من النظر في عينيه ونظر إلى الجهة الآخري وأجاب بهدوء مصطنع:
-هخبي إيه عنك ما كل حاجة في الشغل زي ما إنتَ عارف لازم تعدي من تحت إيدك.
زفر بإستياء وقال:
-ياسين لو سمحت بلاش تلف وتدور عليا إنتَ فاهم قصدي كويس أوي الموضوع بتاع غدير وأحمد في جديد فيه إنتَ مخبيه عني؟
حرك رأسه نافيًا وأجاب بثبات:
-لأ مفيش حاجة لو كان فيه كنت قُلت ليك أكيد.
رمقها بعدم تصديق:
-ماشي يا صاحبي هعمل نفسي مصدقك رغم إن واثق ومتأكد إنك بتكدب عليا.
رد ياسين بدفاع زائف:
-وهخبي عنك إيه يعني؟! وهخبي إيه من الأساس.
رفع كتفيه باللامبالاة وقال:
-يمكن خايف مني مثلًا.
جعد جبينه بعدم فهم وتسأل:
-هخاف منك ليه؟
رد ببرود:
-عشان هوقفك عن الجنان إلي بتفكر فيه ربنا بس هو إلي بيجيب الحقوق وبس في الآخرة وفي الدنيا القانون إلي يجيب حقك لكن التار والكلام الخايب ده مبيأكلش عيش.
صاح بانفعال:
-حق أبويا كلام فارغ ؟! ما هو لو كان أبوك فعلاً مكنتش هتقول كده.
رمقه معاتبًا وأردف بصدق:
-ربنا يعلم هو بالنسبة ليا إيه كنت بعتبره أبويا زي ما كان بيعتبرني إبنه وعايز حقه يجي أكيد لكن يجي صح وبالعقل يا صاحبي إحنا مش ربنا علي الأرض وزي ما بتفكر تجيب حقك فكر في مراتك وعيالك وأمك وحماتك دول كلهم مسؤولين منك إنتٕ وبس يعني قبل ما تفكر في نفسك تفكر فيهم بعد إذنك يا صاحبي.
نهض من مكانه وغادر الغرفة بل المكتب بأكمله وأثناء خروجه وجد صفا ونور يجلسوا في الأسفل.
أقترب منهم وتسألت صفا باهتمام:
-مودي كويس ؟
أومأ بإيجاب:
-أيوة الحمد لله نام.
تنهد بإرتياح وقال:
-طيب الحمدلله.
تحدث أمير بتردد :
-صفا ممكن أطلب منك طلب وتنفذيه من غير ما تسألي ؟!
قطبت جبينها بحيرة وتسألت:
-طيب ليه مش فاهمة ؟!
أجاب بنفاذ صبر:
-أقول ولا لأ ؟!
ردت بنفاذ صبر:
-خلاص ماشي أتفضل قول.
تحدث بحذر:
-ممكن لو ياسين خرج في أي وقت تبلغيني باستثناء الشغل طبعًا.
قطبت جبينها بعدم فهم وتسألت باهتمام:
-هو في إيه بالظبط ؟ فهمني ياسين مخبي حاجة عني؟
تهرب من النظر في عينيها وقال:
-مش قُلت من غير ما تسألي ؟!
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-ماشي يا أمير لما نشوف آخرتها.
تنهد بإرتياح وقال:
-ربنا يصلح الحال يارب العالمين يلا يا نور عشان نمشي.
نهضت بتثاقل وقالت:
-اه يلا يا حبيبي هموت وأنام تصبحي على خير يا صفا.
ردت مبتسمة:
-وإنتِ من أهل الخير يا حبيبتي.
نهضت صفا مودعة إياهم وأوصلتهم إلي باب الشقة وعادت إلى الداخل وهي تحدث حالها بشرود:
-يا تري بتفكر في إيه ولا مخبي إيه عني يا ياسين.
❈-❈-❈
تحركت بخفة تجاه المكتب فتحت الباب وولجت وجدته يداعب طفلهم بحنان، ما أن رأها تبسم:
-وأهي ماما كمان جت أهيه شايفة يا صفا مودي بيضحك لبابي إزاي ؟!
ردت باقتضاب:
-أه شايفة هو في إيه بالظبط أمير ماله خارج وشه مقلوب ليه؟!
رد بثبات:
-مفيش حاجة يا حبيبتي شوية مشاكل في الشغل مش أكتر.
رمقته بعدم تصديق:
-بجد ؟! شوية مشاكل في الشغل ؟! إنتَ بتضحك علي نفسك ولا بتضحك عليا ؟!
قلب عينيه بنفاذ صبر وقال:
-وهضحك عليكِ ليه ؟! كنتِ أسأليه طالما مش مصدقاني.
أجابت بعتاب:
- أسأله ليه ؟! المفروض أسأل جوزي وهو إلي يجاوب عليا.
أجاب ببساطة:
-وأنا جاوبت عليكِ يا حبيبتي ومعنديش إجابة تانية خلاص.
زفرت بضيق وغادرت الغرفة صافعة الباب خلفها بعنف.
ضم هو طفله إلي أحضانه بحنان وقال:
-غصب عني يا حبيبي بس ده تاري مش هقدر أفرط فيه بكره لما تكبر هتفهم كلامي كويس وتعرف إن أبوك كان صح.
❈-❈-❈
كانت تصعد الدرج بخفة وقابلتها سلوي التي أوقفتها باهتمام:
-مالك يا حبيبتي في إيه؟
ردت بضيق:
-مفيش حاجة يا ماما.
رمقته بعدم تصديق وقالت:
-هو إيه إلي مفيش حاجة وشك مقلوب كده ليه حاجة حصلت؟ اتخانقتي مع ياسين ولا حاجة ؟
زفرت بضيق وقالت:
-أنا تعبت بجد منه مش فاهمة دماغه ولا فاهمة بيفكر في إيه.
ربت علي ظهرها بحنان وقالت:
-معلش يا حبيبتي استهدي بالله شوية وهيروق وكل حاجة هتبقى بخير بإذن الله.
تطلعت لها بأمل:
-يارب يا أمي ربنا يسمع منك أنا هطلع اوضتي أريح شوية محتاجة حاجة ؟
ردت بنفي:
-لأ يا حبيبتي سلامتك تصبحي علي خير.
ردت مبتسمة:
-وإنتِ من أهل الخير يا حبيبتي.
أكملت صعود الدرج بينما تنهدت الآخري بقلة حيلة:
-اه منك يا أبني ربنا يهديك لمراتك وابنك وتعقل بقي…
❈-❈-❈
تحركت بخطوات متثاقلة تجاه مكتب نجلها طرقت الباب بخفة ودلفت:
-فاضي يا حبيبي أدخل ؟
انتفض علي الفور وأشار لها بالدخول مرحبًا بها بحفاوة:
-تنوري يا ست الكل لو مش فاضي أفضالك يا حبيبتي.
تبسمت بحنان وولجت داخل الغرفة وجلست علي المقعد وهتفت معاتبة:
-مزعل مراتك ليه؟
مسح علي جبهته عدة مرات وتحدث بصبر:
-زعلتها في إيه؟ أنا مزعلتهاش في حاجة يا أمي أنا مش فاهم هي دماغها في إيه.
تهكمت والدته ساخرة:
-لأ وإنتَ الصادق يا حبيب ماما إحنا إلي مش فاهمين بتفكر في إيه ولا دماغك هتوديك لفين.
إبتسامة جانبية ارتسمت في زاوية فمه وأستطرد مازحًا:
-في العادي يا أمي الأم بتاخد صف إبنها لكن عندك إنتِ الوضع غير واخدة صف مرات إبنك.
أجابت بمغزي:
-أنا واخدة صف الحق يا قلب ماما أعقل يا أبني وأنسي إلي فات التفكير في الماضي مش هيقدم حاجة لكن هنفضل نتعذب فيه يلا هسيبك وأطلع أنام تصبح علي خير.
ردد بشرود:
-وإنتِ من أهل الخير.
❈-❈-❈
وأخيرًا استطاع أن يغفي صغيرهُ بحنان فقام بوضعه في مهده واتجه إلي زوجتهُ الجالسة فوق الفراش بصمت تام، استلقي جوارها وتسأل بحذر:
-مالك يا صفا ساكتة ليه؟
أجابت ببساطة:
-هقول إيه؟
لم يروقهُ ردها لكن لم يسعفُه الوقت قاطعهُ رنين هاتفهُ، كان يتجاهل الرد ولكن ما أن أبصر هوية المتصل رد بلهفة:
-ألو أيوة امتي ده ؟ تمام خليك عندك أنا جاي سلام.
أغلق الهاتف سريعًا ونهض متوجهًا إلي غرفة تغير الملابس كي يبدل ملابسهُ ولكن أوقفتهُ زوجتهُ التي نهضت تتبعهُ مستفسرة:
-ممكن افهم في ايه ؟ مين إتصل وأنتَ رايح فين الساعة ١١ بالليل!
أجاب باختصار:
-مشوار مهم يا حبيبتي لازم أمشي.
صاحت بانفعال:
-مشوار إيه المهم ده بقي أنا عايزة أفهم؟
رد بهدوء:
-قُلت مشوار مهم لما أرجع هفهمك .
أكمل خطاها وأغلق الباب خلفهُ وسط صدمتها وذهولها:
-الصبر من عندك يارب.
بدل ملابسه سريعًا إلي آخري عملية وبعدها اتجه إلي الخزنة الصغيرة الموجودة في غرفة الملابس ضغط على عدة أزرار وانتظر حتى فُتحت ومد يده وأخذ منه ضالتهُ والتي لم تكن سوي المسدس الخاص به قام بتعميره وخبأه جيدًا في ملابسهُ وغادر الغرفة متجهًا إلي الخارج وجد زوجتهُ مازالت تقف أمام الباب حاول أن يبتسم وتحدث بنبرة هادئة:
-محتاجة حاجة يا حبيبتي قبل ما أنزل؟
تساءلت بضيق:
-رايح فين؟
أجاب بنفاذ صبر:
-قُلت ليكِ رايح مشوار.
ردت بعند:
-أنتَ مش هتمشي من هنا قبل ما أعرف أنتَ رايح فين ؟
صاح بانفعال:
-قُلت ليكِ مش وقتهُ لما أرجع نتكلم بعد إذنك.
صياحهُ أيقظ الصغير الغافي وجعلهُ يبدأ في نوبة بكاءه الحارة من جديد، اتجهت إليه سريعًا واستغل هو الفرصة وتحرك هو إلى خارج الغرفة بل من الفيلا بأكملها وأستقل سيارته وغادر وكأن شياطين الجن والإنس قد تلبستهُ الأن من أجل أن يثأر إلي والده الحبيب.
❈-❈-❈
ظلام دامس يحيط المكان فقط ضوء القمر هو من يضئ المكان، لا يوجد أي صوت مسموع فقط شخص يقف وسط الظلام مستندًا على عكازه.
ضوء سيارة تقترب منهُ جعلهُ يبتسم بوداعة ذئب ضاري، توقفت السيارة وهبطت منها غدير واقتربت منه وتحدثت ببرود:
-مساء الخير.
رد ببرود مماثل:
-مساء الورد فين الفلوس ؟ مش معاكِ ليه؟
تهكمت قائلة:
-هو أنتَ طالب ألف جنيه هشيلهم لجنابك في شنطتي ؟!
صاح بانفعال:
-يعني مجبتيش الفلوس ؟
ردت بهدوء:
-في شنطة العربية روح خدها.
❈-❈-❈
علي الطرف الآخر كانت تراقب قوات الشرطة اللقاء عن بعد لكن وصول سيارة ياسين التي ظهرت من العدم كانت بمثابة صدمة لهم.
بالعودة عند غدير وأحمد، نظر له بترقُب وقال:
-روحي افتحي شنطة العربية ووريني الفلوس.
أومأت بالإيجاب:
-حاضر.
أعطتهُ ظهرها وتظاهرت أنها متجهة إلي السيارة ولكن تحركت بضع خطوت وتوقفت فجأة وهي تقوم بفتح حقيبتها وتقوم بإخراج المسدس منها وألتفت سريعًا توجهه في وجه أحمد تزامنًا مع إخراج الآخر مسدسهُ وتوجيههُ في وجهها.
تحدث بغل:
-كنت عارف انك هتغدري بيا بس لأ يا هانم ده أنا هقتل وأتوايكي هنا.
تهكمت قائلة:
-أغدر بيك؟! أنتَ إلي غدرت بيا لما أخليت باتفاقنا الأولاني وعمال تبتزني كل شوية بس خلاص هخلص منك وهتموت للأبد.
أستعد الإثنين إلي إطلاق الرصاص ولكن أوقفهم ضوء السيارة التي إقتربت منهم جعلت الإثنين ينتفضوا برعُب، أوقف ياسين السيارة وهبط منها وتحدث بنبرة ساخرة:
-مساء الخير ولا بما إننا الساعة ١٢ الصبح بقينا صباح الخير ؟ إيه هتفضلوا تبصوا لبعض كده كتير ولا ايه؟ حلوة المفاجأة صح؟ كنتُ فاكرين إني مش هعرف أجيب إلي قتل أبويا.
هتفت غدير بلهفة :
-ياسين أنتَ فاهم غلط مش أنا اللي قتلت أبوك أنا مليش دعوة هو إلي خطط ونفذ كل حاجة.
تهكم ياسين ساخرًا:
-بجد هو إلي خطط ونفذ كل حاجة وأنتِ الملاك صح؟
نظر إلي أحمد وتسأل بخزي:
-طيب هي ليها مبرر تفكر تقتل أبويا أنتِ كنت إيده اليمين ليه تعمل كده؟
رد بمرارة:
-لإن بسببه أنا بقيت عاجز وماشي علي عكاز.
تسأل بحيرة:
-إزاي؟
أجاب بحزن:
-أبوك كان عايز يعطلك عن كتب الكتاب ومتجيش وقالي أتصرف أنا قطعت ليك الفرامل بتاع العربية بحيث إنها مجرد حادثة صغيرة تمنعك هو لما عرف ضربني بالرصاص في ركبتي وأدي النتيجة بقيت عاجز مع الأسف وأنا والله كنت أقصد حادثة بس مقصدتش إنه يموت.
رمقهُ ياسين بذهول وسرعان ما صاح بانفعال:
-يعني حاولت تقتلني وكمان قتلت أبويا ؟! ده هو سبب الخير إلي أنتَ فيه بس خلاص أنا بقي هاخد حقي وتار أبويا منك أنتَ والزبالة دي.
أخرج مسدسهُ سريعًا وبدأ يحركهُ في الاتجاهين:
-هقتلكم أنتم الأتنين وهاخد تارك أبويا.
هتفت غدير بغل وهي توجه المسدس تجاهه:
-انا بقي اللي هاخد روحك وهبعتك لأبوك تسلم عليها.
ضغطت علي الزناد وهي تصوب تجاه قلب ياسين وها قد خرجت طلقة من المسدس وأرتكزت في مكانها الصحيح…….
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة زينب سعيد القاضي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية