-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 31 - السبت 12/4/2025

 قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري



الفصل الواحد والثلاثون

تم النشر يوم السبت

12/4/2025

البعض يدخل حياتنا ليكسر فينا شيئا جميلا ويرحل.

نزار قباني.


تبعته لداخل فيلتهما وهي صامتة منذ أن خرجت من منزل رفيقتها السابقة وهو لم يحاول فتح أي حديث معها طوال طريق العودة متفهما حالتها التي تمر بها، ولكنه بعد أم مكث أمامها ﻷكثر من ساعة كاملة جالسة بشرود وفقط يرى عبراتها النازلة على وجنتها قرر أن يتدخل اخيرا فجلس بجوارها ووضع راحته يحيط كتفيها فلم تمانع أو ترفض وانحنت برأسها تستند على صدره وتركت العنان لشهقات بكائها بالخروج، وبالرغم من اتخاذ قرارها بالثأر منه هو ضمن تلك القائمة التي اعتبرتهم من اعدائها هي وعائلتها إلا أنها لا تنفك تغيير قرارها بسبب رقته وحنيته معها المتناهية.


ظلت هكذا وهو يمسح براحته على طول ذراعها وأبعدها عن حضنه ورفع وجهها بسبابته يبتسم لها وهمس بحب:

-أنتي خلتيني ملكت العالم انهاردة باللي عملتيه قدام ابوكي.


عقبت وغصة بكائها لا تزال بحلقها:

-متقولش ابوكي.


أومأ وبسمته لا تزال على وجهه وتابع:

-كدبة الحمل دي هتظهر كده كده، فلازم نلاقي حل بسرعة.


ابتعد عنه بعد أن استعادت رباطة جأشها ووقفت أمامه تدير له ظهرها فوقف خلفها يحاول احتضانها، ولكنها ابعدته فتجهم وجهه وسألها:

-ايه الحكاية؟


التفت بسرعة تواجهه وهي تصيح بحدة:

-أوعى تفتكر أني اتضحك عليا بكلامك، أنا مش صغيره لأنكم كلكم كبرتوني قبل أواني وبقيت فاهمه كل اللعب اللي بيدور حواليا.


قاطعها يصحح لها:

-ﻷ، ﻷ يا ملك متخليهوش يقنعك بالكلام الفارغ ده، أنا بحبك وأنتي...


قاطعته صارخة:

-أنت مبتحبش حد غير نفسك، اتجوزتني عشان تأمن نفسك وبس زي ما عزام بيه قال ومع ذلك أنا اختارت اني افضل معاك عشان بس معملش اللي هو عايزه، بالعربي كده أي حاجه ضده هكون أنا معاها.


صمته جعلها تكمل حديثها ببكاء:

-أنا معاك بس عشان تساعدني انتقم منه، والمقابل هو أمانك زي ما أنت عايز.


حاول التعقيب ولكنها منعته بتعابير وجهها ووقفت رافعة سبابتها تصر على أسنانها وتتحدث بقوة لم يصدق أنها تمتلكها بالأساس:

-اختار يا رشوان، يا تساعدني ونبقو احنا الاتنين ضد عزام بيه يا تطلقني وابقى معاه ضدك لاني هاخد حقي وحق أخويا منكم بأي شكل، فيا يشيل هو كل التمن يا تشيله أنت.


جلس راميا جسده وسحب نفسا عميقا وطرده بقوة ولكنها ظلت كما هي واقفة أمامه تنتظر رده:

-ماشي يا ملك، هعملك اللي أنتي عيزاه بس اديني فرصة ائكدلك اني بحبك بجد ومش واخدك أمان والهري ده.


لم تستمع له وأضافت بقوة:

-أنت اختارتني زي ما اختارت ماهيتاب وطنط ناهد وقبلهم طنط صفية، اختارتني عشان أنا بنت عزام دويدار وبس.


نفى ووقف يقترب منها يمسكها من كتفيها:

-ﻷ يا ملك، يمكن في الأول حاولت أئمن نفسي بجوازي من امك لما هو اللي طلب مني ده.


لمعت عينيها وهي تستمع لتلك الحقائق التي جعلتها تحتقرهم أكثر وأكثر:

-قالي اتجوز أم يوسف عشان تربي العيال بس هي رفضت، رفضت يطلقها واتجوزها واختارت تفضل على ذمته خوف منه وأنا فضلت جنبكم وكل يوم بشوفك بتكبري قدامي....


قاطعته عن استكمال اطنابه تسأله:

-استنى استنى، هي ماما عارفه إن ده بابا؟ عارفه إنه عايش وإنه مش عمنا؟!


أومأ يبتلع ريقه:

-عزام مخوفها ومهددها عشان كده سكتت و...


قاطعته مجددا تصرخ بقهر:

-أنا فين؟ أنتو مين؟ أنا عايشه طول عمري وسط ناس كدابه.


على صوت بكائها وهي تضيف:

-كلكم اجتمعتم عشان تضيعو مستقبلي أنا واخويا، كلكم حتى أمي.


ارتمت أرضا بعد أن أنهارت فانحني يحتضنها بقوة مفسرا:

-والله العظيم حاولت كتير امنعه من اللي عايز يعمله، حتى لما يوسف رفض انه يشتغل معايا انا مضغطتش عليه ويمكن ده كان سبب أنه يقرر ينزل بنفسه وساعتها اضطريت اعمل اللي عملته عشان لو كان نزل قبل ما اتجوزك كان هيعمل كل حاجه هو عايزها من غير ما يفكر فيكم.


مسحت عبراتها وارتفعت تجلس على الأريكة تسأله:

-مش فاهمه ازاي كل ده يحصل ، ليه أب يعمل كده في ولاده؟


رد وهو يركز أنظاره عليها:

-هو ده عزام دويدار، واحد قتل أخوه التوأم عشان يقدر يلعب بالبيضة والحجر وينتحل شخصيته فتفكري هيهتم لحد!


تجمدت تعابيرها تسأله:

-وأنت؟


رد مرققا صوته:

-أنا مكنتش حاطط في حساباتي اني احبك، كل يوم بتكبري قدامي حبي ليكي بيزيد وانا طول الوقت بقنع نفسي انك زيك زي ورد وحبي ليكي نفسه حبي لبنتي ونفس حبي ليوسف اللي بعتبره ابني، لحد اليوم اللي سمعتكم انتي وورد بتتكلمو عن حسن وعن حبك له ووقتها حسيت بنار جوايا مش عارف ليه.


أمسك راحتها يقبلها وتابع:

-فضلت اقنع نفسي إنها غيرة أب على بنته، بس أنا مكنتش بغير على بناتي كده وعمري ما حسيت بالغيرة دي وأنا عارف اللي بين يوسف وورد، لحد ما جاتلي الأوامر إن يوسف لازم يستعد لدخول الشغل في اقرب وقت وإلا هو هيتصرف وساعتها قررت أجبر يوسف غصب عني، وجه موضوعه مع ورد حجه بس ولا كان في بالي ابدا أنك تكوني ليا بالطريقة دي، كنت عايزك تحبيني الأول بس ملحقتش.


علقت عليه ساخرة:

-آه فأنت اجبرتني على جوازي منك خوف عليا من عزام بيه، وليه ما خوفتش على بناتك اللي جوزتهم غصب عنهم وبعدتهم عن الشباب اللي كانو بيحبوهم، كله في ايد الناس اللي مشغلينك وكله بأوامرهم يا رشوان.


تركته وابتعدت تقف أمام الشرفة المطلة على الحديقة تنظر للمساحات الخضراء أمامها تفكر بحالها وتنهدت قليلا لتتخذ قرارها فالتفتت له تخبره:

-أنا عايزه آخد حقي من عزام بيه وهاخد حق يوسف من حمزة، بيك أو من غيرك هعمل ده فأنت هتختار ايه؟


هز رأسه مؤكداً:

-معاكي، هعملك كل اللي أنتي عيزاه بس اتأكدي اني بعمل ده عشانك ﻷن مش سهل حد يتحدى عزام ويقف قصاده، بس عشان ائكدلك اني بحبك فأنا معاكي في كل اللي أنتي عايزه تعمليه يا ملك.


هزت رأسها وجلست تتنهد فجلس بجوارها وهمس بتردد:

-موضوع الحمل هنعمل فيه ايه؟ لازم تعرفيني ايه اللي في دماغك عشان أساعدك، عزام مش سهل ويقدر بسهوله يعرف إذا الموضوع حقيقة ولا ﻷ.


رمقته بنظرة لم يفهمها وظل ينتظر جوابها فرمشت بأهدابها:

-مش عارفه لسه، أنا ملقتش حل تاني غير ده عشان يبعد عنك بس أكيد هنلاقي حل.


ابتلع ريقه وهتف:

-الحل الوحيد إنك تحملي بجد يا ملك، أدخل عليكي وبعدها ممكن نعمل حقن مجهري عشان نسرع بالحمل، صدقيني مفيش حل تاني.


قوست فمها من حديثه ورمقته بنظرة حادة وهي تخبره:

-ﻷ، أنت مش هتلمسني يا رشوان.


تفاجئ من حديثها وهي تضيف:

-دُخلتك عليا هتكون بعد ما آخد حقي من عزام بيه مش قبل كده فبلاش تحلم بحاجه تانية.


على صدره وهو يتنفس بحدة وهي لا تهتم ولو بمقدار ذرة لانفعلاته:

-وموضوع الحمل هنلاقيله حل.

❈-❈-❈

وقف ناظراً له بجمود والآخر يتنفس بحدة يدخن سيجاره الضخم وشاردا أمامه؛ فلم يحاول الأول أن يكسر شروده ولكنه نظر لعروسه وهمس:

-اعمليلنا 2 قهوة يا ورد.


هزت رأسها بصمت وتوجهت للمطبخ فاقترب حمزة منه ووضع راحته على كتفه يناديه:

-بابا.


التفت له بعد أن أطال بصمته وشروده واستمع له يسأله:

-هتعمل ايه؟


زفر زفرة طويلة ورد:

-هدفعه تمن اللي حصل انهارده أضعاف مضاعفة.


حاول إثناؤه عما يدور برأسه:

-يا بابا بلاش الحرب دي وطالما الشغل ماشي تمام يبقى بلاش العداوة دي تكبر اكتر من كده، ﻷن مهما عملت مش هتقدر تغير رأي ملك فيك خلاص.


رفع وجهه يرمقه بنظرة حادة وسأله:

-هو أنت مش كنت واخد نفس الفكرة عني وبتكرهني زيها بالظبط؟


أومأ مترددا فتابع الأول:

-بس لما قربت مني فهمت وعرفت أنا ليه بعمل كده.


صر على أسنانه وصاح بغل:

-أنا كنت عامل حساب اليوم ده عشان كده كان لازم ملك ويوسف يعرفو بوجودي بالشكل وبالطريقة اللي اختارها أنا عشان مياخدوش مني الموقف ده، بس رشوان حب يكسب ملك في صفة ونجح وهو ده اللي مش هسامح فيه.


اقتربت ورد حاملة القهوة ووضعتها أمامهما وهي تنظر لهما بضيق فسلط عزام نظرته لها بقوة وتكلم أمامها وكأنها شبح لا وجود له:

-وابقى خد بالك من عروستك بدل ما تبقى جاسوسه عليك وتبلغ أبوها بكلامنا، لو ده حصل منها متبقاش تيجي  تدافع عنها لو حطيتها في البلاك ليست.


ابتلعت ريقها خوفا فهي قد استمعت لحديثهم ورأت الرعب الظاهر على والدها منه، ذلك الرجل الذي لم يخاف من أحد وقف أمامه مرتعدا يحتمي بصديقتها، تلك الصغيرة احتمى بها والدها من هذا المخيف فما بالها هي التي لا حام لها ولا رادع له.


وقف حمزة يناول والده قدح القهوة وهو يقول:

-ورد ملهاش دخل بالحوارات دي يا بابا لو سمحت طلعها برة الحرب اللي بينك وبين رشوان.


تركتهما ودلفت غرفة نومها وبدأت بالبكاء وهي تتذكر آخر لحظات النقاش المحتدم بين والدها وحماها عندما علم الأخير بحمل ابنته:

-انتي بتقولي ايه؟


ردت ملك ورأسها مرفوع عاليا:

-بقول اني حامل.


انتبه رشوان لخطتها فاندمج معها على الفور ورسم فرحة كاذبة على محياه واقترب يحتضنها بقوة وسعادة:

-ألف مبروح يا روحي، بجد يا ملك؟ 


أومأت تبتسم:

-كنت هقولك بالليل لما نروحو سوا بس نصيبك تعرف كده.


هدرة حادة خرجت من فم عزام جعلت رشوان يرتعد فرأت ورد ذلك المشهد وهي تقف مختبئة تستمع لهم:

-الحمل ده هينزل وأنت هتطلقها واحذر شري يا رشوان.


وقف ملك أمامه تواجهه ورشوان يقف خلفها وكأنه يحتمي بها ورفضت أمر والدها الصريح:

-حمل ايه اللي هينزل؟ أنا مش هنزله ولا عايزه اتطلق من رشوان.


صر على أسنانه وهتف بحدة:

-يا بنتي ده بيلعب بيكي عشان يأمن نفسه، هو فهم إن صفوت مش أمان كافي له عشان كده فكر انه يلعب معايا اللعبة دي فبلاش تقفي معاه ضدي، أنا أبوكي.


رمقته بنظرة متقززه ورت عليه بحنق:

-أنا معرفكش ومتقولش ابوكي دي تاني.


مسكها من ذراعها بقوة فاحتد رشوان وهو يسحبها خلفه:

-افهمي يا غبية.

-سيبها.


هنا لم يستطع حمزة الصمت أكثر من ذلك فوقف بينهم:

-بابا، بالهداوة مش كده وهي واحده واحده هتفهم.


صرخ به:

-ولحد ما تفهم تكون بطنها مترين قدامها مش كده؟ 


التفت لها يحذرها بسبابته وبنبرة مخيفة:

-اسمعي، الحمل ده ينزل دلوقت أحسن ما يموت بعدين، وطلاقك من رشوان مفيش فيه جدال عشان زي ما بلغته الصبح يا تطلقي يا تبقي أرمله.


لحظة صمت وكأن الجميع دخل بحالة ذهول عندما انحنت ملك للطاولة الصغيرة الموضوعة أمامهم وأمسكت بسكين الفاكهة ووضعته على عنقها لدرجة أنها جرحت نفسها بالفعل؛ فانتبه لها الجميع وهرعت ورد تقف بجوارها:

-لو فكرت بس أنك تأذي رشوان ولا البيبي فساعتها هموت نفسي، فاهم يا بابا؟ هنتحر ومش بهدد.


حاول الاقتراب منها ولكنها غرزت نصل السكين أكثر حتى صاح بها رشوان:

-ملك، سيبي السكينه من ايدك بلاش جنان

رفضت وبكت بحرقة:

-ﻷ، لو أذاك هعيش لمين؟ انا مليش غيرك يا رشوان، أنت ابويا وجوزي وابو ابني او بنتي، لو أذاك هروح فين؟


ترجاها حمزة وتوسلها:

-ملك حبيبتي، أهدي وأنا هتكلم مع بابا بس سيبي السكينه دي.


رفضت بحركة رأسها وبكائها أغرق وجهها فصرخ عزام:

-يا غبية ده بيلعب بيكي.


ردت بقوة:

-حتى لو، أنا بحبه وعيزاه، سيبني أختار حاجه واحده في حياتي بقى، أنا كل حاجه في حياتي اتعملت غصب عني حتى جوازي منه، بس خلاص حبيته بجد ومصدقاه ومصدقه انه بيحبني.


ثم التفتت تنظر له وقد تغيرت ملامحها من البكاء للامتعاض وهي متأكده أنه وحده من يرى امتعاضها وتكلمت متسائلة:

-مش كده يا رشوان؟ مش أنت بتحبني؟


أومأ ونظراته معلقة بشريط الدماء النازل على عنقها:

-محبتش حد غيرك، سيبي السكينة يا ملك عشان خاطري وأنا هتفاهم مع ابوكي بس اهدي ارجوكي.


عادت ورد من شرودها على صوت حمزة وهو يرتمي بجوارها مجهدا ومتذمرا:

-آاااااخ، يوم صعب اوي.


وجد شرودها وصمتها وأثر بكائها فمرر راحته على وجهها يمسح عبراتها واعتدل بجلسته يتحدث بهدوء مغاير لحالته:

-ورد، متخافيش من بابا ومن الكلام اللي قاله، أنا تأثيري قوي عليه وبعرف أخليه...


قاطعته بسؤالها المفاجئ:

-أنت اتجوزتني ليه؟


لمعت عينيه ورد مبتسما:

-عشان حبيتك زي ما حبتيني.


ابتسمت ساخرة من نفسها:

-لا أنا لحقت أحبك ولا أنت حبتني، أنت دخلت بيني وبين يوسف في وقت ضعفي عشان تفرقنا، واتجوتني وأنت عارف اني خطيبة أخوك، ازاي قبلتها على نفسك؟


لم يعقب عليها بل تركها تخرج كل ما بداخلها:

-يوسف ميستاهلش اللي حصل فيه وأنا زي الغبية جيت عليه معاكم، وفي الآخر يطلع كل ده تخطيط منكم عشان ايه؟ عشان الشغل والتهريب!


تنهد تنهيدة عميقة فصرخت به:

-ضحكت عليا ليه؟ ايه الاستفادة انك تتجوزني؟ عشان تقدرو تضغطو على بابا بيا مش كده؟


وقف مبتسما ورد بنبرة مليئة بالسخرية:

-ده على أساس إن رشوان الدخاخني بيهتم ببناته وانكم نقطة ضعفه! رشوان ملوش نقطة ضعف يا ورد عشان كده محدش قادر عليه.


وقفت هي الأخرى ترفع رأسها لمستوى طوله تحقق معه:

-وابوك له نقطة ضعف؟ على الأقل بابا مسبناش وهرب زيه.


وضع راحته على كتفها فابعدتها بنفور:

-انتي متعرفيش حاجه عن عزام دويدار يا ورد، بكره تفهمي كل حاجه لما النقط تتحط ع الحروف.


صرت على أسنانها وسألته:

-وجوازنا! جوازنا باطل مش كده؟


تعجب ونفى برأسه ولكنها تابعت:

-انا متجوزة حمزة سالم الأسيوطي مش حمزة عزام دويدار، جوازي منك باطل.


انحنى هامسا لها والبسمة تعلو وجهه:

-جوازي منك صحيح 100%، تغيير الأسم ميمنعش الاشهار وان كل الناس عارفه انك مراتي فبلاش هبل واعقلي.


تركته وتوجهت لخزانة الملابس لتجمع متعلقاتها تضعهم بحقيبة كبيرة فوقف ينظر لها صامتا حتى انتهت وأغلقت سحاب الحقيبة وبدأت بالتحرك خارج الغرفة فسألها بصوت أجش تسمعه منه لأول مرة:

-على فين العزم؟


ردت توليه ظهرها وتكمل سيرها للباب:

-رايحه بيت اهلي، ولحد ما حوارات الشغل اللي بينكم تتفض تكون طلقتني.


ضحك ضحكات عالية ومتتالية جعلتها تتسمر مكانها وتنظر له بتفاجئ وحيرة من ردة فعله القادمة ولكنه فاجئها برده الهادي بعد نوبة الضحك الهستيري التي تملكته:

-عايزة ترجعي بيت ابوكي بعد اسبوع جواز! تفتكري اهل الحارة هتفتكر ايه؟


اقترب منها وربت على كتفها مرات متتالية:

-اهدي واعقلي وبلاش لعب عيال.


سألته بنبرتها المنهارة:

-أنت اتجوزتني ليه؟


رد بعد أن انحنى يركز بصرة بنظراتها:

-جاتلي أوامر بكده، ولحد دلوقتي مش عارف ايه السبب انهم يقررو إنك تسيبي يوسف وتتجوزيني بالرغم من اننا اخوات زي ما انتي عارفه، بس دي أوامر وزي ما أنا نفذتها غصب عني فانتي نفذتيها بس بمزاجك فملكيش حق دلوقتي تيجي وتهدديني عشان مش هسمحلك يا ورد.


نهجت باكية فأمرها بغلظة:

-يلا زي الشاطرة ادخلي رصي الهدوم دي مكانها وجهزيلنا سهره حلوة كده احنا لسه في شهر العسل.


حاولت الرفض ولكنها رأت احتقان حدقتيه الغاضبة بالرغم من نبرته الهادئة وقبل أن تعترض هدر بها بشكل أخافها:

-يلا.


❈-❈-❈

-الرجاله بقالها يومين في البحر بتدور عليه ومش لقيين أي اثر للمركب، أنا آسف بجد بس كده مفيش شك خلاص إن المركب غرقت، البقاء لله.


صرخت صرخة مدوية ايقظت صغيرتها وظل ذلك الشاب واقفا يبكي بصمت ورشوان يربت على كتفه:

-انت بقيت راجل البيت يا حسن، فوق كده عشان تقدر تخلي بالك من أمك واخواتك وأنا موجود جنبكم وأي حاجه تحتاجوها هتلاقيني بنفذها قبل حتى ما تطلبوها.


انتفض من نومته على صوتها ولمساتها فحاول ان يزيل عنه ذلك الحلم الذي ذكره بيوم وفاة والده وهو لا يعلم لما أصبح يتذكر تلك الاحداث بذلك التوقيت؟ هل بسبب اقتراب ذكرى ذلك اليوم أصبح يتذكر تلك الأحداث كثيرا:

-جيتي امتى؟


ردت وهي تقبله من وجنته:

-لسه داخله.


اعتدل على الفراش فابتسمت ووضعت رأسها بحضنه وبدأت تقص عليه ما دار بحفل السبوع وهو غير مكترث لما تخبره به حتى أخبرته:

-بابا فك رهنية الدهب وماما ادتهولي.


ابعدها عن حضنه وابتسم يقبلها:

-طيب الحمد لله، واضح إن شغل ابوكي مع حمزة مكسبه كتير.


اومات:

-جدا، ماما بتقولي أنه منغنغهم فلوس وشكل عماد هيشتغل معاهم بدل المرمطة في شغلانة القهوة دي اللي لا بتكسب ولا بتأكل عيش.


سألها متعجبا:

-هيقفل القهوة يعني ولا ايه؟


حركت كتفيها بغير علم:

-يمكن ويمكن يأجرها، الله أعلم.


تربعت بجدسها على الفراش ونظرت له مبتسمة:

ايه رأيك لو اكلم بابا يفاتح حمزة أنه يشغلك معاه بدل مرمطة الدكان وريحة السمك اللي مبتطلعش منك دي!


احتدت نظراته لها وضغط على أسنانه بقوة لدرجة انها استمعت لصوت اصطكاكها ورأت كم أغضبه حديثها عندما صاح بها:

-ريحة السمك اللي مضيقاكي دي هي اللي عملت البيت ده ولبستك الدهب اللي أبوكي رهنه عشان يجوز أختك وهي اللي خلتك تكملي تعليمك اللي بتتباهي بيه في الحارة كلها ولا نسيتي إن ابوكي كان عايز يقعدك من الثانوي وأنا اللي فضلت أحارب وادفعلك مصاريفك لحد ما خلصتي.


ترك الفراش ووقف أمامها يهدر بها:

-كل ما اصفى من ناحيتك بعد كل اللي حصل بينا ترجعي تفكريني اني كنت مجرد محفظة ليكي ولابوكي، وإن لو كان جاتلك فرصة أحسن مني مكنتيش هتمانعي.


رمقها بنظرة مغتاظة وأضاف:

-حسن الزفر ده هو اللي ستر عليكي ومكانش ضروري ابدا إني أعمل كده ﻷن لو كل الناس مفكرة اني ضحكت عليكي فأنا وأنتي عارفين الحقيقة كلها، أنك أنتي اللي جتيلي لحد هنا عشان تدبسيني خوف من اني اسيبك واروح لملك، وإن أنا اللي مكنتش في وعي وانتي اللي كنتي واعيه وعارفه بتعملي ايه بالظبط.


تركها بعد أن اجتاحها بكاء عنيف وغادر المنزل يمشي بالشارع بلا وجهة وهو يؤنب حاله على ما وصل له ولم ينتبه لتلك السيارة السوداء المغلقة التي تتبعه منذ مغادرته وفور أن دلف أحد الشوارع الفارغة من المارين، نزل بعض الرجال الملثمين ووضعوا غطاء اسود اللون على رأسه وسحبوه بقوة لداخل السيارة وهو يعافر ويصيح بهم حتى خدروه وغادرت السيارة لوجهة غير معلومة.


يتبع..

إلى حين نشر فصل جديد من رواية حارة الدخاخني للكاتبة أسماء المصري، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة