رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 6 - السبت 26/4/2025
قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نجمة أركان
الجزء الرابع من رواية فرعون
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل السادس
تم النشر يوم السبت
26/4/2025
راحت نجمه على كليتها وهي بكامل اناقتها، كانت ملفته لكل الأنظار بجمالها واللون الأزرق عليها، وصلت وابتدت تدور عليه بعيونها فكل مكان، هو اكتر حد ملتزم بمواعيده ومبيتأخرش، الكل كان بيسألها عن سر إبتسامتها ولمعة عيونها، كان باين عليها الإختلاف وأن فيه حاجة حلوة حصلت معاها، بس هي مرضيتش تتكلم، محبتش تقول حاجة وفضلت إن هو اللي يعلن، هتبقي منه هو اجمل والخبر هيبقاله وقع مختلف، وكأنه بيقول للكل دي الأميرة اللي اختارها السلطان.
ظهر من بعيد وهو جاي بشنطته واناقته ووسامته، إبتسمت ووقفت مستعدة وعيونها عليه وكل اللي حواليها عيونهم راحت مكان مابتبص، وصل قصادها وكانت الصدمة ليها إنه تخطاها ومشي!. عدي من جنبها وكأنها هوا مشافهاش، إختفت إبتسامتها وراحت فرحتها وكل الحماس اللي كانت حاسه بيه اتبخر.. وزي اي عاشق بيخلق الأعذار لحبيبه قالت يمكن مشافنيش، راحت عالمدرج بتاعها والكل كان ملاحظ إنها اتحولت من النقيض للنقيض فلحظة ومحدش عارف السر!
سكتت بعد ماكانت جاية تتكلم مع الكل وتفتح موضوعات وكأنها بتحاول تعدي الوقت، اخدوا أول محاضرة، والتانيه كان هو اللي هيدخلهم، وفعلاً دخل، كانت قاعده في الصف الأول، قدامه مباشرة، رمى السلام وحط شنطته واخد القلم وراح عاللوحه وابتدا يكتب عنوان المحاضرة، ورجع دخل في المحاضرة على طول، كان طول ماهو بيشرح واقف قدامها بس عيونه بتبص على المدرج كله إلا عليها!
لدرجة انها حست إنه بيتجاهلها عمدًا. كشرت ومحاولتش انها تلفت نظره ليها بأي شكل، دا حتي قوم زميلتها اللي جنبها على طول سألها في موضوع المحاضره وجاوبت عليه وفهمها النقطه اللي التبست عليها، وبرضوا ولا كأنه شايف نجمه.
خلص محاضرته وخرج، وبعد خروجه البنات كلهم سألوها عن اركان اللي مجاش معاها النهارده ولا وصلها لاول مرة من يوم دخولها الجامعه، وهي ردت بكل برود وقالتلهم:
- معرفش، متكلمناش من امبارح ومعرفش عنه حاجه، وسابتهم وخرجت وقررت انها مش هتحضر محاضرات تانيه وهتروح:
- لكن وهي ماشيه نده عليها زميل من الكليه وبلغها إن دكتور إيان عايزها فمكتبه، وقفت شويه وهي حاسه إنه أهانها النهاردة واهان انوثتها وهمش وجودها وبالتالي هي هتعامله بالمثل، فمراحتلهوش وخرجت من الكليه وروحت، دا حتي متصلش بيها يطمن عليها ولا يعرف هي روحت ازاي والنهارده مش رايحه بالفزبه بسبب الفستان الغبي اللي لبسته ولا أركان وصلها بعربيته، ولا حتي كان عنده فضول إنه يعرف هي ليه مراحتلوش المكتب لما طلبها مع انها مش عادتها!
وصلت البيت ولقت ليل امها قاعده مهمومه فراحت عليها وسألتها:
-ايه ياماما مالك قاعده كده ليه ايه مزعلك؟
ردت عليها ليل بضيقة:
- اركان مش عيرد علي من عشيه وجواهر كماني رنيت عليها كتير معتردش وبعتتلي رساله عالواتس قالتلي معلهش ياليل اني مقادراش اتحدت دلوك، قولتلها اجيكي مرضتش وقالتلي محدش فيكم ياجي الفتره داي اركان مش طبيعي ولحد مانعرفوا إيه اللي عيجرا معاه خليكم بعيد، وباركتلي علي خطوبتك، باركتلي وحسها كان فيه عتب كبير وألف ليه وليه، وخاطرها المكسور كان باين فكل حرف عتنطوقه.. كنت خايفه عليكي منه بس دلوك خايفه عليه من نفسه، اركان ديه ليه في قلبي كتير قوي ومش هاين عليا اللي عيجراله.
ردت عليها نجمه بعد مانفخت بملل:
- يوووه بقا مش هنخلص احنا من الموال دا أنا عارفه.
المفروض يعني إن خالتي جواهر وعمي قاسم ميخلطوش الأمور ويكونو عارفين إن دي حاجه مليش يد فيها، ولا حد له يد فيها، وبدال مايلوموا ويزعلوا يفرحولي ويدعوا لابنهم ربنا يعوضه بالاحسن مني ويطلعوه من حالة العبط اللي هو فيها دي، مش المفروض انهم بيحبوني ويحبولي الخير وطول عمرهم بيقولوا عليا بنتهم، فين بقا بنتهم دلوقتي؟
ردت عليها ليل بعصبية:
- عيحبوكي بس محبتهم لولدهم وحزنهم على كسرته اكبر، عيحبوكي بس ضناهم فوق منك كيف ماأبوكي حطك فوق ولدهم وشاف موصلحتك وسعادتك فوق كل شَي، كل حبيب فيه الاحب منه وضلعه اقرب من ضلعه يانجمه.
ردت عليها نجمه بهدوء:
- طيب تمام يعني انتي معترفه إن فيه انانيه في الحب والمشاعر اهو، وكله معترف بده عند اركان، انما عندي انا عايزيني اضحي بأيه مش فاهمه؟ عايزيني اتقبل واحد مبحبوش واعيش معاه من غير مشاعر! انا حقيقي مش قادره استوعب انتي زعلانه وبتلوميني على أيه؟ من إمتا والحب بالعافيه، من إمتا والتضحية بتوصل لحياه كاملة ومستقبل وإستقرار وسلام نفسي؟
يعني أيه ابقا عارفه إن سعادتي مع واحد واسيبه واروح اتجوز واحد تاني شفقة عشان أسعده، وأنا فين من ده طيب؟ ياستي حبيني زي ماخالتو جواهر بتحب اركان ابنها وفضليني عن الدنيا انا بنتك!
ردت عليها ليل بعصبية:
- وهو اني معحبكيشي يعني يانجمه؟ بقيت مش عحبك دلوكيتي! يعني لما أشفق على واحد غلبان ويصعب عليا حاله ابقا عفضله عليكي؟ انتي لو ماشيه بالمكنه بتاعتك ودوستي عيل صغيرولا حتي قطه ودشدشتيها هتزعلي عليها عشان اللي جرا فيها ولا تقولي هي اللي طلعت قدامي واني مش غلطانه هي الغلطانه؟
اني عتكلم عن الشفقة وانتي عتتكلمي عن الانانيه، اني اللي حازز فيا كسرة الواد وانتي حاسباها انى جايه معاه ومجاياش معاكي، اني عمري ماطالبتك بحاجه فوق طاقتك ولا حتى جيت عليكي، ويحز فنفسي انك تفكري فيا إني ممكن آخد منك وادي لغيرك، انتي عندي الاغلى وداي حاجه المفروض متشكيش فيها لحظه، بس المشكلة اني عشوف الأمور من زاوية وانتي عتشوفيها من زاويه تاني خالص.
سكتت ليل وقامت دخلت اوضتها وقفلت عليها وسابت نجمه واقفه مكانها محتاره ومدايقه، موقف اللي حواليها مخلي فرحتها مش كاملة، وتصرف إيان معاها النهارده مخليها مشتته مش قادره تفكر، ياترى هتتصرف معاه ازاي لما يجي بالليل، تقابل جفائه بجفا وتجاهله بتجاهل، ولا تحاول توصله إن تصرفه دايقها وكانت متوقعه منه حاجه ولقت حاجه تانيه، ولا تسكت وتحاول تفهمه في الاول وبعد كده تصدر احكامها عليه وتشوف طريقة المعاملة المناسبة معاه؟
طلعت اوضتها وغيرت هدومها وفتحت تليفونها وابتدت تقلب في الفيسبوك، شافت اركان منزل حاله،.. حاله عاديه! بيت شعر علي صورته هو وأصحابه وكأنه طبيعي وبيمر بفتره طبيعيه، متنكرش إن فضولها مخليها عايزه تشوفه وتطمن عليه، لكن في نفس الوقت هي مرتاحه لبعده عنها.
جاتلها رسالة على تليفونها من إيان، فتحتها بسرعة فلقته كاتبلها:
-ايه يانجمه مجيتيش ليه لما بعتلك، وروحتي ليه قبل ماتكملي محاضراتك، على فكره اللون الأزرق كان جميل قوي عليكي النهارده.
دا كل اللي قاله وقفل! رسالته نرفزتها اكتر مافرحتها، يعني كان شايفها ولاحظ اللون اللي لابساه، أمال ليه تجاهلها، وإيه رد فعله البارد ده على عدم مرواحها ليه المكتب، المفروض واحد غيره يقلبها خناقة وازاي ابعتلك ومتجيش وانتي مش بتحترميني وانتي مش بتقدريني وكل الحوارات اللي بتحصل بين زميلاتها وخطبانهم وبيحكوا عليها!
بس رجعت صبرت نفسها بإن إيان مش زي أي حد فيهم، ولا رد فعله هيشبه رد فعل حد منهم، دا حاجه وهما حاجة، بس دا ميمنعش إنه بارد.
مردتش علي رسالته وقررت انها هتتعامل معاه بنفس التقل بتاعه، وبما إنه بياخد باله من الالوان واللبس قامت تشوف هتلبس إيه النهاردة بالليل وهو جاي يتقدملها، فإختارت فستان احمر غامق في دانتيل أسود شيك ورقيق، وراحت غسلت وشها ورجعت تعمل ماسكات إستعدادًا للحدث الجميل اللي باقي عليه بس ساعات.
أما غريب فرجع من شغله ونده على ليل، جاوبته من اوضتها فراحلها، اتفاجئ بيها نايمه وتغطيه على غير عادتها، قرب منها بقلق وقعد جنبها وسألخا بخوف:
-ليل مالك ياحبيبتي نايمه كده ليه؟
فردت عليه وهي على نفس وضعها:
-ماليش ياغريب.
نبرتها واسلوب ردها إكدوله إن فيها حاجه، فلفها عليه بالراحة واتأكد لما شاف عيونها حُمر وشكلها باكيه، فسألها بصدمة:
-ليل انتي بتبكي؟ فيه ايه مين زعلك قوليلي بسرعة.
ردت عليه وهي بتتعدل وتقعد :
-مفيش حد زعلني، اني بس جنه وطاهر وسند وحشوني واتفكرتهم النهارده وعايزه اروح البلد ازورهم، بقالي كتير مزورتهمش وحاساهم زعلانين مني.
كان عارف إن مش دا السبب الحقيقي لكنه قالها:
- ياحبيبي بكره اسيب كل اللي ورايا واخدك ونروحلهم، ليه تبكي وتخليهم يزعلوا عليكي ومنك بجد، وتخضيني أنا كمان عليكي، قومي اغسلي وشك وتعالي نتكلم مع بعض شويه، فيه مشروع جديد بفكر اعمله هو فكرة قاسم المجنون وعايز آخر رأيك فيه.
سألته ليل بلهفة:
-قاسم، هو جالك النهارده، قالك حاجه عن اركان، طمنك عالواد؟
هنا فهم غريب سر زعلها الحقيقي فأبتسم ورد عليها:
لأ مقاليش ولا شفته النهارده، الكلام دا من امبارح، بس يعني عايزك تطمني، اركان راجل علي رأي ابوه والرجاله بتستحمل، مشاعر الراجل مش زي مشاعر البنت بتكسره، الراجل من الخذلان بياخد عزيمة، ومن الوجع بياخد قوة، فمتخافيش عليه، اركان دلوقتي هيفاجئك ويفاجئ الكل بتحول محدش يتوقعه.
ردت عليه ليل بوجع:
- كيف التحول اللي اتحولته لما هملتك وهجيت منك، هيعمل كيف ماعملت ويروح يسكن الصحاري ويقعد مع حاله ويهجر الدنيا باللي فيها، هو ديه التحول وهي داي القوة ياغريب في نظرك، يتحول لأسد غضبان كل اللي يعدي من قدامه ينهشه والكل يخاف يقرب منه، هيوبقي فنظرك تمام على إكده!
رد عليها غريب بهدوء بعد مااتنهد عشان رجعت فكرته بأسواء فترة فحياته:
-مش شرط يعمل كده، مفيش تصرف بيجي مطابق لتصرف حد تاني، كل واحد وطريقته في التعايش والتخطي، الوقت غير الوقت وقوة المشاعر هي اللي بتتحكم فى نسبة الحزن، المهم دلوقتي قومي وسيبي كل حاجه للأيام وهي كفيلة بيها ومش عايز عيونك الحلوين دول يبكوا تاني انتي فاهمه.
واه صحيح بالمناسبة، عارفه قابلت مين النهاردة؟
بصتله ليل بإستفسار فرد عليها:
- قابلت الشيخ صالح جوز رحاب صاحبتك، كان بيوصل أوردر اكل قريب مني، إتفقت معاه إنه كل يوم يجيب للقسم عشر وجبات، الظباط بيحتاروا بين المطاعم وفيهم العازب المغترب ومبيعجبوش اكل بره وبيعاني، فدا اكل بيتي ومضمون وكمان دي متعلمه على ايدك يعني اكلها لا يُعلى عليه، وبكده الظباط ياكلوا اكل نضيف ورحاب تستفيد وصدقيني هتبقي لقمة عيش حلوة قوي ليهم ومش هيلاحقوا علي طلبات الظباط والعساكر بس.
بصتله ليل وإبتسمت وردت عليه:
- والله كتر خيرك ياغريب، متعرفش البنت دي انا بحبها قد ايه ونفسي اساعدها بأي شكل بس زي ماانت عارف نفسها عزيزه هي وجوزها ومبيقبلوش مساعدة من اي حد ايا كان ولا بأي شكل، مع أن ظروفهم مش أحسن حاجه.
غريب:
- ماهما دول ياليل اللي تحسبهم اغنياء من كتر التعفف، دي الناس اللي بتاكل من عرق جبينها وحتي لو رزقها قليل مبتطمعش، حقيقي انا بحترم الناس دول جدًا، ابقي فكريني نعزمهم على خطوبة نجمه.
هو قال خطوبة نجمه وليل دفنت وشها بين إيديها وبكت مره تانيه، وهو حضنها ولام غبائه لأنه من الصبح بيحاول يصرف تفكيرها بعيد عن الموضوع ده ورجعها ليه بكلمة وحدة، بس قال لنفسه إنها زيها زي اركان لازم تتعود وتتأقلم لأن دا الواقع والحقيقة اللي لا يمكن حد هينكرها، نجمه خلاص مبقتش لأركان.
أما قاسم وجواهر فمن إمبارح وهما قاعدين في البيت يراقبوا اركان وخوفهم عليه قاتلهم :
بيتعامل عادي بيضحك ويتكلم وعلى تليفونه مع اصحابه طول النهار يهزر معاهم وكمان بينظموا لرحلة للأقصر هيطلعوها سوا.. وغير كده بياكل، بياكل بطريقة غريبة من امبارح ودايمًا جعان، ومبيصبرش لما امه تجيبله اكل بيروح المطبخ يفتح التلاجه ويطلع أي حاجه وياكلها، وبعد ماياكل يدخل أوضته ويفضل فيها لحد ماينام، ينام بطريقة غبيه كأنه له سنين منامش!
بصت جواهر لقاسم وقالتله بقلق:
-قاسم انا خايفه على ابني قوي، أنا حاسه إنه لاغي دماغه، بيهرب من الواقع، بحاول يلهي نفسه بأي حاجه،
حاسه إن هتجيله لحظة وهينهار مننا، قاسم إعمل حاجه للولد متقعدش ساكت وتتفرج عليه.
رد عليها قاسم بحيره:
-اعمل ايه يعني ياجواهر، قوليلي ايه يتعمل واقدر اساعده بأيه وانا مش هتأخر، اللي فيه اركان دا لو مساعدش نفسه بنفسه مش هيعرف يتخطاه ولا يفوق منه.
اتنهدت جواهر بقلة حيله ودفنت وشها بين اديها وابتدت تبكي بحرقه على ابنها ونور عينها اللي مش لاقيالها عليه حيله.
أما قاسم فأول مشاف دموعها قام ودخل أوضة ابنه، لقاه قاعد فاتح اللابتوب وجايب علي فيلم وقاعد يتفرج !
قعد جنبه وبهدوء قفل اللاب اللي قدامه وإركان بصله بإستغراب فقاله قاسم بمنتهى الجديه:
-لحد إمتا ياأركان قولي؟
اركان:
-ايه هو اللي لحد إمتا يابابا؟
قاسم:
-لحد إمتا هتهرب، واخرت اللي بتعمله دا ايه يعني؟
رد عليه اركان بهدوء غريب:
-وإيه اللي انا بعمله يابابا وبهرب ازاي؟ قاسم باشا هو انت عايز مني إيه؟
رد عليه قاسم بغضب مدفون:
-قاسم باشا عايزك تفوق، قاسم باشا عايزك تبطل العبط اللي بتعمله دا وتقوم تواجه وجعك، مش عيب إنك تنهار، مش عار إنك لما تكون لوحدك تبكي، مش هتنقص رجولتك لو نزلت دموعك دموعك، وخصوصًا اقرب الناس ليك، اللي المفروض تعتبرهم نفسك، أمك وابوك ياأركان، الوحيدين اللي تعري مشاعرك قدامهم وانت واثق انهم مش هيفضحوا ضعفك، حرر يبني كل اللي كاتمه جواك، انهار عشان ترجع تلملم نفسك وتقف تاني على رجليك، خليك زي طائر"الفينيق" لو تعرفه، لما بيلاقي نفسه فخطر بيشتعل ويولع في نفسه ويبقى رماد، ومن رماده بينبعث من جديد، بعد مالكل يفكر إنه خلاص انتهى بيفاجئ الكل برجوعه للحياة من تاني، وانت الكل فاكر إنك انتهيت ياأركان ومن بعد نجمه مش هيكونلك وجود، اثبتلهم انهم غلطانين، واثبتلى انا إني خلفت راجل.
بصله أركان وبيحاول إنه يبان طبيعي لآخر لحظة، بس للأسف انفاسه اللي ابتدت تعلى وتهبط وعيونه اللي اتلونت باللون الأحمر، اديه اللي ابتدت تترعش كل وهو بيرفع ايده يرجع شعره لورا بضعف، كل دول كانوا بيعلنوا عن حالة إنهيار وشيكه، فبسرعه خطفه قاسم لحضنه وضمه وهنا طلعت من أركان صرخه رجت البيت كله وخلت جواهر اللي دخلت تعمل لأركان حاجه يشربها وقعت الكبايه من ايدها كسرتها وجريت عليهم.
وقفت علي باب الأوضه وشافت أركان في حضن باباه بيبكي بعلو صوته زي الطفل الصغير، لأول مره تشوف دموع إبنها وتشوفه فحالة خلت دموعها نزلوا عليه، أما قاسم فكان حاسس إن كل صرخه ودمعه من إبنه بتكوي قلبه، صحيح هو بيحاول يقويه لكنه عارف إن اللي اركان فيه دا أصعب حاجة ممكن اي شخص يمر بيها.
أما اركان فكلام ابوه كان عامل زي قزيفة انضربت على سد هدته وخلت كل اللي كان مخبيه ورا صلابته ظهر ومبقاش فيه حاجة تقدر تسيطر عليه، فضل اركان فتره يبكي وبعدها إبتدا يتكلم بوجع ويقول:
-ليه يابابا نجمه محبتنيش، فيا إيه غلط، هيديها ايه الدكتور بتاعها اكتر من الانا اديتهولها، هيقدملها ايه اكتر من اللي انا قدمتهولها وكنت مستعد اقدمهولها، ايه اللي ناقصني ولقته فيه؟
رد عليه قاسم بحنان:
- مفيش اي حاجه ناقصاك، ودا في حد ذاته سبب في انها تسيبك وتدور على غيرك، انها عرفت اللي جواك وعرفت اللي عندك وعايزه تكتشف حد جديد بطبع مختلف وتحديات تكسر روتين حياتها.
نجمه حفظتك ياأركان والملل اللي بيدخل بين اي اتنين بعد سنين جواز دخل مابينكم قبل الجواز، الروتين اللي حست بيه معاك وخافت تعيش طول عمرها فيه خلاها تهرب منك، تحكماتك فيها خافت يكون دا نمط حياتها معاك كله فرفضته،
البنت لما تيجي للجواز ياأركان بتتحول لصرصار بقرون استشعار بتمدهم في اي علاقة قبل ماتدخل فيها ولما بتحس بأي طبع مش كويس بتشيل قرونها وتهرب.
اركان من وسط انهياره ابتسم على تشبيه أبوه ولكن ابتسامته اختفت بسرعه وهو بيقول بحسرة:
-بس انا مكنتش بتحكم فيها من باب التحكم، دا والله خوف وحرص وغيره، غيره نابعه من محبتي مش غيره مَرضيه تخليها تنفر مني.
رد عليه قاسم بهدوء:
-فيه ناس مبتعرفش تفرق بين دا ودا ياأركان، وعمومًا تعددت الاسباب والنتيجة وحدة،
ودلوقتي قوم وارمي كل دا ورا ضهرك وتخطى نجمه وعدي من المرحلة دي وادخل في المرحلة اللي بعدها.
انزل الجامعة ومن اول يوم تنزل فيه تعتبر نفسك سنجل، طلقت نجمه بالتلاته وبتدور على وحده غيرها، انا عارف إن البنات حواليك طوابير ومستنيين إشاره،
قرب واتعرف وادي فرصة وادرس طباع كذا وحده يمكن تلاقي مابينهم اللي تناسبك وتنسيك وتخليك تحس إن كل اللي كنت فيه وهم، وإن الحب الحقيقي معرفتهوش غير معاها وعلى اديها.
كل راجل بيتمنى الفرصة اللي انت اخدتها دي يابن المحظوظة وبيبقي نفسه يعيش فرحة البدايات من تاني.
زامت جواهر بغضب فكمل قاسم وكأنها قطعت كلامه:
-إلااا انا، انا الوحيد اللي مبتمناش الأمنيه الوحشه الصعبه البعيده دي، وبقول الحمد لله، الناس تقول انا اخدت جوهره وانا ربنا اداني كوم جواهر بحاله.
المهم يلا قوم البس عيطنا وصوتنا وانهارنا واتكلمنا كتير ودلوقتي آن الأوان نقوم نشوف حالنا بقى.
رد عليه أركان بضعف:
- هنروح فين وإيه هي اشغالنا دي؟
رد عليه قاسم بتنهيدة:
-هنروح نزور جدك عبد السلام ، جدتك كلمتني وقالتلي إنه فايق النهارده وسأل عليا انا وعمامك وعمتك موده.
وفعلًا قام اركان ولبس وراحوا لجده عبد السلام اللي جاله زهايمر في الفترة الاخيره ومبقاش يخرج من شقته ودايمًا ناسيهم، مبيفتكرهمش غير يوم كل فين وفين، ولما يفتكر بيفتكرهم وهما صغيرين مبيفتكرش السن اللي هما فيه خالص!
راحوله وهناك لقوا موده سبقت الكل وقاعده جنب باباها، وهو قاعد قصادها وبيتكلموا، واول مادخل قاسم من الباب صرخ فيه عبد السلام كأنه مسك حرامي:
-ولد استنا عندك.
وقف قاسم ورفع اديه لفوق بتسليم وبص لاركان ابنه وقاله:
-ارفع اديك بسرعة المكان كله محاصر.
بصلهم عبدالسلام وقال:
-اختك لسه معقمانا احسن تعقمنا تاني اقلع جزمتك ياحيوان وادخل على اوضة التعقيم، وخد الحيوان التاني اللي جايبه دا معاك.
قلع قاسم جزمته وبص لأركان وقاله:
-مستني ايه ياحيوان ماتقلع.
دخل قاسم على الأوضه اللي ورا الباب ووراه دخل اركان ووقف قاسم شويه كانه بيتعقم وقال لأركان:
- والله خايف احسن موده عمتك اللي عالجها ماهر وشاف الغلب معاها دي ترجع تحن لأيام جنانها والفوبيا ترجعلها تاني من كلام جدك، شفتها كانت منكشحه ازاي وهو بيرفعنا ويدخلنا عالتعقيم؟
ابتسم اركان ومردش عليه وبعد شويه خرجوا وراحوا على عبد السلام قعدوا جنبه وابتدا يسأل قاسم عن حياته في العسكرية وعن فرعون وعن التدريبات وكأنه جاي أجازه، وقاسم يجاوبه، وبص لأركان وقاله:
-وانت مين وجاي هنا ليه؟
رد عليه قاسم بداله:
-دا واد غلبان يتيم كده الظابط كان مكدره ولقيته قاعد لوحده حزين قولت اجيبه معايا يفك عن نفسه شويه.
بصله عبد السلام وقاله:
-يفك عن نفسه ليه جايبه جنينة الحيوانات يتفرج عالقرود، على العموم ميخسرش نجوزه اختك اللي محدش بيجيلها دي واهو طالما يتيم ملوش صاحب يسأل عليه ولا حد هيدور، مبروك يلا نقرا الفاتحة.
خلص كلامه ورفع اديه لفوق وموده بصت لأركان وقالتله وهي بتضحك:
-مبروك عليك أنا ياأركان، دانت أمك داعيالك.
بص قاسم لأركان وقاله:
-شوف كده لما تطلع من البيت وتسعى ربنا بيرزقك من حيث لا تحتسب، قوم بقا ادخل لجدتك سلم عليها وأوعى تُعجب بيك قولها مرتبط لسه خاطب عمتي بره.
قام اركان ودخل لجدته، سلم عليها وقعد جنبها وبمجرد ماشافته حست إن فيه حاجه فأخدته فحضنها وفضلت تقراله قرآن وهي بتمسد على شعره وشويه ولقته نام على صدرها، فاتنهدت وهي حاسه إنه شايل حمل كبير اكبر منه وبيهرب منه بالنوم!
من يومها بتحس بيه وبتعرف فيه ايه من غير مايتكلم.
اما موده فبعد مامشي اركان بصت لقاسم وسألته:
-اركان ماله ياقاسم؟
اتنهد قاسم وقالها:
-خطوبه نجمه النهارده ياموده.
جمله بتخرج منه عاديه بس بتصدم كل اللي بيسمعها، وقبل ماتسإل أو تدخل فتفاصيل قاسم قالها :
-الموضوع يطول شرحه واركان علي اخره وجايبه هنا عشان انسيه القهرة اللي فقلبه شويه، وكمان أبوكي لو سمع هيمسك في الجملة ويعيد ويزيد زي البغبان مش هيبطل غير واركان مفرفر قدامه فأسكتي دلوقتي خالص.
سكتت موده وبصت على اوضة مامتها وشافت اركان وهو غافى علي صدر جدته بتعب ومنظره شارح حاله واللي يشوفه مش محتاج يسأله حاسس بأيه.
في فيلا غريب.. جه الميعاد اللي محدده غريب لإيان وفي الميعاد بالدقيقة كان ايان واقف على الباب، نجمه كانت مستعدة اتم إستعداد وقاعده فأوضتها،
أما ليل فكانت مشاعرها بارده ناحية الموضوع بعكس استقبالها الحار، ودا لانها بتعرف كويس تفصل مابين مشاعرها وبين الواجب.
دخل إيان بشكولاته من افخر الأنواع وورد، وبدلته النهارده كانت رمادي بعكس اللون الأسود اللي دايمًا بيلبسه، واللون الرمادي كان لايق عليه جدًا.
قعد غريب يتكلم مع ايان واخوه وليل طول الوقت عينها علي ايان بتقيمه وتشوف ايه اللي عجب بنتها فيه، وبصراحة الولد مكانتش فيه حاجه ناقصاه، وسامة وهيبة ومنصب وثقافه ولباقه، واخوه ميختلفش عنه، خطيب يشرح القلب وكانت هتطير بيه من الفرحة بس لو مكانش إركان في حياة نجمة.
وبعد حوالي نص ساعه غريب بص لليل وقالها:
- ايه ياليل هي نجمه مش هتنزل ولا ايه؟ روحي هاتيها وتعالي اكيد مكسوفه.
إبتسم إيان وإبتسامته زادت وهو شايفها نازله على السلم ورا مامتها، وحتى وهو شايفها مكشره ووشها عابث كانت جميلة فنظرة، هو عارف إيه اللي مدايقها منه، بس لازم يعمل معاها كده من البداية وليه أسبابه اللي هتعرفها مع الوقت.
سلمت نجمه وقعدت معاهم وليل راحت تجيب الضيافة، واخو إيان أُعجب جدًا بذوق اخوه وتقريبًا اتغزل في نجمه قدامه وقدام باباها، وإيان ضحك ومعلقش علي كلامه ولا حتى ايده، ودا خلى نجمه تغضب أكتر.
اتكلموا فكل حاجه واتفقوا، وقروا الفاتحه كمان، والشبكه هيشتروهها بعد يومين، وهتتعمل حفله في الفيلا ويدعوا فيها كل اصحابهم ومعارفهم.
نجمه كانت فاكره إن إيان هيطلب إنه ياخدها ويخرجوا يتعشوا بره مثلًا إحتفالاً بقراية الفاتحة، أو حتي ياخدها ويخرجوا في جنينة الفيلا يتمشوا ويسمعها كلمتين حلوين، لكن اللي حصل إنه اخد أخوه وإستأذن ومشي ولا كأن النهارده قراية فاتحته!
روح ايان البيت وهي طلعت اوضتها والمرادي قررت انها هتكلمه وتفهم منه إيه سر تصرفاته دي، وليه بيعمل كده، وليه البرود القاتل اللي بيتعامل معاها بيه دا !
اتصلت عليه مره واتنين وعشره ومفيش رد منه، وفي الاخر تليفونه اتقفل!
رمت التليفون وهي ناويه انها بكره هتتكلم معاه ولو مكنش عنده سبب مقنع لعمايله مش هتكمل الخطوبه دي وهتنهي كل حاجه.
وفعلًا تاني يوم لبست وراحت الجامعة وعلى عكس اليوم اللي قبله والفرحه اللي كانت رايحه بيها، النهارده رايحه وعلى وشها غضب خلى الكل يسالها فيه إيه ويستغربوا وهما شايفينها كل يوم بحال؟
مردتش علي حد وبمجرد ماشافت ايان داخل من باب الجامعه راحت عليه بخطوات سريعة وملامح متحفزه وكأنها نمره هتهجم على فريسة، وبمجرد ماوقفت قدامه سألته بطريقة مباشرة:
-إيان إنت بتعمل معايا كده ليه؟
إيان اتلفت حواليه وشاف إن الكل مركز معاهم والمنظر مش لطيف، فإبتسم وهو بيحاول يجمل الموقف، وهمسلها من بين سنانه:
-تعالي عالمكتب ورايا وانا هفهمك كل حاجه، واللي عملتيه دا غلط كبير وانا مبحبش الناس اللي بتتصرف بهوجاء وتسرع، اتفضلي اخلقي أي سبب لزمايلك وبرريلهم تصرفك وهجومك دا عليا قدامهم،
وياريت مسألة خطوبتنا محدش يعرفها في الوقت الحالي نهائي وهفهمك ليه.
سابها وكمل على مكتبه وهي وقفت وراه شويه تحاول إنها تهدا، وراحت لزمايلها ولما سألوها ملقيتش رد فسكتت لغاية ماتروحله وتعرف أسبابه، ويأما تقتنع بيها وتسمع كلامه يأما متقتنعش وتعلن خطوبتهم قدام ألكل أو تلغيها خالص.
دخلت لمكتبه وووقفت قدامه وبصتله وهو أول ماشافها قام من علي الكرسي وراح قفل الباب ورجع وقف قدامها وبهدوء قالها:
-عارف إنك زعلانه وحقك علي فكره، عارف إنك كنتي متوقعه منى حاجات كتيره وملقيتيهاش، بس انا هقولك حاجه وحده بس، وكويس إننا هنتكلم في الموضوع دا دلوقتي.
"انا يانجمه دا اخري"
بصتله بإستغراب وسألته:
-يعني ايه دا أخرك؟
رد عليها بنفس الهدوء:
-يعني يانجمه انا مش بالصخب اللي انتي بتشوفيه في شباب اليومين دول، ولا مراهق هيقف يجاهر بمشاعره قدام الكل ويتباهى بخطوبته وإرتباطه، ولا فاضي إني أسهر طول الليل على التليفون أقول كلام حب وغزل وارسملك حياة ورديه تتصدمي بعد كده بانها مجرد وهم،
ولا أنا الرومانسي اللي هضيع وقتي أفكر ايه اللي ممكن يسعدك واعمله ويايعجبك يالأ.. انا يانجمه انسان واضح وصريح ومباشر، هنقعد مع بعض كام قعده كده هنرسم فيهم مستقبلنا وحياتنا الجايه كلها، ونحط قواعد وخطوط عريضه هنمشي عليها، من غير مانحود يمين ولا شمال،
وكمان هنحط خطوط حمره كل واحد يرسمها للتاني قدام المحاذير اللي مش هيسمح لشريكه يعملها ولا هيسامح فيها لو اتعملت.
كل واحد هيفهم التاني طبعه بدون زيف او تجميل لأن مفيش مجال للمفاجآت.
الوقت اللي هنشغل معاكي فيه أنا أولى بيه اخلص فيه شغل متعلق أو أباشر تجربتي.
وانتي كمان أولى بيه تذاكري وتتفوقي وتعملي حاجه تفيدي بيها مجتمعك ونفسك.
ومش هعودك على اهتمام مؤقت انا متأكد إني مش هستمر فيه فيسببلنا مشاكل بعدين وانتي تفتكري اني اتغيرت ومبقتش احبك زي زمان.
انا دا اسلوبي يابنت الناس ودا نمط حياتي، شوفي هتقدري تتأقلمي وتجاريني ولا هتبقى مجرد عقبه فحياتي تعطلني واندم إني حطيتها لنفسي واضطر بعدين اني اشيلها من طريقي.
ردت عليه نجمه وهي مذهوله من كل الكلام اللي قاله ده:
-ايه كل دا ياإيان.. دي حياة عسكريه مش جواز؟ طيب فين الحب؟
رد عليها بعمق:
- الحب يانجمه اتخلق علشان يساعدنا مش يعطلنا، الحب وسيله مش غاية، زيه زي الاكل والشرب والهوا، دول بيساعدونا نعيش والحب بيساعدنا نكمل لما نلاقي حبيب متفهم يساندنا ويهون علينا تعب الرحله.، بس خلينا متفقين إن بالحب او من غيره مكملين، فمنديهوش اكبر من حجمه فحياتنا وكأنه سبب وجودنا.
سكت وسكتت هي لما ملقتش كلام ترد بيه عليه، فبصلها وقالها:
-روحي يانجمه عالمدرج بتاعك وفكري فكلامي كويس وردي عليا باللي هتقرريه.. ولو هتسأليني عالحب فإنا بحبك،
بس دا حبي ودي طريقتي، انا انسان مختلف في كل حاجه ولو هيناسبك اختلافي أهلًا بيكي فحياتي.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية