-->

رواية جديدة غصات الحب والقدر لعلا السعدني - الفصل 8 - الخميس 22/5/2025

 

  قراءة روايةغصات الحب والقدر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية غصات الحب والقدر 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة علا السعدني


الفصل الثامن 

تم النشر الخميس 

22/5/2025



تقدّم نحوهم عيناه كانت تُراقبان الموقف فذلك الشخص الذي كان يقف أمام (رؤى) بدا كشخصٍ متلاعب، نظراته تحمل الكثير من الجراءة تلك النظرات التي كادت تُشعل فتيلًا من الغضب في قلب (حازم) فلا يصحّ إلا الصحيح وما يفعله ذلك الشخص مناف تماماً للأخلاق شيء لا يوصف سوى بالدناءة ..

شعرت (رؤى) بأنّ أحدهم يُمعن النظر بها، فالتفتت إليه بسرعة، وكأنّها انتبهت إلى وجوده، وقالت بتلعثمٍ واضح فكانت لا تريد لأيٍّ منهما أن يظنّ بها ظنًّا سيئًا

-ده (سامر) أخو (ممتاز)

ثم التفتت إلى (سامر) وأشارت بيدها نحو (حازم)

- وده دكتور (حازم) .. الدكتور اللي متابع حالتي

أومأ (سامر) برأسه ببطء، لكن ملامحه حملت ضيقًا، وكأنّه لم يكن يتوقّع أن يقطع شخص ما حديثهم المهم بالنسبة له حاول أن يُظهر لامبالاة، لكنه لم يستطع إخفاء اضطرابه، فقد كان ينوي استمالة (رؤى) بعض الشيء، ويجعلها تظنّ أنه سيكون الحامي لها في وجه (ممتاز)، ولكنّ ذلك الطبيب أفسد ما خطّط إليه

- هبقى أكلمك كلامنا لسه مخلصش

قالها بصوتٍ خافت قبل أن يستأذن وينصرف فى حين ظلّ (حازم) يراقب (سامر) وهو يبتعد، يشك فى نوايا ذلك الوغد نحو مريضته شعر بعدم الراحة ولم يكن لديه لديه تفسيرٌ لهذا الشعور، لكنه كان يدرك شيئًا واحدًا أن هذا الشخص ليس مريحًا، ونظراته لـ (رؤى) كانت وقحة للغاية ..

قطع شروده صوت (رؤى) وهي تقول بهدوء

-أنا جاهزة أنا و(جود)

أومأ لها دون كلام، وأشار بيده نحو الدرج لكي يهبطوا إلى الأسفل وصلوا لأسفل العقار، واتجهوا نحو السيارة الخاصة بـ(حازم)، وصعد الجميع، وعاد الصمت ليخيّم عليهم طوال الطريق كانت (رؤى) غارقة في أفكارها، تنظر إلى النافذة وهى تفكر هل كان قرارها صائبًا؟ ترك كلّ شيء والذهاب مع (حازم)؟ مع شخص لا تعرفه من الأساس؟ ولكن هل لديها خيارٌ آخر؟! تبا لتلك الظروف التى جعلتها تشعر بالحاجة لشخص لا تعرفه كى تشعر بالآمان ..

أمّا (حازم) فقد ظلّ صامتًا، لكنّ ذهنه لم يتوقّف عن التفكير عن شخصية (سامر)، ذلك الرجل الذي أثار انزعاجه بمجرد رؤيته، لكن ما أزعجه أكثر هو (رؤى) كيف لم تلاحظ نظرات ذلك الرجل؟ ألم تُدرك وقاحته؟

وصلوا إلى المنزل أخيرًا، وكان استقبال والدة (حازم) دافئًا كعادتها كان المنزل نظيفًا ومهيّأً، فأرادت والداته أن تُشعرهم أنهم ليسوا ضيوفًا بل أهل البيت، فقالت بمودّةٍ بالغة

-نورتوا البيت يا ولاد

قالتها بابتسامةٍ عريضة فشعرت (رؤى) بالخجل، وهي تخفض رأسها، وتتمتم بكلمات شكر بالكاد تُسمع، أمّا (جود) فقد التزمت الصمت، تختبئ خلف شقيقتها، تنظر إلى المكان بغرابة، وإلى الحال الذي أصبحوا عليه بعد دقائق استأذنت والدة (حازم) لتتركهم ينعمون ببعض الراحة، أمّا (حازم) فقد وقف قرب الباب، ينظر إلى (رؤى) لبرهة قبل أن يقول

-لو عاوزة أي حاجة متتردديش

كان على وشك المغادرة لكنه توقّف فجأة فقد تذكّر أن عليه قول شيء ما، فاستدار نحوها مرة أخرى وقال بنبرةٍ هادئة 

-على فكرة أنا كلّمت محامي عن موضوعك هتقابليه الصبح

رفعت (رؤى) عينيها إليه بذهول، لم تكن تتوقع منه هذه المساعدة، فقالت بصوتٍ منخفض يملؤه الامتنان

-أنا مش عارفة أشكرك إزاي .. اللي بتعمله معايا ده كتير جدًا

نظر إليها مباشرة، وعيناه تحملان الصدق وهو يقول بثبات

-انتي بريئة يا (رؤى) واللي حصل معاكي ده محدش ممكن يستحمله لازم يبقى في حد معاكي قدام (ممتاز) مش هتقدرى عليه لوحدك

لم تجد كلماتٍ تُعبّر عن مشاعرها، فاختارت أن تُخفض عينيها إلى الأرض، محاولةً كبح دموعها التي كادت أن تظهر

-تصبحي على خير

قالها (حازم) بهدوء قبل أن يغادر، فأجابته بصوتٍ خافت

-وانت من أهله

بقيت (رؤى) واقفة للحظات بعد أن غادر،شعرت لأول مرة منذ فترة طويلة أنها ليست وحدها في معركتها، وأن الله أرسل إليها من يدعمها ويقف بجوارها ..

❈-❈-❈

في صباح اليوم التالي ..

كانت (تقى) جالسة على مقعدها في الطائرة المتجهة إلى القاهرة، تغمرها مشاعر من التوتر والارتباك، لأنها بمفردها في تلك الرحلة تجوّلت أنظارها في الأفق، محاولةً تمالك نفسها قبل تلك الرحلة الطويلة وفجأة .. 

جلس بجانبها شخصٌ آخر التفتت بحذر، ليصدمها أنّه (ممتاز) نفسه توقّفت عن التنفس لحظة، لا تعرف إن كانت تلك صدفة أم حركة مقصودة منه، ولكنها لم تبالى وأخذت كتابًا في يدها، محاولةً أن تُشتّت انتباهها عنه، على أمل أن يمر الوقت بسرعة وتنتهي تلك الرحلة بسلام وكانت تحاول أن تظل مشغولة به عنه، حتى بدأ صوت اقلاع الطائرة يملأ الأجواء تركت الكتاب جانبًا، وانتبهت إلى نافذة الطائرة المجاورة لها، لتجد نفسها تتأمل الخارج بعينيها ولكن فجأة، تحدّث هو قائلًا بصوته العميق

-ممكن تمسكي إيدي عشان تطمني؟ واضح إن عندك أكتر من فوبيا

حاولت أن تحافظ على هدوئها من حديثه المستفز ذاك، نظرت إليه بحدّة وأجابته بثقة واضحة

-أنا مش خايفة وعلى فكرة أنا معنديش فوبيا أصلًا مين قالك الكلام الفارغ ده؟!

ابتسم (ممتاز) قليلًا ورآها تنظر إليه بغيظ واضح، إلا أنه كان يعلم أن حديثه من الممكن أن يكون استفزها لأنه ذكرها بحادثة المصعد، فشعرت بالتوتر، خصوصًا بعد ابتسامته التي ما زادت إلا من جاذبيته ووسامته ثم قال مبتسمًا 

-متنكريش واضح إنك عندك فوبيا من الطيارات كمان صح؟

تنهدت (تقى) وقالت بابتسامة باردة

-لأ كله تمام .. لما جيت شرم الشيخ من يومين جيت بالطيارة ومكنتش محتاجة أمسك إيد حد عشان مفيش فوبيا أصلًا

فأجابها (ممتاز) بهدوء وهو يهز رأسه فهى تبرر أكثر ما ينبغى

-ناخد هدنة صغيرة؟ مش معقول كلّ ما نشوف بعض نتخانق

شعرت (تقى) بشيء غريب في كلماته، وشعرت بالتوتر يزداد داخلها لأنه يبدو مغرورًا لذا قالت مصارحة إياه

-بس انت مغرور ودى مش حاجة تعجب حد

ردّ عليها بتلك الثقة التي لم تفارقه

-لأنك ادخلتي في اللي ملكيش فيه

شعرت بنوعٍ من الغضب ينمو داخلها، وبدت عيناها غاضبتين، بينما كان هو يُغمض عينيه ويأخذ نفسًا عميقًا، وكأنه يُهدئ نفسه قبل أن يقول

-أرجوكي مش هنعيدها تاني

تراخى كل شيء للحظات، حتى صوت الطائرة صار أكثر وضوحًا في أذنيها ثم قالت بنبرةٍ هادئة

-طب خلاص وصحيح .. شكرًا على الليمون

ابتسم (ممتاز) مرة أخرى، وهو يشعر بشيءٍ غريب بداخله أيضًا لا يعرف لما يحب أن يراها بذلك الهدوء وقال مبتسمًا

-صدقيني أنا مش وحش قوي كده

هزّت رأسها في إشارةٍ للموافقة، بينما كان قلبها ينبض سريعًا، فقال بهدوء

-وإنْتِ كمان .. مش العنيدة اللي شوفتها أول مرة جواكي خوافة صغيرة

نظرت إليه بحدّة، محاولةً أن تُظهر عدم اكتراثها، لكنّ تلك البسمة المستفزة التى تظهر فى وجهه ولكنها قررت انه تهدء نفسها فليش عليها الشجار معه كلما تراه فابتسم (ممتاز) مرة أخرى وقال

- رحلة سعيدة

لم ترد عليه بل كانت عيونها موجّهة إلى النافذة، مشدودة إلى الأفكار التي تدور في رأسها كانت تعقد يدها حول صدرها، محاولة تهدئة قلبها الذي كان ينبض بشدة كان (ممتاز) يراقبها بطرف عينه، ابتسم مرة أخرى، ثم أدرك أنها مشغولة بأفكارها ..

*************************

 كانت (رؤى) تقف أمام المرآة، فقد ارتدت فستانًا فضفاضًا بلونٍ بني هادئ، ينسدل بانسيابية فوق بطنها الصغير، مع أكمام طويلة من قماشٍ خفيف يمنحها إحساسًا بالدفء، بينما انتعلت حذاءً مسطحًا لتجنب الإرهاق أثناء السير لم تضع سوى القليل من مساحيق التجميل، فبشرتها المرهقة لم تحتَج لأكثر من لمسات خفيفة تخفي آثار التعب وتمنحها مظهرًا أكثر حيوية .. نظرت للساعة التي بيدها فوجدتها الثانية عشرة ظهرًا، وقد طلب منها (حازم) أن تجهز في ذلك الوقت شعرت بتوتر كبير وخوف لما هي مقدمة عليه، ففعلتها تلك ستفتح لها أبوابًا من الجحيم إن علم (ممتاز)، ولكن ليس أمامها سبيل آخر لكي يكون طفلها طفلًا شرعيًا توجهت إلى غرفة شقيقتها لكنها لم تجدها بالغرفة، فبحثت عنها حتى وجدتها في المطبخ، يبدو وأنها تحضر طعام الفطور، فاقتربت منها لتخبرها أنها ستهبط مع (حازم) لذلك المحامي، فطلبت منها (جود) أن تتناول شيئًا أولًا قبل أن تذهب، لكنها رفضت معللة أنها ليس لديها أي شعور بالجوع ثم قاطع حديثهما صوت طرقات على الباب، فعلمت أنه بالتأكيد (حازم)، فودعت شقيقتها ثم اتجهت نحو الخارج لتتقابل مع (حازم) الذي لن تستطيع أن توفيه حقه بسبب أفعاله معها، لكن عقد لسانها ولم تستطع أن تتحدث إليه في شيء، فهبطوا سويًا إلى الأسفل واستقلا السيارة معًا، وكان الصمت مطبقًا تمامًا عليها طوال الطريق، حتى وصلوا إلى مكتب المحامي ترجلت من السيارة وسارت خلف (حازم) حتى صعدت معه إلى مكتب ذلك المحامي، الشيء يبدو وأنه صديق لـ(حازم) من الترحيب الذي رحب به لـ(حازم)، وما إن انتهوا من تلك المجاملات البسيطة حتى أشار لهم المحامي بالجلوس، ثم نظر إلى (رؤى) وطلب منها أن تقص له كل شيء عنها، فبدأت (رؤى) بقص حكايتها للمحامي منذ أربع سنوات مضت، حتى اكتشفت أنها حامل في الشهور الأخيرة استمع منها المحامي جيدًا ثم سألها

-يعني إنتِ متأكدة إنك فقدتي نسخة العقد العرفي؟

هزت (رؤى) رأسها إيجابًا بارتباك واضح ثم قالت

-أيوة دورت عليه في كل حتة بس مفقود للأسف .. والدي مكنش مهتم بشيء زي ده وأنا مكنتش أعرف إن الأمور ممكن تسوء للدرجة اللي وصلت ليها دلوقتي

زفر المحامي ببطء واضعًا القلم على الأوراق أمامه

-ده معناه إن النسخة الوحيدة هي مع أستاذ (ممتاز)؟

أجابته (رؤى) بصوت مرتجف

-مش عارفة بس اكيد مش هيطلعها

-فعلاً ومش مستبعد يكون قطعها من الأساس بس إحنا مش محتاجين العقد بس عندنا حلول تانية

انتبه (حازم) لحديث صديقه وسأله

- زي إيه يا (تميم)؟!

مال (تميم) للأمام يربط أصابعه معًا فوق المكتب

-أول خطوة لازم نثبت الزواج قدام المحكمة حتى لو العقد ضاع زي مثلًا وجود الشهود على العقد المحامي أو الشيخ اللي كتب الكتاب

زفرت (رؤى) بضيق وهزت رأسها نافية بإحباط وهي تقول

-أنا كنت وقتها صغيرة في السن ومش فاكرة أي حاجة ومعرفش أصلًا مين اللي جوزني وأبويا مش هيساعدنا في حاجة زي دي ده فاكرني أنا وأختي بالعافية

شعر (حازم) بمزيد من الشفقة والأسى على حال تلك المسكينة، بينما عقد (تميم) حاجبيه وهو يقول

-لازم تفتكري أي حد ممكن يكون شافكوا مع بعض كزوج وزوجة .. حد من الجيران؟ قرايب؟ أي حد كان عارف إنك كنتِ متجوزة رسمي؟

- قرايبي كلهم عارفين .. كمان الجيران بس المشكلة إن (ممتاز) قدر يوصل لواحدة من الجيران دول وكانت هتسقطني فعلًا

صمتت لبرهة ثم أردفت

- (ممتاز) يقدر يعمل أي حاجة عشان الطفل ده ميورّثش

بدأ (تميم) في تدوين بعض الملاحظات ثم قال

- اطمني في سُبل كتير ومش كل الناس ممكن تبيع ضميرها ..  

فنظر (حازم) إلى (تميم) باهتمام وهو يسأله

-طب وإثبات النسب؟!

وضع (تميم) القلم على الورقة، ثم قال وهو ينظر إلى (رؤى)

-لازم الأول نثبت الزواج بعدها نرفع قضية إثبات نسب القاضي مش هيقبل الدعوى التانية إلا لما يقتنع إن الجنين ابن زوجك شرعًا

شعرت (رؤى) بالخوف لما هي مقدمة عليه ثم قالت

-بس (ممتاز) مش هيسكت ولا هيعترف

أجابها (تميم) بهدوء شديد

-لو أثبتنا الزواج كل حاجة بعد كده سهلة غصب عنه .. المهم حاولي تدوري على رسايل نصية بينك وبين زوجك أماكن قضيتوا فيها أيام جيران حد حضر الفرح فيديو اتصور يوم الفرح أي حاجة عشان نقدمها للقاضي

هزت (رؤى) رأسها بتفهم ثم أخبرته

- هحاول أمدك بالمعلومات اللازمة في أقرب وقت

هز (تميم) رأسه بتفهم، ثم صافح (حازم) (تميم) وغادر ومعه (رؤى) على الفور، التي ظلت صامتة حتى وصلوا إلى السيارة واستقلوها معًا، كاد أن يبدأ بالقيادة لولا أنه استمع إلى صوتها وهي تقول

- أنا مش عارفة أشكر حضرتك إزاي؟! كل اللي بتعمله معايا ده بس الأكيد إني هدور على شغل وحضرتك لازم تاخد إيجار للشقة اللي إحنا قاعدين فيها دي بس أنا كنت بدور الفترة الأخيرة على شغل بس ما لقيتش خالص بس هحاول تاني

رقّ قلب (حازم) على حالها، فهي في وضع لا يسمح لها بالعمل بسبب تدهور صحتها وحملها ومحاولة الإجهاض التي حدثت لها، ولكنه شعر بأنها ليست تلك الشخصية الاستغلالية، ولن تقبل منه أي شفقة فيبدو أن كرامتها فوق كل شيء، ولكن في نفس الوقت هي لن تتحمل صعوبة العمل، لذا قال لها بهدوء

-بصي أنا هعمل كل اللي انتي عاوزاه بس موضوع الشغل ده مش مناسب صحتك دلوقتي خالص و ..

قاطعته بلهجة صارمة

-يبقى آسفة هرجع بيتي تاني وزي ما تيجي تيجي

حكّ (حازم) ذقنه وهو يقول بتفكير

-يا ستي اعتبريه دين عليكي ووقت ما تقدري تسدديه سدديه

هزت رأسها نافية وقالت بوضوح

-مش هينفع

فكر (حازم) لبرهة من الوقت ثم قال

-طيب ممكن تيجي تشتغلي عندي في العيادة؟ أنا محتاج سكرتيرة معايا في العيادة

لمعت عينا (رؤى) بفرحة ثم قالت بتريث

-وده بجد؟! ولا بجملة جمايلك؟

ابتسم ابتسامة بسيطة ثم قال

-لا بجد .. أنا فعلًا كنت محتاج حد معايا في العيادة

فسألته (رؤى) بلهفة

-أقدر أستلم الشغل امتى؟!

-من بكرة لو تحبي؟!

-تمام اتفقنا .. وشكرًا جدًا جدًا.

هزّ رأسه بآسى على تلك العنيدة ثم بدأ بقيادة السيارة عائدين معًا إلى المنزل ..

❈-❈-❈

  في المساء ..

كانت (تقى) نائمة على فراشها، جسدها منهك بعد أن عادت من شرم الشيخ، فقد كانت أيامًا منهكة بالنسبة لها في العمل، إلا أن رنين هاتفها جعلها تستفيق على غير رغبةٍ منها مدّت يدها بتثاقل على الكومود بجانب الفراش وأخذت الهاتف المضيء في يدها وكان الاتصال من صديقتها (فاطمة) المقرّبة التي دائمًا ما كانت تزعجها في أوقات غير مناسبة ..

أجابت (تقى) بصوت يغلبه النعاس

-إيه يا (فاطمة)؟

على الطرف الآخر من الهاتف، كان صوت (فاطمة) مليئًا بالتهكم والمعاتبة

-من ساعة ما اشتغلتي مش قادرة أشوفك ولا أسمع صوتك! وبعدين الشركة فيها سفر وحركات مين قدك يا بنت؟!

ضحكت (تقى) بصوت خافت، محاولةً أن تزيح عن نفسها شعور الإرهاق الذي يثقلها

-إسكتي يا (فاطمة) أنا عايزة أحكيلك على حاجات رغم إني هموت وأنام بس هحكيلك

وبدأت (تقى) في سرد كل شيء، كل لحظة مرّت منذ أن قابلت (ممتاز) لأول مرة، وكيف كانت بداية لقائهم المخزي، ثم تلك اللحظة في الطائرة التي كان فيها كل شيء غريبًا، كأنه تبدّل عما رأته أول مرة، وكأنها تعاملت مع شخصين مختلفين كل الاختلاف لكن العامل المشترك هو الغرور الذى لا يستطيع التخلى عنه..

حينها قالت (فاطمة) 

-قوليلي اسمه تاني كده؟

-اسمه (ممتاز أشرف الصاوي)

صمتت (فاطمة) لبرهة ثم ردت بلهجة ماكرة

-تمام اقفلي دلوقتي

ما إن أغلقوا المكالمة حتى اندهشت (تقى) من أنها أغلقت الهاتف بتلك السرعة، ولكنها عادت لفراشها لكي تستعيد نومها، الذي يبدو أن شعورها بالنعاس قد زال، في حين بدأت (فاطمة) تعمل بحثًا سريعًا على الإنترنت، تبحث عن كل معلومة تخص هذا الرجل الغريب، الذي يبدو أن له تأثيرًا كبيرًا على (تقى)، وهي تعلم جيدًا أن صديقتها لا تتحدث عن الرجال أبدًا، وما دامت تحدّثت عن ذلك الرجل، فيبدو أن هناك شرارة انجذاب بدأت أن تشتعل في قلب صديقتها ..

فوجئت حينما اكتشفت أن (ممتاز) هو رجل أعمال ناجح للغاية، ورث عن أبيه ثروة ضخمة في سن صغيرة، وكان هو من يدير العمل بيديه بعد دقائق من البحث، وجدت صورًا له على حسابه الخاص بتطبيق (الفيس بوك) وسيم جدًا، بعيون جذّابة، ومن تلك الصور كانت تراه في صورة شخص جدي ..

أخذت (فاطمة) وقتًا لتتصفح الصور، وأدركت إلى أي درجة كان شخصًا ذا جاذبية وسحر أرسلت (فاطمة) بعضًا من الصور إلى (تقى) مع رسالة مكتوبة على تطبيق الواتساب، ثم قالت بعد أن انتهت من إرسال الصور

-عارفة لو طلع برة إيديكِ هموّتكِ!

ثم تابعت

-اسمه (ممتاز أشرف الصاوي) .. عنده ٢٨ سنة .. رجل أعمال كبير رغم صغر سنه .. ورث عن أبوه كتير وهو اللي بيدير الشغل وهو سنجل .. ميطلعش برة إيديكِ فاهمة؟

لم تستطع (تقى) أن توقف ضحكتها وهي تقرأ الرسالة

-إنتِ مجنونة يا (فاطمة)! إيه شغل المخابرات اللي إنتي عملتيه ده؟

فضحكت (فاطمة) على دعابة صديقتها، ولكنها بدأت أن تحذّرها وتخبرها أن عليها أن تحظى بذلك الرجل الغامض شديد الجاذبية ..

❈-❈-❈

في صباح اليوم التالي ..

كان (حسن) جالسًا في مكتبه عندما رنّ هاتفه فجأة التقط الهاتف كانت المكالمة من أحد المعامل الخاصة بالتحاليل، التي كان قد أرسل إليها عينات من شركة الأدوية المشتبه فيها الصوت أخبره بما لا يرغب في سماعه، بأن العينات التي أُرسلت للتو كانت فاسدة تمامًا، وهذا يعني أن هناك تلاعبًا من نوع ما في الشركة فطلب من العامل الذي يكلمه بأن يرسل نتائج التحاليل له عبر تطبيق (الواتساب)..

شعر (حسن) بارتباك داخلي، فقد كان يأمل أن تكون التحاليل المبدئية بها خطأ أو سوء تخزين أو أي غلطة، ولكن لم يكن يتوقع أن تكون الأمور بهذا الحجم، وأن تلك الشركة معدومة الضمير لتلك الدرجة أغلق الهاتف وترك نفسه لحظة ليجمع أفكاره، كان يعلم أن الصمت لن يفيد، ولن يكون مرتاح البال إن صمت، لذا عليه أن يأخذ خطوة جديّة للإطاحة بمثل تلك الشركات ..

فتح درج المكتب الخاص به، حيث كانت أوراق تحليلاته القديمة التي تشير إلى وجود تلاعبات في الدواء بدأ يلمّ الأوراق كان يعلم أن عليه أن يقدّم هذا الملف لرئيسه في العمل، وأن يقوم بواجبه كضابط ..

جمع (حسن) الأدلة وأخذ شهيقًا عميقًا، ثم نهض من مكانه وذهب إلى مكتب رئيسه قلبه كان يزداد تسارعًا مع كل خطوة يخطوها، يتمنى أن يمر كل شيء كما يريد ..

وصل إلى مكتب رئيسه وطلب مقابلته، ثم فتح الباب بهدوء كان رئيسه ينتظره بالداخل ليعلم ما سر تلك الزيارة .. لحظة صمت قصيرة تلت قبل أن يرفع رئيسه عينيه وهو ينتظر حديثه ..

أخذ (حسن) نفسًا عميقًا، ثم وضع كل الأدلة أمام رئيسه. عرض عليه كل شيء نتائج التحاليل، التقارير القديمة، حتى إنه قام بفتح رسائل الواتساب ليريه نتيجة التحاليل الأخيرة شرح له تفاصيل كل خطوة كان يخطوها، متحدثًا عن التلاعب في عينات الأدوية، وكيف أن الشركة قامت بتقديم مواد مغشوشة للسوق، مما يعرّض صحة المواطنين للخطر ..

يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة علا السعدني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة