-->

رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 10 - الثلاثاء 6/5/2025

 

قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نجمة أركان

الجزء الرابع من رواية فرعون

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف

الفصل العاشر

تم النشر يوم الثلاثاء 

6/5/2025


قاعد وفقي في السرايا عياكل بفجعة زي عادته فجاله مرعي وقاله:


-سيب ياوفقي اللي فيدك ديه وقوم تعالا معاي، همل الوكل هبابه بقيت كيف المقطورة، قوم بينا رايحين البندر نجيبولك شوية حاجات وبعدها نحودوا عالخياط يفصلك كام جلابيه، انت دلوك نسيبي وفوشي وهلبت ماهتطلع معاي والناس تشوفك ولازمن تكون فأبهى صورة وتشرفني مش تجيبلي العار.

بصله وفقي وقاله:

-ماشي هقوم اهه بس أشبع لاول، أصلي جعان قوي.

رد عليه مرعي بتهكم:

-يوبقى هتني مستنيك العمر كله ياوفقي؛ عشان انت عمرك ماهتشبع، أصل فيه ناس عتقعد جعانه مهما كلت، قوم هِم نشوفوا المصالح المهة والوكل قاعد مهيخلصش، وبالمرة نعدوا عالمزرعه نشوفوا احوالها، ماانت لازمن تعرف كل حاجة عن الشغل عشان تعرف تمسكه وتدوره لحالك، ولا فكرك هتقعد طول عمرك قاعد تاكل وبس كيف تنابلة السلطان لا شغله ولا مشغله؟

رد عليه وفقي قبل مايقطم آخر قطمه من الحمامه اللي فيده:

-يابوي خلاص قايم اهه، انت مهتبطلش تقطيم فيا يابا الحج في الرايحه والجاية؟ 

حديتك تقيل واني متحمله لجل إني واخدك موطرح ابوي بس.

رد عليه مرعي وهو ماشي:

-والله ديه حديتي وديه أسلوبي وديه اللي حداي، تاخدني موطرح ابوك تاخدني موطرح أمك مليش فيه، اني اقول اللي على كيفي وانت تتحمل ورجلك فوق رقابتك، وخلص مفيش وكت.

طلع مرعي من البيت وقعد في جنينة السرايا وغمض عيونه بوجع وهو عيفتكر الحادثة اللي حصلتله من بعد ماخلف مصرية، واللي من بعدها مقدرش يخلف تاني، ومن يومها ومصرية هي كل اللي جاد بيه الزمان عليه، إتمنى لو إنه خلف واد يورثه بدال ماكل تعبه وشقاه وكده في الدنيا يروح للغريب، بس للاسف القدر قال كلمته.

فتح عيونه على حس مصريه جاره وهي عتقوله:

-ابوي

رد عليها بلهفة:

-هاه يابتي، عايزه حاجة يامصريه؟

-عايزه اطلب منك طلب ومتردنيش.. اني تعبانه وخلايقي دايقه وكنت عايزه اندلى القاهرة اني وامي نزوروا الأولياء الصالحين واقعد في رحابهم.. يمكن يبردوا نار قلبي هبابه، اني من ساعة اللي حصل وكل ليله انام دمعي على خدي وممبطلاش احلم بولدي اللي كان فبطني كبر وولدته وخدته فحضني، وأصحى من الحلم حاضنه الهوا، وتعبت يابوي، تعبت والله.

رد عليها مرعي بحزن:

-حاسس بيكي يابتي وبوجعك، وعارف إن اصعب وجع في الدنيا وجع الحرمان، خلاص يانن عين ابوكي خدي امك وروحوا، اني هبعتكم بالطرومبيل وابعت معاكم وفقي، وقبل ماتروحوا هتأجرلكم شقة مفروشه تقعدوا فيها كيف ماتحبوا.

ردت عليه بإبتسامه واختفت الابتسامه وهي واعيه وفقي طالع وهو عيعدل فخلجاته وسالته بحده:

-ايه ياوفقي لابس اللي عالحبل ورايح وين؟

رد عليها ابوها:

-اني واخده ورايحين البندر يامصريه نجيبوله شوية حاجات ونفصلوله كام جلابيه.

ردت وعيونها على وفقي:

-وهتلبسه وتلمعه ليه يابوي، عشان يحلا في العيون وكل مادا يشوف روحه عليا وعينه تزوغ وملاقيهوش إلا عيرمح ورا داي ويطارد دوكها؟

همله بعبله إكده زين.

رد وفقي بصدمة:

-وه.. عَبلي كيف يعني، ماتنقي ملافظك يامصرية الملافظ سعد!

رد عليه مرعي وهو عيدب عكازه في الأرض بغضب:

-مصرية تقول اللي يحلالها ومحدش في الدنيا يقدر يبظم ولا يقولها تقول ايه ومتقولش ايه، سامع ياوفقي؟

رد عليه وفقي بخوف:

-س س سامع، سامع ياعمي، عبلي عبلي يابوي، بس يعني يامصريه اني مهما بقيت ولا لبست عمري ماهبص لمره غيرك ولا تحلالي حرمه من حريم الدنيا، بلاش كل هبابه تقعدي تجيبي السيره داي، اني مش هبقى فاضي ولا هيكون حداي وكت للعب ديه..اني خلاص قفلتها عليكي يامصرية والايام هتثبتلك، ولو عالعيال إعتبري إن العيب فيا اني وطمني بالك، واظون حداكي اللي يطمنك من ناحيتي، ودلوك يلا بينا ياعمي اصل موال مصريه مخلصانش.

قام مرعي وخد وفقي ومشوا عالبندر، وابتدى مرعي يشتري لوفقي افخم واغلى حاجة في السوق، وحتى العطور جابله اغلاها وأشهرها، وقاله بالحرف:

-الفخامه معتتشافش بس بالعين ياوفقي، الفخامه عتتشم بالمناخير وتتسمع بالودان وتتحس من المعاملة.. خليك فخم فكل حاجة ومتخليش الناس تنضر ولا تشم ولا تسمع من لسانك غير الفخامة لجل مقامك يعلى فنظرهم وقيمتك تزيد.


خلصوا كل حاجة بعد تعب ولف، وعاود وفقي عالبيت بحاجات لو كان اشتغل عمره كله مكانش قدر يجيبها، وهما على مشارف البلد شاف اللي خربط أحواله، ... كانت عيشه ماشيه مع الياس وبطنها قدامها، رقص قلبه عشان هيكونله واد من نسله عالدنيا، حتى لو قدام الناس مش هيكون ابوه.. ولا الواد هيعترف بيه.. بس انه يكبر قصاد عيونه ديه حداه كفايه، ويمكن اللي جرا بينه وبين عيشه مكانش غلطة كد ماكان تدبير من قدره اللي قرر يعطيه نصيبه من متاع الدنيا.

عدوا من جارهم وعيشه وحتى إلياس لاحظوا نظرات وفقي لبطن عيشه وإبتسامته الواسعه، واللي خلت عيشه حطت يدها على بطنها بخوف، والياس قال:

- لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، شوفي وفقي ياولداه من بعد اللي جرا لمرته عيبص لكل وحده حبله كيف، داي بصة المحروم.


ردت عليه عيشه بس في سرها:

-له وانت الصادق ياالياس داي بصة الخبيث.

كملت الطريق معاه لبيتهم وكل شوية تبصله وإحساسها بالذنب يكبر وبالذات وهو عيتكلم عن ولده اللي جاي، فرحته بيه وتخطيطه كيف يوفرله حياه كريمه وميحرمهوش من حاجة، ويشكر ربنا علي عطاياه اللي فاقت أمنياته.


وصلوا البيت، ووصل وفقي كمان وصل سرايته، ومن اول مادخل مصريه ملاحظه إبتسامته اللي معتختفيش، بس افترضت إن الحاجات اللي اشتراها هي السبب، متعرفش إنه فطريقه اتكعبل في فرحه كان ناسي وجودها، وبيها حس إنه مش ناقصه اي حاجة.

عدت الايام، وفقي وحده وحده فهم اسرار شغل مرعي وابتدا يشيل الحمل عنه، بقى الكل في الكل والسلطة والفلوس ادته هيبه وسط الناس، وحب يشوف نفسه اكتر فوظف حداه شاكر والياس، وظفهم لسببين.. 

الاول عشان يسمع منهم نعم وحاضر، والتاني عشان يكون قريب من عيشه وولده، يبقى فحياتهم باي صفه، يكون فيه سبب يقدر يدخل بيه بيت إلياس. ويجيبه هو وولده لسرايته، كان جسر عيمده ناحية ولده ظاهره حاجه وباطنه حاجه تانيه خالص.. ظاهره وفا لاصحابه وانه وكت ماربنا اداه منسيهمش، وباطنه عنكبوت عينسج خيوطه حواليهم لجل يربطهم بيه.


وصلت عيشه لميعاد الولاده، كان الياس مستغرب من سؤال وفقي عنها كل يوم وقلقه، ويوم ماجالها الطلق وكان الياس في الشغل مع وفقي أصر وفقي إنه يوصله بعربيته. 


في نظر الكل العيل هيتولد واد سبعه، ميعرفوش إنه كامل مكمل

 وطول وكت الولاده قلقه مكانش يقل عن قلق وخوف الياس، دا يمكن اكتر كمان، أصل العيل ديه هو الفرصة الوحيده ليه إنه يبقى أب.


 وجابت عيشه الواد.. طار إلياس من الفرحه اول مابلغوه، بس رفعة يد وفقي للسما وشكر ربنا وكأن مرته هو اللي خلفتله الواد كانت اغرب من الغرابه،

 ولا خطفه للواد من يد الممرضه من قبل إلياس مايمد يده عليه، وتكبيره فودنه بدال الياس وشمته ليه كيف مايكون عيشم فيه ريحة الجنه! 

بس كل ديه اتحط تحت بند الحرمان اللي غفرله كل الغرابه اللي شافوها منه، وكمان الفلوس الكتيره اللي عطاهم لألياس وقاله يجيب للواد كل اللي محتاجه، وتوصيته ليه قبل مايمشي ألف مرة بإنه يخلي باله منه، نظرته الاخيرة للواد قبل مايمشي لو واحد غير وفقي صدرت منيه التصرفات داي تتحط في العقول ألف علامة استفهام،بس الموقف كله مر بسلام.


رجع يومها وفقي السرايا، وبدون سبب قرر إنه يدبح خاروفين ويوزعهم على الغلابه، كانت قدام الكل صدقة بس بينه وبين نفسه عقيقة ولده..

واللي تاني يوم طلب من إلياس إنه يسميه رزق، ومع إن الياس كان نفسه يسميه على إسم المرحوم ابوه عامر إلا إنه سماه رزق زي ماوفقي حابب، أولا عشان جمايله على إلياس، ثانيًا عشان إلياس عارف إن رزق هو الإسم اللي كان ناوي وفقي يسميه لولده اللي هيخلفه، 

لأنه إسم أبوه الله يرحمه، وقال يحققله امنيته وهو يبقى يسمي الواد الجاي على إسم أبوه.


وإبتدت تعدي الايام وكل مادا وفقي تصرفاته تزيد غرابه مع الياس وولده، كل يوم رايح على بيتهم وهو محمل من الخيرات ويجيب في هدوم لرزق وألعاب، ويفضل شايله بالساعات ويلاعبه.

أما عيشه فكانت جية وفقي البيت عتجننها، وكتير حاولت تخلي إلياس يهمل الشغل عنده، بس إلياس مش مجنون لجل يسد باب الخير اللي اتفتحله والرزق اللي جاي لولده.

كانت تبصله وهو شايل الواد ونفسها تخطفه من يده وتقوله بعد عن ولدي اللي رميته وفرطت فيه، معادش ليك حق فيه،

 تحرمه من شوفته وتحرق قلبه كيف ماحرق قلبها وكواه، تقوله مش انت اخترت الفلوس وضحيت بينا جاي ليه تدور في دفاترك القديمة.. كانت حاسه إن الواد من حق الياس وبس، الياس اللي صان وستر وحن وسهران معاها الليالي يشاركها تعبها، صوح وفقي موتها من القهر، بس الحسنة الوحيدة اللي عملها فيها إنه دخل إلياس حياتها، وكأن القدر بعتلها سيل من رحمة يطفي نيران الوجع.


وفيوم لما فاض بيها قررت تكلمه..

الواد بقى عنده سنه ووفقي مهووس بيه بمعني الكلمة، مفيش يوم بعدي من غير مايشوفه، والواد لاقط من وفقي ملامح بس محدش رابط الموضوع بحاجة ولا شاكك،

 الحلو كله يجيلهولهم ويدخل عليهم بيه ويبص لعيشه قدام الياس ويقولها:


-كولي واتغذي ياام رزق لجل تغذي الواد، اني معتبره ولدي مش واد اخوي إلياس، حبيته من اول ماشلته بين إيديا ، وعشان إكده اني متكفل بيه لحد مااموت، رزق ربنا بعتهولي عشان يصبرني عاللي اتحرمت منيه.


كانت تبصله وتسكت متردش، موقفها كان غريب قدام إلياس وامه اللي شايفين إنها مزوداها مع وفقي وانها لازمن تكون ممنوناله وتعامله معامله احسن من إكده، وهي كانت دايمًا تتحجج بإنها عتغير على ولدها منه وشايفه إن الواد هيتعلق بيه ويمكن بكره وبعده يمشي وراه ويهمل أبوه، بس الياس مكانش شايفه سبب يستحق، وكان رده على كلامها:

 

-طب ومالو، حتى لو ديه حصل خليه مع وفقي وإحنا نجيبو غيره، خليه يمشي في ضله ويوبقاله الواد اللي مخلفهوش ويكبش من الخير ويعبي، وهي دي حاجة تتكره برضك؟ 

وتسكت عيشه مرة تانيه لما متلاقيش كلام تقوله، وتكتم غضبها فقلبها..

لغاية مافاض بيها وقررت انها تنهي المهزلة دي وتخلص من وفقي وفلوسه.. خلت إلياس راح عالبندر في شغل مع شاكر وراحت لوفقي عالسرايا، شاورتله من بعيد وهو طلعلها بره السرايا..

وقفت قصادة وقالتله بأمر:

-بعد عن ولدي ياوفقي، من النهاردة بيتي متخطيهش وولدي يدك متتمدش عليه. 

بصلها وضحك بشر وقالها:

-نجوم السما اقربلك، رزق ولدي ومفيش قوة عالأرض تمنعني عنه، روحي يبت انتي على دارك واياكي تجيبي الخرابيط داي على لسانك احسن اقطعهولك، روحي واستري على حالك بدال ماأقول إن الواد ولدي واخده منك بعد ماالياس يرميه ويرميكي، وتوبقي لا طولتي سما ولا أرض.. عيشي واحمدي ربنا عاللي جرا مابينا وكان نتيجته رزق لجل تتفتحلك طاقة القدر بسببه.

 خلفي غيره وانسيه وخلي إلياس ينساه لأني بعد مايكبر ويشد حيله هبابه هاخده منكم ومهيفارقنيش. 


هبت في وشه وقالت:

-ايوه منا عارفه إن ديه اللي عتخططله وعمال تتدحلب وتلف حوالينا كيف التعبان لجل توصله، اني بقيت فاهماك زين دلوك، وولدي مهتطولش شعرة منه. ديه ولد إلياس وبس، الياس هو اللي أبوه مش إنت. 


ضحك وفقي مره تانيه ورد عليها:

-الياس هو أبوه، طب بأمارة ايه، هتكدبي الكدبة وتصدقيها ياك، بامارة المنديل اللي عليه دم جرحي، ولا بأمارة إنى عميته ليلة دخلتك شرب لجل اتوهه عن انك معيوبه، ولا بأمارة الواد اللي ولدتيه على سبعه، ولا بأمارة الشبه اللي بيني وبينه.. روحي ياعيشه وخليني ساكت عشان لو اتكلمت عندي كل الاثباتات اللي تخلي كلامي يتصدق، والاحلى في الموضوع اني لو خدت رزق مهخسرش حاجة لاني غلطت قبل جوازي واتفاقي مش بعده، فا إكده اني كسبان وإكده كسبان. 


عيشه حست بالقهر والضعف اكتر لما شافت القوة فكلامة وإنه صادق ويقدر يعملها ولو عملها معناها إنها ضاعت وحياتها خربت، فقررت إنها تسكت وترضى بالأمر الواقع، فلفت عشان تمشي من غير ماتشوف عيون وفقي المبرقين بصدمة، واول مالفت صرخت وكانها شافت ملك الموت قدامها.. كان"الياس" واقف وراها وشايل رزق.. رجعت لورا خطوة وهي عتبلع ريقها بخوف، فبصلها إلياس وبعدها بص لرزق وقال بصوت عيرجف:

-نسيت البطاقة ورجعت اخدها وياريتني مارجعت. امي قالتلي انك طلعتي والواد كان عيبكي قولت اكيد روحتي عند ابوكي.. قولت اجيبهولك.. واني ماشي شفتك واقفه مع وفقي إستغربت وانتي اللي معتطيقيهوش، وقربت وسمعت كل حاجة.. سمعت اللي لو اتحكالي من الدنيا كلها مكنتش هصدقه فيكي ياعيشه، وعرفت سبب كرهك ليه وسبب عمايله معاي. 


خلص كلامه وإبتدا يتطوح، صرخت عيشه وجريت عليه وحضنته ووفقي لما لقاه عيطيح عالارض جرى ومسك منه رزق وسابه يقع ومعاه عيشه اللي مقدرتش على تقل جسمه، 

وقع على حجرها وبصلها بصة أخيرة فيها وجع ميتوصفش قبل مايغمض عنيه ويروح في عالم النسيان.

فضلت عيشه تصرخ وتصرخ لغاية مااتلموا عليها اهل البلد وطلع مرعي من السرايا ومعاه بته مصرية، شافوا المنظر وسمعوا عيشة اللي عتدعي علي وفقي بالموت وتتوعدله بالأذى لو إلياس جراله حاجة ومحدش خابر إيه السبب!


نقل مرعي إلياس بعربيته للمستشفي وعيشه معاه، اما وفقي فقعد برزق في السرايا، حاضنه كأنه كنزه اللي خايف حد ياخده منه، مصرية تلف حواليه وتسأله عن اللي حصل ومستغربه مسكته للواد وانه عمال يوكل فيه ويشرب ويبوس وكأنه ولده! 

مستغربه حالته وفنفس الوكت الغيرة عتنهش فقلبها من المحبه اللي شايفاه عيعامل الواد بيها.. ألف سؤال وسؤال على لسانها وفقلبها ومفيش عليهم أي إجابه منه غير السكوت، وبس رجع أبوها من البندر وبلغ وفقي بخبر موت إلياس كانت صدمة الكل وهما واعيين وفقي مقادرشي يدس فرحته، مقادرشي يسيطر على إبتسامته، وإبتدا يشم فى الواد وكأنه ولده اللي كان تايه منه وردله بعد سنين.


كانت جنازة إلياس حارة وعيشه خربت الدنيا صراخ وعويل وأمه كان حالها حال، واللي الناس كلها مستغرباه عيشه وهي عتدعى على وفقي من وسط صراخها.

اندفن إلياس وعيشه جريت على السرايا، دخلتها كيف الإعصار وشافت وفقي قاعد بالواد وقباله قاعده مصرية، هجمت عليه كيف النمرة وخطفت الواد منه وقالتله:


-بعينك الواد ياكلب ياخسيس، بعينك اللي كنت واعي ابوه واقف وسمعته اللي مخلاش قلبه قدر يتحمله ووقف عن النبض ومات مكمود بغيظه وصدمته، 

بعينك تفرح وتبني فرحتك من هدد بيت كان عمران، واني وانت والايام بينا ولو شفتك قربت من ولدي هنهش قلبك بسناني نهش ياوفقي.


خدت الواد وعاودت بيه البيت، قعدت ولما بصت للواد حست إنها عتشوفه لأول مره، شافته نسخه من وفقي!

شافته ثمرة وبذرة من شيطان رجيم، متعرفش ليه قلبها مرفش عليه النوبادي، وكأنها كانت عتحبه لمحبة إلياس ليه وتعلقه بيه، مش لأنها أمه.. وبموت إلياس زال سبب المحبة وكل اللي فضلها إحساس إنه حاجة عتفكرها بغلطها القديم، حاجة كانت السبب فموت إلياس، الإنسان اللي حبها من كل قلبه، اللي اداها محبه صادقة من غير مقابل.

فضل قلبها يتمرجح بين مشاعر متناقضة وبعدها نخ لما رزق ميل عليها وباسها وحاوط رقبتها بأديه الصغيرين.. وإهنه أمومتها صرخت تدافع عن ذاتها، فحضنته وابتدت ترضعه وغمضت عيونها وهي عتتخيل اللي جاي مع وفقي من غير إلياس هيكون كيف، 

وحياتها كلها أصلًا من غير إلياس هتكون كيف.


وفقي بعد عنها وعن الواد فترة، مكانتش عارفه تحدد دا خوف من انها تتكلم وتفضح السر ولا إحترام لحرمة الميت؟ 

بس الأكيد إنه مش هيسكت للابد.. وهيرجع تاني يحاول يقتحم حياتها بأي شكل من الأشكال.


وفعًلا هو دا اللي كان في نية وفقي، إنه هياخد رزق بس بالهداوة، وخلاص دلوك مش محتاج ياخده بالحيلة، هياخده بالقوة وعليه وعلى الدنيا السلام.

لكن القدر كان ليه رأي تاني.. لما فليله رزق سخن وتعب تعب شديد، خدته عيشه وجريت على أبوها واستنجدت بيه يوديها المركز لدكتور، وابوها راح لشاكر عشان يتصرفله فمواصله هو أخف وأشد، وجاب شاكر العربيه وراحوا بيه كلهم، عيشه وابوها وسته وشاكر واختها روايح.

وهناك بعد ساعات الواد كانت روحه فايضه للكريم.. وادي تالت اكبر وجع تشوفه عيشه، وديه الوجع الأكبر مابينهم.. 

راح رزق وكأن روحه كانت متعلقه بروح إلياس وحصلتها، أو كيف ماتكون حسرة إلياس خلت القدر يحرم وفقي من الفرحة كيف ماحرم إلياس من شبابه وحياته، 

عاودت بيه وهو ملفوف فكفنه ودفنته قوام قبل ماوفقي يدرى.


حرمته من إنه يودعه وهي خابره زين إن ديه هيحش قلبه حش، وعلى كد زعلها على ولدها على كد شماتتها فوفقي لما يعرف بموته.

وفعلًا صحي وفقي على اصعب خبر في حياته، رزق ولده وفرصة عمره اللي خطفه منه الموت بس غفل عنه.


يومها بكى كيف العيل الصغير وراح علي قبر رزق وبقى يتخبط قدامه كيف الطير المدبوح، وعاود لمصرية اللي صرخت فيه بنفاذ صبر وقالتله:


- شوف ياوفقي، كل اللي عتعمله ديه مش طبيعي، الموضوع فيه إنه واني لازمن اعرفها وهعرفها، وصدقني يوم مااتأكد إن شكي فمحله هوديك ورا الشمس.

بصلها وفقي وقام دخل أوضته من سكات، نام وهو مقهور وصورة ولده مرايحاش من باله ولا ضحكته وصوته رايحين من ودانه.. ويوم عن يوم ابتدا يتقبل ويرضى ويعاود لشغله، بس خد قرار إنه هيفضل متكفل بعيشه ويجيبلها اي حاجة تحتاجها، ويكفيه منها إنها كانت سبب في فرحة قلبه فيوم من الأيام، وإنه داق بسببها كل المشاعر الحلوة، الحب والابوه ونقلت قلبه من إحساس لإحساس.

لكن عين مصرية اللي كانت عليه كيف عيون الصقر مراقبينه مخلوهش يعرف يعمل لعيشه اي حاجة، وحتى عيشه نفسها كانت نافره منه، وعشان يعرف اخبارها وحالها قرب من شاكر وحطه بدال إلياس دراعه اليمين.. وشاكر برغم انه كان عارف الفوله من لاول، إلا إنه وافق يكون مع وفقي وينقله كل اخبار عيشه عشان الفلوس.

ومن يومها عاشت عيشه وحيده رافضه الجواز، يبعتلها وفقي من وكت للتاني فلوس مع شاكر مره ترفضهم ومره تاخدهم لما يكون دايق بيها الحال، ابوها مات وحماتها كمان ماتت وبقت لوحدها، 

تعدي عليها الايام شبه بعضها، مفيش غير اختها روايح اللي عتروح وتيجي عليها وتهون عليها الوحده بولدها عزام اللي هي كمان مجابتش غيره،

وزي مايكون القدر يغفل عن عيشه هبابه وبعدها يفتكرها ويفتكر إنه بقاله كتير ناسيها من غير حزن فيرمي عليها عباية الحزن من تاني.


والنوبادي كانت اختها روايح، آخر الحبايب، واللي تعبت وجالها فشل كلوى وبقت تغسل كلى وبعدها بسنه وحده ماتت.

وهملت ولدها عزام لعيشه تربيه وشاكر اللي فضل وفي ليها ومرضيش يتجوز من بعدها، ودي كانت حكاية عيشه مع وفقي.


عدت السنين وكبر عزام وبقي راجل ودخل الجامعه وهما على دا الحال، لغاية ماشافها مؤمن أبو نواره فمره وهي جايه تاخد من شاكر شروة سمك كان موصيلها عليها مع السمك اللي عيجيبوه نواره وابوها للسرايا، وكتب القدر كلمته.


في الوقت الحالي..

رفعت نواره راسها وهي عتحس بيد مسكت دراعها وعتقومها، بصت شافته أبوها مؤمن اللي قالها بحنان:

-قومي يابتي، قومي وليكي رب كريم اشكيله وادعيه والدعا عيبدل القدر، قومي وربنا عليكي احن من البشر.

قامت ورجعت معاه البيت وهي مكسورة الخاطر خايبة الرجا دموعها كيف المطر

قابلتها عيشه اللي كانت مستنياها عالباب وخدتها فحضنها وطبطبت عليها بحنان ونواره انهارت وهي عتقولها:

-نفسي اشوفه قوي ياخاله عيشه، هموت وابص عليه واتملا فملامحه داني مسمعتش غير حس بكاه، نفسي احطه على صدري وارضعه من اللبن اللي عيخر وتشربه الهدوم وولدي عيشرب لبن صناعي، عايزه أشم ريحته ياناس.

سكتت عيشه وبصت بعيد بتفكير وهمست لنواره:

-طيب واللي يخليكي تشوفيه وترضعيه بس بشرط.

رفعت نواره وشها وردت بلهفه:

-ياخد روحي، ياخد عمري، اديه اللي يطلبه. 

قالتلها عيشه بهدوء:

-ولا عمرك ولا روحك، كل المطلوب منك سكوتك، وانك متأذيش اللي هيساعدنا ويخاطر ويخليكي تشوفي ولدك وتاخديه فحضنك قولتي إيه، هتقدري؟

ردت عليها نوراه وهي عتهز دماغها بموافقة كيف الغريق اللي اتشعبط في قشايه:

-هقدر، والله هقدر بس أشوف ولدي، هقدر وليكي مني وعد شرف.


بصلها مؤمن وسألها:

-ناويه على إيه ياعيشه؟

ردت عليه بتصميم:

-ناويه نتعاملوا مع وفقي ومصرية بنفس اسلوب اللف والدوران واللوع بتاعهم.

خلصت كلامها ولبست ملسها وطلعت راحت لشاكر السرايا، ندهت عليه وبص عليها من خرم الباب ولما لقاها عيشه فتحلها وهو عيتلفت حواليه وقالها:

-شكلكم مش هتهمدوا غير لما تقطعوا عيشي.. عايزه ايه ياعيشه؟

-عايزه منك طلب وبحلفك بغلاوة روايح ماتردني.

اتنهد وقال:

- الف رحمه ونور عليها، قولي ولو فيدي متأخرش.

-نواره تشوف ولدها وترضعه.


رد عليها وهو عيقفل الباب فوشها:

-يعني جايه تحلفيني بالغالية لجل اوافقك تخربي بيتي ياعيشه؟ ماقولنا ريحوا هبابه وهدوا يابوي ولا انتوا عتنكشوا عالأذي نكش، روحي مصريه مفتحه عينها عالبوابة كيف كلب الحراسة اليومين دول.

خلص كلمته وسمع حس مصريه عتقوله:

-مين اللي عالبوابه ياشاكر؟ 

رد وهو عيقفل الباب:

-هاه، مفيش، ديه واحد عيسأل على وفقي بيه. 

همستله عيشه بأمر:

-هجيبها وناجوا بعد نص الليل تكون صاحي وقاعد ورا البوابه واول مااهمسلك تفتح بهداوه وتدخلها السرايا، خابره إنك مهتقدرش تجيب الواد ولو اتعكشت هتروح فداهيه عشان إكده هي اللي تدخل وتتسحب


 ولو صحيت مصريه هتتخبى منها فأي زنقوره، تشوف ولدها وترضعه وتطلع لا من شاف ولا مين دري، حن ياشاكر دانت خابر غلاوة الضنا ومجرب فراق الحبايب.. حن ولا لقطت قسوة من اللي مشغلينك؟ 


 اتنهد وسكت مردش وهي مشت بس كانت متأكده إن شاكر هيعمل اللي قالتله عليه وقلبه مش هيطاوعه، أصله طيب وهي خابره ديه زين. 


أما فبيت قاسم.. 


قاسم بص لأركان اللي قاعد قدام التلفزيون باصص عليه بس عيونه شارده، فهمسله بحنان:

-اركان، حبيبي.. ريكو 

انتبهله اركان ورد عليه:

-هاه، ايه بابابا كنت بتقول حاجة ياحبيبي؟ 

قاسم -كنت بقول إيه رأيك لو تسافر تاخدلك اسبوع كده فاي مكان تحبه تتفسح وتغير جو وترجع؟ 


اركان -قصدك ابعد.. أهرب مش كده؟ لا يابابا مش هبعد ومش ههرب وعارف إن خطوبتها بكره وهروح وهحضرها كمان، وهبارك واهني واسقف وارقص واعمل الواجب. 


قاسم-اركان متعملش فنفسك كده يبني حرام عليك. 


اركان-وهو انا بعمل ايه يابابا، دانا عايز لشوفها وهي مع عريسها واشوف الفرحه فعنيها، يمكن لما العين تشوف القلب يصد، وحاجة كمان.. 

قاسم -ايه هي ياقلب ابوك؟ 


اركان - عايز اسيب الكلية واقدم في كلية الطيران ينفع؟ 


قاسم -هو من ناحية ينفع انا أنفعلك المينفعش، بس ياحبيبي انت لسه بتقول هواجه ومش ههرب، منين بتقول كده وفنفس الوقت عايز تفضل طاير في الجو زي الطير المهاجر؟ ياأركان ياحبيبي استنا ومتاخدش اي قرار في أي حاجة دلوقتي لأن مشاعرك هي اللي بتحركك وتسيطر على كل قراراتك، اهدا شويه وادرس كل خطواتك كويس عشان متخطيش خطوة غلط ورجلك تزلف وتقع وتندم. 


اركان- يابابا مش انا وانت عارفين إن الكلية اللي دخلتها دي لا هي طموحي ولا شبهي ودخلتها عشانها، دلوقتي زال السبب هفضل فيها ليه؟ أنا دلوقتي بحاول إني ارجع الطريق اللي مكانش بتاعي ومشيته ورا نجمه وامشي في الطريق الصحيح، فشجعني بدال ماتخاف عليا من التوهان وانا أصلَا تايه. 

سكت قاسم يفكر شويه وبعدها رد عليه:

-طيب بص انت خلاص داخل علي اجازة آخر السنه وقدامك ٣ شهور اعتبرهم مهلة للتفكير، إيه رأيك انا وعمك غريب والواد الغتت يمان هنعمل اكاديمية عسكرية معتمدة، ماتيجي تجرب ولو عجبتك حياة العسكرية وانا متأكد إنها هتعجبك.. تقدم في كلية شرطة وترجع لقواعدك الطبيعية بقى يبني.. إحمل مني اللواء وخليك إمتداد ليا اللواء تقيل وجعلي كتافي. 


سكت أركان وفكر شويه وبعدها رد على ابوه:

-هتكون فين الاكاديمية دي؟ 


قاسم -بص مكان ماانت عايزها تكون نخليها، لو عايزها عالمريخ من بكره نبدأ نشغل المكوكات اللي هنطلع بيها. 

اركان -طيب خليها بعيدة، خلي بينها وبين هنا مشوار ساعات، مش عايز لما افكر في الجيه واشتاق لهنا اقدر اجي. 

رد عليه قاسم بفرحة:

-أوعدك مش لو فكرت مش هتقدر تيجي، دانا هخليك لو قطعت شرايينك مش هتعرف تيجي. 

رد عليه اركان بشرود:

-وهو ده المطلوب. 


عدت الساعات الباقية بطيئة على الكل، نجمة اللي الوقت مكانش راضي يعدي عشان يجي بكرة وتقعد اكبر قدر ممكن مع ايان وتتكلم معاه، تبصله وهو يشوفها فى اجمل صورة شافها فيها من يوم ماعرفها.. 

وإيان اللي بيجهز للخطوبة وحاسس إن كل الوقت اللي بيضيعة في التجهيز ده كان ممكن يقضيه في حاجة افيد وأهم.. 

وأخيرًا اركان اللي كان حاسس إنه بيتخنق مع كل دقيقة تعدي، وقام على كل صور نجمة المتعلقين فأوضته شالهم وركنهم، وإتمنى لو إنه يقدر يشيلها من قلبه بنفس السهولة اللي شال بيها الصور..


 وأخيرًا فتح الدولاب وإختار أشيك بدله عنده عشان يروح يحضر بيها خطوبة نجمه. 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة