-->

رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 12 - السبت 10/5/2025

 

قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نجمة أركان

الجزء الرابع من رواية فرعون

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف

الفصل الثاني عشر 

تم النشر يوم السبت 

10/5/2025



قرب إيان من نجمه بسرعة ووقف قدامها وملامحه باين عليها الضيق، فبصت لأركان بعتب وغضب في نفس الوقت لأنه هو السبب في حالة إيان، لكن المفاجأة لما إيان اتكلم وقال:

-نجمه حصلت حاجة غير متوقعه، القرده سقطت إمبارح، الجنين مات فبطنها بدون إنذار، من غير أي أعراض مرض أو ضعف، لآخر مرة كنت براقب فيها مؤشراته الحيوية كان تمام وحالته مستقرة، أنا هتجنن من الفجر من ساعة مادا حصل، أنا حاسس بإحباط شديد، كده هضطر اعيد التجربة من اول وجديد، هلقح القردة واحقن جنينها واعيد كل الخطوات.

لسه نجمه هتتكلم وتواسيه لكنه غير دفة الكلام وبص لأركان وقاله:

-شكرًا ليك ياأركان عشان جبت نجمه معاك، كده أفضل وآءمن، إبقى هاتها كل يوم في طريقك.. يلا على سكاشنكم المحاضرات دقايق وتبدأ.

خلص كلامه واتحرك فورًا من قدامهم، وأركان بص لنجمه اللي كانت مذهوله من الموقف، يعني كل غضبه دا بسبب فشل تجربته! وهي اللي كانت فاكرة إنه بسبب الغيرة عليها، لأ وكمان بيقول لأركان إبقى هاتها كل يوم!

اتنحنح اركان وقالها:

-احممم، طيب نسيب الباب ونتحرك شوية كده عشان نقفله بس وابقى كملي إستغرابك بعيد شوية. قال خطيبها هيدايق مني قال، طب دا بيغير على قردته اللي فمعمله اكتر منك، روحي ياشيخه روحي.


إتحركت نجمه وقفلت باب العربيه بعد ماأخدت شنطتها، وقررت إنها تروح لإيان مكتبه، لأن اللي خايفه منه أهو بيحصل، معاملة إيان ليها قدام الناس، كأنها غريبة عنه متربطهمش صلة ولا يهمه أمرها.

راحت المكتب، خبطت ودخلت وأول مارفع دماغه وشافها قالها:

- اهلا نجمه تعالي، إيه فيه حاجة ولا إيه؟

ردت عليه نجمه بغضب:

-ايوه ياإيان فيه حاجات مش حاجة وحده، أولا إنت ازاي تتجاهلني كده قدام أركان، وإزاي متصالح كده مع ركوبي عربيته وجيتي معاه؟ وازاي معندكش تحفظات عليا من أي نوع؟!


رد عليها وهو بيقلع نضارته ويقوم من فوق مكتبه ويقف قصادها:

-قصدك إني مش بغير عليكي صح؟ كنتي منتظرة تشوفي مني المشاعر المراهقة والغيرة وزعيق بقى وانتي ازاي تركبي مع شاب ومن النهاردة مفيش الكلام ده.. 

وأظهر بقى في صورة الدكتور اللي بقى باد بوي عشان حبيبته الطالبة، ونبقى حديث الجامعه كلها لأسابيع ويمكن لشهور، كل المشكلة اللي انتي فيها دلوقتي إنك عايزه تلقي الضوء على علاقتنا بأي شكل وتظهريها للكل وانا فاهم دا كويس، وحقيقي بدات اقلق من إن سبب إرتباطك بيا يكون للغرض دا مش اكتر.

ردت عليه نجمه بإعتراض:

-لأول مرة تكون غلطان في تفسير وتحليل حاجة يادكتور، أنا مش عايزه اظهر حاجة، أنا بس طالبه شوية مشاعر، تصرف يثبتلي انا قبل أي حد إنك مهتم لأمري.

رد عليها إيان بحزم:

-وأنا سبق وقولتلك إني أنضج من كده، وبالنسبة للإثباتات فكون إني خطبتك وطلبتك للجواز دا في حد ذاته يموت اي شك جواكي من أي نوع، نجمه انا صارحتك بطبيعة شخصيتي وإنتي بناء عليه قبلتي الإرتباط، فمتجيش تحاولي تغيري فيا لإن دا مش هيحصل، وغير إن السبب اللي زعلانه عشانه تافه جدًا من وجهة نظري.

يعني إيه أغير من واحد كان قدامك طول الوقت وفضلتيني عليه واختارتيني؟ طيب مالو هو وحش أو اخلاقة مش كويسه منتي مكونتيش وافقتي تركبي معاه عربيته، ولا ابوكي كان رضي بقعاده فبيتكم ومعاكي وماأظنش إن ابوكي من النوعية اللي بترفع الإريال وتتجاهل حاجة زي دي ولا طبعه إنه يرضي علي بنته الغلط. 

وانا شايف انك كبيرة وواعيه بالقدر الكافي عشان تفرقي بين الغلط والصح وتعرفي تحافظي على نفسك.

نجمه خليكي زي مانتي لو سمحتي، حافظي على صورتك اللي فعيوني والفكرة اللي واخدها عنك، لأنك لو عرفتي أنا شايفك ازاي هتخجلى من أفعالك المتصابيه دي.

بصتله نجمه ومعرفتش ترد، فكمل كلامه وهو بيلم أوراق محاضراته ويحطهم في شنطته:

بصي يانجمه، أنا المفروض ازعل منك دلوقتي وآخد موقف وموقف كبير كمان، انتي جاية بتحاسبيني عشان شعور المفروض أحسه وتصرف فرضتيه عليا عشان بتشوفي اللي حواليكي بيتصرفوه ، في حين إنك تجاهلتي الكارثة اللي حصلت في تجربتي وجيت قولتهالك ودا شيء المفروض يهمش عندك اي حاجة تانية وياخد كل تركيزك وتفاعلك وإنفعالك، إنما انتي اتصرفتي بمنتهى الأنانية اللي في الدنيا، نفسك ومشاعرك وانا مش مهم، بدال ماتهوني عليا بتشتتيني، وأحب اقولك إن أول أجراس الخطر بدأت تدق في علاقتنا.. والأمر فأيدك لأني مفهمك من البداية اني مش هستحمل ضغط.. 

وفيه اقتراح كمان.. انا عايز اقدم جوازنا نخلية في الأجازة لأن دي خطوة مرهقة وعايز أخلص منها، وكمان بعد الجواز أنا هنقل من الجامعه هنا خالص وهروح جامعة تانيه لأننا مش هينفع نكون في مكان واحد، مع اني مرتاح في الجامعة هنا لانها اقربلي، بس الظاهر إن متاعب الإرتباط اللي كنت عامل حسابها وخايف منها بدأت. 

بصتله نجمه بعتب ومتكلمتش، وهو كان خلص لم أوراقه وقفل شنطته ولف عليها، قرب منها ووقف قدامها وبص فعنيها ولانت نبرته وقالها:

-نجمه عارف إني قاسي عليكي شويه، بس دا انا ودا طبعي، ولآخر يوم قبل جوازنا هفضل اقولك راجعي نفسك في علاقتنا وإرتباطك بيا، لو شايفه نفسك هتتعبي معايا تراجعي وإبعدي، هزعل صحيح لأني بتمني من كل قلبي إنك تشاركيني حياتي، بس كون إنك تكوني مرتاحه وتعيشي حياتك بالطريقة اللي تناسبك دا عندي اهم. 


نجمه في اللحظة دي ركزت فعيون إيان فمشافتش فيهم غير حب، حب حقيقي بس متداري ورا جديته وحزمه، حب من نوع خاص متعتقدش إن حد حبه لحد قبل كده، فإبتسمت لقلبها اللي دق بعنف وقالتله:

-مش هراجع نفسي ياإيان، ومش هبعد عنك لأي سبب، وآسفه لو كلامي دايقك، والنهارده هروح معاك الفيلا عشان نشوف مع بعض ونبحث فى سبب فشل التجربه. 

رد عليها برفض:

-لأ طبعًا فيلا إيه اللي تروحيها معايا؟، خلاص الوضع إختلف دلوقتي ومبقاش ينفع، الأول كنا دكتور وطالبته والإجتماع له ألف سبب، إنما دلوقتي واحد وخطيبته فبيته ولوحدهم دا هيسيئلك ويسيئ لأهلك وانا ميرضينيش، أنا اه دكتور ومثقف، بس كمان فيه أصول لا علم ولا ثقافة يقدروا يلغوها، ودي وحده من الأصول. 

ودلوقتي يلا اتفضلي عالسيكشن بتاعك محاضرتك دقايق وتبدأ. 


خلص جملته وهو بيبص فساعته واخد شنطته وفتح باب المكتب وخلاها خرجت قدامه وهو خرج وراها، وراحوا كل واحد على مكانه. 

أما أركان فكان مراقب من بعيد، كان عارف إن نجمه رايحه ورا إيان بعتب، بس مكانش عارف هترجع من عنده بأيه، ولما لقاها راجعه بإرتياح على ملامحها وإبتسامتها على وشها إطمن، حس إن قلقه عليها وعلى مشاعرها مش في محله، وإن ايان بيعرف يتعامل معاها بحرفيه ويمتص غضبها ودا الأهم عنده، إنه يسعدها. 

خلص اليوم وخلصت كل المحاضرات، وخلاص نجمه خارجه عشان تروح مع أركان، بس وقفت علي باب السيكشن تبصله لما شافته واقف ومجموعه من البنات والشباب حواليه ملمومين وهو بطل التجمع، يتكلم والكل بيسمعله، ونظرات البنات ليه كلها تمنى وهيام، ودا شيء طبيعي بالنسبه لواحد زي إيان في وضعه الإجتماعي ومنصب أبوه، والأهم وسامته والكاريزما بتاعته. 


قربت منهم نجمه وأول ماشافوها الكل رحبوا بيها، ماهي رئيسة اتحاد الطلبه وأشهر وحده في الجامعه. 


باركولها على خطوبتها وطالبوها بحلاوة الخطوبة، فإتبرع أركان بإنه يدفع لكل واحد فيهم تمن طلب من الكانتين. 

وراحوا كلهم عالكانتين وأخدوا شيكولاتات وساقع وحاسب أركان وبعدها أخد نجمه بعربيته ومشيوا. 


وفي الطريق لأول مره من ساعة اللي حصل نجمه تتكلم مع أركان بهدوء، او تتكلم معاه أصلًا، فقالتله:

-آركان ممكن منروحش وتاخدني عالمعرض، حابه اختار عربيتي معاك، يعني انا اختار لونها وشكلها وانت تشوف لو كويسه أو اغيرها.

إبتسم أركان وهو بيلف دريكسيون العربية ويغير طريقه من غير تعقيب، واخدها على معرض السيارات اللي بيتعاملوا معاه.

وهناك نزلت نجمه وابتدت تبص عالعربيات وتختار مابينهم، وفي النهاية أركان كان عارف هي هتختار إيه، فسابها وراح لصاحب المعرض يستفسر عن السعر ويعرف المواصفات، ولما نجمه راحتله وبفرحة شاورتله على عربيه سوده كانت الافخم والأجمل من بين كل العربيات إبتسم وقالها:

-جميلة وانا خلصتلك فيها وإشتريتهالك.

بصتله نجمه وهي مذهوله وقالتله:

-إزاي وانا لسه قايلالك عليها؟ 

ولا انت جايبني معاك اي كلام واشتريت العربية اللي عجبتك انت بس الصدفة لعبت لعبتها؟

رد عليها اركان بثقة:

-لأ طبعًا مش كده، بس انا عارف ذوقك كويس، وعارف انتي هتختاري إيه، وعشان كده قولت استغل الوقت واشتري.. مبروك عليكي العربية. 

ردت عليه نجمه وهي بتبصله بإستغراب:

-مش مصدقاك، بس عمومًا حتي لو دا حقيقي فدي حاجة مش كويسه من وجهة نظري. 

بص لصاحب المعرض وقاله يروح لمكتب غريب او يتصل بيه ويخلص معاه إجراءات البيع وسابه واخد نجمه وخرجوا. 

َوعدوا على مطعم وعزمها على الغدا، ولأول مره تقبل عزومته من غير جدال، ولأول مره اساسًا تقضي معاه كل الوقت دا من غير الف خناقة وخناقة.. حرفيًا نجمة في اليوم دا كانت اهدا واكتر تقبل لأركان من اي يوم في عمرها. 

واثناء ماهما بياكلوا سألها أركان:

-قوليلي بقى إيه هو اللي مش كويس في إني ابقى عارف ذوقك وإختياراتك وبتحبي إيه وتكرهي ايه؟ 

ردت عليه وهي مركزه فطبقها:

-معرفش بس حاسه انها حاجة مش مريحة إن اللي قدامك يبقى عارف كل حاجة عنك، وانا هنا مبتكلمش عن الذوق في الإختيارات ولا الألوان مثلًا، انا بتكلم عن حفظ الطبع وتهكير الدماغ، إنك تعرف اللي قدامك بيفكر فأيه، ردود أفعاله على كل موقف، أيه الممتع في كده؟ 


بالنسبه للي فاهم هيكون الشخص اللي قدامه دا كأنه كتاب قراه كذا مرة لغاية ماحفظه وخلاص مفهوش جديد، والشخص المفهوم هيكون حاسس إنه مش واخد حريته حتى في التصنع، وكل شخص بيجيله وقت أو موقف بيتطلب تصنع من أي نوع، يتصنع الفرحة يتصنع الزعل، يتصنع الرضى يتصنع المثالية،

 إنت كده بتجبره يتعامل معاك بشخصية نمطيه مدي الحياة ودي من وجهة نظري حاجة بتحصل بس بين الزوجين، وبعد سنين طويلة من الجواز والعشرة، ووقت ماتحصل بيصيب الأزواج الفتور اللي بنسمع عنه والزوج بيروح يدور على وحده تانيه يكتشفها من أول وجديد والزوجه بتحس إنها غلطت في إختياره وإن فيه الأفضل منه بس هي تسرعت، الغموض مطلوب ومحبوب فى أي علاقة. 


أركان كان بيسمع كلامها بكل تركيز وسابها لغاية ماخلصت كل اللي عندها وبعدها رد عليها بمنهى الهدوء:

-الكلام دا مش صحيح، بالعكس دا طول ماأي اتنين بيكونوا في فترة تعارفهم ودراستهم لبعض، بيكونوا في حالة صدام دايم، مبيرتاحوش غير لما يفهموا بعض، الحالات اللي بتتكلمي عنها دي نادره أو قليله إن وجدت، دي شخصيات بطبيعتها ملوله، هوائية.. او زي حلاتك كده من هواة الغموض، مبتحبيش السهولة ابدًا، والحاجة لو متاحة قدامك مبتشدكيش، هو طبع والطبع محدش يلوم عليه، بس مش كل الطباع بتكون مبنيه على قناعات صحيحة، ويمكن دا اللي شدك لدكتور القرود، إنه شخصية غامضة ومعقدة.. المهم إنجزي خلصي أكل إتأخرنا وانا ورايا مشوار. 


ردت عليه وهي بتحط اخر لقمة فبوقها:

- يازفت متقولش عليه دكتور القرود تاني، ويلا قوم انا خلصت خلاص، شكرًا عالعزومة. 

خلصت كلامها وبصتله ولقته باصصلها ومبتسم فكملت بنبرة صوت احن.. شكرًا ياأركان على كل حاجة مش عالعزومه بس، شكرًا على رعايتك وإهتمامك، وأسفه، أسفه وغصب عني صدقني مشاعرنا مش بأدينا. 

رد عليها وهو بيطلع فلوس من جيبه عشان يدفع الحساب.. 

-ياستي اسفه على ايه بس، دا سبحان الله وعسى ان تكرهوا شيء وهو خيرًا لكم، يمكن لو كنت ارتبطت بيكي كنتي مررتي عيشتي، أكيد جواهر اتقبلت دعوتها في مرة وهي بتقولي ربنا يبعد عنك المؤذيين. 


برقت نجمه وهي بتشاور على نفسها وتقوله:

أنا مؤذيه ياحيوان؟ 

رد عليها بتاكيد:

-ايون انتي أشر وأءذى بني آدمة على وش الأرض، انتي ساحرة هربانه من زمن الساحرات، انتي قوة شريرة متخفية في هيئة بشر، انتي لعنة. 

زادت صدمة نجمه وهي بتسأله مرة تانيه: - انا كل ده؟ 

-ايوه انتي كل ده، واخلصي امشي قدامي قولتلك مش فاضي، ولا زمان مكونتيش بتطيقي تقعدي معايا ودلوقتي مش عايزة تروحي وتسيبيني! 

حلي اركان دلوقتي، بقى عليه سُكر؟

 

قامت نجمه واخدت شنطتها وسبقته عالعربية بخطوات سريعه، وهو مشي وراها وهو مبتسم على غضبها الطفولي اللي زادها فعيونه جاذبيه، وبيحاول علي قد مايقدر إنه يداري حسرته عليها ورا ضحكه وهزاره، بس دا ميمنعش شعوره بالإرتياح من الهدنه اللي عايشها معاها دلوقتي، وإن لو دي اخر أوقاتهم سوا قبل بُعده عنها وجوازها من غيره فدى اجمل مرحلة فحياته 


رجعها الفيلا ورجع هو علي فيلتهم ودخل أوضته يذاكر وهو حاسس بطاقة غريبة! 


أما نجمه فأول مادخلت من الفيلا شافت أمها واقفه في المطبخ وبتعمل اكل بكميات كبيرة!

سالتها بفضول:

-ايه دا ياماما هو انتي عامله الاكل دا كله ليه؟

ردت عليها ليل وهي مشغولة:

-ديه وكل هاخده معاي البلد يانجمه اوزعه على روح جدك وجدتك وأخوكي سند.


-ايه دا انتي خلاص قررتي السفر؟


-ايوه هياخدني ابوكي الليله ونصبحوا في البلد، نقضوا النهار ونعاودوا، يلا روحي غيري علبال مااجهزلك الوكل.

-لا انا اتغديت مع أركان.


-معتشبعيش من وكل بره اني خابراكي.


-لا المرادي شبعت والله، انا طالعه اغير هدومي واكلم إيان اطمن عليه وبعدها اذاكر شوية، متمشيش من غير ماتسلمي عليا اوك.


-ومن ميته عيملتها عشان اعملها دلوكيت يانجمه؟ روحي واني خلاص هبابه واخلص.


طلعت نجمه واتصلت بإيان اللي فتحلها كاميرا وابتدا يشرح قدامها على جنين القردة الميت ويتناقش معاها ويحطوا سوا الإحتمالات اللي أدت للوفاة، وبعد مناقشة طويلة قرر إيان إنه يستبدل القرده بوحدة تانيه فى فترة إخصاب عشان ميضيعش وقت زيادة، وطبعًا دا كله بيتم في سرية تامة لانه مش عايز أي حد يعرف أي حاجة عن تجربته دي.


وبعد ماخلصت كلام معاه جاتلها أمها سلمت عليها وودعتها، وبعد مامشيت امها جولها بنات عمتها نادية الاتنين عشان يباتوا معاها ويونسوها لغاية ماترجع مرات خالهم ليل.


واخد غريب ليل وراح بيها البلد، وزي كل مرة ترجع فيها البلد بتحس بنفس الشعور، يتخبط قلبها مابين إشتياق وألم وحنين وسعادة وحزن، بتفتكر كل حاجة عاشتها في البلد وكل معاناتها، من أول التنمر وهي طفلة لجوازها من مؤمن، لموت ابنها وموت أمها وابوها، لعمايل مؤمن فيها ورميه ليها، بس كل دا بيهون بنظرة وحدة لغريب، لعوضها اللي قاعد جنبها، لهدية ربنا ليها وعطيته الكبيرة، للي بيسيب الدنيا كلها وأشغالة ومنصبة عشان يوصلها بنفسه ويفضل معاها، يحتويها فلحظات ضعفها ويطمنها بوجوده، فتبتسم وتحمد ربها الف مرة.


وصلوا البلد أخيرًا، لبيتها اللي بتخلى وحده تنضفه ودايمًا ايدها فيه، والقيراطين اللي قدامه حولتهم لجنينة فيها شجر فاكهة.. من كل نوع شجرة او اتنين، محصولة كله يطلع صدقة ورحمة ونور على روح حبايبها، نزلت وسبقت غريب ودخلت البيت، ومن أول مادخلت من الباب حست بإنها دخلت في حضن ابوها وأمها، وسند إبنها إتشعبط في رجليها وحضنها منهم زي ماكان بيعمل لما ترجع البيت بعد خروجها .. هنا في البيت دا عاشت كل حاجة حلوة وعكسها، عاشت بين ابوها وأمها وخسرتهم، ولدت فيه إبنها وفقدته، مفيش بس غير جوازها من غريب اللي تم فيه ودي الذكرى الوحيدة السعيدة اللي متعكرتش ولا اتغيرت.


دخلت اوضة ابوها وامها، قعدت على سريرهم شويه وفتحت الدولاب وطلعت الهدوم وفردتهم على السرير وإبتدت تحكي معاهم وكأن اصحابهم عايشين وقاعدين قدامها.. كل دا وغريب واقف علي باب الاوضة وشايفها.. 

 حاسس بوجعها بس دي لحظة حنين ولازم تعبر عنها ومينفعش يقطع تواصلها مع أهلها حتى لو فخيالها.

بعدها خرجت وراحت عند الساقية المهجورة، قعدت على حرفها، نشفت صحيح من المية بس هي لسه بتشوفها مليانه ميه وسند عايم على وشها، بهدومه وشنطته، بكت كتير في حضن غريب وبعدها قامت وراحت عالمقابر، وهناك وزعت الأكل وفلوس، وفرحت الاطفال بالحلويات اللي عاملاها، ورجع بيها غريب عالبيت وهي مفرفره من التعب والحزن، دخلوا واخيرًا قدر يخليها تاكل لقمة معاه بالعافية،وأثناء ماهما بياكلوا باب البيت خبط!

قامت ليل تفتح، واول مافتحت شافت بنت جميلة واقفه على الباب.

سألتها بإستغراب:

-انتي مين يابتي وعايزه إيه؟

ردت عليها البنت بحزن:

-اني ياخالة وحده جايه طالبه مساعدتك، اني كنت مستنياكي ومستنيه جيتك انتي او ست جواهر من وكت طويل وماصدقتك تاجي، خابره إني لو لجأت لبابك مهتردينيش خايبة الرجى، واللي سمعته عنك خلاني أشوفك طوق النجاة ليا من المرار الطافح اللي اني عايشه فيه.


- وه، مرار ايه يابتي كفالله الشر، وإيه الكلام الكبير قوي ديه، ادخلي طيب من جوه وقولي فيه ايه وغوشتي قلبي!


ردت عليها البنت بإختصار:

-مليهاش لزمة الدخلة لو مش هلاقي حداكي الأمان اللي عدور عليه.. اني "جواهر" جواهر بت محروس.. طبعًا الإسمين مش غُرب عنك، خابره إنك عارفه كل قصتي، اني طالبه منك تساعديني، تاخديني من إهنه، تكتبيلي حياة جديدة معاكي فبحري، اني من يومي واني شايلة ذنب ابوي وعتعاير بعمايله، وأمي اللي ماتت وهملتني اقاسي لحالي اتمنيت لو انها ماخلفتني ولا جابتني للدنيا، مفيش عرسان عتاجيني وكأني انا اللي غلطت مش أبوي!

وناس امي نافرين مني ومشايفينيشي غير وش الشوم عليهم، وناس ابوي مفيش منهم حد عايش ياخدني، كتير فكرت اموت نفسي بس حتي الموت مش راضي بيا.. خديني معاكي ياست ليل أحب على يدك، خديني خدامة ليكي واني هخدمك برموش عنيا، وبلقمتي ونومتي لآخر عمري.


بصت ليل لغريب اللي كان سامع كل حاجة، وسألته بعيونها تعمل إيه؟ فقام وجه وقف جنبها وقال للبنت:

-قوليلي ياشاطرة انتي عايشة مع مين دلوقتي؟

ردت عليه جواهر قوام:

-مع خالي ومرته.

رد عليها:

-طيب وخالك إيه رأيه فاللي عايزه تعمليه ده، يعني هو موافق إنك تسيبي البلد وتسيبي بيته كده عادي؟

ردت عليه بتأكيد:

-والله ياباشا هو مطايق يبص فوشي، وليل نهار يدعي عليا بالموت هو ومرته،دول حتي اللقمة اللي عاكلها من ورا عيالهم مستكترينها علي، نومتي اللي على الأرض وفرشتي المهلهلة مستخسرينها في.


بص غريب لليل وهزلها دماغه بإستفسار يتصرف إزاي؟ وهي رفعتله كتافها بحركة معناه معرفش فبص لجواهر وقالها:

-طيب بصي انا ممكن ادي خالك فلوس كل شهر نظير إنه يعاملك احسن من كده ويتحملك هو ومراته، وصدقيني لما يلاقي من وراكي منفعة هتلاقي معاملة تانية خالص. 

ردت عليه جواهر برفض:

-طيب ماانت إكده هتوبقي سكت خالي بس عن اذيتي، إنما وضعي هيفضل كيف ماهو، كل الحكاية انه مهيسمعنيش كلمة عفشة بس هشوف فعيونه الكره لساه موجود كل مايبصلي، الفلوس صوح تشتري سكوت بس ماشتريش محبه واصل، وديه محملني ذنب موت أمي، ارحمني وخليني أهمل إهنه ياباشا أحب على يدك اني تعبت من كره الناس ليا. 

سكت غريب شوية وبعدها قالها:

- طيب روحي وابعتيلي خالك، قوليلة غريب باشا جوز ليل هانم عايزك ضروري. 

ضحكت جواهر وجريت من قدامهم بسرعة علي دار خالها تندهه لغريب وكلها امل إنها تطلع من كل اللي عايشاه وإن جه الوكت اللي ربنا استجاب فيه لكل دعواتها اللي عتدعيها فجوف اليالي. 

وصلت البيت ودخلت كيف الإعصار وكان خالها عياكل هو ومرته وعياله، بصلها وزعق فيها:

-ايه تور هايج داخل الزريبه؟ مالك يامايله حد رامح وراكي ولا ايه وكنتي فين؟ 

ردت عليه جواهر وهي بتنهج:

- الحق ياخال الباشا الكبير قوي في المباحث جوز الست ليل طالبك بالإسم، عيملت إيه ياحزين كنه هيحبسك ولا يعدمك. 

رمى خالها اللقمة من يده واللقمة اللي فخشمة بلعها بالعافية وبص لمرته بخوف وقال:

-ياسنه سوخه، الباشا طالبني ليه والله ماعيملت حاجة، يحبسني إيه ويعدمني كيف؟ 

ردت عليه مرته بخوف اكبر:

-يكونش سلمان صاحب الدكان بلغ عنيك بالدفتر اللي فيه الدين ياحزين؟ روح واقع فعرض الباشا وقوله انك هتبيع المحصول وتسدده، ولو مرضاش تعالا بيع الحجل الفضة بتاعي الوارثاه عن أمي وسدد ماعليك، قوم وهمل الوكل دلوك. 


خلصت كلامها وبصت لجواهر وقالت:

-اني خابرة إن طول مالبومة داي في البيت مهنشوفوش عدل، اهي بس طلعت جابت الاخبار اللي كيف وشها وجايه فرحانه تزفهالنا، يارب خدها وخلصنا منها يارب. 

رد عليها خال جواهر وهو عيرفع اديه التنين للسما بتمني:

-يارب إسمع منها وخدها اني جضيت منها ومن بوزها الفقري ديه. 

طلع من البيت وطلعت وراه جواهر، بصلها وقالها:

-وانتي غايره وين وراي يابوز الإخص انتي؟ 

- رايحه معاك ياخال عشان لو ركبوك البوكس وخدوك اجي اقول لمرت خالي احسن تقلق عليك. 

رد عليها بغضب:

-يركبوكي سبع عفاريت بعيالهم بحريمهم قولي آمين يابعيده. 


مشى ناحية بيت ليل بخوف وجواهر ماشية وراه بفرحة، واول ماوصل كانت بوابة الجنينة مفتوحة وغريب قاعد عالمصطبة اللي قدام البيت، كح ودخل ووقف قدام غريب وسأله بخوف:

- خخ خير ياباشا المزغودة قالتلي إنك عاوزني، هو اني عيملت إيه؟ 


بصله غريب بصة إتهام خربطت احواله وزودت خوفه وبعدها قاله:

-بنت اختك دي مش كده؟ 

-إيوه ياباشا، عيملت حاجة الفقريه داي ولا ايه، حاكم اني خابرها عامله كيف الفروج متعاودش غير بالوسخ فرجليها. 

رد عليه غريب بحزم:

-لأ معملتش حاجة بس مدام ليل كانت بتدور على بنت تساعدها فشغل البيت في القاهرة وناس رشحولها بنت اختك، فجايبك اسألك لو توافق أو عندك مانع. 

رد عليه خال جواهر بسرعة وبدون تردد:

-له يابيه مانع ايه ديه، خدوها، خدوها من دلوكيت، هروح اجيبلها خلجاتها واجي قوام.

خلص كلامه واتحرك فوقفه غريب بصوته القوي:

-استنا تعالا هنا، متجيبش حاجة هي مش هتحتاج هدوم من هدومها دي،، وحاجة كمان شغلها هيكون بلقمتها وكسوتها يعني مفيش فلوس، عشان متجيش تنطلي كل يوم والتاني تقولي عايز فلوس من شغلها، لو شفت وشك قدامي مش هخلي الدبان الازرق يعرفلك طريق فاهم؟ 

رد عليه بخوف:

-فاهم، فاهم والله ياباشا ومش هتشوف وشي ولا هسأل عليها ولا عاوز أشوفها. 

خرج من بيت ليل وهو بيحمد ربه على إن الغمة اللي اسمها جواهر إنزاحت من حياته، ورجع لمراته بالبشرى اللي خلتها طارت من الفرحة لدرجة انها زغرتت وسمعت كل الجيران. 


اما جواهر ففضلت تتشكر لغريب وليل وكان ناقص تبوس على اديهم ورجليهم،

اخدتها ليل ودخلت بيها البيت وفضلت تتكلم معاها وتسألها عن حياتها، وجواهر حكتلها كل حاجة حصلت معاها من يوم ماوعيت عالدنيا.. وعرفت من الناس اللي عمله أبوها معاها ومع جواهر بنت اخوه، وعرفت إن أمها قتلته ودا سر كره الكل ليها،ومن ساعتها وهي بتتعرض لأصعب أنواع التنمر والسخرية، واتحاكمت هي بأفعال ابوها، 

محدش كان بيرضى يدخلها بيته ولا يخليها تلعب مع بناته بحجة إن دمها نجس واكيد اخلاقها مش تمام زي اخلاق ابوها محروس. 

أما غريب فخرج من البيت وراح يتمشى في البلد شوية وهو بيفكر، ياترى غلط لما قرر إنهم ياخدوا البنت دي معاهم؟ ولا ربنا بعتهم ليها في الوقت دا نجده لانها صبرت وآن أوان عوض ربنا ليها. 


عدى اليوم وعلى آخر النهار غريب وليل كانوا مروحين ومعاهم جواهر، جواهر اللي كانت كل ماتبعد عن البلد تحس بإحساس الطير المحبوس من صغره جوا قفص ودلوقتي بس اتحرر، غمضت عنيها واتنهدت براحه وليل إبتسمت وهي شايفاها، لأنها عارفه بالظبط هي حاسه بأيه دلوقتي.

 وإنه قد إيه إحساس مريح لأنها جربته قبلها، وكأن البلد دي ملعونة ولعنها مبتتفكش غير لما الواحد يسيبها ويهرب منها. 

وصلوا القاهرة على وش الصبح، ودخلوا الفيلا هما التلاته، ليل اخدت جواهر لأوضة جنب إوضة نجمه وقالتلها:

-بصي ياجواهر، داي هتكون أوضتك من إهنه وطالع، هروح اجيبلك خلجات من بتوعي تغيري وتلبسيهم لحد بكره هاخدك واشتريلك خلجات زينين على مقاسك وذوقك. 

ردت عليها جواهر بفرحة وإمتنان:


-شالله تعيشي يارب ياست ليل ويسترك ستر فاطمة بت النبي ويستر ولاياكي ويحفظلك حبايبك، هاتي الخلجات لجل اغير قوام واندلى اشوفك عايزه مني إيه اعملهولك. 

ردت عليها ليل بإبتسامة:

-له دلوك انتي تنامي وتريحي جتتك مفيش حاجة هتتعمل النهاردة، المساعدة هتبتدي من بكره النهاردة أجازة. 

خلصت كلامها وسابت جواهر ونزلت تجيبلها الهدوم، أما جواهر ففضلت تتلفت حواليها على الأوضة والفرش وهي مش مصدقة نفسها،

 وخاصة لما قعدت على السرير وشافته قد إيه مريح وفرشه جديد والغطى ناعم وينادى الواحد للنوم، وأفتكرت فرشتها وغطاها اللي في البلد، اللي لا يشبهوا الفرش ولا الغطى بشي. 


رجعتلها ليل بالهدوم وبصينية وكل عليها مالذ وطاب، كلت جواهر لما ملت بطنها ودخلت بعدها إستحمت ولبست وبصت لنفسها في المراية وحست بتغيير كبير، وكأن ملامحها إحلوت بين يوم وليلة، وهمست لروحها:

-ايه ديه ياجواهر، دانتي بس شميتي ريحة السرايات إحلويتي ووشك نور! إيشحال ماتعيشي فيها هبابه..

 يارب الف حمد وشكر ليك عشان عطيتني اكتر من اللي طلبته منك، اني كل اللي كنت عتمناه الستر وحد يوفرلي لقمة ونومة وهدمة من غير مذلة، وانت وهبتهملي بكرمك وجودك، ديمها عليا نعمة واحفظهالي من الزوال يارب. 


أما نجمه فصحيت الصبح قبل بنات عمتها وخرجت من الأوضة تتسحب عشان متزعجهمش، وخلاص نازله عالسلم سمعت طقطقة في الأوضة المقفولة اللي محدش بيدخلها، خافت وفتحت الأوضة بشويش وإتفاجأت بجواهر قاعده قدام التسريحة بتسرح شعرها، فسألتها بإستغراب:

-انتي مين وإيه اللي جابك هنا؟ 

ردت عليها جواهر بإبتسامة:

-اني جواهر، خدامتكم الجديدة


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة