رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 16 - الثلاثاء 20/5/2025
قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
قراءة رواية نجمة أركان
الجزء الرابع من رواية فرعون
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة ريناد يوسف
الفصل السادس عشر
تم النشر يوم الثلاثاء
20/5/2025
خدت ليل شهاب إبنها فحضنها وهي مش مصدقه إنه بين اديها، مفاجأة مكانتش متوقعاها، فبصت لغريب وقالتله:
-- عرفت دلوكيت سر فرحتك وإبتساماتك، احلى مفاجأه يانن عيني، والله كنك دخلت عليا بالعيد.
ضحك شهاب وهو بيبوس ايدها وقالها:
-دا انا اللي حسيت إني مش قادر أواصل ياست الكل وجيت عشان آخد منك الحضن اللي هيديني الباور اللي أهد بيه الدنيا مش بس اكمل مذاكرتي وانجح، وحشتيني ياليل اووي.
ضمته لقلبها تاني وهي بترد عليه:
-مش اكتر مني ياقلب ليل، ياروح وعقل ليل، يانن عين ليل ربنا يعدي ايامك على خير ويقرب البعيد ياولد قلبي
فضلوا على وضعهم لغاية ماغريب شد ليل من حضن شهاب وهو بيقول:
-طب سلمنا ورحبنا ببعض كفاية بقى على كده، ادخل اقعد إنت تعبان من السفر، وانتي كمان اقعدي وبطلي روحي وعقلي وفشتي والكلام الماسخ ده.
ضحك شهاب وقال:
-أيوه منا عارف مش هتسيبني اتهنى بحضن امي ولا بقربها، ولا حتى هنعرف نحب فبعض طول ماانت قاعد في البيت.
رد عليه غريب وهو بيلف دراعه حوالين ليل:
-أيوه وحقي وإن كان عاجبك، وبعدين لو عايز تسمع كلام حلو وتشبع حنان واحضان اتجدعن وشوفلك عروسه وانا اجوزهالك النهاردة قبل بكره.
رد عليه شهاب بضحكة:
-حبيبي تجوزني ايه بس انا ١٨ سنه، ولولا اني اخدت سنتين في سنه بشكل إستثنائي كان زماني فتالته ثانوي، عمرك شوفت حد بيتجوز في تالته ثانوي يابابا؟
رد عليه غريب وهو بيقعد:
-انا مشوفتش بس هي بتحصل يعني، والناس بتسميها جوازة عز، ولو عالعز مفيش حد ابن عز اكتر منك يعني، وبعدين انت طول عمرك سابق سنك في كل حاجة، مفيهاش حاجة لما تسبق بالجواز كمان.
-يابابا بس بقى، إنت مش عايزني اقرب ناحية مراتك تقوم تبليني من دلوقتي بزوجة وأولاد ، يعني لو اول مااتجوزت خلفت اجوز إبني وهو ١٨ سنه زيي وانا ابقى جد وانا عندي ٣٦ سنه؟!
ردت عليه ليل:
-طب وماله، دا ولدك يوبقى ولدك واخوك وصاحبك وكل حاجة، وافق إنت بس واني اجوزك ست البنات، وخدها معاك تخدمك وتاخد بالها منك، تعاودلنا بالشهادة وبعيلين وتوبقي ضربت عصفورين بحجر.
شهاب:
-لا قصدك ابقى ضربت دماغي انا بالحجر، هاخد بالي من مذاكرتي ولا من مراتي ولا من ولادي اللي هخلفهم وانا عيل دول؟
بقولكم ايه انتوا عايزين تخلصوا مني وخلاص، طيب بابا غيران انتي بقا ياست ماما إيه أسبابك؟ خلاص ياعم انا مش هجي ناحيتك تاني.
ضحكت ليل وضحك غريب وشهاب اتفاجئ من دخول جوهره عليهم بالعصير وسأل:
-مين دي وبتعمل ايه هنا؟
ردت عليه امه ليل:
-دي جوهره، بت عم جواهر بت عمة ابوك، سابت البلد وهتقعد معانا إهنه لغاية مايجيلها صاحب نصيبها.
سألها شهاب وهو بيبص لجوهره
-هي عندها كام سنه؟
ليل:
- والله ماخابره، بالحق عندك كام سنه ياجوهره؟
-حداي ٢٢ سنه ياخاله.
شهاب:
-أووو.. تووو ماتش.
ضحك غريب ورد عليه:
-مالسه كنا بنقول على نفسنا اطفال شايف المبدأ اتغير في لحظة.
شهاب:
-احممم، لحظة لا وعي.. المهم فين نجمه مش شايفها؟
ليل:
-نجمه في الجامعه بتاعتها وزمانها جايه، لو كانت خابره إنك جاي مكانتش راحت من أساسه، واني كنت استعديت وعملت حاجات كتيره قوي، وكل الحبايب جم يستقبلوك، بس نعملوا ايه فأبوك وإمفاجآته؟
-الحقيقة ياأمي انا اللي أصريت على بابا إنه ميقولش، المفاجأة فيها إثارة ومتعة أكتر، رد فعل تلقائي مش مترتبله.
ردت عليه ليل بإنها ضمته وباسته قبل ماتقوم وتقوله:
-والله احلى مفاجأة.. طيب اني هروح اعملك الوكل اللي عتحبه يانور عيوني.
مشيت ليل مع جوهره عالمطبخ وقعد شهاب مع ابوه غريب اللي قاله:
-هاه يابطل قولي بقى ايه سبب رجوعك وأجازتك المفاجأة دي؟
لأني مش داخل عقلي نقطة إننا وحشناك وعايز تشوفنا والكلام الفاضي بتاعك في وقت قاتل زي دا وعلى أبواب الإمتحانات.
رد عليه شهاب بتنهيدة:
-بصراحة يابابا ومن غير لف ودوران زي مامعودنا أنا جاي هربان.
اتصعق غريب وبرق عنيه واتعدل في قعدته وسأله بخوف:
-جاي هربان من إيه ياشهاب، عملت إيه انطق؟!
رد عليه شهاب بضحكة:
-متخافش ياحبيبي مش جاي هربان من حاجة من اللي فخيالك، انا جاي هربان من نفسي، من عالم جديد عليا مش عارف اتعايش معاه وخايف انغمس فيه وتضيع هويتي ومعتقداتي وديني وكل اللي اتربيت عليه، أنا جاي هربان من ضعفي يابابا، ومكدبتش لما قولت لماما إني جاي آخد باور عشان اكمل.. انا فعلًا جاي آقوي إيماني وصبري من تاني وارجع بكامل قوتي.
نفخ غريب براحه نسبيه ورد على شهاب إبنه:
-بس المفروض ايمانك ميكونش ضعيف للدرجادي ياشهاب، من اقل حاجة يتذبذب انت كده خوفتني عليك.
رد شهاب بحزن:
-يابابا لما يكون العصيان نمط حياة والغلط عادة مكرره كل يوم، والمحظور مباح ومفيش رقابة، وإنك تتشاف غريب الأطوار وعقلك مقفول عشان متمسك بعقيدتك.. لما الحب عندهم معناه حياة زوجية كاملة بدون قيود، ولما الخمور تحل محل الميه، ولما كل حاجة اتربيت على إنها غلط تروح مكان تلاقيها هي عين الصح، كل دي حاجات تخلى الواحد غصب عنه يضعف ويتذبذب.. عايز أقولك إن كل اصحابي المغتربين اللي معايا انجرفوا وخالفوا تعاليم دينهم في حاجة او أكتر، وبيحاولوا انهم يبسطولي الموضوع، وانا أرفض واتمسك بمبادئي، بس طول الوقت جوايا صراع مبينتهيش لدرجة اني تعبت.. فجيت اخد هدنة.
بصله غريب بشفقة وقاله:
-حاسس بيك ياحبيبي ومقدر معاناتك، وعلى فكرة دا شيئ طبيعي جدًا، إنت فمرحلة حرب ياشهاب مع نفسك، وياتفوز وتكسب دينك ومستقبلك وكل حياتك الجاية، ياتخسرها وتخسر معاها نفسك.
مشوارك طويل وصعب ولو مكنتش بالقوة المطلوبة فأنا اللي بقولك من دلوقتي إرجع يابني وسيب كل حاجة.
-ارجع؟ طب وحلمي يابابا؟
-حققة هنا، أو اتنازل عنه خالص وإحلم حلم غيره، الحلم اللي ممكن تضيع في سبيل تحقيقة بلاها منه.
-يعني يابابا انا جاي عشان تقووني الاقي منك انت التفكير الإنهزامي دا؟
غريب
-صدقني مش انهزامي، دا تفكير واقعي، أنا ايه اللي يخليني اقف على حافة الهاوية عشان حلم لو رجعت لورا خطوتين هحققه برضوا، صحيح ممكن ميتحققش بنفس الصورة اللي كنت راسمهاله فخيالي، بس هيتحقق بمخاطرة أقل.
سكت شهاب وبص للفراغ بحزن، فسأله غريب:
-هاه احكيلي بقى إيه اللي جد وضعفك بالشكل ده، الموضوع فيه بنت مش كده؟
رد شهاب بمنتهى الوضوع والصدق:
-بصراحة ايوه، بنت زميلتي في الجامعة، اكبر مني بسنه بس معايا في نفس السنه لأنها ماشية بمعدل طبيعي مختصرتش سنين، متفوقة وطموحة، جميله وعندها مباديء أهم حاجة عندها دراستها.. الكل حواليها وبيتمنى فرصة معاها، وهي سابت الكل واختارتني انا، بتحاول تتقرب مني بشتى الطرق، وبصراحة حاسس إن محاولاتها دي بدأت تجيب نتيجة واني بدأت اتعلق بيها.
رد عليه غريب:
-طيب وايه المشكلة من إنك تحبها ياشهاب مادام شايف فيها كل المميزات دي، وخاصة إن سنه فرق سن مش كتير يعني ولا هي عقبة!
- هما مشكلتين مش مشكلة.. أولًا إنها من ديانه تانيه، ، ثانيًا الحب عندهم معناه اني اديها كل حاجة، حب وإهتمام.. اصرف عليها ونعيش كزوج وزوجة بدون إرتباط ودي مرحلة المواعده ودراسة الطبع وااا
رد عليه غريب قبل مايكمل:
-طيب شوف ياقلب ابوك، انا هسيبك تاخد قرارك بنفسك، انت مش صغير. عايز ترجع وتكمل هنا إرجع، عايز تكمل هناك وشايف إنك هتكون اقوى من المغريات ومش هتخالف تعاليم دينك كمل وانامعاك للنهاية.
سكت شهاب وهو شايف موقف ابوه الهادي، واللي رمي عليه مسئولية الاختيار كاملة، وحس إن الموضوع لا بالسوء ولا بالصعوبة اللي كان فاكرها!
رجعت نجمة من جامعتها اخيرًا واتفاجئت بشهاب وجريت عليه حضنته، ومن غير مقدمات اخدته للجنينة الورانيه للفيلا، قعدوا سوا وحكتله كل حاجة، وفي الاخر سألته:
-هاه قولي بقى إيه رأيك؟
رد عليها بتوهان:
-رأيي فايه يانجمه؟
-مالك ياشهاب إنت مش معايا ولا ايه، رأيك في تصرفات إيان اللي من بدري بحكيلك عليها.
رد عليها شهب بإبتسامة:
-هو مش المفروض يانجمه إن انتي الأكبر مني، يعني انا اللي اخد رأيك واستشيرك!
-ايوه ماانت اثبتلي من زمان إنها مش بالسن خالص ياشهاب، إنت من يومك ارائك سديدة ونظرتك للامور ثاقبة ودي حاجة انا مستغرباها، يعني مش عارفة دي خبرة الولد بيكتسبها اكتر من البنت بسبب إختلاطة بالعالم الخارجي، ولا دي فطرة بتكون عند البعض ولا ايه بالظبط؟ بس مش مهم الأسباب، المهم إنك بتعرف اكتر مني ودا الأهم، هاه بقي حللي شخصية دكتور القرود اللي مش مفهومة دي على رأي الزفت اركان.
إبتسم شهاب ورد عليها:
-مسكين أركان.
ردت عليه نجمه بغضب:
-ياشهاب ركز انا بكلمك عن إيان مش اركان!
- رد عليها شهاب:
-ايوه منا واخد بالي.. بس برضوا مسكين اركان.
-لااا دانت حالتك صعبه خالص!
- هو انا فعلًا حالتي صعبة، وعشان كده سيبك من إيان المعقد ده واللي هيعقدك معاه قريب واسمعيني انتي المرادي.. "لقد طرق الحب قلبي يانجمه".
نطت نجمه بسعاده وقعدت جنبه ومسكت ايده وسالته بفضول قاتل:
-مين وفين وإمتا وإزاي انطق.
- فين في البلد اللي انا بدرس فيها اكيد، مين وحده زميلة، ازاي زي الناس، المشكلة دلوقتي إني لازم آخد خطوة ناحيتها يانجمه، والخطوة دي هتكلفني كتير ومش صح ومش من اخلاقي ولا من أصول ديننا،
ولو سيبتها خايف اندم لأن البنت فيها كل المواصفات اللي أي شاب بيحلم بيها وبيتمناها، انا حقيقي محتار ومش عارف آخد قرار.
-طيب بص ياشهوبه.. البنت دي بتبادلك نفس الشعور ولا حب من طرف واحد؟
أصل لو حب من طرف واحد مش هينفع ولا ينجح.
- بتبادلني نفس الشعور واكتر، بل بالعكس دي هي اللي بدأت بالحب، شفت منها إهتمام وتمييز ليا من بين الكل لفت قلبي ليها، حسيت إني مش هلاقي حد يديني اللي هي هتديهوني.
- طيب وليه تدخل علاقة إنت فيها طرف مُستغِل؟
-وليه تسميها كده، ماتسميها إني طرف ذكي، طرف مش عايز مناهده في علاقة ممكن تستنزفني وانا بحاول أفهم اللي قدامي واخليه يحبني بالطريقة اللي انا عايزها، في حين إن هاخد كل كل حاجة بدون مجهود، صدقيني المثل اللي قال خد اللي يحبك دا متقالش من فراغ.
-امممم، شامه في كلامك نبرة تقطيم، بس لعلمك انا وإيان الحب متبادل مابينا، مش حب من طرفي بس.
- بس متقوليش حب وسيبيه للأيام تحدد طبيعته، ممكن يكون إعجاب، إرتياح، إختيار عقل، إنما كلمة حب دي اكبر ومبتتقالش على علاقة بيحكمها العقل.
سكتت نجمه ومعرفتش ترد عليه، فكمل وسألها:
-هاه.. اديكي عرفتي إنه حب من طرفين يلا كملي كنتي هتقولي إيه؟
ردت عليه نجمه بشرود:
-هقولك زي ماقولتلي بالظبط، سيبها للأيام ياشهاب، هي لو بتحبك حقيقي هتقدر ظروفك، هتستناك، مش هتحملك فوق طاقتك حتى لو مجرد شعور بالذنب مش هترضالك بيه، والحب الحقيقي بتكشفه المواقف، بتكشفه توقعاتك في حبيبك اللي يأما هيطلع قدها يأما هيخيبها، وساعتها بس احكم، دايمًا العلاقات المعقدة نسيب البت فيها للمواقف.
هز شهاب دماغه بتأييد وقال:
-كلامك حقيقي ومنطقي، وبكده ابقى اخدت رأيك ورأي بابا في الموضوع ومفدتونيش بأي حاجة، ومش فاضل غير ليل، ماما اللي هتدلني عالصح.
هو خلص كلامه وشافوا ليل جايه عليهم، فضحكت نجمه وقالتله:
-إبن الحلال عند ذكره يبان، واهي ست ماما جات اهي.
ليل:
-مالكمَ كنتوا عتقطعوا فروتي وتقولوا ايه وعاملين إجتماع مغلق، عتدبرولي مصيبه ولا إيه؟
ضحك شهاب وقالها:
-ياخبر ياست الكل وإحنا نقدر؟ انا بس كنت باخد رأي نجمه فموضوع ومفادتنيش زي بابا بالظبط فقولت مفيش غير ست الحبايب اللي هتفيدني.
قربت منه ليل ووقفت قدامه وبعتب قالتله:
-يعني خدت راي أبوك وراي أختك واني آخر من تعلم صوح؟ مهملني للآخر، ولو كانوا هما فادوك مكنتش هتسألني عن حاجة مش إكده؟
رد عليها شهاب بنفي:
-اكيد لأ طبعًا، وبعدين ليه متقوليش انك مسك الختام، إنك الرأي الأخير اللي هيتحدد بيه القرار؟!
-قرار إيه، ومالكم عتتحدتوا بجد إكده فيه إيه؟
ردت عليها نجمه:
-بصي ياماما بصراحة كده ومن غير لف ولا دوران، شهاب بيحب وحده اجنبيه معاه في الكلية وبيفكر يرتبط بيها.
ردت عليه ليل بدون تفكير:
-اكيد له، ومن غير ماتحتار في قرارات الفكرة مرفوضة نوهائي.
سكت شهاب وقالت نجمه بضحكة:
-هدف في منتصف المرمى لا يقبل بالتشكيك.
ورد عليها شهاب:
-يعني دا حكم نهائي ياليل؟
ليل:
-إيوه، وملوش نقض ولا عليه إعتراض ياواد غريب.
شهاب:
-طيب عالاقل إرفقي الأسباب بالحكم ياسيادة القاضية.
ليل:
-عشان داي لا زينا ولا شبهنا ولا هتعرف تعيش معاها ياشهاب، لا لبسها ولا طبعها ولا تصرفاتها هتتحملهم.. إلا لو طلعلك قرنين، ولو بدأوا ينبتوا قولي اوديك لداكتور يديك حاجة تموتهم قبل مايكبروا.
ضحكت نجمه وشهاب رد عليها بعتب:
-كده برضوا ياأمي؟
-معلهش ياشهاب ياولدي بس فيه حاجات مينفعش تتزوق.
- مش تزوقيها ياستي بس منتجي منها الإهانة.. طيب هسالك سؤال، لو مثلًا شفت إني اقدر اغيرها واغير طبعها وأسلوبها وكل حاجة فيها، موقفك ساعتها هيكون إيه؟
-تغير قبل مش بعد، يعني تغيرها الأول وبعدها تشوف، إنما انت جاي تشاور علي إرتباط طوالي!
-ياستي مش ارتباط طوالي ولا حاجة، انتي هتصدقي المندفعه دي؟
-مندفعه منجرفة ليش فيه، مش من قلة بنات بلدك، ولا هو لن اعيش في جلباب ابي وخلاص؟ يلا خشوا الوكل جاهز وابوكم مستنيكم، وحتى اركان جه من الباب الرئيسي وقاعد جوه عالسفرة.
إبتسم شهاب وقام وهو بيقول:
-أركان؟انا جاي فورًا دا واحشني جدًا.
دخل شهاب وسلم على أركان اللي كان متفاجئ من جيته، وقعدوا ياكلوا سوا ويتكلموا فحاجات كتيرة، ومن وسط الكلام نجمه سألت ليل:
-ماما هو ينفع اعزم إيان بكره على الغدا، ومنها يسلم على شهاب ويتعرفوا على بعض؟
-ليل:
-اسألي ابوكي هو اليتسأل في الحاجات داي عتساليني اني ليه؟
اركان:
-محتاجة تتعلم الأدب من اول وجديد.
برقتله نجمه وردت على امها:
-بسالك انتي لأني عارفه بابا مش هيمانع، اولًا لان دا واجب، ثانيًا لأن شهاب دلوقتي قاعد في البيت في غيابه، ولو جه إيان في أي وقت مفيش مشكلة، ثانيًا عشان دي أصول وبابا بيفهم في الأصول كويس.
إبتسم غريب ورد شهاب وهو بيوجه كلامه لأركان:
-أنا شايف إنك بلاش تلعب في منطقة نجمه يااركان لأنها بتقصفك بدون رحمة، ولا صحيح دانا نسيت إنك واخد عالقصف والضرب منها وجتتك نحست.
رد عليه اركان وهو بيكمل أكله:
-لا متقلقش، لما تكون واخد علي بني آدم وعارف إنه دبش ومعندوش ذوق بالفطرة فمش هتزعل منه، هتتعامل معاه على إنه مريض مش بإيده.. المهم بعد الغدا عايزين نخرج انا وانت نشتري شوية حاجات كده لزوم إستقبال نسيبك.
شهاب:
-حاجات ايه ماكل حاجة في البيت؟
اركان:
-لا ماهو مبتعجبوش الحاجات دي، هو حطه قدام سباطة موز، هاتله فول سوداني يقزقز، تقعد معاه في الجنينة عشان بيحب يبقى على حريته يعني ممكن تكون بتتكلم معاه وفجأة تلاقية نط فوق الشجرة..
نجمه:
- طب والله ماحد حيوان غيرك، وقولتلك مليون مره متتكلمش عليه كده.
رد عليها اركان ببرود:
- والله لو بتحبيه مش هتستعري من حقيقته، هتقبليه زي ماهو.
نجمه:
-يابابا سكت الحيوان دا.
غريب:
-أسكت ياحيوان.
اركان:
-ليل قال انا حيوان؟
ردت عليه ليل وهي بتطبطب عليه:
- لا ياقلب ليل، دانت سيد الناس كلها واحسنهم.
أركان:
-احسن من دكاترة القرود؟
ليل:
-أحسن من الكل ياحبيبي.
اركان:
-طب والله حبيبتي وماليا غيرك في العيلة الواطيه دي، هفضل اقولها لآخر يوم في عمري.
غريب:
-خلاص بطل شغل العيال ده وقولي، متابع مع يمان إجراءات الاكاديمية ووصل فيها لفين، ولا انت كمان مكبر دماغك زي ابوك ومش عايز تكون عرفه؟
اركان:
-لأ متابع.. وخلاص يمان لقى الارض اللي هتنفع عليها الاكاديمية وبابا كان بيتكلم مع المحامي إمبارح عشان يخلص إجراءات الشرا.
غريب:
-طيب تمام..عايزين نخلصها عشان نعلن عنها ونبتدي السنه الجديدة فيها.
شهاب:
-ايه الاكاديمية دي؟ هو انتوا بتعملوا مشاريع من ورايا ولا ايه؟
أركان:
-لا بس مجاتش مناسبة حد يقولك، دي ياسيدي اكاديمية عسكرية هياخدوا فيها العيال المش متربية ويربوها، وانا بترجاهم يفتحوا قسم للبنات ونجمة تكون أول رواده ونربيها.
غريب:
-ياأركان هتغابى عليك وانا ايدي طرشه وانت مجربها، بلاش نجمه عالأقل في وجودي.
أركان:
-سايبهالكم وماشي، اهه.. خلص جملته وقام واخد ورك فرخه معاه ومنديل واتحرك على بره، وبعدها رجع تاني وقال لليل:
-ايوه صحيح ياليل، أمي بتقولك لو فاضيه ابقي روحيلها وخدي جدتي جميلة معاكي تقضوا اليوم معاها، هي تعبانه مش قادره تيجي.. بس طبعًا الكلام دا قبل مايجي شهاب.
ليل:
-له ماهي وابوك والكل كليله معزومين حدانا بكره، يعني تعمل حسابك هتحول بعربيتك لما تشبع.
أركان:
-والدور بكام؟
ليل:
-بالمحبة،خد عيوني مش خسارة فيك.
أركان:
-ايوه منا عارف مش هعرف اطلع من العيلة دي بمصلحة. سلام.
ردوا عليه كلهم في نفس واحد:
-سلام.
شهاب قال وهو متابعه بعنيه:
-مسكين اركان.
نجمه:
-يوووه، ايه الحكاية دي ياشهاب من أول ماجيت ومفيش علي لسانك غير مسكين اركان، ماهو زي القرد اهو ولسانه اطول منه مسكين ليه؟
شهاب:
-لأنه مسكين فعًلا.. بيداري ضعفه ورا كلامه ومناكفته، بيحاول يغطي خذلانه بكفر المشاكسة فيكي، لكن صدقيني أركان من جواه مُتصدع مش عارف يلملم نفسه، ووقت ماهيعرف هتلاقية بعد عنك خالص، تجاهلك ولا كأنك كنتي فحياته، هيبطل يكون حواليكي بحجة إن دا اللي اتعود عليه وبيحب البيت هنا وبيحب اكل ماما، لما قلبه هيقسى هيفارق، هو بس عامل زي الطير اللي لسه عشه حد هدهوله من شويه وبيحوم حواليه لغاية مايصدق فكرة إنه خلاص مبقاش ليه عش في المكان دا ووجوده فيه خطر، فبيطير ويبعد بلا رجعه.
نجمه:
-ايه الكلام العميق دا ياشهاب، أركان أهبل من كده!
رد عليها غريب:
-لا يانجمه، للأسف شهاب عنده حق، اركان موجوع جدًا ومتعافاش من حبك بالسرعة ولا بالسهولة دي، وعشان كده انا كنت هطلب منك إنك تخفي عليه شويه ومتظهريش حبك لإيان قدامه، لأنك كده بتضغطي علي جرحه وهو لسه مفتوح، بس رجعت قولت لنفسي إن يمكن كده أحسن، لما تتقابل مشاعرة بالعنف ممكن يقطع الأمل ويبعد بسرعة ويحاول يتعافى، بس بعيدًا عن كل حاجة انا أركان صعبان عليا جدًا ومقطع قلبي.
ليل:
-ومين سمعكم، والله دي جواهر لما عتحكيلي عنه وتقولي إنه على طول ساكت وشارد وحاله اتبدل عحس بإن قلبي اتعصر عليه.
نجمه:
-ياااه دا أركان طلع من المعذبين في الأرض والكل مشفق عليه وانا طلعت شريرة الرواية؟
شهاب:
-لا مش كده، انتي مش شريرة بس مجربتيش شعور الحرمان، وعشان عايشة إحساس الفوز والظفر فمش حاسة بأركان، بس عمومًا انتي مفيش عليكي لوم من اي نوع.
المهم دلوقتي انا هخرج اقابل اصحابي اللي هنا فمصر وحشوني جدًا.
غريب:
-خد عربيتي وروح ياحبيبي.
نجمه:
-لا ياخد عربيتي أنا فخمه وحديثه وأوجه قدام اصحابه.
شهاب:
-ايه دا اشتريتي عربيه أخيرًا؟ شايف حاجات كتيره ابتدت تتغير فيكي يانجمه.
ليل:
-بركات دكتور القرود.
-ضحك شهاب وحتى غريب ابتسم غصب عنه ونجمه قالتلها بغضب:
-ماما؟
ليل:
-ايه يابوي عضحك معاكي ميوبقاش خلقك ديق، اني قايمه اشوف جوهره اتغدت ولا له أصلها مرضتش تاجي تتغدى معانا كنها استحت من شهاب.. بنات بلادنا العتستحي داي واخدلي بالك ياللي فبالي؟
إبتسم شهاب واخد مفاتيح العربية وتليفونه ومشي من غير مايرد عليها، ومن بعده ليل دخلت المطبخ وغريب فضل يتكلم مع نجمه.
أما في البلد رجعت نواره البيت وطول الطريق دموعها كأنها شلال مش راضيه توقف، دخلوا البيت وكان مؤمن صاحي ومستنيهم فبصلهم بعتب وقال:
-عيملتوا اللي فراسكم وحتي اني غفلتوني وروحتوا واني نايم؟ طب والله زين، زين قوي ياعيشه ياكبيره ياعاقله.
راحت عليه عيشه تحايله وتحاول تمتص غضبه، اما نواره فاتسحبت على أوضتها من غير ولا كلمة، وأول ما قفلت باب أوضتها عليها، شالت عبايتها بسرعة وطلّعت اللفة الصغيرة من جيبها، اللفة اللي فيها ريحة ابنها واللي سرقتها من هدومه
قعدت على طرف السرير وفردت اللفة بهدوء، بتبصلها كأنها ماسكة كنز غالي. قربتها من وشها، غمضت عينيها وشمتها بعمق، ريحتها زي ريحة الجنة، إتسللت لقلبها وهدّت جزء من وجعها.
حضنتها بكل قوتها كأنها بتحضن ابنها، وكأنها بتحاول تعوّض غيابه بقماشة كان ملفوف بيها.
همست بصوت مكسور وهي بتبكي:
"يارب كيف ماوهبتهولي وخلقته من روحي رجعهولي يارب، رجعه لحضني وإكسر جبروت مصرية انت الجبار المنتقم واني عبدتك الضعيفه.
دموعها مش راضيه تخف ولا تمنع، بس من وسط كل الحزن ده كانت حاسه بسكينة. ريحته اللي عبت صدرها، وكأنها بتقولها إنه قريب، وإنه في يوم من الأيام هيرجع لحضنها مهما طال الغياب، وإن ربنا هيرأف بيها ويستجيب.
نامت الليله دي بعمق كانها منامتش من سنين، صدرها اللي كان متشنح باللبن خف، وإشتياقها خف، ووجعها كمان خف.
أما مصريه فقامت الصبح وهي مستغربه من إن رزق ماقامش باليل يبكي زي عادته؟ وحتى لما حاولت تصحيه وترضعه مكانش بالجوع اللي جعانه طفل مرضعش طول الليل!
فكرت إنه ممكن يكون تعبان ولا فيه حاجة فصحتله وفقي وقالتله إنه لا صحي بالليل ولا صابح له نفس يرضع،
فاتجنن وفقي وقام لبس وخلاها تلبس عشان ياخدهم لدكتور يشوف الواد ماله، ولما كشف الدكتور عليه قالهم إن الواد مفيهش اي حاجة، وإن كل الحكاية إنه شبعان مش اكتر!
رجعوا بيه للسرايا بعد ماهديو وإطمن قلبهم، وطلع وفقي راح لشغله، وعلى عينه يسيب ولده ويفارقه من بعد مااتعلقت روحه فيه وبقاله النفس اللي عيتنفسه وبيه اكتملت سعادته، وحس إنه مش عايز حاجة من الدنيا.
صحيت نواره الصبح وهي حاسه بنشاط وراحه مليهمش مثيل، أول مافتحت عينها شدت اللفه من تحت المخده وشمتها وكأنها الهوا اللي بقت عايشه بيه، قامت ولبست خلجاتها بتوع الصيد وراحت على الصندوق الكبير بتاع ابوها، طلعت منه الشبكه وراحت بيها عالنيل، وأول ماشافت قارب صيد معدي شاورت لصاحبه، واللي كان راجل عجوز، قرب منها عالشط وسآلها:
- عايزه ايه ياصبيه؟
ردت عليه:
-عايزاك تاخدني على قاربك أرمي بشبكتي كام رميه في الميه والرزق اللي يطلع بالنص.
رد عليها بإبتسامة:
-له يابوي رزقك ليكي، بس يعني المنطقة دي فقيرة رزق وانتي باين عليكي صيادة وعارفه، لا فيها حشايش ولا هيش.
ردت عليه وهي عتخطي عالقارب:
-اني معاوزاشي كتير، على كد وكله لينا بس، مهبيعش ولا اتاجر واللي يقسم بيه ربنا راضيه بيه.
إتحرك بيها الراجل وخدها للنص وإبتدت تعدل الشبكة ورمتها أول رمية بعد ماسمت الله ولمتها بخير الراجل مكانش مصدق عنيه وهو شايفه!
وخصوصًا إنه من ساعة رايح جاي في المكان يرمي شبكته ويلمها مطلعش حتى ربع دول سمك!
فقال لنواره:
-بسم الله ولا قوة إلا بالله، يابوي قاريه عليها ايه شبكتك اديني السر!
ردت عليه نواره بضحكة:
-ديه رزقي ياعمنا، لا بالقراية ولا بالشطارة.
شالت السمك من الشبكة ورمتها تاني وتالت وعاشر وكل مرة تطلع بخير شكل، لدرجة إن صاحب القارب شاف إن الموضوع مش طبيعي فقالها:
-له والله فيها إنه.
ضحكت نواره ولمت شبكتها واستكفت بالخير اللي جالها وكمان عطت صاحب القارب نصيبه وهي عتقوله:
-الإنه ان الظاهر النهارده يوم حظي
.
رجعت عالبيت بالسمك وكان ابوها صحي وفتح الدكان، بصلها وإستعجب من هدوم الصيد اللي لابساهم والشبكة اللي علي كتفها وسألها:
-ايه ديه يانواره، رحتي فين بالشبكة داي وعميلتي ايه وايه الخلجات دول؟!
ردت عليه نواره :
-رحت اعيش يوم من ايام زمان اللي اتبطرت عليها، إللي اكبر همومي فيها كانت نقص فشوية سمك، رميت شبكتي واني عتمني تطلعلي براحة البال بس للأسف يابوي الظاهر لما سقطت راحة بالي مني في الميه طلعت في شبكة صياد غيري.
طاطا مؤمن راسه للأرض ومردش عليها وإحساسه بالذنب بدأ ينهش فيه فغيرت نواره كلامها لجل تصرف عنه الهم:
-المهم سيبك من كل ديه وبص عالسمكات دول وقننهم.
بص مؤمن جوا الشكارة وقال:
-بسم الله اللهم بارك، صيده زينه وتسوى فلوس زينه، لو عايزه تبيعيهم فوتيهملي إهنه احطهم قدام الدكان والف من ياخدهم.
-له منا هبيعهم بس ليك انت، اوزنهم وهات حقهم وهنطيبوهم في البيت،
من إهنه ورايح مش هضيع فرصة اخد اخد منها فلوس، أصلي اتعلمت إن القوة والسلطة في الفلوس، وإن اللي معاه قرش ملك والباقي كلهم عبيد تحت منيه.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية