-->

رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 17 - الخميس 22/5/2025

 

قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نجمة أركان

الجزء الرابع من رواية فرعون

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف

الفصل السابع عشر 

تم النشر يوم الخميس 

22/5/2025


نجمة اركان الفصل السابع عشر


دخلت نواره البيت بالسمك بعد مااخدت تمنه من أبوها وادته لعيشه، استحمت وغيرت هدومها ودخلت إوضتها بلهفه،، اخدت اللفه وفضلت تشم فيها وهي مبتسمه، وشكل إبنها وانفاسه وعيونه اللي فتحهم كذا مره من عز نومه عشان يبصلها بيهم صورتهم مش رايحه عن بالها، سعادة ونشوه وراحه نفسيه رهيبه، كانت قاعذه على نار مستنيه الليل يجي عشان تروحله مره تانيه، قاعده بحماس وكأنها سندريلا اللي مواعده سعادتها على نص الليل وإبنها هو أميرها الصغير اللي رايحه تقابله في السر.

خرجت بعد ماشمت ريحة السمك استوى واخدت منه واكلت بشهيه ونفس مفتوحه وعامله زي المفجوعه، مستنتش أبوها ولا حتى عيشه ياكلوا معاها.

أما عيشه فكانت مراقباها وفرحانه لفرحتها، حاسه بيها وبإنها بتعيش أسعد أوقاتها، واتمنتلها إن ربنا يكمل فرحتها ويحنن قلب وفقي ومصريه عليها ويرجعها لإبنها ويرجعه ليها. 


اما عند وفقي ومصريه.. 


رجع وفقي من شغله قوام قوام، دخل السرايا وبوشه على أوضة ولده لما شاف مصريه واقفه في الموطبخ بتحضر الأكل، لقاه نايم فساب عكازه وراح عليه شاله وهو نايم وابتدى يكلم فيه ويلاعبه، مع انه عارف إنه صغير علي اللعب والملاغيه، بس وفقي عيرتاح لما يكلمه، لما يحكيله عن الدنيا الحلوه اللي مستنياه وعن اللي هيعملهوله، وإنه كد ايه عايزه يكبر فغمضة عين وكأنه شجرة لبلاب بين يوم وليله تكبر أضعاف واضعاف، عاتبه على إنه اتأخر عليه ومجاهوش من بدري، وميل عليه ووشوشه بعد مااتإكد إن مصريه بعيده مهتسمعش:

 - معلهش يارزق حقك عليا ياولدي، متزعلش مني عشان حرمتك من إمك وحرمتها منك، أوعاك لما تكبر تشيلهالي وتحز فنفسك، اني عيملت ديه عشانك، لجل تاخد كل الخير بتاعي وبتاع مصريه، عارف إنك محتاج حنان أمك دلوك بس لما تكبر هتحتاج الفلوس والأرض والأملاك اكتر، أكتر حتى من أمك وتشوف اني عيملت عين العقل. بس يلا هم واكبر يارزق، إكبر ياولدي إنت معتكبرش ليه؟ 

إنتبه بطرف عينه على مصريه اللي واقفه عالباب ومراقباه، خاف من غيرتها فكمل كلامه بصوت عالي عشان تسمعه وكأنه مش شايفها.. 

-بس بالك إنت محظوظ ياد يارزق، محظوظ بأمك مصريه اللي مفيش منها ولا فيه فحنانها وطيبتها، حداك ام بت اصول وعطتك إسم وأصل وفصل ترفع بيه راسك وسط الناس كلها، عايزك بس تكبر تحطها فعنيك وتشيلها فوق راسك، داي اللي ربت وسهرت وتعبت عليك، داي اللي جنتك هتكون تحت رجليها، داي البي ربنا رزقني ورزقك بيها وكأنها حوريه سقطت لينا من الجنه. 


إبتسمت مصريه إبتسامه واسعه ودخلت الأوضه وقربت منهم وقلبها عيرفرف من الفرحه بدال ماكان لساه عينغز فيها ويقولها شوفي وفقي عيحب ولده على محبته لنواره أمه، بس بعد كلامه إرتاح قلبها واتخرس وسواسه. 


قعدت عالسرير جار وفقي ومدتله يدها خدت منه الواد وضمته على صدرها وبصتله بحنان وقالت:

-بالك ياوفقي اني توها اللي حياتي بقالها قيمه وعمري بقاله عازه، كل مااضم رزق لصدري كني حاضنه سنيني اللي راحوا، احلامي الضايعه.. بس اااخ لو كنت اقدر ارضعه من صدري، أمنيتي الوحيده وحلمي اللي معحلمه كل ليله، عشوفتي حاطاه على صدري وعيرضع من حليبي وايده الصغيره ماسكه فى العقد بتاعي وباصصلي كأني دنيته كلها، كيف ماكنت اشوف العيال الصغيرة وهما بيرضعوا من أمهاتهم زمان. 

رد عليها وفقي:

-مش مهم يرضع حليبك يامصريه كفايه إنه هيرضع حنانك ومحبتك، صدقيني ديه الابقى واللي عيطمر مش الحليب واصل.. ودلوك قومي يلا هاتي الوكل إلا اني بطني عتظوظو من الجوع.. هاه عاملالنا ايه النهارده؟ 


ردت مصريه بتفاخر:

-عاملالك سمك من اللي عتحبه هتاكل صوابعك وراه. 

رد عليها وهو عياخد منها الواد:

-الله الله، تسلم الايادي ياست الستات.. طب يلا قوام مقادرشي استنى. 


قامت مصريه تحط الأكل وهو خد رزق ورجع يلاعبه من تاني، وأول مانادت عليه نوم الواد في فرشته وراح عشان ياكل، ومن إول ماقعد عالسفره وشاف السمك وشم ريحته زم خشمه بعدم رضى، وخصوصًا بعد ماداقه، مضطر يشكر ويجامل، بس بينه وبين نفسه إشتاق للسمك اللي كانت تعمله نواره ونفسها في الوكل اللي مصريه عايزالها الف سنه ضوئيه عشان توصله، وهو اللي كان فاكر زمان إن مصريه احسن طباخه في الدنيا، اتاري كل الحكاية إنه مداقش وكل غير وكلها، ولا مره طبختله غيرها. 


كل من سكات وهو عيتامل مصريه، مصريه اللي الزمن ساب علاماته على وشها وحُسنها راح وحل محله التجاعيد والخطوط، مع إنها مكانتش إكده من سنه وحده وكان اللي يشوفها يقول إنها صبيه فعز شبابها، سأل روحه..


"معقوله سنه وحده من الغيره والزعل يكبروا الواحد سنين ويغيروه إكده، ولا اني اللي مكنتش شايفها ولما شوفت نواره وشبابها وجمالها بانلي قُبح مصريه؟" 

مش قادر ينكر إنه من وكت للتاني بيحنلها، بيشتاق ونفسه يعمل أي حاجه عشان يرجعها لحياته من تاني، بس علي آخر لحظه فيه حاجه عتمنعه، حاجه مكتفاه وحاطه بينه ربين نواره سد، سور عالي كل مايقرب منه يحس بخنقة، يكون مشتاق ووكت مايشوفها يحس إنه عايز يهجم عليها ويشبعها ضرب، وبعدها يندم، مش فاهم هو عيمل اكده ليه وكيف، كل اللي عارفه إنه مش طبيعي ولا تصرفاته طبيعيه!



أما في فيلا ماهر..

خبر رجوع شهاب كان مفاجأة وفرحه للكل، وخصوصًا ماهر.. اصل دا الغالي إبن الغالي، إمتداد لحب ملوش منافس ولا مثيل ولا حد يقدر يقرب من منطقتهم في قلبه.. من اول مابلغته ليل وهو بيستعجل في موده وولاده عشان يخلصوا..



اركان وصل مامته عند ليل وراح على فيلا جده ماهر اخد جدته جميله وجده ماهر وموده عمته والولاد وراح وداهم فيلا ليل، وبعدها راح على بيت ناديه ويمان جابها هي والبنات وأم يمان، 

اما نادر فأخد سيليا والولاد وراح على فيلا عمه شريف اخده هو وأمه سميه يوصلهم معاهم. 


واخر حاجه جه غريب مع يمان وقاسم من الشغل.. 


ليل في اليوم دا كانت عامله وليمه فضلوا هي وجواهر وحتى نجمه طول الليل يحضرولها، عملت كل الأكل اللي محدش بيقاومه، والفيلا قوام اتحولت لساحة إحتفال والجنينه كمان معاها.. 

نجمه في اليوم دا مراحتش الجامعه ولما اتصلت بإيان تقوله وتعزمه رد عليها بغضب وقالها:

-علي فكره دا اكبر تصرف خاطئ وغير مسئول ممكن حد يتصرفه يانجمه، يعني إيه تضيعي منك يوم كله محاضرات مهمة عشان عازمين ناس وواقفه تطبخيلهم، ماعنهم مااكلوا لو شبع بطونهم هيضيع مستقبلك، وياريت في الأخر بيستفيدوا، إلا بتعزموهم علي متفجرات، قنابل كوليسترول موقوته هتنفجر فيهم مره وحده وعلى غفله.. دانا حاسس وانتي بتكلميني عن الأكل إني شامم ريحة السمن والدهن والزبدة من هنا، بطلوا بقي العادات المؤذيه دي، عموماً انا هاجي عشان أسلم على شهاب، إنما اكلكم دا ياريت محدش يضغط عليا إني آكله، وإن كان ولابد هاكل سلطة خضرا، ابقي اعمليلي طبق سلطة حلو وحطي فيه كل الورقيات واي حاجة بتتضاف للسلطة، يلا سلام ورايا محاضرة. 


خلص كلامه وقفل السكه من غير مايدي فرصة لنجمه إنها ترد عليه، فلفت وشافت امها ليل واقفه وراها وحاطه إيديها فوسطها ومن الغضب اللي على وشها واضح جدًا إنها سمعت كلام إيان، فإبتسمت نجمه ولسه هتلطف الجو لكن ليل إنفجرت فيها:

-خدي بالك داي تاني مره يغلط على وكلي، اني وكلي قنابل الهي قنبله تنفجر فمعمله البعيد وتخربله كل حاجه، طب اوعاكي تقولي تاني نعزموه ولا ياكل لقمه فبيتنا، وحتى السلطه مايدوقها، ياجي بالجوع ريمشي بالجوع ياكل ورقيات مع قروده.. صدق اركان ولدي وهو عيشبهه بالقرود.

نجمه:

-ياماما هو عمل إيه لكل ده، هو كل الحكاية محبش اكلنا، أو شايفه مضر بصحته لانه متعودش علي النظام دا فأكله.

ليل:

-إيوه يقول مش هاكل بس بذوق، يتحجج بأي حجه ويوصل المعلومه بلباقه، مش يضربها في الوش ضرب، ويقول على الوكل قنابل، والله مافيه قنابل غير الحديت اللي عيطلع من خشمه.


نجمه:

-معلش حقك عليا، انا هعمله السلطه وهعمله اكل في الايرفراير من غير زيوت ولا مواد دهنيه، ضيفنا بقى ياماما ولازم نكرمه.


ليل:

-اكرميه يختي، بس اعملي حسابك هيتكلم كلمه متعجبنيش هنفجر اني فيه زي القنبله قدام الكل، اول ماياجي يسلم وتاخديه تخفيه من قدامي خالص عشان شوفته هتعصبني سامعه. 


ضحكت نجمه وهي بترد على أمها:

-ياستي حاضر، ابو اللي يزعلك ياشيخه، يلا طلعيلي من التلاجه لحمه عشان اسويها لإيان. 

- طلعي لحالك ممطلعاش لحد اني. 


خلصت كلامها ورجعت تطبخ مع جوهره اللي كانت متابعه الحوار وعتتبسم بينها وبين نفسها في صمت..وشويه وانضمتلهم جواهر وناديه وسيليا وموده وكل الستات عشان يفنشوا مع ليل الأكل ويساعدوها في الغرف والتقديم. 


اما الشباب والرجاله كلهم كانوا مع بعض، وليل من وسط انشغالها تليفونها رن، راحت عليه وكانت رحاب.. ردت عليها ليل بإستعجال:

-ايوه يارحاب ياحبيبتي عامله إيه واحشاني.. عامله ايه انتي وزينب ومعاذ وكامل؟ 

رحاب:

-وانتي كمان والله ياليل، إحنا بخير ياحبيبة قلبي.. انا بكلمك وانا عالبوابه، معاذ شاف عالفيس إن شهاب إبنك رجع فجينا كلنا عشان نسلم عليه.. 

ارتبكت ليل لأنها معزمتش رحاب، نسيتها تمامًا ودي اول مرة تحصل، ورحاب حاسبه نفسها فرد من العيله، هيكون إيه رد فعلها لما تلاقي الكل متجمع وهي منسيه؟ 

 خرجت ليل من المطبخ وهي متوتره وخرجت للجنينه واول من شافها ولاحظ غريب، فقام وراها لحقها وسألها:

-ليل مالك فيه إيه؟ 

لفت عليه ولسه هتحكيله لكنها سكتت وهي شايفه رحاب وجوزها كامل ومعاذ وزينب كلهم جايين عليها، ومعاذ وكامل شايلين صندوقين كبار.. 

بلعت ليل ريقها بصعوبه وهي شايفه رحاب بتتلفت حواليها وشايفه التجمع اللي في الجنينه، ولما وصلت لليل كانت قربت من باب الفيلا وقدرت تشوف الباقيين جواها، فرفعت عنيها علي ليل وقالتلها بنبره فيها وجع:

-آسفه ياليل لو كنا جينا فوقت غير مناسب، إحنا حبينا نعملهالكم مفاجأة، كنسلنا كل حاجة ورانا ومن إمبارح واقفه بعمل كل الاكل اللي بيحبه شهاب، وقولت نيجي نتغدا سوا ونقضي اليوم مع بعض.. بس حقيقي أنا طلعت قليلة ذوق لأني مستأذنتش منك الأول. 


لسه ليل هترد عليها فسمعوا صوت أركان من وراهم بيقول:

-يعني ياليل عمي صالح وعمتو رحاب هنا ومتتصليش تقوليلي ياأركان ارجع خلاص الجماعه اتصرفوا وجم لوحدهم؟ 

علي فكره انتوا بتعاملوني معاملة سواق حقير وانا مش هسكت عن المعامله دي. 

رد عليه غريب بضحكة بعد مافهم إن أركان فهم كل حاجة واتصرف عشان يحل الموقف:

- ليل مكانتش تعرفانهم جايين ياأركان، حبت تفاجئهم ففاجئوها هما وبوظولها مفاجأتها. 

بصت رحاب لليل وبأسف قالتلها:

-ياحبيبتي ياليل وانا اللي فكرت إنك نسيتيني وزعلت جدًا وقررت فلحظة إني خلاص مش هيكونلي أي عشم فيكي بعد كده، بجد إخص عليا ان طلعت وحشه جدًا. 

رد عليها كامل:

-ولأجل هذا نتروى في الظنون لأن بعض الظن إثم، تريثي في الغضب ياعزيزتي.. أم شهاب منبع الأصول ولا يفوتها الواجب..هيا اخبروني أين أضع مابيدي فإنه ثقيل وأنا تعبت. 


راح عليه أركان وأخد من إيده الصندوق وبص لمعاذ وقاله:

-إتبعني عشان نحطهم في المطبخ ثكلتك أمك. 


اخده اركان ودخلوا وليل رحبت كويس برحاب وجوزها ونادت على نجمه اخدت زينب على جوه، ودخلوا رحاب وكامل جوزها، فحطت ليل إيدها علي قلبها واتنهدت براحه وبصت لغريب فقالها:

-الحمد لله اركان انقذ الموقف، الولد دا ساعات بيفاجئني بذكاءه.

ردت عليه نجمه بإبتسامه:

-والله هو دايمًا ذكي ونبيه واني مش عحبه من فراغ، ديه واخد قلبي.


رد عليها غريب بغضب:

-يادي قلبك اللي مهاديه بيه الكل ده، طيب يلا يااختي ادخلي كملي شغلك الناس جاعت.


ليل:

-هدخل عشان الدكتور الغتت خطيب بتك جه واني مطايقاشي أمه.

ضحك غريب وراح على إيان يستقبله وليل دخلت تكمل غرف الأكل مع البنات، وبمجرد دخول إيان بص حواليه وشاف الزحمه اتوتر لأنه مبيحبش الحفلات ولا التجمعات ودايمًا بيشوف إنها عباره عن تضييع وقت ومجاملات ملهاش داعي.

دخل جوه الفيلا مع غريب ودي كانت المره الأولي اللي بيقعد فيها مع الرجاله والكل كان متحمس إنه هيتكلم معاه ويكتشف شخصيته، وخصوصًا ماهر اللي إبتدا يسأله أسئله متواصله عن كل حاجه فحياته، وبعد ماسمع إجاباته المختصره بص لغريب وكان باين عليه إن شخصية إيان معجبتهوش، فسكته غريب بعنيه، ففهم ماهر وسكت، وبعدها بص لقاسم وقاله:


-انت ياض ياتنح مجبتش أبوك وامك ليه بقالي فترة كبيره مشفتش عبد السلام وواحشني، بس هو واطي زي إبنه مبيسألش علي حد. 

رد عليه قاسم:

-بابا مش بيرتاح لما يطلع من البيت، وغير كده هو مش فاكرك أصلًا عشان يسأل عليك، دماغه من كتر الحمل عليها مسحت، مش زيك فاكر الكوفت ودماغك لسه توزن بلد! 


رد عليه ماهر وهو بيخمس فوشه:

-قل اعوذ برب الفلق، انت هتقر عليا، قوم من هنا.

قاسم:

-ايه فيلتك كمان دي بتطردني منها؟

ماهر:

-فيلا إبني تبقى فيلتي.

قاسم:

-محصلش.. مسكن الزوجية من حق الزوجة، يعني البيت دا بتاع ليل، وانا قاعد في ملك ليل، هاتها هي بنفسها تقولي إمشي وانا أمشي.

رد عليه ماهر وهو بيتحرك بالكرسي بتاعه بعصبية:

-خليك مرزوع انا اللي هسيبلك المكان كله وهغور من وشك.

خلص كلامه واتحرك فقاله غريب:

-يبابا رايح فين قاسم بيهزر معاك.

ماهر:

-وانا لا بحبه ولا بحب هزاره ولا بحب اقعد في المكان اللي هو فيه.

رد عليه قاسم بصوت عالي:

-طيب انا جاي وراك مش هسيبك، وأوعى السلمه المكسوره عندك.. وهناكل ومش هننده عليك.


شوحله ماهر بأيده وخرج للجنينه وإول ماشافوه الولاد كلهم جم يجروا عليه، بس الأسرع بينهم كان إركان اللي سأله:

-ايه ياجدو خرجت من جوه ليه؟ 

 رد عليه ماهر:

-بسبب أبوك النطع.. المهم تعالا ورايا عايز اتكلم معاك شويه. 

خلص كلامه واتحرك بالكرسي وراح وراه اركان لغاية مابعدوا عن الكل ووقف ماهر ولف لأركان وسأله:

-مرتاح كده؟ 

- مرتاح كده ازاي يعني ياجدو؟ 

-يعني مرتاح وإنت مهزوم؟ 

- طيب وهي الهزيمة بأيدي يعني، دي الهزيمة الوحيدة اللي ميقدرش الخسران يلوم نفسه بعدها. 


ماهر:

-مين قال كده؟ بالعكس دي اكبر المعارك اللي الواحد لازم يلوم نفسه لو خسرها، دي معركة الحياة ياحبيب جدك، ليه استسلمت بسهولة كده، ليه محاولتش اكتر، أو ليه بطلت محاولة.. صدقني الدكتور اللي اتخطبتله نجمه دا شخصيته وحشه جدًا ونجمه هتمل وتزهق منه بسرعة، خليك فحياتها زي ماكنت الأول، إهتم تاني، خليك دايمًا قدام عيونها، إجبرها عالمقارنه بينك وبينه، متحسسهاش إنك انهزامي وبتستسلم بسرعة، لما هتلاقي منك التصميم عليها صدقني هتطمن وتقر إنها معاك هتكون في أمان. 


سكت أركان ومردش على ماهر لأنه حقيقي مش عارف يرد عليه بإيه، فكمل ماهر كلامه:

-أركان الحب مفهوش مكابره، ونجمه إنسانه تستحق المحاولات، ومش عشان بنت إبني بقول كده. 

وغير كده إنت نفسك خسارة فأي وحده تانيه غير نجمه، مع إنك ساعات بتبقى غتت زي أبوك، بس انا والكل مش متخيلين نجمه غير لأركان ولا أركان غير لنجمه. 


اركان:

-نجمه بتحبه ياجدي. 

-حبها برص، دا ميتحبش اصلًا، هي هتزهق منه دلوقتي اسمع مني بس إنت، خليك قريب من نجمه يااركان وصدقني ربنا هيدبرلك الامر. 


هز اركان دماغه لجده كنوع من المسايره، بس جواه عارف إن كلام جده اي كلام بيقولهوله لانه شاهد زي الكل علي قصة حبه من البداية ومش هاين عليه تنتهي بالسهولة دي، محدش هاينه عليه عشرتهم سوا إلا هي، إلا نجمه اللي ولا يوم ولا موقف ولا اي حاجة عملها اركان عشانها إفتكرتهاله قبل ماقلبها ياخد قراره بإنه يحب واحد تاني!

 رجعوا الاتنين على صوت غريب وهو بينادي عليهم عشان الغدا جهز علي السفرة، فرجعوا الاتنين، وكانوا البنات جهزوا سفرتين، وحده للرجاله ووحده للستات، وإبتدوا الرجاله يقعدوا، ونجمه بعد ماقعد إيان حطت قدامه الاكل اللي عملتهوله مخصوص، واللي كان مختلف عن كل الاكل، واللي داقته ليل قبل ماتقدمه نجمه وبلعته بالعافيه وقالت:

-احسن يستاهل وقليل عليه كمان. 

بس الغريبة إن الاكل عجبه جدًا، حتتة اللحمة المشويه بدون زيوت والبطاطساية المشوية وطبق السلطة إنبسط بيهم وكأنهم اكبر وليمة اتعملتله! 

كانت نجمة مراقباه وهو بياكل وكل امنياتها إنه يرفع عينه ويبصلها، يلاغيها زي ماأي اتنين مخطوبين بيعملوا، ياخد باله منها، إنما دا كان مركز في طبق الاكل وناسي الدنيا، وبعد ماشبع فضل قاعد وسرحان. 

الكل لاحظ شروده فميل قاسم علي غريب وسأله:

-نسيبك تنح كده ليه ياغريب! حاطينله إيه في الاكل يابني؟ 


رد عليه غريب وهو بيبص لإيان:

-مش عارف ياقاسم، بس اللي اعرفه إن الولد عبقري والعباقرة كلهم بيبقوا كده. 

قاسم:

-عباقرة ايه اتنيل دا فصل زي اللي حجارته خلصت! 

غريب:

-اسكت إنت مش عارف حاجة دا نبوغ. 

قاسم:

-يارب يكون نبوغ معدي ويعديك وتتنح زيه كده ماتعرف نفسك رايح ولا جاي يابعيد، بس تعرف، انا فرحان فيك إنت وبنتك. 


فاق إيان من شروده وقام غسل إيده وخرج للجنينه، وبعد منه نجمه قامت وحصلته بالقهوة، وقعدت معاه يتكلموا، ولأول مره يندمج معاها في الكلام وكانت مبسوطة جدًا.. 

إيان:

-نجمه ابقي خدي حد معاكي وانزلي إختاري اوضة نومك، وابقي تعالي الفيلا شوفي العفش والديكور وأي حاجة مش على ذوقك وحابه تغيريها غيريها، هديكي الفيزا وانتي تعاملي.. 

نجمه:

-ايه دا مش المفروض نختار كل حاجة مع بعض ياإيان؟ 

- نجمتي، انا حقيقي مبعرفش في الحاجات دي ولا فاضيلها، انتي اختاري وانا واثق إن ذوقك احسن من ذوقي بكتير. 

-نجمتك؟ 

-نجمتي وقمري وشمسي والمجرة بتاعتي كلها كمان. 

نجمه ردت عليه بضحكه:

-ايه دا يادكتور انا مش مصدقه اللي بسمعه، معقوله إنت بتقول كلام حلو؟ 

-ومقولش ليه كلام حلو ايه المشكلة؟ على فكره انا مقولتش اني مش هحرمك من كل المشاعر والإهتمام يانجمة.. انا هديكي بس لما وقتي يسمح، لما عقلي يسمح، لما اروق من ضغوطاتي.. انا مش ظالم يانجمه ولا قاسي، أنا كل القصة إني مشغووول ومضغوط. 


ردت عليه نجمه بسعادة:

-وانا مش هطالبك ياإيان بحاجة فوق طاقتك، وراضيه باللي تديهوني فأي وقت ظروفك تسمح فيه. 

رد عليها إيان بإبتسامة:

- ودا عشمي اللي كل يوم بتثبتيلي إنه في محله. 

طيب يانجمتي إسمحيلي إني أمشي انا كفايه قوي كده، ورايا هم متلتل في المعمل.. اشوف وشك بخير بكره، واياكي ثم اياكي تغيبي عن الكلية مرة تانيه لأي سبب من الأسباب، انتي خلاص مفيش قدامك كتير على نهاية السنة وإمتحان الفاينال والمحاضرات الاخيرة بتكون فيها الإفادة كلها. 

-حاضر وعد مش هغيب مره تانيه.. شكرًا ياإيان على اليوم اللطيف دا والكلام الألطف اللي قولتهولي النهارده. 

إبتسم إيان واتحرك كام خطوة وبعدها رجعلها تاني وبصدمة على وشه حط ايده فجيبه وطلع منه ورده حمرا وقالها:

-تخيلي كنت ناوي اديهالك أول ماأدخل ونسيت.. وكمان فيه علبة شيكولاته فى العربية نسيت اجيبها ادخل بيها ودخلت قدام الكل بإيدي فاضية.. نجمه لو سمحتي ابقي نبهيني للحاجات دي أرجوكي. 

ضحكت نجمه وبصت للوردة بإعجاب وردت عليه:

-ازاي ياإيان افكرك، يعني اقولك هات حاجة وانت جاي واشتريلي ورد؟ 

-لا ياذكية، تقوليلي مش ناسي حاجة ياإيان وانا هفتكر ساعتها..يلا تعالي معايا خدي الشيكولاته ووزعي منها على قرايبكم عشان ميقولوش دكتور إيان مبيفهش في الذوق.. 

راحت معاه نجمه واداها الشيكولاته وودعته ومشي، وهي رجعت للفيلا، وعلي بابها قابلها إيان، بص للعلبة اللي فأديها وللورده كمان، حب يدايقها فمن غير مقدمات خطف الوردة من ايدها وأكلها! 

صرخت فيه نجمة بغضب:

-ياحيوان يامتخلف إنت عملت إيه؟ 

 رد عليها وهو بيمضغ الورده:

-ايه كان نفسي في الورد وأكلتها، خسارة فيا حتتة ورده؟ 

وبعدين هو فيه حد محترم يجيب لخطيبته ورده وحده، دا ايه البخل والشح ده؟ 


-بخل وشح؟! بخل وشح وهو جايب نوع شيكولاته بألافات؟ 


اركان :

-مش مقياس. 

بصتله نجمه ونفخت بديقه ودخلت، وهو إبتسم وهو شايف غضبها والحاله اللي وصلها ليها، أما بقى جوهره اللي مرضيتش تقعد تتغدى معاهم من خجلها واكلت وحدها في المطبخ، وبعدها خرجتلهم بالشاي وقدمته ووقفت في المطبخ. 

وقفت تراقب الكل، الرجالة اللي بتعامل ستاتها زي الأميرات، الحب اللي سايد بين الكل، الترابط الجميل اللي عمرها ماشافته غير هنا، شباب العيله وخفة دمهم، شياكتهم ووسامتهم، بس الشخص اللي شخصيته بجد خاطفاها هو غريب.. هيبه ومنصب وحزم، وفنفس الوقت حنية الدنيا كلها فيه، محبته لليل اللي كل ماتبصلهم وهما جنب بعض تستنكر محبته الكبيره دي ليها، هي صحيح طيبه وإنسانه مفيش منها من حيث الشخصية والتعامل، بس كمان الشكل حاجة ضروريه وبالذات في وسط الاغنياء ده، كلهم جمالهم غير عادي، وليل وسطهم مختلفة، ومع ذلك حاببها بإختلافها، عيونه مش بتبصلها غير بعشق ملوش حدود، شايفها الست الوحيده على وش الأرض، ومش قادره تستوعب هو ازاي كده؟ ازاي يشوف وحده كانت منبوذه فى بلد احسن مافيها ميجيش ضافر في غريب ومع ذلك ليل كانت آخر وحده ممكن حد فيهم يبصلها أو يرضى بيها.. دلعه ودلاله ليها ولبته وخوفه عليهم مخليها طول الوقت تلعن فأبوها وفحظها اللي مخلاهاش تتولد بنت لواحد زي غريب وتاخد كل الحب والحنان والإهتمام اللي يرفعها فوق الدنيا كلها. 


فاقت من شرودها على صوت بيقولها:

-ياآنسه.. 

لفت عليها وكان معاذ إبن كامل بيقولها:

- بابا بيشرب الشاي من غير سكر خالص وانتي عملاه كله بسكر، فممكن بعد إذنك تعملي كبايه من غير سكر، أو حتى دليني أنا على مكان الحاجة وانا اعمل. 

ردت عليه جوهره بإستغراب:

-وااه، تعمل إنت الشاي واني واقفه؟ له يابيه اني اللي أعمل. 

رد عليها معاذ وهو بيدخل وراها المطبخ:

-على فكرة عادي مفيهاش حاجة، انا بساعد أمي في البيت وبعمل الشاي وساعات اساعدها في الاكل كمان. 

بصتله جوهره بصدمة وهي رافعه حواجبها فضحك ورد عليها:

-مالك متفاجأة كده ليه، دي سنه عن الرسول عليه الصلاة والسلام، هو بنفسه وجلالة قدره كان بيساعد أهل بيته نقوم إحنا نستكبر ومنعملهاش؟! 

ردت عليه وهي بتصب الشاي:

-معلهش اعذر صدمتي وإستغرابي، لصلي جايه من بلد كلام ربنا مش عيعملوا بيه، فأكيد مش هيعملوا بسنة الرسول ولا هيقلدوه، انتوا كل حاجة حداكم إهنه يابيه حلوه وساهله وبسيطة، حتى المعاملة.


رد عليها بإبتسامة:

-خلاص إنسي البلد وبطلي مقارنات لأن مفيش وجه مقارنه ابدًا بين الأرياف والمدن، دا اولاً، ثانيًا بلاش كلمة بيه دي واستبدليها بالإسم مجرد أو بأي لقب تاني، إنما أنا لا بيه ولا باشا، ولا انتي هنا خدامه، انا شايف خالتو ليل وعمو غريب بيعاملوكي زي بنتهم فاتعاملي مع الكل عالأساس ده، ومادام خرجتي من البلد خليكي قد المكان اللي انتي فيه. 

خلص كلامه ومد إيده اخد منها الشاي وخرج وهو محافظ على نفس إبتسامته، وهي واقفه وراه مراقباه بنفس الإستغراب، لشخصيته الجميلة، وكأن رجالة العيلة دي أخدوا الكمال كله اللي في الدنيا، وقدر الست اللي هتكون مع حد فيهم إنها تكون ملكه، وعشان كده جوهره اخدت قرارها.. هتحاول بشتى الطرق إنها تكون من ضمن ملكات العيلة دي، مين الملك اللي هيتوجها دى حاجة لسه هتدرسها وتشوف الفرصة ممكن تجيلها من ناحية مين فيهم.. وعشان دا يحصل لازم تبتدي تتغير عشان تتشاف، تبتدي تظهر، فأخدت القرار وقلعت مريلة المطبخ، ومسكت مرايتها الصغيرة اللي حاطاها فدرج من ادراج المطبخ وبصت على نفسها وإبتدت تظبط نفسها وتهندم هدومها، وإتخلت عن خجلها وسابت المطبخ وخرجت عشان تقعد معاهم وتعمل لنفسها مكان بينهم. 


وبمجرد خروجها إبتسمتلها ليل ووسعتلها عشان تقعد جنبها، والكل ابتدوا يتكلموا معاها عشان ميحسسوهاش بالغربة، 

وبعد شويه ليل هاجمها الصداع المعتاد، مسكت دماغها بألم وقبل ماحد يلاحظ ميلت علي جوهره وقالتلها:

-جوهره قومي هاتيلي حباية مسكن من الموطبخ قوام. 

بصتلها جوهره وبعدها بصت لنجمه وقالتلها بصوت مسموع:

-نجمه قومي هاتي لامك برشامة صداع من الموطبخ، اني حاطاهم في الدرج الفوقاني، واعمليلها كباية شاي تقيله هي عتشربها مع الشاي. 

قامت نجمه بسرعه وبدون نقاش تجيب لأمها الحبايه وتعملها الشاي، وليل بصت لجوهره بصدمة وقالتلها:

-ليه كده تعرفي الكل إني مصدعه ياجوهره، ماني لو عايزه اعرفهم واقلقهم كنت قولت بحسي العالي! 

ردت عليها جوهره بمسكنه كدابه وبنفس الحس العالي:

-معلهش ياخاله ليل بس اصل اني تعبانه ورجليا عيصلوا عليا من وقفة الموطبخ واني عساعدك في العزومه، وبعدين متخافيشي هما إيه هيقلقهم دول هبابة صداع لا راحو ولا جو،، سلامتك ياخاله ألف سلامه شالله فيا الصداع ولا فيكي. 


كلامها وطريقتها صدموا ليل، لكن مش زي صدمة الباقيين، وخصوصًا سميه اللي بصت لليل بصة مبهمه، ومن بعدها عينها فضلت على جوهره مراقبه كل كلمة منها وكل حركة وكل نظرة عين لحد آخر القعدة.. 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة