-->

رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 18 - السبت 24/5/2025

 

قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نجمة أركان

الجزء الرابع من رواية فرعون

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف

الفصل الثامن عشر 

تم النشر يوم السبت 

24/5/2025



الكل روح من الفيلا مفضلش بس غير اصحابها وجوهره اللي بعد مامشيو دخلت المطبخ وخلعت عنها توب النديه ورجعت لطبيعتها وابتدت تغسل المواعين بتاعة العزومه وتنضف، ودا اللي خلى ليل نفضت عنها فكرة إن جوهوه لنا قالت كلامها دا واتصرفت بالشكل كانت تقصد حاجة غير التعب.

لكن اهي بتثبتلها إنها فعلًا كانت تعبانه ولما ارتاحت شويه رجعت لطبيعتها.

أما شهاب فكان قاعد باصص لأمه وسرحان، وابوه غريب لاحظ شروده فسأله:

-مالك ياشهاب بتبص لأمك بتفحص كده ليه؟

رد عليه شهاب بنفس الشرود:

-ها، لا ياحبيبي سلامتك، وبعدها وجه سؤاله لأمه:

-ماما أنا ملاحظ إن نوبة الصداع دي جاتلك من إمبارح مرتين، وفكل مره تاخدي مسكن وتشربي معاه شاي وتكتفي بإن الصداع يتسكن شويه، طيب انتي عارفه سبب الصداع اللي بتسكنيه دا ايه؟ طيب مش عارفه إن المسكنات دي غلط على الكلى؟


ردت عليه ليل بإبتسامة:

-عقولك ايه ياد انت اول ماهتعمل داكتور هتعمل داكتور على امك؟ اني زينه فياشي حاجة، دا صداع نش حاجة واعره تخليك تديني المحاضره داي، قوم قوم روح اوضتك افرد طولك هبابه وريح جتتك من القعده، إشبع نوم واني مشغولة في لم الدنيا عشان لما تصحى اقعد معاك وأشبع منك قبل ماتسافر.

سمع شهاب الكلام لأنه كان تعبان فعلًا، وطلع أوضته، أما نجمه فكانت قاعده سرحانه ومكشره ومش مغاهم، سألها غريب:

-ايه ياحبيبة بابا سرحانه فأيه؟

ردت عليه بزعل:

-النهارد إيان لأول مرة يكون رومانسي واداني ورده.

غريب:

-طيب كويس دي حاجة تفرح مش تزعل!

نجمه:

-ايوه منا كنت فرحانه لغاية مالزفت أركان أكلها.

غريب:

-اكلها؟

-اه يبابا خطفها مني وأكلها، دي اول حاجة إيان يجيبهالي وكان نفسي احتفظ بيها للذكرى يرضيك يعمل كده؟

غريب:

-لا ميرضينيش دا ولد قليل الادب.

ليل:

-معلش معذور وغيران، تزعليش نقسك دلوكيت خطيبك يجيبلك ورد تاني وتالت واعتبريهم اول هديه، ومتوريهمش لأركان.


نجمه:

-ياماما انتي كل حاجة عندك واخذها ببساطة كده، دا بياكل ذكرياتي!

ضحك غريب علي التعبير ورد عليها:

-معلش ياحبيبتي إنسان مسعور، بس زي مابتقول أمك معذور وغيران، وبعدين ياحبيبة بابا الذكريات مش محتاجة دليل ملموس عشان يفكرنا بيها، الذكريات بتتحفر في الروح والقلب والعقل، يعني الورده صحيح مبقتش موجوده بس الذكرى نفسها موجوده، الشعور موجود، الفرحة باللحظة موجوده وهتعيش للأبد.

متوقفيش عند حاجات صغيرة زي دي وتخليها تخرب فرحتك، خليها بحر مفيش حاجة تأثر فيه مش بركة ميه بس حد يرمي فيها حجر تتعكر.

هزت نجمه دماغها بقبول وبعدها استأذنت وقامت على أوضتها، وزي ماأبوها وامها نصحوها تخطت الموقف وإحتفظت بس بجمال اللحظة، والورده اعتبرتها مجاتش، بس دا ميمنعش انها كل شوية تفتكر منظر اركان وهو بيخطفها وياكلها وتقول:

-بالسم الهاري حار ونار في جتتك، اه ياناري بس لو مكنتش كبرت وبقيت زي الخرتيت طول بعرض كنت ضربتك زي زمان لما بانلك صاحب ياأركان الكلب.


أما عند أركان..

قاعد فإوضته سرحان وهو بيفكر في كلام جده ماهر اللي لخبطله حاله وبدال ماخلاص كان ماشي في طريق الرضى بالأمر الواقع رجعه تاني للصفر وحيا جواه أمل كان بيموت، وخلى قلبه رجع تاني يتشعبط في المستحيل.

راح علي صورها اللي شالهم من الأوضه وكان لاففهم للحيط ومنهم الألبومات اللي كانت في دولابه، جمعهم كلهم وفردهم على السرير وابتدا يتنقل مع كل صورة من ذكرى لذكرى، يفتكر المناسبات اللي اتاخدت فيها الصور، من طفولتهم للوقت الحاضر، حياته كلها قدامه في الصور، مشاعره، أول كل حاجة حلوه عاشها معاها، أول مشاعر أول دقة قلب، الإشتياق اللي طول عمره بيحسه ناحيتها بمجرد ماكان يفارقها حتى لو ساعات قصيره.

قعد وإبتدا يحضن في الصور وكأنه بيحضن في أحلامه اللي بطل يحلمها من ساعة خطوبة نجمه ووحشته جدًا، وبعد مافضل فترة كده قام لم الصور ورجعهم مكانهم وإبتدا يزاكر، وقرر إنه مش هيخلى احلام ممكن متتحققش تشغله عن مستقبله


وأثناء ماكان مشغول بالمذاكره سمع صوت رساله على تليفونه، مسك التليفون وهو مستغرب لأن الساعه ٣ وش الفجر مين اللي هيبعتله رساله في الوقت ده؟!

فتح الرسالة وكانت من أكونت بإسم "كهرمانه" علي طلبات المراسله كتباله في الرساله:

-عارفه إنك اكيد نايم دلوقتي، بس حبيت اقولك اني اتمنيتك وطلبتك من ربنا دلوقتي، في ساعة أغلب الناس نايمين فيها وانا قررت انتهز الفرصة واصلي وادعي إنك تكون من نصيبي، النهارده أول يوم اقرر إني أطلب الطلب دا من ربنا مع اني معجبه بيك من زمان ومتابعاك في صمت، بس مش عارفه ليه حسيت دلوقتي إني ليا معاك فرصة بعد مانجمه اتخطبت وعرفت انها هتتجوز قريب، يعني مفيش أمل ترجعوا، فقولت ليه لإ، ليه محاولش يمكن يكونلي معاك نصيب؟ فدعيت. 



قرا اركان الرساله كذا مره وهو مستغرب وبيسأل نفسه.. ياتري مين كهرمانه دي؟ وحده في الجامعه ولا جاره ولا حد بيلعب معاه لعبة سخيفة وخصوصًا إن الاكونت جديد ولا ايه؟ بس في النهاية مداش للرسالة أهمية ورجع يذاكر لحد أذان الفجر قام اتوضى وصلى ودخل في فرشته عشان ينامله ساعتين قبل ميعاد الجامعه. 


صحى ولبس وركب عربيته وراح بيها على فيلا غريب، لقي ليل مجهزه الفطور قعد وفطر، وبرغم إنه إن نجمه معاها عربيتها ومش محتاجاه لكنه مصر إنه يكون معاها، حتى لو هو بعربيته وهي بعربيتها، مش عارف يطمن عليها غير وهي قدام عيونه. 


اما هي فمن اول مانزلت وشافت اركان وبوزها مقلوب وغير صباح الخير مقالتش ولا اتكلمت معاه، لسه موقف الورده اللي اكلها مدايقها منه، وحاسه إن اللي جاي هيكون سخافة منه مش هتتحملها. 

غريب وليل كانوا ملاحظين موقفها من أركان بس محدش فيهم إتكلم، مع أن ليل مش عاجبها إن نجمه تزعل منه حتي بعد ماقالتلها عذره، وشايفه إنها واجب تشفق عليه مش تعامله بقسوة اكتر، عكس غريب إن كان شايف إن من حق نجمه تاخد موقف من أركان لأنه بيتعدى على خصوصياتها ودا صحيح محسسه بالشفقة عليه لكن فنفس الوقت مش هينكر حق بنته في الزعل من تصرفاته. 

مشيو عالجامعه وغريب راح علي شغله وفضلت ليل مع جواهر يجهزوا للغدا لغاية ماصحى شهاب وفطر وكانت ليل جهزت كل حاجة وفهمت جوهره هتعمل إيه وراحت تقعد معاه. 

اتكلموا كتير ومن وسط الكلام لاحظ إن ملامحها كل كل كام دقيقة بتنكمش بألم، فعرف إنها بتتألم بس مش عايزه تبينله، فسألها:

-الصداع تاني؟ 

-عرفت كيف؟ 

-مش عيب لما تسألي إبنك مشروع الدكتور السؤال ده، على فكرة غلط فحقي؟ 

-طيب يامشروع الدكتور آسفين لمعاليك، بس بالله عليك اوعاك تقعد تقولي حديتك الماسخ ديه وأسباب ومش أسباب. 

-مش هقول حاجه ياماما، اصلي اتعلمت حاجة مهمة من دراستي بره في بلاد الغرب، إن الواحد لو مكانش هو المهتم الأول بصحته محدش هياخد تعبه على محمل الجد. 

ردت عليه نجمه بذهول:

-يعني معنى كلامك ياداكتور إنك لو شفتني عيانه عموت ومعاوزاشي اروح لداكتور مش هتاخدني غصب عني وتوديني؟ 

- وليه أجبرك مايمكن انتي متأقلمه مع تعبك ومش عايزه تتعالجي منه، أو الحياة بقت اتفه وأوحش من إنك تبذلي مجهود عشان تفضلي فيها. 


-واااه ياشهاب، طيب اني وماحباش الحياة مش حابب إنت إنك تغير حالتي وتحافظ على حياتي عشان إنت مثلًا حابب إني أكون في حياتك! 

شهاب:

-مسألة العمر والحياة دي فأيد صاحبها ومهما كنا بنحبه مينفعش نتدخل في قراره، يعني انا مثلًا لو داقت بيا الدنيا وحبيت انهي حياتي مش من حق حد يتدخل، لو تعبان وبموت وشايف إن روحتي للدكتور ملهاش لزمة مش من حق حد يقرر بدالي أو يجبرني، ببساطة كل واحد حر في العمر اللي ربنا اداهوله وفي تقدير قوة تحمله. 


وقفت ليل وبصتله بعتب وقالتله بزعل:

-الظاهر إن بلاد الخواجات علمتك القسوة ياشهاب ولسه ياما هتعلمك وتاخد من طبعهم العفش، يعني انت فكرك اني لو بعد الشر شوفت فيك حاجة تاعباك ههملك واقف اتفرج عليك واقول هو حر مادام متحمل اني مليش صالح بيه؟ ايه الفلسفه المعفنه داي! 

رد عليها شهاب بهدوء:

-امال هتعملي ايه يعني؟ 

- هجرك جر من قفاك او من رجليك وهاخدك لداكتور بالقوة، واعالجك بالقوة، واطمن عليك بالقوة عشان الواحد حياته مش ملكه لحاله كيف ماعتقول، الواحد حبايبه كمان عيوبقوا مشاركينه فحياته ورقيبين عليه ومن حقهم يطمنوا عليه غصب عنه، مايتصرفش التصرف ديه إلا واحد عايش لحاله فرع مقطوع من شجره مليهش حد، غير إكده له. 

بصلها شهاب وإبتسم وهو بيقوم ويتحرك من قدامها من غير كلمة فسالته بغضب اكبر:

-ماشي على فين ومهملني، الكلام معجبكش صوح، مجاشي اكيد على هواك يا بتاع كل واحد حر فروحه. 


رد عليها شهاب بهدوء:

-لا بالعكس دا عجبني وعجبني جدًا كمان، وعشان كده رايح انفذه فورًا، هستعمل القوة اللي بتحكي عنها عليكي ياست ماما، أصلك مش مقطوعه من شجره ولا ملكيش حد عشان تفضلي تعبانه ونشوفك بتتألمي ونسكت. 


خلص كلامه وقالها بأمر:

-اتفضلي البسي وانا هروح البس واطلب أوبر واسأل على احسن دكتور عيون نروحله. 

-عيون ايه اني راسي اللي عتوجعني! 


شهاب:

-ايوه فاهم ماهو الصداع في اغلب الحالات بيبقى سببه مرتبط بحاجة في العيون، يلا بس انتي البسي وسيبيلي انا مهمة إكتشاف الصداع ده. 


راحت ليل على أوضتها عشان تلبس بس قبلها اتصلت بغريب قالتله، وهو فرح جدًا إن شهاب قدر يقنعها بمرواحها للدكتور، وبعد مالبست راحت عالمطبخ تشوف جوهره وصلت الطبيخ لغاية فين وتشوف لو فيه حاجة محتاجة ملاحظة منها، وبعدها اخدها شهاب على دكتور العيون، اللي بعد الكشف عليها حولها على دكتور مح وأعصاب بعد مااطمن إن عيونها مفهاش حاجة، وبعد كشف دكتور المخ والأعصاب عليها وسألها شوية أسئلة وهي جاوبته حولها لأشعة رنين مغناطيسي على المخ، ومن هنا شهاب اتولد جواه قلق رهيب، بس مرضيش يبينه قدامها، وأخدها عالأشعة ورفض إنها تقول حاجة لأبوه اللي اتصل بيهم كذا مره عشان يطمن. 

واثناء عمل الأشعة كان شهاب متابع مع الدكتور على جهاز الكمبيوتر الصور اللي بتظهر، واللي اتصدم لما شكه اتحول لحقيقة وقلقة طلع في محله.. ليل عندها ورم عالمخ. 

قعد شهاب على الكرسي بصدمة وهو مش عارف ولا قادر يتلم على اعصابه، اللي حصل دا ملوش غير معنى واحد، إن الدنيا كلها اتدمرت، وإن دي نهاية العالم.. عشان ليل بالنسبالهم كلهم هي العالم.. وأول واحد مش عارف هيقوله الخبر ازاي هو أبوه، اللي حبة صداع بتحس بيهم ليل أو مجرد دور برد بيشقلبوا كيانه. 

خرجت ليل من جهاز الأشعة وشافت وش شهاب ممتفسرش من الزعل، قلبها نغزها وحست إن فيه حاجة مش طبيعيه، فحبت انها تسهل عليه فقربت منه وسألته:

-ايه ياداكتور لقيت الورم وصل لأي مرحلة؟ 

كلامها صدمه وخلاه برق عنيه وسألها:

-هو انتي ياماما كنتي عارفه؟ 

ردت عليه بإبتسامه موجوعه:

-له ياحبيبي مكنتش عارفه، بس يعني مش لحالك ذكي وتعرف تتدحلب وتوقع اللي قدامك في الكلام ياداكتور، متنساش إني أمك. 


خلصت كلامها ولقته قرب منها وحضنها وقالها:

-متخافيش ياماما بسيطة وبأمر الله هيكون حميد وهتتعالجي منه فأقرب وقت. 

ردت عليه وهي عتضمه اكتر بأديها وتقاوم دموعها اللي واقفه علي طرف عينها:

-ولو مش حميد، ولو متعالجش، اني راضيه بقضاء الله وقدره، اني دلوك كل مشكلتي فأبوك ياشهاب، متقولوشي حاجة ياولدي الله يخليك، غريب مهيتحملش، واني مهتحملش زعله عليا، وهندخل فدايرة خوف على بعض مليهاشي أول من آخر. 

سكت شهاب ومردش عليها، مع ان حاجة زي دي مينفعش أبوه ميعرفهاش، بس كلامها منطقي فرد عليها بوجع:

-طيب وازاي بس ميعرفش، وهيقول إيه لو عرف بعدها، ولازم هيعرف. 

ردت عليه ليل وهي بتبعده عن حضنها وتحضن وشه بكفوف إيديها:

-وكتها هنكونوا عرفنا دنيتنا فيها إيه وهنعملوا إيه، مفيش داعي كلنا نتشغلوا ودنيتنا تخرب، قدام ابوك شوية صداع عاددين وحطله ليهم اي سبب هين، وبيني وبينك نرمحوا رمحتنا من غير لا حس ولا خير، وسبحان الله اكيد انت ربنا بعتك ليا دلوكيت في الوكت ديه بالذات للسبب ديه، يلا بينا اتأخرنا وابوك زمانه في الطريق معاود للفيلا، وأوعاك ياشهاب تبينله حاجة، ولا يشوف ملامحك متغيره أبوك نبيه وعيفهمها وهي طايره، يلا عشان نلحقوا ندسوا الأشعه داي قبل مايمسكنا بيهم. 


شهاب رد عليها وهو شبه مقتنع بكلامها:

-لأ انا هوديهم للدكتور قبل مانرجع، ونشتري اي حاجة وإحنا راجعين ليا او للبيت عشان نتحجج وانها سبب التأخير. 

وافقته ليل وبمجرد مااتحركوا رن تليفونها برقم غريب، فردت عليه بضحكة ونبرة محدش يفرقها عن الحقيقة:

-ايوه يانن عيني، احنا خلصنا ومعاودين، الدكتور طمنا وقال إنه مفيش اي حاجة تقلق، شوية صداع عاديين ومطلعليش غير برشام مسكن عند اللزوم، قولتلكم قلقكم عليا مليهش اي داعي بس انتوا اللي عتهولوا الأمور.. وكان المفروض رجعنا من الصبح بس ولدك حبكت يجيبله جاكت شتوي قال إيه الجواكت فمصر احلى، وادينا عنلفوا عشان حاجة تعجبه. 

رد عليها غريب بغضب:

-وهو يلففك معاه ليه وهو عارف إنك تعبانه، الواد دا من ساعة ماسافر المانيا وهو مبقاش عنده دم اديهوني. 

ردت عليه ليل بهدوء:

-طب وفيها ايه ياغريب لما الف مع ولدي واختار معاه، طب داني فرحانه عشان حاسه إني رجعت سنين لورا، لايام ماكانوا عيال صغيرين وناخدوهم اني وانت ونجيبولهم هدومهم كلها علي ذوقنا، هملني ارجع الذكريات الحلوة داي ياغريبي. 


رد عليها بتنهيدة إرتياح:

-ياقلب غريبك اعملي اللي يريحك ويبسطك، أنا كل خوفي عشان تعبك مش أكتر، يلا طيب استعجلوا قدامي نص ساعة وارجع عالبيت، عايز أول ماارجع الاقيكي في إستقبالي، ولو هتتأخري قوليلي عشان أتاخر انا كمان، مش متعود ارجع البيت وانتي مش فيه ياليل. 


سكتت ليل وبلعت ريقها وردت عليه بصعوبه:

-حاضر ياقلب ليل، هتعاود تلاقيني مستنياك، وهفضل مستنياك وفإستقبالك لآخر عمري. 


قفلت معاه وبصت لشهاب اللي كان حاسس إنه بيتخنق ومش قادر يبيلها، عايز يهون عليها الموقف اللي لا هو ولا هي عارفين إنه هين ابدًا، وكأن كل واحد فيهم بيكدب على التاني وعارف إنه مكشوف ومع ذلك مكمل. 

حاوطها شهاب بأيده واخدها وخرجوا، راحوا للدكتور ودوله الأشعه وأكدلهم إن ليل عندها ورم لكن لسه في بدايته، واداهم حل من اتنين، إما امها تجرب العلاج ولو مجابش نتيجة تعمل عملية، أو إنها تدخل عملية علطول وتشيل الورم. 

قإختارت ليل إنها تخضع للعلاج، فكتبلها الدكتور العلاج اللازم واشتروه. 


رجعوا عالبيت فورًا، ودخلت ليل مباشرة لأوضتها، خبت العلاج من غريب وغيرت هدومها ونزلت عشان تستقبل غريب، وقررت إن الفتره اللي جايه دي مش هتنشغل عنه بأي حاجة، وهتحاول تشبع منه وتشبعه من وجودها قدر الإمكان، يمكن الفراق يكون قريب وعايزه تلحق الوقت اللي ضاع منها وهي مش معاه وفحضنه. 


رجع غريب واستقبلته ليل بحضن كأنه غايب عنها بقاله شهور، إبتسم وهو مستغرب، وسألها بضحكة:

-ايه ياحبيبة قلبي، ايه الحضن الجميل ده؟ 

ردت عليه وهي لسه فحضنه:

-وكل يوم من ديه، فلو هتدايق قولي من دلوك. 

رد عليها وهو بيضمها ليه أكتر:

-ادايق؟ انتي بتتكلمي بجد! طيب دا ياريت الزمن يوقف هنا في اللحظة دي وتفضلي فحضني لآخر العمر. 

بعدت عنه ليل ومسكت كف ايده باستها بحنان وردت عليه:

-ماني هفضل فحضنك لآخر العمر، وآخر انفاسي هلفظها على صدرك. 


رد عليها غريب بديقه:

-ليل ممكن بلاش الكلام دا لو سمحتي، انا بدايق منه وانتي عارفه. 

ليل:

-حاضر يانن عيني، يلا ادخل غير علي بال مااجهز الوكل. 

دخل غريب وهو حاسس إن ليل فيها حاجه مش مظبوطه، باينه فنبرة صوتها رغم إبتسامتها، فراح على أوضة شهاب إبنه، خبط خبطتين ودخل واول ماعمل كده شهاب قفل اللاب بسرعه وابتسم لأبوه ورحب بيه. 

غريب بصله بشك وقاله:

-قفلت اللاب ليه بسرعه كده لما شفتني؟ 

اتردد شهاب شويه وبعدها رد عليه وهو بيمثل الخجل:

-اصلي بصراحه يابابا كنت بكلم ايميلي.. البنت اللي كلمتك عنها. 

هز غريب دماغه بتفهم وسأله:

- هاه احكيلي عملت ايه عند الدكتور مع مامتك وقالكم ايه بالظبط؟ 

 بلع شهاب ريقه ورد علي ابوه وهو بيهرب بعنيه منه في كل زاويه:

- ولا حاجه ياحبيبي قال شوية إرهاق بس وقالها ترتاح شويه وهتبقي زي الفل. 

رد عليه غريب وهو باصص للفراغ:

-عنده حق، الفتره اللي فاتت دي انا اهملت فيها وانتبهت لشغلى اكتر، هحاول افضي نفسي واخدها ونطلع رحله نفضل فيها عن كل حاجة، واخليها تريح دماغها الناشفه دي من التفكير الدايم اللي واجع دماغها. 


 قولي صحيح انت قاعد قد ايه معانا؟ 

رد عليه بتنهيده:

-للأسف مش هقدر اقعد غير ١٠ ايام بس. 

-معلش روح إمتحن وإرجع قضي الأجازه كلها من أولها معانا،اديك جيت وشفتنا وشفناك واطمنا علي بعض. 

هز شهاب دماغه لأبوه بموافقة وإبتسامه، وسابه غريب وراح أوضته، اخد دوش وغير هدومه وراح عالصالون. 

أما ليل ففي الوقت دا دخلت المطبخ، شافت جوهره عملت إيه واتأكدت انها نفذت كل التعليمات والأكل طلع مظبوط، وقعدت على الكرسي بعدها ودفنت دماغها بين إيديها وغمضت عيونها بتعب وهي بتحاول تستوعب اللي هي فيه، وترتب نفسها وتعرف خطواتها الجاية هتكون إيه، ولما مقدرتش تسيطر عالفوضى اللي جواها نفضت كل حاجة من دماغها وقامت خرجت من المطبخ اللي حاساه داق عليها زي وصوت جوهره اللي بتسألها مالك مبقتش متحملاه. 

شافت غريب قاعد وماسك تليفونه فراحت عليه بإبتسامه وقعدت جنبه، فساب تليفونه وابتدا كالعادة يحكيلها عن يومه واللي حصل فيه، ومع إن كلام جوهره مكانتش متحملاه من صداع دماغها وهربت منه، كلام غريب كان بالنسبالها مسكن، حابه تسمعه وعايزاه ميبطلش كلام، عيونها بتتنقل على ملامحه وترسى علي شفايفه اللي بتتكلم، طول عمرها شايفاه كتير عليها وعشان كده مبتحبش تشبع عيونها منه، بتخاف تحسده من كتر مامستكتراه على نفسها، والظاهر فعلًا الدنيا استكترته عليها والقدر قرر إنه كفايه عليها كده، اداها من السعادة اكتر من اللي تستحقة وعاشت اكبر من أحلامها. 


قاطعت كلامها نجمه بدخولها، واللي استلمت دفة الكلام من أبوها، ولخصت يومها بإنه كان مرهق بسبب إن كان فيه مشاكل بين الطلبة وهي بصفتها رئيسة اتحاد الطلبة كانت مسئولة عن حلها، والنتيجة انها محضرتش ولا محاضره وإيان اتخانق معاها وطلب منها تسيب رئاسة الإتحاد لحد غيرها وتنتبه لمحاضراتها ومذاكرتها، ومش كل يوم تعمل حاجة تضيع عليها المحاضرات. 

فمردتش عليه بقبول أو برفض لغاية ماتدرس القرار، لكن أبوها أيد كلام إيان ووجهة نظره، بإن المنصب اللي ميفيدش صاحبه بحاجة، بل بالعكس يعطله عن حاجات مهمة تخص مستقبله بلاها منه. 

أما ليل فمدتش رأيها في الموضوع ولما نجمه سألتها عن ردها قالتلها:

-اني معارفاشي يانجمه، وأبوكي اهه اداكي رأيه، وأكيد مفيش رأي بعد رأي أبوكي، سيبك من المشاكل يابتي وركزي على مستقبلك ودراستك، حاولي علي كد ماتقدري تبعدي عن المشاكل وتبعديها عنك، ركزي على سعادتك وراحتك وبس. 


نجمه:

-طيب وبالنسبة لفرش الفيلا واختيار أوضة النوم، والشوار والفرح باقي عليه شهر ونص يادوب نلحق، هتبدأي إمتا بقى ياست ليل؟ 

ردت عليها ليل بنفس الهدوء:

-بصي اني ذوقتي مش هيعجبك، خلي عمتك ناديه تختار معاكي، إو جواهر عمتك ذوقها لا يعلى عليه، ولا اقولك صوح بلاش جواهر، هتختار جهاز اللي كسرت قلب ولدها عشان تتجوز بيه غيره، داني الظاهر كبرت وخرفت. 

رد عليها غريب:

-فشرر كبرتي إيه دانتي أصغر من نجمه بنتك، وبعدين ياست الكل انا أسمع ان دي فرحة الأم وهي بتختار جهاز بنتها بنفسها. 

ليل ردت بشرود:

-الفرحه الكبيره في القلب وإني اشوفها رايحه على بيت جوزها وهي فرحانه، وكمان اللي هيروح مكاني هيختار احسن مني وأكيد هيجيب الاغلى والأحلى. 


سألتها نجمه بإستغراب:

-مالك ياماما، حاسه فيكي حاجه، متغيره وفاقده الشغف والحماس كده ليه؟ 

ردت عليها ليل بإبتسامة:

-ولا متغيره ولا فاقدة حاجة، اني بس تعبانه من مشوار النهارده، الظاهر اني كبرت صوح مش كلام. 


خلصت كلامها وقامت وكملت وهي بتروح ناحية المطبخ:

- قومي غيري خلجاتك عشان نتغدو. 

وبدات هي وجوهره يحطوا الاكل عالسفرة والكل اتجمع بما فيهم جوهره وقعدوا ياكلوا، ومهما حاولوا يخبوا هي وشهاب لكن سكوتهم وشرودهم فاضحهم، لدرجة إنهم مكانوش بياكلوا، ودا خلى غريب هو كمان بطل أكل وفضل مراقبهم. 


اما في فيلا ماهر.. 

خلاص موده جهزت كل حاجة للسفر ورتبت امورها وبكره الصبح هتاخد ماهر ويسافروا، واخر حاجة واقفه في المطبخ بتعمل أكل عشان ياخدوه معاهم للطريق، وماهر بمجرد ماقالتله عالرحلة ومودو اتغير ١٨٠ درجه، كان في الجنينه ماسك خرطوم الميه وبيسقي الزرع وبيغني ومتسلطن عالأخر.. 


والشعر الـغجري المجنون يسافـر في كل الدنيا

لكن سماءك ممطرة وطريقك مـسدود، مسدود


فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصـر مرصود

من يدخل حجرتها من يطلــب يدها

من يدنو من سور حديقتــها

من حاول فك ضفائرها يا ولدي

مفقود، مفقود، مفقود يا ولدي، يا ولدي

آخر مقطع قاله بعلوا صوته واول ماخلصه سمع صوت قاسم من وراه بيسقف ويقوله:

-الله علييك ياعم بخ ياللي بوظت الاغنيه.. أيوه الغزاله رايقه ونجمك عالي، يابختك مش شايل هم حاجة، من ساعة ما اتشليت وقعدت عالكرسي ابو عجل ارتحت والكل بيخدمك وانت قاعد. 

مردش عليه ماهر بالكلام لكنه وجه عليه خرطوم الميه بله، وخلاه مش عارف يجري على انهي ناحيه وهو بيقوله:

-بتحسدني حتى على الشلل والكرسي ابو عجل ياحيوان، طيب تعالا اقعد مكاني وخد الراحه اللي انا فيها. 

بعد قاسم عنه المسافة الكافيه ووقف يبص علي نفسه وهدومه المبلوله وخرج التليفون من جيبه يطمن عليه وخرج محفظته ولسه هيرفع دماغه عشان يشتم ماهر لقاه فوشه وموجه الخرطوم عليه وكمل رش ميه فجري قاسم مره تانيه ودخل الفيلا، فصرخت عليه جميله:

-ايه دا ياقاسم بهدلت الدنيا يبني ليه كده؟ 

رد عليها بزعيق:

-اعملك ايه مااخوكي عمال يلعب بخرطوم الميه زي العيال الصغيره وانتو سايبينه، عاجبك كده اروح ازاي انا دلوقتي؟


رد عليه ماهر اللي دخل وراه:

-انا برضوا اللي عامل زي العيال الصغيره.. طيب انل هوريك شغل العيال اللي على أصوله.. تعالي ياجميله اقفلي الباب ده، دياب، نادر، تعالو ياولاد امسكوا الواد دا وقلعوه واربطوهولي في الشجره بره، انا هعرف اربيك واحرمك تيجي هنا تاني، مش انت حاسدني عالكرسي ابو عجي، انا هخليك تطلع من الفيلا على واحد اخوه. 

خلص كلامه وإبتدا يجري وراه بالكرسي وقاسم يجري، لغايه ماعرف يفلت منه ويخرج للجنينه مره تانيه، فقاله ماهر.. 

-ياخي حل عني بقا ومتجيش هنا تاني غور شوفلك سرحه بعيد عني، أنا لو اقدر كنت سبتلك البلد كلها واخدت مراتي وعيالي ومشيت، بس للاسف مش قادر فارحمني. 


قاسم:

-لا ياماهر مش هرحمك ولو مسكتش هاخد اختي منك واخليها ترميلك عيالك وترميك انت كمان معاهم. 


ردت عليه موده المرادي:

-هي مين دي اللي تاخدها ومين اللي ترمي مين، انا ارمي ماهر، حد يرمي روحه؟ قاسم امشي اطلع بره ومتجيش هنا تاني. 

قاسم:

-مترميش جوزك لكن ترمي اخوكي عادي مش كده، عمومًا انا مش هرد عليكي عشان انا اكبر من الرد على امثالك وأمثاله. 

خلص كلامه واتحرك على جوا، وتحديدًا على اوضة ماهر وموده فصرخ فيه ماهر:

-خد يلا تعالا هنا انت رايح فين؟ 

رد عليه قاسم وهو بيفتح باب الأوضه:

-اهدا بطل زعيق، داخل اغير هدومي اللي غرقتهالي ميه دي، هلبس احلى بدله عندك واحسن جزمة.. هلبس السودة الجلد الطبيعي اللي جايبهالك غريب من ماليزيا من اول ماشوفتها وعيني فيها، وهلبس ساعة من عندك وارش من البرفان بتاعك واسرح بالفرشة بتاعتك.. بص هتصرف فدولابك وحاجتك كأني ورثتهم. 


خلص كلامه وجري على اوضة ماهر دخل بسرعة وقفل الباب وراه ومهما خبط عليه ماهر ونادت عليه موده مكانش بيرد. 


موده:

-طيب بالله عليك ياقاسم إعمل كل اللي انت عايزه بس بلاش تسرح بفرشة الشعر بتاعة ماهر، الحاجات الشخصية دي بتنقل الأمراض، يمكن شعرك فيه قشرة ولا فطريات. 

رد عليها قاسم بصوت عالي:

-دي فيها قشرة وفطريات وحشرات ومش بس هسرح شعر راسي بالفرشة دانا هسرح شعر راسي وشعر دقني وشعر رجلي وشعر صدري كمان، وبفرشتك وفرشته عشان اعديكم انتوا الاتنين. 

صرخت موده برعب وماهر بصلها وزعق فيها:

-يعني انتي خايفه علي فرشه بملاليم عادي نرميها ونجيب غيرها ومش هامك الألوفات اللي داخل يبددها جوا الأوضه ويلبسها.. هاتي التليفون، هاتي تليفوني بسرعة. 

موده:

-هتعمل ايه؟ 

ماهر:

-هبلغ عنه البوليص بتهمة السرقة واخليهم يجوا يظبطوه متلبس ببدلتي وجزمتي وجوا اوضتي. 

خلص كلامه واتحرك بسرعة بالكرسي جاب قفل وقفل باب الأوضه من بره ومسك التليفون واتصل ببوليص النجدة فعلًا، وأول ماردوا عليه قال وهو بيمثل الرعب:

-الحقوني فيه حرامي دخل بيتي واتهجم عليا بالسلاح ودخل أوضة نومي بس انا قدرت احبسه جوا الأوضة.. انا قعيد ومش هقدر اقاومه كتير تعالو بسرعة. 

قاسم سمع المكالمة وابتسم لأنه كان خلص لبسه، وراح عالباب عشان يفتحه لقاه مقفول من بره فقال:

-يبن المجنونه ياماهر. 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة