-->

رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 15 - السبت 16/5/2025

 

قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نجمة أركان

الجزء الرابع من رواية فرعون

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف

الفصل الخامس عشر 

تم النشر يوم السبت 

16/5/2025



أخيرًا نام مؤمن على الفجر بعد ماتعب من الكلام وتعبت نواره هي كمان من السمع، ولما سمعت صوت شخيره فتحت عنيها وبصت للسما وفضلت باصه للنجوم وتعيد فكلام ابوها، وصورة السرايا من جوه والخير اللي فيها والوكل اللي فمطبخها والدهب اللي فأدين مصريه،

 وبعدها بصت لأبوها اللي نايم في المركب وافتكرت ليالي الشتا اللي عتيجي عليهم وتخليهم يلبدوا فبعض كيف الفيران ويرجفوا كيف اوراق الشجر، وغير سقعة الشتا سقعة الميه من حواليهم، ومش عيكونوا مصدقين انهم ممكن يطلعوا من الشتا سُلام من غير ماحد منهم يتجمد من البرد ويموت في المركب. 


وحست إنه يستاهل يعيش اللي باقي من عمره زي البني آدمين. 


علي الرغم من أنها ساعات تشمت فيه لما تبص لحاله وتقول احسن ويستاهل، ودا بعد ماحكالها عن ليل واللي عمله فيها، ليل اللي عتتمنى من كل قلبها تقابلها ولو مره وحده فحياتها، تحضنها وتتأسفلها عن كل اللي عمله فيها أبوها، وتقولها إنها حبتها، حبتها من غير ماتشوفها. 


غمضت عيونها واستسلمت للنوم اخيرًا، وفي اليوم ديه مقاموش لاهي ولا مؤمن عشان ياخدوا رزق الصبح البدري، وراحت عليهم نومه، وأول ماصحيوا على الضحى والشمس ماليه الدنيا بصت نواره لابوها بعتب وقالتله:

-عاجبك إكده، ادينا فاتنا رزق البكور، خدنا ايه من السهر والحديت؟ 

رد عليها مؤمن وهو عيدس يده فجيبه ويطلع رزمة الفلوس اللي اداهاله وفقي:

-ولا يهمك، خدي رزق البكور والسحور ورزق كذا يوم بحالهم، دول عطهمني وفقي، إمسكي الفلوس اللي بحق وحقيق وشمي ريحة الراحه والبغدده، هملينا نريحوا دراعاتنا من الجديف ورمي الشبك ولمها النهارده. 

مسكت نواره الفلوس ورفعتها قدام عنيها وبصتلهم وبصت لأبوها اللي عينه على خشمها كيف المسجون المستني الحكم اللي هينطقة القاضي واللي هيحدد مصيره،

 وابتدت تسيطر عليها فكرة الموافقة، فبصت لابوها وبلعت ريقها وسألته بتردد:

-يعني يابوي فكرك أوافق؟ 

رد عليها بسرعة ولهفة:

-لو جوا راسك عقل توافقي من غير ماتسألي يانواره، لو ربنا رايد بيكي وبيا خير هتوافقي من غير تردد يابتي،

 يلا عاد انطوقيها وخليني اروح ازف البشرى لوفقي بيه وافرح قلبه وقلبي معاه. 

ردت عليه نواره وهي سرحانه في الفلوس:

- له. متردش عليه انت، اني عايزه اتحدت معاه قبل الموافقة، عايزه احط النقط عالحروف واشوف نيته ايه من ناحيتي، قوم نرموا الشبكة ونطلعوا اللي يقسم بيه ربنا ونروحوا بيه، عشان حتى يكون سبب لمرواحنا. 

يلا ياحبيبة ابوكي، وكمان شاكر وصاني وأكد عليا واني وعدته، حتى يكونله نصيب ياكل سمك النهارده. 


قاموا ورموا شباكهم ولموه بالمقسوم ورتحوا على السرايا، وقدام بابها قعد مؤمن وادى نصيب شاكر من السمك، وشاكر شيع لولده عزام يجي ياخدهم وصمم يدفع تمنهم وإلا مش هياخد حاجة، 

وقصاد تصميمه مؤمن وافق ياخد الفلوس، بس عزام ولده مجاش وجات بداله عيشه.. 


-ايه ياشاكر شيعت ليه علي عزام؟ 

-كنت عايزه ياخدلك شروة السمك دي ياعيشه تطيبيها. 

-طيب هو راح البندر هو والعيال أصحابه يشتروا حاجات، هات السمك اني هاخده. 

مسك شاكر السمك اللي في القفه وعطهولها وهي خدته وروحت بيه، ورجع شاكر بص لمؤمن اللي عينه كانت على عيشه مراقباها فقاله شاكر:

-عينك يابو عمه اللي تدب فيها رصاصه. 

رد عليه مؤمن بخجل لما انتبه على نفسه:

-هو انت مش قولتلي قبل سابق إن مرتك ميته ومحداكش اخوات، أمال توبقى مين داي؟ 

- داي توبقى اخت مرتي وخالة ولدي وفمقام اختي. 

سأله مؤمن:

- متجوزه؟ 

-ارمله من سنين طوال واترهبنت وقفلت باب الجواز نهائي. 

-يافرجك يارب،طيب ترضى بيا لو اتقدمتلها؟ 

-عقولك قافله باب الجواز بالضبة والمفتاح. 

-ياسيدي مايمكن البيبان المقفولة آن أوان انها تتفتح. 

-مااظونش يابو عمه، داي جالها الاحسن منك بكتير متزعلش مني ورفضت هتوافق بيك انت ليه؟ 


- ربك وحكمته ياقريبي، سيبني احاول واجرب حظي، بس يعني إنت لو عينك منها قول واني هبعد طوالي. 

- وهو اني لو عيني منها كنت هسيبك تاخد وتدي معاي عليها، داني كنت قطعتلك لسانك من أول حرف نطقته عليها. 

-خلاص خليك محضر خير وخليني اطلب يدها واشوف دنيتها. 


-طيب وياترى قاربك فيه وسع يشيلها جارك إنت وبتك ولا هتبيعه وتشتري قارب اكبر يشيل ٣؟

-له ياغالي مش هيكون فيه مراكب بأمر الله، عارفك عتتمسخر بس صدقني بكره جاي برزق كتير ليا وهتشوف بعينك. 


-يابوي ربنا يرزقك ويرزقنا ويرزق الجميع، على العموم عيشه قدامك واني لو تحب اخدك ليها دلوك، تكلمها وتحكيلها كل حاجة عنك وظروفك وشوفها، عشان بس متقولش شاكر وقف قسمتي وكان وكنت. 

-والله فيك بركه ياأصيل ياواد الأصول، تطلع بس نواره من جوا ونشوفوا الدنيا وبعدها الكلام بحلو. 


إما في السرايا.. دخلت نواره واتقدمت بخطوات مهزوزه وأول ماشافها وفقي داخله وقف على حيله وطلع بنفسه يستقبلها لما وعيها جايه. 


-يامرحب بست البنات وست الستات وست السرايا وست قلبي لو قالت امين. 

نواره:

-طيب بس قبل مااقول أمين، هينفع تبنيلي بيت غير السرايا يوبقي بتاعي لحالي؟ 

-البلد كلها مستعد اشتريهالك بس انتي وافقي وهاتيلي الواد اللي عتمناه من الدنيا. 

-ولو فرضنا محصلش نصيب ومجبتش الواد، ولو فرضنا كمان إن العيب منك مش من مرتك لحالها ساعتها هيكون ايه وضعي؟ 


-له متقلقيش اني زي الفل وعخلف، وانتي كماني لساكي صبيه ورور ليه متخلفيش؟ 

موضوع الخلفه ديه اني متأكد منيه متحطيهش سبب للخوف، شوفي ياست البنات واتطلعي حواليكي، كل ديه هيوبقى ليكي وتنسي عاد قفة السمك اللي على راسك داي والزفارة. 


بصت نواره حواليها فكمل وفقي بإبتسامة وهو عيدور حواليها:

-إهنه هتشوفي وتدوقي وتلبسي اللي عمره ماكان ياجي فخيالك ولا تعرفيه، هاخدك البندر واجيبلك اللي تشتهيه، هاخدك كمان بحري وافرجك عالدنيا الحلوة. 

هاه قولتي ايه يانواره، الدنيا معتديش الفرصة مرتين يابت الحلال. 

سكتت نواره وهي واعيه مصرية طلعت ووقفت علي باب السرايا وبصالها وعيونها فيها خليط من قهر وغضب وكسرة، تشبه نمره جريحه مقادراش تدافع عن نفسها ولا هتسكت عالظلم اللي وقع عليها،


 وعشان نواره هي كمان نمره وكانت فاكره إنها ند لمصرية، وأنهم في معركة حياتهم والخسران فيهم مليهش مكان ولا نصيب في العيشة الحلوة قررت إنها تستعمل مخالبها وتدافع عن حقها في حياة كريمة،وحق ابوها اللي الفرصة جاتله من خلالها وحطها القدر سبب فيها، فبصت لوفقي وبلعت ريقها وقالتله:

-هتجيبلي دهب كتير كد اللي حدا مصريه. 

-واكتر يانواره. 

-هتجيب لابوي بيت زين وكبير وتفتحله دكانه يسترزق منها. 

-من بكره اوسع بيت باحلى دكانه فأحسن حته في البلد. 

-تجوزه لو لقي بت الحلال ومصاريف جواره من قرش لألف عليك. 

-لعيونك يازينة الصبايا ارقص في فرحه كمان. 

-زين.. تنفذ كل ديه تجيب المأذون وتعقد علي. 

فرح وفقي وكان هيتنطط من الفرحة وقالها:

-إيوه إكده العقل زينه يانواره، من بكره، له له بكره ايه، من دلوكيت هطلع ادور عالبيت واشتريه وبكره نندلو البندر أملالك دراعاتك وصدرك دهب. 

لفت نواره عشان تطلع من السرايا فوقفها وفقي لما لف ووقف قدامها:

-علي وين وليه مستعجلة؟ 

- مش مستعجلة بس قولت اللي حداي خلاص ملوش لزوم القعاد. 

-طيب والسمك مش هتعمليه؟ 


-له مفيش سمك النهاردة ولا فيا دماغ اعمل حاجة، متقلقش بكره هكون معاك على طول واعملك السمك اللي عتحبه ليل نهار. 


إبتسم وفقي وسابها تمشي وهو مراقبها بفرحة وقلب عيرقص، ولما طلعت من البوابة لف وكشر وهو شايف مصرية ودخل من جارها من غير مايكلمها فراحت وراه وقالتله:


-لو هتتجوز طلقتي ياوفقي وهملني اروح اشوف حالي. 

-لا فيه طلاق ولا فيه شوفة حال، مفيش غير سكوت ومركوب يتحط فخشمك بدال مااسففك التراب. 


- طيب سيبلي كل أملاكي اني هديرهم بمعرفتي. 

- ولا هسيب حاجة ولا هتديري حاجة، ومن النهاردة مشوفش منك غير سكوت، ورجلك متخطيش برة السرايا وإلا اقطعهالك. 


خلص كلامه وكان فتح خزنته وخد منها فلوس كتير ملى سيالته وجيوب الصديري وقفلها وطلع. 

ففكرت مصرية فإنها تبعت على شيخ البلد اللي عاينه حداه وصولات الأمانه وتاخد بيهم من وفقي حقها، بس لما قعدت مع نفسها وفكرت فحياتها من غير وفقي مقدرتش تتخيلها.. 

ايوه هو بقى قاسي عليها، بس ديه طبع جديد عليه، وجاي من شوقه للضنى اللي عيمرمرها هي كمان لما يهب عليها، ولو فيه حل في الدنيا كانت لجأتله لو هتدفع فيه كل اللي حليتها.. وشافت إنه معيعملش حاجة غلط، ديه حقه اللي محدش يقدر يلومه عليه، 

مر قدامها شريط حياتها معاه فشافت إنه عطالها محبه كتير، ورعايه وإهتمام وحاجات حلوة عاشتها معاه، قلبها مطاوعهاش فاللي عايزه تعمله ولقت إنها لسه عتحبه. 


فقررت إنها تفكر بعقلها، تلحق روحها وتدافع عن وجودها فحياته، متخسرهوش وتروح ترمي روحها فاحضان راجل غريب متعرفيش طبعه هيكون كيف ولا هيعمل فيها ايه، وكمان متسيبش شقى عمرها لبت السماك تاخده عالجاهز. 


فلبست توب الهدوء وابتدت تحط الخطط، واللي اولها إنها قامت عالموطبخ عملت لوفقي وكل زين، ولبست واتزوقت واستنت جيته لجل تقوله إنها وافقت وراضيه بجوازه. 

واللي هيتم من وراها يتعمل قدامها وعلى يدها، وتوبقي هي الحاكمة الآمره الناهية بدال ماكل حاجة تتسرسب من بين اديها. 


اما وفقي فراح لسمسار البلد واتفرج علي كذا بيت واشترى من بينهم الأكبر والاحسن،، ورجع على السرايا عشان ياخد فلوس تانيه وإتفاجأ بمصريه وحالها وريحة الوكل اللي معبيه السرايا، والسفرة اللي مجهزهاله. قرب منها بشك وسألها:

-سبحان مغير الأحوال، إيه اللي غير حالك، ولا تكونيش نويتي تسميني وتخلصي مني؟ 

ردت عليه مصرية بعتب:

- وه ياوفقي، وتصدق إنك تهون عليا برضك؟ دي عشرة عمر بحاله، داني فتحت عيوني عليك ومليش غيرك من بعد ربنا. 

فضل باصصلها نفس نظرة الشك، بس هي قابلت شكه بإبتسامة وراحت عالوكل وإبتدت تاكل منه قدامه عشان تطمنه، وبعدها خدته من يده قعدته عالسفرة وابتدت توكله بيدها وهي عتقوله:

-متستغربش ياوفقي اني داخله عالخمسين، وانت كمان قفلت الخمسين، يعني العمر معادش فيه كتير لجل الفطفطه والزعل، وإن كنت انت هتقدر تنام فطول وحده غيري اني مقدرش اعملها، وكل كلامي كان تهويش، بس لما فكرت فيها بيني وبين روحي لا عقلي ولا قلبي ولا نفسي اتحملوها. 


رد عليها وفقي بإبتسامة:

-وديه عشمي فيكي اللي مخيبتيهوش يابت الاصول، وصدقيني الموضوع كله اني عايز حتتة واد من صلبي يورثني ويشيل إسمي، اني يتيم ولو موت سلسالي هيتقطع من الدنيا واروح في النسيان كأني ماكنت فيها ولا عشت عليها، ولو على صنف الحريم فانتي مكفياني وماليه عيني ومش حارماني من حاجة، والحمد لله إن ربنا ردلك عقلك وهداكي في الوكت المناسب قبل مانخسروا بعض، اني صوح طماع يامصريه مش هنكر، بس اني مش واد حرام وانسى الزين والمعروف. 


ردت عليه مصرية بإبتسامة مكسورة:

-خابره إنك واد اصول ياوفقي، وعشان إكده اني هتحمل لجل خاطر عيونك وهقف جنبك للنهاية، واني بنفسي كمان اللي هجهزلك العروسة واجيبلها شوارها على ذوقي، هملي إنت بس الرميح والشرا والروح والجي وانت ركز فشغلك ومصالحك، 


وليك عليا اجيبهالك لوزه مقشره من غير تعب، وشبكتها مني، خد ياوفقي. 

خلصت كلامها وقلعت من يدها جوزين غوايش وادتهمله، خدهم منها وفقي وبصلهم وقالها:

-بس دول مش شوية يامصريه؟ 

ردت عليه بنفي:

-له باعين مصرية مش شوية، دول كتير كمان عليها، خلي بالك ياوفقي متبتديهاش معاها بالتساهل والمحايلة، اديها بس هبابه هبابه، لجل متشبعش مرة وحده وتتبطر عليك، خليها دايمِا محتاجالك، اصل فيه ناس لما عتشبع عتبيع، وانت عايز منها موصلحة، اربطها بيك لغاية ما تكملها. 


هز وفقي دماغه ورفع الغوايش قدام وشه وبصلهم بصه اخيرة وحطهم في جيبه وقام راح يدور علي مؤمن وقاربه على شط النيل، مشى لغاية ماوعي القارب فشاورلهم، وأول مامؤمن شافه راحله قوام بالقارب. 


ونزل هو ونواره وخده وفقي عند السمسار وكتبله عقد البيت بإسمه، بعد مافرجه عالبيت ومؤمن طار عقله من الفرحة بيه، وبعدها عاودوا لنواره وطلعلها من جيبه ال٤ غوايش وهو عيقولها:

-شبكتك ياست البنات. 

بصتلهم نواره وضمت حواجبها لانها عارفاهم زين، ايوه دول غوايش مصريه! فبصتله وقالتله:

- وليه هلبس من ورا مرتك ياوفقي؟وفين البندر والدهب والعز والجيب والعطيه، ولا هو الكلام عيتغير فلحظة، خد ورقة البيت من ابوي ورجع غوايشك لسيالتك وروح مفيش جواز. 

ارتبك ابوها مؤمن ورد عليها بخوف:

-وه وه، مالك يانواره يابتي ليه الطمع، ماهم جوزين غوايش حلوين اهه والدهب مفيهش قديم ولا جديد، الدهب دهب. 


ردت عليه بغضب:

-والاتفاق إتفاق يابوي، يايجيب كل اللي قال عليه ياياخد اللي جابه ويفارقنا. 

وفقي:

-هجيبلك والله يانواره بس همليني اليومين دول اجمع سيوله معنديش سيوله. 

-خلاص ياوفقي نصبروا لما يكون عندك، الدنيا مطارتش. 

خلصت كلامها ورجعت للقارب وقعدت فيه، ووفقي بصلها وشاف منها تصميم وإصرار ميلينوش بالكلام، وعرف إن نواره مش بالسهولة اللي فاكراها مصرية، وإنها بت شارع والدنيا لطمتها وعلمتها، فبص لمؤمن اللي رفعله اديه بتسليم وقلة حيلة، وقاله:

-ياوفقي بيه متوقفش الدنيا وتخرب الطبخة على بمليم ملح، وبعدين مالدهب هيوبقى فبيتك وليك، وكله في النهاية هيوبقي لولدكم اللي هتخلفوه. 

وفقي سمع جملة مؤمن الاخيرة وقلبه رفرف وعزمه ضعف ورد بلهفة:

-خلاص يامؤمن قولها متزعلش، اني معاود السرايا اجيب فلوس وهنندلوا البندر دلوك، وهجيبلها اللي يرضيها. 


فرح مؤمن وراح على نواره يبشرها ووفقي عاود للسرايا اخد فلوس وطلع ومردش على مصرية اللي عتنده عليه عشان تعرف منه هو واخد الفلوس ليه؟. 

وخد نواره ومؤمن وبدلها غوايش مصريه بغوايش جداد وزود عليهم كمان جوز غوايش وكردان وحلق وكفه، ورجعت نواره وهي لابسه دهب عمرها ماكانت تحلم تلبسه، ومؤمن ببيت مكنش يجرؤء إنه يتمناه حتى فأحلامه بينه وبين نفسه، وحتى وفقي كان معاود معاهم بحلم قديم مات من سنين ورجعت الروح دبت فيه من تاني. 


ورجع وفقي للسرايا والفرحة باينه فعنيه والضحكة شاقة خشمه، وأول مامصريه عرفت اللي عمله واللي جابه لنواره صرخت فيه بغضب:


-وليه ياوفقي، ماقولنا له ومينفعش، ولا انت كل ماتشوفها هتريل وتكبش وتديها، شكلها عاجباك ياوفقي والمسألة مش مسألة خلفة وبس!

- له يامصريه بس البت صممت وكانت هتخرب الجوازة، وبصريح العبارة اني شايف انها احسن من غيرها، تعتبر يتيمه ومليهاش حد وابوها ديه كيف قلته لا ليه حس ولا نفس، وابوه قرشين، يعني البنيه هتوبقي طوع يدي وهكسر شوكتها، واللي هتطوله يدها هيوبقى لعيالي، لا حداها اخ ولا اخت تكبش وتديهم من خيري لما تخلصه عليهم، وابوها غير البيت والدكانه اللي هيفتحها مهيطولش مني لا اوبيض ولا اسود.

 

سكتت مصريه وهي حاسه بقهرة من بت السماك وحلفت لتردهالها الطاق طاقين، فقالت لوفقي:

-هتاخدلها انهي اوضة من السرايا تقعدها فيها عشان اوضبها واجهزهالها واحطلها فيها شوارها؟ 


-اي اوضة يامصريه، خليها في الدور الفوقاني اهو مهجور ومحدش فيه. 

ردت عليه مصرية بحزم:

- له، هتقعد في الاوضة اللي قبال اوضتي داي، هتقعدوا قريبين علي وقدام عيني. 

بصلها وفقي وقالها:

-مصريه شغل الغيرة وكيد الضراير اني مهتحملهوش ولا ليا خُلق ليه. 


-شغل ايه ياوفقي، ديه بدال ماانت تقول خلينا قريبين عليكي يمكن تتعبي بالليل ولا تجرالك حاجة اكون جنبك!

 عايز تهملني وتروح تسكن العلالي واني اقعد تحت السلالم مشوفش غير زوالك وانت راكب ونازل؟

له يانن عين مصريه ديه مهيجراشي. 


نفخ وفقي بنفاذ صبر ورد عليها:

-طيب خلاص يامصريه اعملي اللي تعمليه، وضبي الأوضة اللي تريحك وحطيلها فيها الحاجة اللي هتجيبيها وخلصيني، اني هكتب النهاردة والدخله بعد كام يوم تكوني فضيتي حالك. 

ردت عليه مصريه بهدوء:

-متشيلش هم اعتبر كل حاجة جاهزة. 

طلع وفقي من السرايا وهي بعد طلعته راحت على أوضتها وابتدت تفرز في هدومها وتاخد منهم القديم واللي داق عليها واللي معاجبهاش وفرشها القديم وكل حاجتها القديمة وودتهم في الاوضة اللي قبال اوضتها، ولبست وراحت البندر اشترت شوار وهدوم جديدة بس مش لنواره، ليها هي، أما نواره فادتها كل القديم، وقدام وفقي جابتلها جديد وعملت الواجب. 


كتب وفقي الكتاب فبيت مؤمن الجديد، وطلع قاربه من الميه وودع حياة الطل، واخيرًا مش هينام منه للنجوم وبقاله سقف يحميه، وناموا هو ونواره في اليوم ديه وهما حاضنين احلامهم اللي اتحققت. 


اما شاكر اللي كان شاهد عالعقد كان نفسه يحذر نواره ومؤمن من وفقي، بس للاسف مقدرش، أو مرضيش ومحبش يحط نفسه فمشاكل هو فغنى عنها لو وفقي شم خبر بإنه ورا حاجة زي دي. 

لكنه كان خايف على نواره احسن تكون عيشة تانيه، وتوبقى ضحية لوفقي وحياتها تدمر بسببه، وهي لساها زهرة عتتفتح وعايزه تفرح بشبابها وتستاهل اللي يدسها جوا قلبه وبين عنيه،

 بس ماباليد حيلة والحوجة مُرة وهو سيد العارفين. 


رجع وفقي عالسرايا وشاف الشوار اللي جابته مصرية وفرح بيه وشكرها من غير مايفتح ولا يشوف، وبعدها مصريه رصته كله فدولابها وادت لنواره القديم كلها، وحتى فستان الفرح كان فستان مصرية القديم، غسلته ووضبته وشيعته على بيت نواره، كانت عايزه تشوفها بيه وتحس إنها خدت فضلتها، وإنها عتتمتع باللي هي شبعت منيه ورمته، يمكن ديه يبرد نارها هبابه. 


وفعلًا جات يوم الفرح نواره ولبست الفستان وكل فكرها إنه جديد، بس لما شافه وفقي عرفه، بس سكت عشان يعدي الليلة، ولما خد نواره عالسرايا ودخل بيها الأوضة وفتحت الدولاب قدامه شاف كل خلجات مصرية القدام، فاتنهد وعرف إن مصرية عتلعب معاه كيف العيال الصغيرين، فعدى الموقف برضوا وخصوصًا إن نواره مخدتش بالها لحاجة. 

وعدت ليلة دخلتهم ومن تاني يوم بدأ شغل الغيرة والضراير اللي كان خايف منه وفقي،

عرفت نواره إن الخلجات بتوع مصريه القدام، لمتهم ورمتهملها وخدت وفقي وراحت البندر إشترت كل اللي نفسها فيه، واليوم ديه قامت الحرايق بينها وبين مصريه، وكل مايعاود من بره يلاقي مصريه ونواره طاحنين بعض، 

وعشان نواره الاصغر والأشد كانت هي اللي تغلب، فمكانش يتكلم. 


عدوا شهرين في صراعات وبعدها نواره بانت عليها بشاير الحمل، وإهنه وفقي اتحول لأسد عليها، بقي حارسها من مصريه ومنعها من القومة ولا الطبيخ وشغل البيت اللي مصرية سابته كله عليها،

 خد اجازة من شغلة وبقى اغلب الوقت تحت رجليها يشوف طلباتها ويراقب حالتها لجل بذرته اللي اتزرعت فبطنها. 


اما مصريه فاول ماعرفت بخبر حمل نواره وصابتها حالة من السكوت والحزن، كأنها كانت مغيبه ودلوك فاقت وحست إنها خلاص راحت عليها، وإن بت السماك ملكت كل حاجة بالواد اللي فبطنها من قبل مايجي، حتى عقل وفقي وكل تفكيره. 


اما نواره فصبرت على كل المكايده والعمايل اللي كانت تعملها فيها مصرية، عشان عارفة إن دولة مصرية ساعة وهتسقط مع ولادة الواد اللي هتخلفه لوفقي ومن بعدها دولتها هي اللي هتسود وتحكم. 

لكن دايمًا للقدر حسابات تانية. 


اما مؤمن فمن بعد جواز نواره من وفقي راح مع شاكر بيت عيشه وطلب يدها للجواز، رفضت في البداية بس بعد ماراجعت روحها لانت ورضيت، شافت في مؤمن ونس وصُحبه وسند من الأيام، وخصوصًا إنه مليهش حد ومقطوع زي حلاتها وجه البيت من بابه، وديه غير شفقتها على بته نواره وخوفها عليها من اللي هيتعمل فيها.. 

واللي قرته من قبل مايحصل، لان حتي لو وفقي فرح بالواد وشالها فوق دماغه مصريه هتنزلها برفسه ومش هتخليها تقوملها قومة، مصرية غيارة وعنيده ومحدش يقدرلها، وديه عيشة متأكدة منيه. 


فحبت تكون جارها لما ديه يجرا، تكونلها أم لما يجوروا عليها اللي محداهمش رحمة، وكأنها راحت المستقبل وعرفت اللي هيجرا فيه. 


واتجوزت عيشه مؤمن، وكانت فاكره إن وفقي لما هيعرف الخبر هيكون ليه رد فعل ولو حتى بشوية زعل، لكن زي ماحصل مع إلياس حصل مع مؤمن، ولقته جاي يشهد علي عقد جوازهم، 

بس هي رفضت وخلت شاكر وحد غير وفقي يشهد، محبتش إسمه يقرب من إسمها تاني حتى ولو على ورقه. 


ويوم بعد يوم ومصريه مراقبه نواره، خفت الوكل والشرب والنوم جافاها، ومع كل شهر يعدي كانت تحس كيف اللي مستني حكم الاعدام يتنفذ فيه، 

عقلها تعب وروحها كمان، ووفقي مبقاش شايفها واصل، يدخل ويطلع السرايا طوالي على أوضة نواره وهي كأنها هوا قدامه، كل اللي على لسانه:

-نواره كلت، نواره شربت، نواره زينه، نواره عايزه حاجه؟ 

وهي لو قعدت يومين من غير وكل ميسألش فيها. 

فقعدت مع روحها فليله وقررت إنها ترجع كل حاجة كيف ماكانت، وتصرف قلب وعقل وفقي عن نواره وولدها، وديه مش هيحصل ولا يكون غير بطريقة وحده، وهي مجبوره.. ومعاها الفلوس، فاتسحبت في يوم في غفلة من الكل واتخفت وراحت لدجاله معروفه في الناحية بشغل السحر والأعمال،

 وإهناك قالتلها على طلبها وادتها المعلوم وروحت من حداها بعمل على ميه.. رشته وطبخت منه الوكل، وبس كله وفقي ومن يومها كل حاجة بدأت تتغير وتكون زي ماهي عايزاها وعلى هواها. 

بطل يهتم بنواره ولا ولدها، وساب لمصرية زمام أمرهم خالص..

لا بقي يدخل اوضة نواره ولا يسأل عليها، وليل نهار مع مصريه قاعد يتكلم ويضحك، وكأن لهفته على ولده وفرحته بيه كانت جمر وحد كب عليه جردل ميه طفاه، 

بدأت مصريه تقوم نواره تعمل شغل البيت غصب عنها، والغريبه لما تعترض يجي وفقي عليها كيف الغول يضروبها ويجبرها تسمع الكلام وتشتغل من خشم ساكت! 

منعها عن ابوها ومنعه عنها وعن السرايا وحبسها، ومكانتش خابره ايه السبب ولا لاقيالها حيله على كل اللي عيجرا ديه! 

وكل ماتحاول تاخد حقها باللماضه واللسان يكسرها وفقي وتكمل عليها مصريه، كانت عامله كيف أسد حطوه جوا قفص وعيروضوه، واخر حاجة كانت تتوقعها منهم الإتفاق اللي تم قدام عنيها وعلى مسامعها.. 


بإنها تولد ومصرية تاخد الواد تكتبه بإسمها هي ووفقي.. ونواره تترمي بره السرايا. 

حاولت تهروب كذا مرة بس عيون مصريه كانوا حارسينها كيف عيون الصقر. 

مكانش ياخد اخبارها لابوها ويجبلها اخباره غير شاكر.. شاكر اللي نواره كانت تساعده على كد ماتقدر بالفلوس.. وحتى الوكل كانت تطلعله وكله حتي قبل ماهما ياكلوا، مش تديه البواقي والفضله كيف ماكانت مصريه تعمل. 


وعدت شهور الحمل ونواره عياكل فيها الندم على قرارها، وتلعن ابوها اللي كان السبب مع كل طلعة شمس وغروبها، كرهته وكرهت وفقي ومصريه وكرهت حتى نفسها، مكانش مصبرها على حالها واللي فيه غير بس اللي فبطنها، واللي حاسه إنه عوضها عن كل حاجة. 


جه وكت ولادتها وكانت فاكره إن إتفاق وفقي ومصريه مجرد كلام وراح لحاله، لكن اللي حصل إنها ولدت.. وخطفوا ولدها اول مانزل منها وقطعوله الحبل السري، ماخلوها تاخده فحضنها ولا تشوفه، خدته مصريه من يد الممرضة اللي جابوها من البندر وراحت بيه على أوضتها وقفلت عليه وعليها الباب، بس بعد ماادت أمر لوفقي إنه يتخلص من نواره وخلته رمى عليها اليمين قدامها، 

وخلى شاكر خدها وداها لابوها ومرحمش صراخها ولا صراخ ولده الجعان اللي كيف مايكون عينادي على أمه، واتقفلت ابواب السرايا عشان تحبس نواره براها وتحبس ولدها جواها،

 واتحرمت من اللي قعدت ٩ شهور تعدهم الساعات عشان تشوفه.. 


فاقت نواره من ذكرياتها وهي واقفه قدام باب اوضة مصريه.. عارفه إن مصريه وحتي وفقي نومهم تقيل، بس هي متعرفش من بعد الواد ايه اللي اتغير فيهم ولا قاعدين على حالهم.. لفت أوكرة الباب بشويش وفتحت الباب وحده وحده، وخدت نفس بـ راحه لما لقتهم نايمين، دخلت تتسحب لغاية ماوصلت للسرير وشافت مصريه وهي نايمه وحاضنه ولدها.. مدت عليه اديها اللي عتترعش ورفعته من بينهم وضمته علي قلبها ضمه رجعتلها نبضه اللي فارقه من يوم مافارقت ولدها، 

حبته وشمته ومبقتش عارفه تسيطر على دموعها، خدته وبعدت بيه بشويش لغاية ماطلعت من الأوضه ولما بقت في الصالة شهقت وهي عتضمه مره تانيه لصدرها وتقوله:


-اتوحشتك يانن عين امك، اتوحشتك ياحشيشة الروح، حقك عليا ياولدي مش بيدي، منهم لله اللي كانوا السبب. 

خلصت كلامها ومن قرب ولدها كان صدرها حن واللبن بل هدومها فقعدت وصحت الواد وعطته صدرها، ولأول مرة تحس إحساس الأمومه.

 وهو رضع منها بجوع كأنها أول رضعه ليه من يوم مااتولد! 


شبع وكرعته وادته الف بوسه وبوسه فكل جسمه اللي فتشته وشافته حته حته وكانها عتكتشف دنيا جديده عليها، كانت حاسه وهو فحضنها إنها مش عايزه حاجه تانيه من الدنيا، كان نفسها تخطفه وتهروب بيه وتتهد الدنيا باللي فيها مش مهم، بس للأسف مش كل اللي النفس عتتمناه عتطوله اليد. 

رجعته موطرحه بعد ماودعته وطلعت لشاكر اللي كان حاطط يده على قلبه ومطمنش ولا بلع ريقه غير لما طلعها هي وعيشه من السرايا وقفل البوابه، ولعن وفقي علي مصريه علي عيشه ونواره عالكل كليله. 



اما في القاهرة، في فيلا غريب. 


دخل غريب من باب الفيلا وهو مبتسم وكانت ليل قاعده في الصالون، واستغربت وقفته على باب الفيلا وسألته بإستغراب:

-مالك ياغريب واقف إكده ليه؟ متدخل ولا عايز عزومه! 

 رد عليها غريب وهو بيفسح المجال للي وراه عشان يدخل:

- متستعجليش، دلوقتي هتنسي غريب واقف عالباب أسبوع بس تشوفي مين اللي جالك. 

بصتله بإستغراب اكبر ولسه هتسأله بس قطع سؤالها اللي دخل من وراه، واللي أول ماشافته صرخت وجريت عليه وهي فارده دراعاتها وبقول:

"شهاب ولدي"


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة