رواية جديدة ساحر الليل لبسمة بدران - الفصل 3 - الجمعة 2/5/2025
قراءة روايةساحر الليل كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ساحر الليل
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثالث
تم النشر يوم الجمعة
2/5/2025
صدق وعده
وصلت بصعوبة إلى المشفى ودموعها تهطل فوق وجنتيها الناعمة.
هرولت إلى الداخل بعد أن دلتها موظفة الاستقبال عن رقم الغرفة التي تقبع بها والدتها.
دقائق قليلة وفتحت باب الغرفة بقوة فأبصرت والدتها ترقد فوق الفـ راش ورأسها مغطى بضمادات بيضاء.
دنت منها بسرعة وأمسكت بيدها تقـ بلها هاتفة بتوسل: "ماما فوقي بالله عليكي ما تسيبينيش زي بابا أرجوكي يا ماما فوقي ما تعمليش فيا كده أرجوكي."
جاهدت كي تفتح عينيها الجميلتين هاتفة بصعوبة: "بس كفاية دراما بقى يا لمار... أنتي عارفة إن أمك زي القطط بسبع أرواح يلا ساعديني أقعد."
ابتسمت من وسط دموعها مغمغمة: "الحمد لله... شكرا يا رب."
بعد أن ساعدتها في الجلوس فتحت لها والدتها ذراعيها فعلى الفور استجابت لندائها وألقت بجـ سدها الصغير بين أحضـ انها تتشبث بثيابها كالغريق الذي تعلق بقشة.
حمدت الله بداخلها آلاف المرات لأنه أعاد إليها والدتها سالمة.
❈-❈-❈
أغلق الباب من خلفه عندما ولج للداخل.
كاد أن يتجه إلى غرفته لكنه تجمد مكانه عندما استمع إلى صوت والده الغاضب: "آدم تعالى هنا!"
على الفور استشف أن تلك العنيدة أخبرت والده عما حدث منه في الصباح زفر بقوة كي يستعيد رباطة جأشه ومن ثم دنا صوب والده الذي كان يجلس في غرفة الجلوس المفتوحة على ردهة المنزل.
ألقى بجـ سده العضلي فوق الأريكة المقابلة للكرسي الذي يجلس عليه والده.
ران الصمت بينهما وكل منهما يرمق الآخر بنظرات مختلفة.
فوالده يحدجه بنظرات ثاقبة والآخر يرمقه بنظرات مستفهمة.
قطع الصمت والده الذي هتف متسائلًا: "ليه رفعت إيدك على أختك يا آدم؟"
أجابه بفظاظة: "علشان تستاهل يا بابا ما بتسمعش أي كلمة بقولها دايمًا تعاند وتكابر من غير ما تفكر في اللي هيحصل بعدين."
رمقه والده باستفهام فاستطرد: "أنا قلتلها أكتر من مرة ما تنزلش صورها على السوشيال ميديا عارفين كويس اللي بيحصل هناك كله تحـ رش وألفاظ قذ رة
لقيت لها صور كتير على الانستاجرام وكل الكومنتات معاكسات وقرف يرضيك كده؟"
هز رأسه نافيًا فزفر آدم بارتياح لكنه أجفل عندما استمع إلى حديث والده اللاذع: "بس ده ما يديكش الحق تمد إيدك عليها هي غلطت آه بس كان في حلول تانية أنا عايزك تعتذرلها... دلوقتي."
"مستحيل يا بابا مش هاعتذر."
"لأ هتعتذر يا آدم وإلا..."
"هتعمل إيه؟ هتضربني؟ ولا هتناديها ترد لي القلم قلمين"
فتح فمه ليوبخه لكنه أغلقه عندما استمع إلى صوت زوجته الحبيبة: "اهدو شوية."
استرسلت غادة حديثها لآدم: "مش عايزاك تعتذر يا آدم بس عايزاك توعد قدام أبوك إنك ما تتدخلش في حياة أروى تاني."
هز رأسه نافيًا وتحدث مغلقًا الحديث نهائيًا: "لأ مش هاعمل كده وأروى لازم تسمع كل كلمة بقولها وإلا في المرة الجاية هكسر لها دماغها الناشفة دي قولي لها كده... وتصبحوا على خير."
دلف للخارج وزوجان من الأعين تتابعانه بذهول تام.
تذكر شيئًا فاستدار مخاطبًا زوجة أبيه: "آه نسيت... قولي لها إني مستنيها الصبح عشان أوصلها الجامعة."
تابع سيره بخطوات متزنة غير عابئ بالعاصفة التي خلفه.
❈-❈-❈
استيقظ من نومه على أصوات مزعجة فعندما فتح عينيه وجد الشمس تملأ أركان الغرفة وجرس الباب يدق بشكل مستمر هب مسرعًا ليفتح الباب.
ثوانٍ وأبصر الحاجة أمينة جارته تسأله باهتمام وهي تتفحص ملامح وجهه: "إنت لسه نايم لحد دلوقتي؟ ما رحتش الشغل؟ النهاردة أجازة؟"
أجابها بصوت أجش من النعاس: "نمت متأخر وما سمعتش المنبه."
قاطعته زيزي التي ظهرت فجأة من خلف والدتها: "ما رحتش الشغل؟ إنت تعبان؟"
قالتها وهي تفحص جبينه بلهفة.
شعر بالضيق من نبرة صوتها المرتفعة والرفيعة فأبعد يدها بخفة وقال لهم بلُباقة: "أنا كويس بس محتاج أرتاح شوية."
أومأت له الحاجة أمينة موافقة بينما زيزي حاولت أن تعترض لكن والدتها جذبتها من يدها وقالت بهدوء: "سيبيه يرتاح يا زيزي... روحي اعملي له شوربة سخنة وخديها له أنا بحب الولد ده وبيصعب عليا ملوش حد."
قفزت زيزي بحماس واتجهت لمنزلهم تنفذ ما قالته أمها وابتسامة سعيدة على وجهها.
❈-❈-❈
انتشر خبر حادث المذيعة الشهيرة ملك يوسف في سائر أنحاء البلاد ولِمَ لا؟
فهي المذيعة الأشهر والأقدم من بين زملائها ناهيك عن حب الناس لها.
فهي منذ أن عملت بتلك المهنة وهي تحمل مشاكل الناس فوق ظهرها صاحبة قضية سليطة اللسان أحيانا.
عملها الشاغل رجوع الحق لأصحابه ومعاقبة المتهم مهما كان اسمه أو مهنته أو منصبه.
فهي غير باقي المذيعين أصحاب المصالح الشخصية الذين يعملون بأوامر يتلقوها من رؤساء المحطات أو أصحاب المناصب الرفيعة.
وبالطبع لا أقصد الجميع فلكل قاعدة شواذ فهناك أناس شرفاء أيضًا لكنهم قليلون.
❈-❈-❈
انتهت يارا من عمل إجازة لصديقتها لمار وإذن شخصي لها.
فأصر المدير عادل الخطيب أن يذهب برفقتها للاطمئنان على صغيرته العنيدة ووالدتها الحسناء.
وها هما يقفان في المشفى أمام باب غرفة السيدة ملك الذي ترقّها السيد عادل الخطيب
ثواني ووجد لمار أمامه ترمقه بابتسامة صافية أعطاها باقة الورود الحمراء التي يحملها بين يديه وهو يلج للغرفة تبعته يارا التي كانت تحمل علبة من الشوكولاتة الفاخرة ووضعتها فوق المنضدة الصغيرة التي توجد بجوار الفـ راش.
رحبت بهما كل من لمار ووالدتها بابتسامة سعيدة وممتنة.
أجفلت السيدة ملك على صوت يارا التي قفزت بين أحضـ انها تعـ انقها بقوة مردفة بصوت مرتفع:ـ "الحمد لله على سلامتك يا طنط ملك ينفع آخد صورة معاكي وانتي لسه بالشاش ده؟"
أبعدتها السيدة ملك ولكزتها في مرفقها بقوة:ـ "لا يا بنت نادية مش هاسمحلك تاخدي سبق صحفي على حسابي! أكيد هتحطيها على كل صفحاتك صح؟"
أومأت يارا موافقة:ـ "طبعًا ده الصورة معاكي في حد ذاتها شهرة آه لو تعرفي قد إيه باخد لايكات وكومنتات لما أنزل صورة معاكي!"
قهقهت السيدة ملك وكذلك لمار.
أما عن السيد عادل فكان يرمق المرأة الأربعينية بإعجاب شديد فهو الآن أيقن أن لمار أخذت كل هذا الجمال من المرأة التي تقبع فوق الفـ راش.
دنا منها وهو يبعد يارا عنها وانحنى ملتقطًا يدها طابعًا قبـ لة أنيقة فوق ظهر يدها مما جعل السيدة ملك ترمقه بابتسامة خفيفة.
بادلها الابتسام وترك يدها بهدوء ومن ثم جلس فوق أحد المقاعد القريبة من الفـ راش.
كاد أن يتكلم ويسأل عما حدث لكن قاطعه ولوج السيد مراد حامد مخرج التلفاز وفي يده باقة من الورود البيضاء.
ألقى التحية بصوته الرخيم ومن ثم دنا منها ليتفحصها بعينيه ملتقطًا كلتا يديها وقبّـ لهما بالتناوب:ـ "عاملة إيه دلوقتي؟"
أجابته بابتسامة: ـ "الحمد لله أنا بخير شكرًا ليك يا مراد."
ـ "إيه اللي حصل؟ إزاي؟!"
هتف بها باهتمام شديد.
ـ "كنت راجعة البيت لكن فجأة قطع الطريق عليا اتنين من البلطجية وفضلو يضـ ربوني زي ما انت شايف."
شعر بالحزن عليها وهو يتخيل مدى الرعب الذي تعرضت له في تلك اللحظات صك على أسنانه بقوة ثم ربت على يدها بحنو شديد:ـ "ما تقلقيش كله هيبقى تمام."
أومأت له موافقة بابتسامة عذبة:ـ "طب قول لي… الناس بتقول إيه؟ ومتابعيني عاملين إيه؟"
أجابها بابتسامة:ـ "الناس كلها هتمـ وت من القلق ومستنيينك ترجعي بأسرع وقت علشان يطمنوا عليكي."
ابتسمت بوداعة. بادلها الابتسام وأعينهما متعلقتان ببعضهم وكأنهما بمفردهما في تلك الغرفة.
اتسعت حدقتاه في دهشة عندما أخبرته بكل بساطة أنها ستخرج من المشفى اليوم والأدهى من ذلك أنها ستقدم برنامجها غدًا.
صاحت لمار بحدة:ـ "إزاي يا ماما؟ وانتي لسه تعبانة!"
ـ "لمار معاها كل الحق يا ملك!"
تلك الكلمات هتف بها السيد عادل الذي كان يتابع ما يحدث في صمت.
ـ "قول حاجة يا عمو مراد!"
كاد أن يتحدث لكن السيدة ملك قاطعته بصرامة:ـ "صدقوني أنا بخير وهكون أحسن أول ما أقف قدام الكاميرات يا مراد هكون بكرة في الاستوديو."
❈-❈-❈
بعد ما انتهت من ارتداء ثيابها المكونة من بنطال من خامة الجينز وكنزة بيضاء وحذاء رياضي بنفس اللون وأعدت حقيبة الكتب التي ستأخذها معها إلى الجامعة.
ها هي تقف تنتظر ذلك البغـ يض بعدما أخبرتها والدتها بأنه سيصطحبها معه إلى الجامعة.
أحيانًا تشعر بالغضب حيال والدتها لأنها تزوجت بعد وفاة والدها وأجبرتها على التعايش مع ذلك التافه المدعو آدم.
لكن سرعان ما تنهر ذاتها فلطالما كان السيد إيهاب يعاملها برفق كابنته لم يفرق قط بينها وبين ابنه آدم طوال الوقت يغدقها بالحنان الذي حرمت منه منذ الصغر.
لا تنسى اليوم الذي جلست أمامها والدتها تفرك يدها بتوتر كطفل صغير مذنب يعترف بخطأ وهي تخبرها بخجل وتلعثم أنها تريد الزواج من أجل توفير جميع سبل الراحة لها وأيضًا كي لا يرموها الناس بالباطل.
فجميعنا نعلم أن حال المطلقة مختلف معرضة دائمًا للحديث اللاذع والشكوك الباطلة.
لذا عندما تقدم لها السيد إيهاب الرجل الرائع بما تحمل الكلمة من معنى لم تستطع الرفض خاصة وأنها كانت في هذا الوقت تحتاج إلى سند حقيقي بعد وفاة زوجها الحبيب.
أجفلت من شرودها على صوته الذي باتت تكرهه يخاطبها بأمر:ـ "يلا بينا."
صكت على أسنانها بقوة ومن ثم رمقته باشمئزاز وتقدمته للخارج بخطى سريعة وغاضبة في نفس الوقت.
ابتسم رغمًا عنه ثم تبعها للخارج. فتح لها باب السيارة لكنه ثواني وصـ رخ بها هادرًا:ـ "إيه اللي انتي لابساه ده يا أروى؟!"
تأملت ثيابها بتفحص مجيبة إياه بعدم اكتراث:ـ "هدوم عادية."
كاد أن يحـ طم رأسها بكلتا يديه لكنه تراجع فلا يجوز أن تكون هذه سياسته معها. جذبها برفق من يدها وهو يشير إلى البنطال الذي ترتديه:ـ "روحي غيري البنطلون ده يا أروى وإلا مش هتروحي الجامعة."
رمقته بحدة صـ ارخة بعند:ـ "لأ مش هغيره وهروح الجامعة بيك أو من غيرك. فاهم؟ وكم مرة قلتلك ما تتدخلش في حياتي كلها؟!"
قبض على يديه بقوة ثم أغلق السيارة ووقف أمامها عاقدًا ساعديه أمام صـ دره:ـ "خلاص نقف هنا بقى الجو النهاردة حلو."
رمقته بنظرة نارية ثم ضربت الأرض بسـ اقها واتجهت للداخل عازمة على تغيير ذلك البنطال فهي لديها بعض المحاضرات المهمة اليوم ولن تستطيع الغياب لولا ذلك السبب كانت ستبقى في المنزل ضـ اربة بكل أوامره عرض الحائط.
شيعها بنظرات حانية وهي تولج للداخل ثم زفر بقوة فهو يخاف عليها كثيرًا.
فمنذ أن دخلت حياته وهو يشعر بالمسؤولية تجاهها رغم أنه يكبرها بثلاث سنوات فقط لكنه يراها طفلته المدللة الصغيرة وعلى الرغم من أن مواعيد محاضراته تختلف عن مواعيدها إلا أنه دائمًا ما يُصرّ على إيصالها بنفسه حتى لو كلفه الأمر الاستيقاظ مبكرًا.
دقائق قليلة وأبصرها تقف أمامه عاقدة ساعديها أمام صـ درها ترمقه بشراسة:ـ "يلا بينا… اتأخرت."
رمقها بتقييم ثم ابتعد عن باب السيارة الذي كان يستند عليه وفتحه لها ثم استدار ليجلس أمام عجلة القيادة وهو يشعر بالرضا لأنها نفذت ما طلبه منها.
❈-❈-❈
صدح صوت ضحكاتها الناعمة في جميع أنحاء غرفة المعيشة مردفة بصوت متقطع من فرط الضحك وهي تضع أمامه فنجان القهوة: "والله زي ما بقولك كده يا إيهاب أروى سمعت كلام آدم فعلاً وغيرت البنطلون اللي كانت لابساه."
رمقها بتعجب ثم سحبها لتستقر فوق سـ اقيه مقـ بلاً إحدى وجنتيها الشهيتين: "إزاي يعني؟ دي بنتك وعنيّدة جدًا! بحمد ربنا إنك ماخدتِش الصفة دي خالص إنتي مسالمة ومطيعة."
طوقت عنـ قه بكلتا يد يها مغمغمة بدلال زائد: "وإنت كمان يا حبيبي ما بتشبّهوش آدم عصبي ومش بيضحك غير قليل قوي."
تلمّس ظهـ رها بيديه بحمـ يمية شديدة مما أثار القشعريرة في سائر جـ سدها فغمغمت بصوت متقطع: "بطل بقى الحركات دي إحنا هنتأخر على الشغل يلا قوم."
كادت أن تنهض من فوق سـ اقيه لكنه جذبها مرة أخرى لتستقر بين أحضـ انه ثم ضم شفـ تيه إلى شفـ تيها بنعومة زائدة يعبر لها عن رغبته وعشقه الكبير لها طوال الوقت.
❈-❈-❈
ولجت إلى منزلها وهي تدندن بصوت مزعج أغنية المهرجانات الشهيرة "بنت الجيران". توقفت عن الغناء بغتة عندما أبصرت أخيها حازم يقف عاقدًا ساعديه أمام صـ دره يرمقها بنظرات مشتعلة بعد أن تفحّص ثيابها بعدم رضا وقبل أن تسأله لماذا هو غاضب صاح بها بحدة: "إيه اللي إنتي لابساه ده يا يارا؟ مش قلتلك كذا مرة تلبسي لبس محترم؟"
ضيقت عينيها ترمقه بتفحص هاتفه بعند: "ملكش دعوة بيا ولا بلبسي يا حازم."
دنا منها على حين غرّة جذبها من يدها وهزّها بعنـ ف: "عيدي اللي قولتيه تاني! والله لو ما عدلتيش أسلوبك..."
قاطعته بصـ راخ: "ما تحلفش عليا أمك لسه عايشة وهي الوحيدة اللي ليها حق تأمرني فاهم؟"
كاد أن يصـ فعها لكنه توقف على صوت صـ راخ والدته التي دلفت من غرفتها بعد أن استمعت إلى صوت شجارهما هاتفة بحزم: "حازم إنت اتجننت هتمد إيدك على أختك؟"
أنزل يده وابتعد عنها بعدة خطوات مبررًا لوالدته بصوته المرتفع: "بصي على لبسها! شايفة لبسها؟"
قاطعته بصرامة: "لو عايز تنصحها كلمها بأدب مش بالطريقة دي يا حازم فاهم؟"
أطرق برأسه أرضًا ولم يعقّب. فأرادت والدتهما تلطيف الأجواء فدنت منهما تحتـ ضن كل منهما بيد هاتفة بحنو: "تعالوا نتغدى الأول وبعدها نبقى نتكلم."
أومأ حازم متفهمًا وكذلك يارا وانصاعا لأوامر والدتهما.
❈-❈-❈
قرعت باب منزله بيدها الحرة وانتظرت.
ثوانٍ وأبصرته يقف أمامها يرتدي ثوبًا منزليًا مكوّنًا من بنطال رياضي أسود وتيشيرت رمادي بأكمام قصيرة.
فغرت شفـ تيها بابتسامة بلهاء وراحت تتأمله بوقـ احة جعلته ينفر منها فهدر بها: "عايزة إيه يا زينب؟"
تنهدت بوله هاتفه بهيام: "قد إيه بحب أسمع اسمي بصوتك يا فارس بس قولي زيزي كل اللي بيحبوني بينادوني كده."
زفر بنفاد صبر مغمغمًا بهدوء وصل إلى مسامعها: "الصبر من عندك يا رب."
تحدثت وهي تناوله طبقًا كبيرًا: "اتفضل عمايل ادية لما حسيت إنك تعبان قلت أجيبلك شربة دافية اشربها وهتبقى كويس إن شاء الله."
"ومين قالك إني تعبان يا زينب؟"
أجابته بخفوت وهي تضع يدها على قلبها بعد أن تناول منها الحساء: "قلبي قالي كده يا فارس."
اغتاظ من سذاجتها تلك فهتف وهو يناولها طبق الحساء: "خديه مش عايزه شكرًا."
"لأ والله عملته بإيديا الاتنين أرجوك خده ما تحرجنيش."
زفر مطولًا ثم شكرها على مضض واستأذن منها بلباقة.
تأملته مطولًا ثم استدارت ذاهبة إلى منزلها تاركة إياه يرمقها بتعجب. أغلق الباب وولج واضعًا ذلك الطبق فوق المنضدة وهو يغمغم بخفوت: "الصبر من عندك يا رب."
❈-❈-❈
وفي المساء خرجت السيدة ملك من المشفى بعد أن تعهّدت للطبيب بأنها ستحافظ على نفسها وستتناول أدويتها في مواعيدها وعلى الرغم من توسّلات لمار لها بأن تبقى اليوم أيضًا في المشفى لكنها رفضت رفضًا قاطعًا.
فهي ستقدّم برنامجها في الغد حتى لو أنها ستطلّ على الناس بتلك الضمادة البيضاء لا يهمها ما يهمها هو الحقيقة والمستندات التي لديها ستفضح رجالًا مهمين في الدولة لذا عليها أن تقدم واجبها على أكمل وجه ولو كان هذا هو آخر شيء ستفعله في حياتها.
❈-❈-❈
بعد ما انتهى من صنع كوبٍ من عصير الجوافة الطازج حمله وذهب به باتجاه الكرسي الهزّاز الذي يوجد أمام نافذة غرفة نومه.
أراح ظهره عليه بعد أن ارتشف رشفة كبيرة منه هاتفا باستمتاع: "ياااه أنا شاطر أوي في العصير ده!"
ابتسم ببلاهة عندما قفزت صورتها أمام عينيه ترمقه بابتسامة ساحرة. أغمض عينيه مستمتعًا بتلك اللحظات.
ثوانٍ واستمع إلى صوت قرع جرس منزله وضع كوب العصير فوق منضدة صغيرة توجد بجانب الفـ راش ودلف للخارج ليرى من الطارق السيئ الذي قطع عليه لحظته الجميلة.
فتح الباب فتجمّدت أوصاله واتّسعت حدقتاه في دهشة حتى كادتا أن تخرجا من محجريهما وهو يراها تقف أمامه بكامل زينتها ترتدي فستانًا من اللون النبيذي ينساب بنعومة فوق قوامها المـ ثير تاركةً خصلاتها الشقراء تنساب خلفها برقة.
أغلق عينيه وفتحهما عدّة مرات علّه يستفيق من حلمه هذا ألهذه الدرجة أصبح مجنونًا بها؟
لكن مهلاً… إنها هنا تقف أمامه ترمقه بنظرات متفحّصة وابتسامة جميلة تزين محياها الحسن كاد أن يجنّ عندما استمع إلى صوتها الرقيق تقول:
"مالك يا فارس؟ هتسيبني واقفة عالباب كتير؟"
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية