-->

رواية جديدة ساحر الليل لبسمة بدران - الفصل 4 - الثلاثاء 6/5/2025

  قراءة روايةساحر الليل كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ساحر الليل

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل الرابع


تم النشر يوم الثلاثاء

6/5/2025


من أنت؟


تبعها للداخل وهو لا يصدق عينيه يتساءل بداخله إن كان ما يحدث حقيقة أم حلمًا؟

هل هي فعلا هنا في منزله تشاركه نفس الهواء الذي يتنفسه؟

لا هذا ضربٌ من الجنون يبدو أنه مجرد حلم ليس إلا.

لكن مهلا إنها هي تتجول بحرية في منزله تارة ترمق اللوحات المعلقة فوق الحوائط بانبهار وتارة بدهشة.

تنحنح بقوة كي يلفت انتباهها لكنها لم تستجب وولجت أول غرفة قابلتها.

وقد صدق حدسها فتلك الغرفة له.

راحت تتأمل الغرفة بتفحص ومن ثم ركضت باتجاه الكرسي الهزاز وجلست.

بينما هو ظل مكانه على أعتاب تلك الغرفة يرمق تصرفاتها الطفولية بانبهار شديد.

وها هو على جانب آخر لها خلاف رقتها وجمالها الفاتن.

نظرت باتجاهه ومن ثم أشارت إليه ونادته بصوتها العذب: "إنت واقف مكانك ليه يا فارس؟ تعالى قُرب مني."


هز رأسه باستسلام ودنا منها بخطوات بطيئة وعينيه لا تحيد عنها. وقف قبالتها ولم يتفوه ببنت شفه مما جعلها تسأله بدهشة: "مالك؟ ساكت كده ليه؟ أنا قلت حاجة زعلتك؟"


هز رأسه نفيًا فرمقته باستفهام!

فأجابها بهدوء: "آسف بس أنا لسه مصدوم بجد إنتي هنا؟"


أطلقت ضحكة مجلجلة وأومأت موافقة.

فهمس بصوت وصل إلى مسامعها: "آه لو تعرفي أنا مستني اللحظة دي من أول مرة شوفتك فيها."


منحته أجمل ابتساماتها: "ماتقلقش أنا هنا وهأفضل هنا على طول."

تسارعت خفقات قلبه وثقلت أنفاسه. دنا منها ليخطفها بين أحضـ انه ليعبر لها عن مدى شوقه وعشقه الدائم لها.

لكنه فجأة لم يجدها أمامه وكأنها تبخرت.

ظل يناديها بصوت جهور: "لمار! يا لمار ماتسيبينيش! خليكِ معايا آسف والله مش هاقرب منك تاني سامحيني أرجوكي!"


ظل يناديها مرارًا وتكرارًا لكن دون جدوى مما جعله يحزن كثيرًا وينهي تلك الليلة بحزن شديد بعدما كانت أجمل ليلة قضاها في عمره.


❈-❈-❈


انقضت الليلة بحلوها ومرها وحل الصباح ليكمل كل شخص مسيرته في الحياة.


استيقظ حازم وأدى صلاة الضحى ثم ولج للخارج ليوقظ والدته وأخته غمغم بحنق: "واضح إنهم ماصحوش لصلاة الفجر أعمل فيهم إيه بس يا رب؟"


طرق باب والدته بخفة فلم يسمع ردًا.

ثوانٍ وولج أبصرها تنام بعمق. زفر مطولًا

ودلف مكررًا ما حدث مع امه فتح بابها بعد أن طرقه عدة مرات فهو على علم بنوم شقيقته الثقيل هزها بخفة مناديًا إياها بصوت أجش من أثر النعاس: "يارا يارا يلا اصحي!"


غمغمت بكسل: "سيبني خمس دقايق بس يا حازم وبعدها هاصحى وأصلي الفجر... خمس دقايق بس."


هز رأسه بيأس هاتفًا بحدة: "إيه؟! انتي بتقولي صلاة الفجر؟! الساعة دلوقتي سبعة الصبح! قومي بقى يا كسولة عشان تلحقي شغلك."


ــ "حاضر حاضر..."


هتفت بها وهي تغطي وجهها بالوسادة جعلته يدلف للخارج وهو يضـ رب كفًا بكف.


اتجه إلى مطبخ منزلهم وأعد له فنجانًا من القهوة وجلس يشربه باستمتاع وهو يقرأ ما أعده البارحة للمحاضرة التي سيلقيها اليوم.


❈-❈-❈


"صباح الخير يا بابا."


تلك الكلمات هتفت بها جوري التي أتت إلى شرفة منزلهم للتو.

فقد كان والدها يقرأ الجريدة مع فنجان قهوته الصباحية وهذه هي عادته اليومية التي لا تتغير أبدًا.

أبعد الجريدة عنه ووضعها فوق المنضدة الزجاجية الصغيرة المتواجدة عند الشرفة ومن ثم أشار إلى وجنته هاتفا بمرح: "صباح الجوري يا جوري. فين بو سة الصبح بتاعتي؟ إنتي عارفة إني بقيت مدمن عليها مع القهوة والجرنان."


قهقهت بمرح ودنت منه وطبعَت قبـ لة خفيفة فوق وجنته اليمنى. استقامت واقفة هاتفة بعجالة: "هروح أعمل كوباية النسكافيه بتاعتي وجايالك أشربها معاك يا موري."


هز رأسه موافقًا وابتسم ابتسامة صغيرة على دلالها له. كم يعشق تلك الصغيرة التي ملأت عليه حياته منذ رحيل والدتها الغالية.

امتنع عن النساء لأجلها هي فقط فلم يرد إحضار امرأة إلى المنزل الذي جمعه بوالدتها كي لا يجرح شعورها. وحاجة ما في نفسه أخفاها على الجميع وبالخصوص هي.


دقائق قليلة وعادت إليه تحمل فنجانًا كبيرًا من النسكافيه وجلست أمامه ترمقه بابتسامة ساحرة سائلة إياه بحنو: "يلا قول لي عن يومك يا بابا؟"


أجابها ببساطة: "بعد ما أوصلك الجامعة هاروح موقع التصوير بتاع برنامج مدام ملك هي أصرت تقدم برنامجها النهارده."


تساءلت بدهشة: "إيه؟! مش كانت عيانة؟"


أومأ موافقًا فاستطردت: "طب ليه مستعجلة كده يا بابا؟ خليها ترتاح يومين وبعدين تكمل شغل."


زفر مطولًا: "قولتلها يا جوري بس ملك عنيدة أوي لازم تعمل اللي في دماغها حتى لو على حساب صحتها."


أومأت متفهمة وراحا يتجاذبان أطراف الحديث بسعادة ومرح كعادتهما الصباحية.


❈-❈-❈

 انتفض فارس من نومه فزعًا بعدما سمع صوتًا ينادي اسمه. راح يتلفت يمنة ويسرة بعينين متسعتين حتى وقعت عيناه عليه... ذاك الرجل الغريب يجلس على الكرسي الهزّاز بهدوء غريب يتأمله بعينين مليئتين بالتيقن كأنه يعرف كل شيء.

صـ رخ فارس بخوف وهو يتراجع للخلف: "إنت بتعمل إيه هنا؟! دخلت إزاي؟ يلا جاوبني!"

لكن الرجل لم يبدُ أنه سمعه أو لعله تجاهله عمدًا إذ قال بصوت هادئ وثابت: "ما رأيك فيما حدث بالأمس يا فارس لقد صدق وعدي... والآن جاء دورك لتكمل ما اتفقنا عليه على أكمل وجه حسناً؟"

ابتلع فارس ريقه وحاول تهدئة نفسه ثم سأل بتلعثم: "طيب... وهي هي اختفت ليه؟ زعلت مني؟ أرجوك رد عليا."

أومأ الساحر برأسه نافيًا: "كلا يا فارس هي لم تحزن منك ولكن اللمس ممنوع... هذا ما لم أخبرك به في المرة السابقة اللمس ممنوع يا فارس لأنه يفقدكما جمال اللحظة.

 استمتعا معًا لكن بدون لمس هل فهمتني وإن تكرر ما انتويت فعله بالأمس ستختفي كما اختفت مفهوم؟"

أطرق فارس رأسه خجلًا وقد أدرك أن هذا الرجل ليس سهلًا أبدًا يعلم ما يدور بينهما رغم غيابه وكأن له عينًا لا تنام ترصدهما عن بُعد.

 عليه أن يكون أكثر حذرًا... فالأمر ليس كما ظن.

لكن في النهاية ما يهمه فقط هو أنها ستعود إليه سيكون كل شيء بخير كما خطّط له في قلبه منذ البداية.

رفع عينيه نحو الساحر وقال بصوت مفعم بالامتنان ناعم النبرة: "أنا بشكرك يا ساحر… إنت رجعتلي روحي من غير ما تحس كنت فعلاً زعلان اوي امبارح."

ابتسم الساحر ابتسامة خفيفة ثم نهض وقال بنبرة مهيبة: "لقد انتهت مهمتي يا فارس… أتمنى لك يوماً سعيداً."

وقبل أن ينطق فارس بأي كلمة اختفى كالدخان.

ظل فارس يحدق في الفراغ وقد سيطر عليه شرود عميق. من يكون ذلك الرجل؟ هو ليس بشريًا... لا ليس كذلك لعله جان... أو مارد رجيم... أو شيء لم يعرف له البشر اسمًا بعد.

فكل ما يفعله لا يمت لعالمهم بأي صلة والأغرب من كل هذا أنه شعر أن القادم يحمل شيئًا مختلفًا... شيئًا لم يتوقّعه أبدًا.

ولأول مرة بدأ فارس يشك أن هذه الحكاية قد لا تكون مجرد صدفة.

❈-❈-❈


تفحصها بعينين صقريتين وابتسامة صغيرة تزين محياه الحسن. غمغم برفق وهو يربط فوق وجنتها بخفة: "رائعة يا أروى... بحبك قوي وإنتِ مطيعة كده."


ثم تابع قائلاً: "قوليلي... مش فستانك المحتشم ده أحلى من اللي كنتي لابساه قبل كده؟"


أشاحت بوجهها بعيدًا عنه ولم تعقب مما جعله يزفر مطولًا فيبدو أنها لا تزال غاضبة منه فتح لها باب السيارة وأشار لها.

ثوانٍ وأغلق الباب واستدار ليحتل مقعد السائق.

دقائق قصيرة وتوقف أمام أحد المطاعم الشهيرة مشيرًا لها بالهبوط.

رمقته بعدم فهم فهتف بهدوء: "عايز أفطر معاكي... عندك مانع؟"


فتحت فمها لتعترض لكنه سبقها وهبط من السيارة والتف ليفتح لها الباب. زفرت بحنق وانصاعت لطلبه.


وها هما يجلسان أمام بعضهما يتناولان شطائر الجبن مع كوبين من القهوة بالحليب كما تحب هي.

أنهيا طعامهما ثم صلت عيناه في زرقويتيها هاتفا بجدية: "أروى اسمعيني كويس... أنا عارف إني عنـ يف شوية في تعاملي معاكي بس إنتِ عنيدة وبتجبري الواحد يعمل كده... علشان كده حبيت أعتذرلك عن اللي عملته معاكي."


اتسعت حدقتاها في دهشة حتى كادت أن تخرج من محجريها فهي لأول مرة تسمع اعتذارًا من ذلك المغرور المتفطرس كما لقبته هي.

صمتت قليلًا تتظاهر بالتفكير ثم خرج صوتها أخيرًا: "ماشي يا آدم... بس توعدني ماترفعش إيدك عليّ تاني."


أومأ لها عدة مرات بالموافقة ثم مد لها يده يصافحها: "نعمل هدنة دلوقتي نتعامل كأصحاب... موافقة؟ وننسى أي خلاف كان بينا."


منحته ابتسامة جذابة زادتها جمالًا فوق جمالها ووضعت يدها في يده: "موافقة يا آدم."


ربط بيده الأخرى فوق يدها وابتسامة واسعة تملأ وجهه الوسيم.

فهو أخيرًا سيتعامل معها بلطف وسيحاول كسب ثقتها التي خسرها بتعامله العنـ يف معها منذ زمن طويل.


❈-❈-❈


أمام مرآته الكبيرة وقف يهندم ثيابه المكونة من بنطال جينز وقميص أبيض تعلوه سترة سوداء. مشط خصلاته للخلف بشكل جذاب ورش عطره المميز.

تأمل هيئته بابتسامة رضا ثم ذهب لينتعل حذاءه الرياضي.

وها هو أصبح جاهزًا للذهاب إلى العمل.

فتح باب منزله فأبصر الحاجة أمينة تقف أمام الباب يبدو أنها في انتظاره.

ألقى عليها تحية الصباح بعجالة شديدة فأوقفته متسائلة: "يا فارس... عندك حاجة بعد الضهر؟"


هز رأسه نفيًا ورمقها باستفهام!

فاستطردت: "كنت عايزاك تيجي تتغدى معانا أنا وزيزي هنعمل محشي وبط... أكل يجنن."


رمقها باهتمام مغمغمًا بهدوء: "آسف يا حاجة أمينة بس أنا هاكل في الشغل... والله كنت نفسي آجي بس افتكرت عندي ميعاد مهم... سامحيني."


أومأت برأسها موافقة وهي تشعر بخيبة الأمل فهي وعدت ابنتها بأن تقنعه بذلك الأمر لكنها فشلت فشلًا ذريعًا.

هزت رأسها باستسلام ودخلت منزلها تغلق الباب خلفها وهي تفكر في حل يريح قلب ابنتها. فللأسف تعشق ذلك الشاب منذ زمن وهو لا يهتم لأمرها أبدًا.


❈-❈-❈


وبعد وقت ليس بالقصير وصل إلى عمله بخطوات مسرعة فاصطدم بأحدهم رفع وجهه ليعتذر فتسارعت دقات قلبه بجنون وفقد النطق لبضع ثوانٍ عندما أبصرها تقف أمامه بذلك القرب المهلك هذا.

منحته ابتسامة جميلة مغمغمة بهدوء: "مالك يا فارس... رايح فين بالجري ده؟ لسه بدري."


حقيقةً لم يستمع إلى حديثها بل كان يحدق بها بوله شديد.

تنحنحت بنعومة عندما لم تجد منه ردًا وابتعدت عنه وهي تتمتم بغيظ شديد: "يا لهوي مغرور وأهبل مش قادر يرد عليا!"

بينما هو بقي مكانه يحدق في مكانها بشرود تام.


❈-❈-❈


قابلتها يارا فأبصرت ملامح الغضب تكسو وجهها الجميل سألتها باهتمام: "مالك يا بنتي؟ بتغلي كده من أول اليوم! حصل حاجة مع استاذ عادل ولا إيه؟"


هزت رأسها نفيًا. فتابعت سؤالها: "طب حصل إيه؟"


أجابتها باختصار: "هحكيلك لما نفطر مع بعض دلوقتي عندي شغل كتير."


أومأت لها متفهمة واستدارت عائدة إلى مكتبها والفضول يقـ تلها.


❈-❈-❈


انتهت من إعداد طاولة الفطور وبقي فقط القهوة لكنها أجلتها حتى توقظ زوجها الكسول كي لا تبرد.

ولجت غرفتهما ومدت يدها تهزه بخفة مغمغمة برقة: "إيهاب قوم بقى يا حبيبي هتتأخر على شغلك."


لم تستمع ردًا فهزته أقوى قليلًا لكنها شهقت بقوة عندما جذبها من يدها لتستلقي فوقه.

رمقته بعينيها الجميلتين معاتبة: "خوفتني يا إيهاب مش هتبطل شقاوتك دي بقى؟"


دا عب أنفها بأنفه هامسًا: "مش عاجباكي الشقاوة دي ولا إيه يا غادة؟"


قالت وهي تحاول الابتعاد عنه: "لأ."


لكنه ضمها إليه بقوة هامسًا بصوت ناعس: "كدابة يا روحي بتحبيها أوي... تحبي أثبتلك؟"


اتسعت عيناها في دهشة لفهمها ما يرمي إليه زوجها الو قح. هزت رأسها نفيًا: "سيبني بقى أنا جهزتلك..."


لكن باقي كلماتها لم تُكتب لها النجاة لأنه ضم شفـ تيها بشـ فتيه في قبـ لة عاصفة ليؤكد لها أنها تريده وتعشقه أكثر مما يتخيل. ثوانٍ وبادلته القبـ لة بجموح شديد.

وضعها على الفـ راش واعتلاها ليبدأا معًا رحلة طويلة من العشق والغرام.


❈-❈-❈


حل الليل سريعًا والجميع في منازلهم يشاهدون برنامج المذيعة الشهيرة ملك يوسف.

ثوانٍ وأطلت عليهم بجمالها الساحر وابتسامتها العذبة ورأسها مضمد بشاش أبيض.

ألقت تحية المساء وبعدها طمأنت الجميع على حالتها الصحية وأكدت أن رغم كل ما حدث معها ستظل صامدة وأن برنامجها (اسأل مسؤول) رسالة كبيرة وعهد قطعته على نفسها وأنها دائمًا خلف كل مظلوم وستساعد الجميع للمطالبة بحقوقهم.


أمسكت ببعض الأوراق الموجودة أمامها فوق مكتبها الصغير وبدأت بقولها: "بسم الله".


بدأت بعرض مستندات خاصة بقضايا التهريب وأسماء كبيرة لها وضعها ومركزها في البلد غير عابئة بما قد يحدث لها أو بالمشاكل التي ستضع نفسها فيها.


❈-❈-❈


عند منتصف الليل.

خيم الصمت على المكان إلا من صوت عقارب الساعة التي كانت تطرق آذانه كنبضات قلب متوتر. انتظرها طويلًا بعد أن هيأ كل شيء لاستقبالها زيّن المكان كما تخيّل أنها قد تحب وأشعل الشموع بعناية كأنه يرسم طيفها بين ألسنة اللهب… لكنها لم تأتِ.

شعر بخيبة ثقيلة استقرت في صـ دره وألقى بجـ سده المرهق فوق الكرسي الهزّاز أراح ظهره واستسلم للنوم كمن فرَّ منه الواقع.


لم تمر سوى لحظات حتى انتفض من غفوته فجأة وكأن سكـ ينًا اخترق قلبه.

شعر بوخزة غريبة مؤلمة ولكن مألوفة... كأن قلبه استشعر وجودها قبل أن تراها عيناه.


فتح عينيه ببطء... ورآها. كانت تقف على بعد سنتيمترات فقط تنظر إليه بدهشة وعينيها الواسعتين تتأملانه كأنها تراه للمرة الأولى.


كانت ترتدي فستانًا بنفسجيًا ينسدل على جسـ دها الرقيق بانسيابية حالمة مكشوف الكتفين وشعرها مرفوع بطريقة عشوائية ساحرة تزيدها فتنة وغموضًا.


تأمل ملامحها الساحرة وعنقها الطويل وهمس غير مصدّق: "حبيبتي... انتي جيتي؟"


نظرت إليه مطولًا وعيناها تزدادان اتساعًا ثم ردّت بدهشة: "أيوه أنا جيت تاني... بس ممكن تقولي إنت مين؟"


نهض من الكرسي واقترب منها بخطى هادئة ثم همس بصوت دافئ كأنّه آتٍ من زمن آخر: "أنا اللي حبيتك من أول لحظة شوفتك فيها… أنا اللي كتمت حبك في قلبي ومقدرتش أقول لحد… أنا اللي استنيتك سنين من غير ملل ولا تعب… ومستعد أستنى أكتر… أنا اللي كتبت فيك شعر من غير ما أفكر في وزن ولا قافية… أنا اللي..."


قاطعته وصوتها يكاد ينهار من التأثر: "قولّي كتبت لي إيه؟"


اقتربت خطوتين فقط ثم جلست على الكرسي الهزاز مكانه واستسلمت لصوته كأنها تستمع لنشيدٍ مألوف من حلمٍ قديم.

لكن فجأة... دوّى صوت رنين الهاتف كطلقة في سكون الليل.

أفزعتها النغمة المزعجة فالتقطت الهاتف وهي تلـ عن من أيقظها من ذلك الحلم الساحر.


نظرت إلى الشاشة ثم أغلقت الهاتف ببطء وهمست في نفسها بنظرة تائهة: ـ "يا ترى... إنت مين؟"


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة