رواية جديدة ساحر الليل لبسمة بدران - الفصل 7 - الجمعة 16/5/2025
قراءة روايةساحر الليل كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ساحر الليل
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل السابع
تم النشر يوم الجمعة
16/5/2025
عشقٌ مسحور
في مكان نراه لأول مرة...
قصر فاروق الحيني.
استيقظ مبكرًا وارتدى حُلّة رمادية أنيقة أسفلها قميصٌ أسود ترك أول أزراره مفتوحًا. صفّف خُصلاته البنية المُمتزجة ببعض الخُصل الرمادية وهذّب لحيته الخفيفة ثم ألقى نظرةً أخيرة إلى نفسه في المرآة بنظرةٍ واثقة كعادته
وبعدها هبط درجات السلم بخطوات ثابتة ليجد ابنه جالسًا ينتظره على مائدة الإفطار غمغم بتحيةٍ قصيرة: " صباح الخير يا نور.
ثم ترأّس المائدة وبدأ بتناول فطوره بصمتٍ مدروس وتبعه نور.
رفع نور عينيه إليه متسائلًا باهتمام: " عملت إيه يا بابا؟
ارتشف فاروق رشفة كبيرة من كوب قهوته ثم أجاب بصوتٍ واثق ونظرة نارية: " ما تقلقش يا نور وصلت لرئيس الجريدة بنفسي ومنعت النشر. الرجل فهم الموقف بس أخد مني فلوس كتير بس مش مهم المهم إن الصحفية دي هتدفع تمن اللي عملته غالي عشان فكّرت تتحداني.
نظر إليه نور بإعجابٍ واضح دون أن يُعقّب فقط اكتفى بابتسامة تنم عن إعجابه بصلابة والده.
وفجأة صدح صوت الهاتف برسالة. التقطه فاروق بسرعة وفتح الرسالة.
اتسعت عيناه في دهشة وأطلق صفيرًا خافتًا من بين شفتيه وهو يتمتم بعدم تصديق: " إيه ده؟! دي الصحفية غادة؟ دي طلعت جمدة! جميلة أوي.
ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة انتشاء وهو يهمس لنفسه: " واضح كده إن اللعبة هتعجبني يا غادة.
رفع نور حاجبيه متفاجئًا: " للدرجة دي جميلة؟
أومأ فاروق برأسه وما زال يتأمّل الصور والمعلومات التي وصلته عبر "الواتساب".
أنهى تفحّصه وأغلق الهاتف ثم وضعه على المنضدة وعاد لتناول طعامه بنهم.
ثم نظر إلى ابنه طويلًا وقال بنبرة تحمل خبثًا واضحًا: " اسمعني كويس يا نور الست دي عندها بنت اسمها أروى وبنتها معاك في الجامعة أنا عايزك تقرّب منها.
نظر إليه نور بنظرة يعرفها فاروق جيدًا فتنهّد الأب وغمغم ماكرًا: " حلوة... حلوة أوي يا نور.
ابتسم نور ابتسامة واسعة وعاد لتناول طعامه وهو يتخيّل كيف سيكون لقاؤه بتلك الفاتنة التي وصفها والده. ويبدو أن الأيام القادمة ستحمل له لعبة جديدة… وأسلوبًا جديدًا للتسلية.
❈-❈-❈
في مكانٍ آخر...
وصلت يارا إلى الشركة بخطواتٍ متحمّسة تتقدّمها طاقتها المرحة التي لا تفارقها أبدًا. كانت تتأمل الأروقة بنظرةٍ سريعة حين لمحته من بعيد... فارس يسير بخطى واسعة وكأن الأرض تُمهد له الطريق عن طيب خاطر. وقفت لحظة تحدق فيه بدهشة صامتة قبل أن تهتف بصوتٍ لم تملك كتمانه وقد لمعت عيناها بانبهارٍ واضح: " فارس!
استدار إليها عينيه تحملان نظرة تساؤل هادئة لا تشي بشيء سوى الحذر وربما القليل من المفاجأة.
اقتربت منه بسرعة تتقدّمها ابتسامة إعجاب لم تحاول إخفاءها وقالت بصوتٍ خفيف لكنه مشحون بالحيوية: " إيه الشياكة دي؟ باين عليك عامل حساب اليوم ده من إمبارح! هو فيه إيه؟ رايح فين كده؟
بينما كانت تتكلم كانت عيناها تجوبانه بنظرة فاحصة من تسريحة شعره الأنيقة وحتى الحذاء اللامع الذي بدا وكأنه لم يُستخدم قط. كانت تراه اليوم كما لم تراه من قبل... فارس مختلف مشرق بطريقة غريبة وكأن شيئًا جديدًا ينبض في ملامحه.
شعر فارس بالارتباك للحظات ليس فقط بسبب كلماتها بل من تلك النظرة التي أربكته أكثر من أي كلمات. فابتسم ابتسامة باهتة تحمل محاولة هروب وقال وهو يعدّل نبرة صوته ليبدو طبيعيًا: " متشكر يا يارا... معلش أنا لازم أروح مكتبي عندي شغل كتير.
قالها بسرعة وكأنه يخشى أن يطول الموقف أكثر من اللازم ثم استدار مبتعدًا واختفى داخل مكتبه دون أن ينتظر ردها.
وقفت يارا مكانها تنظر إلى الباب الذي أغلق خلفه ثم ضحكت بخفة وقلّدت صوته بسخرية مرحة وهي تهز كتفيها: " "أنا لازم أروح مكتبي"... روح يا عم وأنت وسيم وقمر النهارده.
في تلك اللحظة ظهرت لمار بجانبها وقد رفعت حاجبيها بدهشة وقالت باستغراب: " يارا واقفة هنا بتكلمي نفسك! هو إنتي اتجننتي ولا إيه؟
نظرت إليها يارا وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة خجولة لكنها كانت محمّلة بسعادة غريبة لم تعتدها. اقتربت من لمار وقالت بصوتٍ خافت كأنها تحاول احتواء مشاعرها قبل أن تنفجر منها: " فارس...
رفّ قلب لمار بمجرد سماع اسمه وسارعت تسأل بتلعثم لم تنجح في إخفائه: " ماله؟
يارا رفعت حاجبيها وهي تلوّح بيدها في الهواء وعيناها تلمعان بحماس: " شكله النهارده... حلو أوي كأنه طالع من إعلان! أكيد عنده معاد مهم ولا يمكن عنده حبيبة؟
هنا فقط تغيّر وجه لمار في لحظة وكأن كلمات يارا كانت سهامًا أصابت قلبها دون سابق إنذار. انطفأت ابتسامتها وخيّم الحزن على ملامحها دون أن تنطق بحرف. فقط نظرت أمامها بشرود كأن عقلها اختطفته فكرة واحدة: " "ممكن يكون فعلاً بيحب واحدة غيري؟"
لم تنتبه يارا لما حدث في ملامح صديقتها بل أمسكت بيدها وسحبتها بحماس وهي تهتف: " تعالي بقى احكيلي حلمتي بإيه النهارده؟ أنا متشوقة أوي.
سارت لمار إلى جانبها جـ سدها يتحرك لكن روحها تائهة عيناها تنظران للأمام لكن قلبها بقي خلفها داخل ذاك المكتب المغلق حيث يقف فارس وربما قلبه مع فتاة أخرى.
رغم أنها تستعد لتحكي ليارا تفاصيل الحلم الذي زارها ليلاً إلا أن الحلم الحقيقي الذي شغل قلبها الآن... كان فارس.
❈-❈-❈
في الجامعة...
انتهى حازم من شرح المحاضرة ثم هتف بصوته الجهوري المعتاد: " لو احتاج حد منكم يفهم أي حاجة ييجي مكتبي وكلّكم عارفين مكانه صح؟
أومأ الطلاب برؤوسهم ثم شكرهم وغادر القاعة.
نظرت جوري إلى أروى مترددة وهمست: " بصراحة أنا ما فهمتش الجزء اللي اتكلم فيه عن نظريات التأثير.
ابتسمت أروى وقالت بحماس: " طب خلاص تعالي نروح لمكتب حازم هو قال بنفسه إن اللي محتاج ييجي له.
تلعثمت جوري وهي تردّ: " أنا مش... مش عايزة أروح لوحدي. أقصد... مكسوفة شوية.
ضحكت أروى وجذبتها من يدها برقة: " يا بنتي متخافيش أنا معاكي ومش هيعملك حاجة.
استسلمت جوري وتبعت أروى نحو المكتب والتوتر ظاهر على ملامحها.
دقائق قليلة وطرقت أروى باب المكتب.
ردّ صوت حازم من الداخل يسمح بالدخول.
نظرت جوري إلى صديقتها بتوتر وهمست: " ادخلي إنتي الأول
ضحكت أروى وقالت: " حاضر يا ستي هدخل أنا الأول ليه لأ؟!
ودخلت تتبعها جوري بخطى مترددة.
رحّب بهما الأستاذ حازم بإيماءة هادئة وأشار لهما بالجلوس على الكرسيين المقابلين لمكتبه.
تقدّمت أروى بالكلام قائلة بجديّة: " أستاذ حازم جوري كانت محتارة في جزء من المحاضرة ممكن تشرحهولها تاني؟
رمق الأستاذ حازم جوري بنظرة فاحصة ثم قال بنبرة ساخرة: " ما تتكلم هي ولا هي ما عندهاش لسان؟
خفضت جوري رأسها في خجل شديد ولم ترد. لكنها بعد ثوانٍ رفعت عينيها بتوتر وهمست بصوت خافت: " لو حضرتك مشغول ممكن نيجي وقت تاني...
قاطعها حازم بحسم: " لا أنا فاضي. اتفضلي قوليلي أنهي جزء ما فهمتيهوش؟
استجمعت جوري شجاعتها وبدأت تشرح له الجزء الذي استعصى عليها.
أصغى إليها باهتمام ثم شرع في شرح النقطة لها مرة أخرى بهدوء ويسر وكأن طباعه قد هدأت.
❈-❈-❈
في مركز التجميل
وصلت السيدة ملك إلى مركز التجميل الراقي الذي تملكه بالمشاركة مع السيدة نادية.
ذلك المكان الفاخر الذي يحمل اسم "هي" والمشهور بكونه وِجهة النخبة من السيدات الباحثات عن الجمال والفخامة. ديكور أنيق أجهزة متطورة وطاقم من الفتيات الماهرات ذوات الابتسامة الدائمة والذوق الرفيع... كل ركن فيه ينطق بالترف والاهتمام.
استقبلتها نادية بابتسامة دافئة واحتضـ نتها كأنها تستقبل صديقة عمر ثم اصطحبتها إلى مكتب الإدارة حيث يمكنهما الحديث بعيدًا عن الضوضاء.
ما إن جلستا حتى بدأتا بتبادل الحديث وسرعان ما طرقت نادية موضوع الخلاف القائم بين يارا وحازم.
أنصتت ملك بعينين دامعتين تتأمل كلمات نادية بوجهٍ يعكس الحزن والقلق. فـ يارا لم تكن مجرد ابنة شريكتها بل كانت بالنسبة لها كإبنتها بل أكثر
قالت بنبرة مشبعة بالخبرة والحنان: " "بصي يا نادية الرجالة لما يكبروا بيحبوا يحسّوا إنهم قادرين يسيطروا خصوصًا حازم بقى راجل البيت من يوم أبوه ما اختفى. الوضع ده طبيعي بس الأهم إنك تلاقي طريقة تهدي بيها النفوس."
أومأت نادية بتقدير وردّت: " "عندِك حق ربنا يخليكي لينا يا ملك."
ثم سألتها وهي تحاول تغيير الأجواء بابتسامة خفيفة: " "طب قوليلي ناوية تدلّعي نفسك بإيه النهارده؟"
ضحكت ملك بخفة وقد بدا عليها بعض الارتياح: " "نفسي أعمل تنظيف بشرة وجلسة مساج محتاجة أروّق أعصابي قبل الحلقة."
ردّت نادية بحماس: " "طبعًا تحت أمرك يا أستاذه ملك... يلا بينا نبدأ."
ابتسمت ملك ونهضت من مكانها بخفة ورقي تتبع نادية بخطى واثقة نحو الخارج وفي عينيها إصرار على أن تمنح نفسها لحظات من الراحة حتى وإن كانت قصيرة.
❈-❈-❈
في أحد المقاهي الهادئة المطلة على النيل حيث تتراقص أنوار المدينة على صفحة الماء جلس السيد مراد إلى جوار صديقه السيد إيهاب.
كان النسيم يداعب وجهيهما بينما تبادلا أطراف الحديث عن حال البلد تارة بجدية وتارة بشيء من التنهيدات الثقيلة.
مرت لحظات من الصمت الهادئ قبل أن يميل إيهاب بجـ سده نحو مراد بعينين تتأملان ملامحه المنهكة ثم سأله بنبرة خافتة تحمل أكثر من مجرد فضول: " طيب قولي عامل إيه بجد؟ كلمت ملك قلتلها اللي في قلبك؟
أطرق مراد برأسه كأنه يهرب من الحقيقة ثم رفع عينيه ببطء وهمس بصوت مبحوح: " لأ... ماقدرتش. أنا بحبها من عشر سنين يا إيهاب عشر سنين قلبي بيتعلق بيها يوم بعد يوم وهي ولا كأنها شايفاني
كل يوم بحس الأمل بيتسرسب مني نقطة ورا التانية
فكرت كتير أقولها أطلبها للجواز أحط كل حاجة على الترابيزة بس أول ما أوصل للحظة دي بتراجع مش خوف بس إحساس بالهزيمة قبل ما أبدأ.
سكن وجه إيهاب للحظة كأنه تألم لوجع صديقه ثم مد يده وربت على كتف مراد بحنان أخوي وقال بنبرة دافئة: " نور الحب يا مراد زيه زي نور الشمس حتى لو غاب حتى لو الدنيا اسودت حواليك لازم يرجع يشرق تاني خليك مؤمن بقلبك وماتخليش الزمن يطفّي حبك.
ابتسم مراد ابتسامة باهتة لا تُعرف إن كانت امتنانًا أم وجعًا ثم أمسك بكوبه بهدوء وبدأ يحتسي مشروبه ببطء بينما عينيه ما زالتا غارقتين في الأفق تبحثان عن أملٍ لا يريد أن يموت.
❈
السيدة ملك يوسف.
قبل اكثر من عشرين عامًا تزوجت من يوسف مختار زميلها في مهنة الصحافة. جمعهما الحب وتوّجت علاقتهما بزواج جميل وهما لا يزالان على مقاعد الدراسة. ثم جاءت لمار ثمرة ذلك الحب بعد عام فقط لتملأ حياتهما فرحًا وسعادة.
لكن السعادة لا تدوم طويلاً… فقد خطف القدر يوسف مختار بعد أربع سنوات من ولادة لمار.
صُدمت ملك لكنها لم تسمح لنفسها أن تنهار من أجل ابنتها أصبحت لها الأم والأب علمتها واحتـ ضنتها بكل الحب.
وعندما خاضت تجربة العمل في التلفزيون تمسكت باسم زوجها ليظل حيًا في كل نجاح تحققه.
كان حبًا نقيًا خالدًا لا يُنسى.
❈-❈-❈
في أحد مكاتب الشركة تعالى صوت ضحكات يارا طاغيًا على هدوء المكان وكأنها نسيت أنها في بيئة عمل. التفتت إليها لمار بسرعة وهمست بتوتر وملامحها تنذر بالخطر: " وطي صوتك يا مجنونة الأستاذ عادل جوّه!
لكن يارا لم تهدأ بل زادت ضحكتها سخرية وهي تهمس: " بتقولي إن فارس هو اللي كان في حلمك؟!
بجد دي أحلى نكتة سمعتها النهارده!
تجهم وجه لمار وأرسلت إليها نظرة غاضبة بينما حاولت يارا أن تكتم ضحكتها وتحدثت بنبرة ادّعت فيها الجدية: " يعني بجد إزاي؟! إنتي لا تعرفيه كويس ولا حصل بينكم أي كلام إزاي حلمتي بيه بالشكل ده؟!
أطرقت لمار برأسها قليلًا وابتسامة خفيفة تلعب على شفـ تيها وهي تعبث بخصلات شعرها بشرود: " ماعرفش بس كان مختلف في الحلم كان حنون جدًا وصوته دافي بيطمن حسّيت إني أعرفه من سنين.
رفعت يارا حاجبها بدهشة مصطنعة ثم انفجرت في ضحكة مكتومة وهمست: " يا بنتي ده حلم! الحنية والرقة دي آخر صفاته ده لو ابتسم الشركة كلها بتستغرب!
لمار ابتسمت بخجل وكأنها تحاول التمسك بشيء لم يحدث لكنه عنيد في قلبها. وقبل أن تهم بالرد قطع رنين الهاتف الداخلي لحظة الصدق بينهما.
التقطت لمار السماعة سريعًا وحاولت أن تضبط نبرتها: " أمرك يا أستاذ عادل.
جاءها صوته جادًا من الطرف الآخر: " روحي لفارس قولي له ييجي لي حالًا تليفونه بايظ أو مش شغال تقريبا.
أغلقت السماعة والتفتت إلى يارا بنظرة سريعة ثم أشارت إليها أن تعود إلى مكتبها: " بعدين نكمل كلامنا روحي دلوقتي.
غمزت لها يارا بخبث ثم انسحبت وهي تهمس: " روحي لحلمك يا رومانسية!
تنهدت لمار وضبطت خطواتها قبل أن تتوجه نحو مكتب فارس قلبها يطرق برفق كما لو أن الحلم على وشك أن يصبح حقيقة.
❈-❈-❈
في مكتب فارس كان الهدوء يلف المكان إلا من همسات ناعمة تخرج من بين شفـ تي فارس وهو يدندن بأغنية "جفنه علّم الغزل" لعبد الوهاب.
جلس خلف مكتبه منهمكًا في إصلاح لابتوب حسن وابتسامة حالمة تزين وجهه كأن شيئًا من الماضي الجميل يسكن في تلك النغمة.
لكن طرقًا خفيفًا على الباب قطع سكون اللحظة. رفع رأسه ببطء وقال بصوت دافئ: " ادخل.
وما إن فُتح الباب حتى تجمّد في مكانه: " لمار؟!
نطق اسمها وكأنه لم يتوقّع رؤيتها مجددًا. اتّسعت عيناه بدهشة وتقلّبت ملامحه ما بين الحنين والتوتر ثم ارتسم الحزن فوق ملامحه فجأة.
كأن قلبه تذكّر القيد الذي كبّله به ذلك الساحر — شرط غريب لم يفهمه بعد لكنه يعرف جيدًا أنه يقف بينه وبين من يحب.
تحوّل صوته فجأة إلى حدّة لم يقصدها: " جايه هنا ليه؟ عايزة إيه؟
بدت الصدمة واضحة في عيني لمار. انكمشت ملامحها كأن كلماته صفعتها لكنها تماسكت وردّت بصوت خافت يكاد لا يُسمع: " الأستاذ عادل طالبك في مكتبه دلوقتي.
ثم التفتت بسرعة وغادرت تخفي دمعة خائنة أحرقت عينيها خلف خطواتها المتعجلة.
أما فارس فظل واقفًا يحدّق في الباب الذي أُغلق خلفها عيناه تلاحقان طيفها وقلبه يشتعل بالندم. لو لم يكن ذلك الشرط. لو لم يكن قلبه مقيّدًا بذلك الوعد الغامض لكان اليوم مختلفًا لربما أخبرها بما يخبئه قلبه لربما كانت تلك اللحظة بداية لحياة جديدة معها.
لكنه الآن عالق بين ما يجب عليه وما يتمنى أن يكون. فهل سينجو قلب فارس من هذا الصراع؟
أم أن خسارته الوحيدة ستكون لمار؟
هذا ما سنعرفه في الفصول القادمة.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية