رواية جديدة ساحر الليل لبسمة بدران - الفصل 8 - الثلاثاء 20/5/2025
قراءة روايةساحر الليل كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ساحر الليل
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثامن
تم النشر يوم الثلاثاء
20/5/2025
فراق
بعد أن انتهى الدكتور حازم من الشرح شكرته كل من جوري وأروى ثم غادرتا سويًا إلى الخارج.
تساءلت أروى وهي ترتب الأوراق والمحاضرات التي تحملها: "هوّ انتي استفدتي حاجة يا جوري؟ ولا كل اللي قاله الدكتور حازم راح على الفاضي؟"
قطبت حاجبيها بدهشة عندما لم تتلقّ أي رد فلكزتها بيدها على منكبها قائلة: "مالك رحتي فين؟ أنا بكلمك."
تحدثت بتلعثم: "معاكي يا أروى بس سرحت شوية."
ابتسمت أروى بخبث وقالت: "سرحتي في إيه بقى؟ الموضوع ليه علاقة بالدكتور حازم؟ أنا عارفة إنه وسيم جدًا بقى فتى أحلام كل البنات تقريبًا!"
تصاعدت الدماء إلى وجنتي جوري وأطرقت رأسها خجلًا مما جعل أروى تشعر بالدهشة.
فالفتيات من طراز جوري نادرًا ما يُوجدن تلك الفتاة مدهشة بحق تخجل من أقل الأشياء من لا يعرفها قد يظنها تدعي البراءة والنقاء لكنها حقًا كذلك تشبه الأطفال في براءتها وصفائها.
شقت ابتسامة صغيرة شفـ تيها الوردية وحمدت الله في داخلها لأنه وهبها صديقة كجوري مثالًا للأخلاق الحميدة والرقة والجمال.
زفرت بقوة ثم هتفت بمرح: "أنا قلتلك إيه اللي حصل لي امبارح يا جوري؟"
رمقتها جوري بنظرة استفهام فاستطردت أروى: "أقصد أنا وآدم اتخانقنا تاني! تعرفي الولد ده غبي أنا بكرهه جدًا وبكره إنه بيتحكم فيا. تصدقي ساعات بزعل إن ماما اتجوزت راجل تاني بس لما بشوف حنية عمو إيهاب كل الزعل بيروح."
وأثناء حديثها لم تنتبه لذلك الشاب الذي كان يسير بخطوات واسعة وهو يعبث بهاتفه فاصطدمت به بقوة وتناثرت الأوراق التي كانت بيدها على الأرض.
فتحت فمها لتوبخه لكنها أغلقته سريعًا عندما استمعت إلى اعتذاره المتكرر بينما كان ينحني ليلتقط أوراقها.
رفع بصره إليها بعد أن وقف مستقيمًا ويا ليته لم يفعل فقد كان شابًا في غاية الجمال ملامحه أوروبية خصلاته بنية وعيناه زرقاوان ناهيك عن لحيته الخفيفة وبشرته البرونزية.
ـ ايه ده! إزاي شاب ممكن يكون بالجمال ده؟!
ازدردت ريقها بصعوبة ومدت يدها ببطء لتأخذ أشياءها منه وهي ما تزال تحدق فيه.
ابتسم الشاب بخبث في داخله فهو يعلم تمامًا مقدار جاذبيته وكيف يؤثر على الفتيات لكنه هو أيضًا انبهر بجمالها.
هي فتاة في غاية الرقة والجمال يعلم أن لسانها سليط ومنفتحة للغاية لكن لا بأس سيروضها كما وعد والده من قبل وستكون طُعمًا مهمًا بالنسبة لهما.
رسم ابتسامة خفيفة على محيّاه وهمهم بكلمات اعتذار مرة أخرى ثم استدار راجعًا من حيث أتى.
وأروى تتابعه بناظريها وقلبها يخفق بجنون. لأول مرة يجذبها شاب بهذا الشكل.
أجفلت على صوت جوري المرتفع: "سرحتي فين؟ يلا نروح الكافيتيريا ناكل حاجة قبل المحاضرة الجاية."
أومات لها موافقة وذهبت برفقتها لكن عقلها ظل مشغولًا بذلك الشاب الوسيم الذي سرق قلبها منذ لحظات.
❈-❈-❈
ـ "اتفضل."
تلك الكلمة نطق بها السيد عادل الخطيب بعدما سمع طرقات خفيفة على بابه.
ثوانٍ ودخل فارس وأغلق الباب من خلفه ثم تقدم بخطوات ثابتة حتى صار واقفًا أمام مكتبه قائلًا باحترام: "أأمرني يا استاذ عادل."
تأمله بنظرة فاحصة قبل أن يبتسم مازحًا: شكلك متغير اليومين دول يا فارس شكلك بتحاول تنافسني بس برضو لسه أنا الأعزب الوسيم الأشهر"
ابتسم فارس ابتسامة صغيرة وقال بمجاملة: "طبعًا يا استاذ عادل."
ـ "عظيم. دلوقتي اسمعني كويس يا بطل."
أشار له بالجلوس على أحد المقعدين أمام المكتب مستكملًا حديثه: "أنا عندي صديقة عزيزة عليا في إسكندرية محتاجة مهندس شاطر زيك يعمل صيانة لأجهزة شركتها. المهندس اللي عندهم عمل حدثة من يومين وهي محتاجة الأجهزة ضروري عشان عليها شغل كتير."
دبّ الذعر في قلب فارس حين سمع الحديث وهمس في نفسه: يومين! يعني لو خرجت من البيت مش هشوف حبيبتي خالص لا ليل ولا نهار مش هشفها غير لما أرجع!
فقرر أن يعتذر لكنه قبل أن ينطق بحرف قال السيد عادل وكأنه قرأ أفكاره: "مفيش اعتذار يا فارس أنا رشحتك وانتهى عشان أنا عارف إنك أكفأ واحد ينجز المهمة دي. الست دي غالية جدًا عليّا ونفسي أعملها أي خدمة. يبقى هتسافر بكرة الصبح على إسكندرية."
كسا الحزن وجه فارس وهمس بقلة حيلة: "أمرك يا استاذ عادل هسافر بكرة. اسمحلي أروح بدري أجهز شنطتي."
أومأ له بالموافقة فاستأذن فارس بأدب وخرج يجر أذيال الخيبة.
❈-❈-❈
أطلق ضحكة مجلجلة عندما قصّت عليه ما حدث بينها وبين ابنتها في الصباح.
فهتف من بين ضحكاته: " شقية انتي يا غادة"
وضعت يديها في خصـ رها وهمست بدلال: " شقية بس يا إيهاب؟"
جذبها من يدها لتقع على سـ اقيه وهمس بمكر: "هبقى كداب لو قلت إنك شقية وبس تعالي قربي شوية عشان أقولك وايه."
اقتربت منه وهي ترفرف بأهدابها حتى همس ببعض الكلمات في أذنها جعلتها تذوب من شدة الخجل ليقهقه مرة أخرى باستمتاع شديد. فهي تدّعي الجرأة لكنها شديدة الحياء.
دفعته في صـ دره وهي تحاول النهوض لكنه لف ذراعيه حولها وجذبها إليه أكثر وهو يتمتم بلهاث من شدة الضحك: "حاضر حاضر ما تزعلوش هسكت وهبطل أضحك. بس انتي لسه بتتكسفي مني يا غادة رغم إن جوزنا بقاله أكتر من عشر سنين! عارفة أنا بعشق الصفة دي فيكي بتخليكي أجمل في نظري."
طوقت عنقه بكلتا يديها وهمست بدلال: "وإيه كمان يا استاذ إيهاب؟"
أجابها بنبرة تقطر عشقًا: "بعشق كل حاجة فيكي عيوبك قبل مميزاتك وبحمد ربنا في كل دقيقة إنه خلاكي من نصيبي."
يا إلهي… كيف ترد على تلك الكلمات التي يغدقها بها ذلك الرجل؟ هي أيضًا تعشقه بجنون لكنها لا تستطيع أن تُفصح مثلما يفعل هو.
إنه رجلٌ بكل ما تحمله الكلمة من معنى. يعاملها كطفلة أحيانًا يساعدها في تحقيق طموحها ويعامل ابنتها معاملة أفضل من ابنه الذي من صلبه ويوفر لهما كل ما تحتاجانه.
كيف لرجل أن يكون كاملًا كإيهاب؟
لم تجد ردًا سوى أن تبادر هي بتقـ بيل شفـ تيه بعشق ولهفة وكأنها تعبر عن مدى حبها واحتياجها إليه.
أما هو فلم يتردد في تلبية ندائها وبادلها القبـ لة بجموح شديد.
❈-❈-❈
بعد الظهر عاد فارس إلى منزله باكرًا على غير العادة فعندما أبصرته زيزي من شرفة منزلها ركضت باتجاه المرآة وعدّلت من هندامها وكذلك شعرها ثم دلفت إلى الخارج.
وعلى الناحية الأخرى أخرج فارس مفتاح منزله من جيبه وقبل أن يضعه في الباب أجفل على صوتها الرفيع وهي تهتف بصوت مرتفع: "فارس! إنت هنا؟"
زفر واستدار إليها هاتفًا بنفاذ صبر: "لأ أنا مش هنا!"
أطلقت ضحكة مدوية وهي تدنو منه حتى وقفت أمامه ولم يفصل بينهما سوى بضع إنشات إذ همست بصوت منخفض: "ليه بتبعد عني يا فارس؟ هو أنا وحشة ولا إيه؟"
هزّ رأسه بعدم تصديق فتلك الفتاة جريئة جدًا. صمت قليلًا يفكر ثم استطرد حديثه: "اسمعيني كويس يا زيزي أنا شايفك زي أختي الصغيرة وأنا بحب بنت تانية لأ بحبها جدًا."
لم تستوعب حديثه فصـ رخت بعدم تصديق: "إنت كداب! كداب يا فارس ما تقولش كده!"
واستمرت في الصـ راخ بصوت مرتفع حتى تجمهر الجيران من حولهم.
اقتربت منه عندما أبصرت قدوم الجيران وهمست بصوت خافت لا يسمعه إلا هو: "هتشوف أنا هعمل فيك إيه."
ابتعدت عنه قليلًا ثم صاحت بصوت سمعه الجميع: "بتقول إيه؟ عايز تسيبني بعد ما خدت أعزّ ما عندي؟"
اتسعت أعين الجميع في دهشة مما استمعوا إليه فجميعهم يعرفون أخلاق فارس جيدًا لكنهم رغم ذلك صدقوا تلك الفتاة فأي فتاة تكذب في موقف كهذا إلا لو كانت مجنونة؟
فهتفت إحدى النسوة: "إزاي تعمل كده يا فارس؟ كنا فاكرينك شاب محترم بس شكلك طلعت غير كده!"
وغمغمت الأخرى وهي تلوي شفـ تيها بحنق: "استغفر الله العظيم.. ده انت طلعت داهية! قدرت تضحك علينا وتلبس وش الشرف والأخلاق وإنت..."
فقاطعهم فارس صـ ارخًا: "اسمعوني كويس أنا ما عملتش..."
لكن زيزي قاطعته هي الأخرى صـ ارخة: "لا لا لا ما تهتمش بكلامهم يا حبيبي إحنا بنحب بعض هو الحب بقى عيب ولا إيه؟ وبعدين إنت هتصلح غلطتك وهتتجوزني."
كاد أن يجنّ وهو يستمع إلى كل تلك الأكاذيب فلم يجد ردًا إلا أن فتح بابه وأغلقه في وجه الجميع وهو يشعر بالغضب منهن ومن ذلك المدير الذي سيكون السبب في إبعاده عن حبيبته لبضع أيام.
بينما في الخارج رمقتهن زيزي باشمئزاز هاتفة بجدية: "كنت بهزر يلا كل واحدة تروح بيتها."
ألقت كلماتها ثم ولجت إلى بيتها وأغلقت الباب في وجه الجميع كما فعل فارس منذ قليل.
شيعوها بنظرات مشتعلة وكذلك مشمئزة ثم انصرفوا إلى منازلهم.
❈-❈-❈
دخل سيارته الفارهة وهو يدندن بسعادة وبعد أن أغلق الباب وضع سماعة الأذن وبحث عن رقم والده ثم ضغط اتصال.
ثوانٍ وأتاه الرد على الطرف الآخر: "ها قولّي شفتها؟"
ـ "آه يا بابا بس إنت كنت غلطان لما قولت إنها حلوة دي مش بس حلوة دي جميلة جدًا! أظن إنها واخدة الجمال ده من أمها."
صمتا يستمع لتنهيدة والده الحارة ثم ابتسم الابن بمكر وقال: "واضح إنها عجبتك أوي يا بابا بس براحة متنساش ان الست دي متجوزة."
انطلقت ضحكات والده على الطرف الآخر هاتفًا بروية: "عارف إنها متجوزة ومن راجل مهم كمان بس أنا هكسبها أنا ما تعجبنيش واحدة وأسيبها ودي مش أي واحدة دي اتحدتني وكمان هي أجمل واحدة شافتها عيني."
صمت يستمع ضحكات ولده على الطرف الآخر ثم أغلق المكالمة في وجهه عندما لم يتوقف عن الضحك هامسًا بحرارة: "غادة. فعلًا اسم على مسمّى."
❈-❈-❈
تمام الخامسة مساء وصلت لمار إلى منزلها فأبصرت والدتها تستعد للذهاب إلى القناة.
دنت منها قبّـ لت جبينها وهمست باحترام: "بتمنالك التوفيق والنجاح دايمًا يا ماما."
منحتها والدتها ابتسامة صافية وقبّـ لت وجنتها ثم عانـ قتها بقوة وهمست بحنو: "اتغدي كويس واسمعي الحلقة مفهوم؟"
أومأت لها لمار بابتسامة فقـ بلتها والدتها مرة أخرى ثم انصرفت للخارج.
تابعتها لمار بعينيها حتى خرجت وأغلقت الباب من خلفها ثم نادت على الخادمة لتعد لها وجبة الغداء وبعدها تستعد لسماع برنامج والدتها ثم تخلد للنوم باكرًا علّها ترى حبيبها في المنام.
❈-❈-❈
أما في منزل يارا فقد تناولوا غداءهم في صمت بسبب الشجار الذي دار في الصباح بينهم.
تنحنح حازم بخشونة قائلًا: "آسف على اللي حصل مني الصبح."
لم يجد ردًا فاستمر بصوت أعلى: "قولت آسف سامحوني. صدقوني أنا خايف عليكم إنتوا مسئولين مني أرجوكم افهموا موقفي."
أيضًا لم يجد ردًا فهبّ واقفًا عازمًا على الدخول إلى غرفته وقبل أن يستدير استمع إلى صوت يارا المرتفع: "يلا اقعد وكمل أكلك دي مش أكلتك."
ابتسم لها بود ثم ذهب باتجاهها قبّـ ل مقدمة رأسها وغمغم باعتذار: "صدقيني أنا بحبك جدًا آسف لو ضايقتك من غير قصد."
زفرت بقلة حيلة ثم أومأت له موافقة. فتنهد بارتياح وعاد يتناول طعامه بنهم شديد.
ثوانٍ وتحولت مائدة الغداء إلى جلسة صخب بسبب مزاح يارا وحازم ووالدتهم التي انضمت إليهم.
❈-❈-❈
ولجت إلى القناة بكبرياء يليق بها تسير كأن الأرض فُرشت لها احترامًا.
استقبلها مراد بابتسامة ودودة ومدّ يده يُمسك بكفّها برقة وطبع عليه قبـ لة عميقة دافئة.
ابتسمت له بخفة فهتف بإعجاب صادق: "إنتي طالعة قمر النهاردة."
– "النهاردة بس يا مراد؟"
ردّ عليها بشغف: "لأ طبعًا ده كل يوم بتبقي أحلى من اللي قبله."
ضحكت ضحكة ناعمة تشبه همس النسيم ثم تساءلت بنبرة جادة: "كل حاجة جاهزة؟"
أومأ برأسه مؤكدًا فما كان منها إلا أن قالت بسرعة: "يبقى سيبني أروح أستعد."
نظرت إلى ساعتها الذهبية التي كانت تزين معصمها الأيسر وأردفت: "قدامي نص ساعة وأكون جاهزة."
وبالفعل جلست على الكرسي المخصص لها داخل الاستوديو تتابع الاستعدادات من حولها. انطلق صوت مراد عبر السماعة: "تلاتة... اتنين... واحد..."
فبدأت حلقتها بتحية المساء ثم نظرت مباشرة للكاميرا وقد عقدت العزم على توجيه رسالة حاسمة لأعدائها وهتفت بتحدٍ لافت: "قل ما شئت في مسبتي فسكوتي عن اللئيم جوابي
لست عديما الجواب ولكن ما من أسد يجيب الكلاب.
ثم عادت تكمل حديثها بنبرة أكثر دفئًا: "أنا مش هعرض مشكلة النهاردة الحلقة ليكم إنتو بس
قولولي عايزين إيه وأنا هتكلم معاكم."
❈-❈-❈
في منزل يارا كانت تتابع البرنامج مع والدتها وقد بدت ملامح التركيز واضحة على وجهها. وما إن غيّر حازم القناة حتى صـ رخت يارا بانفعال: "لييييه عملت كده يا حازم؟ ما شيفنا أنا وماما بنتفرج؟"
أجابها ببرود ونبرة ضيق: "أنا ما بحبش الست المتصابية دي."
وقفت يارا في حدة وانتزعت جهاز التحكم من يده ثم أعادت القناة فورًا.
في الاستوديو أشارت ملك بيدها وهتفت بعصبية: "لو سمحتوا ما تقطعوش الاتصال!"
ثم قالت الفتاة بسخرية: "وكل القضايا اللي بتعرضيها في برنامجك كدب ومن خيال عقلك المريض!"
وقبل أن ترد ملك أغلقت الفتاة الاتصال. اكتفت ملك بابتسامة واسعة وهمست ببرود: "شكرًا جدًا على اتصالك."
استمرت الاتصالات تنهال واحدة تلو الأخرى حتى انتهت الحلقة بنجاح.
❈-❈-❈
أغلق التلفاز بعصبية واضحة وراح يتمتم بسخط وهو يشيح بوجهه عن الشاشة: "بجد بنت قليلة الأدب... بعد كل اللي الست دي بتعمله عشان تساعد الناس تهينها بالشكل ده دول فعلًا أعداء النجاح."
ارتسمت على وجهه ابتسامة واسعة كأنما وجد في داخله شيئًا يبعث على الطمأنينة ثم اتجه صوب مكتبته يبحث بين رفوفها عن كتاب يسرق به نفسه من ضجيج العالم.
وقبل أن يمد يده نحو أحد الكتب وقعت عيناه عليها... كانت واقفة وسط الردهة ذراعاها معقودتان أمام صـ درها تنظر إليه بعينين تلتمعان بالعتاب.
تقدم بخطى بطيئة حتى وقف أمامها وصوته يغمره الحنو: "مالك باصة لي كده يا حبيبتي؟"
رفعت حاجبيها بدهشة حزينة وسألته بصوت منكسر: "بتسألني يا فارس؟"
خفض رأسه وشعر بثقل الذنب يهوي على صـ دره كان يدرك تمامًا أنها على حق فقد أساء إليها اليوم بطريقة لا تغتفر.
رفع عينيه إليها يتوسلها بعينيه قبل كلماته. تأملت ملامحه المنكسرة ثم تنهدت بحرارة وتفتحت شفـ تاها عن ابتسامة دافئة وهمسة شفافة: "أنا سامحتك بس اوعدني ما تكرّرش اللي حصل تاني يا فارس."
اقترب منها ورفع يده في تردد ليضعها فوق كتفها لكنّه تراجع فجأة كأن نارًا لسعته. تذكّر جيدًا تلك اللحظة التي ابتعدت فيها عنه عندما حاول لمسها وتذكّر كلمات الساحر حين قال: "اللمس يفقد جمال اللحظة."
فعاد إلى مكانه واقفًا على بُعدٍ يحفظ بينهما المسافة ومسافة أخرى داخل قلبه ما زالت تحاول الاقتراب.
شحب وجهها وانكمشت ملامحها في حزن وهي تسمعه يقول ببساطة مؤلمة إنه سيغادر في مهمة عمل ولن تراه حتى يعود.
صـ رخت فجأة بصوت امتزج فيه الخوف بالغضب: "إيه! هتسيبني وتمشي يا فارس؟!"
رد بصوت يخنقه الشوق ونظرة فيها وعد غير منطوق: "غصب عني يا حبيبتي صدقيني لو الموضوع بإيدي كنت فضلت هنا جنبك طول عمري بس متقلقيش دي غيبة مؤقتة."
"لكنها لم تكن تعلم أن تلك الغيبة المؤقتة ستفتح بابًا لغيابٍ أطول وأسرار لم تُكشف بعد."
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية