رواية جديدة غصات الحب والقدر لعلا السعدني - الفصل 14 - الأربعاء 11/6/2025
قراءة روايةغصات الحب والقدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية غصات الحب والقدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة علا السعدني
الفصل الرابع عشر
تم النشر الأربعاء
11/6/2025
بعد مرور عدة أيام ..
أنهت (رؤى) عملها في العيادة نهضت عن مقعدها ،أخذت حقيبتها قبل أن تتجه إلى غرفة الفحص الخاصة بـ (حازم) حيث لمحته من الباب وهو يجمع أغراضه عن مكتبه استعدادًا للرحيل ..
وقف هناك يتحرك ببطء عندما لاحظ وجودها استدار نحوها بابتسامة خفيفة على شفتيه وقال بنبرة ساخرة
- إيه؟ غيرتي رأيك وعاوزاني أوصلك؟
لم تقل شيئًا فقط ابتسمت ابتسامة هادئة وهزّت رأسها بالنفي اقتربت من المكتب ثم أخرجت من حقيبتها ظرفًا أبيض ووضعته أمامه بصمت على المكتب ،مما جعله ينظر إليها بعدم فهم
- إيه ده؟
سألها وهو يحدّق في الظرف بإندهاش ، واجهته بعينيها غير مترددة خاليتين ،وقالت بهدوء
- ده إيجار الشقة اللي أنا وأختي قاعدين فيها
نظر إليها وهو لا يصدق ،لم يتحدث للحظات فقط راقبها بنظرات متجمدة قبل أن يقول بصوت خفيض لكنه واضح
- هو أنا قلتلك إن الشقة دي إيجار؟ أو إني محتاج الإيجار أصلًا؟
هزّت كتفيها بلا مبالاة مصطنعة حاولت إخفاء اضطرابها وقالت ببرود
- طبيعي تاخد حق إيجار الشقة زي ما أنا باخد منك مرتب على شغلي وبعدين لما وافقت أسيب شقتي وأجيلك في الشقة دي كنت بفكر فيها كمجرد مكان جديد بأجره وفي نفس الوقت هكون في أمان أكتر
صمت (حازم) لمدة أطول هذه المرة ،بعدها نظر إليها وهو يشعر بضيق ،أخذ نفسًا عميقًا ثم قال بنبرة هادئة لكنها تحمل شيئًا حادًا
- بصي يا (رؤى) لما جبتك عندي كان عشان حسيت إن في خطر عليكِ من ولاد جوزك واحد متحرش والتاني كان عاوز يقتل ابنك مفكرتش إني هستثمر الشقة في إيجارها ولا إنها هترفع من مستوايا الاجتماعي زي ما إنتِ فاكرة
حملت كلماته سخرية ،جعلتها تشعر بالضيق ،فتقدمت نحوه قليلًا وقالت بحدة
- أنت بتتريق عليا؟
رفع حاجبيه ونظر إليها ببرود ثم قال بصوت منخفض لكنه قاطع
- شيلي الفلوس دي من قدامي أحسن لك أنا مش ناقص الهبل ده خالص
ثم استدار ليغادر وسط دهشتها لكنه قبل أن يبتعد تمامًا ،التفت إليها فجأة وقال بنبرة أكثر جدية
- صحيح (تميم) عاوز يقابل والدك ممكن يكون عارف حد من الشهود اللي كانوا موجودين وقت كتب الكتاب ده ممكن يساعدنا في القضية
اتسعت عيناها تجمدت للحظة ثم قالت بصوت مختنق وهي تهز رأسها بقوة
- لا! أنا مش عاوزة أشوف بابا مش عارفة ممكن يضربني ولا يعمل فيا إيه أنا وأختي .. مش عاوزة نرجع له تانى
لاحظ كيف اهتزت نبرة صوتها ،كيف ارتعشت يدها قليلًا ،كيف تسللت نبرة الخوف إلى صوتها بطريقة لم تستطع حتى إخفاءها شعر بانقباض في صدره ،فقال بصوت أكثر هدوءًا
- متخافيش أنا هبقى معاكي أنا و (تميم) محدش هيقدر يجبرك على حاجة انتي مش عاوزاها ولا حتى يقرب منك
رأى كيف اغروقت عيناها بالدموع ، شعر برغبة في تهدئتها لكنه لم يعرف كيف ،مسحت دموعها سريعًا وقالت بصوت مبحوح
- طيب
ثم نظرت إلى الظرف مرة أخرى واخذته من اعلى المكتب ثم دفعته نحوه بإصرار قائلة
- وأرجوك خد الفلوس دي متحسسنيش إنك مسئول عني من كل ناحية أنا مش شحاتة عشان أقبل عطفك وإحسانك
تأملها للحظة ثم زفر ببطء وقال
- أنا عمري ما اتعاملت معاكي على الأساس ده يا (رؤى) فارجوكي افهمي إنك بقى ليكي مكان وسطنا ماما بتعتبرك زي (تقى) بالضبط و(تقى) بتحبك فعلًا وبتعتبرك أختها لو انتي شايفة إن الأهل بيتعاملوا مع بعض بالفلوس أنا هاخد الفلوس دي
رفعت نظرها إليه بدهشة لم تكن تتوقع رده بهذه الطريقة فقالت بتردد
- في أهالي كتير مش بيهمهم غير الفلوس
ابتسم بخفة وهو يجيبها بهدوء
- إحنا مش منهم
ثم مال للأمام قليلًا وقال بنبرة مازحة
- وبعدين أقولك على حاجة؟ أنا أصلاً طمعان فيكى مستني تاخدي حقك من (ممتاز) ساعتها هاخد المبلغ اللى يعجبنى على بعضه
لم تستطع منع نفسها من الضحك وسط دموعها ،نظرت إليه بعينين يملئها الأمتنان ،لوّح بيده وهو يقول
- يلا روحى بقى
❈-❈-❈
فى عصر اليوم التالى ..
كانت قد انتهت من عملها وبعد العمل ،قابلت صديقتها وقصت عليها كل شئ حدث بينها وبين (ممتاز) فى المقابلة الأخيرة لهم كما انها اخبرتها انها لم تعد تفهمه ولا تفهم ماذا يقصد ،فشعرت (فاطمة) بسعادة من اجل صديقتها واخبرتها لابد وانه يشعر بالحب نحوك ويهتم لأمرك ،لم تكن تصدق ان ذلك المتعجرف يشعر بالحب نحوها هى لا تصدق من الأصل ان قلبه ينبض مثلما تنبض جميع القلوب ولا تريد أن تعطى لقلبها امل كاذبا فى حبه حتى لا يتعلق به قلبها أكثر وأكثر ..
كانت تسير منذ ان ترجلت من الحافلة للشارع المؤدى إلى منزلها وعقلها مشتت بكل تلك الأفكار ،حتى وجدت نفسها أمام منزلها فدلفت للداخل دون ان تنتبه انها اصطدمت بصدر أحدهم بقوة ففركت جبينها بضيق ،وهمت لتصرخ فى وجه ذلك الشخص الذى قابل صدمتها به ببسمة وهو يقول
- فى حد يدخل بيته وهو نايم على نفسه كده ؟!
نظرت لأعلى فقد استمعت لذلك الصوت من قبل ،ومن غريب اصلا ليدلف داخل منزلهم فى ذلك الوقت ،اندهشت حين رأت معالم وجهه ثم قالت بهدوء
- انت ايه جابك هنا ؟!
ارتفع احدى حاجبيه بدهشة وهو لا يصدق سؤالها ذاك ،وتلك الوقاحة التى تتحدث بها فهز رأسه بآسى وهو يقول
- جاى اشوف (حازم) .. هكلمه فى موضوع مهم بس نسيت ورق فى العربية فكنت راجع وطالع تانى .. عموما انا مشوفتكيش الفترة الأخيرة ومعرفتش اعزيكى البقاء لله يا (تقى)
هزت رأسها بتفهم ولكن تلك الكلمة اعادتها لدوامة أحزانها ،لكنها لم تعلق فهى كل ما تعلمه عن (حمدى) انه صديق شقيقها المقرب لذا افسحت له المجال كى يعبر طريقه فتوجه نحو سيارته عندما وجدها لا تهتم للحديث معه ،وهى معها حق فهم ليس مقربان إلى بعضهم لبعض هى مجرد شقيقة صديقه لذا توجه نحو سيارته لتدلف هى نحو الداخل صاعدة للشقة الخاصة بها ..
بينما اخذ هو بعض الأوراق من سيارته وتوجه نحو الداخل مرة آخرى ،فلابد وأن (حازم) بالداخل الآن فلقد اتفقا ان يتقابلا فى الخامسة فوق سطح منزله كما جرت العادة بينه وبين (حسن) قديما ..
صعد للطابق الأخير وجد (حازم) بالداخل فاقترب منه وحياه ،ثم جلسا سويا بعدها ،شعر (حمدى) بتوتر كبير لما هو مقبل على قوله فحثه (حازم) على الحديث ليقول (حمدى) بلهجة ملئها التوتر
- قبل .. وفاة (حسن) كان فى قضية شغال عليها .. القضية دى كبيرة واتسببت فى فصله من الشغل و ..
لم يستطع إكمال حديثه ،فتذكر (حازم) بالفعل ان (حسن) حدثه بالفعل عن تلك القضية قبل وفاته ،ثم اضيقت عينان (حازم) وهو يحاول ان يستعب ماهو قادم من حديث صديق شقيقه هل ما يفكر به حقيقة ،هل يمكن ان يكون حدث ذلك بالفعل لذا قال بفضول
- تقصد بكلامك ان موت (حسن) ليه علاقة ب ..
لم يستطع تكملة الحديث فقد كان عقله مشتت للغاية ولا يتسعب ماهو قادم ،فازدرد (حمدى) ريقه ثم قال
- انا فى الأول من الصدمة اللى خدتها فى موته قلت ممكن تبقى حادثة عادية حصلت بس قلبى مكنش مطمن خالص خصوصا ان (حسن) مكنش بيخبى عليا حاجة وياما حذرته يبعد عن القضية دى مادام اتفصل من الشغل بسبب القضية دى يبقى اللى واقف قصاده مش شخص عادى وعنده نفوذ
صمت لبرهة ونزلت من عينيه دمعة خانته ،فهو حتى تلك اللحظة لا يتخيل انه فقد صديق عمره حقا ثم تابع حديثه قائلا
- اللى شككنى ان (حسن) كلم صحفى قبل وفاته يعمل تشهير بأن فى شركة بتاعت ادوية فاسدة فى السوق والصحفى عمل تحقيقات مع اهالى ناس ماتوا بسبب الأدوية دى .. بس بعد موت (حسن) لاقيت الصحفى والجريدة منزلين اعتذار انهم متحروش كويس من مصدر المعلومات والمعلومات غلط ساعتها قررت انى اعمل فحص جنائى للعربية بتاعت (حسن) خصوصا ان اغراض (حسن) كلها كانت معايا عشان انا اللى استلمت اغراضه من المستشفى وطبعا لا انت ولا اهلك كان فيكوا عقل اصلا تسأله عن تليفون او مفتاح عربيته انا بصراحة استغليت ان كل حاجة كانت معايا
ابتلع ريقه بينما كان (حازم) يستمع بإنصات شديد ليردف (حمدى) قائلا
- نتيجة الفحص قالت ان كان فى تسريب بسيط فى انابيب الفرامل وده ممكن يرجع للتآكل او اهمال الصيانة .. بس .. بس انا شايف ان الحادثة مدبرة خصوصا انى شفت اخر مكالمات كانت ل (حسن) فى تليفونه كانت انا و مراته و .. والدكتور اللى قاله على شركة الأدوية الفاسدة دى
صمت لبرهة وكأنه يتذكر ما حدث ،ثم تابع حديثه قائلا
- طبعا مسبتوش روحتله وقولتله ان انت كلمت (حسن) يوم الحادثة ولكن انكر ولما واجهته بتليفون (حسن) كان بيكلم بثقة اوووى وعارف انى بدردش معاه دردشة ودية وقالى مش هتكلم الا لو فى استجواب رسمى من النيابة واعتقد ان مش ممنوع انى اكلم حد قبل ما يموت ولا انه دليل على اى حاجة ضدى وكأنه عارف ومتأكد ان القضية مقفولة ومفهاش كلام .. بس اللى متأكد منه انى مش هسيب تار (حسن) ابدا انا متأكد ان الحادثة مدبرة حتى لو فى الف دليل بيقول انها حادثة عادية
صمت (حازم) لبرهة ،وهو يحاول ان يستوعب كل تلك الصدمات التى فاجاءته ،وهو لم يكن على علم بها ولكن خرج عن صمته وهو يقول
- محتاج ايه منى عشان اساعدك ؟!
زفر (حمدى) بضيق والم شديد يعبر عن الامه الداخلية
- عاوز اللاب توب بتاع (حسن) كان بيجمع كل المعلومات عليه تقريبا عاوز افتحه واتابع كل حاجة بنفسى وهجيب حقه حتى لو كلفنى الموضوع روحى
نظر إليه بإمتنان شديد ،وهز رأسه موافقا إياه وهو يقول
- هنزل اجبلك اللاب بتاعه من شقته .. وانا معاك فى اى خطوة وانت لازم تعرفنى بأى جديد
وافقه (حمدى) تماما على حديثه ثم هبط (حازم) ليحضر له الحاسوب الخاص ب (حسن) ..
❈-❈-❈
في المساء ..
كانت (رغد) ممددة على فراشها وجهها شاحب ،وعيناها مرهقتان من قلة النوم ،تحيطهما هالات سوداء بكمّ الألم الذي تسلل إلى روحها منذ رحيل زوجها الحبيب ،لم تعد تأكل ولا تشرب ، تنتظر أن يعود ليوقظها من هذا الكابوس لكن بالنهاية كان مصيرها الإنهيار وسقطت بلا وعي ،أمسكت والدتها الهاتف بيد مرتعشة كى تطلب العون من (حازم) كى يعرف ماذا اصاب ابنتها ..
لم يتأخر (حازم) لحظة واحدة هرع إلى منزلها ،وهو يشعر بقلق ، لم يتوقع أن يصل بها الأمر إلى هذه الحالة حين وصل كانت مستلقية على الفراش شاحبة أكثر مما تخيل ، جلس بجوارها وضع يده برفق على معصمها ،فشعر ببرودته المخيفة جلب معداته الطبية بسرعة فحصها ،ثم زفر بضيق قائلاً لوالدتها
- لازم محاليل فورًا الأنيميا عندها في حالة سيئة جدًا
وبعد برهة بعد ان تلقّت المحاليل ،بدأ لونها يستعيد شيئًا من شحوبها لكنه كان يعلم أن المشكلة ليست فقط في جسدها بل في روحها التي أنهكها الحزن ،جلس على المقعد المقابل للفراش أسند مرفقيه على ركبتيه ، ثم قال بصوت هادئ
- (رغد) انتي حقيقي .. انتي واللي في بطنك مهمين عندي جدًا .. مش بس عشانك لكن كمان لأنكم آخر حاجة فضلتلي من ريحة (حسن) مش مستعد نفسيًا أبدًا إني أخسر الطفل اللي في بطنك .. لأي سبب بجد
توقّف قليلًا عن الحديث وكأنه يرتب كلماته ،ثم تابع بنبرة هادئة
- عارف إن اللي حصل مش سهل عليكي أبدًا .. بس حابب أقولك إن شقتك وشقة ابنك أو بنتك في بيتنا محفوظة ليكي .. في أي وقت تحبي تيجي هتلاقي بيتك موجود .. لأنه بيتك في النهاية عاوزك تهتمي بنفسك وبصحتك .. أرجوكي عشان نفسك أولًا وعشان اللي في بطنك
كانت تستمع إليه لكن عقلها لا يزال عالقًا في ذكرياتها مع زوجها في صوته حين كان يناديها في يده التي كانت تمسح دموعها أما الآن فمن سيمسح دموعها؟ شعرت بدموعها تتساقط بصمت ، ثم همست بصوت متهدج
- مش قادرة أصدق خالص .. إنه مش هشوفه تاني .. ده كان كل حاجة في حياتي (حازم)
شعر (حازم) بوخزة في قلبه ،فالحزن الذي يسكنها تسلل إليه هو الآخر لكنه أخفى ألمه وقرر أن يهون عليها حزنها، فقال بثقة هادئة
- أنا مش هسيبك هجيلك باستمرار وهتابع حالتك بنفسي .. عارف إن عمري ما هعوض عن غياب (حسن) بس اعتبريني أخ ليكي .. تقدري تعتمدي عليه في أي وقت
أومأت برأسها بصمت محاولة أن تمسح دموعها سريعًا ،ثم همست بصوت ضعيف لكنه صادق
- شكرًا قوي يا (حازم) .. عارف يمكن مكنش في بينا علاقة قوية بس دايمًا كنت بغير منك على (حسن) .. لأنه كان بيحبك جدًا ومستعد يعمل أي حاجة عشانك
تأثّر بكلماتها أكثر مما توقع فهى لن تعلم ولن تشعر بمكانة (حسن) لديه ،لكنه قرر أن يخفف عنها قليلًا فارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه وقال بمزاح خفيف
- بتغيري مني عليه؟ ده حتى مش كويس في حقنا خالص!
ضحكت للمرة الأولى منذ أيام ضحكة صغيرة ،حينها هو شعر بالراحة والاطمئنان عليها ولو قليلا ..
نهض من مكانه نظر إليها نظرة أخيرة مليئة ، ثم قال بصوت دافئ
-خلي بالك من نفسك
❈-❈-❈
مرت الأيام سريعا ..
وقف ينتظرها أسفل البناية أمام السيارة الخاصة به وهو ينظر للساعة تارة وللمدخل تارة آخرى ،وجدها تتقدم نحوه بخطوات بطيئة للغاية وكأنها لا تريد الذهاب إلى حيث والداها ابدا ،شعر بالحزن عليها و على حالتها حاول أن يطمئنها بالنظر داخل عينيها لكنها لم تفهم ،فالرعب الذى تشعر به أكثر بكثير وكأنها ستقابل عدو لها وليس والداها وبالطبع هو عدو ومن غيره سيكون ،فهو من القى بها داخل عاصفة عاتية وهى كانت لاتزال مجرد برعم لزهرة لم يكتمل نموها ،فاستنفذت قواها تلك العاصفة ..
تقدم نحو الباب الآخر للسيارة وقام بفتح الباب لها كى تستقل السيارة ،فاستقلتها دون أن تنبث ببنت شفاة وعاد هو ليستقل مكانه بالسيارة ،بدء القيادة ولكن لاحظ ارتجاف يديها لم يكن يعلم كيف عليه ان يمد لها يد العون لكنه قال بهدوء
- أنا عارف انك تروحى لوالداك مكان مش حابة تروحيه او ترجعيله بس صدقينى انا عمرى ما هعمل شئ يضرك
توقفت الكلمات فى حلقها ولا تدرى ماذا عليها ان تجيب او تقول ،ولكنها هزت رأسها إيجابا دون ان تتحدث ،فبدء هو بقيادة السيارة ليقودها إلى منزلها القديم حتى انه فى طريقه توقف أمام منزل (تميم) كى يذهب معهم ،وبعد فترة من الوقت ليست بالكثيرة ،كانوا اسفل العقار الخاص بوالداها حينها ترجلت (رؤى) على مضض وهى تشاهد ذلك المنزل الذى عاشت فيها فترة طفولتها وجزءا من مراهقتها ،ذلك المنزل الذى شهد على زواجها من زوجها السابق الذى لم تكن تريده قط رغم انها حتى لم تكن تفهم توابعه ولا تفهم مع أى شخصية ستعيش ولكن كانت متأكدة تماما ان زوجها العجوز ذاك لن تعيش معه حياة سعيدة كأبطال رواياتها وقصصها التى كانت تقرأ عنهم ومنذ ذلك الزواج بدأت معاناة لم تنتهى حتى الآن ..
شعر (حازم) وقتها ان عينيها غارقتان فى الدموع من لمعة عينيها ود لو كان يستطيع أن يطمئنها كى ينسيها كل تلك الذكريات الأليمة التى تلوح فى مخيلتها ،ولكن لا يستطيع تقديم شئ لها ،تقدم نحو الداخل لترشدهم (رؤى) حيث مكان بيتها فبدء (حازم) بطرق الباب حينما وصلوا للطابق المنشود ، كان يقف فى مقدمة الباب جاعلا إياها خلف ظهره حتى لا يطولها بطش والداها ،الذى فتح الباب ،وقف عند العتبة يحدّق في الغريبين أمامه بعينين زائغتين محمرّتين كانت بشرته شاحبة يكسوها إرهاق الزمن والإدمان وشعره مبعثر كأنه لم يعرف يد المشط منذ أمد تسللت رائحة نفاذة من ملابسه مزيجٌ بين العرق والسجائر المحشوة التي تلازم المدمنين رمش بعينيه عدة مرات محاولًا استيعاب وجود هذين الرجلين أمامه ،ثم عقد حاجبيه في عبوس غاضب وصوته يخرج متلعثمًا
- إنتوا مين وعاوزين إيه؟
اجابه (حازم) بهدوء شديد
- احنا معانا بنتك (رؤى) وجايين نتكلم بخصوصها معاك
قبل أن ينهي كلماته وقع بصره على شيء جعله يتجمد خلف الرجلين لمح وجهًا يعرفه جيدًا وجهًا كان ينبغي ألا يراه أبدًا بعد الآن .. ابنته.. (رؤى)
لم يكن بحاجة إلى التفكير ،انفجر غاضبا كالبركان والدماء صعدت إلى رأسه دفعة ،ثم صرخ بصوت مبحوح مليء بالغضب وانهال عليها بالسباب والألفاظ الخادشة للحياء التى جعلتها تشعر بالحزن على حالها أنها ابنة ذلك الرجل المدمن ،نظرت لأسفل شاعرة بالخجل من انه يسبها بتلك الطريقة المهينة أمام رجلان غريبان ولكنه لم ينتظر ردًا تحرك جسده بغريزته قبل أن يتحرك عقله باندفاع عنيف مدّ يده نحوها أصابعه المتشنجة تنقضّ عليها كالمخالب محاولًا الإمساك بذراعها وسحبها بعنف للداخل لكن قبل أن يصل إليها ،اصطدمت يده بصدر (حازم) الذي وقف حاجزًا بينهما بثبات وانضم له (تميم) هو الآخر ..
يتبع...