رواية جديدة غصات الحب والقدر لعلا السعدني - الفصل 15 - الأحد 15/6/2025
قراءة روايةغصات الحب والقدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية غصات الحب والقدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة علا السعدني
الفصل الخامس عشر
تم النشر الأحد
15/6/2025
ارتدّ الأب للخلف للحظة من الصدمة ،كان يشعر بالغضب لأنها تحتمى بذلك الرجلين الذى لا يعرف من هم ،وحاول أن يدفع بقوة (حازم) عن طريقه لكن (تميم) كان أسرع منه ،فأمسك بذراعه بقوة قبل أن يصل ل (رؤى) ،صرخ الرجل محاولًا الإفلات
- ابعدوا عني! دي بنتي! أعمل فيها اللي أنا عاوزه!
لكن قبضة (تميم) كانت قوية وضغط على ذراعه بقوة مما جعله يتلوى غاضبًا ،نظراته المليئة بالكراهية اخترقت (رؤى) وكأنه يريد أن يقتلها بعينيه قبل يديه ثم ،صرخ مجددًا كان وجهه محتقن وعروقه بارزة
- إنتي فاكرة نفسك إيه؟ فاكرة إنك لما هربتي خلصتي مني؟! لسه حسابك ما انتهاش فاهمة؟!
وقفت (رؤى) خلف (حازم) جسدها كله يرتجف ، تحاول الأحتماء من براثن والداها لكنها لم تستطع النطق بكلمة كانت تتوقع منه هذا وأكثر ،لكنها تشعر بالخزى كون ذلك الرجل والداها فنظراته وكلماته ،جعلت الذاكرة تعود بها إلى تلك الليالي التي كانت تختبئ فيها من صوته المخمور من قبضته التي كانت تمتد بلا رحمة من رائحة التبغ والشراب التي كانت تملأ المكان كلما اقترب منها ..
بينما (حازم) لم يتحرك من مكانه لكنه قال بصوت بارد وحاسم
- مش هتلمسها
ضحك والدها بسخرية، وقال بصوت مخنوق من الغضب
- وأنت فاكر نفسك مين عشان تمنعني؟
هنا اقترب (تميم) خطوة أخرى شدّ على قبضة الأب أكثر وقال بصوت منخفض لكن تهديده كان واضحًا تمامًا
- لو مديت إيدك عليها تاني .. مش هيحصل كويس وبعدين احنا جايين فى موضوع مهم نتكلم الأول بعدين تبقى تعمل اللى عاوزه
لم يكن والدها أحمق بما يكفي ليتحداهم أكثر ،يعلم جيداً انه أضعف من أن يستمر في الصراخ والتهديد وهى تحتمى برجلان ، كانت عيناه تشتعلان بالغضب ،لكنه قرر أن يفهم أولا لربما ابنته ستتزوج من احدهم وستنتشله من ذلك الفقر الذى اصبح عليه منذ وفاة زوجها السابق ،عليه ان لا يتسرع وأن يكسب ود ابنته لكى ينال نصيباً من الخير افسح لهما الطريق كى يدخلوا بالداخل ،فجلس كلا من (حازم) و (تميم) و (رؤى) التى كانت تشعر بالخوف ان يحتجزها والداها فى ذلك السجن مرة ثانية ولن يستطيع (حازم) او (تميم) تقديم يد العون لها ..
جلس الجميع فى غرفة المعيشة وبدء (حازم) فى سرد له كل شئ حدث لأبنته وحربها مع اولاد زوجها السابق وعليه ان يقوم بمساعدتها كى يحصل حفيده على اسم عائلة ووسط اجتماعى مناسب له ،بدلا من ان يكون بلا نسب فى تلك الدنيا فى البداية لم يهتم (شريف) بكل ما قاله (حازم) حقيقة هو لا يعنيه من الأساس ابنته فهل سيعنيه حفيده البائس ،ضاعت أماله من ان يكون ذلك الرجل سينتشله من الفقر كما فعل زوج ابنته السابق لذا اجابه ببعض الغلظة
- وانا دورى ايه من ده كله؟! عايزين ايه يعنى؟!
طلب (حازم) منه ان يتذكر من كان الشاهد على عقد قران ابنته كى تستطيع اثبات زواجها ونسب طفلها ..
صمت (شريف) لبعض الوقت بينما علم (تميم) بخبرته ان كل كلام صديقه بلا معنى او هدف مع ذلك الرجل ولن يساعدهم فى شئ دون مقابل ،لذا قال له بأسلوبه المحنك وما سيجعله يتجاوب معاهم
- طبعا يا أستاذ (شريف) لو (رؤى) بنتك عرفت تاخد حقها وحق ابنها انت كمان هينوبك من الحب جانب والخير عايد ليك ولبنتك
لمعت عينان (شريف) بفرحة فهذا اصلا ما يريده وهذا هو الحديث الذى يناسب هواه ،وقد اصاب (تميم) مرماه بشكل محترف لذا اجاب (شريف) بهدوء
- على ما افتكر ان الشهود كانوا اصحاب (أشرف) جوزها بس بصراحة مش فاكر اساميهم
شعر جميعهم بالإحباط فقد كانت تلك ستكون ورقة رابحة ان قاموا بمعرفتها ويستطيعوا استغلالها لصالحهم ،بينما شعر (حازم) بالأشمئزاز من ذلك الرجل الذى لم يفكر حتى ان يساعد دون حصوله على مال وعندما حاول ان يساعد كانت مساعدته بدون قيمة هو من الأساس لم يهتم لأمر ابنته ولا بتلك المأساة التى تمر بها تلك المسكينة ،بل أشفق عليها لأنه جعلها تتقابل ثانية مع ذلك الرجل الذى من المفترض ان يكون والداها وهو لا يمت للأبوة بصلة ..
لذا فكر (تميم) قليلاً ثم قال
- طيب انا هحاول اعمل تحرياتى عن اصدقاء (أشرف الصاوى) لو عرضت عليك صور ليهم تقدر تفتكرهم
حك (شريف) ذقنه قليلا ثم قال ببرود متناهى
- هحاول
فى تلك اللحظة نهض كلا من (حازم) و (تميم) ،لتنهض (رؤى) معاهم مسرعة خوفا من ان يبقيها والداها رغما عنها كما أنها لا تريد ان تترك شقيقتها بمفردها ،فقال (شريف) بلهجة ساخرة
- على فين يا حلوة ؟! هو دخول الحمام زى خروجه انتى تجيبى اختك وتيجى تقعدى هنا
لمعت عينيها من الدموع فما كانت تخاف منه اصبح حقيقة الآن ولكن وقف (حازم) أمامه وهو يقول بثقة
- لازم (رؤى) تبقى معانا عشان تتابع القضية اللى تخصها ووجودها معاك مش هيفيدك بحاجة بل ممكن يعرضها للخطر لأن (ممتاز) ابن جوزها ممكن يوصلها هنا بسهولة هى فى آمان عندى
شعر (شريف) بالغضب وأمسك (حازم) من تلابيب قميصه وهو يقول
- انت فاكر نفسك مين وهى تقعد عندك بتاع ايه اصلا
ازال يده من على صدره وهو مشمئز منه لا يعلم حقا ،كيف لتلك البريئة أن تكون ابنة ذلك الوغد ثم قال ببرود
- رغم انى متأكد انه مش فارق معاك اصلا .. بس هى عايشة فى شقة لوحدها ومش عايشة معايا زى مانت بتفكر وانا الدكتور بتاعها والمسئول عنها وعن الطفل اللى فى بطنها ..
صمت (حازم) لبعض الوقت ثم أكمل حديثه الذى يعلم أنه سيؤثر فيه ويجعله يتركها معه
- هى عندك ممكن تخسر الجنين بتاعها ولو خسرته مش هتطولوا ولا جنيه من (ممتاز)
شعر والداها بقليل من الضيق ،ولكنه لم يتحدث اثر الصمت وقتها ،فى حين سار الثلاثة أمامه دون ان ينبت ببنت شفاه ..
بينما كانت (رؤى) تشعر بالخزى والعار لأن ذلك الرجل هو والداها وأنها لم ترد ل (حازم) ان يعلم كم الحقارة التى يمتلكها والداها ،ولكن ما لا تعلمه هو كان يعلم حقارته جيدا ،فمن ذا الذى يوافق على زواج ابنته دون ان يضمن حقوقها من اجل المال ..
❈-❈-❈
خرجت (تقى) من مقر عملها أغلقت أزرار معطفها جيدًا بسبب النسيم الليلي البارد ،ثم شرعت في السير نحو موقف السيارات ،كانت مرهقة شاردة داخل عقلها في يومها الطويل ولم تكن تتوقع أن تُفاجأ بشخص ينتظرها عند المخرج ..
لاحظت سيارة سوداء فاخرة متوقفة بالقرب من الطريق محركها يعمل ،وصاحبها يراقبها بصمت من خلف الزجاج ،عبست بضيق وهي تشعر أن هناك من يترصدها ،فسارت بخطوات أسرع قبل أن تسمع صوت النافذة وهي تنخفض ببطء تبعها صوت رجولي هادئ
- عشر دقايق بس ..مش محتاج منك أكتر من كده اركبي من فضلك
توقفت في مكانها تجمدت للحظة قبل أن تنظر داخل السيارة ،ووجّهت له نظرة مرتابة ثم اتسعت عيناها قليلًا عندما أدركت أن الجالس خلف المقود لم يكن سوى (ممتاز)
- إنت؟! إيه اللي جابك هنا؟!
سألته بحدة نبرتها يشوبها بعض التوجس وكأنها لا تصدق وجوده أمامها فى ذلك الوقت
لم يجيب على الفور فقط راقبها بهدوء ،منتظرا منها أن تستقل السيارة معه ،وعندما لاحظ أنها مترددة زفر ببطء وقال بصوت منخفض
- اركبى بقولك
فركت يدها بتوجس ولكن استقلت السيارة مسرعة ،ثم نظرت له كى تستمع ماذا يريد أن يخبرها ،فكان الصمت حليفه ولكن بعد برهة من التردد اخرج بعض كلماته قائلا
-مش عارف أبدأ منين .. بس أعتقد إن آخر مقابلة بينا وضّحت لكِ اهتمامي بيكِ
ازدردت ريقها شعرت بتوتر يحيط بها لكنها تماسكت وقالت ببرود
- وده معناه إيه؟
أدار وجهه قليلًا نحو النافذة ،تأمل الأضواء المنعكسة على زجاج السيارة ثم استعاد تركيزه عليها وقال بنبرة خالية من التردد
- أنا مش بحب الكلام الكتير .. ولا أنا الشخصية اللي تتحايل وتترجى حد عشان يكون معاها .. ومع ذلك بطلب منك إنك متبعديش عني
ارتسمت الصدمة على ملامحها ،لم تكن تتوقع أن يعترف بالأمر بهذه الطريقة وكأنه مضطر للأعتراف أو أن أحدهم اجبره او هدده بقول ذلك،لكنها سرعان ما شعرت بالغضب يتصاعد بداخلها فرفعت حاجبيها وقالت بسخرية
- وإنت ليه كنت عاوز تبعد أصلاً؟! آه .. عشان مش مناسبة لمستواك طبعًا؟!
شعرت بالمرارة وهي تنطق تلك الكلمات ،أغلق عينيه للحظة زفر ببطء وكأنه يحاول تهدئة أفكاره ثم فتحهما مجددًا ،وهو يتذكر الصراع الذي نشأ بينه وبين (حازم) بسبب قضية (رؤى) وأن ذلك الأمر سيبقى معضلة عليه حلها فى اسرع وقت ،ولكنه حاول جاهدا الأيام الماضية ان يخرج (تقى) من حيز افكارها لكن لم يستطع فقد تملكت قلبه ..
ثم نظر إليها بعينين تحملان الصدق رغم الصراع الذى بداخله ،وقال بصوت منخفض
- لا يا (تقى) .. الموضوع مش زي ما أنتِ فاهمة خالص ومالوش علاقة بالماديات
ساد الصمت بينهما للحظة ،نظراتها كانت حائرة تحاول أن تفهمه لكنه كان غامضًا كما هو دائمًا ،ثم بصوت بدا كأنه يخرج بصعوبة قال
- أنا بس .. متعودتش يكون ليا نقطة ضعف .. دايمًا بعرف أسيطر على مشاعري بس معاكِ .. لا مش عارف
كلماته اخترقتها جعلتها تشعر برجفة في قلبها ،حاولت ألا تبدي أي ردة فعل ،لكنها لم تستطع منع وجهها من الاحمرار الطفيف ،ابتلعت ريقها ثم تنحنحت قليلًا بعدها قالت بارتباك
- طيب.. إنت عاوز إيه مني؟ مش فاهمة
مدّ يده ببطء وضعها فوق يدها برفق ثم قال بهدوء
- عاوزك جنبي .. مش أكتر مش عاوزك تبعدي عني
شعرت بلمسته والخجل تملكها ،فهى لم تعتاد تلك الأمور مع أى شخص ارتبكت فورًا ،ثم سحبت يدها سريعًا وهتفت بتوتر
- بس .. بس أنا متعودتش أعمل حاجة من ورا أخويا! وبصراحة مش عارفة إنت عاوز إيه بالضبط!
راقب خجلها وابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه ثم قال بصوت أكثر ليونة
- عارف الظروف اللي بتمري بيها من بعد وفاة أخوكي .. وعارف إنه مش وقت مناسب أفتح موضوع جوازى منك دلوقتى .. بس من هنا لحد ما ده يحصل عاوزك جنبي فاهمة؟
تأملت ملامحه نظراته التي لم تكن متعجرفة كما في السابق بل كانت صادقة على نحو غريب ،شعرت وكأنها عالقة بين قلبها وعقلها قلبها الذى يخبر هذا هو من تحبيه قد اعترف أخيراً بحبه وعقلها الذى يخبرها أن تلك العلاقة ليست صحيحة ،لكنها في النهاية هزّت رأسها بالإيجاب ببطء
- ماشي .. ممكن أنزل بقى عشان متأخرش؟
رفع حاجبه قليلًا ثم قال بحزم
- أنا هوصلك
اتسعت عيناها بدهشة وهزّت رأسها بلا فورًا لكن رده أتى قاطعًا
- من النهاردة أنتِ مسؤوليتي
أدار محرك السيارة وبدأ القيادة ،بينما كانت هى جالسة بجواره تشعر بتوتر لا تدري سببه بعد لحظات سألته بتوجس
- إنت حتى عارف عنوان بيتي؟
رمقها بنظرة جانبية ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة جذابة وقال بثقة
- أنا ممكن أقولك كلتوا إيه امبارح
اتسعت عيناها بدهشة ،ثم زفرت بيأس وأدارت وجهها ناحية النافذة مستسلمة لحقيقة واحدة .. فهو ليس رجلاً يُستهان به فهو ملك قلبها بعجرفته تلك ولم يستطيع احد سواه ان يشغل عقلها وقلبها كما فعل ..
❈-❈-❈
مرت الأيام و(تميم) يبحث عن شهود زواج (أشرف الصاوي) و (رؤى) ولم يكن ذلك أمرًا سهلًا لكنه لم يستسلم قادته التحريات إلى مجموعة من أصدقاء (أشرف) القدامى ،جمع صورًا لهم، فكل خطوة قد تكون الفارق بين إثبات حق (رؤى) أو ضياعه للأبد ..
وبعد أن جمع مجموعة من صور اصدقاء (أشرف) وذهب إلى والد (رؤى) مرة آخرى وتلك المرة كان بمفرده ،حمل الصور بين يديه ووضعها أمام والد (رؤى) واحدة تلو الأخرى يحاول أن يجعله يتذكر ملامح شخص ما قد شهد على تلك الزيجة .. أي شيء قد يساعدهم ..
تأمل الصور جيدًا مرر صورة تلو الأخرى حتى عينيه توقفتا عند وجه واحد فقط رفع الصورة نظر إليها طويلًا ،ثم أخبره ان ذلك الرجل كان دوما برفقة (أشرف) ،وكانا يراهم معا دائما كما أنه يتذكر انه وقع على عقد القران ..
حينها شعر (تميم) بسعادة كبيرة ،وسأله ان كان يتذكر أى شئ عن الشاهد الآخر لكنه هز رأسه نافيا وأجابه انه لا يتذكر سوى ذلك الرجل ولا يتذكر الشاهد التانى ابدا ..
لم يكن هذا ما يريده (تميم) بالضبط، لكن ما وصل إليه خطوة ممتازة ..
تابع بحثه عن الشاهد الوحيد الذي تم التعرف عليه ولكن ظهرت أمامه عقبة اخرى الشاهد لم يكن في مصر ..
عندما علم (تميم) بأن الشاهد خارج البلاد شعر بالضيق والعجز ،كيف يمكنهم إثبات الزواج دون شهادة واضحة؟ ،اضطر لإجراء تحريات موسعة حتى علم أن الشاهد سيعود نهاية الشهر لم يكن أمامه خيار سوى التقدم بطلب تأجيل الجلسة حتى وصوله ..
في المحكمة قدم (تميم) مذكرة موضحًا أن الشاهد أساسي في القضية وأن التأجيل ضروري لضمان تحقيق العدالة ،لم يكن هذا الأمر سهلًا خاصة مع اعتراض (ممتاز) ومحاميه (عاصم) اللذين لم يضيعا الفرصة في محاولة التشكيك في نوايا (تميم) وأن تلك مماطلة لا فائدة منها ..
عندما علم (ممتاز) بما ينوي (تميم) فعله لم يكن راضيًا عنه على الإطلاق ،شعروا بالغضب عند قبول القاضى لتأجيل القضية لحين عودة الشاهد ولكن هذا الأمر لن يصعب على (ممتاز) او محاميه سيجدون مخرج ..
أما (رؤى) فكلما مر الوقت شعرت بأن لا فائدة مما يحدث وكل ما يفعلوه لم يكن سوا مماطلات قانونية بل كانت تشعر أن كل خطوة للأمام تُعيدها عشر خطوات للخلف ..
كانت في غرفتها تجلس أمام مكتبها عيناها تحدقان في الأوراق المبعثرة أمامها شهادات وثائق صور .. التى بحثت فيهم الاف المرات عن عقد زواجها ،لكنها لم تجد شئ اين ذهب ذلك العقد اللعين لما عليها تحمل كل تلك الألام وحدها هى ليست مذنبة لم ترتكب شئ خاطئ ..
أغمضت عينيها حاولت أن تستجمع قواها لكن الإرهاق النفسي والجسدي كان أقوى منها ،شعرت أن القضية لم تعد تساعدها بل أصبحت عبئًا يثقل كاهلها أكثر ..
كلما اعتقدت أنها اقتربت من الحقيقة وجدت نفسها تبتعد أكثر ..
في تلك اللحظة أدركت شيئًا مرعبًا ..
وماذا لو لم تخرج من هذه الدوامة أبدًا؟
❈-❈-❈
مرَّت الأيام وظلَّ (حمدى) يبحث في صمت يرفض أن يكون واضح وصريح مثل (حسن) الذي سقط في طُرقهم الوعرة عليه أن يجد طريقة وحل للأيقاع بهؤلاء الأوغاد وإلا وقع هو بين أيديهم هو الآخر ..
اتصلت به والدة (حسن) فقد كانت تريده فقط أن يقضي بعض الوقت معها لأنه الوحيد الذي يشعرها بوجود (حسن) بجانبها فهى تعلم كيف كان (حسن) يحب (حمدى) فقالت له
- عاوزة اشوفك يا ابنى لو شوفتك هحس انى شفت (حسن)
قالت بصوتها الخافت الذي حمل بين طياته حزنًا كبيرا ثم أردفت قائلة
- محتاجة أشوفك .. (حسن) كان بيحبك جدًا مستنياك على الغدا
وافَق (حمدى) بلا تردد شعر بأن هذه فرصة لكي يخفف عن قلب والدة صديقه ،فقد أخذ عهداً على نفسه أن يُكمل ما بدأه (حسن) وأن يحقق العدالة التي سلبوها منه ..
بعد عدة ساعات وصل (حمدى) إلى المنزل ،وفتح (حازم) الباب بنفسه بابتسامة على وجهه ورحب به ليدلفوا معا إلى الداخل ،وقام بتحية كانت والدة (حسن) التى كانت تجلس على الأريكة في غرفة المعيشة وعينها التمعت بالدموع تشعر بأنها قد رأت (حسن) ،فهو صديقه منذ الطفولة نشأ وتربا معا حتى أنهم التحقوا بنفس الكلية معًا كان يشبهه في كثير من التفاصيل
- أهلاً يا (حمدى) ... نورت يا ابنى
قالتها بصوت منخفض ثم نظرت إليه بابتسامة وهى تذرف الدموع
جلس (حمدى) معها لبعض الوقت وظل يهون عليها فراق صديق عمره ،رغم انه فى حاجة ماسة أن يقوم احدهم بتهوين غيابه عنه وما يزعجه ويؤرق تفكيره انه يكاد يجزم أن صديق قتل ولم يتوفى وفاة طبيبعة ولكنه سيفعل المستحيل من أجل ان يأخذ ثأر صديقه ولن يتهاون فى ذلك الأمر ..
بعد مدة من الوقت جلسوا جميعا على الطاولة بعد أن قدموا له الطعام ،حينها شعرت والدة (حسن) ببعض الرضا كما لو كان ابنها جالس معهم على الطاولة ..
بعد أن انتهوا من تناول طعام الغداء دخل (حازم) مع (حمدى) إلى غرفة المعيشة ثم جلس بجواره وبادله الابتسامة ثم سأله وهو يشعر ببعض القلق
- عملت إيه مع اللاب توب؟ فادك في حاجة؟
تنهد (حمدى) بعمق وأجاب بصوت هادئ
- اللاب توب كان معمول عليه رقم سري بس خليت حد يفتحه ليا كان عليه حاجات مهمة بس أنا مش عايز أمشى زي ما (حسن) مشي النهاية بتاعتى هتكون محسومة وانا مش عاوز اكون مجرد قتيل تانى في اللعبة دي .. وفى نفس الوقت مش هقدر أعيش لو مارجعتش حق (حسن) من اللى قتلوه
في تلك اللحظة كانت (تقى) تحمل صينية الشاي أمام الغرفة وهمت لتطرق باب الغرفة ولكن عندما سمعت حديث (حمدى) عن شقيقها ،توقفت فجأة عن الحركة ممسكة بالصينية بأحدى يديها وضعت يدها الآخرى على فمها وهى لا تفهم ولا تعى ما سمعته للتو ،هل حقا شقيقها لم يمت ميتة طبيبعة وأحدهم قام بقتله ..
يتبع...