-->

رواية جديدة غصات الحب والقدر لعلا السعدني - الفصل 18 - الثلاثاء 24/6/2025

 

  قراءة روايةغصات الحب والقدر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية غصات الحب والقدر 

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة علا السعدني


الفصل الثامن عشر 

تم النشر الثلاثاء 

24/6/2025


كانت جالسة في مقهى هادئ يحيط بها الناس والضجيج ،لكنه لم يكن يوازي الضجيج الذي يعصف بداخلها هل حياتها التى كانت معقدة ستحل عقدتها بعد تلك المقابلة أفكار كثيرة تدور فى رأسها ،وهى تشعر بالتوتر رغم وجود (حازم) و (تميم) معها ..

دخل (سيف) المقهى وألقى عليهم التحية بعدها قام بالجلوس معهم ،تمنى ان يغير ذلك الفيديو حياة (رؤى) للأفضل بعد ان اصر ان يقابلها هى والمحامى الخاص بها الذي سيحسم الأمر ان كان ذلك الفيديو سيفيد فى تغير مجرى القضية أما (حازم) فقد كان صامتًا يراقب نظرات (سيف) ل (رؤى) ،كما كان يود ان يرى ان كان ذلك الفيديو سيغير أى شئ فى القضية ام لا ..

وضع (سيف) هاتفه على الطاولة ثم دفعه نحو (تميم) قائلاً

- الفيديو ده ينفع دليل على زواج (رؤى)؟

التقط (تميم) الهاتف ثم أدار الفيديو ،وصمت للحظات وهو يشاهد الفيديو حتى انتهى وقد ارتسم على شفتيه ابتسامة واثقة ،ثم نظر إلى (رؤى) ثم قال بهدوء

- الفيديو ده هيغير مسار القضية بسهولة جدًا زواجك هيتثبت من غير مشاكل

شعرت (رؤى) بقلبها يهدأ للمرة الأولى منذ زمن ،التفتت إلى (سيف) و(تميم) ،وكانت نظراتها تمتلئ بالامتنان ثم قالت بصوت يحمل ارتعاشة خفيفة من التأثر

- أنا بجد مش عارفة من غيركم كنت عملت إيه؟! ..

ثم نظرت إلى (سيف) مباشرةً بابتسامة صادقة قائلة

- أنت ظهرت في الوقت المناسب فعلًا

كلماتها كانت بسيطة ،لكنها كافية كانت سبب بأن يشعر (حازم) بمشاعر لا يعلمها ما مشكلتها لما تصبح رقيقة للغاية مع قريبها ذاك ،تبا ما مشكلته هو الآخر لما يتضايق من الأصل ،لم ينطق فهو للأسف يعرف تلك المشاعر ،فهو ليس صغير او مراهق ليكتشف المشاعر يريد انكارها أو يفهمها هل يغار عليها مثلما يغار على شقيقته لأنها مسئولة منه ام لسبب لأنه شعر بمشاعر نحوها فرك جبينه بتوتر لا يريد الأعتراف بذلك الأمر ولا تقبله فى خياله حتى ،ولكن شغل أفكاره شئ واحد أن كان يحب (رؤى) حقا متى حدث ذلك وأين وكيف؟! لا إجابة يستطيع إيجادها بداخله ..

رفع رأسه لينظر إليها وجدها تشكر الجميع إلا هو وكأنه لايوجد بالمكان ،قطع (تميم) الصمت وهو يضع هاتف الخاص في جيبه بعد أن قام بنقل الفيديو من هاتف (سيف) ثم قال

- هاخد الفيديو وهتابع الإجراءات هستأذن دلوقتي

أومأت (رؤى) برأسها بينما كان (سيف) يجلس بجانبها لم يكن يريد الرحيل بل على العكس كان ينظر إليها لديه أشياء كثيرة ليقولها 

- أنتِ متتخيليش سعادتي وأنا شايف الابتسامة منورة وشك وحقيقي فرحان إني قدرت أساعدك

رفعت (رؤى) عينيها إليه ثم قالت بصدق

- متشكرة أنك كنت موجود في حياتي في الوقت المناسب يا (سيف)

مازالت مصرة أن تتحدث بتلك الرقة التى لم يكن يعلم بوجودها أو يعلم أنها موجودة ولكن ظن أن لا أحد يستطيع التحدث معها ومعرفة ذلك الجانب الأنثوى منها لذا هو مصدوم ،لم يكن (حازم) وحده من استشعر وقع كلماتها كان (سيف) أيضا الذى شعر بسعادة لا مثيل لها فها هى حبيبته الآن أصبحت خالية وحده يعلم الله السنوات الماضية كيف مرت عليه ليقول (سيف)

- لازم نفضل على تواصل وهبقى أزورك لازم أشوف ابنك طبعًا

لم يستطع (حازم) كبح نفسه أكثر ،فقاطع الحديث بحدة قائلاً بسخرية واضحة

- تيجي فين حضرتك؟!

تجمدت الأجواء للحظات التفت (سيف) إليه، فوجئ بحدة السؤال لكنه تمالك نفسه سريعًا ثم قال بابتسامة باهتة

- أكيد هاجي أزورها أنا وماما

ابتسم (حازم) بسخرية ثم تمتم دون صوت 

- يا روح ماما!

قرئت (رؤى) حركة شفتيه ببراعة ثم عقدت حاجبيها لم تفهم لماذا قالها لكنها لم تستطع كتم ابتسامتها تمامًا رغم محاولتها إخفائها ..

نهضت أخيرًا وقالت

- اكيد طبعا يا (سيف) .. عن إذنكم أنا هروح

لكن في اللحظة ذاتها جاء صوتان متزامنان 

- أنا هوصلك!

- أنا هوصلك!

نظرت إليهما بدهشة (سيف) من جهة و(حازم) من الجهة الأخرى كلاهما وقف مستعدًا لمرافقتها ،شعرت بحرج شديد وبينما كانت تحاول الرد قطع (حازم) ترددها قائلاً بحزم

- حضرتك ممكن تروح طريقك مش معانا طريقي أنا و(رؤى) واحد

نظر (سيف) إليه بغيظ واضح ،بينما كانت (رؤى) تحاول استيعاب هذه النبرة الحادة منه فهي لم تعتاد أن يكون بهذه الحدة مع أي شخص ولكن ما الذى يدفعه لتصرفاته الغريبة تلك ..

التفت إليها (سيف) وقال بصوت هادئ 

- هبقى أكلمك وأحدد ميعاد أزورك أنا وماما نفسي أشوف ابنك أوي .. سميتيه إيه صحيح؟

- نوح

هز (سيف) رأسه بتفهم بينما (حازم) كان يكتم غضبه بالكاد 

- مع السلامة يا (رؤى)

قالها (سيف) وهو يمد يده لمصافحتها لكنها لم تتحرك بعد لأن يدًا أخرى سبقتها كانت يد (حازم) الذي أمسك بيد (سيف) قبل أن تصل إلى (رؤى) وقال بنبرة قاطعة

- مع السلامة يا أستاذ .. يلا يا (رؤى) عشان ورايا شغل

شعرت (رؤى) بأنها ضائعة وسط هذا الصراع الذى لا تفهمه خاصة تصرفات (حازم) الغير مفهومة لكنها لم تقل شيئًا فقط استدارت لتلحق ب(حازم) لكنها لم تمنع نفسها من إلقاء نظرة سريعة إلى (سيف) قبل أن ترحل مودعة إياه بيدها مع ابتسامة لطيفة فى حين نظر لها (سيف) مبتسما هو الآخر رغم ضيقه من تصرفات ذلك الطبيب فلا حق له عليها ..

استقلت السيارة بجوار (حازم) وما إن بدأ القيادة حتى قالت بهدوء

- أنا مرضتش أحرجك قدامه بس من إمتى أنا بركب معاك العربية وأنت توصلني؟ أنت عارف إن ده مبدأ أنا ضده

نظر إليها سريعًا ثم أعاد تركيزه على الطريق وهو يقول بجدية

- أولا أنتى جاية معايا أنا و(تميم) فى العربية فطبيعى لازم أوصلك الطريق بعيد ومش هقعد أشوفك بتتنطي في المواصلات وبعدين لو ركبتي مواصلات كان (سيف) هيلزق فيكي وهيصر إنه يوصلِك أنا رحمتِك من غتتته

نظرت إليه بدهشة حقيقية ثم قالت مندهشة

- ومين قالك إني مضايقة منه أصلًا؟ انت تصرفاتك غريبة أوي يا دكتور .. في إيه؟

حرك (حازم) شفتيه بامتعاض ثم قال دون أن ينظر إليها

- وبعدين إيه دكتور دكتور دي؟ كأنك لسه بتتعرفي عليا! ما تقولي يا (حازم)

تفرست ملامحه للحظات ثم تمتمت

- أنت مش طبيعي النهاردة على فكرة ..

لكنه لم يجيب فقط استمر في القيادة غارقًا في أفكاره ،بينما كانت (رؤى) تحاول فهم هذا التحول المفاجئ في تصرفاته التى اصبحت غير مفهومة ..

❈-❈-❈

فى مساء اليوم التالى ..

كان الهدوء يفرض سكينته إلا من صوت خافت لأوراق الأشجار ،تتلاعب بها نسمات الليل تقدمت (تقي) نحو السطح حيث اعتادت أن تجد (حازم) يجلس مع (رعد) في هذا الوقت ،لكنها توقفت فجأة عندما وجدت أمامها شخصًا لم تكن تتوقع وجوده ..

تسارعت أنفاسها قليلًا وشعرت بحرارة مفاجئة تزحف إلى وجهها حين التقت عيناها بنظرات (حمدي) الثابتة كان واقفًا بظهر مستقيم وملامحه هادئة لكنه تأملها للحظات وجعلها تتوتر أكثر ..

- أنا .. أنا كنت فاكرة إن (حازم) هو اللي هنا

 قالتها بتلعثم وهي تتجنب النظر إليه مباشرة، ابتسم (حمدي) ابتسامة جانبية وهو يجيب بصوت دافئ

- (حازم) بيعملنا قهوة وجاي ممكن بس مخدتيش بالك انه تحت .. وإنتِ؟ عاملة إيه؟ أخبارك إيه؟

حاولت استعادة توازنها وردّت بابتسامة خفيفة

- الحمد لله بخير .. وأنت؟ إيه أخبار القضية اللي كنت بتكلمني عنها؟

تنهّد (حمدي) بعمق فالعبء الذي يحمله لا يستطيع وصفه بكلمات مال بجسده قليلًا للخلف وأسند يديه إلى حاجز السطح قبل أن يقول

- ماشيين في إجراءات القضية والمحكمة وافقت على النظر فيها واترفعت رسميًا على صاحب شركة الأدوية

اتسعت ابتسامة (تقي) ولمعت عيناها بسعادة حقيقية، فقد تلقت خبرًا طال انتظاره ،هزّت رأسها بفرحة وقالت بسعادة

- دي حاجة جميلة جدًا! أنا بجد بشكرك على اللي بتعمله من كل قلبي مش بس عشان بتكمل الطريق اللي (حسن) كان بادئه لكن لأنك كمان بتجيب حقه

تحولت ابتسامته إلى صمت ،نظر بعيدًا للحظات يسترجع ذكرياته مع شقيقها ،ثم قال بصوت منخفض 

- (حسن) كان أكتر من أخ بالنسبة لي .. ومن يوم ما عرفت بخبر موته وأنا معاهد نفسي إن الموضوع ده مش هيعدي كده ولازم أفضح صاحب الشركة ده بأي شكل

نظرت إليه بإعجاب فالمرء لا يريد أكثر من صديق وفى مثل وفائه لشقيقها ،ساد بينهما صمت لم يقطعه سوى صوت الرياح وهي تتلاعب بملابسهم وبينما كانت (تقي) تتأمل تعبيراته فوجئت به يحوّل الحديث فجأة

- وإنتِ بقى .. إيه أخبارك مع الشخص اللي مرتبطة بيه؟ كلم أخوكي؟

كأن صاعقة ضربت كيانها تجمدت لثانية قبل أن تُشيح بنظرها إلى الأرض تحاول استجماع أفكارها لم تجد ما تقوله فاكتفت بهزة رأس صغيرة نافية ..

لاحظ (حمدي) ارتباكها وتحولت نظرته إلى خليط من خيبة الأمل والضيق ،زفر بنفاد صبر وقال بلهجة ناصحة بعض الشيء

- كل المدة اللي عدت دي ولسه مش عايز يكلم أخوكي؟ على فكرة هو مبيحبكيش

رفعت رأسها بسرعة وعيناها اتسعتا بدهشة واستياء ثم قالت بحدة وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها

- مين قالك كده؟! لا (ممتاز) بيحبني جدًا .. بس الوقت مش مناسب و ..

قاطعها (حمدي) بنبرة أكثر صرامة

- أنا لو بحب بنت بجد مستحيل أكون راضي إن علاقتي بيها تفضل فى السر كده وكأنها حاجة غلط الحب لازم يكون واضح ولازم يكون فى النور ولازم أهلي وأهلها يعرفوا وإلا يبقى ملوش أي معنى

كانت كلماته كالسكاكين التي أصابت مواضع ضعفها ،لكنها لم تستسلم نظرت له بعناد وقالت

- أنا مش بعمل حاجة غلط!

أطلق ضحكة قصيرة ساخرة 

- لأ بتعملي حاجة غلط .. وغلط كبير كمان ولو كنتِ أختي كنت قطعت رقبتك!

اشتعل الغضب في عروقها واتسعت عيناها بذهول

- إنت مالك؟! بتتدخل في حاجة ملهاش علاقة بيك ليه؟! اصلا انت عرفت بالصدفة وكانت غلطة انى قولتلك اصلا

تراجع خطوة لكن نظرته لم تهتز وهو يقول بهدوء صارم

- لو ما قولتيش ل (حازم) أنا مضطر أقوله بنفسي

عقدت حاجبيها بقوة وشعرت بتيار من الإحباط يجتاحها لكن دخل (حازم) فجاءة ..

وقف عند المدخل للحظات ينظر إليهما ،فقد أدرك أن هناك أمرًا غير طبيعي يحدث بينهما ،حاولت (تقي) إخفاء تعبيراتها المتوترة ،فرفع حاجبًا بإندهاش طفيف قبل أن يسأل بصوت هادئ 

- في حاجة؟

كان (حمدي) هو أول من استعاد هدوءه فابتسم ابتسامة واثقة وقال

- لا طبعًا (تقي) بس كانت فاكرة إنك هنا فقولتلها تستناك 

نظر (حازم) إلى شقيقته بتمعن ،راقب ملامحها المتوترة رغم محاولتها التظاهر بالهدوء ابتسم برفق وقال

- خير يا (تقي) في حاجة؟

ارتبكت قليلًا لكنها تمالكت نفسها بسرعة وقالت بنبرة حاولت أن تبدو طبيعية

- لا خالص .. انا بس عارفة انك فى الوقت ده بتقعد مع (رعد) فقلت أشوفك محستش بيك انك فى المطبخ تحت بس عموما نتكلم بعدين لما تخلص كلام مع صاحبك

لاحظ (حازم) أنها لم تنظر إليه مباشرة ،وهو أمر لم يعتد عليه منها تأملها قليلًا لكنه لم يرد الأكثار معها فى الحديث لوجود (حمدى) فقال

- تمام .. براحتك

لم تتردد هذه المرة فقط قالت بهدوء

- عن إذنكم

ثم غادرت المكان بسرعة لكن (حازم) لم يُبعد عينيه عنها حتى اختفت عن ناظريه ،التفت بعدها إلى (حمدي) الذي كان بدوره يراقب تعبيراته ثم قال بصوت منخفض 

- فى حاجة تانية مش كده ؟!

حينها أجابه (حمدى) بالنفى مؤكدا له انه لا يوجد اى شئ ،فى حين شعر (حازم) بأنه يوجد شئ بينهم يخفياه معا ..

❈-❈-❈

فى صباح اليوم التالى ..

كان (ممتاز) جالسًا في مكتبه يحدّق في شاشة هاتفه بعصبية واضحة منذ الأمس وهو يحاول الاتصال ب(تقى) لكنها لا تجيب على أي مكالمة ،ولم ترسل حتى رسالة واحدة ضغط بأسنانه على شفته السفلى محاولًا كبح توتره لكنه لم يستطع .. نقر بأصابعه على سطح المكتب بإيقاع مضطرب وعيناه تضيقان بقلق ..

سأل نفسه بصوت خافت لما لا تجيبه ثم مرّر أصابعه في شعره بانفعال ،لا يوجد سبب منطقي يجعلها تتجاهله بهذه الطريقة هل يمكن أن تكون .. علمت شيئًا؟

مجرد الفكرة جعلت صدره يضيق هل من الممكن أن تكون قد اكتشفت علاقته ب (رؤى) زوجة أبيه؟ لا لا يمكن ولكن ماذا لو علمت من الطرف الآخر ولكنه دوما يمنعها من الحديث مع (رؤى) إذًا ما السبب؟ لماذا تتجاهله هكذا؟

كلما فكر أكثر زاد ضيقه وشعر بشيء من الغضب يشتعل في صدره لا يحب أن يتجاهله أحد وبالتحديد (تقى)، أمسك هاتفه مرة أخرى واتصل بها مرة .. مرتين .. لا رد

زفر بحدة ثم نهض من مكتبه بعصبية ارتدى سترته سريعًا وقرر أن يذهب إليها بنفسه لن يبقى منتظرًا هكذا، عليه أن يعرف ما الذي يجري وبسرعة ..

خرج من مكتبه ثم استقل سيارته ولا يدرى ما الوقت الذى مر عليه حتى وصل إلى مقر الشركة التى تعمل بها عندما دخل إلى مكتبها كان غاضبا وعيناه تقدحان بالضيق ،رأى (تقى) جالسة خلف مكتبها منشغلة بالعمل وكأنها لا تفكر به من الأساس ولا هو يشغل تفكيرها مثلما هى تفعل ..

لم يضيّع وقتًا وقف أمامها مباشرة ونظر إليها نظرة طويلة قبل أن يقول بصوت محمل بالغضب

- ممكن أفهم بقى إنتي مش بتردي ليه على اتصالاتي من امبارح؟

رفعت رأسها ببطء والتقت عيناها بعينيه بدا عليها التوتر ،لم تكن مستعدة لهذه المواجهة ،ترددت وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن تتحدث لكن كلماتها خرجت مترددة ومبعثرة

- أنا .. أنا حاسة إني بعمل حاجة غلط ومتعودتش أخبي حاجة عن ماما أو (حازم) .. وبصراحة علاقتنا متوترة جدًا وأصلاً انت مش مهتم إنك ترتبط بيا رسمي .. ساعات بحس إنك مش بتحبني

اتسعت عينا (ممتاز) قليلًا ،لم يكن يتوقع هذا الكلام منها ،للحظة ظل صامتًا يحاول استيعاب ما قالته ثم فجأة ضاق جبينه ونظر إليها نظرة فاحصة ،فمن أين أتت بذلك الكلام ،جلس على الكرسي المقابل لها وأسند مرفقيه على المكتب، ثم قال بصوت حاول أن يكون هادئ 

-ممكن أفهم إيه الكلام الغريب اللي بتقوليه ده؟ إزاي أنا مش بحبك بعد كل اللي بعمله؟

ترددت ثم زفرت بعمق قبل أن تهمس

- بصراحة .. (حمدي) صاحب أخويا كان عندنا امبارح وقال لي ازاي كل المدة دي عدت والإنسان اللي بيحبك مكلمش أخوكي .. وانه لو كان مكانك كان كلم (حازم) لأن مستحيل يرضى يكون مع حد في الخفاء كده

في لحظة تغيرت ملامح (ممتاز) بالكامل ،انقبضت عضلات فكه وحدّق بها بعينين تضيقان بحدة كأن شرارة غضب مشتعلة داخله ارتفع صوته بحدة واضحة

- إنتي بتحطيني في مقارنة مع اللي اسمه (حمدي) ده؟! وإزاي أصلًا تسمحي لنفسك تقعدي معاه وتتكلمي في الموضوع ده؟ لا وكمان بيملى دماغك بكلام عني وهو اصلا ميعرفنيش؟ ولا انتى ما صدقتى فقلتى تتخصلى منى ؟!

رفعت رأسها بسرعة وعيناها تتسعان بانزعاج ،لم يعجبها نبرته ولا طريقته في مهاجمتها كأنها ارتكبت جريمة فقالت بحدة

- وبعدين بقى يا (ممتاز) ؟! أنت كل كلامك ليّا أوامر وزعيق! عموماً أنا مغلطش أنا كنت رايحة أقعد مع أخويا لقيت (حمدي) قدامي وأخويا كان بيعمل قهوة وهو سألني عن اللي بينا بحكم إنه عارف وأنا جاوبت! وهو نصحني وعلى فكرة هو مش غلط خالص بالعكس إحنا اللي غلط!

خفضت صوتها قليلًا لكن عينيها ظلّتا مثبتتين عليه بإصرار ثم أردفت قائلة

- أنا حاسة زي ما أكون حرامية بسرق وقت منك مش من حقي لأن مفيش أي صلة رسمية بينا أصلاً

نظر إليها مطولًا ،يحاول فهمها ،في تلك اللحظة هدأ غضبه قليلًا وبدأ صوت أنفاسه يتباطأ حرك أصابعه فوق سطح المكتب ثم قال بنبرة مختلفة هذه المرة ناعمة على غير العادة يحاول طمأنتها

- خلاص اهدى يا (تقي) .. أنا بس اتضايقت إنك شاكة فيا وفي حبي ليكي انتي عارفة أنا بحبك إزاي وعندي تشكى فى أي حاجة في الدنيا إلا حبى ليكى لأنها الحاجة الوحيدة الصادقة في حياتي

نظرت إليه وشعرت بصدق كلماته ٥نبرة صوته بها صدق واضح جعلها تتيقن من حبه لها ،رغم أنه لم يفعل ما تريده ولكنها لا تستطيع التخلى عن وجوده فى حياتها أومأت برأسها ببطء ..

ابتسم فهو يعلم جيدا أنها تعشقه لا تحبه فقط، يعلم تأثير وقع كلماته عليها فقال بهدوء

- متقلقيش صدقيني شكل العلاقة بينا هيبقى أحسن وأفضل وقدام كل الناس .. بس اصبري عليا شوية اليومين دول خليني أظبط أموري

شعرت بالهدوء يتسلل إليها فأومأت بإيماءة خفيفة برأسها ثم قالت مع ابتسامة خافتة

- أنا بثق فيك يا (ممتاز) مش عاوزة الثقة دي تتهز

راقبها لثوانٍ ثم تنهد وقال بصوت خفيض

- إنتي اللي متخليش حد يلعب في دماغك ويشكك في حبي ليكي خصوصًا اللي اسمه (حمدي) ده

قال اسمه بغيظ شديد وهو يصر على اسنانه فارتسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة ثم نظرت إليه بمكر وقالت

- بتغير أنت؟

أسند يده على المكتب وانحنى قليلًا ليقترب منها أكثر وعينيه تتعلقان بعينيها ثم قال بصوت هادئ لكنه ملئ بالحب

- ولو مغرتش عليكي هغير على مين مثلا؟!

احمرّ وجهها خجلًا وأشاحت بوجهها بعيدًا وهمست

- بس بقى ..

ابتسم مستمتعًا بردة فعلها ثم قال بمكر وهو يرفع حاجبه قليلًا

- تليفوناتي يترد عليها فاهمة؟ أنا مفيش حد يقدر يتجاهلني؟

ضحكت بخفّة وهزّت رأسها قائلة

- خلاص يا تقيل بقى!

نهض من مكانه ثم قال بضيق

- اسمع بس أن عينك لمحت اللى اسمه (حمدى) ده .. فاكر نفسه مين بروح أمه عشان يتكلم معاكى اصلا ..

اندهشت من حديثه ولكنها ابتسمت ابتسامة جذابة وقالت

- خلاص مش هكلمك تانى بجد .. لو شوفته مش هسلم حتى

ابتسم وهو يراها مطيعة هكذا مهرة صغيرة رغم أنه يعلم جيدا أنها بداخلها عقرب يلدغ بقسوة ..

❈-❈-❈

فى صباح اليوم التالى ..

كان الجو هادئ الشمس تتسلل عبر النوافذ تنعكس على سطح المكتب اللامع حيث تتراص الملفات بترتيب دقيق، وصوت عقارب الساعة يتردد فى المكان ..

جلس على مقعده الجلدي ظهره مستند إلى الخلف عينيه تحدقان في شاشة الحاسوب لكن عقله شارد ،يحاول ترتيب خيوط أفكاره قبل أن يبدأ يومه ..

استمع إلى صوت طرقات خفيفة على الباب لم يرفع رأسه على الفور بعد لحظة انفتح الباب ببطء ليظهر السكرتير بخطوات مترددة ملامحه جامدة تقدم إلى المكتب واخبره انه يوجد محضر من المحكمة ينتظره فى الخارج ،فشعر حينها بالقلق ولكن اخبر السكرتير الخاص به بأن يدخله ،وفى خلال ثوان كان أمامه محضر المحكمة الذى سلمه مظروفًا بني اللون فوقه ثم تراجع للخلف ومد يده ليوقع على استلامه ذلك الأشعار ..

ثم ظل ينظر إلى المظروف للحظات، تسلل إلى داخله احساس بالخوف والتوجس لكنه لم يظهره التقطه بحركة هادئة ،فتحه ببطء وأخرج الورقة بداخله عيناه تجولتا بين السطور وكلما انتقل إلى الجملة التالية شعر بأن الدماء تتراجع عن وجهه وبأن هواء الغرفة أصبح أثقل

(إخطار رسمي برفع قضية ضد شركة الأدوية الخاصة به بتهمة التورط في توزيع أدوية فاسدة تسببت في أضرار جسيمة لمستخدميها)

ظل ممسكًا بالورقة لكنها بدأت ترتعش بين أصابعه قليلًا لا يصدق أن احدهم قد رفع عليه قضية وجاءت له القدرة على فعل ذلك 


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة علا السعدني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة