رواية جديدة غصات الحب والقدر لعلا السعدني - الفصل 12 - الأربعاء 4/6/2025
قراءة روايةغصات الحب والقدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية غصات الحب والقدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة علا السعدني
الفصل الثاني عشر
تم النشر الأربعاء
4/6/2025
في وقت الاستراحة كانت (تقى) تشعر بشيء من الامتنان تجاه (يوسف) لا تحب أبدًا أن تكون مَدينة لأحدهم حتى لو كان الأمر مجرد دعوة غداء ،قررت أن ترد له الدين لتذهب إليه وتدعوه بنفسها حتى ترد ذلك الدين عنها فهو ليس مسئول عنها كى يتحمل مصاريف غدائها ..
تحركت بين أروقة الشركة، عيناها تبحثان عن المكتب الذي اعتادت أن تراه فيه لكن ما إن وصلت إلى المكان حتى توقفت في دهشة أمام المكتب .. لم يكن (يوسف) هناك ،بدلًا منه كان هناك شخص آخر يجلس منشغلًا أمام الحاسوب ،شعرت بغرابة وسألت نفسها هل تغيّب اليوم؟ أم أنه انتقل إلى قسم آخر؟
ظلت واقفة لثوانٍ مترددة بين أن تسأل احدهم عنه أم تتابع طريقها لكن فضولها كان أقوى قررت أن تسأل شخصًا كانت تراه دومًا يتحدث مع (يوسف)، يبدو أنه صديقه المقرّب ..
تقدمت منه بخطوات حذرة وقبل أن تنطق بكلمة ،رفع رأسه نحوها بدهشة خفيفة خلف نظارته الطبية ثم اعتدل في جلسته حيث تفاجأ بوجودها أمامه وسمع صوتها تقول
- مساء الخير يا (رؤوف) .. كنت عاوزة أسأل على (يوسف) مش شايفاه
ارتسمت على وجهه ابتسامة لم يستطع إخفاءها وكأنه لم يكن يتوقع أن تهتم بالسؤال عنه خصوصا وأنه يعلم ان صديقه يشعر بمشاعر نحوها ،عدّل وضع نظارته سريعًا ثم قال بنبرة حاول أن يجعلها عادية
- (يوسف)؟ الحقيقة مش عارف بس فجأة مستر (محسن) قرر يطرده من الشركة بدون أي سبب!
شعرت (تقى) بإندهاش ،وحلت المفاجئة ملامح وجهها ثم نظرت إليه باستغراب وهي تكرر كلماته في رأسها .. مستر (محسن) طرده؟! بدون أي سبب؟ هذا ليس منطقيًا أبدًا لتخرج من أفكارها قائلة
- طرده؟! إزاي ده يحصل؟!
تنهد (رؤوف) بحزن وكأن الحديث عن الأمر ثقيل عليه ثم قال بصوت أقل حماسة من ذي قبل
- مش عارف (يوسف) نفسه مش مستوعب بقاله ٣ سنين في الشركة ومكنش يتخيل إن مستر (محسن) يتخلى عنه بسهولة كده
لاحظت لمحة الحزن في صوته ،وشعرت أن بالتأكيد يوجد سبب هل مستر (محسن) يخفي سببًا حقيقيًا خلف قراره؟ هل هناك شيء ما لم تعرفه بعد؟ أفكار كثيرة بدأت تتلاعب بعقلها لكنها قررت ألا تسترسل فيها الآن ..
لم يشأ (رؤوف) أن يطيل الحديث في الأمر لذا أنهى كلامه بلطافة وهو يقول
- أنا هبقى أبلغه إنك سألتي عليه أكيد هيفرح!
حينها انتبهت (تقى) إلى أنها وضعت نفسها في موقف لم تكن تتوقعه لم تكن تريد أكثر من أن ترد عزيمته لكنها الآن بدت وكأنها مهتمة به أكثر مما ينبغي ،شعرت بحرارة خفيفة تتسلل إلى وجنتيها لكنها لم ترد أن تعطي للأمر أهمية فقط ابتسمت ابتسامة صغيرة بلا تعليق ثم استدارت بهدوء وعادت إلى مكتبها لكن عقلها ظل منشغلًا بما سمعته ..
❈-❈-❈
فى المساء ..
مع انتهاء يوم العمل كانت (رؤى) تجمع أغراضها بصمت تدس أشيائها بالحقيبة دون تركيز حقيقي ..
في تلك اللحظة اقترب منها (حازم) مترددًا فى خطواته بل شعر بتوترًا خفيًا ،فهو مدرك أنها لا تزال غاضبة منه وقف على مسافة قريبة مترددًا للحظة قبل أن يقول بنبرة حاول أن يجعلها طبيعية
- إنتِ فاكرة إن الجلسة بكرة صح؟ قلت أفكرك عشان متنسيش
لم ترفع (رؤى) عينيها إليه وكأنها لم تعر كلماته أي اهتمام لكنها ردت بصوت هادئ خالٍ من أي انفعال
- اعتقد دى حاجة متتنسيش
كان ردها قاطعًا مختصرًا بلا أي ودّ ،انتظر (حازم) للحظات يحاول أن يجد شيئًا آخر يقوله ؛شيئًا يكسر الجدار الذي ارتفع بينهما منذ تلك الليلة لكن الكلمات خانته تطلع إليها إلى ملامحها الجامدة إلى الطريقة التي تتعمد بها تجاهله حتى أنها لا تبادله النظر داخل عينيه ،فتح فمه ليقول شيئًا أي شيء لكنه رأى (رؤى) ترفع حقيبتها وتلقي نظرة خاطفة إلى ساعتها ثم استدارت ببساطة وسارت نحو الخارج دون أن تكلف نفسها حتى عناء توديعه ..
ظل (حازم) واقفًا في مكانه يتابعها وهي تبتعد شعر ببعض الأنزعاج لم يكن غاضبًا بقدر ما كان مستاءً مستاءً من الطريقة التي تركته بها وكأنه مجرد هواء وكأن وجوده لم يكن يستحق حتى وداع ،زفر بضيق واضعًا يديه في جيوبه ثم حرك رأسه بيأس وهو يهمس لنفسه
- من غير مع السلامة كمان !!
لم يكن معتادًا على أن يتجاهله أحد بهذا الشكل ..
❈-❈-❈
ترنح فى خطواته وهو يدلف داخل منزله توجه نحو الدرج المؤدى لغرفته وهو لا يرى ولا يعى ما حوله غير مدرك للواقف أمامه عاقدا يده عند صدره منتظر حضوره ،صر على أسنانه وهو يجد شقيقه بتلك الحالة فأقترب منه بهدوء وأمسكه من تلابيب قميصه ،فشعر بقبضة (ممتاز) الفولاذية تلتف حول قميصه كأنها تطوق عنقه، ليقول بكل الغضب الذى بداخله
- انت ايه اللى انت عملته ده؟! رايحالها مكان شغلها انتى مش هتبطل القذارة اللى فيك دى بقى ؟!
كانت عيناه زائغتان وهو لا يعى عن اى شئ يتحدث شقيقه ،فقام (ممتاز) بسحبه نحو الحمام ثم قام بوضع رأسه تحت صنبور المياه لعله يستفيق من غفلته تلك فشعر (سامر) بإنتفاضة فى جسده من المياه الباردة الذى غطت وجهه وجعلت ملابسه مبتلة بعد ان وصلت المياه لبداية التى شيرت الذى يرتديه ،فشهق (سامر) بقوة وهو يحاول انتزاع نفسه من تحت المياه الباردة ،جفلت عضلاته وأطلق سبة غاضبة قبل أن يلهث قائلاً
- ايه يا (ممتاز) دى مش طريقة ؟!
امتلئت عيناه بالغضب وهو مبصر له ليجيبه بحدة
- طبعا مانت معندكش عقل تفكر ماشى بس ورا دماغك الى مش بتفكر غير فى الستات .. طالع لأبوك روحتلها ليييه ؟!
تلعثم (سامر) ولم يجد إجابة وافية ليجيبه عليه وردد كلمات لا معنى لها
- انا .. بس .. كنت ..
تابع شقيقه تلعثمه فى الحديث وهو لا يقدر على إجابته اجابة واحدة شافية لذا قال له كلام نافذ غير قابل للنقاش
- (رؤى) تبعد عنها خاالص .. ملكش دعوة بيها انا كفيل اتعامل معاها كويس ومع أمثالها
ثم اعاد النظر مرة اخرى نحو (سامر) وأردف حديثه
- لو عرفت بس من قريب ولا من بعيد انك قربتلها يا (سامر) .. مش هيحصل ليك كويس خالص
ثم تركه وغادر غير منتظر حتى إجابته ،فحديثه غير قابل للنقاش ،شعر (سامر) حينها بالغضب يتملك منه بسبب شقيقه الذى يتحكم فيه كدمية ليس لها رغبات ..
❈-❈-❈
فى صباح اليوم التالى ..
داخل قاعة المحكمة الواسعة ، جلس الحاضرون فى الانتظار بينما ارتفع صوت حاجب المحكمة معلنًا دخول القاضي ،وقف الجميع في صمت حتى جلس القاضي خلف منصته ثم أشار بيده ليبدأ الجلسة ..
كان (تميم) يجلس إلى جوار (رؤى) ،بينما كان (حازم) بجوارها يحاول أن يبثّ الطمأنينة في قلبها رغم القلق الذي كان يعتريه ..
على الجهة المقابلة جلس (عاصم) المحامي الخاص ب (ممتاز) على وجهه ابتسامة ساخرة وكأنه متأكد من النتيجة مسبقًا ..
لينهى القاضى كل احاديثهم الداخلية تلك بصوت رسمى قائلا
- نبدأ الجلسة في القضية رقم (…..) المرفوعة من المدعية (رؤى شريف) لإثبات زواجها من المرحوم (أشرف الصاوي) هل لديك ما تثبتين به هذا الزواج؟
نهض (تميم) من مكانه وهو يحدث القاضى قائلا بثقة
- نعم سيدي القاضي لدينا شاهد عيان وهو صاحب العقار الذي كانت تسكن فيه المدعية وقد رأى عقد الزواج بعينيه
فأمره القاضى قائلا
- ليتقدم الشاهد
دخل رجل في منتصف الخمسينات يغزو الشيب شعره يبدو عليه الارتباك لكنه حسم أمره وتقدم ليقف في مكان الشهود ليقول المحامى بهدوء
- من فضلك عرف المحكمة بنفسك
- اسمي (محمد سيد الخولى) وأنا صاحب البيت اللى كانت ساكنة فيه (رؤى) من اربع سنين
سأله (تميم) بهدوء
- هل لديك علم بعلاقة المدعية بالمرحوم (أشرف الصاوي)؟
هز الشاهد رأسه إيجابا ليقول
- ايوة (أشرف) بيه قالى انهم متجوزين ولما اشترى منى الشقة ورانى العقد عشان وقتها (رؤى) كانت صغيرة فكان اثبات يثبت ان فى علاقة بينهم
ظهرت على شفتاى (تميم) وهو يسأله
- إذن أنت متأكد أنك رأيت عقد الزواج بنفسك؟
- ايوة متأكد جدا
القاضي موجّهًا كلامه ل (عاصم)
- محامي المدعى عليه هل لديك أي اعتراض أو استجواب للشاهد؟
نهض بثقة وهو يقول
- بالطبع سيدي القاضي
ثم استدار نحو الشاهد ونظر إليه نظرة فاحصة قبل أن يقول بنبرة ساخرة
- هل يمكنك أن تصف لنا هذا العقد؟ كيف كان شكله؟ هل تتذكر أي تفاصيل واضحة عنه؟
تردد الشاهد كثيرا لكنه خرج عن صمته قائلا
- كان عقدًا ورقى مكتوب عليه أسماء الطرفين
سأله (عاصم) بمكر
- هل قرأت العقد كاملًا؟ هل رأيت توقيعًا رسميًا أو ختمًا يوثّق الزواج؟
ازدرد الشاهد ريقه ثم قال
- لا لم مقرتوش كله .. بس فاكر انه كان عقد جواز
وجه (عاصم) نظره نحو القاضى وهو يقول
- سيدي القاضي الشهادة هنا لا ترتقي إلى مستوى الإثبات القاطع الشاهد لم يتحقق من صحة العقد ولم يقدَّم أي دليل ملموس على وجوده الآن هذا مجرد كلام مرسل لا يثبت شيئًا
شعر (تميم) حينها بالضيق فهو يعلم جيدا ان تلك القضية لن تكون سهلة البتة خصوصا مع خصم مثل (ممتاز أشرف الصاوى) ،فوجه القاضي كلامه ل (رؤى)
- هل لديك العقد الآن؟
شعرت (رؤى) بانقباض في صدرها ثم رفعت رأسها وقالت
- بصراحة مش معايا فى الوقت الحالى .. العقد كان مع جوزى
ابتسم (عاصم) ابتسامة جانبية وهو يقول
- إذن لا عقد ولا شهادة قاطعة! سيدي القاضي نطلب رفض الدعوى لعدم كفاية الأدلة
نهض (تميم) عن مكانه وهو يقول ببعض الحدة
- لكن هناك وقائع أخرى يمكن أن تثبت العلاقة وقد نستدعي شهودًا آخرين كانوا على علم بهذا الزواج!
ليتحدث القاضي بحزم
- سننظر في طلب استدعاء شهود آخرين لكن حتى الآن الأدلة ضعيفة الجلسة تُرفع إلى حين تقديم مستندات أو شهود إضافيين
بشعرت (رؤى) بقبضة من التوتر تعتصر قلبها ،نظر إليها (حازم) ليطمئنها لكن القلق كان واضحًا في عينيه أما (ممتاز) فجلس بارتياح بينما (عاصم) ابتسم بثقة وكأنه يرى أن القضية قد حُسمت لصالحه ..
لم تستطع (رؤى) سوى النهوض والخروج خارج المحكمة مسرعة ،فركض خلفها كلا من (حازم) و (تميم) اوقفها (حازم) قائلا
- استنى يا (رؤى) .. استنى
توقفت هى معطية له ظهرها وهى تحاول ان تمسح تلك الدموع التى تنهمر دون إرادة منها حينها قد وصل (تميم) لها وهو يقول
- انتى عارفة من الأول .. ان الموضوع هياخد وقت كبير ومش من اول جلسة هيتحكم ليكى يا (رؤى) لازم تصبرى الموضوع محتاج جهد وصبر
التفت لهم وهى تحاول ان تبقى صامدة قدر المستطاع وهى تقول
- انا عارفة .. كنت عارفة انها قضية خسرانة من الأول وشايفة انكوا تاعبين نفسكوا معايا على الفاضى و ..
قاطعها (حازم) قائلا
- لا يا (رؤى) ده حقك وانتى لازم تبقى قوية عشان تاخدى حقك ده ..
مسحت دموعها ثم هزت رأسها موافقة إياه على حديثه ليستأذن (تميم) قائلا
- أنا عندى قضية تانية دلوقتى هشوف وشكوا بخير
ثم نظر إلى (رؤى) محاولا ان يطمئنها وتابع حديثه
- انا عاوزك تصبرى بس وكل حاجة هتبقى تمام
هزت رأسها إيجابا لينصرف هو من أمامها فى حين بدء (حازم) فى قوله
- يلا عشان اوصلك
رفعت (رؤى) رأسها نحوه وهى تهز رأسها نافية ثم قالت
- لا هروح انا .. انا متشكرة اووى لمساعدتك ليا .. وكمان عشان مروحتش شغلك عشان تيجى معايا المحكمة بنفسك
علم انها مازالت تشعر بالضيق منه وهم ليبدء معها الحديث بإنهم ليس صغارا على تلك المشاجرات حتى وجدها تركته وذهبت نحو الخارج ارتفع احدى حاجبيه بدهشة وهو يردد لنفسه قائلا
- تانى !! بتسبنى وتمشى ولا كأنى بكلمها
عض شفتيه بغيظ ثم تقدم نحو الخارج حتى وجدها تقف بالخارج وهى تنظر يمنيا ويسارا ويبدو انها لا تعرف من اين تذهب ولكنه قرر المضى فى طريقه دون ان يهتم بها فهى لا تحترمه ابدا حتى وجدته يتجه نحو السيارة الخاصة به ،سارت خلفه وحين هم ليفتح باب السيارة وجدها تقول له وهى تضع يدها فوق جبينها لتخفى أشعة الشمس عن رأسها وهى تقول
- ممكن تقولى اركب ايه عشان مش عارفة ؟!
كادت ان تظهر على شفتيه ابتسامة ولكنه اتقن اخفائها ثم قال ببرود
- مش هتعرفى توصلى البيت وهتركبى كذا مواصلة .. اركبى عشان اوصلك ياللى دماغك ناشفة انتى
صمتت فهى تعلم أنه نحق وبالنهاية علمت انها لن تستطيع العودة بمفردها فهى ليست خبيرة بالطرق ولا تعلم اى وسيلة يجب عليها ان تستقلها لذا هزت رأسها على مضض ثم فتحت باب السيارة المجوار له واستقلتها ليستقل هو الأخر السيارة ويبدء فى القيادة ..
كان الجو هادئ طوال الطريق لم تتكلم أى كلمة وهو لم يرد ان يزعجها يكفى انها لجئت له فى النهاية ،فهو يعلم جيدا لولا قلة خبرتها ما كانت لجئت له من الأساس وبعد برهة من الوقت كان يصطف السيارة الخاصة به اسفل المنزل فترجلت هى من السيارة واتجهت نحو الداخل دون ان توليه اى اهمية فاضيقت عيناه بغيظ من تصرفاتها الطفولية تلك ..
❈-❈-❈
دخل (حسن) إلى غرفة المعيشة ليجد (رغد) جالسة أمام التلفزيون على الأريكة التى أمامه ،تمسح دموعها بمنديل وهى تُشاهد الفيلم وقف في مكانه لثوانٍ قبل أن يضرب كفًا بكف متعجبًا من حالتها تلك بسبب تلك الأفلام والمسلسلات وهو يقول متهكما
- إنتي بتعيطي ليه؟ حد قالك خبر وحش ولا حاجة؟!
لم تنظر إليه فقط رفعت إصبعها مشيرة نحو الشاشة حيث كان المشهد الحزين مستمرًا تابع (حسن) بعينيه ما يحدث داخل شاشة التلفاز ثم هز رأسه بدهشة وهو يقول
- يا نهار أبيض! بتعيطي عشان فيلم؟!
مسحت دموعها سريعًا وهي ترد بصوت متأثر
- كل مرة أشوف مشهد موت البطل بعيّط
نظر إليها متعجبا
- يعني إنتي شُفتيه قبل كده كمان؟ وبتعيطي برده؟!
هزت رأسها بحزن وهى تقول
- آه
جلس بجوارها ومد يده يمسح دموعها بيده برفق ثم نظر إليها بنظرة جادة مصطنعة
- أنا عايزك تتفرجي على حاجات كوميدي لازم نخلف عيال دمهم خفيف!
حدّقت به للحظة ثم ابتسمت ابتسامة صغيرة قبل أن تهمس
- أنا بحبك أوي يا (حسن)
ابتسم وهو يتأمل ملامح وجهها الذى يعشقه ثم رد عليها
- وأنا كمان بس مش كل حاجة تعيطى بقى مبحبش اشوف عياطك ابدا
ضحكت قليلًا قبل أن تأخذ نفسًا عميقًا ثم سألته
- طيب قُلي .. إيه أكتر حاجة مش بتحبها فيا؟
تعجب من سؤالها ذاك ثم وضع يده على ذقنه وكأنه في امتحان صعب
- ليه بتسألي كده؟ ده فخ صح عشان لو قلت فى حاجة مش بحبها فيكى هرمونات النكد تطلع عليا
هزت رأسها بيأس فهو لن يتبدل ابدا ثم قالت له
- جاوبني بس! بكلم بجد
تنهد قليلًا وهو يفكر قبل أن يندفع بكلمات تتضايق منها
- بصراحة ومن غير زعل .. نفسي تفكّري في الكلام قبل ما تقوليه!
هزت رأسها بالإيجاب فورًا وهى تقول
- حاضر!
حدّق بها للحظة مغمضًا عينيه ثم فتحهما ببطء كأنه لا يصدق انها لن تتشاجر معه وأن الأمر مر بسلام
- إيه ده؟ مش هتزعلي؟ مش هتتقمصي؟ مش هتحدفيلي المخدة عشان أنام برا؟!
ضحكت وهي تضربه بخفة على ذراعه
- بس بقى!
نهض وهو يمد يده لها
- بمناسبة إنك زي القمر كده .. قومي البسي هنروح نتعشى بره!
صفقت بحماس كطفلة صغيرة
- واااو! ثواني وأكون جاهزة!
في غرفة النوم كان (حسن) يرتدي ملابسه أمام المرآة بينما (رغد) تبحث في دولابها عن ملابس تلائمها بينما كان زوجها ينتظرها بالخارج يعلم أنها ستظل على الأقل ساعة حتى تنتهى من ارتداء ملابسها ،فأمسك هاتفه يتصفح الصفحة الشخصية الخاصة به حتى تنتهى .. وأخيرًا خرجت مرتدية فستانًا ضيقًا قليلًا عليها ربما ضاق بسبب الحمل ،وقفت أمامه بابتسامة واثقة رفع حاجبه نظر إليها طويلًا قبل أن يهز رأسه نافيًا
- لا الفستان ده مش هتنزلي بيه!
- ليه يا (حسن) ؟ ما حلو!
لم يعجبه حديثها ليقول
- حلو بس ضيق .. روحي غيري والبسى حاجة أوسع شوية
مطّت شفتيها بعدم رضا لكنها استدارت واتجهت نحو الغرفة مجددا ،وبعد برهة من الوقت عادت بفستان آخر واسع وأنيق ابتسم (حسن) برضا وهو يقول
- أهو كده .. يلا
في المطعم جلسا سويًا يتبادلان الأحاديث والضحكات أثناء تناول الطعام فجأة رن هاتف (حسن) نظر إلى الشاشة وأجاب بهدوء
- ماشي جيالك
أغلق الهاتف ثم نظر إلى زوجته وهو يقول
- يلا عشان أوصلك عندي مشوار مهم
حدّقت به بريبة ومالت برأسها قليلًا وضيّقت عينيها
- أنت بتخونّي؟ رايح لها مش كده؟
حدّق بها (حسن) وكأنه لم يستوعب الكارثة التي خرجت من فمها ثم ضرب جبهته براحة يده
- أنا لسه كنت بقولك .. نفسي تفكّري في الكلام قبل ما تقوليه وبصي بتعملي إيه!
عبست بخجل ليتابع هو قائلا
- هخونك إيه يا هبلة ده شغل!
رفعت حاجبها بسخرية وبصوت مرتفع قليلا
- شغل؟ مش أنت اتفصلت عن العمل؟
تلفت (حسن) حوله ثم مال نحوها وهو يهمس
- في اتنين هناك مسمعوش إني مفصول ..
نظرت إلى الأرض بخجل ثم رفعت يدها مستسلمة بعدها وجهت سبابتها نحوه وهى تقول
- ماشي بس اتصل بيا وترد في أي وقت
ضحك وهو ينهض
- حاضر حاضر .. ربنا يهديكي يا (رغد)!
وقفا معًا رافقها حتى أوصلها إلى منزلها ثم انطلق نحو وجهته تاركًا خلفه ليلة جميلة في ذاكرة زوجته لن تدرك كم ستكون ثمينة إلا لاحقًا ..
❈-❈-❈
كان ممددًا على فراشه يغرق في النوم العميق ،عقارب الساعة تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل عندما اهتز الهاتف بجواره كاسرًا سكون الليل ..
تحرك قليلاً متململاً قبل أن يمد يده ببطء نحو الهاتف فتح عينيه نصف فتحة بالكاد يرى اسم المتصل حدّق في الشاشة للحظات انعقد حاجباه في دهشة .. (حسن)؟!
تسلل قلق خفيف إلى صدره فليس من عادة أخيه الاتصال في مثل هذا الوقت ضغط على زر الإجابة بسرعة وقرب الهاتف من أذنه بصوت مبحوح من أثر النوم
- (حسن)؟ في إيه؟
لكن لم يأتِه صوت أخيه بل صوت آخر .. صوت غريب هادئ، لكنه ثقيل بطريقة لم تعجبه تأكد ذلك الشخص من أنه شقيق (حسن) ثم قال تلك الكلمات التي أوقفت كل شيء من حول (حازم)
- البقاء لله ..
يتبع...