-->

رواية جديدة نجمة أركان الجزء الرابع من سلسلة فرعون مكتملة لريناد يوسف - الفصل 32 - الثلاثاء 17/6/2025

  

قراءة رواية نجمة أركان الجزء الرابع من رواية فرعون كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نجمة أركان

الجزء الرابع من رواية فرعون

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف

الفصل الثاني والثلاثون

تم النشر يوم الثلاثاء 

17/6/2025



تانى يوم الكل صحي على سعيه، يمان راح عالإكاديمية واخد معاه الأسلحه والذخيرة والمتطوعين للتدريب وراح يستقبل أول دفعه للأكاديمية.. 

وقاسم وغريب راحوا وراه وأخدوامعاهم أركان.. اركان اللي بقاله يومين فاتح تليفونه وقاعد جوا محادثة كهرمانه مستنيها تبعت الرقم وهي من ساعتها قافله مفتحتش، فاتأكد انها كذبه وحد بيتسلى بيه، عشان دي لو وحده وبتحبه زي مابتقول مكانتش سابته في الوقت دا أبدًا وهي عارفه انه اكتر وقت تايه فيه وضايع.. فبمجرد ماحط رجله جوا العربية معاهم عملها بلوك وحزف المحادثه بتاعتها وطلعها من دماغه، مع انه كان يتمني من كل قلبه انها تكون حقيقة وبينه وبين نفسه قرر انه هياخد مشاعرها علي محمل الجد ويكون ممنون ليها لظهورها فوقت هو فامس الحاجة ليها لكن للأسف خيبت آماله. 

ومش بس هي اللي قرر يعملها بلوك، لا دا دخل كمان على حسابات نجمه عشان يبلكها لأنه مش هيقدر ميتكلمش معاها زي مامتعود.. وعارف انه دلوقتي كلامه معاها ممكن يسبب متاعب هو وهي في غنى عنها، لكن ايده مطاوعتهموش انه يعمل البلوك فسابها،

 ساب الشاتات اللي مابينهم زي ماهما وكل رسايلها اللي بالرغم من انها كلها شتيمه ومشاكسه وطولة لسان منها لكن كل كلامها غالي على قلبه وبيفكره بأيامه معاها وحلمه الجميل اللي كان محلي دنيته وصحي منه بقلم على وشه. 


وصلوا مكان الاكاديمية ووقفوا قدام البوابة، كان صرح ضخم أول ماغريب بصله افتكر المدرسة الداخليه اللي مرات ابوه سميه بعتته عليها، افتكر اول يوم ليه فيها، خوفه توتره.. وحدته وحزنه وضياعه في اليوم ده، افتكر قاسم اللي ربنا بعتهوله عشان يكون راحته وتعبه فنفس الوقت.. اتعادت قدامه كل ذكرياته، تدريباته وتحديه لنفسه وإصراره إنه يكون حاجة كبيرة وفعلا نجح في كده. 


اما قاسم فكان تفكيره فحاجة تانيه خالص، تفكيره كان فإبنه أركان وإن المكان دا هو بدايته، شافه بعد كام سنه من دلوقتي وهو لابس بدلة ظابط وواقف قدامه وهو بنفسه بيعلقله النجوم فوق كتافه وفخور بيه. 

أركان كمان كان واقف وشايف ورا باب الاكاديمية حياة جديدة ومستقبل مبهم.. خايف ميكونش بالمتعة اللي بيتكلم عليها ابوه وعمه غريب، وانهم بيخدعوه عشان يورطوه، وان الحياة العسكرية معتقل ميدخلهوش برجليه غير واحد مجنون زي ماكل اصحابه قالوله.. لكنه اخد نفس جامد ونفخه وطلع معاه كل خوفه واتنفس بداله استسلام للي جاي ورضي بالمكتوب، ودخلوا هما التلاته ويمان كان فإنتظارهم مع الفرقة، لفوا المبني كله واستكشفوه وانبسطوا بكل حاجة فيه، وبعدها نزلوا ووقف غريب قصاد السلم الشبكي والحبال الضخمة وكوتشات الترلات، وبص لقاسم اللي فهمه وابتسمله بحماس، ويمان هو كمان ابتسم لما فهم اللي ناويين يعملوه، وبحركة وحدة التلاته كانوا بيقلعوا جواكتهم وبيفكوا زراير قمصانهم ويقلعوها، وبصوا لبعض بتحدي وقاسم قال لغريب:

-هنقدر ولا نضحك علينا العيال ياغريب؟ 

مردش عليه غريب بالكلام لكنه اتحرك بسرعة ناحية الجدار وفثواني كان متسلق نص السلم ولحقه قاسم ويمان ومن بعدهم فرقة التدريب واتحولت الأكاديمية لساحة لعرض المهارات واللياقة ..وغريب كان بطل الساحة بخفة جسمه وقوته وحركاته المدروسه.. أركان كان بيتفرج عليهم وهو مبتسم وحاسس بسعادتهم  ومتهيأله من شدة الحماس اللي مالي الجو إنه شامم ريحة الادرينالين من كتر ماكانت واضحه عالكل.. اصواتهم الرجولية العالية وتشجيعهم لبعض، صوت غريب اللي كان عامل زي الأسد اللي بيقود القطيع بتاعه.. الشباب وتناغمهم في الحركة.. 


وبدأ يتكون انطباعه الأول اللي كان مبشر، وعلى الرغم من إن ابوه كان تقريبًا في نفس مهارة عمه غريب، إلا إنه شاف شخصية غريب هي الأطغى، الأشد والأقوى، شخص قيادي من الدرجة الأولى، ومن هنا القدوة لقت مكانها في عيون وعقل أركان واتحطت فيه. 


عدوا ساعتين من التدريب المتواصل بعدهم الكل قعدوا عالأرض ومنهم اللي نام وفرد اديه ورجليه بتعب ومنهم كان قاسم اللي بص لغريب وقاله بإبتسامة:

-والله زمان يافرعون، الواحد حاسس انه رجع ٢٥ سنه لورا، منكرش ان الواحد جاب جاز بس انت عيني عليك بارده لا السن ولا السنين عدوا عليك، قاعد بحيلك كله. 

هو ياروب قال آخر كلمه وفجأة حاجة نزلت علي غريب خلته صرخ والكل اتفزع، وقاموا يشيلوا اللوح من فوق غريب اللي اول مااتشال من عليه اللوح حط ايده على دماغه وبص لقاسم اللي قاله بإبتسامة سمجه:

-بص احمد ربنا ان عيني مش بتجيب معاك من الآخر وبتأذيك زغزغه بس، هي أه مفعولها عليك أسرع من الصوت لكن برضوا محبتي ليك مخففه مفعولها، بس دا ميمنعش اني لما اشوف فيك حاجة تدعوا للعجب استعجب، يعني النهاردة أشوف منك الليونه والمهارة دي كلها ومحدش قادر يجاريك، لا اللي قدك ولا الأصغر منك وأسكت؟ 

يادوب خلص كلامه والرجالة كانوا سندوا اللوح عالحيط وبعدوا عنه قام واقع تاني على دماغ غريب، والمرادي غريب صرخ بقوة اكبر وقاسم ساب اركان والرجاله بيشيلوا اللوح من عليه وقام يجري، وغريب زحف من تحت اللوح وقام جري وراه بكل سرعته، ومسكتش غير لما مسكه وبقبضة ايده ضربه فوق دماغه ضربتين خلوه فقد اتزانه واول ماسابه كان هيقع لولا مااتسند عالحيط ولحقه اركان وسنده، فبصله قاسم وسأله:

-انت مين وليه عندك راسين؟ 

حضنه اركان وضحك وبص لغريب اللي كان بيشوف دماغه اتفتحت ولا لأ وقاله:

-على فكرة ياعمي دا ظلم انت اللي حصلك قضاء وقدر بتحاسب عليه ابويا ليه؟ 

رد عليه غريب بزعيق:

-لا ياروح امك دي عين ابوك اللي بتفلق الحجر والقدر كمان معاه، طول عمره عينه جايباني لورا وغبائه مدمرني. 


اتحرك غريب وبعد وفضل اركان ساند ابوه لحد مارجعله اتزانه، وبص لأركان وضربه بالقلم وقاله:

- ياكلب تسيب ابوك ينضرب وتقف تتفرج! 

رد عليه إركان بضحكة:

-ماهو بصراحة يابابا انت كنت هتموته بعينك، ومش عارف ليه مبتحصلش الصدف دي غير مع عمي غريب؟! 

قاسم:

-دا من حظي الأسود.. اسندني ووديني عنده خليني أشوفه بيفكر فأيه احسن يكون بيفكر يخلص مني ويكوش عالأكاديمية لوحده.. 

راحوا عند غريب وقعدوا جنبه ووصل الغدا اللي طالبينه والكل اتغدى وبعدها قام قاسم وأخد اركان وابتدا يدربه عالتصويب لأن هو معلمه اساسيات استخدام السلاح من فك وتركيب وتسليح، مفيش بس غير التصويب وأركان كان مركز مع ابوه جدَا ومنتبه لكل حرف بيقولهوله، ودا كان درسه الأول المنفرد لأنه او طالب رسمي في الأكاديمية. 

خلص اليوم وعلى آخره كان الكل هلكان حرفيًا، رجع غريب مع قاسم وسابوا يمان وأركان مع باقي الفرقة للبدء من بكره في أستقبال الطلاب وانطلاق الأكاديمية رسمياً. 


وصل غريب لليل وهو حاسس انه اتغرب عنها سنه مش يوم، اطمن عليها واطمن انها أخدت علاجها فمواعيده وماشيه على تعليماته، وعرف منها وصلت لغاية فين في جهاز نجمه وقالتله انهم خلاص بكره هينزلوا يختاروا الفستان.

حضرت جوهره العشا وقعدوا كلهم يتعشوا وليل نادت على جوهره عشان تتعشى معاهم وغريب كان هيعترض لكنه سكت، وفعلًا جات جوهره قعدت تتعشى معاهم..


 وابتدى غريب يحكي لنجمه وليل عن الاكاديمية والحماس وفرحته هو وقاسم ويمان بيها، ويوم اركان الاول فيها كان عامل ازاي، وكل دا بيحكيه وعينه على جوهره وعيونها اللي منزلوش من عليه ثانيه ولا بصوا على حد غيره طول ماهي قاعده.. ومن هنا اتأكد ان البنت دي فيها حاجة مش مظبوطه، كمل اكله وتجاهلها وبص لنجمه وقالها:


-تعرفي يانجمه ان جوازتك دي تدخل موسوعة جينيس لاغرب جوازه، ياللي عريسك حتى ماكلمني يأكد معايا ميعاد الفرح ولا يسأل عن قايمه ولا مؤخر ويعرف انا ناوي امضيه على ايه، ايه البني آدم ده لجد؟ 


نجمه:

-اكتب يابابا اللي انت عايزه وهو هيمضي من غير تفكير ايان الفلوس اخر حاجة ممكن تهمه. 

غريب:

-والله انا بدأت اقتنع ان حياة البني آدمين أصلًا  آخر حاجة تهمه..خلينا نتفق انه انسان غريب. 

ردت عليه نجمه بتأييد:

- وهو مين معترض على انه غريب ومريب ومن عجائب الدنيا السبع كمان؟، ايان اعداداته كلها بايظه وعايز اعادة ضبط، لكنه في المجمل مريح، مبيتدخلش فحاجة وبيدي للي حواليه مساحة حرية محدش بيديها لحد، تحس وانت معاه انك مش مقيد بيه كده، لا انت مسؤل عنه ولا هو مسئول عنك، حاجة كده منتهى التحضر وتكبير الدماغ. 


ردت عليها ليل بقهر:

-له وانتي الصادقه،دي حاجة منتهى الهم والغم، قولي انه زي قلته وخلاص متزوقيش الكلام بلا تحضر بلا تمدن، لما حد يسألك عن شخصيته اختصري كل الرط ديه وقولي انه جلنف. 


ضحك غريب ونجمه حبت تمثل انها زعلت من كلام امها لكنها مقدرتش وضحكت معاه، وليل ابتسمت علي ضحكهم، وبصت لجوهره اللي كانت فدنيا تانيه وسألتها :

-امال ياجوهره سرحانه فأيه؟من اول ماقعدتي وانتي مش معانا، وحتى وكل مكلتيش زين؟ 


ردت عليها جوهره وهي بتبعد عيونها عن غريب بالعافيه:

-هااا.. لا اني معاكي اهه ياخاله ليل وكلت لما شبعت.. اما اقوم اعملكم الشاي. 

رد عليها غريب:

-اعملي شاي ليا أنا بس، وليل تعمليلها عصير فريش وتحليهولها بعسل من اللي جايبه، اوعي تحطي فيه سكر، السكر دا ممنوع نهائي عن ليل.. إلا السكر ياجوهره سامعه. 


طبعاً هو قايلها الكلام دا قبل كده وهي عارفاه، بس حب المرادي يلفت نظرها لخطورة السكر على ليل وكأنه حاجة هتدمرها لو دخلت جسمها ودا لسبب ما في نفسه.. 

شبعوا كلهم وقامت نجمه تشيل الاكل مع جوهره، وغريب بص لليل وقالها:

-تعالي ياروح غريب نتمشي في الجنينه شويه. 

ليل:

-متعبتش من الوقفه والتمشيه النهارده، لساك فيك حيل تتمشى؟ 

غريب:

-معاكي انتي كل التعب بيروح، ولو عالحيل متقلقيش حبيبك أسد.. ولا انتي عندك شك؟ 

ضحكت ليل وهي بتحضن دراعه وتتمشى معاه على بره:

-طبعًا أسد وصقر ونمر وكل الجوارح وسيد الناس كلها كمان. 


اخدها غريب تحت جناحه وفضل يتمشى معاها لغاية ماقعدها على الطربيزه، ووقف قدامها وحط ايده فجيبه وطلع منه علبه قطيفه، فتحها وكان فيها سلسله فضه ناعمه بإسم ليل، قرب منها ولبسهالها وهي ابتسمت وهي بتلمسها بأطراف صوابعها وقالتله:

-عارف ياغريب اني أوقات كتيره كنت اقعد مع حالي واحسد نفسي عليك واخاف عليا وعليك من عيني وفرحتي بيك.

 يعني الراجل لو فيه ألف عيب وميزه بس ولا اتنين بالكتير عيغفروا عيوبه، لكن راجل كله مميزات مفتكرش ان فيه حد غيرك على وش الدنيا عيميلها وخد كل الصفات الجميلة.. ولا اظون ان فيه وحده على وش الدنيا ربنا راضاها بعد التعب الرضى اللي راضاهوني بيك، طول عمري مستكتراك على نفسي واقول اني عميلت ايه لكرم ربنا ديه كله؟ 

كل يوم كنت ادعي ان اليوم اللي بعده ياجي نكونوا  فيه مع بعض، ويعدي اليوم اللي بعده مبقاش مصدقه حالي واني معاك ، عشت معاك علي كد ماعشت كل يوم أحس اني خاطفاه من حنك الأسد.. وعمري ماآمنت لحظي دقيقه وحده..

 وعماله استخبى منيه فيك واطمن روحي واقولها تخافيش..حتى الحظ العفش هيخاف يقربلك وانتي فحضن فرعونك.. بس للأسف الحظ لما عيحب يلاعب حد مش عيلاعبه بنزاهه ولا عيديه إنذار قبل مايدخل معاه فمباراه.. لا يحسسك انه هيضحكلك ولا يحذرك من هوجة غضبه..عيزحف ناحيتك بهدوء من غير ماتكون واخد بالك ويرمي اللي جايلك بيه فوشك مرة وحده ويهروب ويهملك مع نصيبك، ويايعاودلك بعدها  عشان يغير أوضاعك ياينساك وتفضل على وضعك سنين طوال، بس حتمًا ولابد وليه رجعه مهنا طال نسيانه، واني اهه بعد مارمى فوشي السعادة عاود ياخدها مني..او ياخدني اني منها. 


نفخ غريب بديقه ولف الناحيه التانيه وحط اديه فوسطه وسكت، بص بعيد عشان ميبصلهاش في اللحظة دي وتشوف عيونه والوجع اللي فيهم منها.. بعد شويه لف تاني عليها وابتسم عكس الحزن اللي جواه وقالها:

-على فكرة السلسله هتاكل من رقابتك حته.. شكرِا ليا وتسلم ايدي واعيش وأجيبلك وتعيشي وتلبسي على ذوقي.. انا رايح اقول لجوهره تعملي قهوة بدال الشاي حاسس بصداع، وبالمره اجيبلك علاجك. 


سابها ودخل الفيلا وكانت نجمه راحت على أوضتها، مكانش فيه غير جوهره في المطبخ.. دخل غريب بهدوء وكانت مدياه ضهرها وبتقطع البرتقان تحطه في الخلاط، وبعد ماخلصت البرتقان مسكت برطمان السكر وبدون تفكير حطت منه في الخلاط! ودي حاجة غريب كان متوقعها، شغلت الخلاط وعملت العصير وصبته في الكبايه ولفت عشان تشوف براد الشاي اللي على النار فاتفاجأت بغريب وراها.. 

اتخضت وسألته بتوتر:

-سي غريب؟ غريبه! مش بعاده تاجي عالموطبخ عايز حاجة ولا ايه؟ 


بصلها غريب بصه طويله وبعدها اتلفت حواليه بحذر وابتدا يقرب منها بشويش وهو بيهمسلها:

-ايوه عايز ياجوهره.. وانتي عارفه اللي عايزه وعايزاه زيي انتي كمان، أوعي تفتكري اني غبي ومش واخد بالي منك ولا من نظراتك ليا، نظراتك اللي حركت جوايا حاجات كتيره وصحت حاجات مدفونه جوايا من سنين..حاسس ان فيه حكايه كبيره هتكون مابينا زي مايكون ربنا بعتك ليا في الوقت دا بالذات عشان تهوني عليا اللي انا فيه. 

جواهر كانت بتسمعه وهي فاتحه بوقها ومش مصدقه ودانها، حاسه انها بتحلم، لكن مع قربه منها اتأكدت من ريحته اللي دخلت قلبها قبل رئتينها إن اللي بيقوله واللي بيحصل حقيقة،

 فبلعت ريقها وكانت هترد عليه بس هو قاطعها وكمل كلامه.. 

-عارف انك مش مصدقه نفسك وخصوصا اني ميبانش عليا، ولا يوم حسستك اني واخد بالي ليكي، بس دي حاجات انا بارع فيها بحكم شغلي، وضبط النفس والتحكم في الإنفعالات وإخفاء المشاعر لعبتي..


 فإختصاراً للوقت احب اقولك ان طول مانتي في الفيلا هنا قدام عيون الكل ملناش فرصة سوا، وطبعًا مش هينفع تسيبي الفيلا تحت اي ظرف ليل مش هتسمحلك بكدا.. فهتعملي الآتي..

" بكرة هبعتلك حد يقول انه من طرف عمك، وان فيه واحد متقدملك من البلد هنخترع أي أسم وعمك باعت يشورك، فانتي هتوافقي بفرحه وتوهمي الكل ان كان فيه قصة حب بينك وبين الشخص ده وظروفه مكانتش تسمح يتجوزك، طبعا ليل مش هتمانع، وانا هتبرع اني ارجعك بنفسي البلد وهديكي فلوس لجهازك كمان، واخدك من الفيلا وأوديكي شقه كنت بجهزلك فيها، وهناك نقدر نكون على راحتنا.. هاه قولتي ايه؟ 

 ردت عليه جوهره بفرحه:

-اكيد اموافقه وابصم بالعشره، يافرحة قلبك ياجواهر، دا النهارده كيف ماتكون ليلة القدر وكل الأمنيات اتحققت. 

رد عليها غريب وهو بيروح ناحية كباية العصير وياخدها يشربها:


-خلاص من بكره مش هتكوني خدامه لحد وتعملي عصير وتحضري اكل وتقفي في المطبخ، هتكوني هانم واجيبلك اللي تخدمك.. هتبقي حرم غريب باشا..عارف ان خدمتك لأهل الفيلا مدايقاكي وحاسه انه مش مكانك ولا دا اللي تستحقيه، وفعلًا انتي متستحقيش كده.. انتي تستحقي تكوني هانم مرات باشا. 


ضحكت جوهره بفرحه وكررت كلامه وهي مش مصدقه:

-جواهر حرم غريب باشا.. جواهر الهانم مرت الباشا.. 

رد عليها وهو بيدلق في الحوض باقي العصير اللي في الخلاط:


-طب يلا ياهانم ياحرم الباشا اعمليلي القهوة بتاعتي على مااعمل عصير لليل غير اللي شربته دا، يخرب عقلك كل حاجة بتطلع من تحت ايدك تجنن.. 


وابتدا يعمل العصير بأيده وهو باصص لجوهره ومبتسم وشايفها مش قادره تتمالك اعصابها من السعادة وكل ماتمسك حاجة تقع منها. 

اما بره المطبخ فكانت واقفه ليل اللي استعوقت غريب ودخلت تشوف سبب تأخيره، ومبتسمه هى كمان زيهم وهى بتسمع كلامهم، واول ماسمعت صوت الخلاط اشتغل وشمت ريحة القهوة اتسحبت ورجعت عالجنينه بهدوء ولا من شاف ولا من سمع.. 


أما فى البلد عند نواره... 


صرخت وقامت من نومها مفزوعه.. فجاتلها عيشه تجري وفأيدها قلة الميه وقعدت جارها عالسرير ومدتلها القله وهي عتقولها:

-بسم الله الرحمن الرحيم، اسم الله عليكي ياحبيبتي، مالك كوبستي ولا ايه، اهو الوكل كبس على قلبك عشان كذا مره اقولك متاكليشي وتنامي طوالي يانواره المثل عيقول اتغدا واتمدد واتعشى واتمشى. 


ردت عليها نواره بمرارة:

-مش الوكل اللي كبس على قلبي ياخالة دا المرار والقهر اللي كبس على قلبي، ولدي شفت حيه ملفوفه. حواليه وعتعصر فيه وهو عينازع ويصرخ، واني واقفه وواعياه ومقادراشي اروحله، كنت كاني مربوطه بقيد حديد بس مش متشاف، ورزق باصصلي وعيستنجد بيا بعنيه كيف مايكون عيقولي ليه مهملاني للموت، كان ناقص بس ينطق ويحدتني ياخاله، ولدي مش مرتاح ياناس اني عايزه ولدي، هاتولي ولدي من مصريه ورجعوا لوفقي بيته ودكانه.. 

واني هشتغل وارجعله كل قرش صرفه بس آخد ولدي فحضني ومعاوزاشي من الدنيا حاجة تانيه واصل. 

ردت عليها عيشه بوجع:

-ياريت يابتي ينفع، والله لو عارفه وفقي يرضى لاني بيدي اللي ألملم حاجتنا ونهملوله بيته ودكانته ونطلعوا لبلاد الله الواسعه ورزقنا ورزق ولدك على الله.


نزلت دموع نواره بقهر ودفنت دماغها بين رجليها وبكل وجع الدنيا ردت عليها:

-ااااااه يارب كد ايه صعيبه لما بني آدم يتحكم فبني آدم ويتسلط عليه ويمسكه من قلبه ويفضل يعصر فيه من غير شفقة ولا رحمه.. قد ايه واعره لما حد يكون متحكم في فرحتك وزعلك في حزنك وضحكتك وانت فيده كيف العروسه العبة لا قادر تصرخ ولا تغير حالك ولا حد يمدلك يده يااارب رحمتك بيا اني خلاص تعبت. 


مؤمن كان سامع بته وحاسس بالنار اللي عتاكل فيها ومش قادر يروحلها يهون عليها؛ عشان كلام الدنيا كله مش هيبرد نار قهرتها على ضناها، وهو اضعف من انه يساعدها، طول عمره ضعيف ومعترف بضعفه بس بينه وبين نفسه، بس نواره وكلامها ودموعها مخليين احساسه بالعجز عيزيد يوم بعد يوم..ضرب بقهر كل الحاجة اللي عالكوميدينو وقعها، فسمعت عيشه صوت التكسير وراحتله جري، لقته مغمض عنيه ودموعه مغرقه وشه، قربت منه وحطت يدها علي كتفه وقالتله بحنان:

-هون علي نفسك يابو نواره، ماداقت الا اما فرجت وربك هيحلها دلوكيت بس الصبر، هتعمل ايه دموعك وقهرتك غير انها هتتعبك وتمرضك؟ 

رد عليها مؤمن بقهر:

-ماامرض ولا حتى اموت ياعيشه، هو يعني اني لزمتي ايه في الدنيا، اللي زيي موته موصلحه، عالاقل لما نواره توبقي يتيمة الناس هتشفق عليها وتلاقي اللي يوقفلها وياخدلها حقها، انما طول ماني على وش الدنيا محسوب عليها راجل ومانع عنها ايادي المساعدة، يارب خدني يارب. 

ردت عليه عيشه بغضب: 

-كلام ايه ديه يامؤمن ياللي مافيك من اسمك شي، ليه تدعي علي روحك وليه محملها اكتر من طاقتها، ماطبيعي ان فيه ناس طاغيه ومحدش يقدرلها ووفقي منهم وديه مش معناه ان باقي الناس ضعيفه ومتستاهلش تعيش طول مامش قادرين عليهم، له يامؤمن ديه اسمه طاغيه والطاغيه ملوش رداد غير ربنا، استغفر ربك وسيبها عليه وهو المنتقم الجبار، وبعدين يامؤمن انت مش واعي انك شايلني من حسبتك خالص، عمال تدعي على روحك بالموت عشان خاطر نواره.. طب واني؟ انت مش عارف قيمتك عندي، وانك راجلي وسندي وعوضي وكل حاجة ليا في الدنيا! 

اعمل ايه من غيرك واني اتعودت عليك ومقدرشي اعيش بلاك، سترتني وكفيتني وعفيتني من مدة يدي لوفقي وعوزتي ليه. اوعاك اسمعك مرة تانيه تقول انك مليكش عازه وموتك احسن، مفيش حد مليهش عازه، ربنا مخلقش مخلوق إلا وليه دور في الدنيا وعازه. 

خلصت كلامها وخدت دماغه فحضنها وفضلت تمسد على ضهره بحنان، حاسه بوجعه وتعبه، عارفه ان وجع الضعف وقلة الحيلة أوعر من أي وجع.. اصلها دايقاه قبله ومن نفس الشخص وعارفه كمان طعم الذل أمر من العلقم. 

هونت عليه وفضلت معاه لحد مانام وبعدها قامت، اتوضت وصلت ودعتلهم بالصبر، وطلبته من ربها ليها هي كمان، عشان كل اللي عيجرا دا رجع صحى فيها كل الوجع وفكرها بولدها، شكله وضحكته وملاغيته وريحته.. حاسه كيف مايكون جارها، حاسه بيه وشامه ريحته بس مشافاهش. 

خلصت صلاتها ووردها وقامت عشان تنام، وقبل ماتنام راحت تطل على نواره وتشوفها عرفت تنام ولا لساه همها مطير النوم من عينها؟ 


لقتها نامت واتلكلكت راس ورجلين كيف ماتكون عتهروب من الدنيا ووجعها وتدفن نفسها تحت الغطا. 

وقفلت عليها الباب مرة تانيه وراحت على أوضتها تناملها ساعتين قبل طلوع النهار. 


عند سراية وفقي.. 

قدام البوابة واقف شخص متلثم ولابس أسود فأسود، بص من خرم الباب بعد مابص شمال ويمين واتأكد ان مفيش حد شايفه، ولما اتأكد ان الطريق أمان ومفيش حد جوا السرايا صاحي وحتى شاكر مش عالبوابه اطمن ولف من ورا الفيلا، ومن مكان مدروس ابتدا يطلع سور السرايا لحد مابقى فوق السور، وبسرعه وخفه نط وبقى جوا، وابتدا يتمشى في الجنينه بخطوات حد عارف طريقه كويس.. دخل الفيلا ومنها على أوضة وفقي على طول، فتحها بهداوه ودخل يتسحب، كانوا غرقانين في النوم، بصلهم لثواني وبص للصغير اللي نايم كيف الملاك، وبس اتحرك رزق اتحرك هو خطوة ناحية السرير، ومن وسط هدومه طلع سكين ورفعها في الهوا ولسه هينزل بيها على قلب مصريه لكن يد اتمدت بسرعة الصوت ومسكت يده اللي فيها السكين، واليد التانيه حاوطت وسطه، ولقى روحه متشال واللي شايله عيطلع بيه بره الأوضة.. وصلوا لبره باب السرايا واترمى الملثم عالأرض ولف وشه شاف عزام ولد شاكر واقف وحاطط اديه فوسطه وقاله من بين سنانه:


-كنت مفكرك اذكى وأوعى من إكده يانواره بس خيبتي ظني فيكي وطلعتي غبيه وغشيمه. 

شالت اللثام من على وشها ولسه هتسأله بإستغراب عرفها كيف فرد عليها قبل ماتسأل:

-جزمتك فضحتك، طولك جسمك عنيكي، وغير إكده محدش يجرؤ يعملها غيرك، ومن حسن حظك ان اني اللي سهران موطرح ابوي النهارده وإلا كان زمانك متكومه عالأرض بطلقه من وانتي فوق السور مكانش استنى لما يتبين انتي مين


وقفت نواره وقالتله بقهر:

-هملني ياعزام اشق صدورهم واخد من قلب كل واحد فيهم عضه واريح الدنيا منهم، هملني اخد بتار قلبي وحرقته ووجعي وحرمان ولدي مني وحرماني منيه. 


عزام:

-عملتك هتزود الحرمان مش هتنهييه يانواره، مسألتيش روحك لما تموتيهم هيحصلك ايه؟ ماهو لو القتل هو الحل كان كل الناس اتعاملت بيه ومكانش حد غلب، طعنه ولا رصاصه وتنتهي الخصومة والعداوة، بس اللي عيمنع الناس من حل خلافاتها بالطريقة داي هي العواقب اللي وراها. 


عاودي على البيت يانواره واستغفري ربك عالذنب اللي كنتي هتعمليه. 


نواره:

-له ممروحاش، مش همشي غير بولدي. 

عزام:

-روحي يانواره عقولك ومتأذيش روحك انتي فعش الحدادي. 

همستله بعيون اتجمع فيهم الدمع:

-طيب اشوفه، اشيله واشمه واضمه لصدري هبابه وهروح.. كتير ديه عليا ياناس؟ 

عزام:

-مش كتير بس خليه بأوانه، بكره تعالي بعد نص الليل واني هرتبلك تشوفيه وتشيليه وتشبعي منيه، وتقعدي للصبح معاه كمان من غير خوف. 

سألته نواره بضعف:

-امانه عليك عتتكلم صوح ولا عتضحك عليا.. اوعاك ياعزام تكون عتضحك عليا. 

عزام:

-بصي داي اول مرة اوعدك فيها بحاجة، جربي وعود عزام وكلمته ولو خلفت معاكي يحقلك تمشي في البلد تقولي عزام واد شاكر مره وليهش كلمه..يلا امسحي دموعك داي وتعالي اروحك واوعاكي تطلعي من البيت في الوكت ديه تاني لحالك لو انطبقت السما عالأرض فاهمه؟ 


هزت نواره دماغها بطاعه ومشت معاه، خدها على بيتهم وطول الطريق ساكتين، هو متقدم عنها خطوتين وماشي عاقد اديه ورا ضهره وهي وراه، باصاله وحاسه وهو ماشي معاها بأمان عمرها فحياتها ماحسته.. ولا حتى مع أبوها...


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملةذ