رواية جديدة غصات الحب والقدر لعلا السعدني - الفصل 26 - الجمعة 18/7/2025
قراءة روايةغصات الحب والقدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية غصات الحب والقدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة علا السعدني
الفصل السادس والعشرون
تم النشر الجمعة
18/7/2025
استطاع (حمدي) أخيرًا أن ينسق ل (تقى) موعدًا لمقابلة (ممتاز) وفي اليوم المحدد، اتصل ب (حازم) ليخبره أن الموعد قد تحدد، فأقلّ شقيقته بسيارته، وقد كانت صامتة طوال الطريق فقد كان يعلم صعوبة الأمر عليها وكيف أن تلك المقابلة ستفتح ابواب الجحيم فى قلبها من جديد وعلى الرغم من ذلك يعلم أن تلك المواجهة ستجعلها ترتاح قليلاً فى الأيام القادمة، ولابد منها كانت تحاول التماسك لتبدو قوية، رغم الارتجاف الخفي في أصابعها ..
لكن قبل أن يصلا، رن هاتف (حازم) فأجاب الهاتف سريعًا، وملامحه تبدلت بمجرد سماعه أنه يوجد حالة طارئة بالمشفى ويجب أن يقوم بتوليدها فأخبر شقيقته بذلك بعد أن قام بإغلاق الهاتف التى أخبرته بإنه لا يوجد أى مشكلة معها فى ذلك، وأنها لا تريد سوى أن تخرج مافى قلبها كى ترتاح فقط وهى ليست بحاجة لوجوده وعندما تنتهى المقابلة ستهاتفه كى يأتى لأيصالها فنظر إليها طويلًا، يود أن يحيطها بذراعيه ليحميها من كل ألم سينتج عن تلك المقابلة، لكنه في النهاية اكتفى أن يتركها لتلك المواجهة، وسيكون على اتصال بها حتى لو لم ينتهى من عمله فوافقته، ترجلت هى من السيارة وانطلق هو بسيارته ذاهبًا إلى مقر عمله ..
دخلت (تقى) إلى المكتب الذى من المفترض بها أن تلتقى به فيه كانت أنفاسها بطيئة، لم تكن خائفة كما توقعت، بل بداخلها شعور غريب بإن تلك المواجهة لابد منها ..
مرت لحظات قليلة ، ثم فُتح الباب، ودخل (ممتاز) كان وجهه كما هو، لم يتغير كثيرًا ..
نظرت إليه بثبات، جلست قبالته، وأمسكت أنفاسها لحظة قبل أن تبدأ بتلك المواجهة وقالت بثبات
- أنا مش جاية علشان أسمع مبررات أنا جاية بس أسألك سؤال واحد ليه؟ ليه عملت فيا كده؟ ليه علّقتني بيك وخلتني أحبك وانت عارف إن العلاقة بينا .. مستحيلة؟ بمعنى كلمة مستحيلة ؟!
تغيرت ملامحه قليلًا، ولمعت عيناه بالندم، وقال
- أنا .. أنا لما حبيتك مكنتش أعرف إن (حسن) أخوكي
عرفت بعد اللي حصل .. بعد ما كل حاجة كانت انتهت
ابتسمت بسخرية، ابتسامة تتم عن وجع كبير فى قلبها ثم قالت
- وده مبرر؟! شايف إن ده مبرر يعني؟ يعني لو (حسن) ماكنش أخويا وكان أي حد تاني كان عادي؟ الدنيا هتمشي؟
حياة الناس وموتها عندك حاجة سهلة كده؟!
هزّت رأسها بعدم تصديق، ثم نظرت إليه، وصوتها انكسر رغمًا عنها
- أنا مش عارفة .. مش عارفة حبيت فيك إيه ومش قادرة أستوعب إزاي مكنتش شايفة حقيقتك إزاي كنت عامية للدرجة دي؟ ده حتى اللي عملته في (رؤى) .. أنا بررته ليك وادتلك مبررات ووقفت ضد (حازم) علشان أكون معاك!
أغمضت عينيها وهى تشعر بالغثيان، كأنها لا تحتمل ما تتذكره، ثم همست
- أنا قرفانة .. قرفانة من نفسي إني حبيت واحد زيك
نظر إليها (ممتاز) نظرة غاضبة، وقال بشراسة
- قولتلك مكنتش أعرف إنه أخوكي! وبعدين انتي اللي اختارتي تبعدي .. من أول ما أخويا اتقبض عليه أنا كنت بسمع كلامك في كل حاجة وكنت مستعد أعمل أي حاجة علشانك
بس انتي اللي اتخليتي عني!
نظرت إليه (تقى)، وعينيها تلمع بالخذلان أكثر من الدموع
- عارف؟ أنا فعلاً كنت حاسة زي ما بتقول إني اتخليت عنك وقت ما كنت محتاجني وكنت بلوم نفسي ليل ونهار إني بعدت عنك وخدتك بذنب أخوك بس .. إنت سهلتها عليا
سهلت الفراق عليا جدًّا لما عرفت إنك شريك في قتله ..
انت كمان!
رفعت رأسها، وعينيها تتحدها ثم أردفت قائلة
- أنا مش وحشة انت اللي إنسان مينفعش يتعاشر
ولا حتى تستحق دمعة تنزل علشانك!
نظر إليها (ممتاز) بحدة، ونظراته اشتعلت بغضب لا يستطيع كتمانه
- إنتي شكلك نسيتي أنا مين! أنا هخرج من هنا .. وهفكرك
ومش هسيبك في حالك أبدًا! خليكي فاكرة ده كويس!
أغلقت (تقى) عينيها، ولأول مرة شعرت أن الغمامة التي كانت تغشي قلبها قد انزاحت، ورأت وجهه الحقيقي، بدون وهم أو زيف نهضت من مكانها، لم تتفوه بكلمة، فقط نظرت إليه نظرة أخيرة، ثم خرجت من المكتب ..
ظل (ممتاز) يحدّق في الباب الذي خرجت منه، عيناه تشتعلان، حتى جاء العسكري ليأخذه من جديد إلى الحجز،
رأته وهو يسير مع العسكرى وعلمت أن ذلك المكان هو ما يستحقه .. وعلمت جيّدًا أن كل المشاعر التى تشعر بها قد تحولت تمامًا لكره ..
❈-❈-❈
كان الليل قد أرخى سدوله، وذلك هو موعدها بالعيادة بعد تغيبها الأيام الماضية خطت نحو العيادة ..
وصلت إلى مدخل العيادة فلاحظت أن الباب مفتوح، الأمر الذي أثار في قلبها شيئًا من الريبة، تعلم أن (حازم) غالبًا ما يتأخر، فمن سيكون بداخل العيادة الآن وهى من معها مفتاح العيادة هى و (حازم) فقط!! نظرت حولها بتوجس، ولم تر أحدًا دلفت إلى الداخل ببطء، تسللت بخطواتها في صمتٍ، فشعرت بالقلق يتسلل إليها، تساءلت في داخلها إن كان هناك لصّ أو شيء مريب يحدث هنا ..
لكن ما إن خطت نحو غرفة الكشف، حتى انفتح بابها فجأة انتفض قلبها بشدة، شعرت، واستعدت للهروب، لولا أن ظهر (حازم) أمامها نظرت إليه بذهول، تاهت عيناها بين الخوف والسكينة، قبل أن تهمس بانفعال
- خضتنى!
ابتسم (حازم) وهو يتأمل ملامحها التي اشتاق إليها أكثر مما يستطيع أن يعترف ولكنه أجاب وهو مبتسم
- هبكون مين يعنى في الشقة بذكائك الخارق ده؟
هزت كتفيها بلا مبالاة، محاولة إخفاء ارتباكها، ثم قالت
- جيت بدرى ليه؟ على طول باجى ألاقي الناس واقفين ليا برة من ساعة ما سبت العيادة وزباينك قلّوا ولا إيه؟
ضحك بخفة وهو يخطو نحوها
- لا يا ستى أنا لغيت كل المواعيد النهاردة قلت نقعد مع بعض كده شوية وبالمرة نتعشى سوا
تبدلت تعابيرها سريعًا، واتسعت عيناها بضيق
- إزاى تعمل كده من غير ما تقولى؟ وتفهمّنى إن فيه شغل؟
قال بهدوء، محاولًا تبرير ما فعله
- عشان عارف إن لو قولتلك تعالى نتعشى برة مش هترضى
رمقته بعين ممتلئة بالعتاب وقالت
- يعنى بتحطّنى قدّام الأمر الواقع؟
تنهّد وقال
- صدقينى مش قصدى اللى فى دماغك ده خالص .. كل الموضوع إنى بقالى كتير مشوفتكيش ونفسى اقعد معاكى شوية
لم تجيب خلعت حقيبتها من على كتفها، وجلست على أقرب مقعد بقيت صامتة لبرهة، تقلب ما يحدث فى رأسها قلبها يقرع بشدة ولا تعلم سببًا لذلك تعرف أنه مجرد عشاء مجرد لقاء بسيط كما اعتادا، فتلك ليست المرة الأولى التى تكون بمفردها معه فى تلك العيادة ولكن هي تعلم يقينًا أن جلوسها معه بعد أن اعترفا بحبهما مختلف عن كل ما مضى الآن، صار للأمر وجهة آخرى ورؤية آخرى ..
قطع أفكارها صوت الجرس اتجه (حازم) نحو الباب وفتحه، ليجد عامل توصيل الطعام تناول منه الطلب، دفع الحساب، وأغلق الباب بهدوء ..
حين رأت (رؤى) الباب يُغلق، اتسعت عيناها رُعبًا، وانكمش جسدها بخوف مباغت، هل هذا ما سيحدث مستقبلاً أن تزوجا أن يُغلق الباب عليها مع رجل آخر بعد كل سنين المعاناة التى عاشتها سابقًا، شعرت بشعور ثقيل وكأنها تحتجز بمكان مغلق، بوجود رجل معها مرة آخرى فمشاعر الحب البريئة التى كنتها ل (حازم) فى الأيام الماضية بالتأكيد ستتحول لمشاعر آخرى بعد الزواج هى لا تريد تذكرها أبدًا ..
بدأت تهز رأسها ببطء، كأنها تطرد كابوسًا، لكنها لم تستطع التخلص منه كانت الأفكار تتسلل إليها بلا إذن، وتنهش عقلها بلا رحمة التفت (حازم) نحوها، لاحظ اضطرابها، اندهش حالتها وسألها
- مالك فى حاجة ولا ايه؟!
نظرت إليه بعينين مرتجفتين، صوتها خرج مختنقًا
- إنت قفلت الباب ليه؟ أنا .. أنا عاوزة أمشى
وهمت لتأخذ حقيبتها وهى تقف ثم تابعت حديثها
- أرجوك متعملش الحركات دى تانى يعنى إيه تقولى إن فى شغل وهو مفيش؟ حضرتك جايبنى هنا ليه أصلًا
ظهرت الدهشة على وجهه، ولم يستوعب حجم التوتر الذى لدى على وجهها
- اهدِى طيب .. أنا عملت إيه؟ لكل ده؟
صرخت بصوت عالٍ
- مش ههدى غير لما تفتح الباب!
تقدم مسرعًا وفتح الباب، رفع يديه كمن يستسلم أمامها وهو لا يعرف فيما تفكر تلك المجنونة
- اهدِى يا (رؤى) أنا معملتش حاجة ومقصدش أخوفك وبعدين إحنا طول عمرنا بنقعد سوا فى العيادة .. دى مش اول مرة يعنى
لكنه لم يفهم سر تغيرها، ونبرة خوفها التى لم يعتدها منها راقبها بصمت، سألها
- أنا عملت إيه طيب؟
تقدمت نحو الباب، تنفست بعمق، وعندما شعرت بالهواء يلامس وجهها، هدأت قليلًا قالت
- أرجوك .. أنا عاوزة أمشى .. مينفعش قعادنا هنا مينفعش
قالتها وهى تشعر بخوف وتوتر كبيران اقترب منها ووقف أمامها، حاول أن يقرأ تعبيراتها، لكنها كانت مغلقة كصندوق صدئ مدّ يده ليلمس كتفها، لكنها انسحبت بحركة عفوية، كأن جسدها نفسه يرفض قربه وابتعدت عنه كثيراً كمن لدغها عقرب ..
ظلّ يحدّق فيها كان وجهه ممتلئًا بالحيرة، ثم بدا وكأن فكرة ما خطرت له ضاقت عينيه وهو ينظر إليها وإلى خوفها منه بتلك الدرجة وتلك ليست طبيعتها هل من الممكن أن تكون تضعه بمقارنة مع زوجها الأول!! ..
كان يعلم أنها عانت كثيراً فى زواجها الأول، فقد عاشت أربع سنوات مع رجل لا يشبهها، لا يفهمها، رجل كان يعاملها كامراءة رغم أنها مازالت طفلة مراهقة ..
أدرك أن الأمر أعمق مما تخيّل ربما لم تكن تخاف منه من قبل لأنه لم يكن يوجد بينهم ما يستدعى الخوف، فعلاقتهم كانت سطحية إنما الآن هو يريد الزواج منها فبالتأكيد تراه بصورة مختلفة بصورة زوجها الأول، قاطع أفكاره صوتها
- أنا هروح .. مع السلامة
رفع عينيه نحوها، لم يعرف ماذا يفعل أو يقول قرر أن يتصرف بطبيعته، وكأنه لم يفهم شيئًا ثم قال
- تمشى إيه؟ مش لما ناكل الأول؟ ناكل ونتكلم شوية واحنا بناكل وامشى بعدها ياستى والباب مفتوح متخافيش .. أنا مش متحرش مثلاً
ارتسمت على شفتيها بسمة خفيفة، ابتسامة باهتة، تحاول طمأنة نفسها بها قبل أن تطمئن له، وقالت على مضض
- م .. ماشى هناكل وبعدين امشى بس .. بس انا هروح لوحدى مش هتروحنى
أومأ برأسه بأسى
- أومراك
بدأ يُخرج الطعام ويضعه على طاولة صغيرة أمامها،كانت تراقب تحركاته بتركيز زائد، بعينين تحصي له كل خطوة، كل نظرة، كل حركة له كى تستعد للدفاع عنه نفسها لو فكر فقط أن يخطو خطوة قربها، قال وهو يمد الطبق نحوها وحاول أن يتحدث معها وكأن شئ لم يكن
- إيه الأخبار لما رجعتى؟ و(جود) عاملة ايه هى كمان؟!
أخذت نفسًا عميقًا وقالت
- واحدة جارتنا قالتلى كلام مش لطيف .. واتضايقت شوية
رفع نظره إليها
- حصل إيه؟
هزت كتفيها وقالت
- يعنى بتقول إن أنا و(جود) فجأة اختفينا ومفيش حد عرف مكانّا حتى بابا وكانوا فاكرين بقى إن أنا علشان اترملت وورثت سبت أبويا وهربت باختى .. واتخليت عنه وكلام تانى سخيف
شعر بانقباض فى صدره، كان يتوقع أن الناس لن تتركها فى حالها، وكان ينوى أن يفتح معها موضوع الزواج قريبًا، لكن بعد ما رآه الليلة، أدرك أن هذا الملف يحتاج صبرًا وترتيبًا مختلفًا ثم تابعت بصوت خافت
- بس أنا ما سكتش قولتلها إن بابا كان هيجوز (جُود) وهى لسه صغيرة فقلت أبعد عنه أحسن الفترة دى
أطرق برأسه قليلًا فهى بريئة كزهرة مازالت تتفتح أوراقها ثم قال
- لو أى حد ضايقك تانى .. لازم تقولى ليا
أومأت برأسها
- حاضر
تناولا الطعام بصمت، كلٌّ منهما غارق فى أفكاره وحين انتهيا، قال لها
- أنا مش هضغط عليكى إنى أروحك عشان عارف دماغك ومتخافيش .. من بكرة فى شغل بجد مش هضحك عليكى تانى
ابتسمت دون أن تقول شيئًا، أخذت حقيبتها ومضت وبقى هو جالسًا، يفكر فى خوفها، وفيه، وفيما يجب عليه فعله الآن ..
❈-❈-❈
جلس (حازم) في قاعة المحكمة، جسده مشدود، وعينيه مثبتتان على القاضي الذي كان يقرأ الحكم، يريد الأخذ بثأر شقيقه الذى قُتِل بسبب هؤلاء الأوغاد يعلم أن هذا أجل شقيقه وهذا عمره ولكنه يشعر بغصة فى قلبه، نظر إلى (حمدي) الذي جلس بجانبه، وكان يشاركه ذات الشعور، يعرف جيدا أن لولا صديق شقيقه ما كانوا سيعلموا الحقيقة ابدا ..
يعلم جيداً أن لا شيء كان سيعيد أخاه، لكن هناك شيئًا واحدًا كان يمكنه أن يخفف ذلك الحزن الذي لا ينتهي أن يُعاقب الذين تسببوا في موته ..
وحين نطق القاضي بالحكم، كانت الكلمات تتساقط عليه كغيث يرطب ارض صلبة كانت على وشك أن تتحجر فقد كان الإعدام من نصيب (سامر) صاحب شركة الأدوية الفاسدة، الذى قُتِل بسببه العديد من المرضى والمؤبد من نصيب (ممتاز) بعد أن تمكن دفاعه من إقناع المحكمة بأنه لم يكن الفاعل الأصلي، وأنه لم يشارك في تنفيذ الجريمة، وإنما اقتصر دوره على التحريض ..
حينها شعر قلب (حازم) بالسلام لأن ما دافع (حسن) عنه قبل موته وما كان يريد تحقيقه بإلقاء القبض على هؤلاء المجرمين أصبح حقيقة الآن ويعلم أنه يشعر الآن بأن الحق قد انتصر ..
نظر إلى (حمدي) بابتسامة مليئة بالامتنان، وهو يشكره كثيراً
- أنا بشكرك على كل حاجة عملتها يا (حمدى)
وقد كانت سعادة (حازم) لا تزيد عن سعادة (حمدى) هو الآخر ف (حسن) لم يكن زميل عمل بل كان بمثابة شقيق حقيقى له لذا قال
- ده حقه وكان لازم يرجع ولو على رقبتى
❈-❈-❈
بعد مرور عدة أيام ..
جلس (حازم) على مقعده في غرفة المعيشة، وظل يفكر فى تصرفات (رؤى) الأيام الماضية هى حقا تشعر بالخوف منه ويبدو أن زيجتها الأولى تركت فى نفسها اثر وعقدة يجب حلها وهو يعلم جيدًا أنه لا يريد سواها وأن قلبه دق بحبها، وهو على استعداد تام أن يساعدها لتتخطى تلك الأزمة، لذا فكر الذهاب لغرفة والدته والتحدث معها بذلك الأمر فهو لن يستطيع مساعدة (رؤى) دون ان يكون زوجها لذا توجه نحو غرفة والدته، ثم دلف بالداخل وظل يسرد على والدته كل ما يؤرقه فى علاقته مع (رؤى)، قص عليها كل شئ خوفها وتهربها منه فى الأيام الماضية، حتى أنها لا تتحدث معه عبر الهاتف إلا قليلاً للأطمئنان عليه فقط وعن شكوكه أنه يبدو أن زيجتها الأولى هى السبب وأنه يبدو أنها تقارن بينه وبين زوجها الأول، هو متأكد من ذلك الشئ، ولكنه لن يستطيع مساعدتها دون زواج وانه يفكر جدياً بعد الزواج أن يعرضها على طبيب نفسى كى يحل تلك العقد حينها شعرت والدته بالشفقة على تلك المسكينة وطمئنته، طلبت منه أن يرتب معها زيارة وستحدثها وتنصح١ها بضرورة الزواج لكلايهما ..
❈-❈-❈
في اليوم التالي ..
قامت والدته بترتيب زيارة إلى (رؤى) في منزلها فاستقبلتها (رؤى) بحفاوة ثم ظلوا يتحدثوا فى أمور عادية وكلا منهما تسأل الآخرى عن أحوالها وأخبارها، والآخرى تطمئنها ببعض الكلمات ..
بدأت والدته الحديث بهدوء، محاولة أن تبدء معها الحديث بلطف
- كنت حابة اتكلم معاكى فى موضوع كده ؟!
نظرت لها (رؤى) باهتمام وهى تقول
- خير يا طنط
ابتلعت ريقها ثم حاولت التحدث بهدوء
- يعنى كنت بقول أن آن الأوان انتى و (حازم) تتجوزوا مفيش شئ يخلى الموضوع ده يتعطل ولا أنتى شايفة ايه!!
تلعثمت (رؤى) في كلامها، وكان وجهها يحمرّ من الخجل والتوتر
- لا يا طنط .. مش هينفع دلوقتي بابا لسه مكملش شهر ميت يعني .. مش هينفع مش هينفع خالص
رؤية الخوف في عيونها جعلت والدة (حازم) تتنفس ببطء وتعلم ان ابنها محق فى كل كلمة أخبرها بها كما أنها كانت تعرف تمامًا ما تعيشه (رؤى)، وكيف أن تجربتها السابقة قد تركت فيها جرحًا عميقًا، لكن كان لديها الأمل أن تكون قادرة على إقناعها لذا حدثتها بهدوء قائلة
- أنا فاهمة يا حبيبتي بس اللي عايزة أقولهولك إنه مش شرط تعيشوا مع بعض على طول دلوقتي بس (حازم) قلقان عليكِ وعلى اختك طول الوقت .. هو بيقول إنك مش راضية تخليه يوصلك بعد شغلك وهو مش مرتاح إنك تخرجي من العيادة لوحدك كمان بيتك هنا غير عندنا بعيد شوية فأكيد بتروحى فى وقت متأخر هو دايماً حاسس بالقلق عليكى وانا شايفة ان كتب الكتاب هيخليكى مطمنة اكتر وانتى معاه وعارفة انك مش مستعدة للزواج دلوقتى طبعاً .. ابوكى لسه متوفى بس لما تستعدى ممكن ساعتها تتجوزوا بس عشان هو يكون على راحته معاكى على الأقل قدام الناس
لحظة صمت ثقيلة مرت بينهما كما انها شعرت بالخوف من كلماتها الأخيرة، هى لا تتخيل أن تكون هى و (حازم،) فى مكان واحد بدون أى حدود تلك الحدود التى بينهم لأنهم ليسا متزوجان هى من تحميها، فبدأت (رؤى) تتنفس بصعوبة وكأن كلمات والدة (حازم) تضعها فى مأزق نحو قرار لم تكن مستعدة له بعد، كانت الأفكار تتنقل في رأسها بسرعة، كما لو أن عقلها يعجز عن ملاحقة ما يحدث ثم قالت، وهي تتلعثم في كلماتها
- ممكن يعنى .. ممكن تسيبوني شويه افكر؟ الموضوع ده مش مستعدة له .. مش عارفة... مش عارفة
نظرت إليها بتفهم وقالت
- متخافيش يا حبيبة قلبي إحنا مش جايين نفرض حاجة عليكى بس الجواز مش حاجة تخوفك هو حاجة بتحميكي بتحسسك إنه في شخص جنبك يحميكى و(حازم) بجد بيحبك .. ومش عايزك تخافي طول مانتى جنبه .. كل اللى طالبه يكتب الكتاب بس عشان يقدر يوصلك ويبقى معاكى قدام الناس
شعرت بتوتر كبير بداخلها ولا تعلم ماذا عليها أن تفعل، هى حقا تحبه تشعر بالحب نحوه ولا تريد رؤيته مع أخرى ولكن أيضاً لا تريد رؤية نفسها معه مرعبة الفكرة حقا ..
يتبع...