رواية جديدة غصات الحب والقدر لعلا السعدني - الفصل 20 - الأربعاء 2/7/2025
قراءة روايةغصات الحب والقدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية غصات الحب والقدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة علا السعدني
الفصل العشرون
تم النشر الأربعاء
2/7/2025
للحظة شعرت أن كل شيء حولها ساكن، وجسدها تيبّس في مكانه وكأنها فقدت القدرة على الحركة ..
مرت ثوانٍ ثقيلة ببطء شديد نظرت إليه نظرة لم يرها منها من قبل بها الكثير من المشاعر الصدمة والخذلان وعدم التصديق فتحت فمها وكأنها ستتحدث لكن لا شيء خرج ..
لم يكن بحاجة إلى كلمات منها ليعرف ما يدور في رأسها، كان يراها في عينيها في جسدها الذي تجمّد علم جيدا ان ما يقوله صدمة كبيرة عليها ..
ظل صامتًا ينتظر رد فعلها لكنه كان متأكدًا أن هذه الليلة .. لن تكون كما كانت عليه الأمور من قبل ..
فقد كان يرى الصدمة مرسومة بوضوح على ملامح (تقى) نظرتها خالية من أي تعبير سوى الذهول ..
حرك يديه بتوتر تردد قليلًا قبل أن يقرر كسر ذلك الصمت لا مجال للتراجع الآن، عليه أن يكمل ما بدأه ابتلع ريقه بصعوبة ثم قال بصوت حاول أن يجعله هادئًا لكنه خرج مرتجفًا قليلًا
- عارف .. عارف إن صدمتك فيا كبيرة بس إنتِ لازم تشوفي الأمور من وجهة نظري أنا
لم تتحرك لم يبدُ عليها أنها حتى سمعت ما قاله، لكنها أخيرًا رمشت وكأنها عادت إلى وعيها من غيبوبة قصيرة، فواصل هو حديثه محاولًا أن يصل إليها قبل أن تتخذ قرارًا نهائيًا بشأنه
- أنا في الأول مكنش قصدي أخبي عليكي أصلاً أنا اكتشفت بالصدفة إن أخوكي هو اللي واقف جنب (رؤى) كنت ساعتها أنا وإنتِ في مرحلة .. كان في استلطاف بينا والمشاعر بدأت تكبر يوم عن يوم
توقف للحظة، كانت عينيه معلقتان بوجهها حاول أن يقرأ أي رد فعل أي إشارة تدل على أنها بدأت تفهم موقفه، لكن الصدمة لا تزال تسيطر عليها تنفس بعمق وأكمل بصوت أكثر هدوءًا لكنه يحمل توترًا
- أنا لما حبيتك حبيتك إنتِ .. مكنش يهمني مين أخوكي بس الموضوع ده كان هيعمل أزمة لما أجي أتقدم لأخوكى كان عندي أمل إن (رؤى) تخسر القضية فـ أخوكي يعرف إنه كان واقف في الصف الغلط .. بس للأسف شكلها هتكسب مع إن ده مش من حقها أصلًا
عند هذه الجملة تحركت (تقى) أخيرًا عقدت حاجبيها بانزعاج ،وظهر الغضب في عينيها ثم قالت بصوت لم يخلُ من الحدة والاستنكار
- هو ده اللي هامك؟ هو ده اللي شايفه غلط؟ لكن إنك تاكل حق أخوك اللي لسه مولود وتطلعه من غير أب ده شيء عادي عندك؟
ضرب (ممتاز) بقبضته برفق على الطاولة، وهو يحاول كبح غضبه أدار وجهه قليلًا إلى الجانب فى محاولة منه لتهدئة أفكاره المتضاربة ثم عاد لينظر إليها مجددًا وقال بصوت منخفض لكنه منفعل
- إنتِ مش فاهمة حاجة يا (تقى) خالص! إنتِ فاهمة يعني إيه تكبري الثروة وإنتِ لسه بتدرسي؟ تشتغلي مع أبوكي تشتغلي بدماغك وعرقك ليل نهار عشان تحافظي على اللي بناه؟ أبويا كان بيسيبلي كل حاجة كان رامي عليّا المسؤولية لأنه كان راجل بتاع ستات مش فارق معاه غير نزواته وأنا كنت اللي بشيل الشيلة كلها
نبرته تصاعدت قليلًا، فقد السيطرة على أعصابه للحظات فقد كان بحاجة لأخراج مافى قلبه لشخص يثق به لكن (تقى) لم تقاطعه، استمعت فقط لكن ملامحها بدأت تتغير فهى الآن ترى فيه شخصًا لم تعرفه من قبل تابع حديثه بنبرة أكثر مرارة
- أنا اللي كبرت نفسي كبرت الثروة شقيت عشان أحافظ على كل قرش فيها وأخويا؟ ولا فارق معاه! بساعده حتى فى شغله واللى يخصه وفجأة واحدة تطلع من تحت الأرض وتقول لي عندك أخ في بطني والمفروض إنه يشاركني في كل ده؟ ليه؟ بسبب غلطة .. نزوة لحظة تهور من أبويا؟ ليه أنا اللي أشيل الشيلة دي؟
كان يعلم أن كلماته قاسية لكنه لم يستطع التوقف، كان بحاجة إلى أن يدعها تفهم موقفه إلى أن يجعلها ترى الأمور من زاويته لكن وجد أن عينيها قد امتلأتا بالدموع لم تبكِ لكنها كانت على وشك، ظلت صامتة للحظة ثم قالت بصوت خافت لكنه مليء بالخذلان
- بس .. ده مش مبرر أبداً عارفة إنه صعب تعترف بحاجة زي دي بس حصل اللي بتعمله ده حرام يا (ممتاز) المفروض تكون حنين على أخوك اللي لسه جاي الدنيا مش تحرمه من حقه
أطلق ضحكة قصيرة ساخرة باردة
- ذنبه؟ ذنبه إن امه ست جشعة دورت على الفلوس وضحّكت على راجل أد أبوها وعرفت تلعبها صح
هزّت (تقى) رأسها ببطء غير مصدقة ما تسمعه منه ثم قالت وعيناها تبرقان بالغضب
- لا حرام عليك يا (ممتاز)! (رؤى) مكنتش عاوزة تتجوز أبوك أبوها هو اللي أجبرها كانت قاصر! لا حول لها ولا قوة! أنا بجد مصدومة فيك مش قادرة أصدق إنك بتقول الكلام ده!
لم ييجيب، زفر بحدة مرر يده على وجهه وكأنه يحاول تهدئة نفسه فالكلام أصبح حائل بينهما ثم قال بصوت خافت لكنه حاسم
- أنا ميهمنيش في الحكاية دي غير حاجة واحدة .. إنتِ .. إنتِ اللي تهميني عشان كده صارحتك وقلت لك الحقيقة
اتخذت قرارها بالفعل، نهضت ببطء سحبت حقيبتها من فوق الطاولة نظرت إليه للمرة الأخيرة وهى تقول ببرود
- لو سمحت مش عاوزة أتكلم معاك تاني ولا تيجي ورايا وانسى علاقتي بيك نهائيًا
ظل ينظر إليها غير مصدقا، شعر كأن الهواء سحب من رئتيه فقال بصوت شبه مبحوح
- (تقى) .. استني إيه اللي بتقوليه ده؟ أنتى هتسبينى عشان واحدة متسواش زى دى .. أنا بحبك!
لم تتوقف ألقت عليه نظرة أخيرة ثم قالت بصوت ثابت
- لو سمحت مش عاوزة أسمع منك كلمة زيادة
ثم استدارت ومضت، ظل (ممتاز) جالسًا في مكانه يراقبها وهي تبتعد غير قادر على الحركة، ماذا عليه أن يفعل الآن، كان متأكدًا من شيء واحد فقط ..
أنه لن يستطيع العيش بدونها ..
❈-❈-❈
جلست على الفراش تمسك ابنها بين يديها تهدهده كى ينام وما أن غطى فى ثبات عميق، وضعته على الفراش بهدوء شعرت أن هناك شيئًا غير طبيعي منذ أيام و(حازم) لا يذهب إلى العيادة دائمًا يخبرها عبر الهاتف ألا تأتي لأنه لن يكون هناك، لم تستطع تجاهل إحساسها بأن هناك أمرًا ما يشغله .. حدسها لم يخدعها من قبل وهي تعرف أن (حازم) ليس من النوع الذي يتغير هكذا بدون سبب، نظرت إلى هاتفها وجدت أن الساعة تشير إلى الوقت الذي اعتاد فيه الصعود إلى السطح ليجلس مع كلبه، ترددت للحظة لكنها قررت أنها يجب أن تراه أن تعرف ما يحدث معه وتطمئن عن احواله ..
خرجت من باب شقتها ثم صعدت السلم المؤدي إلى السطح وعندما وصلت، رأته هناك كان جالسًا تمامًا كما توقعت ويبدو أن عيناه غارقتان في أفكار كثيرة، اقتربت ببطء حتى أصبحت على مسافة كافية لرؤية ملامحه بوضوح، وجدته حتى لا ينتبه إلى وجودها، شارد ومنفصل عن ذلك العالم فقالت بصوت هادئ كى تنبه بوجودها معه
- ممكن أتكلم معاك؟
رفع رأسه ببطء وعيناه التقتا بعينيها، لم ينبس ببنت شفة فقط هز رأسه بالإيجاب لكنه لم يبدُ كما تعرفه، كان هناك حزن دفين في نظراته شيء لا تفهمه بعد، شعرت بالقلق عليه جلست على المقعد المقابل له وأمالت رأسها قليلًا وهي تراقبه بدا كأنه يحمل عبئًا لا يقوى على احتماله، تنهدت قبل أن تتحدث مجددًا
- شكلك غريب قوي يا دكتور .. بقالي فترة حاسة إنك متغير وكذا يوم مش بتروح العيادة في حاجة؟
أخذ نفسًا عميقًا، ليجمع الكلمات في ذهنه ثم نظر إليها .. أراد أن يخبرها بكل شيء أن يبوح لها بما يحمله في صدره، لكنه لم يعرف من أين يبدأ بقي صامتًا للحظة ثم قال بصوت منخفض
- يعني .. في حاجات فعلاً بس مش عارف أعمل إيه ولا أظبط الأمور إزاي
شعرت (رؤى) أن الأمر أكبر مما ظنت، هناك شيء يثقل كاهله، لا يستطيع حتى الحديث عنه بسهولة مالت بجسدها نحوه قليلًا، تحاول دفعه للحديث وقالت بنبرة مشجعة
- طب فهمني .. مش أنا بشاركك في كل حاجة فى حياتى؟ احكيلي انت كمان احكيلي كل حاجة
لم يستطع النظر إليها مباشرة، يخشى رد فعلها تنهد مرة أخرى ثم قال بصوت متردد
- أمي فاتحتني في موضوع غريب .. عاوزاني أتجوز مرات أخويا عشان الولد يفضل في وسطنا
لم تستطع استيعاب ما قاله في البداية، كأن الزمن توقف للحظة وقلبها تعرض لنغزة حادة لا تعرف لها سببًا شعرت بضيق غريب يسيطر عليها انقبض قلبها فى صدرها، لماذا يزعجها هذا الخبر؟ حاولت أن تخفي ارتباكها، لكنها لم تستطع كتمان تساؤلاتها الداخلية كيف؟ ألم يكن... ألم يكن يهتم بها؟ ألم يكن يغار من (سيف)؟ أم انها فهمت مشاعره بطريقة خاطئة؟! كان كل شيء في تصرفاته يقول ذلك! حاولت أن تبدو طبيعية، لكنها خرجت من صمتها بصوت متلعثم
- طب .. طب وإيه المشكلة؟
نظر إليها (حازم)، يبحث في عينيها عن رد فعل يخبره انها تهتم لأمره، ولكن يعلم جيدا حتى وأن كانت هى تهتم بأمره عندما تعلم الحقيقة كاملة ستتركه وكأنه لم يكن اصلا بحياتها يوما واحدا، فقال بصوت هادئ به مرارة
- المشكلة إني مبحبهاش يا (رؤى)
لم تستطع السيطرة على تعابير وجهها وجدت نفسها تبتسم دون وعي، سعادة دافئة غمرت قلبها للحظة لكنها سرعان ما أدركت نفسها، فحاولت أن تتدارك الأمر فقد كان قلبها ينبض بسرعة لماذا؟ لماذا هذا الشعور بالراحة؟ تمالكت نفسها سريعًا وقالت له بإصرار
- طيب مادام مش بتحبها خلاص قول لمامتك إنك هتهتم بالولد كأب مش لازم الجواز الموضوع سهل ليه مصعبه على نفسك؟
لم يكن مقتنعًا زفر ببطء، ثم قال بصوت متعب
- الموضوع مش زي ما أنتي فاهمة يا (رؤى) .. أمي شايفة إن (رغد) لسه صغيرة ومن حقها تعيش تجربة تانية وإنها مش هتعيش على ذكرى (حسن) باقي حياتها وفى نفس الوقت لو اتجوزت اهتمامي بالولد هيبقى صعب والطفل مش هيتربى في أسرة متكاملة هو مش مجرد إنه ابن أخويا وبس .. ده ابني يا (رؤى) فاهمة ؟!
كانت (رؤى) تسمعه لكنها لم تستطع منع نفسها من الشعور بالضيق، كتمت ضيقها داخلها وهزت قدميها بعصبية ثم فجأة انفجرت بحدة غير معتادة منها
- طيب خلاص! مادام الموضوع شاغلك كده اتجوزها وخلاص! الحب مش لازم في كل الجوازات في جوازات كتير بدون حب!
نهض (حازم) بغضب من مقعده، لم يعد يحتمل النقاش معها، نظر إليها بعينين مليئتين بالألم ثم قال بصوت يفيض بالإحباط
- أنا مش عاوز أتجوز مش عاوز أظلم (رغد) ولا أي حد تاني!
نظرت إليه باستغراب لم تفهم .. لم تفهم ما الذى يدور فى عقله فكلماته اصبحت مبهمة حتى تصرفاته لا معنى لها نهضت بدورها واقتربت منه ثم قالت بإصرار
- أنا مش فاهمة وضحلي .. إيه مشكلتك مع الجواز؟
ظل صامتًا للحظات ثم مرر كفه على وجهه وأغمض عينيه للحظة، يحاول أن يجد الكلمات لكنه في النهاية نطق بالحقيقة بصوت خافت
- عشان أنا مبخلفش يا (رؤى)
شعرت كأن قلبها سقط في هاوية سحيقة، نظرت إليه بصدمة لم تستطع الكلام كان صوته يحمل كل الألم، يبدو وأن ذلك الأعتراف شاقٌّ على قلبه، حاولت أن تقول شيئًا لكنها لم تجد الكلمات المناسبة بعد لحظات من الصمت ابتلعت ريقها بصعوبة ثم قالت بصوت مهزوز
- وايه المشكلة؟ يعني لو (رغد) مش عارفة ممكن تقولها وتخيرها الموضوع مش .. مش مستحيل
ابتسم بسخرية، التفت إليها وعيناه تحملان مرارة لا توصف ثم قال بتهكم
- الموضوع مش إيه يا (رؤى)؟! مين اللي ترضى تتجوز واحد مبيخلفش؟ حتى مراتي اللي كان بينا قصة حب كبيرة لما عرفت طلبت الطلاق واتجوزت واحد تاني لا (رغد) ولا غيرها توافق عليا ليه؟ إيه اللي هقدمه ليها عشان تضحي تضحية زي دي؟
لم تشعر بنفسها إلا وهي تقول بتوتر
- ما .. ما يمكن توافق!
لكن قبل أن تكمل، أمسك (حازم) برسغها فجأة وعيناه مغروستان في عينيها صوته كان حادًا، لكنه يائس
- وانتي؟ انتي توافقى تتجوزي واحد زيي؟
ارتبكت رمشت بعينيها عدة مرات، بحثت عن إجابة ولم تجد ثم همست بتلعثم
- أنا .. أنا ..
ترك يدها وابتسم بسخرية، ثم قال بهدوء مؤلم
- طبعًا مش هتوافقي ..
نظر إليها للحظات، ثم أدار ظهره لها وقال بصوت خافت لكنه موجع
- امشي يا (رؤى) دلوقتي .. محتاج أبقى لوحدي
ترددت أرادت أن تبقى، لكنها أدركت أنه يحتاج لبعض الوقت أن يجلس مع نفسه، ودت لو بأمكانها تطمئنها انه لا عيب فيه ولكنها تعلم جيدا انه لن يصدقها وستكون كلامتها مجرد مواساة منها له، سئلت نفسها لو كانت هى مكان (رغد) هل كانت ستوافق على الزواج منه، شعرت بصعوبة فى اتخاذ قرار كهذا فليس من السهل ان تضحى امراءة بأمومتها مع رجل تحبه ويحبها حتى انها نفسها، رغم انها شعرت الأيام الماضية بأن هناك مشاعر وليدة اللحظة تشعر بها تجاهه، لكنها لم تجرب قط احساس أن يكون لها ابن من شخص تحبه ويحبها حتى انها لم تجرب الزواج عن حب بل كل ما عاشته مع زوجها الأول شعرت وكأنه اغتصاب لا زواج، ترقرقت عينيها بالدموع وهى لا تعرف ماذا عليها ان تقول له او حتى لنفسها، فاستدارت ورحلت لكن قلبها ظل هناك معه تريد ان تبقى بقربه تهون عليه، ولكن هل حقا تلك المشاعر البسيطة التى تشعر لها نحوه تجعلها تتخطى عدم انجبه، كانت تعلم جيدا ان سؤاله لها عن ان كانت تستطيع الزواج منه وهو لا ينجب اطفال، كان يقصده ولكن صدمتها اقوى من ان تجيب ..
❈-❈-❈
فى ظهيرة اليوم التالى ..
كان المطعم مزدحماً بالزبائن، في أحد الأركان على طاولة ما تجلس كلا من (تقي) و(فاطمة) وكانت الأولى تشعر بارتباك شديد أصابعها تعتصر المنديل الورقي في يدها، بينما تحاول أن تتماسك، عيناها كانتا مضطربتين، لاحظت (فاطمة) ذلك فاقتربت منها قليلاً تحاول أن تجعلها تتحدث وأن تخرج مافى جعبتها ثم قصت عليها كل شئ دار بينها وبين (ممتاز) ..
بعدها أخذت نفساً عميقاً لكن صوتها خرج مرتجفاً وهي تبدأ الحديث
- أنا مش عارفة أعمل إيه يا (فاطمة) .. حاسة إني متعلقة بحبل بيتقطع من الناحيتين (ممتاز) .. طلع حاجة تانية خالص عن اللي كنت فاكراه أنا كنت شايفة إنه إنسان كويس عنده أخلاق بس فجأة اكتشفت إنه مش عاوز يدي أخوه حقه!
قالت الجملة الأخيرة بصوت ملئ بالغضب والألم ثم عضّت على شفتها وكأنها تحاول منع دموعها من الانهيار لكن محاولتها لم تنجح، فانسابت دموعها على وجنتيها مسحتها سريعاً وهي تواصل حديثها بصوت مختنق
- أنا مصدومة فيه يا (فاطمة) .. مش بس عشان كده لكن كمان عشان لو (حازم) عرف بالحقيقة وعرف إني مرتبطة بنفس الشخص اللي (رؤى) واقفة ضده هيبقى في مشكلة كبيرة! خصوصا ان اخويا ابتدى يحب (رؤى) فعلا
شعرت (فاطمة) بالحزن لرؤية صديقتها بهذه الحالة، مدّت يدها وربّتت على كف (تقي) بحنان، فى محاولة منها لتهدئتها ثم قالت بصوت هادئ
- بصي أنا عارفة إن الموضوع صعب بس فيه طريقة ممكن تمسكي بيها العصاية من النص
رفعت (تقي) نظرها إليها باستغراب، انعقد حاجباها بتساؤل
- مش فاهمة إزاي؟
ابتسمت (فاطمة) بهدوء تحاول بث بعض الطمأنينة في صديقتها التي تبدو وكأنها غارقة في بحر من التردد
- تكلمي (ممتاز) .. بصراحة قولي له إنه لو بيحبك بجد فالحل الوحيد هو إنه يتنازل عن حق أخوه بالذوق بدل ما يديه غصب عنه كده كده (رؤى) هتكسب القضية وهتاخد حقها قانونا منه بالعافية لكن لو عمل ده بمزاجه مش بس هيكون كبر في عين (حازم) لا هيثبتله كمان ان (ممتاز) ممكن يتغير عشان بيحبك بجد
بدت الفكرة وكأنها مريحة، اطمئن لها قلب (تقي) لكنها لم تكن واثقة بعد ترددت للحظات قبل أن تسأل بصوت منخفض وكأنها تخشى أن تأمل فى تلك الفكرة كثيراً
- وتفتكري (حازم) ممكن يسامحه لو عمل كده؟
هزّت (فاطمة) رأسها بإيجاب بثقة
- أفتكر جداً المشكلة اللي بينهم هتكون اتحلت .. وأنتِ كمان هتقدري تكلمي (حازم) وتطلبي منه يسامح (ممتاز) لأنه وقتها هيكون اتنازل عشانك وعشان خاطرك وهيبقى عندك وش تقفي قدام أخوكي
مرّت لحظة من الصمت بينما غاصت (تقي) في تفكير عميق، كانت تعيد ترتيب الأمور في عقلها، تحاول أن ترى الموقف من زاوية مختلفة، صحيح أنها كانت خائفة لكن ما قالته (فاطمة) بدا منطقياً، لو كان (ممتاز) حقاً يحبها فسيكون مستعداً لفعل أي شيء من أجلها .. بما في ذلك تصحيح خطئه ..
أخذت نفساً عميقاً ومسحت دموعها ثم اخبرت نفسها أن تلك التجربة لن تخسر منها شئ ابدا، بل ذلك سيجعلها تعرف أن كان (ممتاز) يحبها حقا أم لا ..
❈-❈-❈
فى مساء اليوم التالى ..
جلست (تقي) في المطعم تنتظر وصول (ممتاز) بينما يداها متشابكتان فوق المنضدة تضغط أصابعها ببعضها البعض في توتر كانت تدرك جيداً أن هذا اللقاء ليس عادياً بل هو نقطة فاصلة فى شأن علاقتهم .. إما أن تخرج منه مطمئنة أو ينهار كل شيء أمام عينيها ..
لم تستغرق لحظات حتى دخل (ممتاز)، بحث عنها بعيناه بين الطاولات وبمجرد أن التقت عيناه بعينيها تنفّس الصعداء وشعر بالراحة، توجه نحوها بخطوات سريعة وعندما جلس أمامها لم يكن قادراً على إخفاء اللهفة في نظراته ظل يحدق في تفاصيل وجهها، يحاول أن يحفظ كل ملامحها التى اشتاق إليها لكن برغم شوقه كان هناك خوف في داخله .. خوف من أن تكون هذه الجلسة ليست كما توقع ..
تنحنح قليلاً ثم قال بصوت يحمل عتاباً دافئاً به بعض الحزن
- هونت عليكي مترديش عليا ولا حتى تطمنيني عليكي الأيام اللي فاتت؟
لم ترفع (تقي) عينيها إليه بل حدقت في الطاولة، تحاول أن تستمد منها القوة التي تحتاجها، شعرت بانقباض في قلبها لأنها تعلم أن كلماته حقيقية وأنه كان يشعر بالخذلان لأنها لم تنصفه، لكنها لم تكن قادرة على الاستسلام لهذا الشعور الآن لابد أن تتحلى بالقوة لابد أن تضع الأمور في نصابها قبل أن تنجرف وراء عاطفتها ..
أخذت نفساً عميقاً ثم رفعت رأسها أخيراً لتنظر إليه بعينين تحملان جدية لم يعتدها منها
- بص يا (ممتاز) .. أنا عاوزاك تعرف إني بحبك وباقية عليك ..
كانت كلماتها كنسمة هواء باردة في يوم صيفي حار دخلت قلب (ممتاز) بسرعة وجعلته يبتسم تلقائياً، لكن تلك الفرحة لم تدم طويلاً فقد لاحظ أن عينيها تخفيان شيئاً آخر، عقد حاجبيه في حيرة وهو يرى تلعثمها وأنه يوجد شئ آتى فى حديثها بدا مستعداً لسماع ما ستقوله بعد ذلك
فلم تمنحه (تقى) الفرصة ليسأل بل أكملت كلامها مباشرة هذه المرة بصوت ثابت
- بس عشان أعرف إنك كمان بتحبني .. لازم تثبت لي ده
انعقدت ملامح (ممتاز) باندهاش وكأنه لم يفهم تماماً ما تعنيه لكنه لم يقاطعها فقط انتظر ما ستقوله له ..
ابتلعت (تقي) ريقها ثم قالت بوضوح وهي تنظر في عينيه مباشرة تريد أن ترى ردة فعله
- عشان تثبت لي حبك تعملي حاجة واحدة بس ..
شعر (ممتاز) بتوتر مفاجئ، قلبه أخبره بأن ما ستطلبه منه لن يكون سهلاً لكنه قال بصوت منخفض متردد
- إيه الحاجة دي؟
ألقت كلامتها بوضوح كأنها ترمي قنبلة في وجهه
- ترجع حق أخوك
تسمر (ممتاز) في مكانه للحظات كأن الزمن توقف رمش عدة مرات، فهو بحاجة إلى استيعاب ما سمعه ارتسمت على وجهه تعابير مختلطة بين الصدمة والحيرة ثم قال بصوت ملئ بالحزن
- أنتِ بتساوميني يا (تقي) بحبك؟!
أحست (تقي) بوخزة في صدرها لكنها لم تسمح لتلك المشاعر بأن تسيطر عليها، خفضت عينيها للحظة، تفكر في ردها ثم رفعت رأسها مجدداً وقالت بهدوء لكنه هدوء يشبه العاصفة
- ده أحسن ليك .. وأصلاً ده حقه أنت مش هتحسن إليه
لم يقل (ممتاز) شيئاً لكنه كان يحدّق فيها يشعر بالضيق والغضب منها، لأنها تضع حبها له في كفة وحق أخيه في الكفة الأخرى كان الأمر صادماً بالنسبة له لكنها لم تنتهِ بعد أرادت أن توصل رسالتها بوضوح فأضافت
- ساعتها لو عملت ده أنا هقدر أقف قدام أخويا وأقوله إني مش عاوزة غيرك وإنك عملت ده عشاني وعشان بتحبنى وأنك مستعد تتغير فعلا .. لكن لو ما عملتش كده يبقى كلامنا دلوقتي مالوش لازمة
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة علا السعدني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية