رواية جديدة مرايا الروح لفاطمة الألفي - الفصل 4 - السبت 12/7/2025
قراءة رواية مرايا الروح كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية مرايا الروح
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الألفي
الفصل الرابع
تم النشر يوم السبت
12/7/2025
انسابت أشعة الشمس الذهبية داخل الغرفة برفق، كأنها تتسلل بخجل خلف الستائر، تنثر دفئها فوق الأثاث، تُلامس الفراش.
اقتربت"تيا" بخطوات هادئة، جلست بجوار "نادر"، عينها تنظر في ملامحه النائمة، مدت أناملها برقة، تلامس وجهه، تُداعب لحيته النامية، تحاول أن توقظه بحب، دون أن تُزعجه.
تحركت جفونه ببطء، ثم فتح عينيه، استقبلها بابتسامة كسولة، بينما هي طبعت قبلة ناعمة أعلى وجنته وقالت برقة:
-صباح الخير يا حبيبي.
-صباح الخير يا حبيبتي، بس إيه النشاط ده كله؟ صاحية بدري ليه؟
ضحكت بخفة، رفع الغطاء عنه، متأهبًا للنهوض، جسده لا يزال مستسلمًا لبعض الخمول، لكنه كان على استعداد لبداية يومه، نهض، متوجها إلى المرحاض لينعش جسده، بينما هي كانت تقف قرب الباب، لم تغادر، لم تبتعد، وكأنها أرادت أن يكون لها وجود مستمر بجانبه حتى وهو في أبعد لحظاته عنها.
قالت من خلف الباب المغلق، بصوت متحمس:
-عشان محتاجة أشرف على تجهيزات الجاليري بنفسي!.
أنهى استحمامه سريعًا، خرج يمسح قطرات الماء عن وجهه،
أما هي كانت قد توجهت نحو خزانة الملابس، تبحث بين الأثواب عن ما ترتديه اليوم.
وقف خلفها للحظة، يراقبها بصمت، ثم همس بهدوء لكنه يحمل قلقًا واضحًا:
-حبيبتي، مش لازم تتعبي نفسك الفترة دي، ممكن والدتك هي اللي تشرف عليه.
دارت بجسدها إليه، عيناها ثابتتان على وجهه، ابتسامة مطمئنة ارتسمت على شفتيها، بينما طوقت عنقه بذراعيها قائلة:
-لا طبعًا يا نادر، أنا بحب أعمل كل حاجة بدقة، وماما هتكون معايا... ما تخفش عليَّ.
-خلي بالك من نفسك.
-حاضر يا حبيبي، قولي بقى، إيه رأيك، ألبس ده؟
مدّت يدها، كانت تمسك بثوب نهاري باللون البرتقالي، تُزينه فراشات صغيرة، ذو حمالات رفيعة، يصل إلى ركبتيها.
لكنه زفر بضيق، هز رأسه نافيًا، لم يُعجبه ذوقها هذه المرة، ملامحه حملت شيئًا من الاعتراض:
-لا، قصير ومفتوح، ممكن تختاري حاجة مقفولة أفضل.
تأففت بضجر، لكنها لم تجادله، فقط نظرت نحو الثوب الذي أخرجه لها، بلون السماء، من اختياره، لم ينل إعجابها، لكنها قررت ارتداءه على مضض، فقط كي لا تُثير غضبه.
حينها ارتدى هو ملابسه، استعدادًا للذهاب إلى الجامعة، و هي لا تزال تشعر بالضيق، كانت تريد شيئًا آخر، أن يكون معها، أن يُقلها بنفسه، أن يترك كل شيء من أجلها.
لكن عمله لا يسمح له بالتغيب، وهذا ما يُشعل غضبها كل مرة، يثير غيرتها من الفتيات اللاتي يراهن هناك، فهي تريده لها وحدها، لم تتحمل نظرات الإعجاب من الفتيات المحيطين به.
تناول إفطاره معها، ثم ودعها، استقل سيارته، متوجهًا نحو الجامعة.
وهي لا زالت واقفة في مكانها، نظراتها تتابع رحيله، وصوت داخلي يهمس لها بأنها يجب أن تبعده عن عالم الجامعة، لابد وأن ينساق لمطلبها بالعمل مع والدها بإحدى شركات الاستيراد والتصدير فسوف يكون تحت أنظارها تقتحم عمله كيفما تشاء،أما داخل أسوار الجامعة فهو بعيدا عنها ويظل عقلها منشغلا فيما يفعل، هل يبتسم لهن ؟ هل يُدار الأحاديث الجانبية والنظرات الخاصة؟ هل تعلم الفتيات بأنه متزوج أم أنه يخفي خبر زواجه ؟
"التملك ليس حبًا، بل قيد يُحاصر النفس، يضيّق الحرية، يجرد العلاقات من تناغمها ويحوّلها إلى سجن غير مرئي."
❈-❈-❈
"داخل منزل مريم"
لم تتجاوز هديل ذلك الكابوس الذي جعلها ترتجف طوال الليل، تبكي تارة وتصمت تارة أخرى تطالع الفراغ بشرود.
بينما قررت راما عدم الذهاب إلى جامعتها اليوم، اختارت البقاء بجانب صديقتها، بينما مريم، بعينين يملؤهما القلق، طلبت منها أن تتصل بديجا، أن تأتي فوراً، أن ترى بنفسها ما يحدث لابنتها.
أسرعت "راما" بمهاتفة "خالة هديل"، دقائق مرت وكأنها دهور، حتى دق جرس المنزل، جاءت "ديجا' مسرعة، دلفت الغرفة، نظرت إلى شقيقتها التي تنتظرها بنظرات قلقة، ثم وقعت عيناها على "هديل" التي كانت بين الوعي واللا وعي، تفتح عينيها لحظات ثم تعاود بغلقهما، تتنهد بحرقة كأنها تحمل هموم العالم بأسره، تجسوا على صدرها كالجبال.
هتفت بقلق وعيناها مصوبة أتجاه تلك الراقدة :
-مالها"هديل؟!
تنهدت مريم بحزن وقالت:
-شافت كابوس ومن وقتها وهي كده...ساكتة مش بتنطق..خايفة بس.
أشارت لشقيقتها أن تتركها معها، فهي الوحيدة القادرة على فهم هديل، على إخراجها من صمتها هذا.
جلست بجوارها، مدّت يدها، بدأت تُداعب خصلات شعرها، تهمس لها بالقرب من أذنها، كلمات خافتة تحاول تهدئتها وزرع الأمان داخل قلبها، تبث لها شيئًا من الطمأنينة، تخبرها بأنها ليست وحدها:
-أنا جنبك، ما تخافيش، قوليلي، قوليلي اللي قلبك مش قادر يشيله لوحده، كلنا معاكِ.
أنسابت دموعهما بصمت ثم التقطت هاتفها من أعلى الكومود وبعد ثواني فتحت التسجيل الصوتي المُرسل من والدها.
وهو يقول بصوت مُتعب، متقطع بأنه يريد رؤيتها وكأنه يصارع الموت:
-عايز أشوفك يا هديل، أنا بموت، ومش عايز غير أشوفك دي امنيتي الأخيرة..
كلماته اخترقت روحها، وكأنها سهمٌ أصابها في قلبها مباشرة، وكأنها أعادت لها كل الحزن الخامن الذي جاهدت في اخفاءه، عاد يطاردها دون رحمة.
هتفت خالتها بضيق، وكأنها تحاول التبرير:
-مدحت فعلاً كلمني من يومين، قال لي إنه محتاج يشوفك، بيقول إنه تعبان قوي، ومن حقه يشوف بنته.
انتفضت، كأن ماسًا كهربائيًا صعقها، كلمة أشعلت داخلها نارا لم تخمد أبدا، خرج صوتها هشًا، ضعيفًا، لكنه يحمل في طياته سنوات من القهر، من الانكسار، من الجراح التي لم تلتئم بعد.
-بنته...؟ هو لسه فاكر أن عنده بنت؟ بنته؟! هو دبحها من زمان! ولا نسيتي عمل فيا إيه؟! وماما نسيت هي كمان، بس أنا... أنا عمري ما هنسى!
شهقت ديجا بصدمة، أدركت حينها الحقيقة التي كانوا يهربون منها لسنوات، هديل لم تتعافَ، لم تُشفى، لم تتجاوز ما حدث لها في الطفولة.
كانوا مخطئين حين ظنوا أنها نسيت، أن مرور الزمن قد طوى الجراح، أن طفلة في الخامسة يمكنها أن تمضي دون أن تحمل ندوبًا لما حدث.
لكن هديل لم تكن بخير، لم تكن قادرة على النسيان، كانت تلومهم الآن على حق ضاع، على طفولة مبعثرة، على وجعٍ لم يكن يجب أن تحمله وحدها.
كيف لهم أن يطلبوا منها أن تراه؟ أن تسامحه؟ وهو نفسه الذي جردها من كل معاني الأمان؟
_حين يكون الأمان هو الشيء الوحيد المفقود، تصبح كل العلاقات مشوهة، يصبح الحب مشروطًا بالخوف، وتُصبح الثقة شيئًا لا يُمكن بناؤه من جديد_
لم تفقد والدها فقط، بل فقدت الإحساس بالطمأنينة، بالإحتواء، بالثقة، كان يجب أن يكون سندها، لكنه كان أوّل من كسرها،وخذلها.
توقف الزمن في تلك اللحظة، كأن الكلمات التي خرجت منها لم تكن مجرد حديث عن الماضي، بل بوابة فتحت على وجعٍ لم يندمل، على جراحٍ نازفة لم تُشفى.
اتتها نوبة من الصراخ الهستيري، لم يكن مجرد صوت، بل صرخة متأخرة لطفلة لم يُسمع وجعها حين كان يجب أن يُسمع.
الآن تُخرج سنوات من الكبت، من الذكريات التي ظنوا أنها اختفت لكنها ظلت تعيش داخلها، تتغذى على ضعفها، تكبر معها، حتى انفجرت بهذه الطريقة.
وديجا جانبها تحاول السيطرة عليها، لكن كيف يُسيطر أحد على إعصار بهذا الحجم؟ كيف تُهدئ أحدًا يُحارب أشباح ماضيه أمام عينيك؟
دلفوا راكضين عندما استمعوا لصوت صراخها الذي مزق الجدران.
نظراتهما تحمل القلق، الرعب، عدم الفهم، يحاولون تهدئتها، يحاولون أن يجعلوها تكف عن الصراخ، لكن لا شيء يوقف هذه العاصفة.
كانت تتأرجح بين الغضب والانهيار، بين الحاجة للهرب، والرغبة في أن يراها الجميع كما هي... جريحة، محطمة، غير قادرة على التحمل أكثر.
بدأ جسدها يضعف، بدأت أطرافها ترتخي، أنفاسها تتقطع، وكأن قلبها لم يعد قادرًا على الاستمرار في هذه المواجهة العنيفة.
صوتها تلاشى تدريجيًا، هدأت صرخاتها، لكن بقيت نظراتها مُعلقة في الفراغ، ثم، في لحظة واحدة، خارت قواها... وسقطت فاقدة للوعي.
حينها، كان الصمت أثقل من الصراخ، كان الحزن أكثر وضوحًا من الغضب، وكانت الحقيقة صارخة أكثر من أي صوت... هديل لم تكن بخير، ولم تكن كذلك منذ سنوات.
-هديل بتعاني من أذمة نفسية ولازمن تبلش مع طبيب نفسي لكي تتخطى هذه الصدمة.
كلمات قالتها راما بحزن وهي تنظر إلى صديقتها الممددة بالفراش بعدما خانها جسدها وخارت قواها ولم تعد تتحمل ذلك الإنهيار..
"الأب ليس مجرد وجود، بل روحٌ تُغلف الحياة بالثبات، فإذا سقط هذا الثبات، يصبح كل شيء هشًا، يصبح العالم مكانًا لا يمكن الوثوق به، فكيف تُشفى طفلةٌ من خذلانه، و تعيش في عالم كان يجب أن يكون فيه الحضن ملجأً لكنه أصبح أول من دفعها للهاوية، وهشم روحها، كلما حاولت البحث عن السند فلا تجد إلا الفراغ"
❈-❈-❈
عندما استيقظ "دياب" ارتدي ملابس رياضية ومشط شعره ثم غادر منزله متجهًا إلى حيث النادي
روتين يومي لا يتخلى عنه، وسط الهدوء الذي اعتاده، وسط الأهداف الثابتة التي لا تخون، وسط الصمت الذي لا يُحاسب، كان يشعر بأنه أكثر قربًا من ذاته.
وصل إلى ملعب التصويب المنعزل عن باقية النادي، التقط بندقية النشان، حرك أصابعه عليها بخبرة، ثم رفعها إلى مستوى الرؤية، تركزت عيناه على الهدف أمامه، لم يكن مجرد دائرة محددة، كان شيئًا يُمثل تركيزه، توازنه، سيطرته، وقدرته على الثبات.
أخذ نفسًا عميقًا، لا شيء في ذهنه سوى النقطة التي يجب أن يصل إليها، سوى اللحظة التي يُصبح فيها كل شيء تحت إرادته التامة.
ضغط على الزناد، انطلقت الرصاصة، اخترقت الهواء بصمتٍ متقن، حيث استقرت في مركز الهدف، شبح ابتسامة طفت على ملامحه، ثم خفض السلاح وزفر ببطء، لم يشعر بلذة الانتصار لكنه شعر بالقليل من الراحة.
صدح رنين هاتفه، أخرجه من جيب بنطاله وأجاب على المتصل بصوت هادئ:
-أهلا يا دوك.
على الجانب الآخر ضحك ماجد بخفة ثم اجابه:
-ماشي يا ديبو، واحشني يا جدع.
-قول اللي عندك ،اكيد مش متصل بيا الصبح عشان تقولي واحشني
-أنت لسه خلقك ديق؟
زفر بضيق ولكن عاد ماجد قائلا قبل أن يفقد صديقه صوابه:
-أنت عارف مش معايا عربيتي هنا وأنا نازل انهاردة، تقدر تنتظرني بعد ساعتين في نفس المكان اللي وصلتني فيه المرة اللي فات.
-عُلم وينفذ يا بطل، أشوفك بخير
اغلق الهاتف وهو يشعر بالضيق فلم يذهب إلى الطبيبة النفسية اليوم بسبب قدوم صديقه.
❈-❈-❈
أما عن "ماجد" فقد أنهى عمله اليوم ولديه إذن بالعودة إلى القاهرة لمدة 24 ساعة يريد الاطمئنان على شقيقته ثم يعاود يمارس مهنته.
نزع البلطوا الابيض وقبل أن يغادر المشفى توجها إلى غرفة الأطباء، وجد الطبيب الفلسطيني "راكان" رجلا في العقد الخامس من عمره، طبيب جراحة عامة، قليل التحدث ، ولكنه يعرف أنه ترك ابنته خلفه، جلس جواره يخبره بأنه سوف يذهب إلى القاهرة، إذا كان يحتاج إلى شيء.
ابتسم "ركان" وضبط من وضع عويناته الطبية :
-كتير ممنون لك، إذا ما فيها عطلة، بدي إياك تطمن "راما" عني ، وتخبرها الشبكه هون مانها منيح لازم بطلع مكان وأسيب المشفى وأني ما بقدر اعمل هيك، راح اعطيك رقمها دق عليها وقابلها راح اعطيك مبلغ تعطيه إياها.
-تحت أمرك يا دكتور ، بس لو محتاج تكلمها فون ، شبكة فوني تمام.
-ما بقدر أتمالك نفسي، صوتها عم يضعفني، لهيك بحاول ما كلمها باستمرار
شعر بحزنه ولكنه مخطئ في هذا القرار، فهي ابنته وتريد دائما أن يشعرها بوجوده حتى رغم المسافات التي بينهما، لكن الافضل لهما أن يظل جانبها يحاكيها دائما، يطمئنها بأنه لا زال على قيد الحياة، يعدها بأنه لن يتركها وحدها.
فهم ركان نظرات ماجد فبتر كلماته قائلا:
-بعرف شو بدك تقول، لكن ما بدي ازرع جواتها أمل وانزعه منها، ما بدي تتعرض لضغط وقلق طوال الوقت، إذا اعتادت تكلمني وما تمكنت يوم من محادثتها راح تجن وتفقد اعصابها، هاي بنتي وأني عارفها منيح.
ابتسم له بهدوء ثم ودعه بعناق حاني:
-اللي تشوفوا يا دكتور ، ثم ربت على ضهره برفق وودعه بكلمات بسيطة:
-أشوف وشك بخير .
❈-❈-❈
بعد مرور ساعتين
استقل دياب سيارته وأنطلق يشق طريقه إلى حيث وجهته استعدادا لمقابلة صديقه.
في غضون ساعة إلا خمسة عشر دقيقة، حينها وصل، صفا سيارته بجوار الرصيف، ألقى نظرة عميقة على الطريق، على مرور الحافلات العائدة من رفح.
بعد لحظات ، ترجل "ماجد" من بين الزحام، وعندما رأى "دياب" لوح له بكفه ثم حمل حقيبة الظهر تتأرجح فوق كتفه، خطواته منهكة لكنها تحمل شيئًا من الثبات، وحين وقع نظره على دياب، ارتسمت على شفتيه ابتسامة مُرهقة لكنها صادقة.
استقبله بحفاوة واستقل المقعد المجاور له ، ظل يتبادلان الأحداث عن الوضع في رفح، عن الواقع الذي لا يُمكن للصور أن تنقله، عن الأصوات التي تُخترق الجدران ،عن المعاناة التي لا يستطيع وصفها.ثم ساد الصمت بينهما ، ليقطعه ماجد قائلا:
-بقولك أيه يا صاحبي، وديني العيادة الاول بدل البيت.
نظر إليه دياب للحظة، لم يسأل، لم يُجادل، فقط انصاع لرغبة صديقه:
-حاضر ... ماانا الشوفير بتاعك انهاردة.
ضحكًا سويا على مزاح صديقه
وصلا دياب أمام المبنى المنشود، نظر لماجد الذي أمسك مقبض الباب، كأنه في عجلة من أمره، ثم التفت إليه، يريد أن يلحق به.
-يلا بينا ، أركن العربية وتعالى ..
❈-❈-❈
كانت جالسة خلف مكتبها، أنهت جلسات اليوم وتنتظر قدوم الموعد الاخير قبل أن ترحل وتذهب لمنزلها.
من حين لآخر تنظر في الساعة المحتضنه معصمها ، زفرت بضجر فقد تجاوزت الساعة الرابعة عصرا ولم يأتي ذلك الشخص الذي سلب عقلها، تفكر كيف ستخوض تجربة علاجه؟ من اين ستبدا؟ ومتى ستنتهي؟ وعليها اتخاذ الحذر ولابد من تسجيل كل كلمة تدار داخل الجلسات فهو شخصًا غير طبيعيًا، يجب عليها أن تُأمن نفسها، أن تتحكم في مسار الجلسة، أن لا تسمح له بأن يُربكها، أن تُحافظ على ثباتها مهما حاول أن يُثير داخلها قلقًا أو خوفًا غير منطقي.
وفجأة، وسط شرودها، وسط تحليلاتها التي لم تهدأ منذ الصباح، أستمتعت لطرقات خفيفة على باب المكتب.
استقامت في جلستها، أخذت نفسًا عميقًا، ثم هتفت بصوتٍ ثابت، رغم كل المشاعر التي تجتاحها:
-اتفضل.
تحرك مقبض الباب ببطء، ثم انفتح بهدوء.
اتسعت حدقتيها بصدمة، لم تكن تتوقع الزائر..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية