-->

رواية جديدة مرايا الروح لفاطمة الألفي - الفصل 6 - الثلاثاء 15/7/2025

 


  قراءة رواية مرايا الروح كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية مرايا الروح

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة فاطمة الألفي


الفصل السادس 


تم النشر يوم الثلاثاء 

15/7/2025


بعدما أدى "ماجد" مهمته بمقابلة "راما" أخرج هاتفه من جيب سترته ثم أجرا اتصالا هاتفيا مع صديقه "دياب" أخبره الاخير بأنه بمنزله ينتظره ، أستقل السيارة واتجه في طريقة إلى صديقه.


أما عن راما عادت ركضا إلى منزل "مريم" وهي تبتسم كأنها حصلت على جائزة بسبب حصولها على عنوان طبيبة نفسية سوف تساعد "هديل" على تخطي أذمتها وتتعافى .

ثم استقلت بجانب صديقتها على الفراش تضمها بقوة وتطبع قبلة رقيقة على خصلاتها الكاحلة.

دلفت مريم أيضا لتنام بجانب ابنتها فهي تشعر داخلها بأنها المُقصرة فيما حدث معها بالماضي، تأنب نفسها على كل ما جرا، حتى على اختيارها الخاطئ لوالد ابنتها.

كانت لازالت هديل تحت تأثير الانهيار ، جسدها متهدل ولم تنطق بكلمة، فقط تطالعهما دون رد منها وهذا ما جعل قلب مريم يتمزق حزنًا وألما على فلذة كبدها، روح فؤادها، فهي زهرة عمرها كيف لها أن تشارك في ذبولها .

مر الليل عليهما طويلا ، كأنه بلا نهاية، كل دقيقة تمر كانت تُثقل القلوب المتعبة، كأن الزمن يُبطئ خطواته عن قصد، يُطيل السكون ليُضاعف تزاحم الأفكار كعاصفة هوجاء لم تهدأ.

بقيت العيون ساهرة، تُحدّق في الظلام وكأنها تبحث عن راحة، عن شيء يُطفئ ذلك الاضطراب الداخلي الذي لم يُفلح الليل في تهدئته.

ولكن بالنهاية، مهما طال الليل، لا بد أن يأتي الفجر، لا بد أن يتنفس الصبح، أن تشرق الشمس على يوم جديد وأمل جديد..


❈-❈-❈


"داخل منزل دياب"

حيث الأثاث متبعثر كأن عاصفةً قد مرّت من هنا، الثياب متناثرة بلا نظام، بعضها مكدس فوق الطاولة، وبعضها مرميّ بإهمال على الأرض، والأكواب الفارغة في كل زاوية.والوسادات ملقاة أسفل الأريكة وفي أركان الغرفة تحكي عن الأيام التي لم يكترث فيها للترتيب، و النظام.

تعم به الفوضى العشوائية.

 دلف "ماجد" بخطوات هادئة، سرعان ما اتسعت عينيه بذهول وهو يرى تلك الفوضى المتبعثرة التي يعيش بها صديقه.

يشعر أنه أمام أحدًا لم يعرفه، ليس هذا صديقه، كأنه شخصًا أخر، تسأل داخله بأسى ,أين أختفى دياب؟ ومن الذي يحل مكانه الآن؟ لم يجد إجابة ... فقط وجد نظرات تائهة وخرج صوته جادًا يشوبه الخجل والاعتذار:

-معلش يا ماجد ، البيت مبهدل.

 لم يريد أن يثقل عليه ولكن لم يستطيع السكوت فقال:

-بقى معقول "دياب الحديدي" يستحمل يقعد في الزبالة دي؟ ده ماكنش في حد مهندم ولا مرتب زيك يا صاحبي أيه حصلك؟

لوى ثغره باستهزاء مبطن ورد:

-مافيش حاجة بضل على حالها على صاحبي.

ثم سأله بهدوء : 

-تشرب أيه؟

هتف بجدية:

-لا أنا مش جاي اشرب، جاي عاوز أتكلم معاك، ثم أستطرد قائلا وهو ينظر لمحتويات الشقة المبعثرة بضيق:

-بس نقعد في الفراندا بلاش مقلب الزبالة ده.

أبتسم دياب وأشار إليه بأن يسير حيث الشرفة، أزاح الستار وفتح بابها برفق، ثم دلفًا معا، جلس ماجد باحدث المقاعد البلاستيكية الموضوعة حول منضدة دائرية صغيرة ، وجلس دياب في المقعد المقابل له وهو يقول:

-وأدينا قعدنا... قولي بقى عاوز تتكلم معايا في ايه ؟

حدق به لحظات ثم تنهد بنفاذ صبر وأجابه بهدوء:

-أنا جاي اسمعك أنت... اللي حصلك مش نهاية العالم عشان حياتك تتشقلب كده.. فوق لنفسك بقى يا دياب، أنت عاجبك حياتك كدة؟ 

نظر له الاخير بعمق ثم زفر أنفاسه على مهل ورد ببرود :

-ماجد مش نفس الكلام بتاع كل مرة، أنا زهقت يا جدع وبقيت حافظه صم.. ثم أردف بسخرية:

-هتتقمص دور الأم اللي بتنصح ابنها الصايع، الضائع يتجوز واحدة تعقله مش كده يا دوك؟

شعر بالاسف على حال صديقه، فمهما تحدث معه لم يعدل من تفكيره، لم يغير ما أضافه على شخصيته مؤخرًا، يعلم جيدًا أنه يتألم ولكن يتظاهر بالثبات والجمود ولكن داخله صراع قوي يجاهد في أخفاء الحقيقة التي تنهشه من الداخل وتطغوا على ملامحه..

نهض عن مقعده وأنهى المقابلة :

-براحتك يا دياب.. أنا لازم أمشي ، محتاج أنام ساعتين قبل سفري، أشوف وشك بخير يا صاحبي.

نهض معه يودعه ثم عانقه يربت على ظهره مودعا إياه ليعاود ماجد قائلا بوصيته التي دائما يوصيه بها:

-خلي بالك من ضي، اعتبرها أختك لو حصلي حاجه خليك جنبها، ضي مابقاش لها حد في الدنيا غيري، وأنت عارف حياتي هناك على كف عفريت.

شعر بالتوتر قليلا وحاول اخفاء نظراته المضطربة وقال وهو يربت على كتفه:

- بعد الشر عليك يا بطل، أن شاء الله ترجع لنا بخير، وما تشيلش هم، أختك هي أختي..



❈-❈-❈

نامت "تيا" قريرة العينين وهي متشبثه بأحضان زوجها، كأنها تخشى أن يتركها ويرحل.

بينما نادر تنهد بحزن وهو ينظر للضماد المحاط بكفها، فهو يعلم في نوبة جنون كهذا أما سيفدقها أو يفقد نفسه للأبد، فهي عندما يجتاحها حالة الغضب الشديد تنفعل وتصرخ وتتحول لشخص أخر ينتقم بجنون وتأذي نفسها ومن حولها، وعندما تفيق من نوبتها تلك تكون مثل الحمل الوديع، تعتذر وتستعطفه بمشاعرها وأنها لم تشعر بنفسها عندما تغضب ويجب أن يحتويها فقط، فهي بدونه لن تكون، في كل مرة يتملكها الغضب بسبب غيرتها أو موقفًا حدث لم تمره إلا بحالة الهياج الذي اعتاد عليها وحينما يهدد بالرحيل تحاول إنهاء حياتها ،سبب تهورها واندفاعها في بعض الأحيان يصعب التعامل معها، يشعر بأنها ستقتله في نوبة من نوباتها المتكررة، رافضة أن تذهب لطبيب وتتحجج بأنها تعشقه وتصرفاتها بنابع الحب وهي شديدة التعلق به وتبكي تترجاء متوسلة بإلا يتركها.

يعدها بأنه سيظل جانبها ولكن داخله يسأم تلك الأفعال، هو بشر أيضا وتلك الحياة الغاضبة دائما تثقل كاهله، ترهق أعصابه، يعيش طوال الوقت بتوتر وكبت لمشاعره، وجوده بقربها يشعره بالاختناق، كأنه يتنفس بصعوبة، لم يستنشق الهواء العليل إلا خارج حدود سجن الزوجية، لم يعد لديه اصدقاء ، نجحت في أبعاده عن الجميع لتضل هي فقط محور حياته.

 أغمض عينيه، حاول أن يُخمد العاصفة التي تدور داخل رأسه، أن يجد السكون وسط كل الضجيج، أن يهرب من الواقع إلى عالم أكثر هدوءًا، لكنه اكتشف أن بعض الأوجاع تتسلل حتى إلى الأحلام. 


❈-❈-❈


رأى فتاة تُحلق في فضاء من الضباب، جسدها ممشوق، مرتدية ثوبها الأبيض، الذي يتراقص مع نسمات الهواء، كأنها جزءٌ منه، كأنها خفيفة لدرجة أنها لا تنتمي إلى الأرض، لا تُلامسها إلا برفق يُشبه خطواتها. 

وهو يراها من ظهرها، كلما اقترب، ابتعدت بخطواتها، كأنها تُحافظ على هذه المسافة بينهما، كأنها تُريد أن تظل فراشة لا يُمكن الإمساك بها .

 نادى باسمها، صوتُه امتزج مع الريح لكنه لم يصل إليها، لم تلتفت، لم تُعطِه فرصة ليرى وجهها بالكامل، وكأنها لم تسمعه، أو ربما... لم تشعر بوجوده إطلاقًا. 

هي لم تكن تسير، بل كانت تدور حول نفسها، كالفراشة التي تكتفي بالتحليق دون وجهة، تدور في عالم خاص بها، لا تهتم للعالم الآخر الذي يُحاول أن يلحق بها.

 ابتسامتها مُشرقة، بريئة، تحمل شيئًا من النقاء، كأنها تشعر بسعادة لا تحتاج إلى سبب، وكأن خصلات شعرها التي تتطاير حولها تزيدها غموضًا، تُغطي نصف وجهها دون أن تمنحه فرصة لرؤية الملامح بوضوح. 

وهو يتبعها بنظراته، أراد أن ينطق باسمها، أن يُعيد المحاولة، لكن فجأة.... فتح عينيه، كأن الحلم لفظه خارج حدوده قبل أن يكشف له سر تلك الفتاة.

ابتسم للحظة، ابتسامة تحمل مزيجًا من الحيرة والدهشة، لقد كانت هناك، كانت حقيقية داخل الحلم، لكنه لم يعرفها، ولم يعرف ما أسمها.

تنهد بعمق، نظر إلى جانبه، فرأى زوجته لا تزال تغط في نومها، عيناها مُغمضتان، أنفاسها منتظمة، لا تدري شيئًا عن الحلم الذي سكنه للحظات.

نهض عن الفراش، سار اتجاه المرحاض ، أراد أن ينعش جسده أسفل الماء البارد، أغرق وجهه فيه، كأنه يُحاول أن يزيل آثارها من ذاكرته، أو ربما... أن يُفيق من هذه الفتاة التي لا يعلم من يلاحق من. 

بينما استيقظت "تيا" على صوت خرير المياه، الالم يجتاح بجسدها، تذكرت كل ما حدث ليلة أمس وهي تنظر لكفها بأسف، عضت على شفتيها ثم حدقت بباب الحمام، تنتظر رؤية زوجها لكي تعتذر عن ما حدث أمس.

انتهى "نادر" من حمامه ثم ارتدى البورنص ووضع المنشفة على رأسه يجفف خصلات شعره المبتل، ثم خرج، لتقع عيناه على وجه زوجته، ابتسم لها بهدوء وقال:

-صباح الخير يا حبيبتي.. عاملة ايه دلوقتي ؟

تركت الفراش وسارت إتجاه طوقت عنقه ثم رفعت قدميها لكي تصل إلى وجنته طبعت قبلة ناعمة وهي تنظر خجلا وتعتذر عن ما بدر منها أمس:

-أنا أسفة يا حبيبي، إللى حصل مش هيتكرر تاني... أنا .. أنا مش هلبس الفستان خالص ولا هعمل أي حاجه ممكن تزعلك مني ، صدقني أنا بحبك وماليش غيرك.

ربت على كتفيها برفق وقال بصوت حاني محاولا اخفاء ما يشعر به من براكين الغضب التي تشتعل داخل صدره:

-حصل خير ، اهتمي بصحتك عشان في بيبي مالوش ذنب في العصبية والانفعال اللي حصل، اتمنى بجد من كل قلبي أن ده ما يتكررش تاني، نقدر نناقش أي حاجه بهدوء بدون أنفعال .

هزت راسها مؤيدة لحديثه ولم تجد ما تقوله. 

ابتعد عنها ينتقي ملابسه ثم عاد ينظر إليها قائلا :

-خدي شاور ، عشان هنفطر وهأخدك تشتري فستان الإفتتاح بتاعك.

لمعت عينيها بسعادة وهتفت :

-بجد ..؟

-طبعا بجد، وأنا واخد أجازة من الجامعة النهاردة عشان اكون جنبك في يوم زي ده.

ركضت إليه تعانقه بشدة وهي تقبله وتشكره على ما يفعله من أجلها ، أما هو فاكتفى بابتسامة مشرقة، يأمل في حياة هادئة دون صراعات.

❈-❈-❈

لم تنم طوال الليل، ظلت ساهرة تفكر وعقدت العزم على قرارًا اتخذته دون تراجع.

مع إشراقة أول شعاع للشمس، أدركت أن الوقت قد حان، أن الانتظار لم يعد خيارًا، أن هناك خطوة مؤجلة يجب أن تُتخذ، حتى لو كان ذلك متأخرًا بأعوام.

ارتدت ثوبها الكحلي، تصميم من صنع يديها، تمامًا مثل كل شيء في حياتها، كانت تحيك تفاصيلها بجهد صامت، ببراعة صقلتها السنوات.

منذ أن انفصلت عن والد هديل، لم تستسلم، لم تتراجع، بل وجدت طريقها في الخياطة، بدأت من مصانع بسيطة، ثم صنعت لنفسها عالمًا خاصًا داخل منزلها، ماكينة خياطة كانت مفتاحًا لحياة جديدة.

كل قطعة ملابس لابنتها ولها كانت تحمل بصمتها، لم تكن مجرد قماش، بل كانت رموزًا لاستقلالها، لرفضها أن تكون مجرد امرأة هزمها الماضي.

توسعت دائرة عملها واقترحت عليها شقيقتها أن تنشأ صفحة على "فيسبوك"، بدأت في التعامل مع طبقات راقية، زارت المنازل، أخذت المقاسات، صنعت التصاميم كما يفضلون، واستطاعت أن تجعل من إبداعها وسيلة لزيادة دخلها.

كانت تنوي أن تستأجر مكانًا خاصًا بها، براند يحمل اسمها، حلمًا يتجاوز حدود ماكينة الخياطة داخل المنزل.

وهديل هي أول من شجعها، كانت تؤمن أن هذه البداية ستحمل معها نجاحًا يستحق العناء.

لكن اليوم... اليوم مختلف.

اليوم لا يتعلق بالعمل، اليوم خطوة مصيرية تُغير شيئًا أكبر بكثير.

عزمت أمرها، ارتدت حجابها الأبيض، حملت حقيبتها السوداء، غادرت بصمت، قبل أن تستيقظ الفتيات، قبل أن تبدأ يومها كالمعتاد.

استقلت سيارة أجرة، أملت السائق عنوان المكان الذي قررت أخيرًا الذهاب إليه، هذا المكان الذي كان يجب أن تزوره قبل أعوام.

 تخلت عن طيبتها عن ضعفها في تلك اللحظة، لم تكن بحاجة إليهما، كل ما أرادته هو الحديث، أن تتكلم، أن تكسر صمتًا أثقلها، صمتًا امتد حتى نسيَت كيف يكون الحديث دون خوف. 

جاء اليوم الذي لم يعد فيه سكوت...

وصلت وجهتها، حيث عادت إلى المنزل الذي طُردت منه سابقًا، المنزل الذي شهد على مُعاناتها، على جراح لا زالت تنزف داخلها حتى يومنا هذا، غابت عنه خمسة عشر عامًا، اليوم تأتي إليه بقدميها، منساقة برغبتها، لكي تطوي صفحة لم تُغلق أبدا إلى الآن ، وجب عليها اليوم تمزيق تلك الصفحة من حياتها وحياة ابنتها للأبد.

وضعت كفها تدق جرس الباب وتحدق في الفراغ، هذا الباب الذي احتمت به ، استنجد به من بطش زوجها الذي كان ينهال عليها ضربًا وصوت صراخ طفلتها يمزق الجدران صراخا متوسلا وهي ترى والدها يتجبر على والدتها الضعيفة التي لا حول ولا قوة من أمرها، يجرها ويسحلها ويلقيها كالحشرة أمام باب المنزل، بثياب النوم ولحقت بها صغيرتها تضمها وتبكي داخل أحضانها ، ليغلق والدها الباب في وجههم، وتتحامل هي على نفسها وتمسك بابنتها تغادر البناية بعدما ارتدت ثيابًا من الجارة التي رأت ما فعله الزوج لتلك السيدة المكلومة، وذهبت إلى منزل والدها الراحل تستنجد بجدرانه الدافئة، التي طوقتها بحنان الوالدين الراحلين عن الدنيا ولكن يبقى أثرهم في كل ركن، وكأنهم يحتوها من غدر الايام، هُنا ملجأها، دفئها رغم الصقيع وقسوة الحياة.

فاقت من تلك الذكرى على فتح الباب، لتجده أمامها ولكن لم يكن كما تركته، بل كان رجُلا هزيلا، غزى الشيب رأسه، ترتجف أنامله وهو قابضا على الباب كأنه يتخذه عكازًا، حدق بها بنظر ضعيف يغمض عينيه قليلا لكي تتضح الرؤية أمامه ، يبدو عليه العجز وهو في الخمسين من عمره، أين ذهبت قوة بنيانه وجسده الضخم؟ متى خانته صحته ليكون هِرمًا بهذا الشكل؟ أين صوته الغليظ ونظراته الحادة التي كانت تجعلها ترتجف كلما رمقها ؟ هل نهش المرض جسده حقًا فلم يعد الوقوف أمامها إلا مهزوزًا، جسده يرتجف، كفيه ترتعش كأنه أصابها شلل رُعاش؟ ظلت تنظر له تتفحص هيئته تلك، كأنها ترى شخصًا أخر لم تعرفه، خرجت تنهيدة حارقة من اعماق قلبها ثم قالت:

-أزيك يا مدحت... يا ترى عارفني أنا مين؟

خرج صوته متلعثمًا: 

-مــ مـــريم..

ثم نظر بجوارها وتساءل بلهفة:

-هديل ... بنتي جت معاكِ؟

-لا ماجتش، ممكن ندخل نتكلم 

شعر بالخيبة بعدما علم بأن هديل لما تأتي لزيارته كما ترجاها في الرسائل الصوتيه، أفسح لها مجالا لدخول، وسار بخطوات بطيئة يدلف للداخل، لحقت به ولكنها تركت الباب مفتوحًا، لم يعد لديهم رابطًا لكي ينغلق عليهما بابًا واحدًا، فقد قطع كل الروابط المقدسة منذ عهد مضى.

جلست بهدوء على الأريكة، عيناها ثابتتان، خالية من أي شعور بالشفقة، فقد قررت مسبقًا أنها لن تسمح لعاطفتها أن تُسيطر عليها، نظرت إليه بقوة، لم تغير شيئًا في قرارها.

فقد جاءت لهدف واضح، ستنهي ما أتت لأجله، ثم سترحل دون أن تنظر وراءها..

" مواجهةً أخيرة دون تراجع، دون أن تترك مجالًا للضعف أن يتسلل إليها"

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة