رواية جديدة مرايا الروح لفاطمة الألفي - الفصل 17 - الثلاثاء 29/7/2025
قراءة رواية مرايا الروح كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية مرايا الروح
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الألفي
الفصل السابع عشر
تم النشر يوم الثلاثاء
29/7/2025
في صمت الليل الموحش، تسللت تيا من بين جدران المشفى كأنها ظل لا يراه أحد، تتقاذفها المشاعر بين الانكسار والتمرد، لم تكن خطواتها تقودها إلى مجرد مكان، بل إلى ذاكرة عالقة داخل جدران الفيلا، التي سكنتها مع زوجها وحبيبها ،تنبض برائحته، بصدى صوته، وبالألم الذي تركه خلفه.
بدأت وكأنه منزل مهجورا ، خالٍ إلا من الأشباح التي خلّفها رحيل نادر، تسللت بين الغرف، عيناها تبحثان بجنون، صوتها يعلو بنداء زوجها:
-نادر... ناااادر!
وكأن حروف اسمه قد تُعيده إليها ثانيا.
وقفت عند خزانته، سحبت سترته بين يديها تشتم رائحة عطره، احتضنتها كما لو كانت تحاول ضمه، انهمرت دموعها بصدق، ثم خرج صوتها ممتزجًا بالحنين والرغبة، صارخًا بالحب، بالتوسل، بالرفض القاطع لفكرة أن يُغادر حياتها ويرحل بعيدا عنها.
تتوسله بأن يظل جوارها فهي بحاجته:
-نادر أنا بحبك ، مااقدرش أتحمل فكرة غيابك، أرجوك أرجع .. سامحني يا حبيبي ، أنا بعمل كده بحب عشانك.
تبدلت نبرة صوتها في لحظة خاطفة، انقلبت مشاعرها من الحنين إلى الغضب، من الحب إلى الهوس، كأن الألم استحال نارًا تلتهم كل ذرة بعقلها:
-لو فكرت تبعد هقتلك وأقتل نفسي... أنت ليا، أنا وبس!
ثم ركضت إلى المرسم، ملاذه، ومسكن روحه، لكنه غاب عنه. لم يتبق سوى لوحات ، وألوان تنطق بصمته، انقبض قلبها، صرخت، وبدأت تلقي اللوحات بجنون، حتى تراكمت حولها، ثم سكبت البنزين، وكأنها تصبّ ما تبقى من خذلانها، و أضرمت النيران، ووقفت تضحك… تضحك لا فرحًا، بل انفجارًا لفقدان السيطرة، لجنون عشقٍ وصل حافة الهاوية.
النيران تتوهج حولها، تتسلل إلى أطراف ثوبها، دون أن ترف لها عين، كأنها ذابت داخل الحريق، لا فرق بين ألسنة اللهب واحتراق القلب..
بينما استيقظت الخادمة على رائحة أختناق، سارت بقلب متوجس خلف ذلك الاحتراق، وشهقت بصدمة عندما رأت النيران تشتعل داخل المرسم، صرخت مستغيثة بمن حولها من الجيران ، أسرعت تركض في خطواتها منادية لبعض رجال الأمن المتواجدين بالقرب من الفيلا..
في ذلك الوقت شعرت والدتها باختفاءها من المشفى ، نهضت تبحث عنها فلم تجدها، انتابها الخوف والرهبة بسبب حالتها الصحية ، تخشى أن تفعل شيئا بنفسها في تعاني انهيارا حاد وصدمة نفسية لابد وأن تظل تحت المراقبة ، هاتفت زوجها وأخبرته باختفاء تيا ، ثم قررت أن تذهب الى حيث الفيلا، أسرعت تقود سيارتها بسرعة فائقة، إلى أن وصلت إلى هناك ورأت مشهدًا صادمًا، الدخان يعبق المكان، بعض رجال الأمن يحاولون التدخل لإطفاء الحريق، صوت صراخها تسمعه، هرولت إليها تهتف بأسم ابنتها فهي تسمع صراخاتها من داخل النيران...
وقفت تيا وسط الجنون، كأنها آلهة خراب تنظر إلى معبد عشقها وهو ينهار، لكن مع زحف الدخان الخانق، بدأ الواقع يصفعها من جديد، حرارة تلسع جلدها، والسواد يملأ رئتيها. ارتجفت، ارتبكت خطواتها، وأدركت أنها أشعلت نارًا قد لا تنجو منها هي أيضًا.
ركضت نحو الباب، تتعثر بين بقايا الألوان المحترقة، والسقف يتناثر غباره فوق رأسها، بينما مدت يدها نحو المقبض، لكنه كان ساخنًا حد الاحتراق، شهقت، التفتت كحيوان جريح يبحث عن مخرج، عن نجاة، عن فرصة ثانية، خرجت صراخاتها المبحوحة من بين الجدران المشتعلة ،في محاولة أخيرة لطلب النجاة..
❈-❈-❈
_الساحل الشمالي_
شهقت بصرخة مكتومة وهي تفتح عينيها من كابوس مزعج كان يطاردها طوال الليل، لم تنعم بنوم هانئ، التفتت بمقلتيها تدور داخل الغرفة، لتتاكد من وجودها هي وراما بنفس الغرفة، حاولت استرداد أنفاسها اللاهثة، أزاحت الغطاء عنها وذهبت إلى المرحاض لتغسل وجهها بالماء لعلها تنسى ذاك الكابوس، وجدت الساعة السادسة صباحًا، قررت المشي على البحر في هذا الصباح الباكر ، أرتدت ثوب أبيض ذى أكمام واسعة وتحتضن معصمها، بينما الثوب ينساب على جسدها الممشوق ، وانتعلت حذاء ابيض بيه سيور متداخله، رفعت شعرها كما اعتادت، وتركت كل متعلاقاتها بالغرفة وغادرتها بهدوء لكي لا تقلق صديقتها..
على الرمال المبتلة نزعت الحذاء وسارت حافية القدمين تتغلل الأمواج الهادئة في هذا الجو الساكن بين أطراف أصابعها ، كأنها تداعب قدميها برقة ونعومة.
فردت ذراعيها كأنها تحتضن البحر وسارت بخطوات متبخترة أتجاة الموج، رفعت أناملها تحرر خصلاتها الكاحلة, تطايرت خصلاته الناعمة هنا وهناك، لم تخرج صرختها ولكنها دارت حول نفسها عدة مرات كأنها تتحرر من نفسها.
❈-❈-❈
أستيقظ نادر وهو يشعر بالتعب في جميع أنحاء جسده، أزاح ستائر غرفته ودلف لداخل الشرفة بخطوات متثاقلة، وقف مكانه يتمطئ بذراعيه يطرد الكسل عن جسده، لتقع عيناه على ذلك الحلم الذي يتحقق أمامه، أغمض عينيه وعاد يفتحها ببطء لتظل حورية البحر بثوبها الابيض واقفة أمامه تدور كالفرلشة مثلما يراها دائما بحلمه .
أسرع الخُطى ولم يبدل ثيابه، ترك غرفته متوجها إليها، دون أن يهندم نفسه، لم يمشط شعره الاشعث أثر النوم، قادته قدماه إلى حيث يريد .
بحث عنها لكن سرعان ما اختفت، ظن بأنه يعاني الهواجس وهو مستيقظ، ولكن عندما دار وجهه ليعود إلى غرفته وجد الحذاء الابيض ، التقطه بين راحته ولاحت ابتسامة عريضة على وجهه وهو يهمس قائلا:
-أية جو سيندريلا ده بقى
كانت واقفة خلفه مصطبعة الوجه بحمرة الخجل فقد كانت تبحث عن حذاءها ويبدو أنها ضلت طريقها أثناء دورانها على الشاطئ بخفة الطائر المغرد، قبل أن تنبث بشفة كلمة، التف هو فجأة وأصطدم بها، ثم جحظت عيناه عندما رأى ملامحها عن قرب، لم يعتذر فقد شلته الصدمة.
أبتلعت ريقها وقالت بصوت مرتبك:
-الصندل بتاعي.
رفعه نادر بين كفيه وهو يهمس بدفء:
-ده...؟
أومات برأسها بخفة
لا زالت نسمات الهواء تداعب خصلاتها الليلة وتطاير حولها في لوحة فنية رائعة، فاق من شروده وهو يتذكر حلمه الذي راودها كثيرا ولم يرى به ملامح الفتاة، الآن وجدها وعرفها ولكن ليس حلما إنما هو واقعًا، يعيشه ..
سحبته من بين كفه ولم ترفع مقلتيها وتنظر له، بل ظلت خجلة تدور بؤبؤى عينيها بارتباك ، ثم فرت من أمامه كحورية خرجت من البحر فجأة وأختفت فجأة.
وجد نفسه ينظر أثر خطواتها على الرمال ليتأكد من كونها حقا كانت أمامه وتساءل بصوت هامس كأنه يسأل شخصا أخر عنها:
-أيه حكاية هديل..؟!
❈-❈-❈
عادت إلى غرفتها بتوتر، وجدت راما لا زالت نائمة، بحثت عن هاتفها ثم أجرت أتصالا مع والدتها، تطمئنها على حالها وتطمئن على صحتها، وبعد دقائق أغلقت الهاتف، لم تجد شيئًا تفعله في ذلك الوقت، أخرجت دفتر رسوماتها وقلم الفحم وتوجهت إلى الشرفة، جلست على الكرسي ووضعت الدفتر على الطاولة التي أمامها ثم بدأت في رسم خطوط لوحتها..
أما "نادر" وجد نفسه وحيدًا وسط الرمال، قرر العودة لغرفته لحين موعد الإفطار، وعندما دلف الغرفة لمح طيفه داخل المرآة بشعره الاشعث، تخلل أطرافه داخله وهو يضحك على هيئته المُذرية، ثم خطى اتجاه المرحاض لينعش جسده داخل حوض الاستحمام ، بعدما انتهى جفف جسده ولفه بالمنشفة وخرج منه ينتقل بعينه بين ثيابه، انتفى قميصا ازرق وبنطال أبيض ولأول مرة منذ زواجه ب تيا يتخلى عن ثيابة الكلاسيكية، يتحرر منها ويكون بالمظهر الذي يفضل أن يكون هو عليه، كما أيضا غير من تمشيط شعره ورفع خصلاته لأعلى، وشمر ساعديه ثم وضع ساعته تحتضن معصمه الأيسر، ونثر عطره المفضل، ثم انتعل حذائة الرياضي الابيض وغادر غرفته، اتجه إلى المطعم ،يريد تناول قهوته الفرنسية.
❈-❈-❈
أتت سيارة الإسعاف حملت جسد تيا المسجي بين الدخان، بعدما تمكن رجال المطافئ بإطفاء الحريق والسيطرة عليه، أما والدتها فاستقلت سيارة الإسعاف لكي تظل بجانب ابنتها، أمسكت بكفها البارد بين راحتيها تحاول بث الحرارة والدفء داخل أوصال "تيا" الغائبة عن الوعي، شاحبة البشرة فقد كانت تصارع الموت واختنقت رئتها بالدخان الكثيف، بكت سلوى بحرقة وهي تتحدث مع ابنتها بعتاب:
-ليه عملتي كده، عاوزة تموتي نفسك؟ مافيش حد بياذي نفسه بالشكل ده، فوقي بقى وأنسي نادر ده خالص، خرجية من حياتك .
انتحبت وأغرقت الدموع عينيها وعاد طيف الذكريات يطرق باب عقلها، عندما كانت طفلتها في العاشرة من عمرها ، وشقيقها فادي يحتفلون بذكرى مولده الرابع، وأنقلب الحفل لعزاء وحزن، بعدما ألقت بالصغير داخل المسبح وهو لا يجيد السباحة، فقد نهشتها الغيرة وتمكنت من قلبها ، سيطرت على عقلها بالتخلص من شقيقها لكي تظل هي وحدها الفائزة بحب ابويها، المتربعة على عرش قلبهما، كانت تكره شقيقها منذ أن أتَ للدنيا ، لم تفرح بأنها لم تعد وحيدة ، بل بكت وصرخت بوجه والديها بأنها لا تريد سواها، لا أحد يأخذ مكانها بقلبهما ولا بحياتهم، رافضة مشاركة شخص أخر حياتها حتى لو كان شقيقها الاصغر، كما أنها لم تترك فرصة لوالدتها بالاعتناء بالصغير ، جلبت له مربية خاصة لكي تظل تيا وحدها هي ملكة المنزل ، رأتها والدتها أكثر من مرة وهي تحاول خنق فادي وهو طفل عمره اشهر وقررت المحاولات كلما سمحت لها فرصة بالقرب منه، وهو نائم تضع الوسادة على وجهه لتكتم انفاس الصغير ولحقت به والدتها ، انهالت عليها ضربا ولم تتحمل افعالها ، أخبرت والدتها بما تفعله ولكنه ظن غيرة اطفال ورفض التوجه بها لطبيب نفسي وتفاقمت داخلها حب التملك والغيرة، وعند حفل مولده لم تسيطر على حقدها وأرادت التخلص منه للابد ، زجت به داخل المسبح وهي تحاول أن تلهيه وتبعده عن الحفل ، تتبعها الصغير بفرحه ، ظن أنها تلعب وتلهو معه، واغرقته وابتعدت عن مكان جريمتها، وعندما تفقدته والدته ولم تجده وسار الجميع في البحث عنه، وجدوه الفاجعة الكبرى وهو مطفي على سطح المسبح جثة هامدة ، كأنه نائما على بطنه، صعدت روحه إلى بارئه ، وبعدها حاولت سلوى أقناع فؤاد بأن ابنتهم ليست فتاة طبيعية لابد من التدخل الفوري من قبل أطباء مختصين ،لكنه رفض، وها هي الآن في الرابعة والعشرين مع عمرها وتحاول أذية نفسها وتتوهم أشياء أخرى لم تحدث ، يصورها لها خيالها المريض، تزوجت نادر قبل عامين وأخفوا عنه مرضها النفسي وكلما اشتكى تصرفاتها، تحاول والدتها تهدأت الأمور بينهما، وتحاول تيا الانتحار كلما حدث شجار بينهما وكانت تغير غيرة تملك، تريد أن تستحوذ على قلبه وعقله وتفكيره وتبعده عن الجميع ، وها هي الآن تحاول تكرار أفعالها الجنونية ...
فاقت سلوي من ذكريات الماضي على فتح سيارة الإسعاف وحمل تيا للولوج بها داخل المشفى لفحص حالتها.
وجدت فؤاد في انتظارها ، قصت عليه ما حدث، واقسمت بأنها لن تترك ابنتها تنهي حياتها بهذا الشكل المأساوي وسوف تضعها داخل مصحية نفسية لكي تتجاوز كل ما حدث ولن تدعها تموت كما مات صغيرها، يكفي فقدان طفلا واحد ، لن تريد خسارة الأخرى، وصرخت بوجهه، لم تعد تتحمل السكوت:
-أنت السبب في اللي وصلت ليه بنتك دلوقتي، ياما قولت تيا مش طبيعيه لازم نتصرف بدري، البيت بتروح مني، ضيعت اخوها زمان ودلوقتي هي بتضيع ، لكن سيادتك خايف على اسم رجل الأعمال وعلى سمعتك وناسي بنتك ، زمان سكت عشان خوفت بنتي تدخل أحداث ولا تتاذي، لكن لا يا فؤاد لحد هنا وكفاية ، خلاص نادر طلقها وكانت جوازة غلط من البداية، لان ما يعرفش حاجه عن حالتها وهي اترجتني ماقولش أي حاجه وكنت ساكته عشان خاطرها ،خايفه اصدمها ، كنت خايفه عليها وخايفه منها ، أنا تعبت ما بقتش عارفه أعمل ايه.
انهمرت دموعها كالشلال ، ربت زوجها على كتفها بحنو ثم تنهد بعمق وقال:
-حاضر اللي في مصلحة تيا هعمله، انا هسفرها برة وأنتي معاها، مش عاوز حد يعرف بحالتها ولا يعرف عن حياتي انا مرشح لمنصب مهم.
صدمة اجتاحت كيانها وابتعدت عنه بقهر ثم قالت بخيبة أمل:
-مافيش فايدة، المنصب والفلوس والعز والجاه هما دول كل حياتك، هما دول اللي هيحيوا اسم فؤاد الاتربي.
رمقته بغضب وقالت كلمة أخيرة:
-طلقني...
❈-❈-❈
داخل بهو المنتجع السياحي، حيث تتلاقى نسمات البحر برائحة القهوة الصباحية، امتدت طاولة الإفطار تحت مظلة خشبية مزينة بالورود البرية، وصوت عزف البيانو ينبعث في المكان .
جلست ضي أولاً، تبدء يومها بابتسامتها الدافئة وهي ترتب أطباق الطعام، بجوارها جاءت راما، و جلست هديل في الطرف الآخر، تتظاهر بالتماسك وتُحاول جاهدة أن تحصر نظرها في طبق الجبن أمامها.
وصل نادر، بابتسامة غير مألوفة، وجه مشرق، ألقى تحية هادئة ، وجلس بينهم، ونظراته انسابت بفضول نحو هديل، أما هي لم تجرؤ على النظر إليه، كانت خجلة، تحاول الاحتماء بصمتها.
أما راما، فشعرت بالضيق بسبب غياب دياب عن الطعام، حاولت التماسك، ثم نطقت بعفوية قطعت الهدوء :
-وينا دياب لاهل، أنا راح أنده ... لازم يفطر معنا ونبدأ البرجرام اللي ضي محضرّاه.
دهشة احتلت ملامح ضي، امتزجت بالفضول وهي تتابع راما بنظراتها، لم تفهم بعد كيف أصبحت راما قريبة من دياب إلى هذا الحد، أما هديل، فكانت تعرف ما حدث ليلًا، وما صار بينهم ، فقد سردت راما كل شيء فهي لم تخفي عنها شيء، لكنها لم تعلق، فقط اكتفت بالاختباء خلف نظرة طويلة إلى كوب الشاي.
لاحظ نادر التغيير، وجدها رفعت شعرها كما السابق لأعلى ، لكنه ظل يتابعها بصمت.
نظرت ضي إليه وقالت برقة:
-أنا مبسوطة إنك بتحاول تكون نادر اللي أنت عاوزه، مش اللي حد عايزك تكونه، صح؟
ابتسم نادر، تنهد بعمق وقال:
-عارفة، معنى إنك تلاقي نفسك الضايعة منك، اللي كانت تايهة في زحمة الأيام… ده شعور بيغسلني من جوا. بيخليني أتنفس براحه، هدوء ، سكينة.
انبعث رنين هاتف ضي فاستاذنت منهما ترد على شقيقها، بينما مال "نادر" للإمام يقتصر المسافة بينه وبين هديل،ثم قال بهمس:
-على فكرة أنتِ مكبرة نفسك بلفة شعرك كحكه، وهو مفرود كان أحلى.
ازداد خجلها وكأنها تنصهر، رفعت أناملها تقضم أظافرها بين أسنانها بتوتر ملحوظ، تحت نظرات نادر الصادمة..
أما عن راما، وقفت عند باب الغرفة، طرقتها برقة، انتظرت هنيهة حتى أنفتح الباب وطل من خلفه "دياب"
ابتسمت بلطف ثم همست بصوت حاني:
-صباح الخير يا ديبو..
بادلها الابتسامة وهو يرد عليها ولكن تقلصت ملامحه قائلا بغضب مصطنع:
-مين ديبو ده؟
ضحكت برقة ورفعت سبابتها تشير إلى صدره:
-أنت ديبو، ما خيي، فيني أندهلك كيف ما بدي
-خيك وقولي اللي يعجبك، أنا كنت بهزر معاكِ
قالها بصدق ، ثم ساروا سويا، استقلوا المصعد ليهبط بهما حيث الطابق الارضي، متجهين إلى المطعم.
توقفت خطوات "دياب" فجأة، كأن الزمن علِق في نقطة واحدة لا تتزحزح، وقلبه يخفق بعنف، لم يتوقع رؤية ذلك الشخص الأن وفي تلك اللحظة، بينما الاخر هتف مناديا باسمه والدهشة تعتلي ملامحه:
-دياب ..!
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية