رواية جديدة مرايا الروح لفاطمة الألفي - الفصل 18 - الأربعاء 30/7/2025
قراءة رواية مرايا الروح كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية مرايا الروح
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الألفي
الفصل الثامن عشر
تم النشر يوم الأربعاء
30/7/2025
وقف دياب كتمثال من شمع، كأن قدميه التصقتا بالأرض، حين دوّى صوت مألوف يتردد صداه على مسامعه:
– ديـــاب!
اقترب ماجد في تلك اللحظة ، دنا من دياب، يصافحه بحرارة، وداخله تساؤلات حول وجوده هنا، ولما لا يخبره بذلك من قبل؟
وقبل أن ينبس أحدهما بكلمة، تقدمت ضي، رافعة حاجبيها بدهشة:
-إنتو تعرفوا بعض؟
ابتسم ماجد، ويده لا تزال على كتف دياب، وقال بصوت ممزوج بالود والألفة:
-طبعًا نعرف بعض... دياب ده أعز أصدقائي.
جلس ماجد على نفس الطاولة وتعرف على الجميع ، سبق والتقى ب راما من قبل، فقد كانت تحاول أن تحدث الصغير ، علمت من ماجد بأنه فقد عائلته تحت الأنقاض داخل غزة، ولم ينجو إلا هو فقط ومنذ أن أتَ المشفى وهو صامت لا زال تحت تأثير الصدمة والفزع والفقد، فقررت راما أن تحاول معه وهي تحدثه بلغته لعله يشعر بقربها ولا يحس بغربة، فأمسكته من كفه الصغير وذهبت تبتاع المثلجات لذاك الصغير .
أما هديل فقد شعرت بالاختناق من ذاك التجمع، لم تعد قادرة على التنفس، استقامت واقفة، مستأذنه بالتوجه إلى البحر ، أرادت الالحاق ب راما والصغير ..
أما ماجد فقد سحب دياب يريد التحدث معه، سار معه مبتعدا عن أنظار الجميع فقد فهم بأنه من ضمن المرضى التي تعالجهم شقيقته.
وقف قبلاته متساءلا:
-ليه ما قولتيش يا دياب انك بتتعالج عند ضي؟
زفر بضيق ورد قائلا:
-انت السبب ، فضلت تقولي انت مش طبيعي ومش نهاية العالم اللي حصلك، وكمان ما لقتش أفضل من أخت صحبي، واثق فيها .
ربت على كتفه وقال مشجعًا وداعمًا هده الخطوة:
-واثق انك هترجع اقوى من الأول يا صاحبي ، وأنا معاك وفي ضهرك دايما.
ابتسم له بامتنان ولكن في داخله، يشعر بالضجر والخيانة، كأنه يخون صديقه بالتفكير في شقيقته، بالمشاعر الخفية الحبيسة بقلبه، خافقه لا ينبض إلا بعشقها منذ زمن..
❈-❈-❈
في لحظة هدأت فيها الضوضاء من حولهم، جلس نادر وضي على دكة خشبية تطل على البحر، ورائحة الملح تملأ الهواء.
قال نادر وهو ينظر بعيداً دون أن يواجهها:
-ضي، أنا محتاج أتكلم... بس مش عارف لو اللي هقوله صح ولا اندفاع.
نظرت إليه ضي بابتسامة متفهمة، وقالت برقة:
- قول يا نادر، أنا هنا مش عشان أحكم، عشان أسمعك.
تنهد بعمق، ثم قال:
– هو... ينفع أدخل في علاقة دلوقتي؟
ابتسمت ضي، وكان في ابتسامتها حكمة لا تخلو من حنان:
– غلط يا نادر نخرج من علاقة بعلاقة تانية.
سكتت لحظة ثم أكملت:
– التعافي مش سباق، هو رحلة، انت لسه خارج من علاقة سميتها بنفسك توكسيك، ولسه مشاعرك متلخبطة. محتاج وقت... لنفسك، لقلبك، علشان تفهم بتدور على إيه فعلًا.
أومأ نادر برأسه، بعينين فيها ألم ورغبة في النجاة:
– ما نكرش... تيا لسه جوايا. يمكن طردتها من حياتي، بس لسه ليها صدى فـ قلبي، ولسه بحارب وجودها جوا تفكيري كل يوم.
نظرت له ضي وقالت بهدوء راسخ:
– ماضيك مش لازم يختفي، بالعكس. لازم نحتويه، نتصالح معاه، مش نمسحه. لأنه جزء من تكوينك، حتى لو كان بيوجعك. خد وقتك، عالج جرحك براحة مش بعقاب، وخلي علاقتك اللي جاية تكون نابعة من شفاء مش من هروب.
ثم ساد صمت، قبل أن يتنحنح نادر ويتكلم بصوت خافت:
– في حاجة... الحلم اللي كان بيتكرر معايا ومش عارف مين البنت ولا شايف ملامحها
رمقها بطرف عينه وأكمل:
-الحلم ده شوفته واقع ، حقيقية ملموسة قدامي، عرفت ملامحها انهاردة، تبقى هديل ...
رفعت ضي حاجبيها بدهشة ثم قالت بمهنية:
-مش هنبني حياتنا على حلم يا نادر ، ولا هنسيب خيالنا يتحكم فينا، هنفكر ونحسبها بالعقل والقلب، القلب محتاج حالة سكون والعقل عندك مذبذ، محتاج تفريغ لكل اللي جواه وعدى عليه الفترة اللى فاتت، محتاج تبدء خطوة لقدام فعلا ،لكن بدون ظلم لنفسك او ظلم لغيرك.
هز رأسه مؤكدًا على كلماتها ولكن قال بفضول:
-هي هديل أيه مشكلتها؟
-ماينفعش أطلع اسرار مرضايا يا نادر ولا ايه
قالتها بجدية، ليكمل هو حديثه بتفهم:
-أنا فاهم طبعا، وشبه عارف حالة هديل، هي طالبة عندي وملاحظ وحدتها وخوفها وعدم اختلاطها ، تقريبا عندها رهاب اجتماعي.
ابتسمت بلطف وردت :
-ماتحولش يا نادر تعرف حاجه، البنت لسه بتقول يا هادي
ضحك بخفه وهتف بمزاح:
-ما ينفعش تقول يا نادر بدل هادي ده ؟
ضحكت ضي برقة وأنتشل نادر من ضحكته التي أنطفت فجأة ،رنين هاتفه المتواصل الذي أضاء الشاشة بأسم والد تيا..
تبدلت ملامحه ونهض من جلسته :
-أسف هرد على المكالمة دي ، والد تيا ..
أومات برأسها بخفة ، ابتعد نادر وظلت هي مكانها تنظر للبحر بشرود ...
❈-❈-❈
أجاب نادر على الهاتف برزانه:
-أهلا يا عمي.
على الجانب الآخر كان يجلس فؤاد بممر المشفى ويجرى الاتصال لكي ينهي أجراءات الطلاق ، لتستطيع تيا السفر للخارج.
رد نادر بتماسك:
-تمام، يومين واتواصل مع حضرتك والمحامي يخلص كل حاجة، ثم اغلق الاخير الهاتف بجمود.
رمق نادر شاشة الهاتف بضيق وهز رأسه بأسى مرددا:
-راجل اعوذ بالله، فاكر الكون كله تحت أمره.
عاد ثانيا إلى حيث تجلس "ضي" وجدها شاردة ولم تشعر بوجوده، تنحنح بهدوء ثم هتف بمرح:
-إللي واخد عقلك..!
فاقت من شرودها ونظرت له بعينين ممتلئ بالدموع الحبيسة، جاهدت في اخفاءهما ورسمت بسمة رقيقة على محياها:
-في أحوال الدنيا .
شعر بمدا حزنها فحاول أن يشاركها هو أيضا كما تشاركه:
-احكيلي مش احنا اصدقاء ولا ايه وعائلة واحدة
تنهدت بمرارة وقالت باقتضاب:
-الفقد، شيء صعب جدا ، ممكن نتخطاه وممكن نفضل عالقين فيه مدا الحياة.
أبدلت حديثها ونظرت له بجدية قائلة:
-أنت ما حكتش اتعرفت على تيا أزاي، وامتى حبتها؟
أحترم قرارها في عدم البوح عن ما تشعر به وحدثها عن أول لقاء جمعه ب"تيا"
في باريس عاصمة النور ، حيث سافر من أجل حضور معرض لوحات ضخم، يجمع بين رسامين من كل دول العالم ، وقع اختياره على لوحة فنية رائعة لفتت انتباهه منذ الوهلة الاولى، أقترب منها يتفحصها ويلامسها بأطراف أصابعه كأنه يحسها ويشعر بها، وقرر شراءها وفي ذلك الوقت وجد فتاة جميلة تقترب منه وتطلب منه عدم لمسها فهي تخصها وحدها ، وحدث شجار بينهما، وهو انفعل وتحدث باللهجة المصرية فشيعته بفضولها وعرفته على نفسها وأنها مصرية أيضا، ثم اعتذرت له ودعته على القهوة، في البداية اعتذر منها بلطف وترك لها اللوحة بعد أن ابدء إعجابه باللوحة، ولكن في اليوم التالي وجدها علمت بعنوان الفندق وارسلت
إليه اللوحة وورقة بموعد لقاء وبدأ بينهما تعارف واعجاب وعادوا سويا إلى القاهرة على نفس الطائرة وظلت تتردد عليه بالجامعة تلتقي به ، وهو لا يفضل العلاقات العابرة وليس من هواي التسكع مع الفتيات ، تزوجها سريعا وتبدلت رقتها ودلالها لفتاة متوحشة بالغيرة والتملك وحب الذات، كما أنها رفضت الانجاب خوفا على فقدانها رشاقة جسدها وتريد أن يظلا متحابان عاشقان لا يمغس حياتهما أطفالا ولا صراخا، وكل ما حدث بعد ذلك، سبق له وأن حكاه في جلسات سابقه...
❈-❈-❈
كانت "راما" تمسك بكف الصغير بلطف، خطواتها خفيفة كأنها تخشى أن تربك هدوءه الهش، وفي يدها الأخرى قطعة مثلجات اختارتها بعناية، ولحقت" هديل" بهما، ملامحها لا تخفي ما تشعر به من تعاطف، ذلك الطفل الذي تكبَّد فُقدانًا أكبر من عمره، أشعل شيئًا في قلبهما.
جلس الثلاثة على الرمال، والطفل يتوسط الفتاتين، كأنه أخيرًا وجد بقعة آمنة في هذا العالم المظلم.
راما تميل نحوه وتقول بصوت خافت كأنها تهمس للأمان نفسه:
-تعرف تقولي شو أسمك يا حلو؟
لم يجب، فقط عيناه الصغيرتين بلون البحر ، كانتا تتحركان بين راما وهديل بحذر.
هديل مدت يدها بلعبة صغيرة كانت تخبئها في حقيبتها، دمية صغيرة بحجم الاصبع بملامح محببة، سحبتها من بين دلاية مفاتيحها، ثم قربتها من الصغير و قالت بهدوء:
– دي اسمها لولا... بتحب تسمع الحكايات، تحب كمان يكون ليها أصحاب، ينفع تكون صاحبها.
لم يتكلم، لكن أصابعه الصغيرة تحركت ببطء والتقطت اللعبة من بين أنامل هديل .
كانت تلك أول إشارة... أول استجابة من الطفل مجهول الهوية حتى الآن..
نظرت"راما" إلى هديل، بعينين تلمعان بفرحة مكتومة،
أما هديل، فوضعت يدها برفق على كتف الطفل، لا تقول شيئًا، فقط تمنحه صمتًا دافئًا، كأنها تقول:
"لست وحدك في هذا العالم ، سأكون جانبك."
❈-❈-❈
بينما هو جالس مع صديقه ولكن كانت عيناه على الفتاتان،
في لحظة خافتة ، حين بدأ نسيم البحر يعبث بخصلات شعر راما، قال ماجد وهو يربّت على كتف دياب:
-هستأذنك دقايق، أطمن على الولد... يمكن يكون متوتر من وجود البنات.
أومأ دياب برأسه، لكنه كان يشعر بالضيق والتوتر، من وجود نادر بالقرب من ضي ، كلما تطلع إليهما تشتعل نيران الغيرة بداخله.
نادر يجلس بجانب ضي... الحديث بينهما متقارب، النظرات حانية، ودياب لا يرى إلا قلبه يُنتزع في صمت.
وفجأة، وكأن الكيل فاض، نهض واقترب منها وقال بصوت منخفض لكنه صارم:
-ممكن أتكلم معاكي يا دكتورة... ضروري.
نظرت إليه ضي بدهشة، ثم اعتذرت لنادر برفق، وغادرا المكان معًا إلى ركن أكثر هدوءًا.
لاحظت عليه توترًا غير معتاد، والغضب بادي في عينيه، فقالت بخفوت:
-إنت كنت تعرف إنٕ أخت ماجد؟
نظر إليها للحظة، ثم أومأ بهدوء وقال:
-آه... وعشان كده لجأت ليكي.
-وليه ما قولتش إنك صاحب ماجد؟
أجاب بتهرب :
-عادي يا دكتورة، الموضوع ما حسّتش إنه مهم وقتها...
ابتسمت برقة ناعمة وقالت:
– طب قولي يا دياب، عامل إيه هنا؟ الجو ممتع هنا بالبحر والشمس، بس إنت شكلك مخنوق.
أطرق برأسه ثم قال بصوت مبحوح:
– فعلاً الجو حلو... بس في حاجات بتحصل بتحاصرني. مش قادر أنام، كل ليلة بشوفها... في حلمي، بفستان فرحها، بس مش ليا.
رفعت حاجبيها وأدركت أن الألم أعمق مما ظنت. قالت:
-ليه ما قولتلهاش إنك بتحبها؟ سكت ليه وشفتها بتبعد؟
همس بخيبة أمل:
-اتلهيت... الإصابة أخدتني، ماكنش عندي الشجاعة.
قالت بحدة:
-دي مش حُجة. سكوتك ضيّعك. خسرت جزء من جسمك، بس خسرت قلبك كمان، بإيدك.
تطلع إليها بعينين زائغتين، وقال بانكسار:
-تفتكري كانت هتقبل بحد زَيي؟ وأنا مش كامل؟
ابتسمت بخفة وأجابت:
-الكمال لله يا دياب، مافيش حد مننا كامل، كنت تسيبها تختار... مش تفرض عليها سكاتك.
– هي ما تعرفش إنّي بحبها.
– ولسه بتشوفها؟
ود لو صارحها أنها جالسة أمامه ويتحدث معها الآن ، تردّد، ثم قال:
– مش كتير...
قالت وهي تراقبه باهتمام:
– هي متجوزة، تفكيرك فيها غلط، مابقتش من حقك خلاص ، وأنت بلاش تفضل معلق قلبك بيها ، حاول تنساها وادي لقلبك فرصة تانيه.
أجاب سريعًا:
– لأ، مابقتش متجوزة ، بقت حرة، وأنا عمر أخلاقي ما تسمحلي أفكر في ست مرتبطة براجل تاني.
– يبقى دي فرصتك يا دياب. قولها. سيبها هي تختار...
– مش قادر. خايف... أفقدها للأبد.
هزّت رأسها ببطء، وقالت:
–سكوتك ممكن يضيّعها منك للمرة التانية.
في لحظة بدأت الشكوك تتسلّل إلى عقل ضي. ملامح وجهه، نظرته، نبرة صوته حين تحدّث عن "حبيبته"... شعور غريب بدأ يتشكل، همس خفي داخلها
_هل يقصدني؟_
لكنها لم تنبس بكلمة، بل قالت حجة واهية، كأنها تهرب من معرفة المزيد ، ثم ابتعدت عنه وهي شاردة في عدة تساؤلات بدأت تطرق أبواب قلبها بعنف.
حاولت إرغام نفسها على إبعاد أفكارها تلك ، فهي لا ترضى لشخص آخر أن ياخذ مكان حاتم بقلبها ولا بروحها مهما وصلت درجات حُبه، لن تسمح لقلبها بالخفقان ثانيا بعدما فقدت زوجها وحبيبها الذي لا يعوض..
وضعت جدارًا حول قلبها، لا كرها في الحب، بل وفاءً لذلك الذي خط اسمه على جدران روحها… حاتم لم يكن شخصًا
فقط، بل وطنًا، وأي محاولة لتبديله كأنها خيانة لذاك الوطن.
❈-❈-❈
اقترب ماجد من الثلاثة، يتفقد بعينيه الصغير، فجأة، اندفع الطفل نحوه، حضن ساقه بقوة وكأنه وجد وطنه في وجوده.
هبط ماجد إلى مستواه، ابتسم ولمس رأسه بخفة، وقال بحنو لا تخطئه أذن:
– ما تخفش يا حبيبي... قولي، اتعرفت على راما وهديل؟
أومأ الطفل بلا صوت، لكن نظراته الناعسة التي ارتسم فيها الأمان كانت كافية.
ضحكت راما وقالت برقة:
– كتير مهضوم، حاولنا نتكلم معه بس بعده ساكت... بدنا يضل معنا شوي.
قال وهو ينظر إليه بعينين خبيرتين:
– هو محتاج يرتاح... متعلّق بيا، وصعب يسيبني فجأة.
ثم التفت إلى راما وسألها بابتسامة مشاغبة:
– ما سألتيش عن والدك من وقت ما جيت ؟
ضحكت بعفوية وغمغمت بسعادة:
– ما سألت... لأنه عم يحكي معي كل يوم.
راقب نبرة صوتها وشقاوة ضحكتها، وامتلأ قلبه براحة خفية. ثم حمل الطفل بين ذراعيه، وسار به نحو الداخل..
بعد لحظات نظرت راما إلى هديل، ثم همست بشيء ما ، و ركضت نحو دياب الذي كان جالسًا بعيدًا، بوجه عابس,
جلست بجانبه، همست بقلق :
- شو في؟ شكلك مو تمام...
نظر إليها بصمت طويل، كأن الكلمات كانت تتصارع داخله، ثم خرج صوته مبحوحًا:
– أنا بحب ضي...
كانت تشعر بذلك بسبب حزنه، غيرته كلما رأها تجلس مع نادر، عيناه التي تلاحقها طوال الوقت كظلها، حتى ليلة أمس وجلوسه وحيدا على الصخرة كأنه يجلد ذاته ويعاتبها طوال الوقت، رغم صغر عمرها إلا أنها حقا شعرت بكل ما يجتاح صدره من مشاعر دفينة.
استمعت له دون أن تقاطعه ، أخبرها بكل شيء وبعدما انتهى قالت له بهدوء:
- ليه عم تضل ساكت؟ ما تحكي معها ؟
تنهد بوجع وقال:
-بعد إصابتي حياتي كلها اتغيرت،، حسّيت إني ما أستاهلها أنا جوايا نقص
قالت بغضب:
-ها النقص ما بجسدك، ها النقص بعقلك، ليش مانك واثق بحالك، أنت ما نك قليل وما تشوف حالك صغير ها القد.
-خايف أخسرها..
تأملته راما بصمت، شعرت بألمه كأنه مرآة لشيء مدفون فيها، قالت له بتشجيع:
–في شي اسمه أنك حاولت ، ما استسلمت، في قلوب ما عادت تقدر تستنى أكتر... جرب، ما تخليش سكوتك يخسرك إياها مرتين.
لم يرد، لكنه نظر نحو البحر، كأن قلبه يفتّش عن شجاعة موجة، عن قوة لكي يقف أمامها ويرنو بعينيها، يقول لها ما عجز القلب عن البوح به لسنوات، ليته يملك شجاعة الأمواج الثائرة لكي يثور قلبه ويطالب بعشقه لها الذي أخفاه حتى عن صديقه، وكأن الكلمات عاجزة يتمنى لو تصرخ صرختها التي يجب أن يسمعها كل من حوله..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية