رواية جديدة مرايا الروح لفاطمة الألفي - الفصل 8 - الخميس 17/7/2025
قراءة رواية مرايا الروح كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية مرايا الروح
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الألفي
الفصل الثامن
تم النشر يوم الخميس
17/7/2025
كانت الجلسة الأولى بمثابة كشف ما ظل حبيسًا داخل هديل دون أن تُدرك كيف تُحرّره.
حين استمعت ضي إلى حديث والدتها، لم تكن بحاجة إلى تفسير إضافي، فقد أدركت على الفور أن هديل تُعاني من "تروما طفولية غير معالجة" ، وأن آثارها امتدت إلى سنواتها الحالية، شكّلت لها حصونًا من العزلة، جعلتها رهينة مخاوفها التي لم تجد لها مخرجًا.
بينما عندما جلست مع هديل لم تُفصح بالكثير، بالكاد كانت كلماتها تخرج، لكن تلك القلة من الاعترافات كانت كافية لتُرسم صورة واضحة داخل ذهن "ضي"
علمت حينها بأن طفولة هديل مهشمة، ومراهقتها محطّمة، عزلتها ليست خيارًا، بل أجبرت نفسها على الدخول بها ،لكي تظل بعيدة عن العالم الذي لم يُشعرها يومًا بالطمأنينة.
الرُهاب الاجتماعي كان مُسيطرًا عليها، لا تثق بالآخرين، تخاف الاقتراب، تُبعد جسدها كأنها تُحاول حماية نفسها من شيءٍ لا يمكنها تفسيره، لكنها تشعر به بوضوح.
لم تكن لديها صداقات في الجامعة، لم تسمح لأحد بالاقتراب منها، لم تختبر المشاعر التي تعرفها الفتيات في سنّها، لم تشعر يومًا بالانجذاب لشخصٍ ما، كانت علاقاتها محصورة فقط في والدتها وخالتها، وراما التي انضمت مؤخرًا إلى هذه الدائرة الضيقة بسبب وحدتها هي الأخرى.
بعد الاستماع، بعد التحليل، بعد رؤية الصورة كاملة، من أول جلسة علاج، قررت ضي أن تبدأ بخطوات أساسية، فأعطت هديل أدوية مهدئة ومضادة للاكتئاب لمساعدتها في استعادة بعض التوازن بعد الانهيار الحاد الذي وصلت إليه.
لكن العلاج لم يكن مجرد أدوية، فقد طلبت منها أن تكتب، أن تُخرج ما لم تستطع قوله، أن تُدوّن مشاعرها تجاه أفراد أسرتها، أن تُواجه الورق بدلًا من مواجهة مخاوفها دفعةً واحدة.
كانت هذه المهمة ضرورية، ليست مجرد تمارين، بل محاولة لفك شفرة الصمت الذي امتد داخلها، خطوة صغيرة نحو السماح لها بأن تتحدث، ولو لنفسها، قبل أن تتمكن من الحديث أمام الآخرين.
وفي نهاية الجلسة، أخبرتها أنها موجودة دائما من أجلها، متاحة في أي وقت، إن أرادت الاتصال بها، إن احتاجت إلى الحديث، إن وجدت نفسها غير قادرة على مواجهة أي عقبة، عليها الاتصال بها دون تردد.
كانت تحاول ضي بناء الثقة بينهما هو الهدف الأول، فحتى لو لم تنجح هديل في إخراج كل ما بداخلها، يكفي أن تُدرك أن هناك شخصًا يُريد سماعها، شخصًا لا ينتظر منها أن تكون بخير، بل ينتظر منها أن تجد نفسها...
❈-❈-❈
عادت "ضي"ظهرها للخلف، تستند على المقعد، تشعر بالصداع والارهاق معا، تشعر بأنها بحاجه إلى احتساء قهوتها، ضغط زر الجرس تخبر مساعدتها بأنها تريد فنجان قهوة، بينما الأخيرة أخبرتها بأخر شخص أت من أجل جلسته ، وعندما تساءلت عن هوية الشخص ، قالت أنه "دياب الحديدي" تذكرته "ضي" وطلبت دخوله وهي تحاول الاستعداد لمقابلته بعد أن أشعلت هاتفها لكي تُسجل الجلسة بينهما، رغم ضيقها بسبب ذلك التصرف ولكنها تريد توثيق كل كلمة ينطق بها .
أخفت هاتفها بدرج مكتبها ورفعت انظارها حيث الباب ، طرقه بهدوء ثم ولج لداخل بنظراته الجادة:
-مساء الخير يا دكتورة.
-مساء الخير يا أستاذ "دياب" أتفضل أستريح.
جلس أمامها وقال معتذرا:
-بعتذر عن غيابي عن جلسة امبارح، بس حصل ظروف منعتني.
طفت ابتسامة رقيقة على شفتيها:
-مافيش مشكلة.. حضرتك مستعد لبدء الجلسة؟
قال بثقة :
-أنا تمام..
بدأت حديثها بتساءل:
-حضرتك ما قولتش أيه تاعبك، عرفتني بس عملك ، ممكن تكلمني عن شخصك أنت .. عن حياتك.. عن طفولتك .. مرهقتك ... عن السبب اللي دفعك تكون قاتل مأجور.. لازم تكون واثق فيا وتعرف أن الجلسات دي سرية بين المريض والمعالج.
أخرج تنهيدة عميقة ثم هتف بجدية:
-كل ده مش مهم عندي يا دكتورة
قاطعته بدهشة:
-أمال أيه المهم ؟! لازم أعرف كل حاجه عنك عشان اقدر أساعدك وأقدم لك العلاج.
ببرود أجابها:
- وأنا مش محتاج مساعدة ولا علاج
اتسعت عينيها ولاحت ابتسامة جانبيه أعلى ثغرها متقاجئة بما يقوله:
-حضرتك هنا لية ؟ وعارف أنك في عيادة دكتورة نفسية ، وجاي بنفسك ، بأرادتك ، إذا في مشكله عندك انت ومش عاوز تواجهها.
-لا إطلاقاً..
بترها بلا مبالاة
تأففت بغضب وكأنها قاب قوسين أو أدنى ، كادت أن تفقد صوابها، من ذاك الشاب الغامض الذي يبدو عليه الجنون.
-بقولك أيه يا دكتورة.. أيه رايك نبدل الأدوار ؟
لم تفهم مقصده فعاد يستطرد قائلا:
-حضرتك بتسمعي كتير الحالات اللي بتتعالج، نعمل ديل والمرة دي اسمعك أنا ... ما هو الدكتور النفسي كمان من حقه أن يحكي وشخص يسمعه، انا الشخص ده .
ضحكت بصوت عالٍ تلك المرة وبرزت غمزاتها التي جعلت وجهها المستدير منير كالقمر وقالت بين ضحكتها:
-حضرتك جاي تهزر؟
لم تتمالك نفسها ثانيا فعادت نوبة الضحك ، بينما هو يُطالعها بهدوء ، يرى ملامحها الجميلة ونغمات ضحكتها التي تعزف على اوتار القلب لحنا عاشقًا، سعيدا داخله برؤية وجهها ضاحكا.
استردت أنفاسها مندهشة من فعلتها تلك، فقد غابت عنها الضحكة الصافية منذ رحيل زوجها الحبيب.
شعرت بوخذه داخل صدرها، أنهت الجلسة سريعًا وهي تستجمع شتاتها .
-من فضلك يا أستاذ دياب ، لو حضرتك جاي تتعالج فعلا ، تكون صادق معايا، حضرتك شايف انك كويس ومافيش أي مشكله يبقي هتاخد تمن الكشف من النيرس برة، أو تحدد معاها الجلسة الجاية
قالت اخر كلماتها وهي تلتقط حقيبتها وتفتح الدرج تخرج منه الهاتف ودسته داخل الحقيبه وسارت من جانبه مغادرة الغرفة دون أن تنبس بكلمة أخرى، نهض ولحق بها لكنها اختفت تماما من أمامه واستقلت المصعد ، بينما هو حاول هرول الدرج نزولا يريد اللحاق بها ، لكن عندما وصل لمدخل البناية لمحها تستقل سيارتها وتنطلق مسرعًا مبتعدة عن أنظاره.
ركل بقدمه الأرض غضبًا وسار إلى حيث توجد سيارته، استقل بمقعده خلف محرك الوقود وأنطلق بسرعة جنونية، لم يعرف وجهته...
❈-❈-❈
وقفت" تيا" أمام المرآة تتأمل نفسها، تُعدل ثوبها الوردي الفاتح الذي ينساب بنعومة على جسدها، بينما نادر يقف على بعد خطوات، لم يُبعد نظره عنها منذ أن رأى جمالها يتوهج في هذا التصميم الذي اختاره لها بنفسه.
اقترب منها، أمسك بيدها، دار بها برفق كأنه يُريد أن يلتهم تفاصيلها بعينيه قبل أن يتركها تُغادر هذا المكان باتجاه ليلةٍ ستكون حافلة بكل شيء.
ضحك بخفة وهو يهتف بعشق صادق:
-إيه الجمال ده؟ هو القمر ساب السما ونزل في حضني؟
لم تُصدّق غزله، رفعت حاجبها بمزيج من الدهشة والمرح، لكن قلبها كان يعرف أنه صادق في كلماته.
مدّت كفها برقة، ضبطت رابطة عنقه، دنت منه قليلاً وهمست بصوتٍ مُحمَّل بالحب:
-حبيبي كمان شكله جان، وأنا مش هسمح لحد يبص لك بصة.
ضحك نادر بخفة ثم قال بمزاحٍ:
-ربنا يستر، ويعدي الليلة على خير.
لم تتركه، طوقت ذراعه، شدّت عليه كما لو كانت تُعلن للعالم أنه ملكها، أنها لن تسمح لأي شيء أن يُقلل من فرحتها بهذه الليلة.
خرجا معًا من الفيلا، وقف "نادر" أمام السيارة، فتح لها الباب أولا، لتستقل مقعدها بجواره، ثم توجه إلى الباب الآخر، جلس خلف عجلة القيادة، رمقها بنظرة أخرى قبل أن يُطلق العنان للسيارة نحو الجاليري.
وصلا قبل بدء الحفل، لكي تشرف "تيا" على مشروعها بنفسها وتشهد كل حدث.
كانت الجدران مطلية بلونٍ عاجي ناعم، تُضفي شعورًا بالدفء والاتساع، بينما تتناثر قطع الحُلي والمجوهرات على طاولاتٍ زجاجية مُضيئة، تعكس بريق الأحجار الكريمة.
بينما في منتصف الجاليري، توجد الطاولة الكبيرة، سطحها الزجاجي النقي يُعرض عليه أكثر القطع ندرة، حيث تتراقص انعكاسات الذهب الأبيض على سطحها .
تُحيط بالمكان منحوتات فنية مصنوعة من البرونز والخشب المُعتّق، تحكي عن الفن الكلاسيكي والحديث، القطع المعروضة مزينة بالأحجار النادرة، بينما على الرفوف الجانبية، تصطف عقودٌ مزخرفة، تمتزج فيها الأحجار الملونة بسلاسة مع الذهب، وأخرى من الفضة الخالص.
تركها "نادر" وجلس مع والدها وبعض من أصدقاؤه يتحدثون عن صفقات العمل، رغم شعوره بالملل من تلك الجلسة ولكنه مُضطرا ليكون بجانب حماه، فقط يوزع ابتساماته بين الحضور ..
استأذن "نادر" حماه وهو ينهض من جواره معتذرا:
-استاذنك أنا يا عمي ، هشوف "تيا"
ايماءة خفيفة صدرت عنه وهو يستنشق سيجاره وقال بهدوء:
-أتفضل يا دكتور.
ابتعد عن خطواته عن رجال الأعمال الذي لا يفقه شيئا عن عملهم، كأنها داخل دوامة تسحبه دون رغبته، تنفس الصعداء وجال بيعينه المكان بحثًا عن زوجته، وقعت عيناه عليها وهي منشغلة بترتيب الحُلي التي صممته بنفسها، فهي مهوسة بتلك الأشياء، ابتسم عندما تذكر كيف تعرفا عليها .
في جاليري بباريس خاص باللوحات الفنية العالمية، وهما واقفين عند لوحة معينة ، يتشجاران على شراءها.
فهي لم تترك شيئًا بسهولة، تعتقد بأنها ملكيتها الخاصة منذ الوهلة الاولى ، منذ اللحظة التي تقرر فيها شراء شيء.
خرج من ذكرياته على يد رقيقة تربت على كتفه، دار وجهه ليرى صاحب تلك اليد.
همس بدهشة:
-لميس .. مش معقول ، فين مؤنس؟ انتم جيتوا أمتى من السفر؟
تنهد بحزن وهي تخبره عن انفصالها عن صديقه :
-أنا ومؤنس انفصلنا ، وسبته ورجعت لوحدي.
-مش ممكن ده حصل امتى؟ وأزاي مش تحاولي تكلميني قبل ما تتهوروا في القرار ده؟
لمعت عينيها في بريق من الدموع كأنها تهدد بالانسياب :
-اللي حصل بقى يا "نادر" ، انا هنا من اسبوع، وخدت قراري ، البيه كان بيخوني مع جارة لينا هناك
زفر بضيق فهو يعلم صديقه القديم جيدا، وكان يُلقب بالجامعة من كثرة التفاف الفتيات حوله"زير نساء" وظن بأن زواجه ممن عشقها قلبه طوال فترة دراستهم ،سيكون مخلصًا لها بعدما حصل عليها وتزوجها بعد عناء .
كيف لأحد أن يتمنى شيئًا ويُحارب من أجله وعند الحصول عليه يسأم منه ويتخلى عنه.
❈-❈-❈
كانت الحركة لا تهدأ، الأحاديث تتقاطع، الأضواء تُبرز جمال التحف والمجوهرات، وكل شيء يبدو في أبهى صورة، لكن وسط هذا الزخم، كانت تيا منشغلة بإتمام آخر التفاصيل، عيناها تراقبان كل شيء، تبحث عن الكمال في افتتاح الجاليري الذي لطالما حلمت به.
وبينما كانت ترتب بعض الهدايا والتحف الفنية، بحثت بعينيها عن نادر، أرادت أن يكون بجانبها في هذه اللحظة الفاصلة، أن يُشاركها فرحتها، أن يُصبح جزءًا منها، لكن حين وجدته، لم يكن كما توقعت.
كان وقفًا يضحك مع فتاة أخرى، يبدو عليهما الانسجام، الحديث بينهما ليس عابرًا، بل مُحمَّلٌ بشيء لم تستطع أن تتجاهله، نهشت الغيرة قلبها، لم تتردد، لم تفكر، فقط اندفعت بخطوات متلهفة، كأنها تُريد أن تقف حاجزًا بينهما، أن تُعيد نادر إلى مكانه الطبيعي، إلى جوارها هي، وليس أحدًا سواها.
اقتربت منهما، وقفت بجانبه، وضعت كفها على كتفه، نظرت إليه بعينين يشتعلان وهجًا، اختارت أن تُخفي اضطرابها خلف ابتسامة صفراء، لكنها لم تستطع إخفاء نبرتها الحادة:
-ندوري حبيبي، مش تعرفني؟
ابتلع ريقه، شعر بجفاف حلقه، لم يكن يتوقع أن تتقدم بهذه السرعة، بهذه القوة التي تُشبه اندفاع نمرة تريد أن تفتك بفريستها، تمنى داخله أن يمر الموقف دون إحداث مشاكل.
إحتوى جسدها بذراعه، كأنه يُحاول تهدئتها دون أن يُلفت الأنظار، وقال بنبرةٍ هادئة:
-طبعًا يا حبيبتي، أعرفك، دي لميس، صديقة من أيام الجامعة، متجوزة مؤنس وكانوا مسافرين ألمانيا.
ثم نظر إلى لميس، أراد أن يُنهي الجدل قبل أن يبدأ، فقال بابتسامةٍ رسمية:
-تيا مراتي يا لميس، وهي صاحبة المشروع ده، خاص بيها.
لم تُظهر أي انزعاج، بل صافحت تيا بحماس، باركت لها الافتتاح، وظلت تتحدث عن جمال المكان، عن هوسها بانتقاء الحُلي، لكنها لم تكن ترى خلف ابتسامة تيا المصطنعة، خلف نظراتها التي كانت تضغط على أنيابها كلما امتد الحديث أكثر مما ينبغي.
ولكن تيا لم تكن مستعدة لتحمل المزيد، قاطعت الحديث بسؤال بدا بريئًا لكنه كان يحمل معنىً خفيًا:
-سعيدة جدًا أني شوفتك، بس فين مؤنس؟ إزاي يسيب القمر ده لوحده؟
تولى نادر الحديث بدلًا عنها، وكأنه يُريد إنهاء هذه المحادثة تمامًا:
-لميس رجعت لوحدها، هو هيحصلها قريب.
ثم نظر إليها مجددًا، حسم الموقف دون ترك مساحة للعودة إليه:
-لميس، اعتبري المكان مكانك، بعد إذنك، إحنا نشوف التجهيزات.
هزّت رأسها بالموافقة، لم تُظهر أي اعتراض، لكنها اكتفت بجملة تُعيد فتح الباب لما تيا كانت تُحاول إغلاقه:
-أكيد يا نادر، لازم نتكلم ونتقابل تاني.
رد بسرعة قبل أن ترد تيا:
-أكيد طبعًا.
لم يمنح تيا فرصة أخرى للبقاء، سحبها من يدها، أدرك أنها على وشك الانفجار، همس بجانب أذنها بدفءٍ يحمل تحذيرًا مُبطّنًا:
-ممكن تهدي، وبلاش انفعال ولا عصبية، لما نرجع بيتنا نتكلم بعقل، تمام؟ خلينا دلوقتي في الافتتاح.
لم يُنكر مشاعرها، لكنه طلب منها ضبط انفعالاتها، أن تُؤجل المعركة حتى يكون الوقت مناسبًا لها، لكنه يعلم جيدًا، أن هذه الليلة لن تمر دون نقاش طويل حين يعودان إلى منزلهما..
❈-❈-❈
"داخل غرفة مريم"
أنهت راما الاتصال بوالدها الذي نهشه القلق عندما علم من ماجد بأن راما طلبت منه عنوان طبيبا نفسيا ، ظن بأن ابنته تعاني ألما نفسيا بسبب وحدتها وفقدانها لعائلتها ،حتى أنه بعيدا عنها، قرر أن يتحدث معها، يسمع منها ، يشاطرها حزنها ويعتذر عن تقصيره في حقها، رغم فرحة "راما" بمكالمة والدها إلا أنها لم تغضب يوما منه، وأخبرته بأن هديل هي التي تعاني من مشكلة ما وذلك بسبب طفولتها ولكنها لم تصفح له اكثر من ذلك، وعدها بأنه دائما سيتصل بها للاطمئنان عليها ولن يترك الخوف من المجهول سرق تلك اللحظات السعيدة التي يعيشها بقرب ابنته، كما وعدها أيضا بأنه قريبًا جدا سيكون معها ويضمها إلى صدره .
بعد تلك المكالمة غمرتها السعادة حقًا ، قبلت هديل وعقصت عليها كل شيء ، ابتسمت هديل أيضا سعيدة من أجل صديقتها ، يومها نامت راما وعلى وجهها ابتسامة مشرقة .
أما هديل فجلست على مكتبها وامسكت القلم والدفتر وخطى بيدها ما طلبته منها الطبيبة أن تفرغ مشاعرها أتجاه أفراد عائلتها على الورق..
بالغرفة الأخرى ، غرفة والدتها، لم تنم فقد ارهقها التفكير ، تتقلب بالفراش، تتنهد بحزن ، تنساب دموعها بصمت قاهر .
صدح رنين هاتفها، نهضت من فراشها تمد يدها تلتقطه من أعلى الكومود، وعندما نظرت للشاشة الهاتف ورأت أسم المتصل ، أجابت على الفور قائلة بصوت باكي:
-راكان ... أنا محتاجلك أوي..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية