رواية جديدة بحر ثائر جـ2 لآية العربي - الفصل 20 - الأربعاء 16/7/2025
قراءة رواية بحر ثائر الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
الجزء الثاني
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل العشرون
تم النشر الأربعاء
16/7/2025
في غرفةٍ تم تصميمها كمكتبٍ لهما في المصنع الذي مازال تحت الإنشاء .
جلس داغر وصالح يستريحان ويرتشفان كوبان من الشاي ، يجلس صالح يفكر في دينا ، وفي الخلاف الواقع بينهما ، بينما ينشغل عقل داغر بثلاثتهن ، دينا وديما وبسمة ، ليت قلبه يرتاح من جهة الأولى ويطمئن على الثانية و يسكن عند الثالثة .
ارتشف القليل من الشاي ثم نظر لصالح بترقب حيث وجده شاردًا لذا تحمحم وتساءل بهدوء :
- مالك يا صالح ، سرحان في إيه ؟
انتبه صالح فطالعه بابتسامة واعتدل ينطق :
- مافي شي ياخو ، بفكر وينتا بدنا نخلص .
أومأ داغر يؤيده وأردف :
- طلع عنينا ، بس هانت ، كل شيء بيهون .
- إيه والله معك حق .
قالها صالح وعاد يرتشف ليسترسل داغر بحذر :
- إنت زعلان مع دينا ؟
تعمق في عينيه وتعجب قليلًا ثم نطق مستفهمًا :
- هي قالتلك إشي ؟
أجابه داغر دون مراوغة :
- ماتكلمتش في حاجة ، بس كنت بقولهم على كتب كتابنا لقيتها خارجة تقول مش هتكتب دلوقتي ، سألتها ليه ماردتش .
انزعج صالح من تهورها وتوغل قلبه الضيق ليقرر الاستعانة بداغر في خلافهما لذا أردف بهدوء :
- هاد لانو طلبت منّا إشي ، بس ما توقعت تعمل هيك .
- طلبت إيه ؟
سأله داغر باهتمام ليستطرد صالح :
- قلتلا تتحجب .
سكن داغر يطالعه لثوانٍ بتفاجؤ ثم بحيرة ليكمل صالح :
- انت بتعرفني يا داغر، أنا بحبا عن جد ، بغار عليها ، بدي نكتب كتابنا وهي محجبة ، هاد اللي طلبته منا.
ازدرد داغر ريقه وتساءل :
- وهي قالت لك إيه؟
مط شفتيه يجيبه بشرود :
- قال ما اضغط عليها واتركا ع راحتا ، قالت إنه هي نفسا تتحجب بس بدا تاخد هاي الخطوة لحالا ، بس أنا كان نفسي لو تقبل .
جلس داغر يفكر لثوانٍ ثم تنهد ونطق موضحًا بهدوء :
- كلنا عارفين إن ده فرض ومافيش جدال في ده ، بس ماحدش فينا لا أنا ولا أمي جبرنا ديما أو دينا عليه ، اللي أمي عملته إنها كانت بتعرفهم قيمة الحجاب وتحببهم فيه ، وأنا ساعات بعمل ده مع دينا ، بس يمكن أنا ليا وجهة نظر مختلفة عن غيري علشان كدة سيبتهم يقرروا بنفسهم ، ومش بقول إني صح بنسبة 100 %، وساعات لازم شوية حزم في الموضوع ده ، بس لما الشيء بيتعمل عن قناعة صعب جدًا نندم عليه أو نغيره ، يعني ديما لبست الحجاب بعد انفصالها من كمال ، كمال ماحاولش يحببها فيه ، بالعكس ، لكن هي دلوقتي مقتنعة بيه جدًا ، وهتكون قادرة تقنع اللي حواليها بالمنطق ، وده الصح بالنسبالي .
أدرك صالح وجهة نظره في هذا الأمر ليجيبه بقناعاته :
- كلامك ع العين والراس ياخو ، بس دينا مش زغيرة ، وهاد فرض ، كمان أنا مش حابب نتجوز من هان وتقول إني جبرتا ع شي من هان ، عشان هيك قلت احكي معاها قبل الجواز ، عن جد. بتمنى اشوفا بالحجاب يوم عرسنا .
أومأ داغر وبات حائرًا بين أمرين ، قناعاته وقناعات صالح ، في هذا الأمر تحديدًا لا يمكنه لومه ، وكذلك يتفهم جيدًا موقف شقيقته لذا أردف بتروٍ :
- ماشي يا صالح ، هحاول اتكلم معاها وربنا يقدم اللي فيه الخير ، بس المهم ماتزعلوش مع بعض ، وفهمها ان مافيش كتب كتاب هيتلغي ، ولا انت عايزه يتلغي؟
سأله بخبث ليجحظ صالح وينطق بتأكيد :
- لا ياخو بيتم بموعده بإذن الله ، خليها تتدلل بيحقلا .
ابتسم داغر ومد يده يصفع كتف صالح ويردف باستفزاز :
- لو هي مش راضية هنأجله ، مش هنجوزها غصب .
طالعه صالح بلوم ونطقت بعتاب :
- قال جبتك يا عبد المعين .
ضحك داغر ونطق وهو ينهض ويستعد لاستكمال العمل :
- طب قوم يا عبد المعين نخلص اللي ورانا ، وانا اللي قلت هجوزكوا وارتاح .
نهض صالح يتحرك معه مبتسمًا ولكنه ينوي ألا يتراجع في قراره .
❈-❈-❈
سألها فتطلعت نحوه بنظرة ثابتة تخفي اشمئزازها من نظراته لها وسافرت بأفكارها للحظات ، ماذا لو دلف ثائر من هذا الباب الآن ؟ يمكنها توقع ما سيفعله به بسهولة .
تنفست مطولًا وتساءلت بفتور :
- هذا يعني أنك من أرسلت لي الكتب.
أومأ مبتسمًا فاستطردت وهي تشبك أصابعها :
- ولكن لماذا؟
أجابها بنبرة جريئة لم يدرس عواقبها :
- ربما لأنني رغبتُ في التحدث إليك أو التودد لكِ ، قصتكِ ومناظراتكِ جعلتني شغوفًا بكِ.
باغتته بنظرة غضب وقبضت على حقيبتها ونهضت تردف بتجهم هادىء :
- يبدو أنني أخطأت حينما أتيت ، أخبرتني أن لديك معلومات عن زوجي ولكنني أرى أنك تلاعبت بي كي تراني ، لذا سأغادر وإياك أن تحاول التواصل معي مجددًا .
أسرع ينهض ويحاول منعها بعدما أدرك أنه تجاوز الحدود معها وأيقن أنها مختلفة ولن تفلح معها طريقته لذا أردف معتذرًا :
- أنا أعتذر منك ، حقًا لم أقصد ذلك ، أنا فقط كنت أعبر لكِ عن إعجابي بشخصيتكِ لأنني رأيتكِ مشدوهة ، حسنًا اجلسي وأعدك سنتحدث عن ثائر ، لدي الكثير لأخبركِ به عنه ، دعينا نجلس هيا .
قالها بترجٍ حينما وجدها متحفزة لتظل كما هي في حالة التأهب تفكر ، تشعر أنها على وشك الصراخ في وجهه ، مكوثها أمامه الآن يخنقها ، يقبض على صدرها ، ولكنها مجبرة لذا التقطت نفسًا مطولًا وجلست تطالعه وتنتظر حديثه لتجده يشير للنادل الذي أتى فطلب منه كوبين من عصير الليمون ثم عاد إليها يحدق بها للحظات، مختلفة تمامًا عن كل من قابلهن من قبل، حادة وناعمة في آن ، قوية ، جميلة ، وصعبة المنال، وهذا يروق له لدرجة لم يكن يتوقعها لذا قرر أن يسير معها في الدرب الذي تريده فأردف :
- حسنًا كما أخبرتك ، مارتينا هي من جمعت معلومات قديمة عن ثائر ومنشورات جدلية له ثم أرسلتها إلى أمن الدولة ، هدفها الأول هو إبعادك عن ثائر ، هي تخطط لخطف معاذ والهرب به إلى فرنسا ، ثم سيستطيع إرتوا تحرير ثائر وبالطبع لن يترك ابنه لذا سيعود إلى فرنسا ، وأنت لن تكوني ضمن خطته .
باغتته بشكٍ وتساءلت :
- ولماذا تخبرني بهذه المعلومات ؟ ألست صديقًا لها ؟
شبك كفيه ونطق بمكرٍ وترقب :
- لا، لسنا صديقين ، أنا ومارتينا كنا عاشقين ، ولكنها استغلتني من أجل ثائر، هو من أجبرها على التودد لي ليوقعاني ، لدرجة أنها حاولت قتلي مسبقًا ولكنها لم تفلح، لهذا أنا لا أثق بها قط ، ولا أثق بثائر أيضًا.
رسمت على ملامحها الصدمة وهزت رأسها تردف بعدم تصديق :
- لا، أنت تكذب ، ثائر لا يمكنه التصرف هكذا ، لا يمكنه استغلال أم ابنه لأغراضٍ شخصية ، لا يمكنه فعل أشياءٍ هكذه .
ابتسم ساخرًا ونطق بنبرة خبيثة :
- يبدو أنكِ لا تعلمين الكثير عن زوجك يا ديما ، صدقيني ما خَفي كان أعظم .
شحبت ونطقت بشكٍ وعجز :
- هل تقصد بكلامك هذا أن هناك احتمال بأنه بالفعل جاسوسًا ؟
انتابته سعادة جعلته منتشيًا ونطق وهو يهز منكبيه :
- لا أقصد ذلك ، ولكن يجب أن تحذري ، ولا تنسي أن مارتينا زوجته إلى الآن ، ووالدها مسؤولًا رفيع المستوى في الجيش الفرنسي .
ظن أنه أدخل الشك قلبها حيث أنها برعت في صدمتها وإظهار معالم الخوف على ملامحها لتنطق بنبرة مشتتة ومدافعة :
- ولكنه أخبرني بالكثير عنه ، أبدى ندمه على ما فعله مسبقًا ، لا يمكن أن يكون قد خدعني ، أنت تكذب .
قالتها بملامح أتقنت فيها رسم تعابير الخيبة والحزن ليدعي الحزن مثلها ويردف بنبرة خبيثة :
- اهدأي ديما ، أنا لا يهمني من هو ، ولا أرغب في إثبات شيء بخصوصه ، صدقيني كل ما يهني هو وصولكِ للحقيقة ، أنا لا أهتم سوى بكِ ، يبدو أنكِ عانيتِ كثيرًا في السابق لذا لا أريد أن تتكرر معاناتك..
تساءلت مشدوهة بغضبٍ :
- ولمَ تهتم لأمري ؟نحن لسنا صديقين حتى ، ثم ألست متزوجًا ولديك طفل ؟
توتر ونطق يحاول التبرير :
- نعم، هذا كان خطأ أصلحته ، وما يحدث الآن هو خطأ أحاول إصلاحه ، أعلم أنه لا يمكنكِ الوثوق بي ، ولكن كل ما عليكِ هو التفكير جيدًا وربط الخيوط لتصلي إلى الحقيقة التي تريدينها ، ثم أنني أتمنى حقًا لو نصبح صديقين .
جاء النادل ووضع عصير الليمون ثم غادر وجلست تنظر للنهر وتدعي التفكير فيما قاله ليسترسل خبثه وهو مأخوذًا بها :
- حينما رأيتكِ للمرة الأولى مع ثائر في قاعة الملاكمة آنذاك وأنا حقًا أتساءل ، كيف لامرأة مثلكِ أن تتواجد في مكانٍ كهذا ، لم يكن عليكِ اتباع مشاعرك فقط، ربما يجب أن تعيدي النظر قليلًا ديما .
ارتشف بعدها العصير وتركها تفكر، لم يزِح عينيه من عليها وهي لم تزح عينيها من على النهر، تفكر وترتب خطواتها جيدًا كما وضعت الخطة لذا زفرت والتفتت له تردف بملامح حزينة :
- حسنًا، شكرًا لك، وأعدك أنني سأعيد النظر في الكثير من الأشياء.
نهضت تستل حقيبتها تنوي المغادرة لينهض متباهيًا بانتصاره بعدما ظن أنه اقنعها ليردف بترقب وهو يغلق زر بدلته :
- حسنًا دعيني أوصلكِ!
- لا، شكرًا لك.
نطقتها بنبرة مترددة لتعطي له الفرصة في تكرار طلبه وبالفعل استطرد بترجٍ :
- لو سمحتِ ، قلت لكِ أود أن نكون صداقة ،ثم أنني أسلمت حديثًا وأحتاج إلى معرفة الكثير عن الإسلام ولن أجد أفضل منكِ .
زفر بقلة حيلة ثم أومأت له فابتسم وشعر بأنه أحرز هدفًا في وقتٍ ضائع لذا أشار لها أن تسبقه وتحرك يدفع حسابهما ثم تبعها نحو سيارته .
فتح لها الباب فشكرته وركبت ليغلقه ويلتف بسعادة للجهة المقابلة، استقلها وانطلق يغادر إلى وجهته .
❈-❈-❈
جلست على الفراش في الغرفة التي تمكث بها تتحدث إلى والدها بضيقٍ مردفة :
- ثائر لم يخرج بعد ، أقسم إن لم تحرره كما وعدتني حينها سأبلغ عنك أنت ولن يوقفني شيء .
غضب ارتوا ونطق بتجهم :
- توقفي عن جنونك هذا ، اتفقنا أن تختطفي معاذ وتعودي ولكن هذا لم يحدث .
زفرت باختناق ونطقت :
- لم أستطع ، إلى الآن لم يغادر المنزل ، سأفعلها ولكن لأتخلص من تلك المصرية أولًا .
عنفها ينطق :
- إياكِ وارتكاب الحماقات ، أنتِ في بلدهم لن أستطيع حمايتك هناك ، احذري مارتينا ، حاولي استدراج معاذ وسأتحدث مع توماس ليساعدك ، وأعدك أنني سأحرر ثائر ، أنا الآن بحاجته .
نطقت بتباهٍ محاط بالضيق :
- هل تأكدت أنه ليس عميلًا ؟
شرد قليلًا يفكر ثم زفر يستطرد :
- دعيني أقول أنني كنت مخطئًا بشأنه، ولكن شكي به لم يزُل تمامًا بعد.
نطقت بتبجح :
- اوه ارتوا كفاك غباءً ، هل لا زلت تصدق تراهاتك؟ إن كان عميلًا هل سيحتجوزه لأيامٍ !
نطق بترقب :
- سنعرف .
زفرت وقررت أن تغلق معه ثم ألقت الهاتف على الفراش ونهضت تتحرك في الغرفة بضيق وتفكر كيف يمكنها التخلص من ديما دون إثارة أي شكوك ، تفكر في ذلك منذ أن تم القبض على ثائر ولكنها لم تصل لخطة محكمة لذا زفرت بضيق وتعكر مزاجها المتقلب لذا قررت أن تتحرك للخارج لتثير استفزاز رحمة .
وجدتها تجلس أمام التلفاز وتضع الهاتف على أذنها تحاول الوصول إلى توماس دون جدوى لذا تحركت تجلس جوارها ونطقت بخبث :
- لن يجيب، لا تتعبي نفسكِ ، هو يتلاعب بكِ فقط .
باغتتها رحمة بنظرة حقدٍ ونطقت بحدة :
- اهتمي بشؤونكِ فقط ، ولا تنسي أنكِ في منزلي لذا لا تتجاوزي حدودوك معي.
ابتسمت بتلون وأسبلت جفنيها بمللٍ تردف باستفزاز :
- أنا أقدم لكِ نصيحة لن تدركي قيمتها إلا بعد وقوعك، أنتِ حرة.
مدت يدها تستل جهاز التحكم وتتلاعب بالقنوات كما تلاعبت بأفكار رحمة التي جلست تطالعها بغيظ وتفكر في حديثها الذي ترفض تصديقه .
❈-❈-❈
في السيارة
تجلس شاردة ،تدعي التفكير والحزن ،ولكن عقلها منشغلًا في كيفية وضع جهاز التنصت هنا ودون معرفته .
قطع الصمت يردف بترقب :
- سامحيني إن أزعجتك بحديثي ولكن كان يجب أن أصارحك بما أنكِ تبحثين عن الحقيقة.
زفرت وازدردت ريقها تجيبه بهدوء مبهم :
- هذه الحقيقة بالنسبة لك، وليس على أن أثق بحديثك، ولكن على أي حال سأبحث بنفسي.
أومأ مؤيدًا يردف :
- بالطبع معكِ حق، لا يمكنكِ الوثوق بي ولا بأي شخصٍ آخر، يجب أن تبحثي بنفسك عن الحقيقة .
أومأت ثم رأت صيدلية فأضاء مصباح عقلها لتردف بهدوء وملامح مرهقة :
- هل يمكنك التوقف على اليمين ، سأنزل هنا.
تعجب وتساءل باهتمام :
- لماذا؟
نطقت بنبرة واهنة :
- سأشتري شيئًا ما من الصيدلية.
أوقف السيارة على جهة اليمين وتساءل :
- ماذا تريدين،دعيني أساعدك فضلًا .
رفعت كفيها تدلك جانبي عقلها ونطقت بعيون مغلقة تدعي الألم :
- أريد أقراصًا مسكنة للصداع .
أومأ باهتمام وترجل مسرعًا وأغلق الباب يتحرك نحو الصيدلية ليبتاع لها ما تريده، لذا لفت نظرها تطالعه من خلف كفها لتجده يتحدث إلى الطبيب فأسرعت تحرك يدها الأخرى نحو حقيبتها وتعبث بها لتخرج جهاز التنصت بحذرٍ شديد ثم مدت يدها المرتعشة تزرعه أسفل مقعده .
كاد أن يسقط منها نظرًا لتوترها ولكنها تماسكت فليس أمامها سبيلًا آخر ضغطت عليه بقوة فثبتته بالفعل لتبعد يدها مسرعة وهي تراه يتقدم منها ، تنفست الصعداء قبل أن يلتفت ويفتح باب السيارة، جلس ومد لها المسكن فالتقطته منه تردف بتوتر :
- شكرًا.
مدت يدها في حقيبتها تخرج زجاجة مياه صغيرة تحت أنظاره ثم فتحت العلبة والتقطت حبة تضعها في فمها وتتناولها أمامه كي تبعد أي شكٍ يراوده ، ولكنه لم يكن منشغلًا بالشك بل بها، بعدم رغبتها في التودد له، بعدم تطلعها عليه، بتجاهلها وجمودها معه، هذه حالة جديدة كليًا عليه وتزيد من رغبته بها،كل من رآهن كن يتوددن إليه وآخرهن رحمة التي يشكلها كيفما يريد،ولكن هذه مختلفة لذا لن يهدأ إلا إذا نجح في امتلاكها .
زفر بقوة وعاد يكمل قيادته بصمت استمر لدقائق حتى قطعته هي تردف بشكلٍ مفاجيء :
- أريد مقابلة مارتينا .
تعجب والتفت يطالعها ويتساءل :
- هل تظنين هذا خيارًا جيدًا ؟
ازدردت ريقها ونطقت بهدوء وهي تنظر أمامها :
- ليس أمامي سواها لمعرفة حقيقة زوجي، أنا لن أقبل أن يقترن اسمي باسم رجلًا يعمل جاسوسًا ضد بلدي .
ظل محدقًا بها لبرهة ثم تنفس ونطق وهو يعاود النظر أمامه:
- حسنًا، دعيني اتحدث إليها أولًا وأرى ماذا ستقول ، ولكن يجب أن تكوني حذرة.
❈-❈-❈
توقف أمام منزله الجديد بسيارة أجرى.
ترجل واتجه للداخل بعدما فتح له الحارس البوابة، تحرك بحماسٍ متلهفًا لرؤيتها ، مشتاقًا لها ، لا يصدق أنه ابتعد عنها لأيام .
لم يخبرها بعودته حيث أنه قرر مفاجأتها لذا دلف المنزل يبحث عنها بعينيه، المكان كان خاليًا تمامًا ولكن دله قلبه على المكتبة لذا تتبع إحساسه وتحرك نحو المكتبة يفتح بابها .
دلف يبحث عنها وبدأت يشتم رائحة عطرها لتتحرك أنظاره نحو الغرفة التي أعدها لهما، بابها مفتوح، إضاءتها خافتة.
تعالت وتيرة أنفاسه وصخب صوت نبضاته وهو يتحرك نحوها حتى توقف على أعتابها ينظر لتلك النائمة، تنام بوداعة، تحتضن كتابه، وعلى وجنتها دمعة تسعى لتجف.
اقترب منها يحدق بها باشتياق شديد وجلس يتفحص ملامحها، كفيها التي تتمسك بالكتاب، جسدها المنكمش كأنها تشعر بالبرد، خصلاتها الناعمة البنية التي بدأت تنمو لتتسطح على الوسادة.
مد يده يتحسس وجنتها بحبٍ وتنفس بعمق ثم ناداها بهمس :
- ديما .
سمعت صوته ففتحت عينيها تستوعب لتتفاجأ به أمامها لذا قفزت تجلس على الفراش وتطالعه بذهول ثم أسرعت تلقي بنفسها داخله، تعانقه بقوة واشتياق وتخفي ملامحها في عنقه مردفة :
- وحشتني أوي يا ثائر، كنت هتجنن وانت بعيد عني.
بادلها بعناقٍ حار ودافيء في آن، يدفن وجهه في ثناياها ويقبل عنقها قبلاتٍ متتالية ويردف بحبٍ كبير :
- وانتِ كمان وحشتيني أوي، من هنا ورايح مش هبعد عنك أبدًا.
ابتعدت تحدق به وتساءلت باهتمام :
- قولي خرجت إزاي ؟ وبعدين افرض توماس مراقبك وعرف إنهم سابوك تخرج ؟
تجهمت ملامحه على الفور حينما ذكرت اسمه ونطق بغيرة لم تنطفيء داخله :
- ماتجبيش سيرة الكلب ده، حسابه معايا بعدين،فيه حاجات أهم منه لازم تتعمل .
ابتسمت وحاولت امتصاص طاقة غضبه وغيرته لذا مدت كفيها تحتوي وجنتيه وتتساءل بدلال وعينيها تسبح في تفاصيله :
- خلاص سيبك منه خالص، وقولي إيه هي الحاجات المهمة اللي هتعملها؟
تبادلا نظرات الشغف بينهما وكلٍ منهما يخبر الآخر برغبته واشتياقه في الأول ليبادر ثائر كتابة روايته معها ويبدأ في سرد مشاعره مستخدمًا شفتيه في التعبير ويديه في شرح التفاصيل وهمساته في استدراجها لعالمه الفريد .
فتح عينيه ليتصدم بواقعه، حيث يتمدد على هذا السرير في هذه الغرفة اللعينة حيث يتم احتجازه .
شرد بها دون أن يحرك ساكنًا، شرد بتفاصيل حلمه، تملكه شعورًا قاتلًا بالحنين إليها لذا عاد يعتصر عينيه في محاولة بائسة منه للتهدئة وحينما لم تفلح أفكاره في الانحراف عن مسارها المنحرف قرر أن ينهض ليتوضأ ويصلي .
❈-❈-❈
مساءً
قرر أن يتحدث معها لذا ناداها وجلسا سويًا في الشرفة، جلست أمامه تتطلع إلى اللا شيء بملامح حزينة باتت تلازمها مؤخرًا .
تنفس بعمق وأردف بترقب :
- مش عايزة تكتبي الكتاب دلوقتي ليه يا دينا؟ مش كنتِ موافقة ومبسوطة؟
لفت نظرها إليه ونطقت بمراوغة :
- أيوة بس لما فكرت شوية لقيت إننا لسة في أول خطوبتنا ، يمكن محتاجة آخد على صالح أكتر .
بادلها الحوار ينطق موضحًا :
- بس صالح شاب ملتزم يا دينا، ومش هيعرف يقعد معاكي براحته ويدخل ويخرج غير وانتو مكتوب كتابكو ، وبعدين انتِ قلقانة من ايه ؟ احكيلي.
شعرت برغبتها في التحدث معه ، خاصةً وأنه على استعداد لسماعها ولكنها نطقت بتوتر :
- هحكيلك يا داغر بس اوعدني ماتتعصبش عليا ، حاول تفهمني.
حدق بها لثوانٍ ثم أومأ بطاعة فزفرت ونطقت توضح بهدوء :
- كنا بنتكلم أنا وهو في الموبايل، هو علطول متحفظ معايا، وأنا اللي كل مرة بحاول افتح معاه حوار، ولما فتحت معاه حوار عن يوم فرحنا بقوله هلبس فستان كذا واعمل تسريحة كذا قالي لا مافيش تسريحة، إنتِ إن شاء الله هتتحجبي ، حسيت إنه بيفرض عليا أمر واقع ،قلتله لاء مش هتحجب علشان انت قولت ، انا هتحجب لما أكون قادرة آخد الخطوة دي ، لقيته سكت وبعدها حسيته زعل وقالي إن الحجاب أصلًا فرض والمفروض كنت ألبسه من زمان .
وجدته يتكيء على ساعديه ويستمع إليها فتابعت بنبرة استعطافية تلقائية :
- يا داغر أنا عارفة إنه فرض، بس أنا عايزة ألبسه من غير ماحد يجبرني ، وعلى فكرة أنا كنت بفكر في ده فعلًا ،خصوصًا بعد اللي حصل معايا ،بس كلام صالح خوفني ،حسيته ممكن يجبرني بعد كدة على حاجات مش عايزاها .
يحاول فهم وجهة نظرها ولكن عليه أن يتحدث بحزمٍ قليلًا لذا أردف بهدوء بعدما انتهت :
- طيب مش إنتِ عارفة إنك أكتر حد يهمني في الدنيا دي كلها؟
نظرت له بنظرة مندهشة وتساءلت بحماس :
- بجد يا داغر؟
أومأ يؤكد:
- طبعًا ،إنتِ عندك شك ولا إيه؟
نكست رأسها وفركت أصابعها تردف بنبرة منكسرة :
- لاء ،بس حسيت إن اللي حصل بينا خلاك تبعد عني
زفر بقوة ثم استطرد بنبرة جادة :
- خلينا ننسى اللي حصل يا دينا ،انتِ فعلًا أكتر حد يهمني راحته،وبعيدًا عن صالح وطلبه ،بما إنك كنتِ ناوية تتحجبي يبقى توكلي على الله ، الحجاب مش هيقلل من جمالك بالعكس ده هيحفظه ،واتكلمي مع صالح وعرفيه إنك اصلًا كنتِ بتفكري في الخطوة دي وهتاخديها، وعرفيه إن طلبه ده كان متوافق مع قرارك ، علشان بعد كدة لازم يبقى فيه بينكو تنسيق ، وحاجة كمان لازم تفهميها ،صالح طلب كدة من باب غيرته عليكي وحبه ليكي ودي حاجة تحسب له ،مش لمجرد التحكم في شخصيتك ،بالعكس هو بيراعي وبيحترم شخصبتك جدًا ،علشان كدة المرة دي بلاش عناد وتوكلي على الله وخدي الخطوة دي لإنها صح جدًا.
كلماته عن غيرة صالح وحفظ جمالها راقت لها كثيرًا ولكن طبعها الغيور يسود عليها لذا نطقت مستفسرة :
- هو انت ممكن تطلب من بسمة تلبسه ؟
باغتها بنظرة تكشف غيرتها لذا أومأ يردف بتأكيد :
- أيوة ممكن أطلب طبعًا ، خصوصًا بعد ما تتحجبي ، هيبقى أمي واخواتي محجبين وساعتها هيكون عندي الحق في الكلام معاها .
تنفست باطمئنان ليستطرد بتروٍ وحزم :
- ماتشغليش بالك بحد يا دودو ، حتى لو بسمة ، خليكي في نفسك وأمورك وبس ، علشان ترتاحي صدقيني.
كادت أن تعترض وتخبره أنها لا تشغل بالها بأحد ولكنها صارحت نفسها بالحقيقة ، هي تقارن بينها وبين بسمة لذا باتت في حالةٍ مزعجة ، أخبرته بإيماءة متمهلة لأنها تعهدت ألا تعترض على قراراته :
- ماشي يا داغر ، هعمل اللي قولت عليه .
❈-❈-❈
في الثانية صباحًا .
جلس في غرفة المكتب يراسل الطرف الآخر ، ذلك الشخص الذي يكلفه بالمهام ، يخبره أنه إلى الآن لم يستطع العثور على الضابط رامي الذي اختفى .
أغلق معه بعدما فشل في إقناعه ، وشرد يفكر فيما يفعل ، لقد ترك أمر رامي وهو الآن يركض خلف تلك الفرعونية .
سحبته أفكاره للبعيد ، ماذا لو قرر أن ينظف ماضيه ، ويبتعد عن هذه الفوضى ،و ينأى بنفسه في مكانٍ منعزلٍ أو جزيرة بعيدة ، هو وديما و طفله .
ابتسم ولف مقعده عدة لفات وهو يضحك ليؤكد لنفسه أن هذه الأمنية بعيدة المنال ، كبعد ديما عنه .
راوده سؤالًا حير عقله ، هل تستطيع ديما إصلاح ما أفسده على مر سنوات ؟ وهل هو بالفعل يريد الصلاح أم أنه يوهم نفسه بذلك فقط لأنها تحتل تفكيره الآن ؟
في خضم أفكاره تلك وجد مارتينا تقتحم مكتبه وترتدي ثوبًا مكشوفًا ، أغلقت الباب ثم بدأت تخطو بغنجٍ حتى جلست أمامه تردف بنظرة خبيثة :
- هل تهرب من تلك الغبية التي تزوجتها ؟ حقًا توماس أتساءل كيف تفعل هذا بنفسك ؟ ألم يكن ممتعًا أن تتسلى كل ليلة مع فتاة بدلًا من أن تقضي لياليك هنا في المكتب ؟ لماذا فعلت هذا بنفسك ؟
ابتسم ونطق قاصفًا جبهتها :
- لأنني لست عاهرًا ، أنا أحارب لأجل من أحب ، كنت أحارب لأجلك مارتينا حينما ظننت أنني أحبك ، ولكن كنت غبيًا آنذاك .
ابتسمت بمكرٍ وتساءلت بشكٍ :
- هل تخبرني أنك تحب رحمة ؟ هل تعتقد أنني سأصدقك توماس ؟
حدق بها لثوانٍ وقرر أن ينطق بما يدرك أنه سيشعلها فأردف :
- لا ، يبدو أنني وقعت في حب امرأة أخرى ، امرأة تعرفينها جيدًا .
أصيبت بالبلاهة لثوانٍ قبل أن تشتعل ملامحها وتلفظ الحمم من فمها قائلة بغضبٍ وخفوت :
- هذا ليس حبًا أيها الغبي ، أنت لم ولن تحب غيري ، ما تشعر به تجاه تلك ال**** هي الرغبة فقط ، ودعني أؤكد لك أنك عما قريب ستحصل على ما تريده منها وتكتشف أنها تشبه تلك الغبية التي تنام في الداخل ، كلهن غبيات ، وأنت حقًا فاشل في اختيار شريكتك توماس ، أشفق عليك .
ضحك لأنه نجح في استفزازها ونطق ببرود :
- نعم معكِ حق ، أنا البائس الذي ركض منذ سنوات خلف شريكي الذي تزوج بأخرى ولم ينظر لي نظرة حبٍ قط ، دعي عنك الشفقة مارتينا ، ستحتاجينها كثيرًا فيما بعد ، لأن تلك الفرعونية تريد مقابلتكِ .
كانت تتلوى من كلماته ولكنها هدأت حينما نطق جملته الأخيرة لتطالعه بنصف عينٍ متسائلة :
- ماذا ؟ تريد مقابلتي ؟ يا ترى لماذا ؟ بمَ أخبرتها أيها الحقير .
تقافزت ضحكاته ومال نحوها يردف بتشفٍ :
- أخبرتها بالحقيقة ، أنا لست كاذبًا ، قلت لها أنكِ من وشيتِ بثائر، وأن لديك الكثير من المعلومات عنه ، لذا تريد رؤيتك .
حدجته بغضب عاصف ليبتسم ويدرك ما يدور في فلكها المظلم لذا شبك كفاه يردف بتمهل :
- اسمعي مارتينا ، لنعقد صفقة مناسبة ، ما رأيك أن تقنعيها أن ثائر جاسوس بالفعل ، ويعمل لحساب والدك ، وزواجه منها كان مجرد خدعة ، بعدها سيصبح ثائر ملكًا لكِ وتتركيها لي ، ما رأيك ؟
لم تنطق ، بل أجابته بنظراتها ، ربما في السابق كانت هذه الخطة تروق لها ولكن الآن وبعد تعلق توماس بتلك المصرية وتخليه عن حبها تضاعفت رغبتها في قتل ديما ، وقررت أن تنهي مسيرتها وتعود فرنسا بصحبة ثائر... وتوماس .
نهضت من مكانها وتحركت نحوه ثم لفت مقعده لتجعله يواجهها لذا رفعت سبابتها تضعها على مقدمة رأسه نزولًا من جبينه وأنفه وشفتيه ثم ذقنه ورقبته وصدره حتى توقفت عند قلبه تردف بتملك بغيض :
- لن يحدث هذا توماس ، أنت لن تحب غيري ، هل فهمت ، هذا القلب ملكًا لي فقط ، وإلا سأقتلعه من مكانه .
انحنت تقبله لتثبت له أنها المسيطرة عليه ثم اعتدلت تطالعه لتجده يطالعها بمكر لذا ابتسمت وابتعدت قليلًا تتحرك نحو الباب وتوصده بالمفتاح لتعود إليه مجددًا .
❈-❈-❈
بعد يومين .
جلست مع صغيريها حول الطاولة تعلمهما طريقة رسم بعض الحيوانات، رسم مالك الفيل والأسد بشكلٍ ممتاز بينما عبس وجه رؤية التي لم تفلح في رسم الزرافة والقرد فبات شقيقها يقهقه عليها لا إراديًا مما جعل ديما تبتسم عليهما وتشير نحو رسمة ابنتها مردفة :
- على فكرة يا مالك رؤية رسمتها جميلة ، بس دي مش زرافة ده تمساح .
عاد مالك يقهقه بسعادة ويردف مؤكدًا :
- صح يا ماما ، دي طيرت رقبتها خالص .
تذمرت الصغيرة ونطقت بعبوس وهي تترك قلمها :
- مش هرسم تاني أصلًا .
انحنت ديما تقبلها تراضيها قائلة بحبٍ وعاطفة :
- لاء هترسمي وهتطلع أحلى من رسمة مالك .
رن هاتفها لتعتدل وتلتقطه بترقب ، صُدمت حينما وجدته توماس لذا أسرعت تنهض ونظرت الى مالك تردف بهدوء ظاهري يخفي بين طياته الكثير من الخوف والتوتر :
- مالك خليك مع رؤية ، وعلمها ترسم إزاي .
تحركت نحو غرفتها ولم يخفَ على الصغير توتر والدته ولكنه أطاعها وجلس يعلم شقيقته .
أغلقت ديما الباب وفتحت الخط تجيب بحذر :
- ألو ؟
تنهد توماس بعدما استمع لنبرتها ونطق معاتبًا بتبجح :
- مرحبًا ديما ، كيف حالك ، لمَ لا تجيبي على رسائلي ، أنا فقط أدون لكِ بعض خواطرك .
أغمضت عينيها تحاول أن تهدأ ، كلماته تشعل داخلها نيرانًا تود لو تلفظها في وجهه ، ولكنها مقيدة بخطة ومهمة عليها أن تنهيها لذا أردفت بنبرة حادة :
- يبدو أنك لا تدرك ولا تقدر الحالة التي أمر بها ، عن أي رسايل تتحدث ؟ أنا أخبرتك أنني أود رؤية مارتينا منذ أيام وإلى الآن لم تخبرني بردها ، هل تظن أنني سأرحب برسائلك وأتغاضى عن سجن زوجي وتهتمه ؟
شعر أن حجمه يتضاءل أمامها لذا أسرع يستعيد مكانته ويصحح مسار حديثه قائلًا :
- يبدو أنكِ فهمتي الأمر بشكلٍ خاطئ ، أنا فقط كنت أحاول أن أسعدكِ بأي وسيلة ، ربما أخطأت لذا أعتذر منك .
زفرت وتساءلت بتجهم :
- حسنًا لماذا اتصلت ؟
نطق بترقب :
- مارتينا وافقت على مقابلتك للتو ، ولكنها تريد لقاءكِ هنا ، في منزل زوجتي .
تهاوى قلبها وضاق صدرها ذرعًا ، باتت على بعد خطوةٍ فقط من تنفيذ مهمتها ولكنها تخشى العواقب ، دخول وكر الأفاعي بمفردها يتطلب جرأةً وثباتًا وأداءً عاليًا من التمثيل لذا فهي تشعر بالخوف الشديد ، مارتينا لن تمرر هذا اللقاء بسلام .
❈-❈-❈
أغلقت معه وارتدت على الفراش ، شاردة ومشدوهة ، وجهها شاحبًا ، لا تعلم كيف ستواجههما بمفردها ، الآن هي بحاجته كثيرًا ، كثيرًا جدًا .
كيف ستتعامل مع تلك المتلونة ، لقد حاولت قتلها من قبل وهو من أنقذها مرة تلو الأخرى ، ولكن ماذا إن حاولت قتلها هذه المرة ؟ من سيقف لها ؟ من سيمنعها ؟
ماذا إن كانت هذه خطة قد وضعاها للقضاء عليها أو أذيتها؟
باتت تتنفس من ثقب إبرة ورفعت كفها تدلك رقبتها بعدما شعرت بالاختناق ليأتي اتصال رشدي في وقته المناسب تمامًا لذا أسرعت تجيبه بنبرة متلهفة :
- رشدي بيه ، عرفت اللي حصل ؟
أومأ يجيبها بهدوء :
- أيوا سمعت ، هتنزلي دلوقتي تطلعي على المجلة ، هتخرجي من الباب الخلفي وهيكون خالد مستنيكي ، هيجيبك عندي ، لازم نتكلم ولازم يكون معاكي حاجة تأمني بيها نفسك .
ارتفع الأدرينالين في جسدها لتتساءل باحتياج فائض:
- طيب هو أنا ممكن أكلم ثائر ؟ لو سمحت .
يدرك احتياجها له ولكن مكالمتهما الآن ربما هدمت كل شيء لذا أردف بجدية مبطنة بالأسف :
- صعب طبعًا ، بس لو نجحتي في زرع جهاز التنصت هناك وخرجتي بأقل الخساير وقدرنا نوقعه ونسحب منه اعتراف أوعدك وقتها إن ثائر هيطلع فورًا .
ربما هذا الوعد كان هو الحافز لها من بين كل هذه الصراعات والمعاناة التي تكالبت عليها ، تنفست بعمق ونطقت بإيماءة ونظرة تحدٍ تقيد خوفها :
- تمام، بإذن الله خير .
يتبع...