-->

رواية جديدة عبير الليل لعلا السعدني - الفصل 4 - الأربعاء 13/8/2025

 


قراءة رواية عبير الليل كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية عبير الليل

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة علا السعدني 


الفصل الرابع 


تم النشر الأربعاء 

12/8/2025

(نبؤة)


بينما كان الجو مليئًا بالتوتر، اقترب الحراس من (آدم) و(أمير) بخطوات ثابتة في لمح البصر، أمسك كل حارسٍ بهما من ذراعيهما وكتفاهما بقوة، محاولين منع أي مقاومة حاول (أمير) أن ينقضّ على أحدهم، لكن الحارس كان أسرع وأشدّ في الإمساك به ..

- لا فائدة سمو الأمير نحن هنا الآن


 همس أحد الحراس في أذنه بينما كان يجره نحو باب الغرفة 

وكان (آدم) في وضعٍ مشابه، لم يستطع فعل شيء سوى أن يظل يتابع الحركة بعينيه، غير قادر على تحريك يديه المربوطتين خلف ظهره ..

جرّوا الاثنين مَعًا إلى الغرفة المجاورة، حيث كانت الأضواء خافتة من خلال النافذة الصغيرة التى تُلقي بظلالها على الجدران أغلق أحد الحراس الباب بإحكام، ثم خرجوا سريعًا ..


في الخارج، كانت (لارا) تقف بمفردها في الممر، تقاوم كل مشاعر الخوف التي بدأت تتسلل إليها، عندما اقترب منها (فالدور) كانت عيناها تتجنب النظر إليه، على الرغم من شعورها بتهديده

- (لارا) عليك مساعدتى الآن 

قالها (فالدور) بصوت منخفض، لكنه ملئ بتهديد خفى، بينما تقدم نحوها بخطوات ثابتة

- لن أساعدك في أي شيء

 أجابته (لارا) بتصميم، مع رفع رأسها عاليًا رغم الخوف الذي كان يخنقها 

- أنتِ تظنين أن لديكِ خيارًا؟

سألها (فالدور) بابتسامة باردة، بينما وقف أمامها وأردف قائلاً 

- لن تخرجي من هنا حتى تجلبين لي ذكريات (أمير) ومن الأفضل أن تفكري جيدًا إن لم تفعلين، لن يكون لديكِ ما تخسرينه


حاولت (لارا) أن تسيطر على نفسها، وهى تتنفس ببطء

- لن أجلب لك شيئًا، ولن أخضع لتهديداتك، سأواجهك بكل ما لدي

كانت كلماتها مليئة بالصلابة رغم الخوف الذى يسكن بداخلها، لكنها كانت تعلم جيدًا أن (فالدور) لا يتراجع أبدًا وأنها اضعف مما تقف أمامه

- أنتِ تعتقدين أن بإمكانك التحدي؟

قالها (فالدور) وهو يبتسم بابتسامة ماكرة 

- ستفعليها سواءً وافقتِ أو لا، ستفعلين ما أريد، (لارا)

بينما كانت (لارا) تقف أمامه، تتحدى كل مشاعر الخوف التي حاولت التسلل إلى قلبها، ابتسم (فالدور) ابتسامة قاسية

- أنتِ تظنين أنكِ قادرة على الوقوف ضدي؟

 قالها (فالدور) بصوت بارد، مليء بالقسوة ثم تابع

- لن يكون لديكِ خيار سوى الخضوع سأسلب إرادتك منكِ، وأجبركِ على فعل ما أريد، ستأتين لي بكل ذكريات (أمير)، بغض النظر عن رغبتكِ


كان صوته كالرعد، يعكس تهديده الصارم، حاولت (لارا) أن تبقى هادئة، لكنها شعرت بشيء غريب يغزو عقلها، فكلمات (فالدور) تسربت إلى أعماقها جعلتها ترتجف داخليًّا رغم ثباتها الخارجى، لذا قالت رغم الارتباك الذى بدأ يظهر فى عينيها

- أنت لا تستطيع .. سأفعل ما بوسعى حتى اقوم بمواجهتك

- أنتِ تخطئين (لارا)

 قالها (فالدور) بنبرة متسلطة، اقترَب منها أكثر حتى أصبح الفاصل بينهما لا شئ وهو ينظر فى عينيها

- بإرادتك أو دونها، سأحصل على ما أريد، سأجعل عقلك يطيعني


وقفت في مكانها، عينيها مشدودتين إلى عينيه، محاولة أن تحافظ على ثباتها لكنها شعرت بشيء غريب يتسلل داخل ذهنها، شيء قوي يجعلها ترتبك كان (فالدور) قادرًا على التأثير عليها بطرق لا تُحصى وأدركت أنه سيسلبها أرداتها كما يفعل كل مرة ..

❈-❈-❈

جلس فى زواية الغرفة، اصاب وجهه الشحوب، عينيه معلقة على باب ذلك السجن الموضوع فيه مقيدا بحبال خشنة ..

بينما وقف الآخر بجوار النافذة المغلقة يحدق فى الفراغ بوجه متجهم يداه مقبوضتان يبحث عن مخرج من ذلك السجن لكن وجود الأمير معه جعله اكثر حذراً فهو لا يمكن تركه ل (فالدور) مهما كان السبب ..


فَتَحَ الباب فجاءة ثم دخل (فالدور) بخطوات ثابتة واغلق الباب خلفه عيناه تجوبان المكان لكن نظراته توقفت عند (أدم)، شقت وجهه ابتسامة خافتة ثم تحدث بهدوء ولكن نبرة فى طياتها بعص التهديد ووجه حديثه إلى (أدم) قائلاً 

- انت هنا لأنى سمحت لك بذلك كان يمكننى ان القيك فى الغابة للذئاب تأكلك فعليك ان تكون ممتن لى وان تنفذ ما اطلبه منك


التفت (أدم) له ونظر فى عينيه وتحدث بقوة ثابتة قائلاً 

- توقف عن الكلام الفارغ (فالدور) ان كنت تستطيع قتلى لكنت فعلتها .. انت تعلم جيداً اننى لن اكون اداة من ادواتك


ارتفع حاجبا (فالدور) قليلاً كأن كلمات (أدم) اربكته لكن حاول اخفاء ذلك الأرتباك وهو يقول

- انت شجاع يا (أدم) ولكن الشجاعة وحدها لا تكفى دائمًا قد تتحول سريعاً إلى حماقة 


تقدم (أدم) خطوة للأمام وعيناه تلمعان رغم السلاسل التى تقيد يده بغضب ثم قال

- لا تحاول استفزازى (فالدور) انت لم ولن تحكم المملكة أبدًا يجب عليك فهم ذلك


شعر (أمير) بالأمتنان لصديقه الشجاع الذى يستعد لمواجهة أى شئ من أجله، بينما شعر (فالدور) بالأختناق وحدث نفسه قائلاً بدون صوت

- أن قتلته ستثار الشكوك حوله وتبدء الأسئلة وان عدت به إلى المملكة فالتنويم المغناطيسى الذى استخدمه لن يدوم طويلاً وسيعود لرشده فى اى لحظة ويفسد مخططاتى يجب ان اجد حَلًا ..

التفت نحو (أدم) مجدداً مُحاوِلًا اخفاء ارتباكه بابتسامة خافتة ثم قال

- لا تقلق (أدم) سنرى من يضحك أخيراً 


لم يتراجع (أدم) لكنه ظل واقفًا ثابتًا، نظراته تحمل إصرارًا أنه لم ولن يخضع لذلك الوغد، بينما كان (أمير) يشعر بالقلق لما سيحدث، هل سيعود ذلك الحقير للملكة وكأنه هو ويصبح هو سجين هنا طيلة العمر ..

❈-❈-❈

فى المساء ..

كانت الأضواء في الغرفة بدأت أن تتلاشى وتصبح أكثر ظلمة، خطت نحو الداخل حيث كان الهواء الثقيل يضغط على صدرها، لكنها كانت تسير كما لو كانت مسلوبة الأرادة تحت تأثير (فالدور)، أصبحت مثل دمية في يده بعد أن تحكم بها

بينما كانت تقترب من (أمير) و(آدم)، كان (أمير) ينظر إليها بقلق واضح، يعرف أن بها شيئًا ما ليس على ما يرام، حاول أن يتجنب النظر إلى عينيها، فكان يبعد وجهه بعيدًا عن تلك النظرة الغريبة التي أخذت تسيطر عليها فهى مصممة على النظر داخل عينيه، فى حين نظر لها (آدم) وعينيه تتسعان من الرعب وهو يحاول تحذيره بصوت منخفض، ولكن محاولاته كانت بلا جدوى

- (أمير) لا تنظر إلى عينيها يبدو وأنها تحت تأثيره


لكن (أمير) لم يستطع تجنب نظرتها التي كانت تلاحقه كما أنه شعر بالشفقة عليها، يعلم تماماً أنها ليست بوعيها، وفي لحظة لم يتمكن من السيطرة على نفسه، تقدمت (لارا) منه وأمسكت بوجهه برفق، حاول سحب رأسه بعيدًا عنها، لكن كانت يدها على وجهه لتحركه، دفعته برفق كي ينظر داخل عينيها، شعرت بداخلها أنها لا تريد فعلها ولكن لا أرادة لها، فلا شئ سيمنعها من تنفيذ ما أمرها به (فالدور) فصرخ (أدم) بغضب

- يجب عليك تجنب النظر فى عينيها يا (أمير)


ولكن لا فائدة حتى مع كلماته التحذيرية، أمسكت بوجه (أمير) بإحكام، واضطرته إلى النظر في عينيها بالقوة وعندما تلاقى عيونهما حاول (أمير) إيفاقتها بقوله

- أنتى لست واعية يا (لارا) .. (فالدور) يتحكم بِكَ


ولكنها كانت كمن فقدت قدرتها على الاستماع إلى أي شيء كل ما كان يهمها هو إتمام مهمتها التى أتت من أجلها، وكلما نظرت إلى عينيه كلما كانت ذكرياته تتسرب إليها بشكل أسرع تتنقل من ذهنه إليها، تسرق منه ذكرياته ..


فجأة، عندما كانت قد أتمت مهمتها، سحبت يديها عن وجهه، وأخذت خطوة إلى الوراء، فقد أنهت ما كان قد طلبه منها (فالدور)، حدث فيها (أمير) في صمت، ملامح وجهه تحمل خليطًا من الألم والفزع لأن خطة ابن عمه قد تمت على أكمل وجه ..


ثم خرجت من الغرفة بهدوء، وهى تحمل فى عقلها كل الذكريات التي أخذتها لتسلمها إلى (فالدور)، بينما كان (آدم) يراقبها، عينيه مليئة بالأسى والحيرة ..

بالخارج كان يوجد (فالدور) فقالت له وهى ليست واعية

- لقد فعلت ما طلبته منى

ثم نقلت إليه ذكريات (أمير) كلها عبر النظر داخل عينيه، فظهرت على شفتاه شبح ابتسامة للنصر الذى حققه ..

❈-❈-❈

داخل غرفة الملك، حيث تسود الأجواء المليئة بالقلق والحزن، كانت الملكة (إيلين) واقفة عند نافذة الغرفة، عيونها غارقة في الدموع والحزن، فقد كان زوجها مستلقيًا في فراشه وهو مريض، تتراكم علامات التعب عليه، فنظرت إلى الأرض، فاقدة الأمل وهى تحدث نفسها، كيف يمكنها أن تعيش بعد الآن وزوجها على سفير الموت وابنها فى عداد المفقودين أين ابنها هو الآن؟!


سقطت دمعة على وجهها كانت تحاول جاهدة ان تتماسك لكن الحزن قد غمر قلبها، فجاءة فُتِحَت ابواب الغرفة بهدوء وظهر ابنها وهو يقترب منها، التفت (إيلين) بسرعة إلى الصوت ونظرت بدهشة وهى لا تصدق قائلة بصوت اشبه للهمس

- (أمير) ؟!


تمعنت النظر جيداً ظنًّا منها انها تحلم لكنها أردفت قائلة

- مستحيل .. هل هذا .. هل هذا أنت، (أمير)؟


امتلئت عينيها بالدموع ولكنها اسرعت نحوه لتحضتنه

- أين كنت طيلة الأيام الماضية؟ لماذا لم تُخبرني؟ لماذا اختفيت؟


حاول التظاهر بالحزن وتجنب النظر فى عينيها وهو يقول

- أمي، أنا آسف .. كنت في مكان بعيد .. مملكة أخرى


ثم أردف قائلاً 

- (آدم) هو من تسبب فى اختطافي .. تآمر مع مملكة آخرى ضدى .. وقبض الثمن، ثم تركنى هناك محتجز داخل سجن


ثم آخذ نفس عميق وتابع

- هربت بصعوبة، أمي .. كانت خيانة لا تُصدق، لم أكن أستطيع التصديق أن (آدم) هو من تآمر ضدي


تراجعت (إيلين) قليلاً عنه، مصدومة من الكلمات التي سمعتها، عيونها مفتوحة بصدمة

- (آدم)؟! كيف؟ لماذا؟ كيف يمكنه أن يفعل هذا؟ فلم يكن حارسك الشخصى فقط بل كان صديقك .. كيف خانك؟

اهتز صوتها من الصدمة والألم وأكملت حديثها

- كيف كنت بمفردك طوال هذه الأيام؟ هل كنت تشعر بكل هذا الألم وحدك؟!


تنفس بعمق ثم قال 

- كان شعور لا يحتمل ولكن بالنهاية كان عليّ أن أهرب


ثم نظر إليها نظرة حاسمة وقال

- لكنني هنا الآن، وسأظل هنا، يجب أن نواجه ما هو قادم يا أمي


ثم تابع قائلاً 

- كيف حال والدى الآن؟!

❈-❈-❈

كانت جالسة بمفردها في الغرفة، عينيها مثبتتين على الأرض، لا تستطيع التفكير في شيء سوى تلك اللحظة التي سلمت فيها ذكريات (أمير) إلى (فالدور)، كان الشعور بالندم يغمرها رغم انها فعلت ذلك دون أراداتها، شعرت بأن ثقلًا لا يُحتمل يضغط على صدرها ..


بداخلها صراع بين ما كان يجب أن تفعله، وبين ما فعلته فعلاً

لحظة بعد أخرى، كان الحزن يملأ قلبها أكثر فأكثر، ولا شيء يمكن أن يخفف عنها شعورها بالذنب لكن مع ذلك، لم يكن هناك وقت للضعف كان عليها أن تتحرك الآن، أن تجد حلاً قبل أن يصبح كل شيء خارجًا عن السيطرة ..


كان بالجوار عصيان أخذتهم ثم توجهت نحو الغرفة المحتجز بها (أمير) وقامت بفتحها لتجدهم مقيدين توجهت نحو (أمير) وهى تقول له

- أنا آسفة .. آسفة للغاية لقد استحوذ على عقلى كلياً ما فعلته لم يكن بأرادتى

ج

تنهد (أمير) بعمق ثم قال

- اعلم .. اعلم جيداً يا (لارا) فهو يستخدم السحر فى كل شئ .. ولكن ماذا سنفعل الآن؟!


بعد ان حلت عقدة يد (أمير) توجهت نحو (آدم)، وقالت وهى تحل عقدة يده هو الآخر ثم قالت

- يجب علينا ان نهرب


نظر لها (آدم) وسألها 

- كيف يمكننا الهرب والحراس بالخارج؟!


اخذت (لارا) نفس عميق ثم امسكت العصيان التى معها واعطت كل واحد منهم عصاة ثم قالت

- ساطرق الباب بقوة ليظنوا أنه يوجد خطب ما فى الداخل، كى يفتحوا الباب وعندها ستكونون انتم بالخلف وتقوموا بضربهم ونهرب


نظر لها (آدم) وهو يبتسم ابتسامة ساحرة

- حسنًا، فأنتى لستى تلك البلهاء التى كنت أظنها 


اضيقت عينان (لارا) بغيظ شديد فابتسم (أمير) على هيئتها ثم قال

- علينا تنفيذ الخطة الآن، لا الشجار الآن .. 


هزت (لارا) رأسها إيجاباً ثم قالت

- حسنًا


توجهت نحو باب المنزل، وظلت تطرق الباب بشدة وهى تقول

- اغيثونى .. احد ما ينقذنى


ما أن استمع الحراس إلى صراخها حتى قاموا بفتح الباب وهم يقولوا بغضب 

- ما الذى يحدث هنا يا فتاة؟!


أمسكت (لارا) بطنها بألم وهى تقول لألهائهم

- اشعر بألم شديد


حتى اتى كلا من (أمير) و (أدم) وقاموا بضرب الحراس فوق رأسهم بالعصيان فسقطوا مغشياً عليهم، نظرت (لارا) بذهول لهم ولهؤلاء الحراس الذين اغشى عليهم برعب شديد فقال (آدم)

- هيا اسرعى يا فتاة قبل ان يستفيقوا


امسك (أمير) يدها بحنان وقال

- هيا (لارا) .. لا وقت لدينا علينا الوصول إلى مملكتى بأسرع وقت ..


ركضوا معًا نحو الغابة لمدة لا يعلموها، وهناك وجد (آدم) جواده، فشعرت بسعادة بالغة وهو يقترب منه ثم ابتسم بعدها أملس عليه بحنان وهو يقول

- ها انت ذا يا (إيستار) قد افتقدتك يا صاح


ابتسمت (لارا) لأنها قد شعرت بتعب شديد من كثرة الركض ثم قالت

- حسنًا .. سأمتطى ذلك الجواد .. لم يعد بإستطاعتى الركض اكثر

هز (آدم) رأسه بآسى ثم قال

- حسنًا يا فتاة .. هيا اصعدى عليه 


تقدمت (لارا) نحو الجواد، ولكنها توقفت لحظة، شعرت بشيء من التردد في نفسها كانت متعبة جدًا من الركض الطويل، وعينها ضبابية من الإرهاق، لكنها حاولت امتطاء الجواد بكل قوتها مدت قدمها الأولى نحو الركاب، لكنها فشلت في الوصول إليها، وزلت قدمها، لتسقط قليلاً على الأرض ..

ضحك (آدم) وهو يراقبها، ضحكة ساخرة لكنها خفيفة وهو يقول 

- هل هذه نفس الفتاة التي خططت للهروب الآن؟!

قالها وهو يبتسم، لكن صوته كان يحمل نبرة سخرية خفيفة ..


نظرت (لارا) إليه بعينين ضيقتين، وشعرت بتلك النيران التي بدأت تشتعل في صدرها من الغضب لكن، قبل أن تتفوه بكلمة، تدخل (أمير) بسرعة ليقف إلى جانبها 

- (آدم)، توقف! .. ماذا اصابك هذه ستكون الأميرة المستقبلية


 قالها (أمير) بصوت حازم بينما هز (أدم) رأسه بآسى، ثم توجه نحو (لارا) بحذر

- تعالي، سأساعدك


كانت يداه قوية حين أمسك بيدها ورفعها بلطف، ثم ساعدها على صعود الجواد 

- لا تهتمي، يمكنك فعلها

 قالها بنبرة مطمئنة، وأعطاها الوقت الكافي لتثبت نفسها على السرج ..


ابتسمت (لارا) بعد لحظات، وقد أصبحت على ظهر الجواد أخيرًا، ولكنها لم تستطع إخفاء نظرة التوتر في عينيها

- شكرًا يا (أمير)

 قالتها بصوت منخفض، وقد أدركت في هذه اللحظة أنها فقط بحاجة للمساعدة وليست فاشلة فأجابها وهو يبتسم

- لا شكر على واجب


ثم نظر إلى (آدم) الذي كانت ابتسامته قد اختفت الآن، وقال له بنبرة جادة

- الآن، دعونا نذهب، نحن بحاجة إلى نصل سريعاً 


قادهم (آدم) بسرعة عبر الغابة المظلمة، لكن (لارا) كانت تشعر بثقل العالم على كتفيها، فحتى مع وجود (أمير) بجانبها، لم تستطع التخلص من شعورها بالتوتر والخوف من رد فعل (فالدور) عندما يعلم أنها قد هربت معهم ..

❈-❈-❈

بعد مرور يومان ..

دُفِعَ البابُ الثقيل للغرفة بصوتٍ مسموع، ودخل كلاً من (آدم) و(لارا) ومعهم (أمير) الحقيقي، الذي كان يخطو بثقة، فى حين كان (فالدور) يقف هناك بجانب الملك (إلكسان) على فراشه، متنكرًا في هيئة الأمير كانت الغرفة مظلمة إلا من الضوء الخافت القادم من الشموع، و قدكان الملك مستلقيًا على فراشه، مريضًا وشاحبًا، وبجانبه (إيلين)، التي لم تستطع إخفاء حيرتها من وجود شخصين يشبهان بعضهم لذلك الحد ..


تقدمت المجموعة بهدوء نحو الفراش الملكي، وحين رأى الملك (إلكسان) (أمير) يقف بجانب (لارا) و (آدم) وبينما كان (فالدور) يقف بعينين تتلألأان بتحدٍ، رفع الملك (إلكسان) رأسه ببطئ محاولًا إدراك الموقف، عينيه ممتلئة بالشكوك، فقال (أدم) بصوت قوى مملوء بالقلق

- سيدي الملك هذا الذي يدعي أنه (أمير) هو (فالدور)، وهو ليس سوى محتال! الأمير الحقيقي هو هذا، الذي يقف بجانبنا لقد سرق (فالدور) جميع ذكريات سمو الأمير كما انه تنكر بهيئته عن طريق السحر


غرق المكان في صمتٍ مفاجئ، وكأن الوقت قد توقف فى حين نظر الملك (إلكسان) في دهشة إلى الرجلان اللذان يقفان أمامه اى منهما هو (أمير) الحقيقى بينما كان (فالدور) ينظر إليهم بحقد تحدث (إلكسان) بصوت ضعيف ملئ بالدهشة

- ما الذى تقوله يا (آدم)؟ كيف تجرؤ على هذا الاتهام؟ هذا هو الأمير الذي عرفته! من هذا الذي تدعي أنه الأمير الحقيقي؟


كانت (إيلين) تشهد هذه اللحظة مندهشة، لكنها لم تتكلم، فقط بقيت تراقب في صمتٍ مشوب بالقلق أما (فالدور) فقد عبس في وجه الأمير الحقيقي، ثم قام بخطوات بطيئة باتجاه الملك (إلكسان) وهو يحاول أن يُظهر سيطرته

- أن (آدم) خائن وعندما هربت منه اتى بشخص يشبهنى يبدو وانه يريد السيطرة على المملكة الخاصة بنا


لم يتحرك (أمير) الحقيقى، بل كان ينظر إلى الملك (إلكسان)، الذى نظر لهما بحيرة لكن سرعان ما نظر للسيفان المعلقان على الحائط المجاور لفراشه رغم حالته الصحية، رفع يده ببطء نحو السيف، وابتسم قليلاً، وكأنما قد قرر ما يجب فعله تحدث بصوت قوى رغم ضعف حالته الصحية

- الحقيقة لا تأتي بالكلمات، بل بالاختبار. السيف الملكي هو الذي سيفصل بينكما، من يستطع القتال سيكون هو الأمير الشرعي؟ لطالما تقاتلت بالسيوف مع (أمير) وهو يعلم جيدًا كيف يحمل ذلك السيف وانا سأحكم من هو الأمير الحقيقى عند رؤية تلك المهارات


لحظة صمت ثقيلة مرت على الجميع، أشار الملك بيده إلى السيفان الملكيان، اللذان كان يرمزا إلى الشرعية والسلطة، وابتسم بابتسامة واهنة، لكنه كان يعرف أن هذه اللحظة ستكون الفاصلة بين الحق والباطل، تحدث (إلكسان) بثقة وتحد

- ليُثبت السيف من هو الأمير الحقيقي، ومن يستحق العرش


لم يكن من (أمير) إلا أن ينفذ مطلب والده عليه إثبات أنه الحقيقى وأن ابن عمه يستعمل السحر فقط، لذا تحرك نحو الحائط وأخذ السيفان من أعلاه، ثم أخذ واحد والقى بالأخر تجاه (فالدور)، ثم قال بثقة يشوبها السخرية

- لتريهم من هو الحقيقى أيها الوريث الشرعى 


بدأت المعركة بين (أمير) الحقيقى و (فالدور) وعينيهما تلمعان بتحد، بدأ صوت احتكاك السيوف يُسمعُ للجميع، كان (فالدور) يحاول ان يضرب (أمير) فى نقاط ضعفه وكان (أمير) يقاوم بكل قوته ..


كانت السيوف تلمع فى الهواء تتقاطع مع بعضهم البعض فى عنف والجميع فى الغرفة يتنفس بصعوبة منتظرين انتصار (أمير) الحقيقى فتحدث (أمير) وهو يدفع (فالدور) للخلف

- لن تستطيع الهروب من الحقيقة فانا الأمير الحقيقى


أما ف (الدور)، فلم يكن عديم المهارة؛ فقد أظهر براعة في الدفاع ورد الضربات، وحركاته كانت متقنة لكن أثقل وأقل رشاقة من الأمير، حاول استغلال أي لحظة ضعف، يهاجم بنقاط ضعف الأمير، ويفاجئه بحركات غير متوقعة أحيانًا، إلا أن ردود فعل الأمير كانت دائمًا أسرع وأكثر بديهية ..


كل مرة كان يهاجم فيها الأمير كان يصد الضربة بابتسامة تحدٍ، فالسيف لعبته، لقد كان القتال بالنسبة له فنًا، لا مجرد صراع على الحكم ..


بدأ التعب يظهر على فالدور، لكن عزيمته لم تفتر، هو يحارب من أجل استعادة شيء غُيِّبَ عنه بالقوة والخداع، ولكن أمامه حائط مهاراتٍ صلبة، لا يسمح له بالاقتراب إلا قليلاً.


وفى لحظة استخدم (أمير) مهارته الفائقة فى السيوف ليقوم بحركة مفاجئة وقوية ليسقط سيف (فالدور) على الأرض وهو يتنفس بصعوبة بينما ارتمى (فالدور) على الأرض وقف (أمير) منتصراً وهو يرفع سيفه فى الهواء عالياً ..


كان الملك (إلكسان) يتابعهم منذ بداية المعركة فأغمض عينيه بإرتياح وقال بصوت ضعيف

- لقد اثبت بنفسك انك انت الأمير الحقيقى


ثم امر الحراس بأن يأخذوا (فالدور) إلى السجن ابتسم (أمير) وشعر بسعادة كبيرة لعودته إلى قصره ومكانه بالمملكة ثم اقترب من والدته واحتضنها التى بدالته الأحتضان وشعرت بالفعل انه ابنها ثم اقترب من الملك وهو يقول

- كنت خائفاً من ان تكذبونى بسبب (فالدور) .. ولكن فكرة السيوف فكرة رائعة فأن استطاع (فالدور) معرفة جميع ذكرياتى لن يعلم أبدًا مهاراتى 


ابتسم (إلكسان) بصعوبة فنظر (أمير) تجاه (آدم) و (لارا)

- لولاهم ما كنت عدت للقصر مرة آخرى .. بالطبع انتم تعرفون من هو (آدم) .. اعرفكم الآن ب (لارا) آميرة مملكة (آريا) 

ثم تنحنح قليلاً وتابع

- وأريد الزواج منها


تجهم كلاً من وجه الملك والملكة ونظروا إلى بعضهم البعض وكررا بذهول

- أميرة (آريا) المفقودة

- أميرة (آريا) المفقودة 


نظر لهم (أمير) وقال

- آجل هى .. حتى انها لديها قدرة خارقة بمجرد النظر فى عين شخص تعرف جميع ذكرياته .. وانا أريد الزواج منها


شعر الملك (إلكسان) بتوتر كبير فقالت الملكة (إيلين) مسرعة

- مستحيل ذلك الزواج أن يتم


عقد (أمير) حاجبيه بعدم فهم فتابع (إلكسان) حديث زوجته قائلاً 

- عندما كنت شاب كنت أريد الزواج من تلك المملكة ولكن ابى أتى عرافا وذلك العراف قال تلك النبؤة

"عندما يمتزج دم مملكة آريا مع دم مملكة إيلمار، ستشرب الأرض في النهاية الدماء، ويزهر الخراب في كل زاوية، وستكون حرب وشيكة بين المملكتين"

لذلك مستحيل الزواج منها .. ومستحيل ان يتحدا المملكتين


بينما نظرت الملكة لأبنها لتكمل حديث زوجها

- لقد نظرت فى عينى وفى عين والدك وعلمت اسرار ما لها أن تعرفها لذا آمر الحراس بإلقائها فى السجن لحين ما ارى ما سأقوم بفعله معها


اتسعت عينان (لارا) بعدم تصديق وأمسك بها الحراس فنظرت إلى (أمير) بتوسل ولكنه نظر إلى الأرض خجلاً منها فلا يستطيع ان يكسر كلمة والده ووالدته فنظر لها (أدم) بشفقة وقام الحراس بسحبها إلى السجن ..

وصلت إلى السجن واغلق الباب عليها وقفت (لارا) خلف القضبان، تتأمل الظلام الذي يلتهم الأفق خارج نافذة السجن الصغيرة قلبها ملئ بالخوف والخذلان، كيف يمكن لأمير، الرجل الذي وثقت به، أن يسمح لهم بسجنها؟ شعرت بدموع ساخنة تنحدر على خديها، وهي تهمس لنفسها

- لماذا؟ ماذا فعلت لأستحق هذا؟ هل سأظل سجينة طيلة عمرى والتنقل عبر السجون هكذا


فتحت عينيها فجأة، لتجد نفسها في غرفتها، لتتنفس بصعوبة، ووجهها مبلل بدموع لم تدرِ متى ذرفتها

نظرت حولها بفزع، تتأكد من أنها ليست في السجن، وأن ما عاشته كان مجرد كابوس وضعت يدها على قلبها الذي ينبض بعنف، وهي تحاول استيعاب الحقيقة، تمتمت بصوت منخفض، وكأنها تطمئن نفسها

- كان حلمًا .. مجرد حلم ..

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة علا السعدني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة