-->

رواية جديدة عبير الليل لعلا السعدني - الفصل 5 - الجمعة 15/8/2025


قراءة رواية عبير الليل كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية عبير الليل

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة علا السعدني 


الفصل الخامس 


تم النشر الجمعة 

15/8/2025

(جاسر الكيلانى)


استيقظت (لارا) وهي تشعر بثقل جاثم على صدرها تنفست بعمق، محاولة استيعاب ما حدث في الحلم، ولكن تفاصيله المزعجة ظلت تطاردها رفعت رأسها عن الوسادة ببطء، وعيناها متسعتان من أثر القلق وضعت يديها على رأسها، محاولة تهدئة عاصفة أفكارها، لكن شعور الخذلان الذى كان بآخر الحلم كان أقوى من أي محاولة للسيطرة جلست على حافة السرير، تنظر إلى الأرض تفكر فيما حدث ثم لمحت ظلال خطوات خلف الباب، لتسمع طرقات خفيفة تليها صوت والدتها ..


فتحت الأم الباب ببطء، لتجد (لارا) جالسة وهي تمسك رأسها بين يديها

- صباح الخير يا بنيتى .. ما كل هذا النوم؟ اتشعرين بالمرض ؟ الساعة الثامنة ونصف هل ستذهبين للعمل

 قالتها أمها بقلق، فرفعت (لارا) رأسها ببطء وردت بصوت متعب

- يا إلهى لقد تأخرت عن العمل

 جلست الأم بجوارها، ووضعت يدها على كتفها برفق

- بماذا تشعرين يا حبيبتي؟ اشعر انك لستى على ما يرام


 نظرت (لارا) بعيدًا وهي تقول

- بالفعل يا أمى .. لقد صليت بالأمس كما طلبتى منى وأشعر بقبضة فى قلبى لست موافقة على (أمير)

بدت الدهشة على ملامح والدتها ثم سألتها

- لماذا ما الذى حدث؟!


 نظرت (لارا) إلى أمها ثم نظرت للساعة التى بيدها وقالت بحسم 

- لا اشعر بالراحة


وضعت والدتها يدها على كتف (لارا) بحنان، تحاول أن تستعب ما تقول 

- هل فكرتى مليًا؟


 نظرت إليها (لارا) بثبات وقالت

- أجل ولن اتراجع عن قرارى


 تنهدت الأم وهي تقول

- كم تريدين يا بنيتى ، لن اضغط عليكِ


 ثم نهضت والدتها بهدوء لتتركها مع أفكارها، بينما نهضت (لارا) على وجه السرعة ودلفت نحو الحمام كى تستعد للذهاب للعمل فهى بحاجة ان تنسى ما مرت به فى ذلك الحلم ..

❈-❈-❈

فى ظهيرة اليوم ..

في مكتبها الصغير، جلست (لارا) خلف المكتب تحاول التركيز على الأوراق المبعثرة أمامها، لكن ذهنها كان في مكان آخر تمامًا شعور غريب من التوتر وعدم الراحة يسيطر عليها منذ استيقاظها كانت تحرك القلم بين أصابعها بعصبية، وكأنها تحاول تفريغ قلقها في شيء مادي، ثم بدأت أن ترسم ظلت تظلل بالقلم الرصاص على الأوراق دون حتى أن تستوعب ما تفعله وفى النهاية وجدت أنها رسمت (آدم)، اتسعت عيناها بدهشة بعد أن وجدت نتيجة رسمتها تلك لكنها تنفست بثقل ووضعت الورقة فى ثنايا دفترها ..


فهى لم تستطع تجاهل الحلم الذي رأته، ولا الشعور بالخيانة الذي صاحبها فيه لم تكن قادرة على حسم أفكارها أو تهدئة قلبها ..


قطع شرودها صوت طرق خفيف على الباب، فرفعت رأسها لتجد (نهى)، صديقتها المقربة، دخلت على وجهها ابتسامة هادئة وهي تحمل كوبين من القهوة وضعت أحدهما أمام (لارا) وجلست على الكرسي المقابل ..

- ما بالكِ يا (لارا) ؟ تبدين شاردة الذهن ومضطربة

 قالتها (نهى) بنبرة تجمع بين القلق والفضول، فرفعت (لارا) عينيها نحوها وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن تقول

- لا أعلم من أين أبدأ .. هناك أمر يشغلني كثيرًا

وضعت (نهى) الكوب جانبًا وأسندت ذقنها على كفها وهي تقول

- ابدئي من البداية أخبريني ما الذي حدث؟


بدأت (لارا) تروي كل ما حدث عن صلاة الاستخارة التي أدتها، وعن الحلم الذي رأته، وعن شعورها بالخوف والخذلان الذي ظل يلازمها منذ استيقاظها تحدثت عن ترددها بشأن (أمير)، وعن خوفها من أن يكون قرارها مبني على مجرد أوهام أو أحلام استمعت (نهى) إليها باهتمام حتى انتهت، ثم قالت بهدوء

- (لارا) صلاة الاستخارة لا تعني بالضرورة أن تحلمي بما تحتارين فيه، فكل مافى الأمر أن الله يضع في قلبك شعورًا بالراحة أو عدم الراحة تجاه الأمر مجرد شعورك بأن الموضوع ثقيل على قلبك يكفي


نظرت (لارا) إليها بتردد وقالت

- منذ أن استيقظت وأنا أشعر بعدم الراحة لكنني كنت أخشى أن أرفض (أمير) فقط بسبب حلم رأيته


ابتسمت (نهى) بحنان وقالت

- إذا كنتِ تشعرين بأنكِ لن تكوني سعيدة معه، فهذا القرار وحده صائب، لا تضيّقي على نفسكِ بأمر لا يطمئن له قلبك


تأملت (لارا) كلمات صديقتها مليًا، وشعرت وكأن ثقلًا قد أُزيح عن صدرها أومأت برأسها وقالت بصوت بدا عليه بعض الاطمئنان

- أعتقد أنكِ على حق لا يمكنني تجاهل ما أشعر به


نهضت (نهى) وهي تضع يدها على كتف (لارا) بلطف، ثم قالت قبل أن تغادر المكتب

- افعلي ما يريحكِ يا (لارا) لا تدعي التردد يسيطر عليكِ

قالتها (نهى) ثم ربتت على يد (لارا) بحنان واتجهت نحو الباب لتخرج ..


نظرت (لارا) إلى الباب بعد أن أغلقته (نهى) خلفها، ثم عادت إلى مكتبها، تشعر براحة خافتة للمرة الأولى منذ استيقاظها ربما كانت هذه الكلمات هي ما تحتاج إلى سماعه لتجد طريقها من جديد، وتشعر أنها لم تعطيه فرصة بسبب حلم فمن سيصدق أنها تشعر بالخوف على نفسها وعدم الآمان معه بسبب حلم ..

❈-❈-❈

بعد مرور شهر ..

منذ ذلك اليوم الذي كان يحمل فيه قلب (لارا) العديد من الترددات والشكوك، فالزمن قد مسح عن كاهلها كل تلك الأفكار المزعجة الأيام كانت تمر سريعًا، وكل صباح كانت تجد نفسها أكثر استقرارًا، أكثر تركيزًا على حياتها العملية وعلى أهدافها الشخصية التي كانت قد أهملتها لفترة طويلة ..


كانت (لارا) قد أعادت ترتيب أولوياتها، وقررت أن تضع تلك الفترة خلفها تمامًا لم يعد الحلم يشغل تفكيرها، ولم تعد تفاصيله تعود إلى ذهنها، لهذا عادت مشرقة لا تهتم سوا بعملها فقط ..


كانت تخرج في المساء لتلتقي بأصدقائها بين الحين والآخر، لا تفكر سوا أن تستمتع بحياتها، والحب سيأتى يومًا ما عليها إلا تتعجل فى اختيار شريك حياتها، فهذا حقًّا ليس بالأمر السهل ..


كانت (لارا) تجلس في مكتبها، مشغولة بتحضير تصميماتها الجديدة بينما كانت غارقة في العمل، دخلت السكرتيرة الخاصة بالمدير إلى المكتب، مبتسمة كما هو معتاد وقالت لها بهدوء ونبرة لطيفة

- أستاذة (لارا) أستاذ (سامي) يريدك فى مكتبه الآن


رفعت (لارا) عينيها عن أوراقها للحظة، متفاجئة قليلًا، ثم نهضت بسرعة، وقالت

- حسنًا، سأذهب فورًا


اتجهت (لارا) نحو مكتب المدير، وكان قلبها ينبض بسرعة لا تعرف سبب طلب مقابلتها المفاجئ فعادة لا يطلب المدير رؤيتها عندما دخلت إلى مكتبه، وجدته جالسًا وراء مكتبه، مبتسمًا بطريقة ودية ..


- صباح الخير، (لارا) تفضلي، اجلسي

قالها (سامي) وهو يشير إلى المقعد أمامه، فجلست (لارا) وألقت عليه نظرة تساؤلية، لكنبدا أكثر حماسة من المعتاد وهو يقول

- لدي خبر رائع لكِ

انتظرت (لارا) وهو يكمل حديثه، قائلة بخوف قليل

- ماذا هناك؟

أجابها بهدوء

- الممثل الشهير (جاسر الكيلاني) قرر أن يتعاون مع شركتنا في فيلمه القادم

شعرت (لارا) بصعوبة في تصديق ما سمعته، فقد فاجأها الخبر وقالت بنبرة غير مصدقة 

- (جاسر الكيلاني)؟ الممثل الذي لديه شهرة واسعة؟


أومأ (سامي) برأسه وقال بابتسامة عريضة

- نعم، وهو اختار شركتنا بالفعل والأهم من ذلك، أنه طلب أن تكوني أنتِ المصممة المسؤولة عن أزياء الفيلم وسأضم إليكى فريق عمل تعملين معه لهذا الفيلم


لم تستطع (لارا) إخفاء دهشتها، وظهرت عليها علامات الحيرة ثم سألت بحذر

- وكيف عرف عن أعمالي؟


ابتسم (سامي) وقال بثقة

- شاهد بعض من تصميماتك الأخيرة، وأُعجب بها بشدة هو يعتقد أنكِ الأنسب لهذا المشروع، ولهذا أرسل لي ليختار شركتنا كما ان يتابع الصفحة الخاصة بكى على الفيس بوك


فكرت (لارا) للحظة، ثم سألت بصوت منخفض رغم شعورها بالتوتر

- هل سألتقي به قريبًا؟


أجاب (سامي) بنبرة واثقة

- نعم، سيكون هناك اجتماع غدًا هنا في المكتب سيشرح لكِ رؤيته للأزياء التي يريدها في الفيلم


نظرت (لارا) إليه بعينين مليئتين بالاهتمام وقالت بحماس

- أنا مستعدة 


ابتسم (سامي) ثم قال

- أنا واثق أنكِ ستكونين رائعة هذه فرصة عظيمة لكِ


ابتسمت (لارا) بسعادة ثم استأذنت للخروج واتجهت نحو مكتبها وهى تفكر فى تلك الفرصة الكبيرة التى اتت لها ثم اتجهت نحو مكتبها، جلست على المقعد للحظة، محاولة استيعاب ما سمعته فعلها مع ممثل فى شهرة (جاسر) ليس بشئ يمر هكذا مرور الكرام، ولكن أيضًا تشعر بتوتر بسبب هذا التحدي الكبير الذي ينتظرها، ماذا لو لم تنل رضاه أثناء العمل معه!! ..

❈-❈-❈

فى ظهيرة اليوم التالى ..

وصلت (لارا) إلى غرفة الأجتماعات في الوقت المحدد خطواتها كانت سريعة، قلبها ينبض بشدة، تشعر بالتوتر فخطوة مثل تلك عليها استغلالها جيّدًا، دلفت نحو القاعة فوجدت (جاسر) جالسًا في نهاية الطاولة، برفقة فريق الإنتاج كان يرتدي بذلة أنيقة تناسبه تمامًا، شعره مصفف للخلف بعناية، وعينيه بنيتان يتضح عليه ثقته بنفسه كان حضوره يفوق كل ما توقعته ظنت أن الشاشة تبرز وسامته ولكن فى الحقيقة هو أوسم من ذلك بكثير وله جاذبية طاغية ..


ابتسمت (لارا) له بود، وكان شعورها بالتوتر بدأ يتلاشى تدريجيًا

- صباح الخير، سيد (جاسر) شرف لي أن ألتقي بك

 قالتها (لارا) وهي تمد يدها بابتسامة خفيفة

- صباح النور آنسة (لارا) أنا أيضًا سعيد بلقائك

 أجابها بنبرة دافئة، ثم أضاف وهو يرفع حاجبيه قليلاً في دلالة على إعجابه بها

- أسمع الكثير عنكِ، وأعتقد أنكِ الأنسب لهذا المشروع

جلست (لارا) على المقعد أمامه، وما زالت مدهوشة من حضوره، لم تستطع أن تخفي دهشتها كانت تعرفه كممثل معروف، لكن رؤيته هنا أمامها كان له تأثير خاص 

- أنا سعيدة أنني أتيحت لي الفرصة للعمل معك، سيد (جاسر)


ابتسم (جاسر) وقال بنبرة مليئة بالثقة

- المشروع الذي أعمل عليه هو فيلم تاريخي ضخم، يدور حول شخصيات من العصور القديمة، ولكن توجد بعض المشاهد بالعصر الحديث لذا الأزياء متنوعة في هذا الفيلم وستكون عنصراً رئيسيًا في إبراز الشخصيات، وأنا متأكد أنكِ ستكونين الأنسب لتقديم هذه الرؤية


ثم أضاف، وهو يعرض بعض الرسومات الخاصة بالفيلم

- نريد أزياء تتمتع بالأصالة والحداثة في نفس الوقت شخصيات الفيلم متنوعة، ولكل شخصية أسلوبها الخاص اعلم أن الأمر صعب أن تجعل الأزياء تعكس جوانب متعددة لشخصيات معقدة


كانت منصتة بكل انتباه، وتفكيرها سريع في كيفية تصميم الأزياء لتناسب هذا التحدي الكبير لكن في الوقت نفسه، كانت تأسرها شخصيته أكثر من أي شيء آخر، ربما لأنها معجبة به منذ سنوات كممثل ولم تتخيل قط أنها ستقف أمامه وَجهًا لِوَجهٍ وتعمل معه فقالت رغم التوتر الذى بداخلها

- سأحاول جاهدة أن أكون عند حسن الظن


فابتسم (جاسر) مرة أخرى وقال

- أعرف أنني على صواب في اختياري لكِ فى هذا الفيلم 


شعرت بالفخر والحماس في آن واحد كانت تعرف أن هذه الفرصة كانت تمثل خطوة ضخمة في مسيرتها المهنية، والأهم من ذلك أنها ستعمل مع أحد أبطالها المفضلين وكان ذلك اللقاء، الذي بدأ بتوتر وحذر، ظلت تتناقش مع (جاسر) وفريق العمل داخل الاجتماع الذى اقترب من نهايته، فشعر (جاسر) أنه قد نقل إليها رؤيته بوضوح فقال بابتسامة هادئة

- أريد أن تبدأي العمل على تصاميمك بأسرع وقت، وسأكون في انتظار رؤيتكِ قريبًا

 

هزت رأسها تَفَهُّمًا بعدها غادرت الغرفة، اتجهت نحو مكتبها وفتحت باب المكتب حتى صدمت من وجود (نهى) بداخله فرفعت احدى حاجبيها بدهشة وقالت

- ماذا تفعلين هنا يا فتاة؟!


ابتسمت (نهى) بسعادة ثم قالت 

- قصى عليا بالتفصيل ما الذى حدث بينك وبين (جاسر الكيلانى) .. هل هو وسيم بالفعل ام ان الشاشة تضيف إليه وسامة هيا تحدثى يا فتاة لا تصمتى هكذا 


هزت (لارا) رأسها بآسى ثم اتجهت نحو مقعد مكتبها وهى تقول

- بربك يا فتاة كيف سأتحدث وانتى تسألين مائة سؤال بالثانية الواحدة


ضحكت (نهى) كثيراً ثم قالت بهدوء

- هيا اجبينى


وضعت (لارا) يدها اسفل وجنتها بهيام وهى تقول

- أنه اوسم فى الحقيقة اكثر بمائة مرة من على الشاشة ..كما انه لبق بالحديث حتى أنه خفيف الظل


رفعت (نهى) احدى حاجبيها وقالت

- كل هذا من مجرد اجتماع عمل!! .. يبدو وأن أحدهم سقط أسير للأخر


اتسعت عينان (لارا) بعدم تصديق واعتدلت فى جلستها ثم قالت

- ما هذا يا فتاة ؟! انتى مجنونة حقًّا

- سنرى لاحقا ..

❈-❈-❈

مر شهر كامل منذ أن بدأت (لارا) العمل على تصاميم الأزياء لفيلم (جاسر الكيلاني) التاريخي، فكّرت (لارا) كثيرًا في كيفية دمج الأصالة مع الحداثة في الأزياء التي ستعكس شخصيات معقدة من العصور القديمة، ولكنها لم تترك هذه التحديات تقف في طريقها بدأت تضع التصاميم الأولية، ملتزمة برؤية (جاسر) وفريق الإنتاج، ومع مرور الوقت، بدأت التفاصيل تتبلور وتصبح واضحة ..


في صباح اليوم الذي قررت فيه (لارا) أن تقدم ما أنجزته حتى الآن، كانت قد أكملت معظم التصاميم الأولية، عملت بجد على اختيار الأقمشة التي تمثل الحقبات التاريخية بدقة، مع إضافة لمسات عصرية للشخصيات الآخرى ..


في قاعة الاجتماعات، كان (جاسر) وفريق الإنتاج ينتظرونها فدخلت إلى الغرفة حاملة معها مجموعة من الرسومات وعينات الأقمشة التي عملت عليها طوال الشهر الماضى حينما التقت عيونها بـ (جاسر)، شعرت بنبضات قلبها تزداد سرعة ولا تعلم لما يحدث هذا، لكن سرعان ما اختفت آثار التوتر عندما ابتسم لها بابتسامة وهو يقول بنبرة ودودة

- أهلاً (لارا)، نحن متحمسون لرؤية ما أنجزتهِ


ثم أشار إليها لتعرض تصاميمها، أخذت (لارا) نفسًا عميقًا، ثم بدأت بعرض تصاميمها واحدًا تلو الآخر، عرضت الفساتين ذات الطابع التاريخي، بألوان دافئة وخطوط أنيقة، كانت تصاميمها تتناغم مع روح العصر الذي يدور فيه الفيلم ..


كانت أنظار الجميع مشدودة إلى كل تصميم تعرضه، وكلما أنهت عرض أحد التصاميم، كان التفاعل يزداد إعجابًا، ولم يخفِ نظرة إعجابه بعملها، بينما كان فريق الإنتاج يشارك بتعليقات مليئة بالإشادة

- رائع!

قالها أحد أعضاء فريق الإنتاج 

- إنها أكثر من رائعة، (لارا)


كان قلب (لارا) يرفرف بالفخر، كان هذا التقدير الذي نالته نتيجة عملها الشاق طوال الشهر الماضى، لكن ما جعلها أكثر سعادة هو رد فعل (جاسر) لقد كان في قمة الحماس، وكان يعبّر عن إعجابه بعملها

- لقد أبهرتني حقًا، (لارا)

قالها (جاسر) بابتسامة عريضة ثم أردف قائلاً 

-أنتِ بالفعل الشخص الأنسب لهذا العمل

ثم أضاف مبتسمًا بحماس

- نحن على وشك أن نبدأ مرحلة التصوير قريبًا، وأنا متأكد أن هذه التصاميم ستكون جزءًا لا يُنسى من الفيلم


أخذت (لارا) لحظة لتستوعب كل ما سمعته من اطراء كانت متحمسة للغاية بعد ردود الفعل الإيجابية ..

❈-❈-❈

بعد مرور شهران، بدأ تصوير الفيلم فعليًا، عملت بلا توقف على التفاصيل الدقيقة للأزياء والملابس التي سيظهر بها الممثلون مع فريق عملها، لقد كانت لحظة تاريخية بالنسبة لها، خاصة وأن رؤيتها لأزيائها تتنقل من الرسوم إلى الظهور الحقيقي على الشاشة كان أمرًا يفوق خيالها ..


في أحد الأيام، داخل استوديو التصوير، كانت (لارا) جالسة بالقرب من مجموعة من الفنيين، تراقب المشهد الذي كان يتم تصويره فى الأستوديو، حيث كان (جاسر) يؤدي دور البطل التاريخي كان المشهد يتطلب منه إظهار الكثير من القوة والعاطفة، وكان (جاسر) يتألق في كل لحظة، ينقل صراع شخصيته الداخلية بصدق وكأن ردود أفعاله حقيقية دون تمثيل ..


في هذا المشهد يواجه خصمه، وكانت عيونه مليئة بالغضب والألم بينما كان يتحدث بكلمات قوية وجادة، فلامس أدائه قلب (لارا) بشكل عميق لم تستطع أن تمنع نفسها من التصفيق بتأثر شديد، إذ كانت ترى أمامها لا مجرد ممثل يؤدي دوره، بل رأت مشاعر حقيقية ..


لكن فجأة نظر إليها المخرج بنظرة حادة شعر بغضب واضح من تصفيقها الذي قطع تركيزه على المشهد

- سيتم إعادة المشهد! 

قالها المخرج بصوت حازم وهو يشير إلى الجميع للعودة إلى أماكنهم ..


شعرت (لارا) بالإحراج، وكان وجهها قد احمر بشدة لكنها لم تستطع أن تكتم شعورها تجاه أدائه الاستثنائي الذى ابتسم لها بمرونة، وكأن شيئًا لم يكن، وأشار إليها بابتسامة جانبية، مما جعلها تشعر بالارتياح قليلاً ..


وبينما انتهى التصوير أخيرًا، وبدأ الفريق بالتجهيز لانتقالهم إلى موقع آخر، جاء (جاسر) إلي (لارا) بابتسامة على وجهه وسألعا وهو يقترب منها

- هل تأثرتِ حقًا؟


ابتسمت (لارا) بحرج وقالت

- لا أستطيع أن أصف لك كيف كان هذا المشهد مؤثرًا لم أعتقد أبدًا أنني سأرى ممثلًا يعبر عن شخصية بهذه القوة


ابتسم (جاسر) مرة أخرى وهو يوجه لها نظرة دافئة، ثم أضاف

- اشكرك حقًّا على هذا الأطراء


ثم انحنى ليأخذ مفتاح السيارة، وسار معها نحو السيارة فتح الباب لها بلطف وسرعة، ليدعها تستقل السيارة شعرت (لارا) بحرج خفيف لقد فعل موقف رجولِيًّا للغاية، لكنها لم تستطع إلا أن تشعر بالإعجاب بسبب أدبه وحسن معاملته قبل أن تغلق الباب، نظر إليها (جاسر) مبتسمًا، وقال

- هل هذه أول مرة تشاهدين ممثلًا على الطبيعة؟


أجابته (لارا) قائلة

- نعم، وكانت تجربة مذهلة 


فرد (جاسر) بابتسامة واسعة وهو يغلق الباب بعد ان استقل السيارة 

- اعدك انك دائمًا ستكونى المصممة الخاصة لى لقد استمتعت بالعمل معكِ


شعرت (لارا) ببعض التوتر بعد كلماته تلك فشعورها نحوه بدء ان ينمو فجاءة ولا تعرف ما نهاية تلك العلاقة التى بينهم الآن، خصوصًا أنه يعاملها كمعجبة فقط وهى تعرف ذلك جَيّدًا ..

❈-❈-❈

فى المساء ..

كانت (لارا) فى غرفتها بالمنزل ارتدت منامة حريرية بيضاء وهى متكأة على الفراش وظلت تفكر فى ذلك البطل الوسيم الذى اقتحم حياتها ويبدو انه اقتحم قلبها، جلست على المكتب الخاص بها فى غرفتها ووضعت يدها أسفل وجنتها وهى تتذكر ابتسامته الرائعة كيف فتح لها باب السيارة كى تستقلها وسامته اللامتناهية فهو طويل القامة، جسده له شكل متناسق، بشرته داكنة قليلاً، عينيه العميقتين لونها بني غامق، شعره الأسود الكثيف كان مرتبًا، شعرت بإنها تمادت فى التفكير فيه فاعتدلت فى جلستها ثم نهضت عن فراشها واتجهت نحو المكتبة الخاصة بها واختارت كِتابًا للأساطير الأغريقية ثم اتجهت نحو فراشها وبدئت ان تقرأ فى اسطورة (تيسيوس وأرديان) ظلت تقرأ بها وتأثرت بها كثيراً حتى نامت فى ثبات عميق ..

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة علا السعدني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة