رواية جديدة ميكاتو لنور إسماعيل - الفصل 2 - السبت 30/8/2025
قراءة رواية ميكاتو كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ميكاتو
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة نور إسماعيل
الفصل الثاني
تم النشر السبت
30/8/2025
"رائد"
إليكِ لأنكِ أخذتِ كل ما تبقي منى لأحيا، لأننى لا أعرف طريقاا للبهجه سواكِ.. ولانه لا طريقا للوجع إلا وبدايته أنتِ.
"مايا"
إليكَ انتَ يا هزيمتى وإنتصارى يا من تغفو بذاك الجزء الذي ينبض وجعاً يسار صدرى، والذي يحيينى ويحتضر بوجودك.
(٣)
عام ٢٠١٥
بخطوات سريعه تريد اللحاق بشئ ما، حتى دلفت إلى قاعه متوسطه الاتساع بها مجموعه من المقاعد يجلس عليها بعض الاشخاص مجهولى الهوية، نرتفع بالنظر لأعلى هذه الخطوات ذيل فستان فضفاض الاتساع وفوقه معطف خفيف نفس اللون القرمزى، وشاح يخرج منه بعض الشعيرات الناعمه ذات لون الشيكولاته بالحليب رغماً عنهم، شفتيان تقضمهما خائفه من ان يفوتها ميعاد المحاضرة يتلونان بلون وردى، عينان واثقتان واهداب كثيفه.. مايا رشدى، ٢٥عام.. درست بكلية الآداب قسم التاريخ.. ولاتعمل تكتفى فقط بحضور دورات تدريبيه للتنميه البشرية وعلم النفس، تعيش بطبقه اجتماعيه فوق المتوسطه
الابنه الوحيده لوالديها.. تهوى الموضه وعمل شكل خاص بهويتها لذاتها فقط حتى لاتكون شبيهه ب إحداهن.
واليوم كانت لديها محاضرة لأول مرة تنضم إليها بعد حجزها لها، تريد معرفه الآخر أكثر فهى مولعه بهذه المجالات والبحث عنها.
يجلس أمام المحاضرين، شاباً يافعاً.. طوله مناسب يرتدى بذله ذات لون كحلى.. يضع نظارة طبيه ذات اطار اسود سميك.. شعره خفيف نسبياً من المقدمه وكثيف بالخلفيه حتى إنه يغطى رقبته بعض الشئ.
يجلس أمامهم واثقاً من نفسه، يقوم بتحريك يديه حتى يدعم محاضرته ب لغه جسده.. الجميع منتبه معه
إنه رائد الشمري.. خريج كُلية التربية يعمل ب مجال الصحة النفسية والجلسات بما يُدعى فى الحاضر ب _اللايف كوتش_ يبلغ من العمر الثلاثون عاماً..
والآن إثر تحدثه والجميع منتبه معه، محاضرة عن إختلاف الرجل عن المرأة
_أظن اننا كلنا متفقين أن الراجل والست كائنين مش بس مُختلفين لاء دول اتنين مالهومش علاقة ببعض اصلاً،فيه ناس بتشوف ان الفروق دى بسيطه، لاء مع إحترامى الفرق كبير جدا وكأنك بتقارن مثلاً بين الرقص الهندى واكلة الكُشرى
ضحك كُل من فالقاعه، ف أبتسمت هى وخبأت بسمتها ف انتبه رائد وأكمل وهو ينظر ناحيتها
_يعنى مثلاً لو إتكلمنا عن الصحوبيه وإختلافها من الشباب والبنات هنلاقى البنات مبدأياً كدا يحبوا يمشوا فجماعات ف أسراب متفهمش ليه
ضحكت مايا بشده حتى إبتسم رائد أمام ضحكتها وأكمل
_عاوزين يروحوا المطعم الفلانى سوا.. يعملوا شوبينج يبقى سوا
واحده فيهم رايحه تعمل بيرسينج وتخرم ودانها يلا كلنا مع بعض عالصايغ
وكأنهم مجموعات بطاريق فالقطب الشمالى ماشيين جماعات لا يتوهوا
نيجى بقا للشباب، دول استحالة تلاقى تجمُع لو ع جثتهم، مبدأ الخلعان عندهم أساسي
مش بيتجمعوا إلا فحالتين، ي إما خناقه ي اما لو بيلعبوا بلايستيشن مش عشان بيحبوا بعض
لاء كان على عينهم والله.. هما بس بيحترموا قوانين اللعبة!
مرّ الوقت وانتهت المحاضرة وهم الجميع للرحيل، وكان رائد يقوم بوضع اشياؤه بحقيبته حتى مرّت مايا من جانبه تهم بالخروج ل يشتم رائحه عِطرها الفريدة.. مميزة ورائعه أخذته لعالم ساحر
حتى استوقفها بالنداء
_سورى، بس حضرتك أول مرة تحضرى مش كدا
إبتسمت مايا وهزت رأسها مع امساكها بحزام حقيبتها فى كتفها وأردفت
_أيوة، وبصراحه انبسطت جداً واستفدت كمان بطريقه جديده
إبتسم رائد وأردف لها مازحاً
_طب كويس ان كان فيه استفاده، انا كنت خايف يكون دمى تقيل ولا حاجه فتقديم المعلومه
_بالعكس انا طول المحاضرة بضحك أصلا
_مانا لاحظتك
رفعت مايا أحد حاجبيها وقالت
_اومال ليه بتقول كنت خايف دمك يبقى تقيل لمّا لاحظتنى وأنا بضحك أهو
إبتسم رائد وأردف لها واضعاً كلتا يديه فى جيب بنطاله
_لو حابه ابعتلك تلخيص المحاضرات الل فاتت انا بصورهم، ممكن ابعتهملك
هزت مايا رأسها بالايجاب وهمّت تفتح حقيبتها وتناولت هاتفها وأردفت له
_اوك، اكتب هنا رقمك
دون رائد رقم هاتفه وقام بالاتصال حتى رن هاتفه ف اردف لها
_انسة..
_مايا!
إبتسم رائد وهز رأسه لها مع بسمه ثغره الهادئه..
❈-❈-❈
مرّت الأيام تلو الأيام، يتحدثات على _الواتساب_ليلاً ونهاراً فى أى شيء وكُل شيء، الهوايات، المهارات
ماذا يحبان ماذا يكرهان، ما الفيلم الذى يفضلان مشاهدته
اى فصول السنه يستمتعون به، الاكلات.. حكايات عن الذكريات.. ذكرى ايام الطفولة، ذكرى وقت الجامعه
ذكرى أول إعجاب واول دقه قلب بريئه، ماهى اهدافهم بالحياة
حديث الواتساب اصبح مواعيد والمواعيد آلت إلى مقابلات، يذهبان إلى احدى المطاعم مُتعارف عليه بشهرة الطعام الشهى، ويكون مقصدهم فى كل مرة ارادوا أن يتناولوا بها الطعام سوياً.. تأخذهما ساقيهما إلى مقهى لتقديم القهوة بطعم برازيلى، فيحتسيان قهوتهما المفضله.. هو السادة وهى الميكاتو اى القهوة الاسبريسو مع خليط بسيط من الحليب!
_يمكن تكون احلى قهوة فالعالم الميكاتو، يمكن عشان هى قهوتى المُفضله
قالتها مايا ضاحكه بعفوية مع ارتشافها رشفه من فنجان قهوتها، فتمعن رائد النظر بها وأردف
_حاسه اننا قربنا من بعض ف وقت بسيط؟!
قامت مايا بقضم شفتيها كعادتها وخبأت بسمتها وهى تشيح بنظرها بعيداً ف تحدث رائد
_أنا الفترة دى اكدتلى أن مفيش حد فحياتك يا مايا، وعشان كدا أنا حابب اقرب منك أكتر
تسارعت دقات قلب مايا خلف بعضهما، ونظرت إليه فى خجل ف استرسل رائد حديثه
_مايا أنا فيه حاجه بتشدنى ليكِ أكبر من الإعجاب
توترت مايا وقامت بالنظر إلى هاتفها واردفت له
_رائد.. الوقت إتاخر وانهاردة كنت هنزل مع ماما نجيب شوية حجات.. بليز ممكن توصلنى لاقرب تاكسى؟
أمال رائد ب رأسه لها واقتربت يده من يدها الموضوعه على المنضده وأردف بثبات مع نبرة صوت هادئه
_مايا أنا بحبك!
تسمرت مايا فى مكانها، ولم يكن لديها م تقول بل اكتفت بصمت المفاجأه، ف ابتسم هو وداعبها ب اصابعه على كف يدها فضحكت هى ف قالها مرة ثانيه وثالثه حتى قامت هى ب إسكاته وهى تضحك بشدة..
❈-❈-❈
مرّ العام، تلو العام.. وهما على صداقتيهما سوياً.. كلا منهم يدرس اخلاق وصفات الآخر
يتعمقان ببعضهما البعض، يمتزجان أكثر، ليصبحا شخص واحد.. كل واحد منهم اعطى للآخر شئ من شخصيته.
فى هذه الفترة تأكدت مايا من حبها ل رائد، بدليل قدوم العديد من الرجال لطلب يدها وفى كل مرة كانت ترفض برغم صفاتهم الحميده ولكن هنا ادركت ان قلبها مُعلق بشخص واحد فقط.. رائد!
حتى أتى يوم ليس بالحسبان..هى وهو ب أحد المقاهى، هى غاضبه وهو متوتر للغاية حتى ظاهرة عل. حركه ساقه وهى كل ثلاث دقائق تقوم بظبط وشاحها على وجهها
_على فكرة أنا مش بقولك كدا عشان كل العصبيه دى
إعتدل رائد فى جلسته وأردف لها وعيناه عابستان
_يعنى هتقوليلى جايلى عريس هقولك تمام وعملتِ إيه رفضتِ زى كُل مرة تقوليلى لاء واضح ان بابا وماما موافقين عليه وأنا مش عارفه أثر عليهم زى كل مرة، ف تفتكرى أرد ب إيه
_ب إيه يا رائد؟!
حك رائد بذقنه قليلاً ومن ثم خلع نظارته وفرك عيناه عدة مرات وفرك انفه فى حركه متزترة لا اراديه حتى قال لها بثبات
_لا مفيش حد هيتجوزك يا مايا لأنك حبيبتى أنا وبس وانا مش هسمح ب بعدك عنى إنتٍ فاهمه
هزت مايا رأسها ساخره من حديث رائد قائله
_طيب تمام، أنا هروح اقول لبابا مش هقبل العريس عشان أنا حبيبة رائد وبس، تمام كدا
_بتتريقى؟!
_اومال هقول ايه بس
_هتقوليلهم رائد عاوز ميعاد، انا جاى أتقدم لك يا مايا
إتسعت حدقه عيناها ناظرة له واردفت بذهول
_بس انت لسه واخد الشقه جديد الل انت فيها جديد ومش متشطبه وكمان عندك قسط عربيتك
وضع سبابته على مَقربة من شفتيها وأردف يصوب مقلتيه إلى اعماقها
_مش مهم اى حاجه، هتدبر بس تكونى معايا..
❈-❈-❈
فى حفل صاخب، وجمع من الشباب والبنات أصدقاء العروسين والأقارب والزملاء
كان الحميع يصفق ويتراقص وباوسطهم العروسان، مايا ورائد
فكانت مُبهجه مايا فى حِلة ذهبيه اللون، أما عنه كان يرتدى بذله سوداء ورابطه عنق ذهبيه
"وقرينا الفاتحه"
صنيه خشبيه يمسكان بهما مدون عليها هذه الجملة واسميهما وتاريخ خِطبتهم، كان الجميع مُبتهج
سعيد مرتاح، حفل جميل بروحيهما..
ومحادثات ليله مُفعمه بالحديث الغرامى الملتهب..
_بس متنكريش انى أمور واتحب برضو
ضحكت مايا ضحكه خفيفه وأردفت له بصوت خافت يكاد يكون مسموع
_فيه حد يشكر فنفسه كدا برضو
_طب اعترفى إنى كُنت فتى أحلامك
_إنت مش كُنت فتى أحلامى، إنت كنت كل احلامى!
قهقه رائد بصوت عالِ وقال لها فى زهو بالغ
_طبعاً يابنتى هو أنا أى حد ولا إيه؟
شعرت مايا بغروره المبالغ فيه فبادلته الحديث الساخر
_بس بس بس، أنا أصلاً بقولك كلمتين من باب العطف عليك
_وانا ياستى شحات الغرام وقبلت وبحبك.. بحبك أوى
تثائبت مايا وأردفت له
_رائد انا هنام بقا
_طيب خلّى الخط مفتوح ونانى وانا سامع صوت انفاسك يا روحى
لطيفه كَ سقوط الندي صباحاً ، َك اول خُطوه لطفل صغير ، كَ تفتح الزهره لأول مره ، كَ اول تغريدةٍ لعصفورُ ، لطيفه كَ كل شيء لطيف ، وكلَ لطيفٍ يُشبهك يا مايا..
❈-❈-❈
ومضت الأيام بالتسوق لشراء اغراضهم، وجلوسهم بالمقاهى يقومان بالتفكير في كيفيه تدبير المال وما القادم وما الذى يجب فعله، كانت تمر ايامهم مابين مُشاده ل لحظة صفاء.. لجفاء وخِصام وهجر بالأيام
لجلسه صُلح يتوجها باقه من الزهور الحمراء.. عيد الحب ودُمى قطنيه، عيد ميلاد مايا ومفاجئات ب الشارع مع صديقاتها.. عيد ميلاد رائد وحفل بسيط فوق مركب يجمع الاصدقاء والمزيد من الصور.
ثم جاءت دعوة لحضور حفل زفاف واحد من اقارب رائد، تهيأت مايا وارتدت فستان جميل رقيق ذو لون زهرى ووشاح نفس اللون مع وضع الميكياچ الخفيف يليق بملامحها الغائرة المرسومه..
سمعت صوت آلة التنبيه لدى سيارة رائد، فهبطت على الفور بعد طبع قبله على وجنة والدها وما إن رآها إختفت بسمه وجهه التى كان يستقبلها بها..
_فيه إيه؟
كان سؤال مايا له اثناء قيادته السيارة، ف اجابها رائددون النظر إليها عابساً
_مفيش
_لاء فيه، احنا رايحين فرح وانت كُنت مبتسم وانا نازلة.. أول م ركبت كشرت فيه ايه
على صمته رائد ظلّ متجهماً ف اردفت مايا بشيء من العصبيه
_هتقول فيه إيه ولا لاء، أنا عارفه لما تفضل لاوى وشك كدا
_ايه رأيك فالفستان الل انتِ لابساه دا..
نظرت مايا نظرة عامه على فستانها وهى جالسه بالسيارة وقالت
_ماله
_ضيق جداً، ضيق ايه دا زفت.. وكمان شعرك الل برة الحجاب دا وكذا مرة اتكلمت عليه
قامت مايا ب إدخال خصلات شعرها المنسدلة على استدارة وجهها خارج وشاحهها
_ع فكرة انا قولتلك ان بيطلعوا غصب عني عشان منبت شعرى قريب وشعرى ناعم جدا اكيد مش قصدى
والفستان مش ضيق ولا حاجه
مط رائد شفتيه وعلى وضعه دون النظر إليها
_خلاص يبقى أنا اعمى
_يووه أنا مقولتش كدا
ظلّا صامتان، حتى وصلا الحفل.. على عبوسه هو بينما هى تناست بعض الشيء حتى صفقت فى مكانها على صوت الاغانى وحركت اكتافها كتفاعل معها فقام هو ب إسكاتها بشكل مُحرج لها للغاية
_فيه ايه، مش عارفه تقعدى هادية شوية؟!
احست مايا بالاحراج ونظرت حولها هنا وهناك ومن ثم اردفت وعيناها تترقق بالدموع
_عاوزة امشى
_إحنا لسه جايين، اقعدى الناس بتبص علينا
زفرت مايا بحرارة وامسكت بحقيبتها وأردفت بعصبيه
_هتوصلنى ولا أمشى لوحدى
تركته واستبقته إلى باب القاعه ف لحق بها وأعادها الى منزلها دون ان يتحدثا ببنت شفه!
وعلى هذا المنوال.. رائد غيور ومتحكم ومايا تهوى الحياة بعفوية كما تربت
الكثير من المشكلات، الكثير من الهجر.. حتى اتت الطامه الكبرى
ذات يوم كانت هناك رحلة لمدينه الاقصر يشارك فيها اقاربها الشباب والفتيات وقاموا بدعوتها ف لبت الدعوة واخبرت رائد بميعاد الرحلة فكانت هذه النتيجه
"وأما أسالك بتحبنى وتقولى آآه، مبقتش قادر اصدقك وبقيت أخاف"
كان صوت المطرب عمرودياب المميز يدور ب ارجاء المكان حتى وصل إلى منضده رائد ومايا التى على وشك قيام عاصفه عليها الآن..
_بتقوليلى كأنى تحصيل حاصل يعنى
_أومال هستأذنك يا رائد؟! دى رحلة مع قرايبي
نفث رائد بغضب وأردف بنبرة عصبيه
_وفيها شباب!
إبتسمت مايا بسخرية بجانب ثغرها وقالت له
_دول ولاد خالتى!!
عاد رائد بظهره للخلف واردف ساخرا ايضا
_ايوة يعنى ولاد خالتك دول ثدييات!! مش رجاله بشنبات
هزت مايا رأسها مستفهمه ف أكمل رائد
_أنا مبحبش اختلاطك ب أى راجل غيرى ان شاء الله يكون أخوكِ
_طيب الحمد لله ان معنديش اخوات أصلا
_مايا متتريقيش
نهضت مايا من مقعدها وأردفت له يبدو عليها الانزعاج بشدة
_أنا عاوزة افهم ايه مُشكلتك دلوقت يا رائد، انى رايحه الرحلة من غير م اقولك ولا عشان ولاد خالتى
طالعين معايا ولا عشان ايه بالظبط
نظر لها رائد وهى تقف أمامه وأردف
_طب اقعدى
_انا عاوزة افهم لو سمحت
_المشكلة انى مش هتروحى من الأساس يا مايا
رفعت مايا حاجبها متعجبه وعقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت له
_واللهِ؟ كدا حكم قرقوش
_سميها زى م تحبِ، ولو سمحتِ اقعدى الناس بتبص
نظرت مايا له نظرة مطولة وقامت بخلع خاتم الخطبه من يدها ووضعته على المنضده
_أنا تعبت يا رائد.. تعبت تحكمات وعاوز تخلينى شخصيه تفاصيلك وتلغينى
تعبت خناق.. انا آسفه
تركته ورحلت ورائد فى ذهول مما فعلت..!
❈-❈-❈
"وئام"
_أينما مررنا نترك اثرا كبيرا.. قد لا نرى نحن ذلك و لكن احرص دائما ان تترك أثرا طيبا في نفوس من تصادفهم ولو كلمة طيبة تجعلك دائما تبحث في صفحات كتابك لتعيد قراءتها.
"باسل"
_أحاول العبور من كل عَثرات حياتى بكل ما املك من قوة، ولكنى لا زلت عالقاً بجزء منى يرفض النسيان و ايضاً يرفض التقدم، انه ذاك جزئى الساكن.. جزئى المحطم!
عام 2006..
_إنت إيه اللى جايبهالى دى، أنا مش فاضيه أربي حد ياخويا كفاية عليّا همّ ولادى!
كانت تستمع وئام إلى هذه الكلمات من فم زوجه أبيها والتى كانت تدوى كالرصاص ب أذنها وهى طفلة إبنه عشر سنوات.. فجلست إلى اقرب مكان ليسترق منها النظر اشقاؤها من والدها بعمر الاربع والثلاث سنوات يقفون لدى باب غرفتهم ممسكان بالدُمى الخاصه بهم.
_دى بنتى يا حمدية، وامها ماتت هسيبها فالشارع يعنى.. تتربي مع اخواتها وأهى تطبع بطبعك وتبقى تحت طوعك وتساعدك فالبيت
نظرت زوجه الأب نظرة مملوءة بالحقد والغضب نحو وئام واقتربت منها وامسكت ب احد ذراعيها بقوة وقالت لها بنبرة مُحذرة
_إسمعى يابت، هنا النظام نظامى أنا والبيت بيمشى بكلمتى أنا، اقول شمال شمال يمين يمين.. اخواتك تشوفى طلباتهم وتساعدينى فشغل البيت وحِسك عينك اسمع منك شكوى ولا صوت عال، ساعتها هيبقى آخر يوم ليكِ هنا
على صمتها كانت تحدق وئام النظر بها وهزت رأسها ايجاباً مع اغروراق عيناها بالدموع..
❈-❈-❈
مرّت ثلاث اعوام.. وكانت قد التحقت وئام بالمدرسة الاعدادية بنات، وهناك كانت قد حدث لمعظم فتيات عمرها الحدث المعروف للبلوغ عداها!
حتى فى صفاتها الشكليه، كان قد بدأت مظهر البلوغ الانثوى يظهر على زميلاتها إلا هى! كما هى نفس جسم الطفولة مثل الصبية.. اهتمت الاخصائيه الاجتماعية ل أمرها فتحدثت معها وتفهمت الأمر لتطلب منها حضور والدتها، طلبت وئام من زوجه أبيها الحضور ولم تلبي الدعوة فذهب معها والدها ليتفهم أن هناك امر غريب تتعرض له إبنته.
وعلى وجه السرعه يتوجه بها الى طبيب لوقع الفحص عليها ليجدها تحمل بداخلها رحم طفولى، أى أنه غير مستعد للبلوغ إلا بعد سنوات من العلاج وفكرة الحمل بعيدة تماما تكاد تكون مستحيلة!
حاول الأب ان يهتم بهذا الأمر، ولكن رفضت زوجته معلله ب أنهم بحاجه إلى المال هى وأولادها وان مع مرور الزمن ستتحسن وئام كمثل كل الفتيات.
وبعد سبع اعوام أخرى .. كانت قد تخرجت وئام بالكاد من المدرسة الفنية بنات، واصبحت خادمه بمنزل والدها
تقوم بالغسل والطبخ والخبيز، ومساعده اشقاؤها بالمذاكرة وإحضار متطلبات المنزل..
وها هو أتى عيد مولدها الذى لم يتذكره أحد سوى شقيقتها الصغرى مها، ف احضرت لها قلم من الحمرة وفى طريقها لتقديمه لها
_كل سنه وانتِ طيبه يا ئِمئم.. جبتهولك وانا راجعه من المدرسه
إبتسمت وئام وفرح قلبها حينما رأت هدية شقيقتها مع تذكرها يوم ميلادها، قبلتها فى وجنتها مع عناق طويل ومن ثم قامت شقيقتها بوضعه لها على شفتيها أمام المرأة مع قولها
_ياسلام يا سلام عالقمراية، عارفه يا ئمئم سمارك البرونزى المميز دا مع لون الروچ عامل ميكس جنان
إلتفتت وئام إلى المرآه لترى وجهها بها، وئام.. ذات البشرة السمراء الجميله والشعر المنسدل الناعم الطويل
فم عريض مرسوم وعينان تتحدثان حزناً مع نظرة لامعه..
_قمر يا ئمئم والله
ابتسمت وئام وقالت لها
_ربنا يخليكِ ليا يا مها يارب، انتِ وبس الل بسمع منك كلمه خلوة فالبيت دا كله
أثر تحدثهم سوياً، وجدا زوحة الأب تدلف الغرفه لتدعو وئام باللحاق بها، خرجت وئام تتبعها حتى وصلت إلى غرفة الأب ولجت إلى الداخل ومن ثم اغلقت حمدية الباب.
_اسمعى يا وئام فيه موضوع مهم عاوز اكلمك فيه
_خير يابابا
_إنتِ متقدملك عريس
تلعثمت وئام ف اكملت زوجه الأب
_وعريس ميتعيبش، صنايعى اد الدنيا وكسّيب ومعاه بيت بحاله مسكن فيه مراته وبناته وامه وانتِ هتكونى معاهم
عبست وئام واردفت متعجبه
_مراته وولاده؟! انتو عاوزين تجوزونى واحد متجوز؟!
قامت حمدية بمصمصه شفتيها وتحدثت ساخرة
_ياختى انتِ معيوبة، ارضى بنصيبك كمان هتتشرطى
نظرت وئام ناحية والدها ف اردف هو على استحياء
_يابنتى عزت راجل كسيب ومقتدر ميترفضش وهتبقى ليكِ شقه لوحدك بعيد عن مراته
_ولمّا هو عنده ولاد ومتجوز، عاوز يتجوز تانى ليه
ركزت حمدية بعينا وئام وقالت
_شوفى يابنت جوزى، هو معاه بنات ونفسه فالواد.. قولنا يمكن عقدتك تتفك على ايده وتتجوزيه وتخلفى له الواد
تنهدت وئام وحدقت بعينا حمديه متحدية إياها مع قولها
_وانا هخلف له الواد ازاى، اذا كان عندى عيب كبير يمنعنى من الخلفه ولازم له علاج سنين
وضعت حمدية سبابتها على إحدى وجنتيها وتحدثت تشيح بالنظر عنها
_أهو يبقى يعالجك هو، الل عاوز العسل يغوى قرص النحل
نكست وئام رأسها ل أسفل وقالت بنبرة حزينه على حالها
_أنا مش موافقه
هنا نهضت زوجه ابيها واقفه وقالت واضعه كلتا يداها بخصرها
_نعم يا دلعدى!! مش موافقه دا إيه! هتتشرطى ياختى على نيلة إيه دا لا مال ولا جمال ومعيوبة وحالك حال
اسمعى دلع بنات مش ناقصين
توجهت حمدية إلى زوجها تتحدث له آمره
_أنت تروح تقوله موافقين وتتفقوا على ميعاد قراية الفاتحه خلينا نخلص ونشوف اخواتها وطلباتهم
هو إيه مورناش الا الست وئام..
❈-❈-❈
ما ضللتك يومًا وما أخفقتُ ف حُبك ولكن الدَرب تشاقّ علينا فـ أُطفأ نور اللقاء وعتمَ سبيلنُا فلا تكن كثقبٍ يستهوي التمرد علي اقدارٍ تُصيبنا ولا نُصيبها.
الهاتف يرن إثر غفوة طويلة ل باسل .. فتمتد يده ليرى اسم صديقه، يتثائب ومن ثم يجيبه
_ايوة يا زفت
_إنت لسه نايم، قوم فوق واصحى إلبس الحته الل عالحبل أنت نجحت ف امتحانات المتقدمه ف الاوبرا يابن المحظوظه
اعتدل باسل فجأة ووسعت إبتسامته متفاجئاً واردف له فرحاً
_بتتكلم جد! انا اتقبلت ف الفرقة الل هتعزف ف الاوبرا؟!
أجابه زميله بعد قهقه ضحكاته على ردة فعل باسل
_انا وانت ياعسليه اتقبلنا، ومش كدا وبس وكمان هنعزف قدام وزير الثقافه فحفل وزارة الثقافه السنوى
إبسط بقا ياعم
قفز باسل من فراشه وتحدث وهو يهرول إلى المرحاض
_إنت تستاهل بوسه ع اخبارك الحلوة دى، انا نص ساعه وتلاقينى قصادك
تحضر باسل وذهب إلى مكان تحمع الفرقة الموسيقيه التى قوبل بالانضمام إليها أخيراً كعازف آله الكمان.. صافح صديقه وكانا يتحدثان بشغف فرحة القبول والمغامرة.. حتى رآها اتية على القرب منهم تحمل على ظهرها آله _التشيللو_ يتطاير شعرها بفعل الهواء وابتسامتها هادئه وصافيه..
تحدثت إلى صديقاتها وانضمت لهم، حتى بدءت تدريبات الفرقة ودعووهم للداخل ليجلس كل فرد بمكانه حاملاً آلته الموسيقيه، إستعدّ الجميع وبدأ التدريب..
وبعد إنتهاء اليوم، كان الجميع راحلاً فى مجموعات إلى الخارج حتى ترجلت هى إلى محطه المترو وتبعها باسل بعدما ودع صديقه. استقلت القطار وهو خلفها.. جلست فجلس بجانبها وتحدث إليها بجرأة
_حضرتك معانا ففريق اللى اترشح للعزف ف الاوبرا مش كدا
رفعت الفتاة بصرها وهزت رأسها له ايجاباً، ف أكمل باسل
_وكمان هتكونى موجوده فحفل سيادة الوزير الل فقصر الثقافه
_أيوة
مدّ باسل يده للمصافحه مع تعريفه بنفسه
_باسل حموده، معاكِ فالفرقه عازف الكمان
إبتسمت هى وأردفت له مرحبه تصافحه
_رانيا طلعت
مضى الوقت يتحدثان حتى انتبهت رانيا إلى محطتها ف حملت آلتها وهبطت مع توديعهم لبعضهما البعض.
مرت الأيام تلو الايام،جمعتهم شيئآ فشئياً صداقتهم ببعضهم البعض حتى تعمقت علاقتهما إلى علاقه حب.
فقرر حينها باسل أن يتقدم لخطبتها..
باسل حموده، 29عام.. عازف آلة الكامنجا بفرقة موسيقيه بالاوبرا وفى كثير من الأحيان يتلقى طلبات للعزف ب تترات المسلسلات والبرامج.. قادم من بلدة ريفيه ولكنه من وقت العمل وهو يستقل بالعيش بالقاهرة
ذو وجه مستدير، حليق الرأس دائما مع خط خفيف من اللحيّة والشارب يميزانه.
متوسط طوله.. هادئ الطباع ولكن به خِصلة غير مستحبه إطلاقاً _الشك.
تمت الخِطبة وسُرعان تم الزفاف وانتقلت رانيا للعيش مع زوجها بشقته بعد تجهيزها، فكان يومهم بالكامل سوياً سواء بالعمل او بالمنزل لا يفترقان.
يتبع...