رواية جديدة مرايا الروح لفاطمة الألفي - الفصل 19 - السبت 2/8/2025
قراءة رواية مرايا الروح كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية مرايا الروح
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الألفي
الفصل التاسع عشر
تم النشر يوم السبت
2/8/2025
تدلّت خيوط الشمس الأخيرة على سطح الماء كأنها خيوط من ذهب تلامس وجه البحر، فيما كان _اليخت الأبيض_ ينساب بهدوء وسط البحر، النسيم عليل يداعب الوجوه، وهدوء المساء يلف المكان كأن الزمن توقّف ليستمتع بالطبيعة.
في مقدمة اليخت، وقف _دياب وماجد_ يمسكان بأدوات الصيد، يتبادلان النظرات والكلمات الهادئة، بينما حبال السنارات تلامس الماء كأنها تبحث عن أسرار البحر. _ماجد_ ألقى نظرة سريعة إلى الخلف حيث ترك الطفل بين يدي _راما_ ، التي كانت تمسح على رأسه بحنانٍ بالغ، ووجهها تضيئه ابتسامة دافئة.
قرب منتصف اليخت، جلست هديل إلى جانب ضي ، تساعدها في إعداد طبق بسيط من الفاكهة، بينما ضي تضع شرائح اللحم على الخبز، في جو يغمره الألفة وتفاصيل الحياة اليومية التي تصبح أثمن عندما تحيطها الطبيعة والجمال.
أما "نادر"، فكان منعزلاً في الزاوية الخلفية من اليخت، يراقب الجميع بنصف ابتسامة، وريشته تنساب على الورق بخفة. كان يرسم فتاة ذات ملامح خجولة، عيونها تنظر نحو الفضاء بدهشة، فيها شيء يشبه _هديل_... أو ربما هي هديل نفسها، لا يعلم ..
كانت الشمس تودع المكان بلونها البرتقالي والوردي، تصبغ السماء والبحر والقلوب بلحظة دافئة لا تُنسى.
أقتربت ضي من شقيقها تعطيه طبق به طعام، شكرها ماجد وعندما رفعت مقلتيها أتجاه "دياب" كانت نظراته هو الآخر تحدق بها، سرعان ما أخفت توترها وعادت تجلس بالقرب من راما والطفل تحاول اطعامه بحنو، بينما طلبت من هديل أن تعطي نادر طعامه، بحثت بعينيها عن وجوده، لتجده يرسم بدقة وكأنه بعالم أخر، وقفت جانبه، لم يشعر بقربها، همست بخفوت كأنها نسمات ناعمة تداعب أذنه:
-الاكل يا دكتور.
أنتبه لصوتها، أغلق الدفتر، ثم مد يده يلتقط منها طبق الطعام، لاحت على شفتيه ابتسامة هادئة:
-شكرا يا هديل.
قبل أن ترحل هم بالحديث ، يريد أن تجلس معه:
-مش محتاجة تعرفي حاجة عن تناسق الألوان.
هزت راسها نافية
-تمام، ممكن أطلب منك طلب؟
قالت بهمس:
-أكيد.
حدق بها لثواني ثم قال:
-محتاج ترسمي هنا اللي حاسه بيه، أي منظر جمالي عجبك، هنا سحر الطبيعة ولا اروع، ممكن تخلصي وأشوف رسمتي أيه؟
أومات برأسها وقالت وهي تبتعد عنه:
-حاضر..
ضحك نادر بخفة وهو يحدث نفسه بصوت خافت:
-يخرييت كده، أيه الملاك ده؟ ده انا كنت عايش مع وحش مفترس على كده.
❈-❈-❈
سارت ببطء على حافة اليخت، تعثرت خطواتها، بشرتها شاحبة، اهتز جسدها، قبل أن يتملّكها دوار مفاجئ، وتتهاوى كزهرة في مهب الريح. _رشّة ماء_ عالية قاطعت نسيم المساء... وساد الصمت لثانية، كأن قلب البحر نفسه توقف.
نهض نادر من مكانه فورًا، جسده انتفض لصوت ارتطام سمعه، عيونه تعلّقت بالماء، اتسعت عينيه بصدما عندمارآها، تغالب الموج، ذراعاها تصارعان الفراغ، شهقاتها تغص بالماء... لم تكن تعرف السباحة.
دون تردد، ألقى نادر بنفسه في الماء، لم يكن يفكّر، فقط يتحرّك.
قفز "ماجد" هو الآخر خلفه، لكن نادر كان الاسرع في الوصول إليها، احتضنها بذراعيه، بينما ساعده ماجد على سحبها إلى سطح اليخت. و ركضت"راما" نحوها بعينين تفيض بالذعر، يداها ترتجفان، وقلبها يلهج بالدعاء. بينما" ضي" ، أحضرت منشفة وجثت بجانب هديل، تجفف جسدها المرتعش، في حين عينا هديل تحدّقان في اللاشيء، بين نصف وعيٍ ونصف غيبوبة.
صرخ "دياب" لضي:
-اضغطي على صدرها... لازم تخرج المي من الرئة.
بخطوات مرتبكة، اقتربت ضي، وبدأت بمحاولات الإنقاذ،
وجست "راما"تمسك بيد صديقتها بشدة وتبكي بصمت مختنق.
لحظة بدت وكأنها دهر، كأن الزمن نفسه توقف ليترقب متى تسترد وعيها ..
شهقة طويلة خرجت من صدر "هديل" ، تبعتها كحة متقطعة، ثم تنفّس بطيء يكاد لا يُسمع. ارتجف جسدها كمن عاد من عتبة الموت، بينما الكل تجمّع حولها، أنفاسهم محبوسة، وأعينهم تلاحق ملامحها في لهفة.
انفجرت"راما" بالبكاء، وهي تمسك يدها وتقبّلها مراتٍ متتالية:
"كيفك هديل؟ أنتِ منيحة؟
نظرت إليها بعينين نصف مغمضتين، وابتسامة باهتة ترتسم رغم الإجهاد، كأنها تعتذر عن القلق الذي زرعته في القلوب.
وقف"نادر" قريبًا، قطرات البحر لا تزال تتساقط من ثيابه، لكنه لا يشعر بشيء سوى خفقة قلبه المتسارعة. لم يرفع عينيه عنها، وابتلع ريقه وكأنه يطرد خوفًا لم يعرفه من قبل.
أما "ضي "جلست خلف هديل، تسند ظهرها بلطف، وتمسح شعرها المبلل بمنشفة وهي تهمس بقلق :
-أنتِ بخير...يا حبيبتي.
و "دياب" خلفهم، يراقب بصمت وملامحه متخشبة لكن عينيه تعكسان ارتياحًا دفينًا، بعدما أطمئن سلامتها.
اقترب "ماجد" ودنا منها ثم أمسك برسغها ، يتفقد نبضها، وعندما اطمئن من انتظامه، قال بهدوء:
-هي بخير ما فيش حاجه، واضح جالها دوار البحر .
ثم نظر إلى شقيقته وأكمل حديثه:
-خليكي جنبها، شربيها عصير، ودفيها كويس.
قال ذلك ثم انسحب بعيدا ولحق به نادر قائلا بقلق:
-أحنا لازم نرجع.
-فعلا هنرجع ، هديل محتاجة تغير هدومها وترتاح..
جلست ملفوفة بمنشفةٍ سميكة، تتكئ برأسها على كتف ضي ، وصوت أنفاسها عاد لطبيعته شيئًا فشيئًا، جسدها لا يزال يرتعش، ليس فقط من البرد، بل من أثر الصدمة.
اتخذا قرار العودة إلى الشاطىء، وبدأ المحرّك يزمجر بخفوت، وصوت الماء الذي يتشظى على جانبي اليخت عاد ليرافق لحظة العودة، وتحرك بهدوء، كأنما لا يريد أن يُزعج من عاشوا لحظة الموت ثم النجاة..
❈-❈-❈
بعد مرور ساعة، عادوا إلى _الشاطئ_ مع أول أضواء الليل، ونسيم البحر لم يعد يحمل نشوة المغامرة بل صدى من القلق الصامت، الجميع كان متعبًا، وأحداث اليوم ألقت بثقلها على الوجوه.
ثم توجهًا كل منهما إلى غرفته.
كانت هديل تتكئ على كتف راما ودلفوا سويا إلى غرفتهما بصمت، أغلقت راما الباب خلفها ، وخلعت هديل حذاءها بتثاقل، كأن جسدها لا يزال مربوطًا بأمواج البحر، جلست على الفراش بتعب ، انتقت لها صديقتها ملابس مريحة ، لكي تساعدها على تبديل الملابس المبتلة، باخرى دافئة وجلست على السرير، لكن هديل بدأت تشعر بارتجاف داخلي لا يتوقف... رعشة غريبة تتصاعد من أطرافها وتلتهم أنفاسها.
شعرت راما بأعياءها، دنت منها، وضعت يدها على جبينها، ثم شهقت:
-حرارتك أكتير مرتفعة ، راح أتصل ب "ماجد" هلا.
في غضون دقائق، كان "ماجد" يطرق باب الغرفة ويدلف لداخل وهو ممسك حقيبته الطبية بيده، ونظراته جادة، أقترب منها، فحصها بدقة، وقاس الحرارة والنبض، ثم قال بهدوء:
-دي عندها حرارة مرتفعة جدًا... محتاجة خافض وسوائل فورًا، وجسمها مجهد من السقوط في البحر.
أعطاها الدواء وطلب تغطيتها جيدًا، وهمّ بالمغادرة، لكن قبل أن يخرج نظر ل راما وقال :
-هي هتنام دلوقتي ، راقبي حرارتها، ولو ما نزلتش اتصلي بيا فورا ، وهكون عندك، ولو الحرارة هديت همر عليكم الصبح .
هزت راسها بايماءة خفيفة ، ثم شكرته بأمتنان وغادر الغرفة ، أما هي فعادت بحوار صديقتها وهي تتنهد بعمق :
-ها الدكتور أكتير مهضوم ..
❈-❈-❈
عندما مر من أمام غرفة نادر ، استمع لصوت سعال ، طرق باب غرفته ثم دلف عندما خرج صوت نادر مبحوحا يأذن له بالدخول.
وقف ماجد على أعتاب الغرفة وهو يتساءل :
-أنت عامل، حاسس بتعب انت كمان؟
قال بصوت متثاقل:
-أنا مش حاسس بحاجة اصلا
اقترب منه بقلق، وقال بضيق:
- انت لسه بهدومك المبلولة، غلط كده.
تحسس جبينه، وجد حرارته منضبطة، ولكن جسده متراخي ، اراحه على الفراش وجلب له ثياب وساعده على تبديلها، ثم دثره بالغطاء، وطلب من مطعم الفندق أن يحضر مشروب دافء على غرفة نادر، وظل بجواره إلى أن أت النادل ووضع المشروب ، أسند له ماجد ظهره ، وبدء نادر في ارتشاف المشروب وهو يطالعه بنظرة امتنان على ما فعله من أجله، ثم تذكر هديل فخرج صوته متساءلا بقلق ، ليخبره ماجد بأنها مريضة وفي الصباح ستتحسن حالتها.
وبدأت الصداقة تتشكل بينهما منذ تلك اللحظة ...
❈-❈-❈
أطفا"دياب" الإضاءة داخل غرفته، لتصبح مظلمة كما قلبه المعتم، لكن عقله لم يعرف السكون.
نزع رجله الصناعية، وضعها بجانبه بصمت، ثم نظر إلى الفراغ… إلى الفراغ الحقيقي مكان رجله، ثم همس لنفسه بصوت مكسور:
-هديل كانت بتغرق قدامي… وأنا عاجز حتى عن الحركة، واقف مش متكتف مش قادر انقذها،
ولو كانت ضي بدل هديل؟ كنت هقف أتفرج برضو؟
ضغط قبضته على الفراش، عروقه احتقنت، وكأن الألم يصعق قلبه، شعورة بالضعف والانكسار تمكن منه، لكنه أتخذ قرارا صائبا، يجب أن يسترد قوته الضائعة، يكفي عجزًا وقهرًا، يكفي كل ما مر به، يجب عليه طي صفحة الماضي والتطلع للامام فقط..
❈-❈-❈
أسدل الليل ستائره على المنتجع بصمت ثقيل، ولكن داخل غرفة هديل، كان السكون خدّاع.
كانت تتقلّب بفراشها، وجبينها يقطر عرقًا، وشفاها تتمتم بكلمات مبهمة… أولها همس، ثم بدأ يتحوّل لصرخة مرتجفة:
-ابعد عني… ابعد عني… أنا ما بحبكش…
فتحت راما عينيها بفزع، ونهضت من كرسيها، اقتربت منها، لمست جبهتها… الحرارة تزداد
هديل تهذي، تصرخ والكلمات متكررة، كأنها تعيش كابوس حيّ، وشخص يقترب منها داخل الحلم وهي تحاول الهرب .
بدأت ترتبك، صوت هديل عالي والنفس متسارع، ودموعها تسيل من طرف عينيها وهي نائمة.
التقطت الهاتف بسرعة،لتجري اتصالا هاتفيا..
❈-❈-❈
_داخل غرفة نادر_
انبعث رنين هاتفه يخترق سكون الليل ، نهض ماجد من نومه
مدّ يده ليجيب على الهاتف، الذي ينير بأسم "راما"
أتاه صوتها المرتجف ، تستنجد به:
-ماجد؟ إلحقني… هديل مو طبيعية، حرارتها مرتفعة، وعم بتهلوس… تعال بسرعة!
في تلك اللحظة فتح "نادر" عينيه، على صوت ماجد ، وعلم بما يحدث مع هديل، نهض فورًا وهو يهتف بقلق :
-أنا جاي معاك.
توجهوا سويا إلى غرفتها ، دلف ماجد أولا بخطوات سريعة، وظل " نادر" واقفًا عند الباب، ملامحه مصدومة، نفسه يختنق وعيناه تحدق ب هديل.
التي كانت غارقة في عرقها، جسدها يرتجف، ووجهها محتقن، ولسانها ما زال يردّد بصوت مبحوح:
-ابعد عني… مش بحبك… ابعد بقى…
كأنها سجينة ذاك الكابوس، وكأن الخوف التي كانت تخفيه، تفجّر في تلك اللحظة.
حاول"ماجد" أن يوقّظها، بلطف وبصوت هادي:
-هديل… ، فوقي… اسمعيني يا هديل، محدش هنا بيأذيكي…، أنتِ في أمان.
لكنها تصارع كابوسها، …أنفاسها تلهث ،وعينيها مغلقة، لكن تنهمر منها الدموع، خافتة، مستسلمة.
و"راما" تشعر بأنها مكبلة ، لا تعلم كيف تفعل لصديقتها، دنت منها تمسح حبات العرق عن وجهها وهمست بصوت مهزوز:
-حبيبتي أنا جنبك… مو في شيء راح يأذيكِ.
بينما نادر متجمدًا، مكانه، قلبه يتخبط بين ضلوعه، يشعر بها تناديه من داخل حلمها، ود لو قزف إلى تفكيرها ، لكي يشعرها بالأمان التي هي بحاجته الأن، يشفق عليها وحالتها تمزق قلبه، ود لو عاملها كما كان يحتوي "تيا" في نوبات غضبها، لكنه عاجزًا عن الاقتراب منها، فلا تربطهما صلة بعد.
فحصها "ماجد"قال بصوت جاد وهو يقيس الحرارة:
-حرارتها عالية… ، جسمها بيحاول يقاوم حاجة أعمق… ممكن يكون خوف قديم أو ذكرى متملكة من عقلها.
وفجأة… فتحت هديل عينيها، ببطء، ممتلئ بالدموع، تتلفّت حولها في ذعر، كأنها لم تدرك المكان، ولا الزمان .
خرج صوتها هامسًا، مضطربًا:
-فين… هو فين…؟
علمت راما حينها الذي تواجهه "هديل" ضمتها إلى صدرها بحنو، وظلت تربت على ظهرها برفق وهي تهمس بجانب أذنها :
ـما في حدا… ، أنا هون جنبك، كله راح يكون بخير… إنتِ بأمان يا روحي.
بدأت "هديل" تهدأ ، لكن عينيها وقعت على "نادر" الواقف عند الباب…
نظراتها تعلقت به بشرود…
بعدما هدأت نسبيًا وبدأت أنفاسها تستقر، غادر "ماجد" الغرفة وسار بهدوء في الممر، ووقف أمام باب غرفة شقيقته.
طرق بابها بلطف، ثم ولج لداخل، كانت جالسة تنهي صلاتها على سجادة الصلاه، دنا بخطواته وقال بهدوء:
-تقبل الله .
-منا ومنك أن شاء الله.
قالتها وهي تنهض عن السجادة وتطويها ، ثم دققت النظر بملامح شقيقها وقالت بتساءل:
- في أيه يا ماجد؟ في حاجة حصلت؟
هزّ رأسه وألقى نفسه على الكرسي بتعب، قص عليها ما حدث مع هديل طوال الليل ، حتى الآن حالتها لم تستقر بعد.
ـ هديل… كانت بتهذي، بتحلم بكوابيس… كانت بتصرخ، وبتقول كلام عن شخص بيقرب منها وهي بتصرخ فيه يبعد عنها… كلام مش بسيط، كانت تايهة في خوف واضح إنه مش من اللي حصل النهارده… ده خوف أقدم، بقاله سنين ساكن جواها.
تنهدت"ضي" بعمق وشعرت بالحزن من أجل تلك الفتاة وقالت باقتضاب:
ـأنا عارفة.
نظر لها بدهشة:
-يعني إيه؟ إزاي؟
ردّت همسًا:
-والدة هديل حكتلي عن حياتها، قالتلي إن هديل وهي صغيرة مرت بحاجة صعبة… حاجة كسرت الثقة في كل اللي حواليها، ومن وقتها وهي بتخزن، بتخزن بصمت رهيب.
سكتت لحظة، ثم قالت بإصرار رقيق:
- مش هينفع أسيبها لوحدها الليلة دي، ولازم أخليها تحكي بنفسها ، حالتها ماينفعش فيها سكوت، البنت بتدمر عصبيا ونفسيا..
لم تبدل ثيابها، توجهت بأسدال الصلاة إلى غرفة هديل ، طرقت الباب برفق ثم ولجت والقت نظرة حانية على "راما" مسحت على كتفها بود وقالت :
ـ روحي ارتاحي في اوضتي … أنا هفضل جنبها.
غادرت راما الغرفة ، حينما أدركت بأن ضي تريد التحدث مع هديل، وجلست ضي بجانبها على أطراف الفراش ، تداعب خصلاتها بين أطراف أناملها وهديل مستلقية تنظر بعيون متسعة بسقف الغرفة، لكن تستمع صوت ضي الذي يخترق صمتها:
ـ أنا مش هسألك عن اللي شفتيه في الحلم…
ولا هحاول أفتّش في جرحك.
سكتت لحظة، ثم قالت بهمس خافت:
ـ بس أنا عايزة تكوني عارفة… إني موجودة، مش بس كطبيبة معالجة، لكن كحد عايز يحميك من اللي فات، حتى لو ما يقدرش يمحيه.
أنسابت دموعها وساد الصمت لحظات طويلة…
ثم قالت بصوت خافت متكسّر، كأنه خرج من تحت الركام:
ـ أنا كنت صغيرة… وكان المفروض يحتويني … مش يهدني، يكسرني ، يموتني بالبطيء.
ضغطت "ضي" بلطف على كفها البارد وقالت بدفء:
-أنا سمعاكِ .. خرجي اللي جواكي بدون خوف أو خجل..
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية