رواية جديدة ثنايا الروح لرانيا الخولي - الفصل 7 - الجمعة 22/8/2025
قراءة رواية ثنايا الروح كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ثنايا الروح
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل السابع
تم النشر الجمعة
22/8/2025
خرج سند من المشفى وهو يجر نغم خلفه، ليجد أسطولاً من سيارات عائلته يصطف أمام المدخل في مشهد مهيب، كأنه استعراض عسكري.
تجاهله جاسر بسخرية وهو يخرج بدوره من باب المشفى متجاوزًا إياهم بخطوات واثقة، كأنهم غير موجودين.
لاحت التفاتة سريعة من نغم إليه، فرأته وسائقه يفتح له باب سيارته ورأته يستلقي في مقعده الخلفي براحة، قبل أن تنطلق السيارة بهدوء.
شعرت نغم بالخوف منه، خوف غريزي من رجل أثبت لها أنه قادر على التحكم في مصائر الناس بكلمة واحدة.
وشعرت أيضًا بأن ما حدث اليوم لم يكن النهاية بل كان مجرد بداية لشيء مجهول ومرعب.
انتبهت لصوت أعمامها الذين أسرعوا إليها، يحيطون بها من كل جانب وأصواتهم تحمل قلقًا حقيقيًا.
_ نغم! أنتِ زينة يا بنتي؟
وسألها الآخر
_ جرالك حاجة؟ حد زعلك؟
وعدي، الذي كان يتطلع إليها بعينين لم تخفيا ولعه بها، وعتابه المحب.
_ إزاي تتعبي كده ومتكلمنيش؟ قلقتينا عليكي.
رد سند بدلاً منها، بصوت أجش ومكتوم يحاول إخفاء غضبه كي لا يثير الشكوك.
_ متقلقوش، الدكتور طمني إنها زينة، بس محتاجة ترتاح شوية خلينا نروحوا، وبعدين نتحدت.
ساقها حتى وصل بها إلى السيارة وفتح لها الباب في وجوم ثم توجه إلى مقعده متوليًا القيادة في صمت مطبق صمت أثقل من أي كلام وجعلها تشعر بالخوف أكثر.
فذلك الندل جاسر تعامل معها كأنه يعرفها وتعرفه ومن المؤكد أن سند أساء الفهم.
حاولت البحث عن كلمات تدافع بها عن نفسها أن تشرح أن تبرر.
لكنها تراجعت نظرت إلى وجهه المتجهم، إلى يديه اللتين تقبضان على عجلة القيادة بقوة وأدركت أن أي كلمة الآن ستكون كصب الزيت على النار. فضلت الصمت حتى وصلوا إلى المنزل.
أوقف السيارة بحدة وقال بتجهم دون أن ينظر إليها
_ انزلي.
حاولت التحدث، أن تبدأ في الشرح
_ سند، أنا...
قاطعها بحزم وبنبرة لم تسمعها منه من قبل.
_ قولت انزلي دلوقت.
أومأت له بانكسار وشعرت بأن دموع الإهانة تحرق عينيها ترجلت من السيارة وأسرعت إلى الداخل لتهرب من نظراته القاسية.
كان سالم عمها يراقب المشهد من بعيد. لم يقتنع أبدًا بما رواه ابن أخيه عبر الهاتف والآن شكوكه تأكدت.
لقد رأى كيف ترجلت نغم من السيارة بوجه شاحب ونظرة منكسرة والأهم من ذلك أنه لمح قبل أن تنطلق سيارة التهامي كيف أن جاسر كان يترجل من درج المشفى وعيناه من خلف نظارته السوداء تنظران مباشرة إلى ابنة أخيه.
ورأى أيضًا تلك الالتفاتة الخاطفة منها إليه.
أدرك سالم أن هناك أمرًا ما، أمرًا خطيرًا حدث اليوم لكنه لن يبحث في الأمر الآن سينتظر حتى تهدأ العاصفة، وحتى يهدأ كل من سند ونغم، وحينها... سيعرف الحقيقة كاملة.
❈-❈-❈
كان أكمل يقود سيارته بسرعة على الطريق المتجه إلى المطار، فقد حالفه الحظ ووجد اخر تذكرة متجهة إلى سوهاج
كانت عيناه مثبتتين على الطريق، لكن عقله كان مشغولاً بالكلمات التي سيقولها لليلى.
فحتى الآن لم يخبرها بتأجيل موعدهم.
يعلم جيدًا بأنها لن تتقبل ذلك لكن عليها التحمل إذا كانت تحبه حقًا
كان يعلم أن هذه المكالمة ستكون صعبة، لكنه لم يكن يملك خياراً آخر. فقد طلب منه مالك أن يحل محله في متابعة القضية بشكل غير رسمي مستغلاً ذكاءه وفطنته كوكيل نيابة وهو ما يعد خرقاً للقانون، لكن عليه فعل ذلك كي ينهي الأمر في هدوء لأجل سمعة الفتاة.
تنهد بعمق ثم ضغط على زر الاتصال
قالت ليلى بصوتها الرقيق، الذي كان يحمل نبرة شوق واضحة
_أهلاً يا حبيبي، كنت لسه هكلمك.
كانت ليلى قد ارتدت فستانها المفضل، ووضعت لمسات خفيفة من المكياج وقلبها يرقص فرحاً بلقاء خطيبها بعد يوم طويل وشاق.
تتفحص انعكاس صورتها في المرآة وسألته بدلال
_وصلت؟
لكن ابتسامتها سرعان ما تلاشت عندما أجابها
_ليلى...
بدأ أكمل، صوته كان يحمل نبرة متعبة، ومحاولة لإخفاء التوتر.
_أنا... أنا آسف جداً مش هقدر أجي النهاردة.
ساد الصمت للحظة على الطرف الآخر من الخط ثم جاء صوت ليلى، هذه المرة كان يحمل نبرة صدمة، ممزوجة بخيبة أمل.
_إيه؟ مش هتقدر تيجي؟ ليه؟ حصل إيه؟
لم يعرف أكمل كيف يصيغ حديثه لكن في النهاية قال لها
قال أكمل محاولاً أن يكون مباشراً.
_أنا في طريقي للصعيد يا ليلى مالك... مالك في مشكلة كبيرة ولازم اسافر دلوقت.
صرخت ليلى، وارتفعت نبرة صوتها بشكل حاد.
_وانا ذنبي ايه؟ وبعدين اللي اعرفه انه مسافر هتقف جانبه ازاي؟
تنهد أكمل بنزق
_ليلى قولتلك الموضوع مهم ولازم أكون مكانه دلوقت.
_وليه مقولتش الكلام ده من بدري.
اغتاظ اكمل من حدتها معه وتحدث بقوة
اديني قولتلك، ونبهتك مية مرة بلاش الاسلوب ده معايا.
أدركت ليلى خطأها وقالت بلهجة هادئة
_غصب عني يا أكمل، احنا بقالنا شهرين مبنخرجش خالص ودي كانت فرصتي عشان اشوفك واتكلم معاك.
تابعت بدهاء
_وبعدين يا حبيبي هو مالك اغلي عندك مني؟
_مش قصة مين اغلى من التاني بس مالك بنت عمه اتطختفت ومينفعش أسيبه في الظروف دي.
حاولت ليلى ان تسيطر على غضبها فخرج صوتها حاد نسبياً
_وإيه علاقتك أنت بخطف بنت عمه؟ أنت وكيل نيابة يا أكمل! ولا نسيت
نسيت أنك مينفعش تدخل في قضايا زي دي بشكل شخصي؟
ده مش قانوني ابدا.
يعلم انها محقة بكل كلمة لكن الواجب يحتم عليه ذلك
قال أكمل بصبر، رغم أن قبضة يده على عجلة القيادة كانت تشتد.
_عارف يا ليلى عارف بس مالك بعيد ومحتاج وجودي مكانه، مينفعش اتأخر مش عشان مالك بس عشان البنت اللي في خطر ومحدش يعرف مكانها
عشان بحط نفسي مكانه لو اللي حصل لأخته ده حصل لأختي.
_بس انت مش مكانه
تابعت ليلى بحماس وهي تضغط على واجبه المهني
_أنت أكمل، وكيل النيابة اللي بيتبع القانون بحذافيره.
أنت الرجل الي حبيته لأنه مستقيم، مش بيلتوي على القانون.
انما اللي بيكلمني دلوقت واحد تاني مستعد يضحي بمستقبله عشان حاجة متستهلش.
اندهش أكمل من حديثها وسألها باستنكار
_انتِ شايفة واجبي الانساني مع بنت بلدي حاجة متستاهلش.
أدركت ردها وتحدثت سريعًا
_لا مش قصدي انا بس بقول...
قاطعها اكمل بحزم
_متقوليش حاجة انا مش رايح ارتكب جريمة ولا اتستر على قاتل انا رايح أنقذ بنت من فضيحة ممكن تتعرض لها لو الموضوع اتعرف
حتى لو مكنتش وكيل نيابة كنت برضه هقف معها.
_بالقانون..
قالتها ليلى بشيء من الحزم وأردفت
_بالقانون يا أكمل، مش بالمشاعر اللي ممكن تضيع مستقبلك
شوف انت تعبت اد ايه عشان توصل للمكانة دي، وشوف الغلطة دي ممكن تكلفك ايه؟
رد أكمل محاولاً أن يسيطر على غضبه.
_أنا بعمل اللي يمليه علي ضميري وده ميعارضش مع مهنتي، بالعكس ده بيكملها
العدالة مش بس في قاعات المحاكم
لا ده جواها وبراها
وحتى لو بطريقة غير تقليدية
_يعني مُصر يا أكمل مُصر تتهور وتخاطر بمستقبلك؟
تعب أكمل من الجدال معها ورد بهدوء
_ايوه يا ليلى مُصر.
قاطعه مكالمة أخرى فتطلع إليه ليجده مالك
_ثواني هرد على مالك.
_طيب استنى....
لم يستمع إليها ورد على مالك الذي سبقه بالحديث
_خلاص يا أكمل لقيناها.
تنهد أكمل براحة
_الحمد لله بس لقتوها ازاي؟
رد مالك بحيرة
_لحد دلوقت مش عارف، بس هكلم سند واعرف منيه الحقيقة بالظبط.
أوقف السيارة جانبًا وقال
_المهم أنها رجعت، لو احتاجتني في أي وقت انا هنا مكانك.
رد مالك بابتسامة
_عارف.
أغلق أكمل الهاتف واستدار بسيارته دون أن يخبر ليلى
وكأنه ينتظر رد فعلها
هو يحبها كما يعلم جيدًا مدى حبها له
لكن لا يريد الحب المقيد بالعقل
يريدها أن تكون مثله
عندما يطرق الواجب بابه لا يفكر في شيء آخر.
عاد إلى منزله وهو يشعر بالإختناق
لكن ازال الإختناق ليحل محله الصدمة عندما دخل منزله فيجد ليلى جالسة مع والديه
ويبدوا من هيئتهما أنها أخبرتهم بكل شيء.
نهضت ليلى وهي تقول بذهول لم يلبس كثيرا ظنًا منها أنه تراجع لإجلها
_أكمل؟ انت مسافرتش؟
نهض والده وهو يسأله بحدة
_صحيح الكلام اللي سمعته ده؟
التفت اكمل ببصره إليها والذي تهربت بعينيها منه ورد بتسويف
_طالما سمعت منها يبقى صحيح.
لم تستطيع ليلى الوقوف أمامه وهو يتطلع إليها باتهام
فأخذت حقيبتها وهي تغمغم باحراج
_طيب أنا همشي دلوقت.
لم يجيبها أحد ومرت من جوار أكمل الذي أدار وجهه بعيدًا عنها مما جعلها تشعر بالندم لفعلتها وخرجت من المنزل.
نهضت والدته وهي تقول بانفعال
ممكن بقى تقولى ايه اللى كنت هتعمله ده؟
ازاي تخاطر بمستقبلك عشان سبب تافه زي ده.
تطلع إليها بذهول وهو يردد كلماتها
_سبب تافه؟!
أكد والده باحتدام
_ايوه سبب تافه، تافه اوي كمان لما تخسر قصاده شغلك ومركزك، انت نسيت ان موقفك حساس اد ايه، وإن ناس كتييير اوي بتدور وراك عشان تمسك عليك غلطة
ايه بقا اللي يستاهل تضحي بكل ده عشانه.
رد أكمل بهدوء يتنافى تماما عم بداخله من غضب
_ببساطة كدة عشان ده مبدأي، وعشان ضميري اللي يمنعني إني اقف اتفرج على بنت بيضيع مستقبلها واقول وانا مالي.
تقدم منهم خطوة وهي يردف بمغزى
_عشان ده اللي جدي رباني عليه واللي مش هغيره لأي سبب من الأسباب.
تحدثت نسرين بعقل
_محدش منعك من ده بس يكون بالقانون.
زم أكمل فمه بضيق
_ما انا حطيت لين اختي مكانها ولو حصل لها حاجه لا قدر الله حاجة زي كدة مكنتش هلجأ للقانون عشان سمعتها.
وأخت صاحبي زيها زي لين بالظبط.
الموضوع اتقفل على كدة ومش عايز أي كلام فيه تاني.
تركهم ودلف غرفته وهو يشعر بالحنق
منهم جميعا
❈-❈-❈
كانت نغم جالسة على الأريكة لا تستمع لحديث من حولها
مازالت تلك العيون تطاردها وكلماته مع سند يتردد صداها باسمه الذي يحمل جبروت الدنيا وقسوتها كعائلته.
لا تعرف لما تشعر بتلك الرجفة كلما لاح بخلدها عين الجليد
لاحت منها التفاتة إلى سند الذي كان يجلس مع العائلة حولها يتطلع إليها باتهام
واسئلة كثيرة تدور بخلده أيضًا
لما يشعر بأنها تخفي عنه شيئاً ولأول مرة يشعر بأنها لم تعد الكتاب المفتوح الذي يعلم ما تدونه صفحاته دون أن يقرأه.
لم ينتبه لحديثهم بل كان مثلها شاردًا في عالم الإتهام.
_نغم انتِ زينة؟
قالتها ليل التي عاد القلق يساورها من حالة ابنتها تلك.
انتبهت لها نغم تتمتم بعدم إدراك
_نعم يا إمي بتجولي حاچة؟
ازداد قلق ليل أكثر لكنها احجمت قلقها وخاصة نظرات سند لها المليئة بالاسئلة مثلها
ردت ورد ببراءة
_تلجاها لسة تعبانة، خليها تطلع تريح في اوضتها.
قالت لروح ووعد ابنتها
_خدوها لأوضتها وخليكم معها لحد ما تنام
تطلعت نغم لزوجة عمها بامتنان لانتشالها من تلك الاسئلة الصامتة والتي تحيطها من كل جانب
نهضت مع روح ووعد الذي ساعداها على الصعود لغرفتها تحت نظرات سند.
تطلع وهدان إلى سند وقال بثبوت
_اللي حوصل ده ميتكررش تاني، لو عربيتك حصلها حاچة تعالي وخد غيرها بس متعطلش حالك وتتأخر عليها إكدة.
أومأ سند بطاعة
_حاضر يا چدي.
بس كنت رايد نعجل بالفرح مفيش داعي نستنى أكتر من إكدة.
نظر إليه عدي بنظرات تحمل امتعاض وغيرة
لكنه يحاول اخفاءها فليس له فائدة ترجو لذا لاذ بالصمت كعادته
فقط الحقد هو من يشتعل بقلبه.
رد وهدان بحيرة
_بس فرح زي ده مش هنجيمة في يوم وليلة، لازمه شهر على الأجل.
وخصوصاً إنه هيكون فرحين مش واحد.
_هما عشر ايام حلوين جوي، أني مش ناوي استنى تاني أكتر من إكدة.
قالها سند من خوفه الذي لازمه منذ رؤية حفيد التهامي معها لذا أصر على الزواج منها باسرع وقت.
قالت ليل برفض
_بس إكدة مش هلحج أچهز للاتنين.
شجعت ورد قرار سند
_ليه مش هنلحج؟
ايد على ايد بتساعد احنا اللهم بارك عزوة ونجدر نچهز كل حاچة في سبوع بالكتير.
اكدت نادية
_صوح كلامك يا خيتى، ان شاء الله نخلص كل حاچة بسرعة خلي الفرح يملى الدار..
نظر وهدان إلى سالم وحامد
_رأيكم ايه؟
رد حامد
_خير البر عاجله ان شاء الله الفرح يكون اخر الشهر.
قال سالم بدوره
_زي ما بيجولوا خير البر عاچلة.
_بما انكم كلكم موافجين يبجى على خيرة الله..
❈-❈-❈
ارتسمت الصدمة المطلقة على وجه وعد، واتسعت عيناها حتى كادتا تخرجان من محجريهما وهي تصرخ في وجه أختها.
_جاسر التهامي؟ انتِ اتجننتي؟
قالتها بصوتٍ عالٍ اخترق صمت الغرفة، فجمدت روح في مكانها للحظات، عاجزة عن النطق، بينما وقفت نغم شاحبة الوجه، ترتعش أطرافها وكأنها تسترجع للتو كابوسًا مروعًا قطعت وعد ذلك الصمت المطبق وهي تضرب كفًا بكف في جزع.
_يا مصيبتي! انتِ واعية للي عملتيه ده؟
وضعت نغم يدها المرتجفة على فم وعد في محاولة يائسة لإسكاتها، وهمست بصوتٍ بالكاد يُسمع.
وطي صوتك لحد يسمعك.
انتزعت وعد يدها بغيظ، وارتفع صوتها أكثر، مشحونًا بالهلع والغضب.
اوطي صوتي إيه؟ تفتكري إن واحد زي جاسر التهامي هيعدي اللي حوصل عاد بالساهل إكده من غير ما ياخدها في مصلحته؟ تفتكري إنه مش هيوصل الحكاية لجدي بنفسه، وبطريقته هو؟ انتِ متعرفيش مين ده جاسر صيته سابق في كل مكان، صيت رجل قلبه ميعرفش الرحمة ولا بينسى ولا بيسامح.
لاحظت روح الخوف الذي بدأ ينهش ملامح أختها، فتدخلت في محاولة لتهدئة الموقف.
_ طيب وهي ذنبها إيه بس في كل ده، والراچل متعداش الأصول برضك. بالعكس، ده چميله يتحط على الراس.
حدقت وعد في روح بذهول، وكأنها تستمع إلى لغة لا تفهمها.
_چميل؟ چميل إيه يا مچنونة انتِ؟ انتِ ناسية ده مين؟ ده أكبر عدو لينا! ده حفيد فايد التهامي وتربية عمه صخر اللي حالف يمرمط بينا الأرض
الچميل بتاعه ده طُعم، فخ بيجر رجلك ليه جاسر مبيعملش حاجة ببلاش، كل خطوة بيخطيها بحساب، وكل بصة من عنيه وراها ألف حكاية ومكيدة.
قطبت نغم جبينها بحيرة وارتباك، وسألت بصوت خافت.
_كيف يعني؟ ممكن يعمل إيه عاد؟
هزت وعد كتفيها، ونبرتها تحمل مرارة سنوات من العداء الموروث.
_مخبراش بالظبط، بس الحكاوي اللي بتتحكي عنه إلى واكل ناسه دى تشيّب بيجولوا إنه ماسك شغل جده كله في الخفا، وضاعف فلوسهم وقوتهم في كام سنة بيجولوا إن كلمته في البلد سيف، واللي يعانده يلاجي نفسه بره اللعبة تاني يوم
راجل بالقوة ده مبيعملش حاجة لله في لله.
كونه سابك النهاردة يبجى بيستثمر في مصيبة أكبر بكرة.
رأت روح اليأس في عيني نغم، فقالت بحزم وهي تحاول زرع بعض الطمأنينة.
_إن شاء الله ميكنش في حاچة من إلى قولتيه دا كلاته، وطالما سند خابر الحجيجة ميهمش حاچة تانية، ولو لا قدر الله فكر يلعب بينا سند هيجف جصاده.
هزت وعد رأسها بأسف
_لاه ماعتقدش جاسرديتى شارب الكره من ناحيتنا على يد عمه صخر لحد ما خلى جلبه كيف الصخر زيه
ومعنى إنه يسيبك إكدة من غير ما يستغل الفرصة يبجى بيخطط لحاچة واعرة جوي حاچة تضرب في الصميم.
انقبض قلب نغم بخوف حقيقي، شعرت به كقبضة باردة تعتصر أحشاءها وبّخت روح وعد.
_لزمته إيه الكلام ده دلوجت جاكى هابط فى نفوخك مش شايفة حالتها كيف جدامك.
لكن وعد كانت مصرة، فأمسكت بيد نغم ونظرت في عينيها مباشرة، بنظرة تحمل التحذير والحب في آن واحد.
_أني مش بجولها إكدة عشان أخوفها، أني بجولها عشان أوعيها لكل خطوة هتخطيها بعد إكدة.
خدي بالك من نفسك بعد إكدة للاحتياط، اللي خلاهم يرفعوا السلاح على أختهم ممكن يعملوا أي حاچة، ومتنسيش إن اللي بينا وبينهم دم، ولو احنا بنتلاشى ده هما لا، فهمتيني يا نغم؟
أومأت نغم بصمت، وقلبها يخفق بعنف كطبول حرب شعرت وعد أنها ربما قست عليها، لكنها كانت تفضل أن تؤلمها بكلماتها على أن يتركها الزمن لتتألم تحت رحمة براثن ذلك الجاسر. في محاولة لتخفيف الأجواء المشحونة، ابتسمت وعد ابتسامة باهتة.
_أني هروح أغير هدومي وآچي أبات معاكم، بس هنام چارك انتِ بدل اللي بتفضل تتجلب طول الليل كيف البهايم دي.
اتسعت عينا روح بدهشة مصطنعة.
_أني كيف البهايم؟
هزت وعد رأسها بتأكيد وهي تضحك.
_أيوة كيف ما بجولك إكدة، الله يعينه عدي أخوي.
زمت روح شفتيها بغيظ، وأمسكت بالوسادة الصغيرة وقذفتها نحو وعد وهي تصرخ بمرح.
_بجا إكدة؟ طيب تعالي بجى أعرفك ضرب البهايم بيكون كيف.
انخرطت الأختان في معركة بالوسائد، وضحكاتهما تملأ الغرفة، لكن نغم بقيت شاردة، وعيناها تائهتان في الفراغ.
لم تكن تسمع ضحكاتهما، بل كانت تسمع صدى اسم "جاسر التهامي" يتردد في رأسها، مصحوبًا بخوف لزج سيلازمها منذ اليوم.
❈-❈-❈
دوت الزغاريد عالية في أرجاء قصر التهامي، لم تكن مجرد زغاريد عادية، بل كانت أشبه بإعلان رسمي عن حدث جلل، إعلان عن عودة سيد القصر الشاب بعد غياب استمر لعام كامل. كانت والدته ونس أول من استقبله عند الباب، احتضنته بقوة وكأنها تعيد روحها الضائعة إلى جسدها، ودموع الفرح تبلل وجنتيها.
_اتوحشتك جوي يا ولدي، متغيبش إكدة تاني عني.
كان صوتها المرتجف هو الشيء الوحيد في هذا العالم القادر على إذابة جليد ملامحه.
تطلع إليها بابتسامة نادرة، ابتسامة خفيفة لم تبلغ عينيه بالكامل، لكنها كانت كافية لتهدئة قلب والدته.
_خلاص مش هبعد إكدة تاني.
تشبثت به أكثر، تبحث عن تأكيد صادق في عينيه.
_صوح يا ولدي؟
أومأ برأسه إيماءة حاسمة، وصوته الهادئ حمل حزنًا لا يستهان به.
_صوح يا أمي.
قاطع تلك اللحظة صوت حاد جاء من بهو القصر، صوت زوجة عمه التي كانت تراقبهما من بعيد.
_إيه يا ولد كارم، ملكش إهنه غير أمك وخلاص؟
في لحظة، عاد قناع الجليد ليحتل وجه جاسر.
انسحب من حضن والدته بهدوء، وتحول جسده إلى تمثال من الصرامة.
استدار ببطء ونظراته الباردة جالت المكان قبل أن تستقر على زوجة عمه.
_أهلاً يا مرت عمي، كيفك؟
لم تكن تحية بل كانت إقرارًا بوجودها لا أكثر.
جلست على الأريكة الفاخرة وهي تضع ساقًا فوق الأخرى، وردت بفتور متعمد.
_بخير يا ولدي طول ما انت بخير، بس شروق اللي بجالها سنة بحالها مش مبطلة عياط دي هي اللي مش زينة.
تحرك جانب فمه في شبه ابتسامة ساخرة، حركة طفيفة لم تلاحظها إلا والدته التي تعرفه جيدًا تدخلت ونس في محاولة لتلطيف الأجواء.
_خلاص بجا جاسر هيفضل أهنه ومش هيسافر تاني.
قال بهدوء قاطع، كل كلمة منه كانت كقطعة ثلج تسقط في صمت مطبق.
_بس أني مجلتش إني مش هعاود.
ساد الصمت لثوانٍ، ثم تابع بنفس النبرة الهادئة التي تحمل في طياتها تهديدًا مبطنًا.
_أمي جالت متأخرش في السفر تاني، ومجصدش غير إكدة.
قطبت جبينها بامتعاض، وقررت أن تضغط أكثر.
_وخطيبتك اللي لها حجوج عليك دي، ذنبها إيه؟
هنا تغيرت الأجواء تمامًا لم يرتفع صوته، لكن حدة نبرته كانت كافية لجعل الهواء في الغرفة أثقل.
_محدش إهنه له حجوج عليا غير أمي لما تبجى مرتي، يبجى نتكلم في الحجوج دي.
كان رده قاطعًا نهائيًا، كحكم محكمة لا استئناف فيه.
شعرت ونس بالإحراج من رد ابنها القاسي، فحاولت تلطيف ذلك الجو المشحون الذي افتعله بكلماته القليلة.
_اهدوا يا چماعة، هو جاسر ميجصدش يا نادرين هو راچع من السفر تعبان ومش وجته الكلام ده.
ثم تطلعت إلى ابنها، الذي كان يقف كالصقر، وهيبته تملأ المكان قالت بهدوء أمومي.
_اطلع ارتاح دلوجت يا ولدي، ولما تجوم يبجى راضي خطيبتك.
تشنج فكه بقوة، دلالة واضحة على صراعه الداخلي للتحكم في غضبه المكتوم خلف قناع البرود
لم يرد عليها، لكن نظراته الفاترة قالت كل شيء دون كلمة أخرى استدار وانسحب بهدوء مهيب، وخطواته الواثقة تصعد الدرج الرخامي إلى جناحه في الأعلى تاركًا خلفه صمتًا ثقيلاً، وهيبة رجل لا يمكن لأحد أن يفرض عليه شيئًا.
❈-❈-❈
ظل سند يزرع غرفته ذهابًا وإياباً والغيرة تنهش قلبه
نظراته لها وحديثه معها الذي يخبره به بأنه يعرفها وتعرفه
ضغط على أسنانه حتى كاد أن يدميها
لن يستطيع أن ينتظر للصباح عليه رؤيتها الآن والتحدث معها.
أخذ هاتفه من على الفراش وقام بإرسال رسالة لها
"انا مستنيكي في الجنينة انزلي"
كانت الساعة الثانية صباحًا ولم تستطع نغم النوم
لا تنكر أن حديث وعد أربكها وجعل الخوف يتمكن منها.
لكن أيضاً ليس بوسعه فعل شيء
أيام قليلة وستكون زوجة لسند ابن عمها وحينها لن يستطيع فعل شيء
وفي تلك الفترة لن تذهب إلى الجامعة ولن تخرج من المنزل.
وبذلك لن يستطيع الوصول لها إذا كان حقًا يخطط لشيء كما أخبرتها وعد.
انتبهت لصوت هاتفها الذي يعلن لها بوصول رسالة
نظرت إليها فإذا بها رسالة سند
اغمضت عينيها بتعب
فيبدو أن وعد محقنه بكل حديثها
لن يترك سند الأمر يمر مرور الكرام.
أخذت طرحتها لتضعها على خصلاتها السوداء كما حال عيونها وفتحت الباب بهدوء كي لا يشعروا بها
❈-❈-❈
وقف جاسر أمام شرفته الزجاجية الضخمة، يتطلع إلى الأفق البعيد الذي يمتد أمامه بلا نهاية كانت عيناه حادتين كعيني صقر يحوم عاليًا، يمسح الأرض بنظرة واحدة قادرة على التقاط أدق التفاصيل لم تكن مجرد نظرة، بل كانت حالة من التركيز العميق
يحسب فيها خطواته القادمة بدقة متناهية، كما يفعل دائمًا كي لا يعود منهزمًا.
هو لم يعترف بالهزيمة يومًا بل لم يصادفها كان الحظ دائمًا حليفه، أو ربما كان هو من يجبر الحظ على الانصياع له ليعود دائمًا منتصرًا.
تحولت عيون الصقر تلك إلى نظرات حانقة في جزء من الثانية لم يحتج إلى أن يلتفت، فقد شعر بتلك اليدين الناعمتين تلتفان حول خصره، وذلك العطر الحلو النفاذ الذي يكرهه يغزو مساحته الشخصية، وصوت الأنفاس الرقيقة يهمس بجانب أذنه.
_وحشتني، استنيتك تيجي تشوفني بس كالعادة زعلتني منك ومجتش.
تصلب جسده بالكامل إنها شروق خطيبته وابنة عمه الكيان الذي فُرض عليه، والذي يمثل كل ما يمقته في النساء:
الضعف، والالتصاق، والمطالبة المستمرة بمشاعر لا يملكها ولا يرغب في امتلاكها تجاهل لمستها، لكنها شددت من قبضتها، في محاولة يائسة لاختراق حصونه المنيعة.
_جاسر، كنت فين كل ده؟ جلجت جوي عليك، حتى مكنتش بترد على تلفوناتي.
صمت لم يجبها، بل ظل ينظر إلى انعكاس وجهه البارد في زجاج النافذة، وكأنه يرى غريبًا كل عضلة في جسده كانت تصرخ بالنفور
أخيرًا، خرج صوته هادئًا لكنه كان هدوء ما قبل العاصفة.
_شغل.
كلمة واحدة، ألقاها كقطعة جليد، قاصدًا أن تنهي الحوار قبل أن يبدأ لكن شروق، في إصرارها الأعمى، لم تفهم الرسالة.
ألصقت جسدها بظهره أكثر، ووضعت رأسها على كتفه تتنفس عطره بخشوع.
_والشغل يخليك تبعد عني كل الفترة دي؟
هنا نفد صبره استدار فجأة بحركة عنيفة وسريعة أفلتت قبضتها عنه وأجبرتها على التراجع خطوة للوراء واجهها الآن وعيناه لم تعودا باردتين، بل كانتا مشتعلتين بغضب مكبوت.
تفاجأت شروق من رد فعله، لكنها حاولت التماسك
_جولتلك جبل سابج بلاش تسألي عن حاچة متخصكيش
كان صوته رغم هدوءه إلا أنه يحمل تهديد صارم
_أني خطيبتك يا جاسر، ومن حجي أعرف كنت فين وأطمن عليك.
ضحك كانت ضحكة قصيرة، خالية من أي مرح، أشبه بصوت احتكاك معدن بمعدن تقدم نحوها خطوة، فتراجعت هي خطوة أخرى بشكل لا إرادي. هيبته الطاغية كانت تخنقها.
_خطيبتي؟ ده مجرد اسم على ورق يا شروق ورق هرميه في أقرب زبالة لما أخلص من اللي عايزه.
اتسعت عيناها بصدمة وألم حاولت أن تستجمع شجاعتها، واقتربت منه مرة أخرى، ووضعت يدها على صدره الصلب بدلال مصطنع.
_ليه بتجول إكدة بس؟ خليني معاك، انت وحشتني أوي.
كانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير.
في حركة خاطفة لم تستوعبها، انقضت يده على شعرها، وشده بقوة حتى صرخت متألمة وارتفع رأسها إلى الخلف قسرًا. انحنى نحوها حتى لامست أنفاسه الباردة وجهها، وهمس بصوت فحيح مرعب.
_اسمعي يا بنت عمي، ودخلي الكلام ده في دماغك زين المرة الجاية اللي رجلك تخطي فيها عتبة الأوضة دي من غير إذني، هكسرهالك.
والمرة الجاية اللي إيدك دي هتتمد وتلمسني برضك هقطعهالك فاهمة؟
أومأت برأسها بسرعة، والدموع الحقيقية هذه المرة تملأ عينيها من الألم والخوف
لم يكن هذا جاسر البارد، بل كان وحشًا مطلق السراح دفعها بقوة بعيدًا عنه، فسقطت على الأرض وقف فوقها ينظر إليها باحتقار تام.
_اطلعي بره.
لم تتحرك من صدمتها، فصرخ بها بصوتٍ جعل جدران الغرفة ترتج.
_برررررررررررره!
نهضت بفزع وركضت خارج الغرفة وهي تبكي بهستيريا، تاركة الباب مفتوحًا خلفها.
وقف جاسر في منتصف الغرفة، صدره يعلو ويهبط بعنف يحاول السيطرة على غضبه.
عن أي حب تتحدث؟ ومن كذب عليها وأخبرها أنه يملكه ليهبه لها؟ زفر بضيق وهو يمرر يده في شعره.
لن يستطيع مواصلة هذا التمثيل أكثر.
فلديه الآن ما يشغله.
توجه إلى فراشه، التقط هاتفه، وطلب رقمًا بذاكرته انتظر حتى جاءه الرد.
_بأي شكل، السواق ده يكون عندي بكرة في بيت الجبل.
أغلق الهاتف دون انتظار رد، وعادت عيون الصقر تراقب الأفق البعيد، أكثر برودًا، وأشد تصميمًا من أي وقت مضى لقد بدأت اللعبة الآن.
❈-❈-❈
كانت الأضواء خافتة في حديقة القصر الواسعة، تلقي أشجارها العتيقة بظلال طويلة ومهيبة على الأرض، بينما كان صوت خرير الماء من نافورة حجرية قديمة هو اللحن الوحيد الذي يكسر هدوء الليل العميق.
سارت نغم بخطوات مترددة، ترتدي إسدالها الفضفاض الذي لم يستطع إخفاء آثار التعب والقلق البادية على وجهها الشاحب
كانت عيناها تتجولان في الظلام بقلق تبحثان عنه عن سندها، حتى لمحته يخرج من بين ظلال الأشجار كشبح، خطواته بطيئة ومدروسة، وكل خطوة كانت تطرق قلبها بقوة.
الوجوم الذي تجده على ملامحه الرجولية جعل الخوف يزداد في صدرها
اقترب منها ببطء قاتل، وكل خطوة يخطوها كانت تزيد من توتر الأجواء، حتى الهواء نفسه بدا ثقيلاً وكثيفًا.
توقف أمامها مباشرة، وصمته كان أشد وقعًا من أي صراخ.
حدق في عينيها بنظرات ثاقبة، وكأنه يحاول أن يخترق روحها ليكشف كل الأسرار التي تخفيها.
تحدث أخيرًا، وصوته الخفيض كان كالفحيح ، يحمل تهديدًا واضحًا.
_نغم...
اهتزت نظراتها بوجل واضح، وتمتمت بصوت مرتجف بالكاد خرج من شفتيها.
_سند... أنا... أنا آسفة لو جلجتك. بس...
توقفت الكلمات في حلقها كيف تشرح موقفًا هي نفسها لا تفهمه؟ كيف تبرر وجودها مع عدو العائلة اللدود؟ ازدردت ريقها بصعوبة عندما تحدث أخيرًا، وكانت لهجته الهادئة مرعبة أكثر من أي غضب صريح، فبداخله كانت نيران تتأجج.
_آسفة؟ آسفة على إيه بالظبط يا نغم؟
تشنج فكه وهو يحاول بصعوبة السيطرة على غيرته التي تثور كبركان كلما تخيل الموقف.
_تجصدي يعني على إنك كنتي في حضن جاسر ابن التهامية؟ ولا على إنك خليتي واحد من أعدائنا يشوفك ويلمسك؟
اتسعت عيناها بصدمة ورعب من اتهامه.
_حضن مين يا سند؟ إيه الكلام اللي بتجوله ده؟ أني لما هربت من السواج ده وتعبت من الچري أغمى عليا! هو اللي لجاني ووداني المستشفى!
ارتفعت نبرة صوتها قليلاً، في محاولة يائسة للدفاع عن شرفها، ولم تكن تعلم أنها بذلك تشعل نيران غيرته أكثر بدفاعها غير المقصود عنه.
سخر سند بمرارة وظهرت ابتسامة قاسية على شفتيه.
_أنقذك؟ أنقذك كيف؟ بكلامه المعسول اللي كان بيرميه عليا جدامك؟ ولا بنظراته اللي كانت بتجول إن بينكم حاچة؟
قال كلمته الأخيرة بحدة افزعتها وجعلت الدموع تتجمع في عينيها دافعت عن نفسها ببكاء حارق.
_صدجني، مفيش حاچة بيني وبينه يا سند أنت عارف كويس أني بحبك جد إيه أنت خطيبي، وأنا بنت عمك إزاي تفكر فيا إكدة؟
صاح سند بغير وعي، وعيناه تلمعان في الظلام كعيني ذئب جريح.
_عشان أني خابر الشخص ده زين يا نغم وعارف عيلته كلها دول ناس مفيش في جلوبهم رحمة بيحبوا يكسروا أي حد يجف في طريجهم!
اقترب منها خطوة، وتغيرت نبرته إلى وجع حقيقي، لكنه لم يخلُ من التحذير.
_كلامه اللي جالهولي... كلامه اللي جالهولي كان كله سم يا نغم كان بيغيظني بيكي بيجولي إنه يعرفك، وإنك تعرفيه إيه اللي يعرفه عنك؟ وإيه اللي تعرفيه عنه؟
تراجعت نغم خطوة وهي تشعر بالخوف من قربه وغضبه.
_مفيش حاچة يا سند! والله مفيش! دي كانت أول مرة أشوفه، ومكنتش أعرف إنه ابن التهامية إلا وهو بيكلمك في التليفون وبصراحة أني مشفتش منه حاچة وحشة هو بس... هو بس كان بيحاول يطمني لما كنت في المستشفى.
كانت كلماتها الأخيرة هي الوقود الذي صبته على النار دون أن تدري
يتبع