-->

رواية جديدة عبير الليل لعلا السعدني - الفصل 24 - الجمعة 10/10/2025

 

قراءة رواية عبير الليل كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية عبير الليل

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة علا السعدني 


الفصل الرابع والعشرون 


تم النشر الجمعة 

10/10/2025

(متيم بها)


تجمدت ملامح (لارا)، وتحركت عيناها بتوتر، لكنها حاولت أن تخفي صدمتها بتعابير باردة ثم نظرت إليه نظرة حادة وقالت ببطء

- ما الذى تعلمه بالظبط ؟!


ابتسم (ياسين) ابتسامة خفيفة، لكنها حملت تحديًا واضحًا، وقال

- اعلم الكثير .. لقد كنت اراقبك حينما خرجتي من المنزل بزي احدى الخادمات وذهبتي إلى المعبد، قابلتي (حاتي) هناك، وبما اني قائد الجيوش كان من السهل على استجواب (حاتي) .. وحينها خمنت انك تريدين الأنتقام من الملك .. هل خالتك اخبرتك بإن الملك هو من قتل والدايك فلايوجد سبب آخر يجعلك تنتقمين منه غير ذاك


ازدردت (لارا) ريقها بصعوبة ثم صمتت للحظات، فهو يعرف أكثر مما يجب معرفته ثم نظرت بعيدًا، تعود بعيونها إلى السماء، تحاول أن تستعيد هدوءها فقد علمت أن (ياسين) قد كشف خطتها، لكنها لم تكن متأكدة مما ينوي فعله بعد فقالت بهدوء شديد

- حسنًا ماذا تريد؟


استمر (ياسين) يتأملها، ثم قال بصوت خافت يكاد يلامس النسمات الليلية

- أريد فقط أن أحميكِ، حتى إن كنتِ لا ترغبين بذلك


ثم استدار بعيدًا، تاركًا (لارا) وحدها في مواجهة أفكارها المتشابكة، أثناء الليل الذي صار يزداد كثافة، شعرت بغضب شديد يعتريها فكيف لذلك الشخص ان يكون مصدر قلق عليها فى المستقبل وعائق فى تنفيذ خطتها ماذا عليها ان تفعل معه كان ذلك السؤال يدور فى رأسها ..

❈-❈-❈

تسلل أول ضوء للشمس عبر الأفق، ملقيًا خيوطه الذهبية على مياه النيل، وقفت (لارا) وحيدة، عيناها محمرتان من أثر السهر، وملامح وجهها تحمل مزيجًا من القلق والتوتر كانت تمسك بطرف العباءة التي ترتديها، في محاولة منها أن تسيطر على ارتجاف خفيف أصاب يديها ..


شعر زوجها بوجود خطب ما بها الذي وقف على مسافة قصيرة يراقبها بصمت شعر بشيء مختلف بها اقترب منها بخطوات بطيئة، ثم وقف بجانبها دون أن يتحدث مدّ (آدم) يده ببطء وأمسك يدها بحنان، يحاول أن يطمئنها دون أي كلمة لكن المفاجأة كانت في ردة فعلها؛ سحبت يدها بسرعة، فبداخلها شعورًا بالخوف، نظر (آدم) إليها بدهشة واضحة، ثم رفع إحدى حاجبيه وسأل

- ماذا أصابك؟


ابتلعت ريقها بصعوبة، محاولًة أن تبدو طبيعية، وقالت بصوت منخفض

- أوه، لقد شعرت بالخوف فقط من أن يكون شخص آخر


ارتسمت على وجه (آدم) ابتسامة خفيفة، لكنها حملت مزيجًا من السخرية والحنان، وقال بنبرة واثقة

- ومن يجرؤ على مس الملكة وأنا على قيد الحياة؟


ابتسمت (لارا) بارتباك، في محاولة منها أن تبدو هادئة، وقالت وهي تنظر بعيدًا نحو الأفق

- كنت شاردة فقط، أفكر في الرحلة وماذا تحمل لنا في المستقبل


أدار (آدم) جسده قليلًا نحوها، ثم نظر إليها بعينين تحملان مزيجًا من القوة والحنان، وقال بصوت عميق

- كنت أخشى عليكِ من تلك الرحلة، ولكني أيضًا كنت أحتاج دعمكِ لذا جلبتكِ معي ووافقت على عرضك


توقف للحظة، وكأن كلماته الأخيرة خرجت دون أن يخطط لها، ثم أضاف

- لا أستطيع تخيل الحياة بدونكِ، (لارا)


شعرت (لارا) بصدق مشاعره فهي أكثر من يعلم بأنه متيم بها، وقالت بنبرة حاولت أن تكون مازحة

- إذن، عليّ أن أكون حذرة، واحافظ على حياتي

اكتفى (آدم) بابتسامة جانبية، ولم يقل شئ، نظرت فى عينيه البنية وقالت بهدوء

- لما أنا؟! ما السبب الذي تزوجتنى بسببه ايها الملك؟! كان لديك عروض كثيرة افضل مني بكثير


وضع اصبعه على فمها مانعًا إياها من تكملة الحديث وقال

- لا يوجد افضل منك (لارا)؟!


رفعت احدى حاجبيها بإندهاش ثم سألته

- اتحبني لتلك الدرجة ؟!


نظر إلى مياه نهر النيل ثم تحدث قائلًا

- لقد امتنعت عن الزواج فى سن مبكر كما يفعل الجميع من اجلك فقط (لارا) لقد تزوجتك منذ شهر صحيح ولكن كان اسعد شهر بحياتي .. كان والدي قبل وفاته يريد مني الزواج خصوصًا اننى اصبحت فى سن يسمح لى بالزواج ولكنى لم اتزوج لأنى كنت انتظرك حتى بلغتي سن السادسة عشر وطلبت ان اتزوجك


نظرت له بذهول ورددت بعدم فهم

- انتظرتني؟! .. الم تختارني بطريقة عشوائية


ابتسم بسخرية على حديثها الساذج، ثم قال بهدوء

- انا متيم بك منذ ان كنتِ فى سن الحادية عشر يا فتاة منذ خمسة سنوات 


- ماذا .. كيف هذا؟!


ابتسم (آدم) ابتسامة خفيفة وعاد بذاكراته للوراء وهو يقول ولكنه لم يستطع النظر فى عينيها

- عندما اختفى ابويكِ .. شعرت بالشفقة على تلك الأبنة التى اختفى والدايها ولم اكن قد رأيتك من قبل لكني سمعت بالظروف التى تمرين بها انتِ وخالتك بعد اختفاء ابويكي لذا قررت زيارتكم ومد المساعدة لكم


ثم عاد بذاكرته إلى ذلك اليوم ..


في صباحٍ دافئ، وقف ولي العهد على عتبة منزل بسيط في أحد أحياء المملكة الفرعونية كان المنزل صغيرًا، جدرانه مغطاة بطبقة من الطين، وسقفه مصنوع من أعواد البردي المصفوفة بعناية في الخارج، يتصاعد خيط رفيع من الدخان من فرن طيني، بجانبه آنية فخارية وضعت لتخزين المياه ..


كان (آدم) حيزها يرتدي ثوبًا ملكيًا بسيطًا، مصنوعًا من الكتان الأبيض الفاخر، وقد تدلى من عنقه قلادة ذهبية تحمل رمز (عين حورس) خلفه مجموعة من الحراس الذين حملوا صناديق خشبية صغيرة مليئة بالسلع التموينية أكياس من القمح، أوعية من العسل، جرار مليئة بالزيت، أكوام من التمر الطازج، وبعض الأقمشة القطنية ..


فتحت (ميريت) الباب بحذر، كان وجهها يعكس آثار التعب والقلق، لكنها سرعان ما أدركت هوية الزائر فانحنت باحترام شديد قائلة

- مولاي ولي العهد، شرف عظيم لي زيارتكم


أومأ (آدم) برأسه، ناظرًا إلى الداخل كانت هناك طفلة صغيرة تقف على مسافة قريبة، شعرها البني الداكن ينسدل حول وجهها البريء، وعيناها الواسعتان تنظران له ببراءة وفضول كانت تحمل دمية مصنوعة يدويًا من القماش القديم، وعندما وقعت عيناه عليها، شعر بشيء غريب بدأه بأحساس من الشفقة لأن تلك الفتاة حُرمت من ابويها ..


كانت (لارا) صغيرة في العمر، فى عمر الحادية عشرة، لكنها بجمالها البرئ وابتسامتها الخجولة، استطاعت أن تلفت انتباه ولي العهد ..


أخذ (آدم) خطوة إلى الداخل، مشيرًا للحراس بوضع الصناديق في الزاوية، ثم التفت إلى (ميريت) وقال بصوت منخفض

- أود التحدث معكِ على انفراد


تبعت (ميريت) أوامره بصمت، واقتادته إلى غرفة جانبية بعيدة عن مسمع (لارا) وقف أمامها بنظرة جدية وقال

- هل تعلم تلك الطفلة بما حدث لوالديها؟


هزت (ميريت) رأسها نافية بسرعة وقالت

- لا يا مولاي، لم أخبرها شيئًا لقد قلت لها فقط إنهما سافرا إلى مكان بعيد ولم يعودا بعد


تنفس (آدم) بارتياح وقال بحزم

- جيد .. لا تخبريها أبدًا بما حدث لا أريد أن تتأذى تلك الطفلة


ثم أضاف بعد لحظة صمت

- سأرسل لكم بانتظام كل ما تحتاجونه من سلع، يجب أن تعيش في راحة ولا ينقصها شيء


ابتلعت (ميريت) ريقها بصعوبة، وهي تحني رأسها قائلة

-شكرًا جزيلًا، مولاي


قبل أن يغادر (آدم)، التفت وألقى نظرة أخيرة على (لارا)، التي كانت تجلس بجوار النافذة، تراقب جرار الزيت والقمح بنظرات غريبة لا تفهم لما الحاكم يرسل إليهم كل هذا، سأل خالتها بصوت هادئ

- ما اسمها؟


أجابت (ميريت) بابتسامة صغيرة

- (لارا)، يا مولاي


ابتسم (آدم)، وهمس لنفسه وهو ينظر إليها نظرة طويلة

- (لارا) ..


ثم استدار وغادر المنزل بخطوات هادئة، لكنه بدء أن يهتم بأمر تلك الفتاة وهو معتقد أنه يشعر بالشفقة عليها، حتى تغيرت تلك المشاعر دون أن يعلم وأصبح بعد الشفقة اهتمام ثم حب بعدها عشق لم يستطع أن يتخلى عنها يومًا ..


نظر فى عينيها وقال هائمًا

- واصبح ولى العهد المضرب عن الزواج متيم بتلك الطفلة حتى تزوجها منذ شهر وكان اسعد شهر فى حياته


شعرت (لارا) وقتها ان دقات قلبها تزداد ولا تعلم ما السبب فجذبها إلى احضانه وهو يقول

- الم تشعري بحبي ذلك يا (لارا)؟! كم أنتِ بلهاء لأنكِ لم تلاحظين حبي ذاك


أغمضت (لارا) عينيها وهى لا تعلم ماذا عليها ان تجيب فحديثه كله زاد من ارباكها فابعدها عنه قليلًا فوجد ان عينيها اغروقت بالدموع فاندهش من تصرفها ذاك وسألها

- ما بك أيتها الملكة؟! لما تبكين؟!


ابتلعت (لارا) ريقها ثم قالت بهدوء 

- لقد تأثرت بما قلته .. لقد كنت اظن انك اخترتني بشكل عشوائي، لم اكن اعلم انك احببتني منذ خمس سنوات، وانتظرتني كل تلك السنوات كي تكون معي


- وانتِ (لارا) الا تشعرين نحوي بأي مشاعر، أم كان مجرد أمر ملكي


ازدردت ريقها بصعوبة ثم قالت

- وكيف لي ان لا احبك يا مولاي .. بالطبع احبك


شرد (آدم) بعيدًا ثم قال

- اعلم جيدًا .. انك لا تحبيني كما احبك .. ولكنى سأجعلك تحبيني انا على يقين من ذلك، قلبك سيدق لي في القريب العاجل 


توقف الزمن للحظات أمام (لارا)، وكأن كلماته أحكمت قبضتها على قلبها، مربكة مشاعرها أكثر مما توقعت، شعرت بتيارٍ من المشاعر المتناقضة يغمرها، خوفٌ من أن تفقد السيطرة على نفسها، وتترك قلبها ينبض بحبٍ لا تريده، لم تستطع النظر في عينيه؛ كانت تخشى أن يكشفا كل ما حاولت إخفاءه ..


وضعت يدها على صدرها دون أن تدرك، تحاول تهدئة دقات قلبها المتسارعة، لأفكارها التي كانت كرياحٍ عاصفة، تذكرها بكل الحواجز التي بنتها حول قلبها لحمايته، وبأن تأثرها بحديثه سيجعلها تتراجع عن ما خططت له، وكيف لها أن تنسى ثأر ابويها؟!

لو لم يفعل ذلك لكان استحوذ على قلبها، لكنه فعله بل والأكثر من ذلك كان يقوم برشوة خالتها حتى لا تظهر الحقيقة أمامها يومًا، استطاعت أن تملئ قلبها ثانية بالبغضاء والكره تجاهه ..

❈-❈-❈

بعد مرور ثلاثة أيام ..

في الصباح، توقفت السفينة عند أحد الموانئ الصغيرة لأخذ المؤن والإمدادات كانت الميناء تعج بالحركة؛ البحارة ينقلون الصناديق إلى السفينة، كانت (لارا) تراقب المشهد بصمت، بينما الأفكار تعصف في ذهنها ..


مع حلول المساء، كان كل شيء هادئًا و (آدم) نائم وقفت (لارا) وحدها على سطح السفينة، مستندة إلى السور المحيط بالسفينة، تنظر إلى انعكاس ضوء القمر على مياه النيل أفكارها لم تهدأ، بل زادت اضطرابًا وهي تفكر كيف أنه يحبها بصدق حقًا، تلك الأفكار تتردد في ذهنها منذ ذلك اليوم الذي اعترف لها به بحبه القديم لها لكنها سرعان ما ضغطت شفتيها بقوة، محاولةً كبح مشاعرها المتضاربة كيف يمكنها أن تشفق على شخصًا قتل والديها؟! ليس هذا فقط، بل أخفى عنها الحقيقة طوال هذه السنوات ..


أغمضت عينيها، محاولةً تهدئة ذلك الصراع الداخلي، لكنها فشلت

- إنه لا يستحق الرحمة .. ولا الشفقة .. ولا حتى الحب ..


كررت الجملة داخلها وكأنها تحاول إقناع قلبها قبل عقلها ولكن عندما خطرت لها كلمة حب هزّت رأسها بعنف، وكأنها ترفض أن تسمح لتلك الفكرة أن تسيطر عليها ..


فجأة، شعرت بيد تمسك بكتفها من الخلف انتفضت (لارا) والتفتت بسرعة، قلبها كاد أن يقفز من صدرها، لتجد (ياسين) يقف خلفها بابتسامة صفراء مريبة، تنهدت بضيق وهي تبعد يده عن كتفها، وقالت بغضب

- كيف تجرؤ على لمسي؟


ابتسم (ياسين) بخبث، ثم قال بنبرة منخفضة ولكنها تحمل تهديدًا واضحًا

- سيحدث .. وستصبحين ملكي، أو أخبر الملك بما تخططين لفعله به


اتسعت عينا (لارا) بدهشة وعدم تصديق كيف يجرؤ على تهديدها بهذا الشكل؟! تمالكت نفسها بصعوبة، ثم قالت بصوت منخفض وحذر

- أتريد ذهب؟! سأعطيك ما تريد، ولكن ابتعد عني


هزّ (ياسين) رأسه نافيًا، وأشار بإصبعه السبابة بحركة تحذيرية

- لا أريد الذهب، (لارا) لدي ما يكفي منه، ما أريده هو أنتِ لا ينقصني شيء سوى أن أراكِ بجانبي .. وأن أحظى بحبك


نظرت إليه بعينين تقدحان غضبًا واشمئزازًا، ثم قالت بحدة

- كيف تجرؤ على قول هذا؟!


اقترب منها أكثر، حتى كاد أن لا يفصلهم مسافة، وقال بهدوء ولكنه يحمل نبرة تهديد

- روحك في رقبتي، (لارا) إذا لم تصبحي ملكي، سأخبر الملك بكل شيء .. وأنتِ تعرفين ما سيحدث بعدها


شعرت (لارا) وكأن الدماء تجمدت في عروقها حدقت فيه بصدمة، غير مصدقة جرأته ولكنها سرعان ما استجمعت شتات أفكارها، وحاولت أن تبدو هادئة، وقالت بتردد

- حسنًا .. عندما تسنح لي الفرصة، سنرى ولكن عليك أن تلتزم الصمت الآن


هزّ (ياسين) رأسه موافقًا، ورمقها بنظرة تحمل مشاعر مختلطة من الانتصار والخبث، ثم استدار وغادر ..


تركها وحيدة على سطح السفينة، مشوشة الفكر، تخشى تهديده وتحتقره في الوقت نفسه وضعت يدها على صدرها، محاولة تهدئة ضربات قلبها المتسارعة، وبدأت تفكر بجدية وهي تهمس لنفسها

- لا يمكنني أبدًا أن أكون ملكًا لهذا الوغد .. ولكن ماذا أفعل؟ كيف أتخلص من تهديده؟


أفكارها كانت كدوامة لا تنتهي، ولكنها أدركت أمرًا واحدًا .. عليها أن تجد حلاً سريعًا، فمواجهة (ياسين) ليست خيارًا الآن، ولكن الاستسلام له ليس خيارًا أبدًا أيضًا، عليها أن تسرع في تنفيذ انتقامها ..

❈-❈-❈

بعد مرور خمسة أيام ..

وصلوا جميعًا إلى المعبد الفرعوني الذى به عين رع المخفية، الذي كان يغطيه غبار الزمن، كان الضوء الباهت يتسلل عبر الفتحات الضيقة في الجدران العالية، مما يخلق ظلالًا مرعبة، كان المعبد مهجورًا منذ سنوات ولكن لم يكن خاليًا من الحيل والفخاخ بينما كان (آدم) يقودهم عبر أحد الممرات الضيقة، انقبض قلبهم، كان المكان مظلم للغاية فأخرج (عنخ) الكاهن الذى كان معهم مصباحًا زيتيًا وقام بإشعاله نظرًا للظلمة المحيطة بالمعبد نظر أمامه ليجد ممر ضيق أمامه فنظر خلفه لهم وقال

- اتبعوني فحسب .. وعليكم الحذر فربما يوجد بعض الفخاخ فنحن فى معبد مهجور منذ سنوات


رمشت (لارا) بعينيها وهي لا تفهم وشعرت بالرعب فى جميع اوصالها، فأمسك (آدم) يدها بحنان لتنظر فى عينيه فيقابلها بنظرة حانية وهو يهز رأسه نافيًا ويقول

- لا تخافي وانا معكِ (لارا) .. كل شئ سيمر


كان (ياسين) حينها يشعر بالحنق بسبب تمسك (لارا) ب (آدم) ولكنه فى قرارة نفسه يعلم انها تريد الانتقام منه فكل ما يراه مشاعر مزيفة، لذا حاول تهدئة نفسه ..


ساروا جميعًا كان الكاهن (عنخ) بالمقدمة يسير بحذر تبعه (ياسين) وبعدها (آدم) ثم (لارا) كان ممسك بيدها يطمئنها ولولا ان الممر ضيق ولا يتحمل ان يسيرا سويًا كان قد جعلها بجانبه لتشعر بأمان اكثر كانت الجدران مليئة بالنقوش الفرعونية القديمة التى تروي قصص الملوك والألهة قديمًا ..


كان الممر يضيق تدريجيًا حتى وجدوا أمامهم باب مغطى بالأتربة قام (عنخ) بفتح الباب بصعوبة فوجدوا أمامهم غرفة مليئة ببعض التماثيل والكنوز المخباة انبهرت (لارا) مما وجدته وقالت

- يا للروعة


فتحدث (ياسين) بنبرة تهكمية قائلًا

- نحن نبحث عن عين (رع) ولسنا فى نزهة


فنظر له (آدم) بغيظ شديد وقال

- الملكة تقول ما تشائه فى اى وقت تشاء


بينما كانت (لارا) تشعر بالغضب من وجود (ياسين) معهم ليتحدث(عنخ) بجدية وهو يقول

- علينا التحلي بالشجاعة لما هو قادم


دلفوا جميعًا إلى تلك الغرفة المظلمة داخل أعماق المعبد، كان الصمت يلف المكان بثقل غريب شعاع الضوء الذي يحمله (عنخ) من المصباح الزيتي كان بالكاد يكشف تفاصيل الجدران المغطاة بالنقوش القديمة تقدم (آدم) بخطى حذرة بجانب (لارا) التي كانت تتشبث بذراعه دون وعي، بينما (ياسين) سار خلفهم، ممسكًا بسيفه، وعيناه تراقبان أي حركة مريبة ..


فجأة، انطلقت صرخة حادة من الظلام، تلاها صوت أجنحة تصطدم ببعضها بعنف التفت الجميع بسرعة ليشاهدوا سربًا هائلًا من الخفافيش يخرج من الزوايا المظلمة كأنها عاصفة هبت عليهم كانت الأجنحة تضرب الهواء بجنون، وتهاجمهم دون تمييز لتقول (لارا) بصوت مرتعش

- (آدم) .. خفافيش!


صرخت وهي تتراجع في ذعر، تمسك بذراعه بقوة تحاول أن تحتمي به من الطوفان القادم، دون أن يتردد (آدم) ألقى بنفسه أمامها، محاولًا أن يغطيها بجسده، بينما صرخ على البقية

- انخفضوا جميعًا!


حاولت (لارا) أن تسيطر على نفسها، ولكن الهجوم العشوائي للخفافيش جعلها تنكمش أكثر خلف (آدم)، الذي بدا وكأنه لا يهتم بشئ سوى حمايتها رفع ذراعيه ليحجب عنها الضربات، وغمغم بصوت حنون رغم توتر الموقف

- لا تخافي .. لن اسمح بأذيتك ابدًا


في تلك اللحظة، كان (ياسين) قد رفع درعه فوق رأسه، يدفع به الخفافيش بعيدًا ويستخدم سيفه لضرب بعضها تصاعدت صرخاته المليئة بالغضب بينما يطاردها يمينًا ويسارًا

- سحقًا لهذه المخلوقات! ابقوا خلفي!


أما (عنخ) فقد انحنى إلى الأرض، يحتمي بجدار، ويردد تعوايذ لحمايتهم جميعًا كانت عيناه تتحركان بسرعة، تراقبان كل زاوية بحثًا عن فرصة للهروب، امسك (آدم) بيد (لارا) وسحبها بقوة، قائلاً بصوت حازم

- يجب ان نخرج من هنا فى الحال 


لكن سرب الخفافيش بدا وكأنه لا ينتهي، وصرخت (لارا) مجددًا عندما اقترب أحدهم منها بشكل مخيف دفع (آدم) الخفاش بعيدًا بيده، متجاهلاً أن أحد مخالبه خدش ذراعه، وقال لها

- هل انت بخير؟!


نظرت إليه (لارا) بعينين مليئتين بالخوف والامتنان في الوقت نفسه، وهمست وهي تنظر للخدش الذى بيده

- لما عرضت نفسك للخطر من اجلي


ابتسم (آدم) رغم الفوضى التي حوله وقال وهو يثبت نظره عليها

- لا يهمني سواكِ


في تلك اللحظة، وجد (عنخ) زرًا غريبًا منحوتًا على الجدار وضغط عليه فجأة، انفتح جدار جانبي، كاشفًا عن ممر ضيق، صرخ (عنخ) بصوت مرتفع

- تعالوا هنا! هذا الطريق قد ينقذنا!


ركض الجميع نحو الممر، بينما (ياسين) ظل خلفهم للحظات، يطيح بالخفافيش الأخيرة قبل أن يتبعهم وهو يلهث بمجرد دخولهم، انغلق الجدار خلفهم، تاركًا السرب الهائج خارجًا ..


كانت (لارا) تتنفس بصعوبة، بينما التفتت إلى (آدم) الذي كان يمسح العرق عن جبينه وذراعه المخدوشة أمسكت يده وقالت بصوت منخفض

- شكرًا ..


نظر إليها (آدم) بابتسامة دافئة، وقال ببساطة

- اتشكريني على انقاذي لحياتك التي بدونها لما عشت يومًا واحدًا


ابتسمت له ابتسامة صادقة دون وعي منها ثم تشبست بذراعه اكثر وتبعته، بعد أن دخلوا الغرفة وهم يلتقطون أنفاسهم وجدوا أمامهم ممر آخر مؤدى إلى غرفة آخرى فحمل (عنخ) المصباح الذى انار ظلال مرتعشة على الجدران المزخرفة بالنقوش كانت أصوات الخفافيش لا تزال تُسمع خلف الجدار، لكنها بدت بعيدة، وجه (آدم) حديثه إلى (لارا) قائلًا

- أنتِ بخير؟


أومأت (لارا) برأسها وهي تتنفس بصعوبة، لكنها كانت لا تزال تمسك بذراع (آدم) بقوة أشار (عنخ) إلى باب حجري صغير في نهاية الممر، وقال

- هذا الباب يقودنا إلى غرفة أخرى ربما نجد شيئًا مهمًا هناك



تقدم (آدم) ببطء وبدأ بدفع الباب الذي اصدر صرير مزعج، انفتح الباب ليكشف عن غرفة أوسع مليئة بالأعمدة المتهالكة، في وسط الغرفة، كان هناك مذبح حجري صغير يعلوه تمثال صغير لعين رع المنحوتة فتحدثت (لارا) قائلة

- هل يمكن أن تكون هذه الغرفة هي المكان الذي فيه العين؟


اجابها (عنخ) قائلًا

- لا اعتقد .. اعتقد أن هذا مجرد اختبار آخر


بدأوا في تفحص الغرفة بحذر كان (ياسين) يمسك سيفه بحذر، بينما كان (عنخ) يقرأ النقوش على الجدران بصوت خافت فجأة، اهتزت الأرضية تحت أقدامهم، وبدأت الصخور في التساقط من السقف فقال (آدم) مسرعًا

- احذروا! المكان بينهار!


أسرع الجميع نحو الباب في الجانب الآخر من الغرفة، لكن (لارا) أثناء ركضها، تعثرت بحجر بارز وسقطت على الأرض صرخت وهي تحاول الوقوف، لكن الأرضية بدأت تميل، ما جعلها تنزلق باتجاه حفرة عميقة في الجانب الآخر، فانتبه (آدم) الذى اصابه الذعر وهو يقول

- (لارا!) ..

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة علا السعدني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة