رواية جديدة عبير الليل لعلا السعدني - الفصل 25 - الخميس 16/10/2025
قراءة رواية عبير الليل كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية عبير الليل
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة علا السعدني
الفصل الخامس والعشرون
تم النشر الخميس
16/10/2025
(وغد)
اندفع نحوها دون تفكير، محاولًا الإمساك بها قبل أن تسقط مد يده بسرعة وأمسك بيدها، لكنها كانت على وشك الانزلاق
وقف (ياسين) خلفهم، ممسكًا بدرعه لحمايتهم من الصخور المتساقطة، بينما صرخ على (عنخ)
- علينا الخروج من هنا
كانت يدين (عنخ) مرتعشيتين نظر إلى النقوش وحاول قرائتها وهو يقول
- الصبر .. الصبر .. المفتاح هنا!
في تلك اللحظة، نجح (آدم) في سحب (لارا) بصعوبة إلى بر الأمان، وضغط عليها قائلاً
- يجب عليكِ ان لا تتركي ذراعي مهما حدث
قبل أن تجيبه، انفتح الباب أمامهم فجأة بعد ان قام (عنخ) بفتحه بعدها صاح
- أسرعوا! لدينا وقت قليل فقط!
اندفع الجميع عبر الباب بينما الصخور تواصل السقوط خلفهم بمجرد دخولهم، أُغلق الباب بشكل تلقائي، كانت (لارا) تلهث، جالسة على الأرض، ووجهها ممتلئ بالتعب والخوف نظر إليها (آدم) بقلق وهو يمسح العرق عن جبينه، وقال بصوت خافت حنون
- يا ليتني ما وافقت على حضورك إلى تلك الرحلة .. اذا اصابك مكروه لن اسامح نفسي ابدًا
رفعت (لارا) نظرها إليه، وعيناها ممتلئتان بالامتنان والخجل، لكنها لم تستطع أن تقول شيئًا سوى
- لا عليك (آدم) .. انا سعيدة لأني بجوارك
قالتها بتلقائية حتى دون ان تشعر فى تلك اللحظة كان (عنخ) يتفقد الغرفة مليًا وجد العديد من النقوش وعلى احدى الجدران وجد بعض الرموز شكل عين رع، بالإضافة إلى شمس، زهرة لوتس، و رمز قلب هناك أيضًا نص تحت الرموز
(عندما تشرق الشمس من الشرق، وتتفتح زهرة اللوتس في منتصف النهار، سيقوى القلب ليكتشف طريق العين)
نظرت (لارا) إلى تلك النقوش ووجهت حديثها إلى الكاهن
- ما معنى ذلك النقش؟
صمت (عنخ) ليفكر بعض الشئ بينما قال (ياسين)
- يبدو وأنها شفرة للحصول على عين (رع المخفية)
اخذ (آدم) نفس عميق ثم قال
- آجل انت محق
لينظر (آدم) ويجد باب سرى مغلق بجانبه مكبس فيقول (آدم)
- ذلك المكبس لابد وأنه يفتح ذلك الباب السرى
فكر (عنخ) قليلًا ثم اردف قائلًا
- آجل يا مولاي .. ولكن علينا الحذر من ان يوجد فخاخ اخرى
تقدم (ياسين) نحو ذلك الباب وهو يقول
- قفوا خلفي سأضغط انا على المكبس وأرى ما اذا كان فخ آخر ام انه ذلك المكان هو الذى به العين
وقف الجميع خلف (ياسين) الذى جهز درعه بيده اليسرى وضغط على المكبس بيده اليمنى، أخذ سيفه مسرعًا ليواجه اى خطر كان ولكن لم يفتح الباب حين رمشت (لارا) عدة مرات واقتربت من المكبس لتضغط عليه بيدها عدة مرات ولكن دون جدوى فأمسك (آدم) يدها وهو يقول
- علينا التفكير يبدو ان الامر ليس سهلًا كما نعتقد
ليقول (عنخ) بحكمة
- آجل يا مولاي يبدو ان السر فى النقش الذي بالجدار
لينزل (ياسين) سيفه ويبدؤا جميعا بالتفكير فى ذلك اللغز ليكرر (آدم) قائلًا النقوش التي على الجدران
- عندما توجد الشمس من الشرق، وتفتح زهرة اللوتس، سيقوى القلب ليكتشف طريق العين .. ترى ما المقصود؟!
فكر الكاهن بطريقة عميقة ثم قال
- زهرة اللوتس تتفتح وقت الظهيرة
فلمعت فى رأس (لارا) فكرة وقالت
- أى عند وجود الشمس
ليبتسم لها (آدم) قائلًا
- حينها نستطيع ان نضغط على ذلك المكبس
هز (ياسين) رأسه متفهمًا لما يقولوه وقال
- وقتها نستطيع ان نأخذ العين .. وستحمينا من اى شر قادم
هزوا رأسهم موافقين حديث (ياسين) ليقول (آدم)
- علينا الأنتظار للصباح .. نحن مساءًا الآن
نظرت (لارا) فى عينين (آدم) وهى تسأل
-واين سنقصى الليل .. الليل طويل
ربت على كتفها فى حنان وهو يقول
- كل شئ ينتهي (لارا) .. لا تقلقى حبيبتي
بعدها بقليل استعدوا جميعًا للنوم، فاستند (آدم) بظهره على الحائط ومدد قدميه وطلب من (لارا) ان تستند برأسها على قدمه رفضت فى البداية لأنه سيتألم طوال الليل ولكن مع اصراره رضخت لمطلبه، ابتسم على هيئتها وتركها تنام براحة على قدميه بيننا جز (ياسين) على أسنانه فهو لا يطيق رؤيتهم سويًا ولكن عليه ان يتحمل قليلًا حتى انتهاء الرحلة فلن يتركها معه ابدًا ..
❈-❈-❈
فى صباح اليوم التالى ..
عند دخول شعاع الشمس الغرفة فتحت (لارا) عينيها ببطء، نست تمامًا أين هى حتى وجدت نفسها ممدة عند قدم (آدم) اعتدلت فى جلستها وشعرت بالأسى عليه فلابد وان قدمه المته طوال الليل، فايقظته ليفتح عينيه ببطئ وبحركة تلقائية منه امسك قدمه من الإلم فشعرت بالضيق من نفسها، نظر فى عينيها لتقول هى بنبرة آسفة
- انا آسفة فقدمك المتك طوال الليل، اليس كذلك؟!
هز رأسه بآسى ثم قال
- لما انتى بتلك الحساسية حبيبتي؟! لم يحدث شئ، انا بأفضل حال
ابتسمت قليلًا له فقد شعرت باهتمامه وحبه وحنانه خلال تلك الأيام كيف تستطيع قتله وهو يكن لها كل تلك المشاعر فلم تكن تعلم انه يحبها كل ذلك الحب ولما قتل والديها مادام هو ليس سئ لتلك الدرجة ..
فى ذلك الحين استيقظ كلًا من (ياسين) و (عنخ) لتنظر (لارا) ناحية المكبس تجد ان شعاع الشمس دخل من زواية ما في الغرفة وعكس رمز القلب على المكبس فقالت
- يوجد نقش قلب على ذلك المكبس .. لم يكن واضحا مساءًا
ليهز (ياسين) رأسه موافقًا إياها وهو يقول
- يبدو ان ذلك النقش يظهر فقط عند تعامد الشمس على ذلك المكبس
فى ذلك الحين نهض (عنخ) من على الأرضية وضغط على ذلك المكبس ليجد أنه لا يعمل ايضًا فقال بخيبة أمل
- انه لا يعمل أيضًا
حينها شعر الجميع بالأحباط ولكن (لارا) تتبعت شعاع الشمس المتساقط نحو القلب لتجد الشعاع ممتد لأسفل ويوجد مكبس اخر صغير بالأرضية تتعامد عليه الشمس فقالت (لارا) مسرعة
- يوجد مكبس آخر فى الأرضية .. اعتقد انه عند تعامد الشمس عليه يظهر ذلك المكبس
ابتسم (عنخ) وهو ينظر تجاه ما تشر بأصبعها ثم قام بالضغط على المكبس لينفتح الباب أمامهم ارتفع صوت صرير معدني، مما جعل قلوبهم تخفق في توتر، أخذ الجميع خطوة إلى الأمام، وعندما عبروا العتبة، وجدوا أنفسهم داخل غرفة مذهلة تخطف الأنفاس ..
كانت الجدران عالية، مزينة بنقوش فرعونية تفصيلية تصور الآلهة والحروب القديمة، وأخرى تُظهر رموزًا تحكي قصصًا وأساطيرًا، الألوان الذهبية والزرقاء لا تزال زاهية وكأنها لم تُمَس منذ سنوات كثيرة، تعكس إتقان الصُناع القدماء
في وسط الغرفة، وقفت منصة طويلة من الحجر الأسود منحوتة بدقة، مزينة برموز مقدسة على قمتها، كانت عين رع المخفية تتوهج بهالة ذهبية ناعمة، تنبض بالحياة كانت العين تحيط بها دائرة من الذهب النقي المتناثر حول المنصة، بالإضافة إلى أوانٍ مزخرفة وحليّ ذهبية مذهلة، بعضها مرصع بأحجار كريمة حمراء وزرقاء، تلمع تحت ضوء العين الساحر ..
كان السقف مذهلًا في حد ذاته؛ مشهد سماوي مرسوم عليه، إله الشمس رع وهو يمر بعربته فوق السماء في الزوايا، تتدلى سلاسل ذهبية صغيرة تحمل فوانيس فرعونية قديمة، لكنها لم تعد مشتعلة ..
توقف الجميع عن الحركة للحظة، مذهولين بالجمال الذي أمامهم قالت (لارا) بصوت خافت يكاد لا يُسمع
- لا أصدق عينيّ .. هذا المكان أشبه بأسطورة
اقترب (آدم) بخطوات حذرة نحو المنصة، ينظر حوله بحذر، وقال بذهول
- كيف يمكن لشيء كهذا أن يظل مخفيًا كل هذه السنوات
بينما (ياسين) وضع يده على سيفه، ينظر حوله بتوجس، ينتظر أن يتحرك شيء في أي لحظة ثم قال بنبرة تحذيرية
- علينا ان نكون حذريين
أما (عنخ)، فقد ركع بجانب النقوش القريبة، يقرأها بصوت خافت، ثم رفع رأسه وقال
- هذا ليس مجرد كنز .. إنها رمز للقوة والحكمة، ومفتاح إلى ما هو أكثر
ثم أردف قائلًا
- ولا تقلقوا لم يعد هناك فخاخ آخرى .. نستطيع ان نأخذ العين بآمان
شعرت (لارا) بسعادة لأن تلك الرحلة على مشارف الأنتهاء تقدم (آدم) نحو تلك العين ثم قام بأخذها فابتسمت (لارا) بسعادة وهي تقول
- علينا الخروج فقط من ذلك المكان
هز (عنخ) رأسه إيجابًا
لينظر (ياسين) حوله حتى وجد درج قصير يؤدى إلى باب علوي فقال بهدوء
- اعتقد ان هذا الباب هو طريقنا للخروج
هز (عنخ) رأسه إيجابًا وهو يقول
- اجل
اقترب الجميع من ذلك الدرج القصير حيث كان يوجد مقبض صغير حاول (ياسين) تحريكه لكنه لم يتحرك فقال
- تبًا .. لا يفتح
نظرت (لارا) اعلى الباب من فوق لتجد حفرة صغيرة فنظرت إلى (آدم) الممسك بعين رع وهى تقول
- ضع تلك العين فى تلك الحفرة
وضع (آدم) العين فى تلك الحفرة ثم قامت (لارا) بتحريك مقبض الباب مرة آخرى ليفتح معها بسلاسة فأخذت نفس عميق ثم قالت
- واخيرًا ..
ليخرجوا جميعًا للخارج ما إن عبروا العتبة الأخيرة حتى أضاءت الشمس وجوههم، وكانت أصوات الطيور تُحيط بهم من كل جانب توجهوا نحو نهر النيل لكى يركبوا السفينة الخاصة بهم للعودة مرة آخرى إلى ارض الوطن ..
❈-❈-❈
عندما صعدوا على متن السفينة شعر وقتها (آدم) بفرحة عارمة لأنه امتلك العين اخيرًا ظنًا منه ان كل المشاكل والكوابيس التى تنتابه ستذهب بعيدًا عنه ولن يراها مرة ثانية، فطلب من الخدم اللذين على السفينة اعداد له كوب من الشراب حينها اتجهت (لارا) نحو الخادم وطلبت منه يترك الكوب فهى من سيعد ذلك العصير من أجل الملك، شعرت بتوتر كبير والتفت حولها يمينًا ويسارًا فلم تجد احد بجوارها حيث كانت تتعرق بغزارة من شدة التوتر الذى تشعر به، فقامت بأخراج كيس صغير به سُم بين طيات ملابسها وقامت بسكبه فى الكوب شعرت بتوتر كبير وازدردت ريقها بصعوبة ثم ازداد عدد نبضات قلبها وهى لا تعلم ماذا عليها ان تفعل ستقدم الشراب ل (آدم) وتتخلص منه وينتهى كل شئ للأبد وتنتقم لوالديها الذى سرق وجودهم من حياتها وحتى تأخذ بثأرها وتفتخر بها خالتها (ميريت)، امسكت الكوب بيد مرتعشة ثم تقدمت نحو (آدم) الذى كان يوجد على سطح السفينة اقتربت منه وقدمت له العصير بيد مرتعشة لاحظ هو رعشة يدها فأمسك الكوب من يدها واخذه منها وهو يسألها
- ما بك حبيبتي؟!
ابتلعت ريقها بصعوبة وهزت رأسها نافية بإنه لا يوجد شئ لكنه لم يصدقها فحالتها كانت مذرية للغاية ولكنه سألها
- لم اتعبتى نفسك وحضرتي لي ذلك الشراب، كان عليك طلب ذلك من الخدم
ابتسمت ابتسامة مرتعشة ثم اجابته
- لا .. ا .. احببت ان اعده لك بنفسي
ابتسم لها ابتسامة هادئة ثم هم ليشرب العصير ولكن فجاءة أمسكت يده مانعة إياه من تناول العصير ارتعشت ابتسامتها، وشعرت وكأن قلبها يخفق داخل حلقها حين رفع الكوب ببطء ليشرب منه، لكن فجأة، دفعت يده، ليسقط الكوب على الأرض
نظر إليها بدهشة
- (لارا)، ما الذي تفعلينه؟
لم تملك إجابة، فاندفعت نحوه، واحتضنته بقوة، كانت دموعها تسيل دون إرادة منها ربت على ظهرها بحنان، وقال بقلق
- ما بكِ (لارا)؟! انت لستِ على ما يرام؟! ماذا حدث؟
ابتعدت عنه قليلًا لتمسح دموعها التى خانتها وسقطت على وجنتيها ليعقد هو حاجبيه بعدم فهم ثم رفع ذقنها إليه لينظر داخل عينيها ثم قال
- لن اصدق بعد الآن أنه لا يوجد شئ .. ماذا بكِ (لارا)؟!
شعرت بتوتر بالغ ثم قالت بهدوء
- اخشى عليك .. اخشى عليك من احد يؤذيك
هز كتفاه بلا مبالاة وهو يقول
- غريب امرك يا (لارا) .. لم تشعرى بالخوف مسبقًا وتشعري بالخوف بعد ان وجدنا العين التي ستحمينا
نظرت فى عينيه وقالت بكذب
- ل.. لأننا سنعود إلى القصر الملكي وهناك .. ربما .. ربما اعدائك يقوموا بأذيتك
شعر بسعادة بالغة لأنه استشعر خوفها واهتمامها به ثم قال بهدوء
- لا تقلقِ حبيبتي .. الا تثقين بحبيبك؟!
رمشت بعينيها عدة مرات وهى تنظر فى عينيه ورددت بخفوت
- حبيبي!!
ظهرت على شفتيه ابتسامة رائعة ثم قال
- اجل .. الآن استطيع ان اقول اننى اشعر بحبك لي .. لم اشعر به منذ ان تزوجنا ولكننى ارى خوفك وقلقك وحبك لي فى عينيكي بات واضحًا
اخذت نفس عميق وهى لا تعلم ماذا عليها ان تجيبه فلو كانت وضعت السُم منذ شهر تقريبًا ما كانت لتنقذه منه ولكن الآن ما سبب افعالها الحمقاء تلك لما لا تريد الموت له .. الموت لقاتل والدها ووالدتها ومن تزوجها غصبًا صحيح انها لم ترفض ولكن من الفتاة التى تستطيع ان ترفض الملك ..
❈-❈-❈
في الليل..
حينما خيم الصمت على السفينة ولم يبقَ سوى أصوات المياه التي تلامس السفينة، استيقظت (لارا) بهدوء من جوار (آدم) ظلت تنظر إليه للحظات، وقد بدا هادئًا جدًا في نومه، كأن كل مشاكل العالم قد اختفت من وجوده ثم تساءلت داخلها لماذا لم تستطع فعلها ..
خطت خطواتها ببطء وحذر، محاولة ألا تصدر أي صوت يوقظه شعرت أن أنفاسها نفسها كانت ثقيلة، تفكر في ذلك الذنب الذي يلاحقها أم أنه ليس بذنب وثأرها ويجب عليها أن تأخذه، فتحت الباب بهدوء، ثم صعدت على سطح السفينة، لتجد السماء قد امتلأت بالنجوم التي تناثرت كحبات الماس، وقفت هناك، مائلة قليلاً على السور، وعيناها مثبتتان على السماء وهي تفكر لماذا لم تستطع فعلها؟
لقد كانت فرصة مثالية لو مات الآن، لن يجرؤ أحد على اتهامها، فهي الملكة، الملكة لا تُسأل عما تفعل ولكن ..
وضعت يدها على قلبها، وهي تشعر بنبضاته المتسارعة وقالت بصوت خافت
- لماذا؟ هل أحبه كما يقول؟ هل استطاع أن يغير شيئًا في قلبي؟ أم أنني ضعفت فقط؟ ولا أجرؤ على فعلها!!
تنفست بعمق، لكنها شعرت أن الهواء لا يكفى شعرت بإنها قامت بخيانة ذكريات والديّها، خانت دماءهما هل يمكنها أن تغفر لنفسها؟
شعرت بدمعة ساخنة تسقط على خدها، فأغمضت عينيها بقوة، وكأنها تحاول إيقاف سيل المشاعر الذي اجتاحها
بينما كانت غارقة في أفكارها، استمعت لصوت خطوات على سطح السفينة، التفتت سريعًا، لترى (ياسين) يقف هناك، يراقبها بعينين مليئتين بالغموض والمكر تقدمت خطواته نحوها ببطء، وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة باردة
- أخيرًا، وجدتكِ وحدكِ يا مولاتي
شعرت بقشعريرة الخوف تسري في جسدها، لكن سرعان ما استجمعت قواها وردت بثبات
- وما الذي تريده يا (ياسين) في هذه الساعة المتأخرة؟
اقترب منها حتى أصبح قريبًا جدًا، حدّقت عيناه في عينيها مباشرة
- لا تبدو عليكِ الراحة، يا مولاتي هل يؤرقكِ شيء؟
رفعت رأسها بشموخ، محاولة إخفاء اضطرابها الداخلي
- لماذا تسأل؟ ألا يحق لي أن أقف هنا وأفكر دون أن يُزعجني أحد؟
ضحك بخفة، لكن ضحكته كانت تحمل في طياتها سخرية مبطنة
- بالتأكيد يحق لكِ ذلك، لكنني أعرفكِ يا مولاتي عندما تقفين هكذا، تحت السماء، وأنتِ تحدقين في النجوم .. فهذا يعني أن هناك معركة تدور في داخلكِ
كلماته صحيحة فذلك الوفد يعرفها أكثر من نفسها، لكنها لم تظهر أي انفعال، وقالت ببرود
- إذا كنتَ تعرفني حقًا، فعليك أن تترك لي مساحة للتفكير
نظر فى عينيها وهو يقول بجراءة
- أنا اريدك يا (لارا) .. ولن اتنازل عنك ابدًا
نظرت له بعدم فهم وسألته
- ماذا تريد مني يا (ياسين) ؟ ان كنت ان تريد الذهب سأعطيك ولكن ابتعد عني
هز اصبعه السبابة نافيًا ثم قال بنبرة تهديد مبطنة
- لا اريد الذهب اخبرتك قبل ذلك .. اريدك انتِ .. عند عودتنا سأنتظرك فى مخدعي داخل القصر وأن لم تأتى سأخبر الملك بكل شئ
شهقت (لارا) ووضعت يدها على فمها من جرائته ووقاحته ولكنه ابتسم ابتسامة هادئة وهبط من سطح السفينة ثم التف مرة اخرى وقام بغمز عينيه اليسرى لها ثم عاد مرة أخرى لطريقه، اغمضت (لارا) عينيها بآسى وهى تقول بصوت خافت
- ما الذى فعلته بنفسي؟! كيف سأتخلص من ذلك الوغد؟!
❈-❈-❈
بعد مرور سبعة أيام ..
كانت الأيام كحمل ثقيل يجثم على صدر (لارا) رغم أنها حاولت التصرف بطبيعية، إلا أن شعور القلق كان يلاحقها كظلها، ولم تستطع أن تتخلص من تلك الأفكار التي تغزو عقلها بلا هوادة كل خطوة تقربها من العودة إلى القصر كانت تُشعل في قلبها نار الخوف والارتباك، ما إن وصلا إلى القصر ودخلا جناحهما الخاص، حتى شعرت (لارا) وكأن جدران الغرفة تضيق عليها كان (آدم) يتحدث بشيء من الحيوية لأنه أصبح الآن في مأمن، لكنها بالكاد سمعت كلماته وقفت في منتصف الغرفة، شاردة الذهن، وعيناها تحدقان في اللاشيء ..
بدأ قلبها ينبض بسرعة عندما أدركت أن موعد مواجهتها مع (ياسين) بات قريبًا جدًا لم تستطع منع نفسها من التفكير في نظراته الوقحة وتهديده السافر ارتعشت يداها دون أن تدرك، ووضعت يدها على صدرها محاولة السيطرة على نبضاتها المتسارعة ..
لاحظ (آدم) حالتها الغريبة عندما توقف عن الحديث ونظر إليها باهتمام كانت تقف كتمثال جامد، وعيناها تائهتان في الفراغ تقدم نحوها بخطوات بطيئة، وعيناه تحملان مزيجًا من القلق والدهشة، لكنه لم يُعلّق على الفور، منتظرًا أن تشرح ما يدور في ذهنها لم يجد منها اى حديث ولا انتباه لوجوده من الأساس فسألها باهتمام
- ما خطبك (لارا)؟! ارى انكِ لستِ على ما يرام
هنا انتبهت لحديثه وانتبهت لحالتها المزرية التى اصبحت عليها ثم جاهدت فى رسم الابتسامة على شفتيها وهى تقول
- ا .. انا بخير .. بأفضل حال يا مولاي، ما خطبك أنت؟!
نظر لها وهو لا يصدق اى كلمة من حديثها وقال
- خطبي أنا؟! أنا بخير (لارا) .. انتِ التي بكِ شئ ليس على ما يرام
هزت رأسها نافية ثم قالت متلعثمة
- على العكس تمامًا .. ا .. اشعر بسعادة بالغة لقد عدنا للوطن ومعنا عين رع ماذا سأريد اكثر من ذلك!!
اضيقت عينان (آدم) بعدم تصديق ولكنه لم يرد الضغط عليها لذا اثر الصمت على حديثه معها ويتركها لترتاح قليلًا ربما عانت من قلة الراحة فى الأيام الماضية ..
❈-❈-❈
فى المساء ..
انتظرت (لارا) ان ينام (آدم) وهى تشعر بقلق عارم مما هى مقدمة عليه ما أن تأكدت انه نام فى ثبات عميق حتى نهضت من الفراش دون ان تصدر اى صوت وسارت على أطراف اقدامها ثم فتحت باب الغرفة الخاصة بهم بهدوء شديد، وخرجت خارج الغرفة واغلقتها بنفس الهدوء ثم توجهت إلى الجناح الخاص ب (ياسين) وظلت تتلفت يمينًا ويسارًا طوال الطريق خائفة من ان يراها شخص ما، طرقت باب الغرفة ففتح (ياسين) باب الغرفة وهو لا يصدق ان (لارا) أمام عينيه حقيقة وما حلم به طوال الفترة الماضية سيتحقق اخيرًا، عندما وجدته يتأملها هكذا شعرت بالأشمئزاز منه ولكنها دفعته نحو الداخل وهى تقول
- لا أريد من احد ان يراني
ثم دلفت خلفه الغرفة واغلقت الباب عليها فابتسم (ياسين) ثم قال بهدوء
- تلك اللحظة التى حلمت بها منذ ان وقعت عيناي عليكِ
شعرت بالاشمئزاز منه ثم نظرت فى عينيه بحدة وهى تقول بتعالي
- ان كنت تظن انني جئت لانفذ اوامرك وما في خيالك، فأنت لم تعرف (لارا) بعد ايها الحقير
ضحك بسخرية عليها وهو يقول
- لن تستطيعي فعل معى شئ .. انت فى عريني الآن
ثم اقترب منها بخطوات واثقة وعينيه عليها فاخرجت مسرعة من طيات ملابسها سكين صغير وقالت بحدة
- لن تجرؤ
ضحك كثيرًا وهو لا يصدق جرئته تلك واقترب منها وكأنه لا يأبه وهو يقول بسخرية
- اتعتقدين ان ذلك السكين الصغير سيمنعك عني
ارتعشت يدها بعدم تصديق وكانت تتراجع للخلف مع اقترابه حتى استمعت إلى صوت احدهم يفتح باب الغرفة لتصدم بأن (آدم) هو من أمامها ..
يتبع...
