رواية جديدة عبير الليل لعلا السعدني - الفصل 26 - السبت 17/10/2025
قراءة رواية عبير الليل كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية عبير الليل
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة علا السعدني
الفصل السادس والعشرون
تم النشر السبت
17/10/2025
(حائرة)
كان (آدم) يحدق في (لارا) بعيون غاضبة ومصدومة، بينما كانت هي تحاول السيطرة على أعصابها وهي تواجه كلاً من نظراته ونظرات (ياسين) المستفزة، صرخت (لارا) بصوت متهدج، محاولة أن تدافع عن نفسها، ثم تابعت ببعض من الهدوء
- أنا لست خائنة، يا (آدم)! .. الأمر ليس كما هو أمامك، جئت إلى هنا لأتخلص من هذا الرجل .. إنه تهديد لنا جميعًا
قاطعها (ياسين) بضحكة خبيثة قائلاً
- لا تصدقها، يا مولاي، جاءت بمحض إرادتها .. وحدها لم يجبرها أحد
تحول غضب (آدم) إلى نظرة شك وهو يسأل (لارا)
- هل هذا صحيح؟
حاولت (لارا) أن تسيطر على صوتها المرتعش وهي تقول:
- إنه يكذب! جئت إلى هنا فقط لأنني أردت حمايتك .. هو خطر علينا
ضاق (ياسين) بعينيه بدهاء وأضاف
- الخطر الحقيقي ليس أنا، يا مولاي .. إنها هي .. تريد الانتقام لوالديها منك ومن العرش اسألها .. لماذا ذهبت متخفية إلى الكاهن (حاتي)؟ لماذا وضعت لك تلك النبتة التي سببت لك الهلاوس؟ والكوابيس المدوامة لك
اتسعت عينان (آدم) بذهول بينما ارتجفت (لارا)، لكنها حاولت إنكار التهمة
- إنه يكذب! لم أفعل أي شيء من هذا!
اقترب منها (آدم) بهدوء الذى يسبق العاصفة ثم أمسك بمعصمها بقوة وقال بنبرة مليئة بالغضب
- انتِ .. انتِ يا (لارا) بعد كل ما فعلته من اجلك
تذكر الهلاوس والكوابيس التى كانت تلازمه وشعورها بالخوف منه ليلة زفافهم وتقلبات مزاجها والشراب الذي اعدته له وكيف احتضنته كي لا يشربه، شعر بغصة فى قلبه وان قلبه يتقطع اشلاء فلم يكن يتخيل ان الخيانة ستأتي من اقرب الناس إليه من المرأة التى لم يحب غيرها نظر بها بتهكم وقال
- والدايك!! فعلتي ذلك من اجل والدايك .. انا كنت اخشى عليكِ من ان تعلمي الحقيقة وتشعرين بالعار وانتِ تحطمين قلبي بمنتهى السهولة .. كنتِ تسخرين من مشاعري طوال الوقت يا (لارا) لقد .. لقد شككت بكل العالم ولم اشك بكِ ولو لحظة للواحدة
شعرت (لارا) وكأن الأرض تهتز تحت قدميها، وتجمدت مكانها، غير قادرة على استيعاب كلماته ثم هزت رأسها نافية وقد سقط السكين الذى كان بيدها فلم تكن تريد ان يحدث كل ذلك وان يعلم حقيقتها بتلك الطريقة، ففي الأيام الماضية شعرت بالحب نحوه لن تنكر حتى بينها وبين نفسها، شعرت بالحب تجاهه شعرت بمشاعر جديدة تغزو قلبها ثم قالت بنبرة مرتعشة
- لا .. لا تصدق (آدم) انا احبك .. صدقًا احبك .. احببتك رغم انك قتلت والداي انت ووالدك لم اخنك مع (ياسين) جئت لأتخلص من تهديداته لي .. لم اكن سأفعلها وان فعلتها ساقتل نفسي، لا استطيع العيش بدونك لحظة واحدة
نظر (آدم) إليها نظرة تحمل مزيجًا من الغضب والحزن، عينيه تكاد تغلي بالدموع التي تأبى أن تسقط استغرق لحظات وهو يتأمل ملامحها المرتعشة وكلماتها المتناثرة بدا وكأنه يخوض صراعًا داخليًا بين تصديقها ورفض كل ما تقوله، اقترب خطوة منها، تحدث بصوت هادئ بارد كالجليد
- تحبيني؟ بعد كل هذا؟ بعد أن اتضح أنني كنت غارقًا في أكاذيبك، أريد أن أصدقك، (لارا) كيف يمكنني أن أتجاهل أنك هنا في مخدع (ياسين)، من دون علمي؟ و أكاذيبك التى كشفت كذبة تلو الآخرى، ستظلين طوال حياتك بلهاء
شعرت (لارا) وكأن قلبها يُطعن بسكين خفي، دموعها انسابت على وجنتيها، وأردفت بسرعة
- اقسم لك .. انني كنت افكر ان اتغاضى عن ثأري لأنني وقعت حقًا فى حبك يا (آدم)
لكن لم يتأثر(آدم) ، بل تراجع خطوة للخلف، وكأن بينهما هاوية تتسع قال بصوت خافت
- ربما تكونين صادقة، وربما لا لكن الآن، الشك أصبح بيننا، والشك يقتل كل شيء، (لارا) لقد مات حبي لكِ
التفت نحو (ياسين) فجأة، ونبرة الغضب عادت إليه مجددًا
- وأنت، يا (ياسين) .. ستدفع ثمن كل كلمة نطقت بها اليوم، سواء كانت حقًا أم كذبًا
ابتسم (ياسين) ابتسامة باردة وقال بتحدٍّ
- افعل ما تريد، يا مولاي لكنك تعرف أنني لم أكذب
شعر (آدم) وكأن الهواء أصبح أثقل، التفت إليها للمرة الأخيرة، وقال بصوت مليء بالألم
- بالمناسبة والدايك تم اعدمهم بسرية لأنهم تعدوا على شئون الدولة كادو يسرقون كنوز الدولة والملك، كان لابد من معاقبتهم فى سرية .. لقد اخفيت الأمر عنك وتعمدت اخفائه حتى لا تشعرين بالخزي والعار
قال جملته الأخيرة وهو يرمقها بنظرة حادة ثاقبة بينما تسمرت (لارا) فى مكانها وهى لا تصدق ما سمعته توًا عن والديها
- أنت .. كاذب .. تكذب علي اليس كذلك؟!
تمتمت بصوت بالكاد يُسمع، اقترب (آدم) منها، والغضب يشتعل في عينيه
-أخفيت الأمر عنكِ حتى لا يلازمك العار اينما ذهبتِ
ثم نظر فى عينيها وقد احمرت من الغضب وهو يقول
- كنتِ الحياة التي منحتني كل شيء، والخنجر الذي أنهى كل شيء
ثم تابع بنبرة منكسرة
- لكن الآن .. الآن، اصبحت متأكدًا إنك لا تستحقين ثقتي بعد الآن
التفت ليغادر الغرفة دون أن ينظر إليها مرة أخرى، تاركًا (لارا) في حالة من الصدمة والدموع تغمر عينيها خلفه، كان (ياسين) يبتسم بخبث، بينما سقطت (لارا) على الأرضية وعيناها تحدقان حيث اختفى زوجها، ودموعها لا تتوقف في هذه اللحظة، أدركت أنها ليست فقط فقدت (آدم) بل فقدت نفسها أيضًا ..
❈-❈-❈
تململت (لارا) فى فراشها وكان على وجهها يبدو الحزن حتى فتحت عينيها ببطء وشعرت بدمعة حارقة على وجنتها تحسست وجنتها لتشعر بتلك الدمعة حقيقة تذكرت احداث الحلم الذي كانت تعيش تفاصيله منذ قليل فقد تأثرت كثيرًا بذلك الحلم استندت بظهرها اعلى الوسادة وهى تتذكر تفاصيل ذلك الحلم لقد كان اكثر حلم يجمعها هى و (آدم) وضعت يدها نحو صدرها لتجد دقات قلبها قد ازدادت بعنف لما .. لما تشعر بكل تلك المشاعر تجاه شخص لم تقابله على ارض الواقع لثانية واحدة حتى من يصدق ان تلك الدموع التى تهبط من عينيها تهبط من اجل حلم من اجل خسارة شخص فى احلامها لم تجتمع به ابدًا وربما لن تراه في المستقبل فلو ان طفل حتى استمع إلى مشاعرها تلك التى تتحرك نحو سراب لضحك عليها بأعلى طبقات صوته، مسحت دموعها التى خانتها فى الهبوط ثم تذكرت امر (ياسين) اخذت نفس عميق وهى لا تعرف هل سترفضه كما رفضت من سبقه بسبب تلك الأحلام هل حقًا ستوقف حياتها وزواجها من شخص ما من اجل تلك الأحلام .. السراب الذى تعيش به ولكن .. ولكن لا احد يشعر بمدى تلك الغصة التي فى قلبها التي تشعر بها بعد كل حلم ..
كيف ستتزوج شخصًا اخر وتعيش عالم من الاحلام مع شخص غيره الا يعتبر ذلك خيانة .. خيانة لنفسها ولروحها وقلبها قبل ان تكون خيانة لشخص آخر، نكست رأسها وحاولت نفض تلك الأفكار التي فى رأسها وقررت ان تترك مصيرها مع (ياسين) حتى يحين الوقت وتقابله اتجهت نحو الحمام وقامت بالأستحمام لعل الماء الدافئ يهدئ من روع قلبها ومن الأفكار التي تجتاح رأسها خرجت من الحمام وقررت ان ترتدي ملابسها وتتجه نحو عملها وانها لن تحدث شخص اخر بشأن تلك الأحلام فلن يفهمها احد وربما ينعتها بالجنون ..
❈-❈-❈
فى منتصف النهار ..
شعرت (لارا) بالم طفيف فى رأسها وهى جالسة على مكتبها وحولها بعض الأوراق واللوحات التي تعمل بها، تركت كل شئ وقررت العودة للمنزل فهي لن تستطيع ان تُكمل عملها اليوم على اكمل وجه قررت التوجه إلى مكتب (نهى) كي تخبرها أنها ستعود للمنزل ولن تستطيع ان تنهي دوامها اليوم ..
فى غضون دقائق كانت قد وصلت إلى مكتب (نهى) وجدتها تعمل فى بعض الأوراق عندما شعرت (نهى) بإن احدهم قد فتح باب المكتب رفعت رأسها لتتفاجأ بوجود (لارا) أمامها ابتسمت (نهى) وسألتها بخفوت
- ما اتى بكِ إلى هنا؟ حتى انه ليس وقت استراحتك؟!
اخذت (لارا) نفسًا عميق ثم قالت بهدوء
- اشعر ببعض الألم فى رأسي .. لذا قررت العودة إلى المنزل وقلت ان اخبرك حتى لا تقلقين علي
نهضت (نهى) من اعلى مقعدها ثم سألتها بقلق واضح
- ابكِ شئ يا فتاة؟! ماذا اصابك؟
حاولت (لارا) ان ترسم على شفتاها ابتسامة باهتة ثم قالت وهى تهز رأسها نافية
- ابدًا انا بخير .. ولكن يبدو ان ضغط العمل سبب لي الم فى رأسي
شعرت (نهى) بالضيق على حالتها تلك ولكنها نصحتها بنبرة حنونة
- حسنًا حبيبتي عليكِ التوجه إلى المنزل وان ترتاحي قليلًا لعلكِ تستعيدي بعضًا من حيويتك ونشاطك .. عندما انتهي من عملي سأتحدث معكِ كي اطمئن عليكِ
هزت (لارا) رأسها بتفهم ثم قالت بنبرة خافتة
- حسنًا .. إلى اللقاء حبيبتي
- إلى اللقاء
❈-❈-❈
وصلت (لارا) إلى المنزل وهى تشعر بإنها ضائعة فلم تعد تعلم ماذا عليها ان تفكر لما كل تفكيرها منصب على ذلك الحلم الأخير، لما تشعر بإن كل شئ كان حقيقيًا وكأنه لم يكن حلمًا ابدًا، اخذت نفس عميق وقررت ان تستريح قليلًا فى غرفتها توجهت نحو الغرفة وقامت بتبديل ملابسها حتى استمعت إلى صوت احدهم يطرق باب الغرفة فعلمت على الفور أنها والداتها لابد وانها قلقة لانها عادت من العمل مبكرًا ولم تأتى فى موعدها، اذنت لها بالدخول ففتحت والداتها الباب لتتأملها لثوان ثم قالت
- اشعر حبيبتي وكأنكِ لستِ على مايرام
جاهدت (لارا) فى رسم ابتسامة هادئة على شفتيها ثم قالت بهدوء
- لا تقلقى حبيبتي انا بخير .. وبأفضل حال
اقتربت منها والدتها وجلست بجوارها على الفراش وهى تتأمل عينيها ثم قالت بهدوء
- لا تكذبي علي (لارا) .. فأنتِ ابنتي الوحيدة واشعر بكِ تمامًا .. بما تفكرين حبيبتي وما اصابك؟
تنهدت (لارا) بعمق، وابتعدت بعينيها عن نظرات والدتها المتفحصة، ثم قالت بصوت خافت
- لا شئ امي .. انا فقط .. انا فقط ..
ثم قطعت حديثها فلا تعرف ماذا عليها ان تقول نظرت لأسفل لأنها تشعر بالخجل لما ستقوله فحثتها والدتها على الحديث مستفهمة
- ما بكِ ابنتي؟! اجبيني
ازدردت (لارا) ريقها بصعوبة ثم قالت
- مازالت افكر فى ذلك الشاب الذى اراه دومًا في احلامي .. ولا اعلم لما عندما يحدثني شخصًا ما عن الزواج او الحب واقرر بيني وبين نفسى ان اعطيه فرصة واعطي لنفسي فرصة اجده امامي فى احلامي فتصاب مشاعري بالتوتر اشعر وكأننى مصابة بالهذيان .. او اننى عالقة هناك فى عالم الأحلام لا اريد العيش بالواقع .. أريده هو فقط
مدت والدتها يدها بلطف لتضعها على يدها وقالت
- حسنًا (لارا) .. اعلم جيدًا مدى تشتتك ولكنك تخطئين بحق نفسك قبل اي شخص آخر، انكِ تتمسكين بالأوهام وتتركين الواقع الذى تعشينه .. ربما .. ربما ذلك الشخص الذى يظهر فى احلامك هو صورة بالمواصفات التى تريديها لفتى احلامك لذا عندما يحدثك شخص عن الأرتباط عقلك الباطن يمارس حيلة معاك ليذكرك بمواصفات فتى احلامك وتقارني بين الشخص الذي يريد الارتباط بكِ وبين فارس احلامك وتجدينهم مختلفين عن بعضهم البعض .. لا تتأثرى كثيرًا بتلك الاحلام ولا تفكرى بها .. عندما تجدين الشخص المناسب لكِ حينها ستوافقين دون ادنى تردد او خوف
شعرت (لارا) بالراحة اثناء حديثها والدتها فربما بالفعل ان (آدم) ليس إلا مجرد صورة لفارس احلامها عليها الصبر وأن الشخص المناسب لها ستجد نفسها توافق عليه دون تردد ابدًا .. شعرت والدتها بانها مازالت تفكر فى الأمر فعرضت عليها
- لما لا نسافر (لارا) لتغيير الجو والمكان .. ما رأيك حبيبتي؟! اتودين السفر إلى الأسكندرية او الغردقة؟!
صمتت (لارا) لبعض الوقت ثم نظرت إلى والدتها بإمتنان وقالت
- لا امي .. علي ان اجهد نفسى بالعمل افضل كي انسى تلك الأفكار .. العطلة ستجعلني افكر اكثر فى ذلك الأمر اما العمل لن يعطي بعقلي مجال التفكير
- حسنًا حبيبتي .. كما تودين .. الآن نامي واسترخي ولا تفكري فى اي شخص او حتى نفسك
هزت رأسها إيجابًا وهى تحتاج إلى بعض النوم وقررت عدم التفكير فى امر (ياسين) الآن لربما هو فتى احلامها حقًا ومن الممكن ايضًا ان يكون ليس هو لذا ستترك اجابتها له حين تراه وتجلس معه، انما الآن عليها الاسترخاء فهي بحاجة لها، خرجت والداتها من الغرفة واغلقت الباب خلفها فاستلقت على فراشها لتنعم لنوم هادئ دون احلام ..
❈-❈-❈
انتهت (نهى) من دوام عملها ثم اتجهت نحو سيارتها واستقلتها ثم قررت ان تتصل بصديقتها لكى تطمئن عليها اخرجت الهاتف من حقيبتها واتصلت ب (لارا) عدة مرات ولكنها لم تجد أي اجابة فقررت قيادة السيارة والعودة إلى المنزل بدأت فى ادارة محرك السيارة ولكن دون جدوى لم تدور، زفرت بغضب شديد من تلك الخردة التى تمتلكها واخذت نفس عميق قررت ان تتصل بوالدها كي يأتي ويأخذها ليعودا معًا إلى المنزل، اتصلت به واخبرته انها أمام محل عملها وان السيارة معطلة ولا تعمل فأجابها على الفور ان سيتجه إليها وعليها فقط انتظاره ..
اغلقت (نهى) الهاتف وقررت ان تتصفح الصفحة الشخصية الخاصة بها بالفيس بوك ريثما يأتي والدها مرت ربع ساعة عليها وهى تشعر بالملل حتى انها شعرت بالضجر من حالات الفيس البوك التي لا تنتهى نظرت لساعة يدها وقد اجتاحها الملل من كثرة الانتظار ثم رفعت رأسها لتنظر حولها لعلا والدها قد اتى ولكن دون جدوى، فقررت فتح تطبيق اخر غير الفيس بوك وتشاهد بعض مقاطع الفيديوهات الصغيرة حتى اتى لها فيديو قصير ل (يوسف) ابن عمها هزت رأسها بآسى وحدثت نفسها قائلة
- ليس منه فائدة ابدًا .. لا جدوى منه لا يجيد سوى تقديم تلك المقاطع المبتذلة
بينما كانت مستغرقة فى افكارها تلك استفاقت على صوت طرق خفيف خلف زجاج السيارة فتوجهت بنظرها لأعلى لترى من ذلك الذى يطرق زجاج نافذتها لتصدم بوجود (يوسف) أمامها عقدت حاجبيها وهى لا تفهم ما سر انه اتى إلى هنا ولما، فآشار لها بيده ان تنزل زجاج النافذة كي يتحدث معها فأنزلت الزجاج من الزر الموجود بجانب النافذة ورفعت حاجبيها وكأنه تسأله ماذا اتى بك إلى هنا؟!
ابتسم ابتسامة هادئة وقال
- لقد كنت مع عمي حين اتصلتِ به .. وطلبت منه ان اذهب إليكِ وأتيت بميكانيكي حتى يرى ما العطل الذي اصاب سيارتك
تجهم وجهها قليلًا فلا تعلم لما والدها ارسل عديم الفائدة ذاك إليها ليتابع هو حديثه قائلًا
- ترجلي من السيارة حتى يقوم الميكانيكي بإنجاز عمله
هزت رأسها إيجابًا متفهمة حديثه ثم ترجلت من السيارة وابتعدت قليلًا عنه وعن الميكانيكي كي يرى عمله، وقف (يوسف) معه قليلًا ان كان يحتاج مساعدة فهو بجواره ولكنه لاحظ شرود (نهى) وانها تشعر ببعض من الضجر فتركه واتجه نحوها وهو يسألها قائلًا
- اتحتسين كوبًا من القهوة؟!
نظرت له ولا تعلم لما كلما تراه تشعر بالغضب والضجر هكذا فهو لم يفعل لها شئ فصمتت لوهلة تفكر لما تشعر بمشاعر الكراهية تلك نحوه، قررت ان تتحدث معه كما تتحدث مع الجميع واماءت بعينيها بهدوء وهى تقول
- اعتقد ان كوب من القهوة سيحسن مزاجي للأفضل
ابتسم قليلًا ثم تركها واتجه نحو مقهى بالجوار ليجلب كوبين من القهوة وفى خلال عدة دقائق كان قد عاد إليها بكوبين من القهوة ووقف بجوارها ومد يده لها وهو يعطيها كوب القهوة الخاص بها، ابتسمت له لأول مرة فى حياتها لتظهر الغمازات الخاصة بها ليبادلها الابتسامة وهو يقول
- اتعلمين تلك المرة الأولى بحياتي التي اراكِ تبتسمين فيها حتى انني لم الاحظ من قبل ان لديك غمازات
ضحكت (نهى) كثيرًا ثم قالت
- اعلم كيفية الابتسام والضحك تمامًا لا تقلق
- ولكنكِ دومًا عابسة
ارتشفت من كوب القهوة الخاص بها ثم قالت بهدوء
- فقط لا احب الابتسام والضحك دون سبب وفي اي توقيت
هز رأسه بآسى فلا يعجبه حديثها ذاك ثم قال
- الحياة قصيرة لا يجب اضاعتها فى العبوس
زوت ما بين حاجبيها وقالت غير مصدقة
- اعتقد انك اصبحت فيلفسوف .. يبدو وانك لك جانب مظلم فى شخصيتك لم يُكتشف بعد
رفع حاجبيه باندهاش، ثم ابتسم ابتسامة ساخرة وهو يقول
- لست ذلك الشخص الغامض .. حياتي كتاب مفتوح
ثم نظر لها مليًا وقرر سؤالها وتغير مجرى الحديث قائلًا
- هل مازالتِ غاضبة مني لأن (لارا) كانت تعلم بأمر الحفل؟!
اخذت نفس عميق وارتشفت من كوب القهوة وهى تلاحظ النبرة النادمة التى يتحدث بها فنظرت له مليًا وهزت رأسها نافية وهى تقول
- كنت غاضبة فى البداية ولكن الامر مر والحفل أيضًا مر، فلما الغضب؟!
نظر لها وهو يشعر ببعض من الأسف وهو يقول
- لمعلوماتك انا لم اخبر صديقتك بشئ، هى من خمنت ذلك بمفردها
نظرت له بإمتنان ثم قالت
- لا عليك لقد انتهى الامر
- اذاً ما رأيك ان نبدء من جديد وان ننسى الماضي لا اعلم السر الذي يجعلك غاضبة مني ولكن لنفتح صفحة جديدة معًا
ابتسمت (نهى) ابتسامه خفيفة ثم قالت
- حسنًا لنبدء من جديد
لا يعلم لما تسلل إليه شعور غريب من السعادة ولكنه حقًا سعيد بتلك البداية، قطع تلك الابتسامة المتبادلة من اثنتيهم صوت الميكانيكي وهو يقول
- لقد انتهيت من عملي .. والسيارة قد صُلحت
اتجهت (نهى) نحو الميكانيكي وهي تخرج نقود من حقيبتها لتعطيها له وما ان مدت يدها للميكانيكي لتعطيه النقود حتى وجدت يد (يوسف) ممسكة بمعصمها وهو ينظر لها بنظرة الجمتها ويهز رأسه نافيًا دلالة على عدم رضاه بما تفعله تلك الحمقاء ثم اخرج نقود من الحافظة الخاصة به وأعطاها له وسط دهشة (نهى) وما ان انصرف الميكانيكي حتى رمقته بنظرة غامضة لا تفهم سر ما حدث للتو وقالت له
- لستُ معتادة ان يتكفل شخصًا بمصاريفي تلك سيارتي وملزمة مني انا
شعر هو بالضيق من حديثها وهو يعيد حافظة نقوده لبنطاله وهو يقول
- كيف لكِ ان تقومي بإهانتي بتلك الطريقة؟! ثم انني لستُ شخصًا غريبًا، انا ابن عمك يا فتاة
صمتت لبعض الوقت فهي ليست معتادة على التصرف فى تلك المواقف ثم قالت
- ولكنك لست مضطرًا لتتحمل شئوني
هز رأسه بآسى على حديثها ذاك ثم قال بابتسامة هادئة
- لقد اتيت هنا بمفردي ولم يجبرني احد او يسلط علي احدهم مسدس كي آتي لكِ، وكنت على علم بأنه سيأخذ نقود لو لم اريد ان اتي فلا يوجد قوة تجبرني على ان آتي إليك
تظرت فى عينيه وقد شعرت بشعور غريب يبدو وانه ليس بذلك السوء الذى كانت تتخيله لذا قالت
- حسنًا .. حسنًا يا (يوسف) ايمكنك انت القيادة لأنني اشعر بالنعاس
فتح لها باب السيارة لكي تستقله فرفعت حاجبيها بإندهاش من تصرفه ذاك ولكنها ابتسمت لفعلته تلك ثم استقل هو الآخر السيارة لكى يعودا معًا إلى المنزل ..
❈-❈-❈
مر اسبوعًا كاملًا ..
كانت (لارا) تحاول فيه شغل افكارها بالعمل ليلًا مع نهارًا حتى لا يكون هناك وقت لتفكر بحياة الأحلام التي تعيش بها فعليها ان تمضي فى حياتها وان تنسى كل تلك الأحلام التى ليست منها اى فائدة، ولكن اتصل بها (ياسين) واخبرها بأنه يريد ان يتقابل معها كي يتحدث معها فى امرهم سويًا، شعرت حينها (لارا) ان الهروب ليس بأفضل حل وعليها المواجهة فلابد ان تتواجهه وتخبره بما تشعر بها اما ان تكمل معه الطريق او ان تنساه وتضع تركيزها في عملها، شعرت بالحيرة فعلًا فلا تعلم ماذا يجب عليها ان تقول له لذا تركت كل شئ لتلك المقابلة التى ستكون حاسمة ام ان تبدء من جديد مع شخص يحبها او تدفن نفسها فى عالم الأحلام الذي دخلته دون رغبة منها ..
يتبع...
