رواية جديدة عبير الليل لعلا السعدني - الفصل الأخير - السبت 18/10/2025
قراءة رواية عبير الليل كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية عبير الليل
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة علا السعدني
الفصل الأخير
تم النشر السبت
18/10/2025
(وجدته)
فى تمام الساعة الرابعة عصرًا نظرت (لارا) إلى الساعة التى بيدها فقد كان أمامها ساعة على ذلك الموعد الذي بينها وبين (ياسين)، فارتدت (لارا) بنطال جينز أزرق بسيط، وكنزة بيضاء ذات تصميم ناعم بأكمام طويلة أكملت إطلالتها بحذاء رياضي مريح وحقيبة كتف صغيرة، بينما تركت شعرها منسدلًا بحرية على كتفيها، ليمنحها مظهرًا عمليًا وأنيقًا في الوقت نفسه، القت نظرة اخيرة على نفسها بالمرآة وشعرت بالرضا عن نفسها ثم قررت الذهاب حيث ينتظرها (ياسين) لم تكن جهزت أى حديث لتقوله له حتى انها لا تعرف هل عليها رفضه كما رفضت الذين سبقوه ام عليها إعطاء نفسها فرصة لتجد فارس الأحلام الذي بمخيلتها، تنهدت بعمق ثم اتجهت نحو باب الشقة واستقلت المصعد بعدها هبطت بالأسفل واستقلت سيارتها واتجهت نحو المطعم الذى ينتظرها به (ياسين)، وجدته منتظرها على احدى الطاولات، فجلست أمامه وتأملته لبعض الوقت بصمت دون ان تتحدث فابتسم هو ابتسامة جذابة ثم قال
- لقد اشتقت لكِ
تجهم وجهها بعض الشئ ولم تكن تعلم بماذا عليها ان تجيبه لم يعبء بعدم ردها عليها وطلب من النادل الطعام ليتناولوا معًا طعام الغداء لكن (لارا) رفضت وطلبت كوب من القهوة فقط انصرف النادل من أمامهم ليعود لينظر فى عينيها مرة آخرى ثم قال بهدوء
- هل فكرتي فى امرنا سويًا؟! لقد انتظرت ان تهاتفيني منذ اسبوع مضى ولكنكِ لم تفعلي هل توافقين علي؟!
شردت (لارا) كثيرًا فهى فى موقف لا تحسد عليه الآن اما ان توافق عليه وحينها سيطاردها شبح (آدم) فى احلامها هل ستتخطى الأمر؟! ولكن كيف ستتخطى فخمسة احلام لم تتخطى فيهم وجود (آدم) ابدًا كما ان قلبها لم يميل نحو (ياسين) ولو سنتيمتر واحدًا كيف ستتخطى فارس احلامها الموجود الذي يخالف (ياسين) فى كل شئ ف (ياسين) شخصية و (آدم) شخصية آخرى ليس فقط فى الشكل الخارجي بل فى الحنان النابع من شخصية (آدم) في تعقبه حتي غيرته أكثر تقبلًا من غيرة (ياسين)، شعر بشرودها وعدم حديثها لذا سألها بهدوء
- هل افهم من ذلك انك ترفضيني؟!
استفاقت (لارا) من شرودها وعلمت ان عليها ان تجيبه فلا مفر ولا مهرب الآن لذا قالت بهدوء
- آسفة (ياسين) فمشاعري في الوقت الحالب متخبطة .. لا اشعر اننا مناسبان لبعضنا البعض
رفع حاجبه للحظة، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة مليئة بالتفهم
- يوجد شخص آخر فى حياتك؟!
هزت رأسها نافية وهى تقول
- لا لا يوجد أى شخص بحياتي .. ولكن لكل شخص مواصفات خاصة يتمنى ان يجدها فى شريك حياته، انا لم اجد ما ابحث عنه للآن
تناول كوبًا من الماء وأخذ رشفة صغيرة قبل أن يتحدث قائلًا
- بالطبع لكِ مطلق الحرية فى الرفض .. ولكني اشعر بالحزن حقيقة كنت اتمنى ان اكمل معاكِ حياتي
ازدردت ريقها بصعوبة وهي لا تعلم هل القرار الذي اخذته صحيحًا ام لا فهي تبحث عن سراب ف (ياسين) لا يشوبه شائبة فهو شخص مظهره جيد ليس ببخيل يغار عليها كثيرًا يحبها من قلبه ولكن تبًا لقلبها .. تبًا حقًا لذلك القلب الذي لا يشعر بأي مشاعر تجاهه وكأنه ليس الشخص الذى يريده، ربما ستندم لاحقًا على قرارها ذاك ولكن الأفضل ان تندم وهي وحيدة من ان تندم وهي معه او ماذا ستفعل لو قابلت فتى احلامها و (ياسين) مرتبط بها ستكون كارثة على قلبها لذا ابتلعت ريقها وقالت بهدوء تام
- اتمنى لك التوفيق من قلبي (ياسين) مع شخص يقدرك ويفهمك ويحبك من كل قلبه، فأنت تستحق الأفضل
صمت (ياسين) ولم يعرف بما عليه ان يجيب ولكنه تفهم تمامًا موقفها فالحب والزواج يجب ان يكون بمشاعر متبادلة فلا اجبار فى الحب ابدًا ..
❈-❈-❈
مر شهرًا كاملًا ..
كانت تشعر فيه انها افضل لأنها اصبحت تشغل وقتها بعملها ولا تفكر او تترك مساحة لنفسها لكي تفكر بأي علاقة عاطفية فلقد علمت جيدًا ان البحث عن فتى احلامها ليست مهمة سهلة ابدًا كما انك عندما تبحث عن شئ ما لا تجده، انما يأتى إليك حين تنشغل عنه واصبح شعار حياتها ان قدرها سيسوقها إلى من تحب دون عناء البحث عنه فلربما تجده وليس شرطًا ان يكون بمواصفاته الشكلية لربما تجده بمواصفاته الروحية وهو ما يهمها ان تشعر بنفس الدفا والحب الذي شعرت به فى احلامها لذا قررت ان تنساق وراء قدرها ولا تكلف نفسها ما لا تستطع ..
إما عن (يوسف) فقد تقرب اكثر واكثر من (نهى) واكتشف انها شخصية فريدة من نوعها تعطي طاقة إيجابية للجميع فتاة محبوبة ولطيفة خفيفة الظل متدينة فلا يعرف لما لم يرى فيها كل تلك المواصفات رغم انه يعلمها منذ ان ولدت ولكن حقًا احيانًا الشخص يبحث عن ما يريده فى المكان الخاطئ، رغم ان ما يتمناه أمام عينيه مباشرة ولكن ما كان يجعله لا يعترف بحبه لها انها كانت لا تكترث له او تعامله بطريقة اعتيادية شعر بحيرة فى امرها، فهي كانت تراه شخصًا عديم الفائدة ليس له أي قيمة، شخصية تحب ان تخبر الجميع بتفاصيل يومها، كان يعلم انه ليس الشخص الذي تتمناه، صحيح ان كانت ستحبه ستحبه كما هو دون ان يتغير ولكن على الشخص ان علم بعيوبه ان يغيرها من اجل نفسه ومن اجل من يحبونه ..
قرر ان يعترف لها بحبه وليكن وعليها ان تختار ان ترضى به او يبتعد عنها ولكنه لم يعرف أنه لن يتحمل الأختيار الثانى ابدًا ..
❈-❈-❈
جلست فى منزلها وهى تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها حتى استمعت إلى صوت جرس الباب، فنهضت من مكانها وفتحت الباب ظنًا منها انه عامل توصيل الطلبات، فقد طلبت بيتزا لتأكلها على الغداء حيث كانت تشعر بالجوع الشديد لكنها صُدمت حين وجدت (يوسف) أمامها افسحت له الطريق كي يدلف إلى الداخل وقالت بهدوء
- عمك ليس بالمنزل .. إن كنت اتيت من اجله
نظر فى عينيها السوداء وقال بهيام واضح
- اتيت من اجلك انتِ؟!
عقدت حاجبيها بدون فهم لحديثه ونظراته الغريبة تلك ولكنها اشارت له أن يدخل إلى الداخل ثم سارت خلفه بعد ان اغلقت الباب، جلست بجواره على الأريكة وهي تسأله
- ما الأمر؟! هل حدث شئ ما معك؟!
- اين والداتك؟!
هزت رأسها متفهمة ظنًا منها ان الأمر سري ولا يريد لأحد ان يستمع إلى حديثه لذا قالت
- اطمئن والداتي بالداخل .. تحضر الطعام .. اخبرني هيا ما الأمر معك
اعتدل فى جلسته لينظر لها مباشرة وقال بمرواغة
- هل رأيتي الحالة الخاصة بي على تطبيق الواتساب؟!
انزو ما بين حاجبيها بعدم فهم
هل جاء من اجل ان ترى الحالة الخاصة به على تطبيق الواتساب؟!
فعلم انها تستهزء به في داخلها فكتم تلك البسمة التي لاحت على شفتيه ثم قال
- يمكنك ان تريها اولًا .. بعدها ترمقيني تلك النظرة الساخطة
اخذت نفس عميق وهزت رأسها بآسى ولكنها قررت ان تلبي رغبته لذا أمسكت الهاتف الخاص بها، فتحت الحالة الخاصة به لتجد اكثر من فيديو قصير وبدأت بالمشاهدة حيث وجدته يتحدث قائلًا
- احيانًا يكون الشئ الذى حلمت به طوال حياتك أمام عينيك ولكنك لا تراه هذا ما حدث معي بالضبط، فاليوم وجدت شريكة الحياة التي اتمناها ان تكون زوجة لي وام لأطفالي، كانت دومًا أمامي ولكني لم اشعر ولم ارى تلك الفتاة، اتمنى ان توافق بي كي اصبح زوجًا لها، وسأكون الشخص الذي تتمناه ان أعطتني تلك الفرصة تلك الفتاة هى ابنة عمي (نهى)، تقبلين ان اكون زوجًا لكِ؟!
كانت عينيها مثبتتان على الشاشة بهدوء بينما الفيديو يتوالى أمامها حين انتهت من مشاهدة الفيديو، شعرت داخلها بمشاعر متضاربة، كأنها غير قادرة على تصديق ما رأته للتو، نظرت إلى (يوسف) الذي كان يراقبها بنظرات متلهفة، مليئة بالهيام، كانت عيناه غارقة في انتظار ردها كأن الوقت قد توقف بينهما ..
شعرت قلبها ينبض بسرعة، وكان الهواء في الغرفة اصبح ثقيلًا، كل كلمة كانت على وشك أن تخرج من فمها ستؤثر على كل شيء للحظة، شعرت وكأنها تاهت داخل نفسها، عقلها مشوش، لا تعرف ما الذي يجب أن تقوله أو كيف ترد عليه كانت ملامح وجهها تخلط بين الصدمة والخجل فابتسمت شفتاها بشيء من الارتباك قبل أن تخفض رأسها قليلًا، محاولًا إخفاء نظراتها عن (يوسف) ليحثها على الحديث قائلًا
- ما رأيك يا فتاتي؟!
ازدردت ريقها بصعوبة حين لقبها بفتاتي ولكنها قالت دون ان تنظر له
- كيف لي ان اصدقك وانت من مدة ليست بكبيرة كنت مغرمًا بصديقتي؟!
هز رأسه نافيًا وقال بصدق واضح
- لا لم أكن مغرمًا ب (لارا) عرضت عليها فقط الأرتباط من اجل الشهرة لكلانا ولكني لم اكن مغرمًا بها على الأطلاق، واحمد الله انها رفضت كي اعرفك اكثر واكثر واقع بغرامك انتِ
نظرت فى عينيه وهى لا تصدق ما تسمعه للتو لم يعترف لها احدًا من قبل بحبه بتلك الطريقة المميزة فهي شخصية صارمة واضحة لذا لا يفضلها العديد من الشباب وقد نست تمامًا امر الحب منذ زمن فعلى الرغم من ان ملامحها مميزة وفريدة ولكنها ليست رائعة الجمال ك (لارا) كي تكون محط جاذبية للرجال ولكنها ترى ان لا بأس بمظهرها لم يأتي لها عروضًا كثيرة للزواج ولكنها دومًا كانت ترفض من يتقدم لها لأنها لم ترى به ما تحلم به و(يوسف) هذا اخر شخص كانت تتخيله حتى ان يكون معها بمخيلتها، لن تنكر ان بالفترة الماضية اصبحت تراه بنظرة اخرى لذا حكمت عقلها قليلًا قبل قلبها وقالت بهدوء
- كيف استطاعت ان تعترف لي بحبك أمام الجميع بتلك الطريقة تلك لحظة خاصة عليها ان تكون بيني وبينك فقط .. هل تضعني فى مأزق حتى لأ أكون الشريرة التي رفضتك؟! لن تتغير حياتك مشاع بين الجميع
ابتسم ابتسامة هادئة فقد كان يتوقع ذلك الرد منها لذا أجاب يهدوء
- اعلم جيدًا انكِ تحبين الخصوصية ولا تفضلين ان تكون حياتك على الملئ مثلما افعل .. لذا احترمت رغبتك تلك الحالة تخصك وحدك لا احد سيراها غيرك .. انتِ تشتتيني يا فتاة لقد حاولت مرارًا ان اقولها لكِ فى وجهك ولكني لم استطع دومًا كنت اضع يدي على وجنتي خوفًا من ان تنزل يدك الجميلة تلك عليها
ضحكت (نهى) كثيرًا وهزت رأسها بآسى على ذلك البائس، فضاع هو فى ضحكتها تلك ووضع يده على قلبه وهو يقول
- كفي عن الضحك قلبي لا يتحمل
استعادت رزانتها وهي تشعر بارتباك واضح، فهو لن يتغير ابدًا، هو من يضعها في مأزق الآن، ماذا عليها أن تجيب، ليردف هو قائلًا
- ما رأيك صدقيني لن اجعل منك مادة على الصفحات الخاصة بي، سأحتفظ بكِ لنفسي يا فتاتي، ما رأيك؟
احمرت وجنتيها كقطعة طماطم ثم قالت وهى تشير بسبابتها نحوه
- حسنًا .. سأرى ان كنت مناسبًا لي ام لا .. اعطيني بعض الوقت كي ارى هل تناسبني ام لا؟
كانت لا تعرف ماذا عليها أن تقول حقًا، تلك اول مرة لها تشعر بالسعادة لأن أحدهم اعترف لها اعترافًا مميزًا كهذا، اضيقت عيناه وهز رأسه نافيًا
- ان كنتِ موافقة فاليوم سيكون زواجنا
اتسعت عيناها بعدم تصديق وهي تضع يدها على فمها ثم قالت
- انت مجنون (يوسف) .. اعطني بعض الوقت .. لا اريد إفساد العلاقة العائلية التي بيننا
أجابها بأصرار واضح
- عليكِ الموافقة لن اسمح بالرفض من الأساس
ابتسمت قليلًا فلم تشعر من قبل ان احدهم يحبها بتلك الدرجة ويصر عليها ذلك الأصرار ولكن يعجبها الأمر وليس الأمر وحده بل يعجبها كونه من (يوسف) دونن عن اي شخص لن تنكر حتى بينها وبين نفسها انه تغير كثيرًا فى الفترة الماضية ويبدو انه تغير من أجلها وحدها فهزت رأسها إيجابًا وهى تقول
- حسنًا موافقة
زادت بسمة (يوسف) التى زينت ثغره واقترب منها قليلًا وهم ليمسك يدها ولكنها نهضت مسرعة حين سمعت صوت الباب وهى تقول بسعادة
- لقد وصلت البيتزا الخاصة بي
زفر بضيق على تلك الفتاة يعلم جيدًا انها ستعذبه مرارًا وتكرارًا حتى يظفر بها، فاتجهت نحو الباب مسرعة وفتحت الباب لتجد فتى توصيل الطلبات أمامها، اخذت منه علبة البيتزا وهى تشكره ثم وضعتها جانبًا على مسند معلق فى الحائط بجوار الباب وقامت لتخرج المال من جيب بنطال البيجاما الخاصة بها، في ذلك الوقت كان قد اتى (يوسف) ووجد ذلك الفتى يتفحصها وهى أمامه فأشتعلت عيناه غضبًا ثم قام بسحب (نهى) خلف ظهره ووجه حديثه نحو الفتى
- علاما تنظر؟
ثم اخرج من جيب حافظته النقود واعطاها له ملقيًا إياها فى وجهه ثم اغلق الباب دون النظر له حتى إليه، ثم التفت إلى (نهى) وهو يمسك رسغها قائلًا
- لا تفتحي الباب ابدًا بتلك الملابس
رمشت بعينيها غير مستوعبة ما يحدث للتو فهي حتى ترتدي حجابها أعلى تلك البيچاما الطويلة التي لا تظهر حتى مفاتنها، ليقول بغضب
- ادخلي بالداخل واستمعي إلى حديثي جيدًا لأنه لو لم ينفذ ستكونين فى عداد الأموات
ازدردت ريقها بصعوبة ولكنها استمعت إلى حديثه وتوجهت نحو الداخل فابتسم هو بنصر ثم حدث نفسه قائلًا
- انتِ لم ترى الوجه الآخر منى بعد يا فتاتي ..
❈-❈-❈
مر شهرًا اخر ..
كانت (نهى) قد اخبرت فيه (لارا) بمشاعرها التي اصبحت تنمو تجاه (يوسف) وانه بنهاية ذلك الشهر سيتم عقد قرانهم، فشعرت (لارا) بسعادة من اجل صديقتها التي اخيرًا وجدت شريك حياتها وتمنت فى اعماقها ان تجده هى الآخرى ..
كانت (لارا) مدعوة بالطبع فى حفل زفاف (نهى) ارتدت فستانًا أنيقًا يعكس ذوقها الرفيع وجمالها الطبيعي، اختارت مكياجًا هادئًا يبرز ملامح وجهها بشكل طبيعي كانت تبدو في غاية الجمال والأنوثة، وجدت (نهى) أمامها بالقاعة كانت ترتدي فستان الزفاف الأبيض حيث كانت رائعة الجمال بدت وكأنها أميرة من اميرات ديزني، شعرت بالسعادة من اجلها وهى تجد (يوسف) بجوارها عينيه تلمعان من الحب الصادق الذي يكنه لها ظلت تتطالعهم وكأنها تشاهد فيلمًا سينمائيًا نهايته سعيدة تمنت لها فى اعماقها حياة هانئة دون اي مشاكل ..
فى تلك اللحظة كان (يوسف) يرقص مع (نهى) وسط القاعة والعيون متوجهة تجاههم، شعرت بالخجل كثيرًا لأنها محط انظار الجميع، ابتسم (يوسف) عليها وعلى هيئتها لأنه كان يعلم جيدًا انها لا تحب ان تكون محط انتباه الجميع، فقال ليخفف عنها من حدة توترها
- اود ان احتفظ بكِ داخلي حتى لا تشعرين بذلك الخجل الذى يجعل منك امرأة فاتنة امام الجميع
طالعته بدهشة لأنه يفهم ما يدور برأسها وقالت
- كيف علمت؟!
- انتِ كتاب مفتوح بالنسبة لي (نهى) .. لست حتى افهمك دون النظر إليك بل انا اشعر بما تشعرين به فانا نصفك الأخر يا فتاتي؟
توردت وجنتيها ليقول هو محذرًا
- علي ان امسك لساني حتى نذهب إلى منزلنا كي لا تتوردين كثيرًا وتصبحين اكثر جمالًا وفتنة بتلك الطريقة
ضربته بقبضة يدها الصغيرة فى صدره وقالت
- توقف ارجوك توقف
- حسنًا حبيبتي سأصمت حتى نذهب إلى منزلنا واقول لكِ كل ما اشعر به تجاهك سينتهي الكلام وانا لم اعبر جيدًا عن مدى حبي لك
شعرت بسعادة بالغة وهي لا تصدق انها وجدت من يحبها بتلك الطريقة وتمنت ان تعيش معه ما تبقى من عمرها فهي ايضًا اصبحت مغرمة به ولا تستطيع العيش بدونه ابدًا ..
فى تلك الأثناء كانت (لارا) متجهة نحو الخارج لكي تعود للمنزل، خرجت نحو الخارج وهي هائمة على وجهها وفي طريقها للخارج استمعت إلى احدهم يقول
- هيا يا (آدم) لقد تأخرنا كثيرًا على الفرح
عندما استمعت اسم (آدم) شعرت بوغزة فى قلبها ورفعت رأسها كي ترى من ذلك لكنها صُدمت حين رأته فلم يكن ما تتمنى فهو لا يشبه (آدم) فى أي شئ، ابتسمت قليلًا وضربت رأسها بخفة، فهي كمن تبحث عن إبرة فى كومة من القش، نظرت للأعلى وهى تقول بصوت خافت
- كيف لؤ ان انسى شخصًا لم اقابله حتى يومًا كيف تعلقت به كل ذلك التعلق يا فتاة ..
ثم اتجهت نحو السيارة الخاصة بها واستقلتها لتعود إلى المنزل وإلى حياتها الطبيعية ..
❈-❈-❈
فى صباح اليوم التالي ..
قررت (لارا) الذهاب إلى المكتبة التى تنتقي منها كتبها فالأشهر الماضية كانت منشغلة للغاية فى الفيلم الذي تقوم به مع (جاسر الكيلاني) كما انها كانت منشغلة مع (نهى) فى زفافها لم تعلم كم مضى من الوقت ولم تذهب إلى مكانها المفضل الذي كانت تبتاع منه كتبها المفضلة لقد افتقدت كثيرًا صاحب المكتبة الذي كانت تعتبره بمثابة والدها، دلفت إلى المكتبة للداخل، يبدو ان صاحب المكتبة قام ببعض من التحديثات بها فقد اصبحت زاهية بألوانها الجديدة واللافتة الجديدة المعلقة عليها بحثت فى ركن من المكتبة عن كتب تبتاعها فقد اشتاقت القراءة التى تجعلها تبحر فى سماء الخيال تهرب من قيود الواقع وتعيش بين صفحاتها عوالم لم تطأها قدم حتى شعرت بأحدهم يقف خلفها وهو يقول
- لا اصدق عيناي .. اخيرًا تذكرتى عمك (ضياء) ايتها الشقية
شعرت بسعادة بالغة وهى تستمع إلى صوته ثم التفتت ببطء وهي تقول
- لقد اشتاقت لك كثيرًا ولكني كنت منشغلة الفترة الماضية كثيرًا .. كان لدي الكثير من الأعمال
ابتسم (ضياء) بهدوء ثم قال
- لا عليكِ بنيتي .. ولكني اشتاقت كثيرًا للحديث معكِ حقًا .. اذهبي واجلسي على المكتب هناك سأعد لنا كوبين من الشاي كي نتحدث كما كنا فى السابق
ابتسمت بهدوء ثم توجهت نحو المكتب الخاص به وجلست وهي تتفحص ارجاء المكتبة بعينيها فقد اشتاقت كثيرًا لذلك المكان الذي كانت تأتيه كل اسبوعًا تقريبًا حتى وجدت صورة على مكتبه امسكتها بيدها لتنظر من بها فلابد وانها تخص عم (ضياء) ولكنها صُدمت للغاية حين وقعت عينيها على الصورة فقد كانت صورة ل (آدم)، ازدردت ريقها بصعوبة ولم تستطع ان تستفيق من تلك الصدمة البالغة لها حتى اتى (ضياء) بكوبين الشاي، وضع أمامها واحدًا وجلس في المقعد المقابل لها وهو يمسك الكوب الخاص به شعر بإندهاشها من تلك الصورة فابتسم ثم قال بهدوء
- هذا ابني (آدم) .. لقد حدثتك عنه من قبل
اندهشت (لارا) وحاولت استعادة توازنها الذي اختل ثم وضعت ايطار الصورة على المكتب مرة آخرى وهى تعقد حاجبيها بعدم فهم، ثم رددت دون وعي منها
- حدثتني عنه من قبل؟!
ارتشف (ضياء) من كوب الشاي الخاص به ثم قال
- انتِ صغيرة يا فتاة هل اصابك الزهايمر ام ماذا؟! .. نعم حدثتك من قبل عنه .. عند بداية معرفتي بكِ اخبرتك ان لدي ابن ويعمل كقبطان اسمه (آدم) يبدو وانك نسيتي
شعرت بغرابة من حديثه فهي حقًا لا تتذكر ربما لأنها تعلم (ضياء) منذ ان كانت بالجامعة وكانت تأتى له دومًا بعد انتهاء محاضراتها ولكن ظهرت على شفتيها شبح ابتسامة ايعقل .. ايعقل ان يكون (آدم) شخصًا حقيقيًا وليس من مخيلة رأسها فتى احلامها الذي تحلم به دومًا هو شخص حقيقي ليقاطع تخبط افكارها حديث (ضياء) قائلًا
- ولكنه يسافر كثيرًا لذا اعتقد انك لم تريه يومًا وجهًا لوجه ولكنى اضع صورته هنا دومًا بالمكتبة لأنى اشتاق له كثيرًا
ابتسمت ابتسامة واسعة وشعرت بسعادة بالغة ثم ظلت تثرثر معه لبعض الوقت بعدها ابتاعت بعضًا من الكتب وانصرفت وهى تفكر هل ما يحدث هذا حقيقي ام حلم آخر تحلم به ..
حقًا عالم الأحلام عالم لم يستطع احد تفسيره حتى الآن، فهو كمعجزة تحدث لنا يوميًا نعيش فى عالم آخر به بتفاصيل مختلفة واحيانًا نرتبط بتلك الأحلام ونشعر وكأنها حقيقية ونتفاعل معها اثناء نومنا، فالعقل الباطن له قدرة مذهلة على تخزين المعلومات التي تمر على يومنا مرور الكرام ولا نتذكرها ايعقل ان تكون هي قد رأت تلك الصورة من قبل ولم تتذكرها إلا فى خلال احلامها كما انها احتفظت بأسمه فى عقلها الباطن ..
ان اختيار شريك الحياة لأمر محير وعلى الرغم من صعوبته إلا انه قدر محتم يحدث يوميًا بين ملايين الأشخاص عندما ترى ذلك الشخص تشعر بأن ذلك هو نصفك الآخر الذي ستُكمل معه حياتك، صحيح ان احيانًا يحدث فراق ولكن قدرك ومصيرك وذكرياتك سيظلوا مرتبطين بذلك الشخص حتى لو كانت ذكرى عابرة ..
وضعت (لارا) يدها على قلبها لا تعلم ماذا عليها ان تفعل الآن فما تمنته قد وجدته وما حلمت به اصبح واقعًا ولكن بالتأكيد ستراه يومًا ما، ففي كل حلم ترك بصمته داخلها، تعلم جيدًا ان فى اول حلم عندما سُجنت باتت متأكدة انه كان سُيهربها من ذلك السجن وفى الحلم الثاني سيسامحها على هربها منه بالتأكيد وفي الحلم الثالث كانت ستفعل المستحيل كي يتذكرها ويحبها من جديد وفي الحلم الرابع اهون عليها ان تعيش معه بضعة ايام بسعادة حقيقية من ان تعيش مع (يوسف) طيلة العمر مخدوعة، وفي الحلم الخامس كانت لن تتركه يذهب وحيدًا بل كانت ستفعل المستحيل كي يغفر لها ..
باتت على يقين ان قدرها هو الذي ساقها لشريك حياتها وسيتوج ذلك الحب بالزواج فى يومًا ما ..
❈-❈-❈
اغلق (آدم) الكتاب الذى يقرأه داخل المكتبة الخاصة بوالده وهو يبتسم ببلاهة
- كم انتِ بلهاااء
تلك الفتاة التي بحثت عن احلامها في الواقع لا يعلم لما جذبت انتباهه تلك الفتاة بجنونها وعفويتها وبلهاتها، كان كل شئ فيها مميز حتى مظهرها تخيله ايُعقل ان يفعل مثلها هى تتعلق بفتى احلامها وهو تعلق ببطلة رواية هز رأسه نافضًا تلك الأفكار السخيفة من رأسه فهو لم ولن يجد فتاة مثلها، اخذ نفس عميق وقرر ان يرتب المكتبة من جديد فمنذ وفاة والده منذ ستة اشهر لم يدخل احد تلك المكتبة فعليه اعادة ترتيبها ولكن ذلك الكتاب كان داخل صندوق من صناديق المكتبة بحث عن كتب مثله من نفس الطابعة والغلاف كي يرتبهم ويضعهم على الأرفف ولكنه لم يجد اضيقت عيناه وتفحص ذلك الكتاب جيدًا فلا شئ مكتوب عليه غير (عبير الليل) قام بمشاهدة ظهر الكتاب لعله يكتشف تفاصيل اكثر عن ذلك الكتاب لكن لم يجد شئ سوى انه محفور على غلاف الكتاب حيث كان من الجلد القوى
- عليك ايجادي (آدم) كما وجدتك .. ابحث عن (لارا)
تمت ..
