رواية جديدة ترنيمة حب الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة لفاطمة الزهراء - الفصل 30 - الأحد 26/10/2025
قراءة رواية ترنيمة حب الجزء الثاني من روابة قلوب ضائعة كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ترنيمة حب
الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الزهراء
الفصل الثلاثون
تم النشر يوم الأحد
26/10/2025
أسوأ الفترات حزنًا هي التي يكون فيها حزنك بينك وبين روحك فقط، لا أحد يعلم مافي داخلك لأنك لم تبُح.. فيظنّون أنك في نعيمٍ من أمرك ويُلقون عليك أشياءً لا تطيقها.
كان نزار يسير بخطوات هادئة عندما وجد شيئًا يلمع على الأرض وسط الحشائش، فاقترب وأضاء بهاتفه ليكتشف أنها السلسلة. أخذها ونظر إليها بابتسامة هادئة بعدما تأكد من أن زوجته داخل المنزل. ومع ذلك، أثار عدم وجود الحراس في الخارج شكوكه، فأرسل رسالة إلى جسار ليخبره بأن علياء داخل المنزل. وبعد ذلك، تلقى رسالة من مالك يخبره فيها أن الشرطة قادمة، محذرًا إياه من أن يفعل أي شيء خاطئ.
في الداخل، كانت علياء جالسة في الغرفة، تتطلع للخروج إلى الحديقة مرة أخرى. وبينما كانت تتجه نحو الباب، وجدت كريم يقف أمامها، وكأنه كان قادمًا إليها تحديدًا. تراجعت للخلف بتوتر وهتفت:
ـ كفاية، ابعد عني، متخوفنيش منك أكتر من كده.
حاول كريم وضع يده على رأسها، لكنها نظرت إليه بغضب شديد وتحدثت بحدة وتحذير:
ـ أنت بجد مش طبيعي، كريم، صدقني لو نزار وصل هنا مش هيرحمك. سيبني أمشي وأوعدك مش هقول حاجة عنك. إنت بتضيع نفسك زيادة وبتخسر مكانتك وقيمتك وسط الناس.
أردف كريم بصوت هادئ وضعيف، كأنه كان فاقد النطق منذ زمن وعاد إليه الآن:
ـ نزار مش بيحبك، هو عاوز يتحكم فيكي ويقضي على أحلامك. خليكي معايا، وهنسافر سوا، نبعد عن الكل ونعيش حياة جديدة خاصة بينا. أنا هطلب من وليد يساعدنا نسافر بسرعة.
رغم صدمة علياء من حديث كريم، إلا أنها حاولت تدارك الأمر حتى لا يظن كريم أن حديثه صحيح. نظرت له بدهشة وأجابت:
ـ إنت متوقع هوافق أسافر معاك وأسيب نزار وأولادي؟ طيب لو قُلت إني موافقة أسيب نزار، هسيب ولادي إزاي؟ كريم، أرجع لعقلك بقى وفكر بهدوء. إنت بتقول إنك بتحبني، واللي بيحب حد مش بيأذيه زي ما إنت بتعمل دلوقتي. وهقولها لأخر مرة: أنا محبتش في حياتي كلها حد غير نزار، ومستحيل أحب حد غيره. سمعت!!
دفع كريم الباب بعنف ومنع علياء من إغلاقه، وتحدث بصوت غاضب ومهدد:
ـ أنسى نزار، إنتِ هتعيشي معايا.
سمع وليد الأصوات العالية من الخارج، فخرج من غرفته واتجه ناحية الغرفة التي كانت تأتي منها الأصوات. وجد كريم في غرفة علياء، وكانت علياء تبكي وتتوسل إليهم:
ـ إنتوا عاوزين مني إيه؟ كفاية بقى، اخرجوا برا ومش عاوزة أشوف حد فيكم تاني.
أخرج وليد كريم من غرفة علياء، وأغلقت علياء الباب وراءهما بإحكام، وهي تحاول تهدئة نفسها. في غرفة وليد، جلس يفكر في طريقة للهروب من هذه الأزمة، ووجد أن الهروب عن طريق البر هو الحل الأمثل. سيحصل على جوازات السفر، ويعبرون الحدود الليبية، ثم يتوجهون إلى أمريكا، حيث سيكونون بعيدين عن أي خطر.
داهمت الشرطة المكان وانتشرت قواتها لمنع وليد من الفرار. كان نزار يشعر بقلبه يخفق بقوة، واقترب منه مالك والضابط، الذي تحدث بلهجة جادة وحازمة:
ـ دقايق وهننفذ المهمة، بس أرجوك بلاش تهور. المكان غريب ومفيش حراسة هنا، علشان كده عاوزين نتعامل بحذر. اطلع مع مالك وأوعدك مراتك هتكون معاك في أقرب وقت.
رغم تردد نزار في البداية، إلا أنه اتجه للخارج برفقة مالك، ليجدوا آسر وجسار ينتظرونهم أيضاً. بدأت القوة بمداهمة المكان، حيث اقتحم الضابط المنزل بعد إطلاق رصاص حي على الباب. وقف وليد ونظر إلى كريم بقلق، بينما كانت علياء في غرفتها، ورغم خوفها في البداية بعد سماعها لأصوات الرصاص، إلا أنها أبت الخروج من الغرفة. بدأ الجنود يقتحمون الغرف الموجودة، ليصلوا إلى غرفة كريم الذي وقف خلف وليد، وتحيط بهم عدد من الجنود حتى لا يحدث أي هجوم بينهم، وتم القبض عليهم.
تم تقييد أيديهم بالأصفاد الحديدية، واقترب الضابط من الغرفة وطرق الباب عدة مرات. كان كريم يريد الانقضاض عليه، لكن الضابط تحدث من الخارج قائلاً:
ـ افتحي الباب، إحنا من الشرطة، ومفيش داعي للخوف.
رغم ترددها في البداية، إلا أنها اتجهت إليهم بخطوات ضعيفة، وتشعر أن ما يحدث معها الآن ما هو إلا حلم وستفيق منه بعد قليل. فتحت باب الغرفة ونظرت للضابط بخوف، ليتحرك الجميع نحو الخارج. أثناء خروج وليد وكريم من المنزل، وقبل ركوبهم سيارة الشرطة، اتجه نزار إليهم وبدأ يضرب كريم بقوة. استطاع جسار وآسر وبعض الجنود الفصل بينهم، ورغم غضب جسار الشديد، إلا أنه تماسك وتدارك الأمر بسرعة، فقد قرر أن يأخذ حقه منهم بالقانون، وأقسم ألا يتركهم يعيشون بسلام.
بعد دقائق قليلة، خرجت علياء برفقة الضابط، وكانت تنظر لزوجها بعيون دامعة. اقترب منها زوجها وضمهـا بقوة، وتمسكت به بخوف شديد. لكن فجأة، تراخت بين يديه، ونظر لها ليجدها فقدت الوعي. حملها بسرعة واتجه بالسيارة إلى المستشفى، وذهب آسر معه. في حين بقى مالك وجسار مع الضابط، وتحدثوا معه لبعض الوقت. قبل رحيل الضابط، قال لهم:
ـ ياريت أول ما تطمنوا على وضع علياء، تيجوا القسم علشان ناخد أقوالها ونحول القضية للنيابة.
قال مالك بجدية، موجها الشكر لباسم:
ـ أكيد يا باسم، أول ما نطمن على علياء هتكون عندك، وعاوز أشكرك مرة تانية على مساعدتك لينا.
غادر الضابط، واتجه مالك وجسار إلى المستشفى للاطمئنان على علياء. بعد فحص الطبيبة لعلياء، نظرت إلى نزار بهدوء شديد، مما جعله يشعر أن هناك شيئًا خطيرًا حدث لزوجته. خرجت الطبيبة إليهم وقالت:
ـ أنا كنت قولتلك قبل كده إن علياء مش هتتحمل الفترة دي بسبب التسمم اللي حصلها قبل كده. دلوقتي اكتشفت إنها حامل في شهر، بس للأسف الحمل هيروح بسبب الضغط اللي مرت بيه والإجهاض. لو كان الحمل كمل، كان هيبقى فيه خطورة على حياتها. أنا هجهزها دلوقتي علشان تدخل أوضة العمليات.
أومأ نزار للطبيبة، وفضل الانتظار في الخارج، غير قادر على تحمل رؤية زوجته في هذه الحالة الحساسة مرة أخرى. شعر وكأنه يعاقب على شيء غير معروف، مع تكرار فقدانه لجنين لم يكتمل. في هذه الأثناء، وصلت فاطيما وشاهي بعد أن أخبرهما آسر بما حدث. وقفت فاطيما بجانب نزار ومسكت يده، فنظر لها بحزن. ثم جاءت الممرضة لتخبره أن علياء تريد رؤيته قبل العملية، فذهب معها، وكأن هذا الحلم السيئ لن ينتهي.
دخل نزار مع الممرضة إلى غرفة التعقيم، فوجد زوجته تبكي وتنظر إليه بعيون دامعة. اقترب منها وملس على رأسها برفق، فقالت بصوت ضعيف وباكي، وهي تضع يدها على بطنها:
ـ نزار، أرجوك، بلاش نخسر ابننا ده كمان. هعمل كل اللي الدكتورة تقول عليه، أرجوك.
ضم نزار يد علياء وقبلها، ثم قبل جبينها، وقال بهدوء وهو يحاول تهدئتها:
ـ علياء، اهدي، إحنا للأسف خسرنا الجنين، لكن مش هنقف هنا، قدامنا سنين كتير وهنجيب أولاد كتير. افتكري كلامك اللي قولتيه، ده اختبار ولازم نصبر ونقبل النتيجة.
ظلت علياء صامتة، واكتفت بدموعها التي تنهمر بدلاً من الكلام. بعد لحظات، غادر نزار الغرفة ووقف أمام غرفة العمليات، وانضم إليه مالك وآسر وجسار. جلست فاطيما بسبب شعورها ببعض التعب، فيما كان جسار يراقبها بهدوء، مدركًا أن المواجهة القادمة بينهما لن تكون بسيطة. بعد حوالي نصف ساعة، خرجت الممرضة من الغرفة لتخبرهم أن عملية الإجهاض تمت بنجاح، وسيتم نقل علياء إلى غرفة عادية لترتاح.
اقترح زياد أن الغرفة التي ستُنقل إليها علياء تحتوي على سريرين، بحيث يمكن لفاطيما أن تبقى معها، بدلاً من تشتت الجميع بين الغرف، وأيضًا لتقديم الدعم لعلياء في هذه المحنة الصعبة التي تمر بها.
دلف نزار إلى غرفة علياء وقبل جبينها بحنان، وظل ينظر إليها بعمق دون أن يجد الكلمات المناسبة لبدء الحديث. لكن علياء بادرته بدموعها قائلة:
ـ أنا آسفة يا نزار، معرفتش أحافظ على ابننا للمرة التانية. عارفة إني مسؤولة عن اللي حصل، سامحني.
تنهد نزار تنهيدة حارة وقال بهدوء، وهو يمسح على شعرها برفق:
ـ قولتلك قبل كده يا علياء، ده اختبار من ربنا واحنا راضيين بيه. وعندنا 3 أولاد حلوين، وإن شاء الله هيبقى عندنا غيرهم.
قالت علياء بحزن، وهي تنظر إلى نزار بعيون دامعة:
ـ مش عاوزة تعرف إيه اللي عشته في الفترة اللي فاتت؟
في لحظة كانت على وشك أن يرد فيها نزار، دخل جسار إلى الغرفة برفقة كِنان، وقال كِنان بمزاح:
ـ احنا تعبنا من الوقفة برا، وفاطيما كمان عايزة ترتاح، خلاص بقى كفاية.
دلفت فاطيما خلفهم برفقة شهد وفيروز، وهتفت بهدوء:
ـ أنا ماليش علاقة بيه، هو اللي بيعاكس فيكم.
اقتربت فاطيما من علياء وضمّتها بحنان، وهتفت بصوت هادئ:
ـ متنازلة ليكي عن جاسر دلوقتي، لكن بعد خمس سنين هاخده منك، موافقة؟!
ابتسمت علياء لكلمات فاطيما الطيبة، معربة عن تقديرها لمحاولاتها في التخفيف عنها، وردت عليها بابتسامة مرحة:
ـ لا هاخده على طول، وخدي عاليا وفريدة عرض خاص مني ليكي.
تحدثت بابتسامة، وهي تنظر إليها:
ـ هنناقش الصفقة دي بعدين.
ابتسمت لفاطيما، واتجهت إلى سريرها، بينما كان الجميع يحاول التخفيف عن علياء. في المساء، غادر الجميع، وظل نزار وجسار مع زوجاتهم. بعد ذلك، جاء الضابط لأخذ أقوال علياء، خاصة بعد إنكار وليد الاتهام الموجه إليه بخطفها. أراد نزار البقاء معها ليعرف ما تعرضت له في الأيام السابقة، لكن الضابط رفض، وسمح لفاطيما فقط بالبقاء معها بسبب وضعها الصحي. بدأ التحقيق مع علياء بعد ذلك.
بدأ الضابط بأخذ أقوال علياء، ورفضت توجيه اتهام لكريم أو وليد بمحاولة خطفها. رغم تعجب فاطيما من رفض علياء توجيه الاتهام لهم، لكنها قررت التحدث معها بعد مغادرة الضابط بدا التحقيق مع علياء، التي رفضت توجيه اتهام لكريم أو وليد بخطـ.ـفها. أثارت هذه الاستجابة تعجبت فاطيما، التي قررت التحدث معها لاحقًا بعد مغادرة الضابط. بعد انتهاء التحقيق، خرج الضابط وأخبر نزار وجسار بما حدث، فغادر نزار الممر غاضبًا بسبب موقف زوجته.
في وقت سابق
في القسم، باشر الضابط التحقيق مع وليد، الذي نفى أي علاقة له بخطف علياء، مؤكدًا أنها حضرت إليه طواعية. بعد ذلك، تم استجواب كريم، لكن محاميه نجح في تبرئته من خلال تقديم وثائق طبية تثبت عدم قدرته على ارتكاب الجريمة.
بعد انتهاء التحقيق مع وليد، قرر الضابط حبسه أربعة أيام احتياطيًا على ذمة القضية. وفي المقابل، غادر كريم القسم برفقة محاميه، ليعود إلى المصحة مرة أخرى بناءً على طلب وليد.
❈-❈-❈
بعدما غادر الضابط، التفتت فاطيما إلى علياء وسألتها بجدية:
ـ ليه رفضتي توجيهي اتهام ليهم؟ كده ممكن يأذوكِ مرة تانية نزار مش هيسكت يا علياء.
تنهدت علياء بعمق وقالت بارهاق:
ـ الموضوع مش سهل يا فاطيما، عارفة إنهم غلطوا، بس...
اقتحم نزار الغرفة، واتجه بنظره الغاضب نحو علياء، وسألها بخشونة:
ـ ليه؟ ايه السبب اللي يخليكي تتنازلي عن المحضر؟
حاولت علياء تهدئة الموقف، فأجابت نزار بتوتر:
ـ نزار، اسمعني من فضلك. أنا مش هقدر أعمل غير كده، كريم تعبان و وليد فكر إنه بيحاول يساعده. إنت دايمًا بتفكر في كل حاجة قبل ما تعمل أي حاجة، و أنا عارفة إنك مش هتسيب الموضوع ده.
حاول نزار التحكم في غضبه، فأغمض عينيه وأردف بلهجة حازمة:
ـ تمام، أول ما الدكتورة تطمني عليكي، هترجعي لندن، وقراري نهائي مش هتنزلي مصر تاني.
حاولت علياء أن تتكلم وتبرر موقفها، لكن نزار غادر الغرفة فجأة، فبدأت في البكاء. اقتربت منها فاطيما، وهمست لها بهدوء:
ـ اهدي يا علياء، نزار هيهدى، ورد فعله ده عادي، هو بيحبك وبيخاف عليكي.
استمرت في البكاء، محاولةً التكيف
مع غضب نزار منها، رغم أنها كانت تحتاج إلى وجوده بجانبها في تلك اللحظة. بعد فترة طويلة من البكاء، استسلمت للنوم، وعادت فاطيما إلى سريرها، غارقة في التفكير فيما يحدث حولها.
في الخارج، كان جسار جالسًا أمام الغرفة، وقد استمع إلى الحوار الذي دار بين نزار وعلياء. على الرغم من غضبه منها، إلا أنه فضل عدم التحدث معها في وجود زوجته، خوفًا من اكتشاف سر زواجه، الذي قد يغير كل شيء.
في تلك اللحظات، اتصل نزار بآسر، وطلب منه مراقبة وليد بعد الإفراج عنه من القسم، واكتشاف المكان الذي سيذهب إليه، ليتمكن من مواجهته في اليوم التالي.
اتجهت فاطيما إلى الخارج حيث كان نزار وجسار، وبدت عليها علامات القلق، متسائلة عن السر الذي يخفونه. رغم مشاعر الغضب التي تكنها لجسار، إلا أنها فضلت إعطاء نزار مساحة للتعامل مع علياء، خاصة أنها تعلم أن غضبه مبرر، لكنها لا تجد سبيلًا للمساعدة في الوقت الحالي.
تحدثت بهدوء وهي تنظر لزوجها:
ـ عاوزه أروح الحضانة أشوف جاسر.
أومأ جسار برأسه بالموافقة، ونهض ليرافقها إلى الحضانة لرؤية جاسر. أثناء سيرهما، حاول التحدث إليها بجدية:
ـ فاطيما، كفاية بقى النظرة دي، خلينا ننسى اللي فات، وأوعدك...
رفعت يدها بحدة، وقالت بسخرية لاذعة:
ـ للأسف يا جسار، المرة دي مش هسامح ولا هنسى، مهما كانت المبررات. في الوقت اللي كنت محتاجة فيه وجودك جنبي ومعايا، كنت بتبعد عني أكتر. عارف ايه الفرق بين المرة الأولى ودلوقتي؟ الفرق إن وقتها كنت لوحدي، لكن دلوقتي فيه ولادي اللي محتاجين وجودك أكتر مني. إنت اللي نهيت كل حاجة بينا بقرارك، مش أنا. لما أطمن على جاسر ويخرج من هنا، هسافر لندن مع نزار. وقت ما تحب تشوفهم، مش همنعك. وياريت كفاية كلام في الحكاية دي لو سمحت.
ذهبت فاطيما مع جسار إلى الحضانة، وما إن رأت جاسر حتى ابتسمت، فقد أظهر تحسنًا ملحوظًا عن الأيام الماضية. تقدمت الطبيبة، وأخرجت جاسر من الحاضنة، وسلمته إلى فاطيما التي ضمته بحنان وقبلت جبينه. قالت الطبيبة بابتسامة مشجعة:
ـ حالته دلوقتي أفضل بكتير عن الأسبوعين اللي فاتوا، لو استمر كده، هيخرج آخر الأسبوع.
احتضن جسار وجه ابنه بحنان، وابتسم له، قبل أن تعيده الطبيبة إلى الحضانة، وتغادر فاطيما معه إلى الغرفة.
بعد لحظات، دخل نزار إلى الغرفة، ووجد علياء غارقة في نومها، فقرر تجاهلها، وجلس على كرسي في طرف الغرفة، عازمًا على جعلها تدرك خطأها.
بعد عودة فاطيما وجسار، نظرت إلى نزار بشفقة، وهي تعلم مدى عناده، فاستلقت على السرير، بينما جلس جسار على كرسي بجانب نزار، وعمّ الصمت الغرفة، فالجميع يحتاجون إلى الراحة بعد كل ما مروا به.
خرج وليد ورامي من القسم بعد الإفراج عنهما نتيجة تنازل علياء عن المحضر. توجه كل منهما إلى منزله، بينما كان وليد منهكًا ولم يلحظ السيارة التي كانت تراقبه عن بعد. بعد وصوله إلى منزله بأمان، استمرت السيارة في مراقبة المكان لتتابع تحركاته بدقة.
❈-❈-❈
في صباح اليوم التالي، قامت الطبيبة بزيارة علياء وفاطيما لتقييم وضعهما الصحي، ووجدت تحسنًا ملحوظًا. أفادت أن فاطيما ستبقى في المستشفى حتى نهاية الأسبوع لمتابعة حالة ابنها، بينما يمكن لعلياء الخروج بعد الاطمئنان عليها في نهاية اليوم. بعد ذلك، وصلت ميرا وشهد لزيارة المريضات، وغادرت الطبيبة.
أخبر نزار أفراد أسرته أنه سيتغيب لبعض الوقت لحضور موعد مهم، وسيعود إليهم لاحقًا. وافق جسار على مرافقته، وغادر الاثنان معًا.
بينما كان جسار يقود السيارة، تحدث نزار بجدية بالغة:
ـ النهارده هننهي كل حاجة. وبالنسبة لحكاية جوازك من شمس، الأفضل إن فاطيما متعرفش عنها. لو عرفت، مستحيل تسامحك أو توافق تعيش معاك دقيقة واحدة.
تفاجأ جسار بحديث نزار عن زواجه السري، ولكنه قرر تأجيل مناقشة الموضوع حتى وقت آخر. عند وصولهم إلى منزل وليد، كان آسر ينتظرهم أمام المبنى، وبدا عليه القلق.
سأل آسر بنبرة جادة، وهو يحدق في نزار:
ـ نزار، بتخطط لإيه؟ فهمنا، مش عاوزين نتورط في حكاية جديدة. وليد مش هيسكت لو اتعرضت له، ممكن يستغل الموقف ضدك.
تنهد نزار بعمق، ثم أجابهم بهدوء وحزم:
ـ أنتم بعيد عن الموضوع ده، أنا المسؤول، وهو غلط في حقي، وأنا اللي هحاسبه. استنوني هنا، مش هتأخر.
وقف جسار أمامه ليعرقل طريقه، وقال بنبرة حازمة:
ـ نزار، اهدى، بلاش جنان. إحنا هنزود الحراسة، وأنا واثق إنه هيخاف يقرب من علياء مرة تانية.
أجابه نزار بسخرية وتهكم:
ـ لما الموضوع كان خاص بفاطيما، مفكرتش قبل ما تتحرك. دلوقتي بتقول أهدى؟ لا يا جسار، بعدين متقلقش، أختك أكيد هتخرجني لو وصل الموضوع للبوليس.
طلب آسر من جسار التخلي عن محاولة إيقاف نزار، مؤكدًا أن نزار له الحق في ما يقول. تحدث آسر بنبرة هادئة:
ـ هنروح معاك يا نزار، مش هتواجهه لوحدك.
صعدوا مع نزار إلى الطابق العلوي، وطرقوا الباب بقوة على وليد الذي كان مستغرقًا في النوم. استيقظ فجأة على صوت الطرق المتكرر، ونهض ليرى من بالباب. وبمجرد أن فتح الباب، وجد نفسه يسقط أرضًا دون أن يشعر بما حدث.
يتبع...
