رواية جديدة ترنيمة حب الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة لفاطمة الزهراء - الفصل 28 - السبت 11/10/2025
قراءة رواية ترنيمة حب الجزء الثاني من روابة قلوب ضائعة كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ترنيمة حب
الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الزهراء
الفصل الثامن والعشرون
تم النشر يوم السبت
11/10/2025
وأشد من الحزن أن تخفيه وتبتسم..
وأشد من أي شيء أن تبدي عكسه!
في وقت سابق، أثناء التحقيق مع سمية، دلفت الطبيبة لرؤية فاطيما والاطمئنان عليها. انتبهت لتحرك يدها ببطء شديد، فاقتربت منها لتجدها بدأت تفتح عينيها بتعب وضعف. ابتسمت لها الطبيبة، لتضع فاطيما يدها على بطنها بخوف وهي تنظر للطبيبة، وكادت أن تبكي خشية أن تكون فقدت طفلها الذي تحملت الكثير لأجله.
ابتسمت لها الطبيبة وهتفت وهي تطمئنها:
ـ اطمني، الولد هيبقى كويس. قوليلي عليكي، قوليلي حاسة بإيه؟
هتفت بضعف وهي تنظر للطبيبة:
ـ عاوزة أشوفه يا دكتورة.
تحدثت الطبيبة وهي تقوم بفحصها:
ـ الأول أطمن عليكي، وبعدين هتتنقلي أوضة تانية، ومتقلقيش، هيكون عندك.
أنهت الطبيبة فحصها وأمرت الممرضة بنقل فاطيما لغرفة عادية وإحضار الطفل لها لرؤيته. ثم اتجهت للخارج وأخبرت شاهي بتحسن حالة فاطيما وأنها ستنقل لغرفة أخرى بعد قليل. نظرت شاهي لفيروز وضمّتها بهدوء بعد رحيل الطبيبة.
تحدثت شاهي بهدوء وهي تنظر لفيروز:
ـ روزا، احنا هنخلي موضوع علياء بينا دلوقتي، علشان ماما متتعبش تاني.
أومأت فيروز بموافقة، وخرجت فاطيما من غرفة العناية على كرسي متحرك، فابتسموا لها بترحيب. لاحظت فاطيما غياب زوجها وشقيقها، فاتجهت للغرفة برفقتهم. بعدما ساعدت شاهي الممرضة في نقل فاطيما للسرير، ذهبت لتحضر الطفل. قبلت فيروز فاطيما على وجهها، وردت فاطيما بضمها بحب.
هتفت شاهي بقلق مخفي:
ـ فاطيما، خوفتينا عليكي، إيه اللي حاساه دلوقتي؟
ردّت فاطيما بصوت منهك:
ـ كويسة يا شاهي، متقلقيش عليا. بس فين نزار وعلياء؟
قبل أن تتحدث شاهي، دخلت الممرضة وهي تحمل الطفل الصغير بين يديها. نظرت فاطيما لها بلهفة، لكنها صُدمت من حجمه الصغير، فدمعت عيناها. اقتربت شاهي منها وقالت بهدوء:
ـ حبيبتي، اهدي، هيبقى كويس، الدكاترة طمنونا.
بخوف شديد، وضعت فاطيما يدها على رأس الطفل، وهتفت الممرضة:
ـ متقلقيش عليه، الدكاترة بيهتموا بيه كويس، بس فعلًا لازم يرجع الحضانة.
أثناء مغادرة الممرضة للغرفة بعد أخذ الطفل، دخل سمية وسليم وكِنان، وهتف كِنان بمزاح:
ـ أنا بفكر أنقل إقامتي عندكم، مش كفاية ماسة مع فيروز، دلوقتي الكابتن الصغير اللي هيخلي شهد عاوزه تجيب ولد هي كمان.
ابتسمت فاطيما لمزاح كِنان، وسمية بادرت بضمها بحرارة وخوف، وهتفت:
ـ يا حبيبتي، خوفتينا كلنا عليكي.
ابتسمت فاطيما لعمتها التي تحتل مكانة كبيرة في قلبها، فردت بهدوء:
ـ كويسة يا عمتو، متقلقيش. هو نزار فين؟ ليه مش موجود؟
نظرت سمية بقلق إلى كِنان وشاهي، فهتف سليم وهو يجلس بجانبها:
ـ يا حبيبتي، نزار راح يرتاح شويه هو وعلياء هييجوا تاني، اطمني، إحنا كلنا معاكي.
على الرغم من معرفة الجميع برغبتها في السؤال عن جسار، إلا أنها فضلت التزام الصمت. أغمضت عينيها وقالت بحزن في نفسها:
ـ كلهم معايا إلا أنت يا جسار، طيب، واضح إن قراري اللي أخدته كان صح.
قال كِنان بهدوء وهو يتجه للخارج:
ـ هروح أشوف كام حالة وراجع على طول، لو احتاجتوا أي حاجة، متترددوش تكلموني.
شعرت بطول الوقت، فأخبرت عمتها برغبتها في النوم. ساعدتها عمتها على الاستلقاء، وعم الصمت الغرفة حتى لا تتأثر بأي شيء.
عودة للوقت الحالي
خرج جسار من الغرفة ليجد ممرضة تسير في الخارج. استوقفها وهتف بقلق:
ـ لو سمحتي، الحالة اللي كانت في العناية المركزة راحت فين؟
ردّت الممرضة بابتسامة مطمئنة:
ـ متقلقش، هي في أوضة ٩٩ دلوقتي، تقدر تروحلها.
اقتربوا من الغرفة، لكنهم وقفوا عند الباب. خشي جسار أن تتأكد مخاوف فاطيما إذا دخلوا جميعًا. قال آسر:
ـ جسار يدخل الأول، علشان مانزودش الشكوك عند فاطيما. ونزار يدخل بعده، واحد ورا التاني.
مسح جسار وجهه بهدوء وطرق الباب ثم دخل. ركضت فيروز إليه ليحملها، واقترب من فاطيما التي كانت تتظاهر بالنوم، فقبل جبينها ويدها وجلس جوارها. بعد دقائق، دخل نزار، وبدا أكبر سنًا مما هو في الحقيقة. نظر الجميع إليه بحزن. اتجهت شاهي للخارج لتتحدث مع زوجها. فتحت فاطيما عينيها بهدوء، وحاول جسار الاقتراب منها، لكنها ابتعدت عنه ونظرت لشقيقها الذي ضمها بقوة. ابتعد عنها، وهتفت فاطيما بهدوء:
ـ فين علياء؟ ليه مجتش معاك؟ إيه الحكاية؟
أجاب نزار بغير صدق، وهو يتحاشى النظر لفاطيما:
ـ علياء راحت الشركة عندها ملف مهم لازم تراجعه، هتيجي قريب، متقلقيش عليها.
قررت فاطيما الصمت، بينما جسار كان ينظر لها باستمرار، لكنها تجاهلته. في الخارج، أخبر آسر زوجته بكل شيء، فشعرت بالشفقة على نزار وعلياء. قالت شاهي في نفسها إنها تعرضت لموقف مشابه، لكنها كانت تعرف عدوها، أما هذه المرة، نزار لا يعلم شيئًا. قال آسر بهدوء:
ـ هطمن على فاطيما، وبعدين أوصلك عند عمي، علشان أكون مطمن عليكي، وكمان تكوني مع آدم، أكيد جنن مامتك النهاردة.
قالت بهدوء وهي مبتسمة وممسكة بيده:
ـ اطمن يا حبيبي، دي ماما بتطردني بسبب البيه لو زعقت له.
قالت بهدوء وهي تتذكر حقيبة علياء:
ـ آه، صحيح، شنطة علياء معايا، كنت خايفة فاطيما تشك في حاجة
أجاب بهدوء شديد:
ـ ماشي، خليها معاكي، يلا ندخل، الوقت اتأخر فعلًا.
بعد أن طرقت شاهي الباب، دخلت وأخبرت فاطيما بأن آسر يود الاطمئنان عليها. وافقت فاطيما، ولما دخل آسر، قالت بابتسامة:
ـ إنت مش محتاج تستأذن يا آسر، إنت زي أخويا.
تحدث آسر بابتسامة وهو ينظر لفاطيما:
ـ ده شرف كبير ليا إنِ أكون زي نزار، وأنا من أول يوم شفتك فيه وأنتِ زي أختي.
كان جسار يشعر بالضيق، ولكنه يدرك أنها تتعمد إثارة غضبه. هو من بدأ، وعليه أن يتحمل العواقب. جلس آسر معهم لفترة من الوقت، ليخبرهم بأنه سيأتي إليهم في الصباح ليتحدث مع نزار في أمر هام قبل رحيله، ثم اتجه معه إلى الخارج.
أردف آسر بهدوء بعد خروجهم من الغرفة، وهو ينظر لزوجته:
ـ شنطة علياء مع شاهي، إيه رأيك نشوف موبايلها؟ يمكن نلاقي حاجة تفيدنا.
وافق نزار على إحضار الحقيبة. بعد فتحها، وجد هاتف علياء وبحث فيه، لكن دون جدوى. ثم وجد السلسلة في الحقيبة، فأخرجها ونظر لها بدهشة كبيرة. كان يظن أنها معها، لكن بعد رؤيتها في الحقيبة، ضرب يده في الحائط بقوة. حاول آسر تهدئته بعد اقترابه منه.
هتف نزار بغضب شديد:
ـ عارف معنى كده إيه؟ إن المكان اللي هي فيه شبكته ضعيفة، يعني بقى مستحيل أعرف أوصلها.
قال آسر بجدية وهو يحاول تهدئة نزار:
ـ صدقني هنوصل لها في أقرب وقت، كده غلط، لازم تهدى. أختك لو شافتك كده هتقلق. هوصل شاهي وراجع تاني، مش هتأخر عليك.
غادر آسر، وترك نزار جالسًا في الخارج يشعر بالعجز. اقترب جسار وقال بهدوء:
ـ علياء هترجع، متقلقش. مالك بيقول إنهم بيدوروا على وليد، وهيلاقوه في أقرب وقت.
بعد عودته للداخل مع جسار، نظر نزار لشقيقته وجلس جوارها. قال بجدية، وهو ينظر لعمته وسليم وفيروز النائمة على قدم عمته:
ـ بابا، روحوا ارتاحوا وتعالوا بكره، علشان عندي شغل مهم ومش هقدر اسيب فاطيما لوحدها.
بعد مغادرتهم، هتفت فاطيما بهدوء:
ـ نزار، أنا عايزة أعرف علياء فين؟ ليه مش عايز تقولي؟ أرجوك، احكيلي إيه اللي بيحصل!!
قال نزار بهدوء، محاولًا إخفاء الحقيقة:
ـ متقلقيش يا حبيبتي، علياء رجعت الفيلا علشان تعبت في اليومين اللي فاتوا هنا معانا. بكره هتكون معاكي.
قررت فاطيما الانتظار للغد، وبعد ذلك لن تهدأ حتى تعلم ما يخفيه الجميع عنها. وبعد فترة وجيزة، ذهبت في النوم. جلس جسار على الأريكة، وظل نزار جوارها. رغم غضب جسار، لكنه يعلم أنها غاضبة منه. سيخبرها الحقيقة كاملة، لكن عليه أولًا العثور على علياء في أسرع وقت.
❈-❈-❈
استيقظت علياء في الصباح الباكر، لتجد نفسها في وضع مأساوي. شعرت بالتعب والإرهاق، وأغمضت عينيها، لكنها لم تستطع إيقاف دموعها التي بدأت تنهمر بصمت. ألقت اللوم على نفسها لعدم ارتداء السلسلة، التي كانت ستحميها من هذا الكابوس.
سمعت علياء طرقًا على الباب، فدخلت الفتاة حاملةً صينية طعام. وضعتها أمام علياء، وبينما كانت على وشك المغادرة، وقفت علياء أمامها، تتوسل إليها.
ـ أرجوكي ساعديني وخرجيني من هنا، وأنا هادفعلك اللي تطلبيه وأكتر كمان.
تجاهلت الفتاة حديث علياء وغادرت بسرعة. عادت علياء وجلست على الفراش، تحدق في الطعام، وهي تشعر بالجوع الشديد بعد أن لم تأكل شيئًا منذ الأمس. بدأت دموعها تنهمر على وجهها وهي تتذكر مداعبات نزار لها أثناء تناولهم الإفطار قبل ذهابهم إلى الشركة، وتذكرت أولادها، فتمنت أن ينتهي هذا الأمر بسرعة لتخرج من هذا السجن الذي وضعت نفسها فيه.
حضر الطبيب بعد أن أخبره وليد بوجود علياء، فاتجه أولاً لرؤية كريم، ثم سيتحدث مع علياء لمساعدتهم على إعادة كريم إلى حالته السابقة.
ذهب وليد إلى غرفة علياء أثناء وجود الطبيب مع كريم، ليحذرها من التحدث أو التصرف بطريقة قد تثير شكوك الطبيب، مهددًا إياها بعواقب سيئة إذا لم تلتزم الصمت.
دخل وليد الغرفة دون أن يطرق الباب، فهتفت علياء بغضب شديد:
ـ إنت اتجننت؟ ازاي تدخل عليا من غير إذن؟
وقف أمامها، وتحدث ببرود رغم حدة حديثها، وقال:
ـ الدكتور دلوقتي عند كريم، وعاوز يتكلم معاكي علشان تساعديه في حالة كريم.
نظرت إليه بعينين غاضبتين وقالت بحدة:
ـ أنا مش هساعدك أبدًا، سمعتني؟ إنت حقيقي مجنون، أنا هخرج من هنا وهتندم.
قال بسخرية حادة وهو يحدق فيها:
ـ ياترى إيه رد فعل جوزك لما يعرف إنك جيتي هنا بإرادتك؟
شعرت بغضب شديد وهي تنظر إليه، لكنها كانت تعلم أن كلماته تمس الحقيقة، فقالت بحدة:
ـ إنت عاوز مني إيه؟ كفاية جنان، سيبني أخرج من هنا، الطريقة دي بتأذي كريم مش بتساعده.
قال بلهجة جادة، دون أن يعبأ بغضبها:
ـ الدكتور هيجي يتكلم معاكي، وأي غلطة هتتحملي النتيجة.
ابتعد عنها واتجه إلى الطبيب ليخبره بأن يطلب من علياء المجيء، كان يرغب في مراقبة رد فعل كريم عند رؤيتها أو سماع صوتها، ليعرف تأثيرها عليه.
ذهبت الفتاة لتحضر علياء، دلفت علياء إلى الغرفة، ولا تنكر أنها بدأت تشعر بالخوف بسبب وجود الطبيب، أليس كافيًا وجود وليد الذي يسبب لها الرعب طوال الوقت؟ نظر الطبيب إليها وابتسم ابتسامة هادئة.
ـ كريم له الحق يحبك و يتمسك بيكي.
سمعت كلماته بذهول كبير، وأرادت الانصراف، لكن وليد ألقى عليها نظرة حازمة، فصرخت بغضب وهي تحدق في الطبيب:
ـ إنت اتجننت؟ إزاي تتكلم معايا بالطريقة دي؟
بدا كأنه في حالة غيبوبة، وعندما سمع صوتها العالي الحاد، استدار ببطء. ظن أنه يسمع صوتها فقط، لكن عندما رأها، نهض فجأة. ظل الطبيب ووليد يراقبان الوضع بهدوء بينما اقترب كريم منها، مما زاد من خوفها. نظر إليها بتركيز، ثم تناول يدها وسار عدة خطوات، وكانت قدماها متجمدتان في مكانهما. نظر إليها كأنه يطلب منها أن تتبعه، ثم جلس على الفراش لتجلس أمامه، وكل ذلك تحت أنظار الطبيب ووليد.
حاول أن يمد يده إلى وجهها ورأسها، لكنها ابتعدت عنه بخوف. نظر إليها بنظرات غامضة، وازداد توترها، وبدأت تشعر بغثيان شديد. لم تستطع التحمل أكثر، فقامت بسرعة واتجهت نحو الباب، محاولة الهروب من الموقف قبل أن تنهار تمامًا.
خرج الطبيب ووليد خلفها، ووجداها جالسة على الأريكة في الصالة، بينما وقف كريم عند باب غرفته، مستندًا عليه، وبدأ الطبيب يتحدث بجدية:
ـ كريم بقاله أكتر من ٦ شهور قاعد في عزلة، مبيتعاملش مع حد خالص. لكن اللي حصل النهارده خلاني أصدق إنك أنتِ الوحيدة اللي ممكن تساعديه يرجع لحالته الطبيعية.
قالت بسخرية وهي تنظر إليه:
ـ ياترى حضرتك عارف إني متجوزة وعندي أولاد، وعايزني أضحي بكل ده علشان أساعده؟ وبعدين إنت دكتور نفسي، يعني عالجه عندك إنت مش عندي.
ـ اللي وصلني عنك إنك دايمًا بتساعدي الناس، يعني أكيد مش هتتخلي عنه. لأنه في الوضع ده بسبب حبه ليكي. وقبل ما تعترضي، أنا مش بطلب منك تقربي منه أكتر من كده، بالعكس، عايزك بس تتكلمي معاه بهدوء. وبعد شوية، هنطلب من جوزك يكون موجود معاكي. أنا عرفت إنه كان خايف عليكي من جوزك، ويمكن ده السبب اللي بيخليه يتمسك بيكي أكتر.
تحدث الطبيب بهدوء وهو يلاحظ حدة حديثها:
ـ أنا مطلبتش منك تقعدي معاه طول الوقت، هي بس فترة بسيطة وبعد كده هننهي الموضوع.
"أغمضت عينيها وتنهدت بضيق، وهنا تدخل وليد ليمنع تصعيد الموقف:
ـ ياريت يا دكتور تقولنا نتعامل مع كريم إزاي في الفترة الجاية، أظن ده المهم عندنا، إنه يرجع زي الأول وأحسن'.
بدأ الطبيب يتحدث معهم بهدوء، يشرح لهم كيفية التعامل مع كريم في الفترة القادمة. كانت علياء تستمع له باهتمام، وبعد أن غادر، قررت الذهاب إلى غرفتها، فقد اكتفت من الحديث مع الجميع. وقفت جوار النافذة وتمسكت بالسلسلة، ثم أغمضت عينيها بهدوء. في المساء، أحضرت لها الفتاة الطعام، لكنها لم تستطع تناول الكثير، اكتفت بلقيمات بسيطة، ثم جلست تفكر في طريقة للهروب من هذا المكان الذي بدا لها كبيت رعب كبير..
بعد فترة وجيزة، سمعت صوت طرق على الباب. وقفت لتتفقد من الطارق، ووجدت وليد واقفًا أمامه، يهتف بجدية:
ـ تعالي اقعدي معانا، لو عايزة تخرجي من هنا وترجعي بيتك، ساعديني. إنتِ سمعتي الدكتور قال إيه؟
ابتسمت له بضيق واتجهت للخارج، لتجد كريم جالسًا في الصالة وغير منتبه لما يحدث حوله. فكرت بهدوء، لكنها وجدت كريم ينظر لها ويدقق في ملامحها، فقررت تجاهل ما يحدث حولها.
❈-❈-❈
في المستشفى، استيقظ نزار ليجد فاطيما نائمة. حرك رقبته ببطء لأنها كانت تؤلمه بسبب نومه غير المريح. توجه للخارج ليحضر القهوة، التي قد تساعده في إكمال هذا اليوم. وقرر انتظار عمته حتى تأتي، ثم يذهب ليبحث عن زوجته.
استيقظت بهدوء وبحثت عن شقيقها، فوجدت جسار يتحرك برفق. أغمضت عينيها مجددًا، غير راغبة في خوض حديث معه في تلك اللحظة. بعد استيقاظه، شعر جسار بالألم، ولاحظ غياب نزار. تقدم منها وجلس بجانبها على الكرسي، وأمسك بيدها ليضعها بين يديه، عارفًا أنها مستيقظة وتتظاهر بالنوم لتجنب الحديث معه.
قال بهدوء وهو يحدق فيها:
ـ عارف إنك صاحية، أوعدك هحكيلك كل حاجة، بس لما نطمن على جاسر ونخرج من هنا. اديني بس شوية وقت.
فتحت عنيها وقالت له باستهزاء:
ـ خلاص مفيش كلام بينا، أنا همشي وأخد ولادي وهرجع لندن. سيبك مننا بقى وكل واحد يروح لحياته، دوري انتهى عندك.
مد يده ووضعها على وجهها، وقال بلهفة معترضًا:
ـ إنتِ بتقولي إيه بعد كل اللي مرينا بيه ده؟ ده رأيك يا حبيبتي؟ عارف إني جرحتك كتير في الفترة الأخيرة، بس كنت مجبر.
أحنت رأسها تنظر بعيدًا، واستحضرت كل ما عانته بسببه، ثم ردت عليه بصوت يعتصر ألمًا:
ـ أنا حبيتك بجد يا جسار، وكانت إيه النتيجة؟ هاه، المرة الأولى كانت يارا وذلتني وقتها، والمرة دي شمس. متقوليش مجبر لو سمحت، لأنك محاولتش ولا مرة تقولي إيه اللي بيحصل معاك. بتفاجئني وصدقني بقيت متوقعه كل حاجة. أنا تعبت، كفاية بقى وجع. المرة دي يا إما تتكلم وتقول كل اللي عندك، يا إما تنساني. مش هقولك تنسى ولادك، اطمن هتشوفهم من وقت للتاني.
أغمض عينيه، وتنهد بعمق، ثم قال بصوت حزين:
ـ أوعدك هقولك الحقيقة في أقرب وقت، اديني فرصة واحدة.
ابتسمت بمرارة وقررت التزام الصمت. استمعت إلى طرقات على الباب، فدخلت ميرا وشهد، وابتسمت لهما بحرارة. تراجع جسار قليلًا ليتسع المجال لاستقبال الضيوف. بعد لحظات، دخل نزار حاملًا فنجاني قهوة، وضعهما على الطاولة ثم جلس. أخرجت ميرا من حقيبتها بعض الشطائر، وتحدثت بصوت هادئ وهي تنظر إلى نزار بنظرة حزينة:
ـ القهوة من غير فطار الصبح مش حلوة يا دكتور، ولا علشان فاطيما تعبانة هتسكت وأنا أدّاري؟
ابتسمت فاطيما بهدوء، لكنها انتبهت لنظرات الجميع، فهتفت وهي تنظر لميرا:
ـ عمتو وبابا فين؟ ليه جيتوا لوحدكم كمان؟ وفين علياء؟ معقول لسه معرفتش إني خرجت من العناية؟
ردت شهد بسرعة لتهدئة الموقف:
ـ عمتو سمية وعمو سليم راحوا الشركة عندهم اجتماع مهم، وعلياء معاهم. أول ما يخلصوا هيجوا هنا يشوفوكي، متقلقيش.
قال نزار بعد تناول القهوة:
ـ إحنا كمان هنروح الشركة، هنخلص اللي ورانا ونرجعلكم على طول.
ليغادر برفقته نزار بعد ما ودعوها، فهتفت بجدية وهي تنظر لميرا وشهد:
ـ عايزة أعرف كل حاجة، محدش يكدب عليا، أنا عارفة إن في حاجة.
هتفت ميرا بسرعة وهي تحاول تتجنب النظر لها:
ـ عاوزة تعرفي إيه مش فاهمة؟ وبعدين هنكدب عليكي ليه؟
أضافت فاطيما بجدية وهي تنظر لميرا:
ـ ميرا، أنا مش لسه بتعرف عليكي لأول مرة، عاوزة أكلم علياء، هاتي تليفونك.
يتبع...