-->

رواية جديدة ترنيمة حب الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة لفاطمة الزهراء - الفصل 29 - الأربعاء 15/10/2025

 

قراءة رواية ترنيمة حب الجزء الثاني من روابة قلوب ضائعة كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية ترنيمة حب 

الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة فاطمة الزهراء


الفصل التاسع والعشرون

تم النشر يوم الأربعاء 

15/10/2025



شعرت بقلبي ثقيلًا 

شعرت أنه ممتلئ 

إلى درجة الانفجار 

وشعرت بالحزن، 

أردت البكاء 

حتى تتساقط عيناي .


تطلعت ميرا لشهد بخوف، فهما لا يستطيعان البوح بالسر، وهي لن تستسلم حتى تكتشف الحقيقة. بدأت تبحث في حقيبتها بأعين متسائلة:

ـ فين شنطتي؟ عاوزة الموبايل علشان أفهم إيه اللي بيحصل.

أضافت ميرا بهدوء وهي تتظاهر بالبحث عن الحقيبة: 

ـ الشنطة مش هنا، أكيد عمتو أخدتها معاها لما مشيت.

تنهدت فاطيما بهدوء، وهتفت بجدية: 

ـ فين موبايلك يا ميرا؟ هاتيه. 

أجابتها ميرا بكذب، رغم أنها كانت تعلم جيدًا أن فاطيما لن تتركها حتى تعلم الحقيقة: 

ـ الموبايل نسيته في الفيلا، كنت بدور عليه قبل ما ندخل عندك علشان أكلم زياد.

أضافت فاطيما بانفعال شديد: 

ـ إنتِ كدابة يا ميرا، الموبايل معاكي، ومش هضغط عليكي أكتر من كده. أنا هروح الشركة علشان أفهم فيه إيه.

نظرت ميرا للأرض، وحاولت شهد الوقوف لتقف أمام فاطيما وتمنعها، فقالت شهد بهدوء: 

ـ أهدي، أرجوكِ، ممكن تتعبي تاني.

نظرت فاطيما لشهد وقالت بجدية:

ـ يا شهد، قوليلي الحقيقة، ليه بتخبو عليا؟ واضح إن في حاجة كبيرة حصلت، وأنا لازم أعرفها.

نظرت شهد لميرا بيأس، ثم بدأت تخبر فاطيما عن اختفاء علياء وبحث الجميع عنها. استمعت فاطيما لحديثها بصدمة، وبدأت تتذكر نظرات أخيها الحزينة لها بالأمس. أغمضت عينيها وهتفت بجدية: 

ـ فين موبايلي يا شهد؟ عاوزة أكلم نزار دلوقتي.

أجابتها شهد بجدية وهي تجلس جوارها: 

ـ صدقيني مش عارفة هو فين، ممكن يكون مع نزار أو جسار. خدي موبايلي وكلميه.

أعطت شهد لفاطيما هاتفها لكي تتواصل مع نزار، ولكن هاتفه كان مغلقًا، لذلك اتصلت بجسار، الذي رد على الهاتف بانتظار سماع أخبار من شهد عن زوجته:

ـ فين نزار؟ موبايله ليه مقفول؟ وإيه اللي بيحصل؟ ليه مخبي عليا الحقيقة؟

تفاجأ جسار بأن فاطيما هي من تتحدث معه، وبدا من صوتها أنها تبكي. هتف بهدوء محاولاً طمئنتها: 

ـ اهدي يا فاطيما، نزار معايا، الموبايل بس اللي فصل.

أعطى جسار الهاتف لنزار، وأخبره بأن فاطيما أصبحت على علم بخطـ.ـف علياء، فتحدث نزار معها بهدوء عبر الهاتف:

ـ اهدي يا حبيبتي، أنا كويس، الموبايل فصل شحن، نسيت أشحنه امبارح بالليل.

هتفت وهي تبكي، راغبة في الالتحاق به لتكون عونًا له في هذه الأزمة، لأنها تعلم أنه يخفى عنها حقيقة حالته خشية عليها من الانهيار مجددًا:

ـ ليه مخبي عني يا نزار؟ أنا قلقانة جدًا على علياء، مش عارفة حاجة عنها. فين مالك يساعدك؟ لازم أكون جنبك دلوقتي.

تحدث بهدوء، وهو يغمض عينيه بتعب: 

ـ كنت هقولك إزاي وإنتي تعبانة؟ حبيبتي، أهدي، علياء هترجع في أقرب وقت. فاطيما، عاوزك تفضلي قوية، مش هتحمل وجع عليكم إنتم الاتنين.

قالت باكية، وهي تتحدث مع نزار: 

ـ إنت كمان بلاش تضعف، لأن علياء أكيد محتاجلك دلوقتي. واثقة إنك هترجعها، بس خلي موبايلك مفتوح، مش عاوزة أقلق عليك إنت كمان.

قال لها بهدوء مطلقًا تنهيدة خفيفة:

ـ اطمني يا حبيبتي، علياء هترجع في أقرب وقت. وهفتح الموبايل أول ما يشحن، وعلشان متقلقيش، هكلمك كل شوية أطمن عليكي.

قالت بجدية، وهي تمسح دموعها بحزن: 

ـ ماشي يا حبيبي، هستنى مكالمتك و هكون مستنياك بالليل، بس خلي بالك من نفسك.

اقتربت ميرا منها بعدما أنهت المكالمة، ودموعها تنهمر وهي تقول:

ـ آسفة إني خبيت عليكي، بس بابا حذرني أقولك حاجة. فاطيما متزعليش مني، أنا خايفة أوي على علياء. نفسي أساعد نزار بس مش عارفة إزاي. أنا بحبكم أوي، أنتم عيلتي بجد، مش هقدر أخسر حد منكم.

احتضنت فاطيما ميرا بقوة وانهالت دموعهما معًا، فحاولت شهد أن تهدئ من روعهما. ثم قالت بمحاولة مزاح خفيفة:

ـ بقى كده يا ميرا؟ بتحبي فاطيما ونزار وزياد؟ لأ، هقوله كلامك ده لما يجي.

نظرت ميرا لشهد بغيظ، وردت بابتسامة هادئة: 

ـ حماتي الصغيرة، أهدي عليا، هاه، كفاية بنت أخوكي مجنناني.

نجحت شهد في تهدئة الجو بكلماتها الحانية، وانضمت شاهي إليهم. حضرت الطبيبة بعد ذلك وأجرت فحصًا لفاطيما، مبشرة إياها بتحسن ملحوظ في حالة الجنين. ثم غادرت الطبيبة إلى مكتبها بعد انتهاء الفحص.

❈-❈-❈

اجتمع نزار وجسار في مكتب مالك لمحاولة كشف أي خيط رفيع بعد تفريغ الشرطة لصور الكاميرات التي التقطت السيارة أثناء القيادة. لكنهم شعروا بخيبة أمل لأن السائق نجح في التملص من الكاميرات عبر شوارع جانبية. بعد انضمام آسر إليهم، بدأ مالك في البحث عن معلومات حول وليد وتساءل عما إذا كان نزار وجسار قابلا شخصًا يحمل هذا الاسم، فأكدا له عدم معرفتهما له.

تحدث نزار بضيق شديد، وهو يشعر أن الوقت يمر ببطء دون جدوى:

ـ وبعدين يا مالك، علياء مختفية من ٣ أيام، هستنى قد إيه تاني علشان ألاقيها؟

قال مالك بجدية، وهو يحاول تهدئة نزار:

ـ أهدى يا نزار، إحنا بندور في كل مكان. وصلني ملف عن وليد النهاردة، والغريب إنه معيد في الجامعة. إيه اللي يخليه يلجأ للطريقة دي معاكم، خاصة إن مفيش بينكم أي تعامل قبل كده!!

تحدث آسر بجدية، وهو يفكر بصوت عال: 

ـ الغريب إنه خطط لكل حاجة بذكاء شديد، حتى الطريقة اللي كانت ممكن توصلنا ليه اتعامل معاها بحرفية.

هتف نزار بهدوء، وهو يقف أمام النافذة، ينظر للخارج بتأمل: 

ـ فيه طريقة، لكن...

أردف جسار بتعجب:

ـ نزار، إنت بتتكلم عن إيه؟ إيه اللي في دماغك؟ خلينا نسمع ونفكر سوا، يمكن نساعد بعض ونلاقي حل.

تحدث نزار وهو ينظر إليهم بجدية:

ـ عارفين إني كنت جايب لعلياء وفاطيما سلسلة فيها جهاز تتبع، علشان لو اتعرضو لأي خطر أعرف ألاقيهم بسهولة؟ لكن للأسف، لقيت السلسلة بتاعتها في شنطتها.

نظر الجميع إلى نزار، وتذكروا كيف ساعدتهم السلسلة في العثور على فاطيما عندما خطـ.ـفها شفيق. لكن نزار أكمل حديثه بتنهيدة حزينة:

ـ في لندن، جبت لها سلسلة جديدة، لكن علشان أعرف مكانها، لازم تكون ماسكاها بإيدها، ويكون المكان مغطى بشبكة قوية.

بعد تفكير دقيق، تحدث مالك:

ـ معنى كده إن المكان اللي علياء فيه ممكن يكون منعزل أو التغطية فيه ضعيفة. وفيه احتمال أنهم يكونو أخدو منها السلسلة، لكن الاحتمال ده ضعيف.

تحدث جسار بجدية، وهو ينظر لمالك: 

ـ معنى كده إن الأمل في العثور على علياء عن طريق السلسلة ضعيف، لكن لازم نلاقي حلول تانية بسرعة، لأن كل دقيقة بتعدي بتزيد المخاطر.

أردف آسر بجدية، وهو يرتشف القهوة: 

ـ طيب يا مالك، الملف اللي معاك مفيهوش أي حاجة ممكن تساعدنا نوصل لأي معلومة عن علياء.

قال مالك بجدية، وهو يبتسم قليلاً:

ـ معلوماتي المفروض تكون سرية، لكن هشاركك اللي عرفته. وليد اختفى من سنة تقريبًا بعد ما أخد إجازة من الجامعة. لكن اللي لفت نظري إن وليد عنده ابن عم كان بيتعالج في مصحة، فقررت أبعت أحد يجيب معلومات من هناك، يمكن تكون مفيدة في البحث عن وليد وعن ابن عمه.

قال جسار بهدوء:

ـ أي معلومة توصل لها يا مالك، بلغنا على طول. هنكون جاهزين نتحرك معاكم.

قال مالك بموافقة وهو ينظر إليهم:

ـ متقلقوش، هبلغكم بأي جديد. بس أهم حاجة دلوقتي إننا نتحرك بهدوء ومن غير تهور.

قبل وصولهم إلى المستشفى، كانت سمية وسليم وفيروز قد سبقوهم. فور رؤية والدتها، اندفعت فيروز نحوها تحتضنها بشدة، وكانت علامات القلق بادية على وجهها. تبادل الجميع الحديث عن الأحداث الأخيرة، خاصة بعد انضمام نزار وجسار وآسر إليهم، وبدأوا في تنسيق جهودهم للبحث عن علياء.

كانت تراقب شقيقها بهدوء، وبداخلها رغبة في التحدث معه بعد انصراف الجميع. في هذه الأثناء، وصل كِنان برفقة جاسر في محاولة منه لتقديم الدعم وتخفيف الألم الذي يشعرون به. قام كِنان بتقديم جاسر إلى نزار، فاحتضنه نزار أولاً بنظرات حب وقبله على جبينه، ثم تبعه جسار بابتسامة دافئة. على الرغم من رغبته في الاحتفال بقدوم جاسر، إلا أن القلق بشأن اختفاء علياء أثر على الجميع. حملت فاطيما جاسر بين ذراعيها لبضع لحظات، وفي النهاية أخبرهم كِنان أنه سيعيد جاسر إليهم في اليوم التالي. غادر كِنان برفقة زوجته وميرا بعد أن اتفقوا على زيارتهم في اليوم التالي. بعد رحيلهم، استأذنت سميه وسليم في الرحيل، لكن فيروز رفضت مرافقتهم وفضلت البقاء مع والدتها تلك الليلة.

"بعد مغادرة الجميع، ذهب جسار بصحبة فيروز ليحضروا القهوة والعصير، تاركين لفاطيما الفرصة لتتحدث مع نزار. نظرت إليه فاطيما بقلق بعدما جلس أمامها على الفراش، وقالت: 

ـ علياء هترجع، أنا واثقة في كده.

ابتسم نزار لفاطيما بابتسامة حزينة، وظل صامتًا، فقد كان يشعر بتعب شديد. حاولت فاطمة التخفيف عنه بكلمات بسيطة، لكنها لم تستطع إخفاء القلق في عينيها. بعد لحظات، عاد جسار برفقة فيروز، وجلسوا جميعًا معًا لبعض الوقت. مع حلول الليل، استلقت فيروز بجوار والدتها، بينما جلس نزار على كرسي بجوار جسار الذي جلس على كرسي آخر. كان كل منهما يتمنى لو ينتهي هذا الكابوس المرعب.

❈-❈-❈

في الليل، كانت علياء نائمة، وفجأة شعرت بيد تلمس رأسها، ظنت في البداية أنها تحلم، لكن عندما تحركت بهدوء، وجدت يدًا تتحرك على وجهها، فشعرت برعب شديد. فتحت عينيها بخوف لتجد كريم جالسًا أمامها، كانت تجلس وتنظر إليه، ثم تراجعت إلى الخلف بنظرات مليئة بالخوف. أرادت أن تصرخ وتستغيث بأحد، لكنها لم تكن تعرف ما الذي حدث لها؟!

بعد عدة محاولات، تحدثت علياء بصوت ضعيف ومرتجف: 

ـ إنت عاوز إيه مني يا كريم؟ أرجوك، أخرج من هنا!!

ظل كريم صامتًا، ونظراته كانت غريبة، وكأنها تنظر إلى شخص يحلم. فازدادت علياء انفعالًا وصرخت بقوة: 

ـ أخرج من هنا، أنت عاوز مني إيه؟ كفاية حياتي اتلخبطت بسببك. نزار كان عنده حق لما حذرني منك. قد إيه كنت غبية وعنيده لما ما سمعتش كلامه.

دخل وليد الغرفة فجأة، ووجد كريم أمام علياء، فانفجرت في البكاء والصراخ: 

ـ إنت عاوز مني إيه؟ ليه رجعت لحياتي تاني؟ أنا بكرهك يا كريم، بكرهك.

اقترب وليد من كريم بهدوء و تحدث بنبرة هادئة: 

ـ تعالى يا كريم، نمشي من هنا ونروح لأوضتك.

سار كريم أمامه، فالتفت وليد لعلياء بنظرة جادة وقال: 

ـ أنا آسف على اللي حصل الصبح. هنتكلم في الموضوع دا بعدين.

بعدما غادر كريم و وليد الغرفة، أغلقت علياء الباب جيدًا وظلت مستيقظة، خائفة من أي حدث آخر قد يطرأ. في غرفة كريم، بقي وليد معه، مراقبًا تصرفاته باهتمام، محاولًا منع أي عمل قد يؤدي إلى تفاقم الوضع.

مع بداية الصباح، استيقظ وليد وذهب ليطرق باب علياء. عندما فتحت الباب، وقفت أمامه مباشرة، فقال وليد بنبرة هادئة: 

ـ ممكن نتكلم شوية عن اللي حصل امبارح.

ردت عليه علياء بحدة وغضب شديد: 

ـ مفيش بينا كلام. إنت عاوز تعالج ابن عمك؟ الأفضل له مصحة. بالطريقة دي، إنت بتأذيني أنا وهو. ليه مش فاهم أنك بتوقع نفسك في مشكلة أكبر؟ سيبني أخرج من هنا، وأنا بوعدك مش هقول أي حاجة عنك.

رد عليها وليد بجدية شديدة، وهو ينظر إليها بنظرة حازمة: 

ـ أظن إحنا اتكلمنا كتير قبل كده، وقلت لك إن خروجك من هنا مش هيحصل غير لما حالة كريم تتحسن. والأفضل لك إنك تساعديني.

أيقنت علياء في هذا الوقت أن وليد لن يغير رأيه، فالحديث معه بات بلا فائدة. رغبتها في البقاء في غرفتها كانت واضحة، لكن وليد أصر على وجودها معهم، فجلست مضطرة. كانت تراقب كريم، وتشعر بمزيد من الضيق كلما التقت أعينهما. كانت تبحث عن طريقة للخروج من هذا المأزق، لكن تعقيدات الوضع كانت تحول دون ذلك.

مع حلول المساء، ذهب كريم إلى غرفته، وكانت علياء تراقب تحركاته بخوف وتوجس. لم تمضِ فترة طويلة حتى عاد كريم، ووقف أمام علياء ممددًا يده لها، فنظرت له بدهشة وخوف. وهنا قال وليد بهدوء: 

ـ متخافيش، أنا هنا. شوفي هو عايز إيه.

بدأت علياء تسير مع كريم إلى غرفته وهي تشعر بخوف لا يمكنها السيطرة عليه. كانت الغرفة مرتبة بطريقة غريبة، حيث افترش كريم مفرشًا كبيرًا على الأرض وأعد وسادة، ثم أشار إلى الفراش لتجلس عليه. لكن الخوف كان أقوى منها، فنظرت إليه برعب وسقطت فجأة على الأرض مغشيًا عليها. أسرع كريم خارج الغرفة باحثًا عن وليد، الذي ظهر على الفور باحثًا عنها. عند دخوله الغرفة، وجد علياء فاقدة الوعي، فاستدعى الفتاة لمساعدته في حملها ووضعها على سريرها. وفي تلك اللحظة، رغم استياء كريم، آثر الصمت وبدا القلق واضحًا عليه تجاهها.

نظرت الفتاة إلى وليد بهدوء بعد أن انتهت من قياس ضغط علياء، وقالت: 

ـ واضح إنها منمتش كويس، وكمان اللي حصل معاها الفترة اللي فاتت مش قليل. يا وليد، أنا خايفة.

خرج وليد من الغرفة، تاركًا الفتاة تواجه تحدياتها بمفردها، وهي تحاول التفكير في طريقة تساعد بها علياء دون أن ينتبه وليد لأي شيء، لأنها تعلم أن أي حركة خاطئة قد تكلفها حياتها خلال اليومين التاليين، بقيت علياء في غرفتها، رافضة مغادرتها أو التحدث مع أي أحد. بدت وكأنها في سبات عميق، ولا تعرف سببًا منطقيًا وراء رغبتها الشديدة في النوم لفترات طويلة. ربما كانت تحاول الهروب من الواقع المرير الذي تعيشه في ذلك المنزل.

في اليوم الثالث، فكرت الفتاة في طريقة لتحسين حالة علياء، فاقترحت على وليد أن يأخذها إلى الحديقة ربما يساعدها ذلك في الشعور بتحسن أسرع. تردد وليد قليلاً قبل أن يوافق على الفكرة. عندما ذهبت الفتاة إلى غرفة علياء، وجدتها تجلس بمفردها، وشعرت بأنها منهكة تمامًا. تحدثت إليها الفتاة بهدوء ورفق:

ـ إيه رأيك لو خرجنا نقعد في الجنينة شوية؟ يمكن يكون أحسن من قعدتك هنا لوحدك.

وافقت علياء بإيماءة من رأسها، فقد كانت تشعر بالاختناق داخل المنزل. عندما خرجت مع الفتاة إلى الحديقة، رأت كريم ووليد جالسين معًا، فابتعدت عنهما وجلست على أرجوحة صغيرة بصحبة الفتاة.

أغمضت علياء عينيها، وبدأت تحرك يدها بحذر لتأخذ السلسلة دون أن ينتبه أحد. ثم قامت وتجولت بهدوء أمامهم، واستغلت الفرصة المناسبة للتخلص من السلسلة، وهي تغالب دموعها. بعد أن فتحت قلادة القلب، ألقت بالسلسلة بعيدًا، على أمل أن يلتقطها أحد ما. ثم عادت لتجلس بهدوء، وعندما حل المساء، دخل الجميع إلى المنزل، وعادت علياء إلى غرفتها في صمت تام دون أن يخاطبها أحد.

في اليوم التالي، توجهت علياء إلى الحديقة مجددًا، واستغلت عدم انتباههم لها لتمسك السلسلة بيدها، ورفعت عينيها إلى السماء، تتمنى نهاية سريعة لهذا الكابوس.

❈-❈-❈

كانت الأيام الأخيرة صعبة على الجميع، وخصوصًا نزار الذي كان يسعى جاهدًا للعثور على زوجته. في أحد الأيام، تلقى نزار رسالة من مالك يطلب فيها مقابلته في مكان ما. ذهب نزار برفقة آسر إلى المقابلة، نظرًا لارتباط جسار بموعد عمل لا يمكن تفويته. في المطعم، استقبل مالك نزار وآسر بترحاب، واجتمعوا حول الطاولة ليتبادلوا الحديث.

بعد مغادرة النادل ومع تقديم القهوة، سأل نزار بلهفة: 

ـ إيه الأخبار يا مالك؟ أتمنى تكون عرفت حاجة جديدة تفيدنا.

تحدث مالك بجدية وهو ينظر لهم:

ـ بعد ما جمعت معلومات عن ابن عم وليد، عرفت إنه كان في مصحة بيعاني من حالة نفسية، لكن وليد طلب يخرجه من حوالي شهرين وقال هيعالجوه في مصحة كبيرة بره. سألت في المطارات كلها، ملقتش أي حاجة عنهم. لكن الغريب إني لقيت رابط بين علياء وابن عم وليد.

تعجب نزار وقال بجدية: 

ـ إيه العلاقة اللي ممكن تربط علياء بوليد أو ابن عمه؟ علياء مافيش غير جسار وعمر قرايبها، وكلنا عارفين كل حاجة عن حياتها.

أضاف مالك بجدية وهو يركز نظره على نزار: 

ـ عرفت إن الدكتور المشرف على رسالة الدكتوراه لعلياء هو ابن عم وليد.

أغمض نزار عينيه بقلق وتمنى أن يكون ظنه غير صحيح، ثم سأل مالك: 

ـ طيب، إيه اسم الدكتور ده يا مالك؟

أجاب مالك بهدوء وهو يتابع انفعال نزار: 

ـ كريم الحداد.

بعد تأكد نزار من ظنونه، خرج مسرعًا، وتبعه آسر في محاولة لتهدئته، ثم سأله آسر بجدية:

ـ نزار، إنت رايح فين؟ فهمّني.

قاطع تفكير نزار في الرد هزة هاتفه في جيبه، فأخرجه وفتحه ليجد ما جعله ينظر إلى آسر بصدمة ورد بتوتر:

ـ جاني رسالة من علياء، عرفت مكانها. لازم أروح لها حالا. هبعتلك العنوان عشان تيجي ورايا.

أوقفه آسر وقال بجدية: 

ـ مش هسيبك تروح لوحدك، هاجي معاك. ابعتلي العنوان عشان أبلغ جسار والحراس يتحركوا بسرعة.

أرسل آسر رسالة سريعة لجسار والحراس، ثم انطلق برفقة نزار. كان يقود بسرعة كبيرة، وصلوا إلى المكان في وقت وجيز. نظرا إلى المبنى من الخارج، وبدا لهم مظلمًا ومخيفًا. نزل نزار من السيارة وبدأ يتحرك حول المنزل، لكن آسر لاحظ كاميرات المراقبة، فاستوقفه بسرعة حتى لا يكتشفوا وجودهم.

بعد وصول جسار ومالك، وضعوا خطة محكمة لاقتحام المكان. قام مالك بتعطيل كاميرات المراقبة، وبدأ الفريق في التحرك بحذر. تسلل نزار من الأمام، بينما تحرك مالك من الخلف، وجسار وآسر من الجوانب. لكن الهدوء الذي وجدوه بعد الدخول جعلهم يتساءلون عن وجود فخ أو خطة مدروسة من قبل الخاطف. هل يتربص بهم؟ أم أنهم وقعوا في الفخ؟


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الزهراء، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة