-->

رواية جديدة ترنيمة حب الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة لفاطمة الزهراء - الفصل 31 - الأربعاء 29/10/2025

 

قراءة رواية ترنيمة حب الجزء الثاني من روابة قلوب ضائعة كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية ترنيمة حب 

الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة فاطمة الزهراء


الفصل الواحد والثلاثون 

تم النشر يوم الأربعاء 

29/10/2025


- أتدري ماهو الخذلان؟.. 

"أن يأتيك الرمح من داخل سور قلعتك، وأن تُهزم من جيشك الأول كطفل هرول إلى أمه باكياً، فتلقى صفعه ليكف عن البكاء، هكذا يكون الخذلان.


عندما رأى نزار وليد، انفـ.جر غضبًا وانقـ.ـض عليه بقوة، لكمة قوية في وجهه جعلته يسقط أرضًا. بمجرد أن حاول وليد الوقوف، عاد نزار إليه وأمسكه من ملابسه ولكمه مجددًا. هنا تدخل آسر وأمسك بنزار محاولًا تهدئته، لكن نزار في لحظة غضب شديدة ألقى بطاولة كانت أمامه، فاصطدمت بالأرض بقوة.

هتف نزار بتهديد وتحذير، وهو ينظر لوليد بعينين غاضبتين: 

ـ معاك أسبوع وتكون سيبت مصر، وإلا صدقني هدخلك السجن الباقي من حياتك.

بينما كان رامي في طريقه لزيارة وليد، فوجئ بجسار يفتح له الباب. وما إن رأه نزار حتى جذبه بقوة من ملابسه، وقال بغضب شديد: 

ـ كويس إنك جيت، كنت جايلك بنفسي.

شعر رامي بالخوف يتسرب إلى قلبه من نظرات نزار، فقال بتلعثم: 

ـ أنا.. أنا ماليش علاقة، صدقني أنا....

قاطع نزار كلام رامي، وقال بلهجة حازمة مهددة: 

ـ إنت ووليد، معاكم أسبوع وتكونوا بره البلد، ومعاكم كريم، وإلا هتشوفوا جحيم مختلف مني.

حاول رامي التماس العذر لنفسه، وقال بقلق:

ـ أنا مش هقدر اسيب هنا بيتي وشركتي، كمان عيلتي هقولهم إيه؟ أنا مكنتش عارف إن وليد بيخطط لخطـف مراتك، صدقني كنت متوقع العداوة بينه وبين جسار بس.

فقد جسار السيطرة على غضبه، وانقض على رامي قائلًا: 

ـ إنت بقى متوقع إني هسيبك بعد ما ضيعت حياتي بسببك؟ تبقى غلطان، أنا مستنى نزار يخلص حسابه معاكم وبعدين هبدأ حسابي بطريقة تفاجأكم كلكم.

أردف نزار بتحذير، وهو ينظر لرامي بعينين حادتين:

ـ بالنسبة للشركة، هشتريها منك بسعر مناسب، والباقي بقى مهمتك، لو خايف على حياتك وحياة عيلتك، وافق على العرض. هبلغ المحامي يبدأ بالإجراءات'. 

ثم صمت لحظة وقال: 

ـ قولت إيه؟

أومأ رامي برأسه موافقًا، وهتف جسار بغضب قبل مغادرته: 

ـ أي مراوغة منكم، متلوموش غير نفسكم. هنتقابل تاني.

بعد انتهاء المواجهة، غادر الثلاثة (نزار، جسار، وآسر) المكان، واتجهوا نحو الأسفل. أمر آسر رجاله بمراقبة رامي ووليد بعناية شديدة. ثم طلب جسار من آسر مرافقتهم حيث أراد إنهاء كل شيء مع شمس ليتمكن من التحدث مع زوجته بصفاء ذهني. غادر الجميع في سيارة جسار، متجهين لتحقيق ما خططوا له.

توجه جسار مع نزار وآسر إلى منزل شمس بقرار حازم لإنهاء كل شيء. عند وصولهم، استقبلتهم الخادمة، ثم لحقت بهم شمس بعد أن علمت بوجود جسار. رغم القلق الذي أحسّت به، قررت أن تواجه الموقف بشجاعة. جلست أمام جسار، الذي بدا غاضبًا بشدة، لكنه تحكم في نفسه ليتمكن من إنهاء الأمر دون انفعالات غير محسوبة.

أردف جسار بجدية شديدة: 

ـ اللعبة اللي لعبتيها عليا، جه الوقت تدفعي تمنها. أنا عرفت إن والدك سافر فرنسا يتعالج، هقدم لك عرض كويس، هشتري الشركة منك وتسافري عند والدك وتنسي الرجوع هنا الفترة الجاية. أو هعمل المستحيل علشان أوقع الشركة، ووقتها مش هتلاقي حد يشتريها منك، وأنتِ عارفة كويس إني هقدر أنفذ كلامي. ده أول حاجة، تاني حاجة، عاوز ورقة الجواز العرفي اللي معاكِ، وهتاخدي قصادها خمسة مليون دولار. قولتي إيه؟

استمعت شمس لكلمات جسار بثبات ظاهر، لكن خوفها الداخلي كان واضحًا في صوتها عندما تحدثت: 

ـ أنا مش هقدر أبيع الشركة يا جسار، حتى لو فلست، بابا مش هيوافق. بالنسبة لعقد الجواز، ليه مش مصدق إني حبيتك بجد؟ حبيتك حتى أكتر من فاطيما. صدقني طيب أنا موافقة أكون زوجة تانية ليك، ومش هعرف حد عن علاقتنا.

استمع آسر ونزار لحديث شمس بهدوء تام، وبدا نزار أكثر غضبًا من جسار نفسه، بسبب سذاجة جسار في التعامل مع امرأة مثل شمس. فجأة، هتف جسار بصوت جاف ومهدد: 

ـ الشركة هتبيعيها يا شمس، وهتجيبي ورقة الجواز، وإلا هتعيشي حياتك في جحيم. وأنتِ واثقة إني هنفذ تهديدي. تحذير أخير، فاطيما لو عرفت عن جوازنا هيكون آخر يوم في حياتك.

حاولت شمس أن تتكلم، لكن جسار لم يمهلها الفرصة، فقد اقترب منها وجلس أمامها مباشرة على الطاولة. قال بنبرة حازمة: 

ـ بلاش تحدي، هاتي الورقة والمبلغ هيبقى عشرة مليون. إيه رأيك؟ صفقة كسبانة ليكي، غير تمن بيع الشركة.

شعرت شمس بأن لا مفر من الموافقة، وإلا ستكون عرضة لتهديدات جسار. توجهت إلى غرفتها وأحضرت الوثيقة، وسلمتها لجسار. بمجرد أن استلمها، أخرج جسار الوثيقة التي كانت بحوزته وبدأ بتمزيقها أمام الجميع. ثم نظر إليها بهدوء قاتل وقال: 

ـ إنتي طالق طالق طالق.

أشار لها جسار وهو ينظر لها بتحذير: 

ـ المحامي بكره هيكون عندك، وتنهي معاه إجراءات بيع الشركة. ده آخر لقاء بينا، إلا لو فكرتي تغدري بيا، يبقى متلوميش غير نفسك.

بعد أن غادروا منزل شمس، تحدث آسر وهو يجلس في المقعد الخلفي للسيارة: 

ـ الناس بتخاف منك يا جسار، حتى شمس كانت مترددة، يمكن لو كنت مكانها كنت هخاف أكتر.

نظر جسار في المرآة وقال بابتسامة:

ـ اتعلم مني يا آسر، وهتلاقينا بعد سنتين أسياد السوق.

لاحظ آسر صمت نزار فقال باهتمام: 

ـ إيه اللي شاغلك يا نزار؟ ليه ساكت كدة؟ قولنا رأيك في اللي حصل.

نظر نزار إلى آسر وجسار بملامح متعبة وقال: 

ـ في كل مرة بنعتقد إننا هنعيش في استقرار، نلاقي حد بيحاول يد.مر كل حاجة. تعبت نفسيًا من كل اللي بيحصل.

قال آسر بنبرة حازمة وهو يضع يده على كتف نزار: 

ـ متقلقش يا نزار، الحياة مش هادية أبدًا، لكن احنا أقوياء، وهنتجاوز كل الأزمات دي. المهم إننا مع بعض، فريق واحد.

قال نزار بجدية وهو يختار كلماته بعناية: 

ـ في موضوع جسار وشمس، من الأفضل إن فاطيما متعرفش حاجة عن الجواز العرفي، لأنها لو عرفت هتكون كارثة، ومش هينفع أي مبررات.

بعد أن وافق جسار وآسر على نصيحة نزار، توجهوا جميعًا إلى المستشفى. وجدوا شاهي وميرا وشهد في انتظارهن. طلب نزار من شاهي أن يخرجا للتحدث في الخارج، وأمرها بتجهيز عقود بيع شركة رامي على الفور. بينما كان آسر يقف بجانبه، كانت علياء في الداخل تشعر بقلق غريب، وكأن شيئًا ما حدث. بعد دقائق، عاد نزار إلى الغرفة، وتجاهل علياء تمامًا، مما زاد من حزنها وألمها.

في المساء، غادرت ميرا وشهد مع أزواجهم، وظلت شاهي وآسر معهم في الغرفة. ليخبرهم آسر أنه سيذهب لإحضار الطعام لهم. ليهتف نزار بجدية وهو ينظر لزوجته: 

ـ بعد خروجك من المستشفى، هترجعي لندن، الأولاد محتاجينك، أنا جهزت إجراءات السفر.

حاولت علياء الاعتراض على قرار نزار، لكنه أشار إليها بالصمت، مُبينًا أنه لن يتراجع عن قراره. في نفس الوقت، قرر وليد اللجوء إلى الشرطة لتقديم بلاغ ضد نزار بتهمة الاعتداء عليه، على الرغم من اعتراض رامي الذي حاول إقناعه بالتراجع. قبل التوجه إلى القسم، قام وليد بحجز تذكرتين سفر إلى تركيا ليغادر بعد يومين. توجه وليد إلى القسم وقدم البلاغ، وفي المقابل، كان أحد رجال آسر يراقب تحركات وليد بناءً على تعليمات آسر، والذي أبلغه بأن وليد توجه إلى القسم لتقديم البلاغ. بعد ذلك، قرر الرجل العودة إلى المستشفى ليخبر نزار بما حدث، حتى يتخذوا الإجراءات اللازمة لحماية أنفسهم.

في هذه الأثناء، حضرت الطبيبة لفحص علياء قبل مغادرتها المستشفى. وبعد رحيلها، تحدثت فاطيما بهدوء وهي تقف أمام شقيقها:

ـ أرجوك يا نزار، كفاية عناد. أنا فعلًا محتاجة لوجود علياء الفترة دي. ميرا مش هتقدر تسيب أولادها، وعمتي مش بتقعد معايا غير وقت قليل وطول اليوم في الشركة. سيبها تقعد معايا، وأنا أضمن لك إنها مش هتعمل أي حاجة من غير ما تعرف.

بينما كان نزار على وشك الرد على فاطيما، انقطع حديثهم بصوت طرق على الباب. ظنوا أنه آسر العائد بالطعام، لكن عندما فتحوا الباب، تفاجأوا بوجود ضابط شرطة ومعه جنديين يرتدون الزي الرسمي. قال الضابط بجدية: 

ـ معايا أمر من النيابة بالقبض على نزار مراد عمران، ياريت يتفضل معانا بهدوء ومن غير مشاكل.

قال جسار بجدية وهو يواجه الضابط: 

ـ إيه سبب القبض على نزار؟ ممكن حضرتك توضح لنا؟

وصل آسر إلى الغرفة ليجد الضابط يطلب من نزار التحرك معه. قال الضابط بجدية: 

ـ مش هينفع نتكلم هنا، ياريت حضرتك تيجي معانا للقسم وهناك هتعرف كل حاجة.

اندفعت علياء نحو نزار وهي تبكي:

ـ مش هسيبك تروح لوحدك، أنا جاية معاك أيا كان اللي هيحصل.

نظر الضابط إليها بجدية، محاولًا توضيح الإجراءات.

أجاب نزار بصرامة وهو ينظر لعلياء: 

ـ متخافيش، هكون معاكي، بس دلوقتي لازم أروح مع الضابط.

كانت كلماته تملأها الحزم، بينما كانت عينا علياء تملأها الدموع والقلق.

أومأ نزار بموافقة ليذهب مع الضابط، وذهب معهم آسر وشاهي، ليظل جسار مع زوجته وعلياء في المستشفى. اتجه نزار للقسم وبدأ الضابط في التحقيق معه، وكانت شاهي حاضرة معه في التحقيق. بعد أخذ المعلومات الخاصة به، بدأ التحقيق معه بهدوء.

سأل الضابط نزار عن ادعاء وليد، ليجيبه نزار بهدوء أنه فعل هذا الأمر ولا يشعر بالندم على ما فعله، وإن عاد إلى الماضي مرة أخرى لن يتردد في إعادة ما فعله. نظرت شاهي إليه بقلق، فهو بأقواله يجعل موقفه سيئًا في القضية، وقد يعرض نفسه للحبس لمدة أدناها ثلاثة أشهر.

أردفت شاهي قائلة بجدية، وهي تنظر للضابط نزار: 

ـ أنت بتقول إيه؟ أقوالك دي بتدينك، بلاش تهور.

لم يتحدث نزار، فأمر الضابط بحبس نزار أربعة أيام على ذمة التحقيق. نظرت شاهي إليه بيأس، وطلبت من الضابط ألا يأخذه إلى الزنزانة، بل يظل في إحدى الغرف بشكل ودي، مؤكدة أنها ستتحدث مع المدعي لإلغاء الدعوى القضائية.

أمر الضابط بالتحفظ على نزار في إحدى الغرف. اتجهت شاهي للخارج، ووقف آسر يشعر بالضيق، لا يعلم ماذا يفعل. قام بالاتصال بجسار وأخبره بما حدث. كان جسار ينظر لعلياء بضيق، حيث شعر أنها المسؤولة عما يحدث لزوجها الآن. أخبر جسار آسر أنه سيقوم بالاتصال بمالك لمساعدتهم. بعد أن أنهى جسار اتصاله بمالك، وجد زوجته تبكي.

وقفت علياء أمام جسار وهي تبكي، وقالت بلهفة: 

ـ جسار، مفيش حد هيعرف يخرج نزار غيري، أرجوك ساعدني.

نظر جسار لعلياء بتعجب وقال:

ـ هتساعديه إزاي؟ مش فاهم.

قالت علياء بتردد، وهي تعلم أنه لن يوافق على ما تفكر فيه: 

ـ خليني أروح أقابل وليد وأتكلم معاه، يمكن أقنعه يلغي المحضر.

ابتسم جسار بسخرية وقال: 

ـ إنتي كده اتجننتي، نزار هيقـ.ـتله، مش هيكتفي بضـ.ربه.

لم تستطع علياء تمالك غضبها، لتهتف بحده: 

ـ أنتم المسؤولين عن الوضع ده، الضـ.رب بقى عندكم شيء سهل، كأنكم بقيتوا عصابة، التفاهم معاكم مش موجود. أنا حاولت أنهى القضية بطريقة ودية، لكن إزاي حضراتكم لازم تتهوروا.

بعد استماعه لكلماتها واتهامها المباشر لهم بأنهم من بدأوا الأمر، تحدث بدون وعي، متناسيًا وجود زوجته معهم في الغرفة: 

ـ إحنا المسؤولين، إحنا فعلاً إحنا السبب. أنا دخلت اللعبة دي بسببك، ولغاية دلوقتي فاطيما رافضة تسمعني أو تعرف الحقيقة. دلوقتي بقينا إحنا السبب فعلاً، كلامك صحيح. تعرفي يا علياء، اللي نزار عمله في وليد قليل عليه، وكويس إنه مش هنا وسمع كلامك ده.

كادت علياء أن تتحدث، لكن فاطيما هتفت بجدية وهي تنظر لزوجها:

ـ أرجوك يا جسار، خلينا نلاقي حل بسرعة. شوف علياء تقدر تعمل إيه، واتحركوا قبل ما الموضوع يوصل للنيابة.

أغمض جسار عينيه بضيق وقال: 

ـ قولي يا علياء، إيه اللي بتفكري فيه دلوقتي؟

أردفت علياء بقلق شديد من نظرات جسار لها: 

ـ هروح أقابله وأطلب منه يتنازل عن المحضر، والمقابل هساعده في علاج كريم.

صفق جسار بيديه بسخرية وقال:

ـ برافو عليكي، خطة ذكية. عايزة تجننيني، طبعًا. وإيه اللي يخليه يوافق على طلبك ده؟

قالت بهدوء وهي تستسلم للتعب وتجلس: 

ـ أرجوك يا جسار، بلاش هزار دلوقتي. هتساعدني في إنقاذ نزار ولا هتسيبه يتسجن؟

ظل جسار صامتًا لبرهة، ثم قال:

ـ موافق، بس مش هتروحي تقابليه لوحدك. هكون معاكي. لكن هسيب فاطيما وفيروز هنا لوحدهم إزاي؟

قالت فاطيما بجدية: 

ـ متقلقش علينا، إحنا كويسين هنا الأهم إنكم تتحركوا بسرعة وتخلصوا الموضوع.

بعد وصول آسر وزوجته، أطلعه جسار على خطته، فتردد آسر قليلًا قبل أن يقرر مرافقتهم. بقيت شاهي مع فاطيما وفيروز، بينما اتجه الباقون إلى عمارة وليد. صعدوا إلى شقته وطرقوا الباب، ففتح لهم بعد لحظات. بدا عليه الدهشة من عودتهم، لكن وجود علياء بدا أنه طمأنه بعض الشيء. أذن لهم بالدخول، واجتمعوا جميعًا في غرفة الجلوس.

قال وليد بتهكم، وهو يرمقهم بنظرة ـ ساخرة: 

ـ جايين ليه؟ ولا عايزين تكملوا اللي بدأه نزار؟

نظر له جسار بغضب شديد، لتتحدث علياء بضيق وهي تنظر لوليد: 

ـ أنا جاية أقدملك عرض مناسب. لو وافقت عليه، تمام. موافقتش، هفتح البلاغ تاني وهتهمك بمحاولة خطـ.ـفي.

ابتسم وليد ابتسامة هادئة، ثم قال بجدية: 

ـ بس إنتي جيتي بارادتك، ولا غلطان كمان معايا شهود، يعني في كل الحالات موقفك ضعيف.

نظر له جسار بحده وأراد أن يفتك به، لكن هذا ليس الوقت المناسب. لتهتف علياء باستنكار: 

ـ إنت عارف كويس أنا جيت إزاي. متنساش إنك خدعتني وممكن أثبت ده بسهولة. هتسمع عرضي ولا تنساه؟ وأوعدك نزار الصبح هيكون بره القسم.

تنهد وليد بهدوء، مدركًا صحة كلامها، ثم قال بجدية: 

ـ قولى العرض بتاعك الأول، وأنا هفكر فيه.

قالت علياء بثقة وهي تنظر إلى وليد: 

ـ أتنازل عن المحضر، والمقابل هساعدك في علاج كريم. إيه رأيك؟

فضل وليد المماطلة، فقال بهدوء: 

ـ أديني فرصة أفكر وهرد عليكِ بكرة.

انفـ.جر جسار غاضبًا، وكاد ينقض على وليد وهو يقول: 

ـ مفيش وقت للتفكير، هتيجي معانا القسم دلوقتي وهتتنازل عن كل حاجة.

قال وليد بتوتر، وهو يتجنب نظرات جسار الحادة: 

ـالمحامي بتاعي مش موجود دلوقتي، هكلمه بكره ونتقابل في القسم.

قال آسر بنبرة غامضة ومهددة: 

ـ لو فكرت في خداعنا، هتندم كتير. أي محاولة للخداع، أنت اللي هتتحمل عواقبها.

شعر وليد بقلق بالغ من كلام آسر، وبدأت الشكوك تتسلل إلى قلبه بأنهم يراقبونه. قرر المغادرة بحذر، دون أن يلفت انتباه أي مراقب محتمل. وبخبث، قال لآسر: 

ـ متقلقش، مش ههرب. همي الوحيد إن كريم يرجع لطبيعته. هكون في القسم بكرة.

بعد مغادرة جسار وآسر وعلياء، توجه وليد إلى مكتبه بسرعة، حيث قام بتفريغ تسجيلات الكاميرا وقص الحوارات التي دارت بينه وبينهم. سجل حديث علياء على هاتفه، ثم جهز حقيبة صغيرة تحتوي على ملابس، ليغادر بعدها من البوابة الخلفية للعمارة التي يسكنها، والتي لا يعلم عنها سوى السكان والبواب. ذهب إلى أحد الفنادق ليبقى هناك حتى يحين موعد سفره هو وكريم إلى تركيا.

بعد وصول جسار وعلياء وآسر إلى المستشفى، أطلعوا فاطيما وشاهي على مجريات الأمور. على الرغم من شكوكهم في نوايا وليد، إلا أنهم شعروا ببعض الطمأنينة لوجود فريق من المراقبين الذين يتتبعون تحركاته.

❈-❈-❈

في صباح اليوم التالي، توجه جسار وآسر برفقة شاهي إلى القسم، بينما بقيت علياء مع فاطيما بعد أن رفض جسار وآسر اصطحابها خشية من رد فعل نزار العنـ.يف عندما يعلم بما حدث دون علمه. انتظروا وليد خارج القسم، بينما دخلت شاهي لرؤية نزار. بعد فترة طويلة من الانتظار، طلب آسر من أحد رجاله التحقق من وليد، فعاد الرجل ليخبره أن وليد غير موجود في شقته.

شعر جسار بغضب شديد، فاتجه لمنزل رامي وأمر آسر بالبقاء في القسم وانتظار عودة وليد. ذهب جسار إلى شقة وليد برفقة بعض الرجال، وطرق الباب بقوة. أخبره البواب أن وليد غادر في اليوم السابق. عاد جسار إلى القسم بخيبة أمل، فقد تمكن وليد من خداعهم. أخبر آسر بما حدث، ثم اتصل بمالك ليخبره بما جرى، معتقدًا أن مالك هو الشخص الوحيد القادر على مساعدتهم في هذا المأزق، وإلا فإن نزار قد يواجه عواقب وخيمة قد تصل إلى السجن.

عادوا للمستشفى في المساء وأخبروهم بما حدث، لتدخل علياء في نوبة بكاء حاد. حاولت شاهي تهدئتها هي وسمية، وقام سليم بالاتصال بكاظم عله يساعدهم. ليقضي الجميع ليلة صعبة تراودهم الأفكار السيئة.

في مساء اليوم التالي، ذهب وليد إلى القسم برفقة محاميه ليتنازل عن المحضر. أثناء مغادرته، صادف نزار الذي لم يستطع إخفاء دهشته من تنازل وليد المفاجئ. عندما أخرج وليد هاتفه وشغّل تسجيلًا، شعر نزار بصدمة كبيرة وغضب شديد، فقد عرف صوت علياء بوضوح. على الفور، غادر نزار القسم واتجه إلى المستشفى.

دخل نزار الغرفة فجأة، حيث كانت علياء وسمية، وبدت نظراته الحادة تجاه علياء واضحة للجميع. أدرك الجميع أن شيئًا ما خطأ، فجلس نزار على الكرسي بصمت مطبق. حاول الجميع التحدث إليه، لكنه بقي صامتًا، غارقًا في ألم داخلي يعتصر قلبه، ولا يمكن لأحد أن يدرك عمق معاناته سواه.

جلست علياء أمامه، ووضعت يديها برفق على جانبي وجهه، وسألته بهدوء: 

ـ نزار، مالك ساكت؟ احكيلي إيه اللي بيحصل.

نظرت عينا نزار إلى علياء بنظرات خالية من أي مشاعر، وبرودة غير معهودة، وقال بصوت جاف: 

ـ ابعدي عني.


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الزهراء، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة