رواية جديدة الحب وعمايله لنور إسماعيل - الفصل 6 - الأحد 30/11/2025
قراءة رواية الحب وعمايله كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية الحب وعمايله
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة نور إسماعيل
الفصل السادس
تم النشر الأحد
30/11/2025
ها أنا ذا، أميرُ الحكايةِ الذي اعتاد أن يختبئ خلف سطورٍ تتنفّس أكثر ممّا أفعل، أقف على حافّة فصلٍ جديدٍ كأنّي أقف عند تخومِ ليلةٍ لا تنذر بشيء… لكنها تحمل في أحشائها ما يكفي لخلخلة الأيام. يشبه هذا المساء صفحةً ساكنةً فوق ماءٍ راكدٍ، هادئًا حدّ الوهم، مطمئنًا حدّ الريبة؛ كأنّ الكون يتعمّد أن يحبس أنفاسه، وأن يصمت كي يسمع وقع الخطوة الأولى للعاصفة التي تختبئ في آخر الطريق.
أشعرُ بأنفاسي تنساب في صدري كنسيمٍ خفيفٍ يلامس نوافذ الروح، وأن الزمن يمرّ ببطءٍ محسوب، كمن يراقبني لأتلعثم أو أتراجع. لكنه لا يعلم أنّ السكون بالنسبة لكاتبٍ مثلي ليس سوى استراحة مقاتل، لحظةٌ يُشحِذ فيها قلمه ويُصلِح ندوبه قبل أن ينقضّ على الفوضى القادمة. فكل عاصفةٍ تبدأ همسًا، وكل زلزالٍ يولد من رعشةٍ خجولةٍ تحت الأرض.
في هذا الهدوء المريب أشعر أنّ الأشياء تستعدّ لشيءٍ أكبر من احتمالي، وأن الكلمات التي ترفض أن تتشكّل الآن ستنقضّ عليّ لاحقًا كأسرابٍ جائعة. ومع ذلك… أفتح الباب بيدي، وأسير نحو الفصل القادم، مؤمنًا بأن السكون ليس نهاية، بل مقدّمة جليلة لما سيُروى بعد قليل.
شرعت بعمل كوب من الشاى الساخن مصطحبا بعض شرائح البسكويت التى اشتريتها صباحاً متجها الى غرفتى وستبدأ معركتى المحببه الى وسط اوراقى وقلمى وصورتها امامى.
وما ان خط قلمى حرفاً حتى سمعت دقات على الباب ،انتبهت ونهضت من مجلسى وسرت ناحية الخارج مردفا
_مين؟
لم اسمع اجابة ولكن مازال هناك دق على الباب فهممت بفتحه وكانت صاعقتى حينما رأيتها بل والادهش
حينما سمعتها
_امير..وحشتنى !
اصابتنى الدهشة لدقائق ...احقاً هى امامى الآن!
ام انه احد احلامى بيها كمعتادى ،اراها امامى طيلة الوقت وكأنها تسكن معى ،معذرة تسكن وجدانى بالأحرى.
كانت تجلس امامى ،فانا الى هذا الوقت غير مستوعب هل هى بالفعل هنا ،هل ب امكانى لمسها كى استطيع ان اصدق ...
انفرجت شفتيها اخيرا لتقطع شكِ باليقين حينها واردفت
_24ساعة وراجعة تانى ، قولت حتى لو ساعة واحدة ...لازم اشوفك
حدقت بها وامعنت النظر ومن ثم اردفت
_قوليلى انك هنا وانك قدامى فعلا ؟ قولى ان مش بس مجرد 24ساعة
_للاسف دى الحقيقة يا امير
اقتربت اصابعى من يدها الامسها برفق،نظرت هى ناحيتى برقتها المعهودة دون ان تنطق ببنت شفه وابتسمت
_متستغربيش يا اروى ، كنت بتأكد بجد انك هنا
ضحكت واردفت بدورها
_فاكرنى فريدة وطالعالك ع اساس روح ولا ايه ؟!
تبسمت بخزى قائلاً
_حتى لو روح وبس ف انا راضى ،مش على أساس ان بسترجع فريدة فيكِ
انا بسترجع قلبي منك
حملقت بى كعادتها ،هى اروى التى كلما سمعت اى حرف من كلماتى تبسمت وشعرت بأنها بسماء العالم تطير وتحلق ،ولايسعها القول سوى ان تقبلنى ...حقا مثلما فعلت الآن ..
قبلتنى من شفتاى قبله سريعه ، جعلتنى اعبس ب حاجباى ..يالك من فتاة حريصة !
اصبحت شحيحه مشاعرك
_هى دى وبس اللى بعد كل البعد دا بتديهالى
تبسمت هى وقالت بعفويتها
_حبيت اعمل كدا دلوقت واديهالك خطف ،عملت فيها ايه
_فيها انك بقيتى بخيلة اوى ،ولو انتِ حباها خطف ف انااا....
اقتنصت جسدها بخفه ،كقناص انتهز فرصة وجود فريسته منشغله
لاخذها بين احضانى فى قبلة عميييقه دامت لدقيقة كاملة.
دقيقة كاملة التهم شفتيها واتذوق سحرهم الذى افتقدته، دقيقة وانا هائم بما يحلو لى
دقيقة فاصلة تعويضيه عما فات و شئ بسيط يصبرنى عن القادم !
❈-❈-❈
كان لنا — ولا يزال — موعدٌ مؤجَّل مع الكوميديا السوداء؛ ذلك الفنّ الذي يبتسم في وجه الخراب، ويضحك من بين أنقاض الحقيقة، وكأنّه يجرّ العالم من ياقة قميصه ليقول له: “اهدأ… فالفاجعة لم تكتمل بعد!”. في تلك الليلة، حين نامت المدينة على صرير الرياح، وأطفأت النوافذ ضوءها واحدًا تلو الآخر، شعر أمير — راوي الحكاية — بأنّه على وشك دخول مسرحٍ غريب، لا يميّز فيه المُشاهد بين النُكتة والصفعة، ولا بين البكاء والضحك المتشنّج الذي يفرّ من بين الضلوع فرارًا.
كلّ شيء كان ساكنًا سكونًا مربكًا؛ الهواء متربّص، والظلال طويلة كأنّها تفترش الطريق لاستقبال مشهدٍ لا يعرف أحدٌ إن كان مأساةً تُنتظر أم سخريةً مُقنّعة بعباءة القدَر. ومع ذلك، كان ثَمّة يقينٌ غامض يهمس في صدره: أنّ الضحكة القادمة لن تكون بريئة، وأنّ المشهد الأول ستفتحه الحقيقة بوجهٍ عابس، ثمّ تُغلقه السخرية بقهقهةٍ مجروحة.
وهكذا بدأ الفصل… لا بأبطالٍ تعرفهم، ولا بحكايةٍ معتادة، بل بلحظةٍ تتعانق فيها المأساة مع خفّة الدم، والمفارقة مع الوجع، لنمضي — نحن وهو — إلى عرضٍ طويلٍ حيث تُصفّق الحياة لكلّ ما يُوجع… وتضحك.
_اآاااه ....اآاااه ،منك لله ياشيخه ،ياعدراااا
جلست لينزى بجانبه تنظر له بامتعاض وهى تردف
_المرة دى الخدش البسيط دا يا مارسيلينو ،المرة الجاية هتبقى عاهه مستديمه
نظر اليها كائن المارسيلينو الذى لاحول ولاقوة له الآن ،وتصنع البكاء كى يشفق قلبها قليلاً
_ايه ياشيخه ،انتِ ايييه يا شيخه ،شوفى كنزت عليكِ المار جرجس وكل القديسين والشهداء
روحى يالينزى ..ولابلاش عشان ممكن مكملش الجملة وتسلمى روحى للمسيح بسيلوفانه
_ايييه مالك ، متنشف كدا شوية مجرد فازة اتفشفشت فوق دماغك متعملش فيها انك بتموت
اتنفض مارسيلينو من رقدته غاضبا يقول بحنق
_انتِ مسمعتيش الدكتور وهو بيقول الجرح غلط عشان انا مريض سكر ،يعنى انتِ قاصده تموتينى
قاصدة ان يحصلى وحش واموت
طب م تخلعينى ياستى ،ارفعى قضيه للمحكمه والكنيسة واخلعينى
اقتربت لينزى من وجهه وتنظر له نظرة توعد مخيفه
_مش هيحصل ،ومش هسيبك تلعب بديلك كتير..دى كانت مجرد قرصة ودن يابابا
عشان تبقى تدلع عدل ويا مااارس ويا فبراير جتك مارس عينك
_قرصة ودن! اخد فصل اسبوع وينكتب فيا مذكرة عشان اللى حصل وتقولى قرصة ودن
المدير يقولى جايب لنا واحدة من السلخانه تدشدش المكان وتكسر الشركه وتقولى قرصة ودن
فزعتى فيفيان المسكينه اما شافتك وانتِ بتحطمى على دماغى تلك الفازة الملعونه وراحت هوب اتشنجت لحد دلوقت مش عارفين يفكوا رجليها من حوالين رقبتها وتقوليلى قرصة ودن
هبت لينزى من وقفتها مستعدة لشن الحرب وعلامات الغضب مرتسمه على وجهها تردف بصياح
_نعم!! على اساس انها بسكوته ومراتك زوجة العنكبوت الاسود ،فوق لنفسك يا مارسيلينو انا لحد الان معدية اللعب معاك واقول يابت اسكتِ يابت صاحب عيا متعمليش فيه كدا
انما هتستهبل ، وحياتك عندى
اخليك تتنيح وترتاح من الدنيا وبلاويها
نظر مارسيلينو لها رافعا حاجبيه ونظر الجهة الاخرى يتمتم بغضب
_مفيش عسكرى ييجى يقبض عالولية دى واكتبله عشرتلاف جنيه شيكات
_بتقول حاااجه!
نظر لها مبتسما واردف بفرحه مزعومه
_لا يا روحى بقول الله عالجرح الل عملته ليا حبيبتى فدماغى،شكله رائع
مفيش واحد سمبوكسات فخدى يدى منظر شيك اكتر معاه !
زمتت شفتيها واردفت
_مفيش واتكتم عشان تاخد دواك خليك تتتهبب وتبقى كويس وربنا يشفيك
انصرفت تحضر الدواء بينما هو ظل ناظرا ناحية الباب مطولاً حتى بصق بطريقة مضحكة ومن ثم بعدها انهمر فالبكاء ..،
❈-❈-❈
في زاوية هادئة من حياتهما، كان الحب بين آية وإيهاب يشعّ كضوء دافئ لا يخفت، يشبه النار الصغيرة التي لا تلتهم لكنها تُدفئ الروح وتُسكّن الفوضى. كانت آية ترى في إيهاب رجُلها الذي خُلِق ليحتوي ضعفها وقوتها معًا؛ تلمح في عينيه طمأنينة تُشبه وعدًا قديمًا بأن الدنيا مهما اضطربت ستظل لهما مساحة آمنة لا يقدر عليها الزمن. وكان إيهاب، في كل نظرة يلقيها نحوها، يشعر أنّ قلبه يُعيد اكتشافها من جديد؛ كأنها لغز جميل لا ينتهي، امرأة تُشعل فيه الرغبة وتحرك فيه الرفق في اللحظة نفسها.
بينهما خيط رقيق من الهيام… خيط لا ينقطع مهما طال الشدّ أو قست الأيام. كانت آية تحب تفاصيله الصغيرة: طريقته في مناداتها، صمته حين يغضب، وابتسامته المترددة حين يلين قلبه. وكان إيهاب يعشق فيها تلك الروح التي تتلوّن بالحياة، تلك السكينة التي تهبط عليه حين تلمس يدها يده، فيشعر أن الكون يستقيم ولو لحظة.
الحب بينهما لم يكن عابرًا، بل كتابًا يُعاد فتحه كل يوم، بنبضة جديدة وفصل جديد. هيامه بها كان اعترافًا صامتًا بأنّ وجودها يخلّصه من تعب العالم… وحبها له كان يقينًا بأنّ قلبها لن يخفق بصدق إلّا باسمه.
لا تقل أنا أحبك،قل سنبقى معًا مهما حدث!
ان الذين يسعون دوما لإيجاد شريك حياتهم لا يحتاجون للحب بقدر الأحتياج للطمأنينة، فـ اذا سمعنا صوتا من داخلهم يقول أنا أشعر بالخوف دائمًا.. لم يطمئن قلبي ابدًا احد.
حينها سندرك قدر حاجتهم لنا،،
كانت تعبيرات آية الجسدية ينبعث منها مالا ينطق ،فقد استيقظت من نومها قبله مثلما اعتادت وتحركت ترتدى قميصا يرتديه هو بالخارج...ارتدته من دون ارتداء اى ملابس اخرى ع جسدها ..
طبعت قبله على شفتيه وهو نائم ،احسها ايهاب فجذبها اليه بخفه _حركاته المعتادة الشقيه _معها دوما ،لكنها تملصت منه ضاحكه للخارج.
انه "يوم العسل"كما يطلقان عليه ، او بالأحرى أطلقها ايهاب عليه منسوب الى شهر العسل ..كل وقت وآخر يقومان ببعث طفليهما "ريم و رحيم الصغير" مع المربية الى _الكيدز ايريا_ يوما كاملا يلعبان ويلهوان ويتناولا طعامها خارجا دون والديهما يخرجوا كل ما بداخل جعبة طفولتهم بعفوية ومرح .
بينما يعيدا العاشقان يوما دون عمل ،دون ضغوط،دون اطفال ..به كل مراسم الجنون الخفى والمُعلن..
"ياحبيبى من دلعك فيا بقيت بصراحه بخاف اتغر،وبخاف اوى وانت معايا الناس تحسدنا بعد الشر"
كانت تتراقص أية مديرة ظهرها لبهو منزلها واقفه تستمع الى مطربتها المفضله اصاله وتقوم بصنع شطائر شهية لوجبة الافطار.
وعلى الناحية الاخرى نجد ايهاب قد استفاق من نومه . عارى الجذع يرتدى سروال منزلى قصير ،وجلس الى احد المقاعد التى امام طاوله التقديم يراقبها فى صمت وعيناه تمشطانها بلهفه من اخمص قدميها الى نهاية شعرها...شعرها الحريرى المنسدل ع ظهرها بفوضويه وحركاتها الراقصه اثارته بشدة..فاستدار من على الطاولةليجذها ب احضانه بعنفه المعهود معها ،احست بدفء انفاسه تقترب من اذنيها ودقات قلبه تدوى بخلف ظهرها..
_كدة تخضنى يا هوبا اخص عليك
يتنفس بداخل شعرها ويتحدث بهيام
_بتعملى ايه وسيبانى
_بعملك الفطار
اكملت انامله طريق كل قطعه بجسدها،ربما له طريقته الخاصه كعازف على آلة يعشق اوتارها ،بينما هى بين يديه تتناغم معه فى تجانس روحى رائع ،انفاسها تخبرك ب انها فى كل مرة تتمزق شوقا للمساته الخاصه وطريقته الفريدة معها وكأنها اول مرة ،مرر شفتيه برفق خلف اذنها حينما رفع شعرها باحدى يديه ومن ثم هبط بخفه الى باقى عنقها من الخلف قبله وراء قبله تدغدغ حواسها بالكامل ،كاد يغشى عليها امام الموقد
أدار له جسدها بالكامل لتكون مقابله له ، يديه تتتحسس كل جزء بها بحنان وعيناه مصوبه الى عيناها
_متعمليش عشان فطارى جاهز اهو
قبلها بشفتيه ف هربت وضحكت بدلال وهى تطبع قبله الى وجنته بعدما شبت على قدميها ل تردف
_مشبعتش فالعشا ،جاى تكمل عليه فطار
عبس ايهاب بوجهه بطفوليه وتحدث إليها
_كدا ،طب اقلعى قميصى يالا
_لالالا بس ياهوبا مش لابسه حاجه تانيه عييب
تحاول الافلات منه ولكن هيهات ،قام بنزع القميص من عليها ليدفعها داخل احضانه بنار شوقه المتأججه به صباحا ..
_وبصى مفيش يوم عسل الا لما اخلص حقى منك على الكلمة دى
نزل بها ارضا ليبدأ معركته معهاويقوم بتناول افطاره بمزاجيه و من ثم انقطع الوصل بينهما بسبب مكالمة هاتفيه اتت الى ايهاب ..
رنت مراراً وتكرارا، ف انزعج ايهاب كثيرا وعكر صفوه مع حلواه
فاعتدل من موضعه ذاهبا نحو الهاتف ليجدها سمر زوجة حسين ،تعجب وانعقدت حاجبيه وهم بالرد أخيراً
_الو استاذ ايهاب متاسفه لازعاجك
_لا مفيش حاجه ازيك يا مدام سمر
سمعت أية اسم سمر ،فتناولت القميص المطروح أرضا وارتدته فى عجالة ووقفت خلف زوجها وهو يتحدث هاتفيا
_انا بس بتصل بيك ،كنت انا وحسين عاوزين حضرتك ضرورى
ينفع نتقابل قريب؟
نظر ايهاب ناحية أية متعجباً واردف الى سمر
_خير؟
_لما نتقابل هتعرف
_اوك تمام هشوف ظروفى وهبعت لحسين على الواتس ،مع السلامه
اغلق ايهاب متعجبا من سر هذة المكالمه،بينما أية لم يسعها الوقت كى يتعجب او ينزعج او ينقطع صفوهما
فسرعان م امتلكت احضانه مرة ثانية وارجعته لما كانوا عليه ..
❈-❈-❈
في زاويةٍ هادئةٍ من بيتٍ تعوّد الضجيج، يعيش محمد جهاد وآلاء كأنهما ثنائيّ المشاكسة الذي لا يهدأ؛ قطٌّ وفأرةٌ لا يكفّان عن المطاردة، ولا يتوقفان عن تلك المناوشات اليومية التي تُشعل الجوّ ثم تُطفئه نظرة واحدة. فهما، رغم شغبهما الذي يشبه حربًا صغيرة، يملكان قلبين يعرفان طريقهما لبعض مهما تعارك اللسان واشتعل الغضب.
محمد، بطبعه الحادّ أحيانًا، يفتعل الجدال ليختبر صبرها، وآلاء تردّ عليه بخفة ظلّ لا تترك له مهربًا، فتقلب انفعاله إلى ضحكة، واحتجاجه إلى اعترافٍ خفيّ بأنها وحدها تعرف كيف تُهدهده. يختلفان كل يوم، ويتصالحان كل يوم، وكأن الحب بينهما عقدٌ متجدّد لا يفسده شدّ ولا يبهته صخب.
ورغم أن كليهما «يموت في التاني»، إلا أن العناد عندهما سيد الموقف؛ يداريان الشوق بإصرار، ويخفون الودّ تحت ستار اللوم، ثم يعود كل شيء إلى سكّته حين تلتقي العيون، فتنكشف الحقيقة: إنهما لا يُتقنان البعد، ولا يعرفان غير حبٍ يعلو فوق المناوشات، حبٍ مشاغب… لكنه ثابت لا ينهزم.
فنجان بارداً من القهوة موضوعا امام محمد جهاد فى غرفة استقبال الضيف بمنزل والد الاء ،واذ رفعنا النظر نجده يجلس امامه مصوب عيناه فى نقطه فى الفضاء ويهز احد ساقيه بشدة علامه على توتره الشديد
وفالجهة المقابلة تجلس والدة الاء..
_اشرب قهوتك يا محمد
_مش عاوز اشرب حاجه يا طنط ،ولو سمحتِ عاوز مراتى
_هو انا منعاها منك يابنى ؟ ادخل لها لو رضيت تيجى معاك
_انا عاوز افهم حصل ايييه ...ليه ارجع من البيت الاقيها لمت هدومها وخدت الولد ومشيت
دى كانت لسه مكلمانى ،ايه جنونة وهبت
_لا ياجهاد مش جنونة وهبت
كان صوت الاء آتيا من الخارج ، تقف مستنده الى عكازيها بعينان باهتتان ووجنتان قد حفرتهما الدموع
حتى خضرواتيها انطفأت بكسرة مريرة..
_فيه ايه يا الاء ؟
_فيه انى عايشة طول الوقت معاك فوهم ،وفكدب وغش وفاهمه انك بتحبنى ومش شايف غيرى
ومش بتحب غيرى
وان اتطلقت اول مرة ورمتنى بابنك فبطنى لمجرد هلاوس فدماغك لوحدك
وجه دورك بقا تعرفنى انك كل دا لابس ماسك ع وشك ي جهاد !!
بصوته الجهور الاجش ،انطلق فى وجهها منزعجا قد فقد صبره عليها
_ايه الالغاز دى ،انطقِ وقولى فيه ايييه؟
_فيه دا
وجهت شاشة الهاتف الى وجهه وقد ذرفت دمعه من احدى مقلتيها ،اخذ الهاتف من يدها ليجده _مقطع مصور_وبالصوت له مع فتاة فى منظر مُخل يوضح ان هناك علاقة مشينه ما بينهما وموضحة بالكامل فى المقطع!
_ايه دا،دا دا
_طلقنى!
_يا الاء استهدى بالله ...
تدخلت والدتها بينهما ،فرددت الاء نفس الكلمه مرة اخرى
_طلقنى ،سامع وهتكون الاخيرة عشان مرجعش ليك تانى ابدا
عشان انت راجل خاين وزبالة وسافل وواطى ومتستحقش كل الل انا عملته ليك
وفى لحظة هبطت صفعه قاسية من يده على وجهها طرحتها ارضا ليهتف ب اخر مافيه من غضب
_طلاق مش هطلق،واخر مرة صوتك يعلى وتشتمينى
والل شوفتيه فالفيديو مش هريحك ان كان حقيقه ولا كدب ...وخليكى متعلقه كدا ي الاء عشان تتعلمى ان الله حق !
انصرف بسرعه من امامها بينما كانت تهرول والدتها نحوها تحاول ان تنهض بها وهى ملقاه هكذا ،ولكنها رفعت رأسها بكبرياء متمتمه
_ماشى ياجهاد...هنشوف
❈-❈-❈
هل فى يوم من الايام كانت من مخططاتك ان تؤجل الوقوع .. فتستبدله على سبيل المثال بكتاب تقرأه او رواية تهيم فى نسيج خيالاتها واحداثها ومدنها البعيدة !
اينعم..هى من كانت تؤمن بأن تلك الأحاسيس التي يولدها الحب قابلة للاستبدال بماهو مفيد فى تكوين شخصيتها فى تكوين عالمها ؛ كانت ترى ان الحب مجرد مضيعه للوقت و انه قابل للتعويض وأن الحياة مع نفسها دون شريك أفضل بكثير؛ وأنه لا يوجد على وجه هذا العالم البائس من يستحق ذاك القلب الذى ينبض داخلها!
إلى أن وجدته وتعثرت به !علمت وقتها ان الحياة اختلفت وان بالفعل يجب ان تغير معتقداتها..بالفعل يوجد من يستحق ان يكون شريكا فى القلب والعقل والروح والحياة..
كانت هذه معتقدات يامن المرسخه داخله عن حور زوجته وعشقها له،حتى اعلمته ب ذاك الغريب "ضىّ" وماهى كونيته السابقه فى حياتها.
_يامن ، انا مش حكتلك عنه مش عشان اخبي عليك ...انا محكتش عشان انا شايفه انه موضوع وراح مالوش اهمية ...مجرد طفلين صغيرين كان بينهم اعجاب طفولى نشأ بسبب وجودى لوحدى وان ماليش اخوات وهو كان بيشاركنى كل حاجه،بنلعب ونخرج ونذاكر ونروح المدرسة ..
طبيعى اتعلق بيه بس مكانش حب يا يامن ،بدليل ان لما كبرت واستوعبت بقيت اشوفه اخ ..وحتى لما اتقدم لى كذا مرة انا رفضت
_بس هو بيحبك ومازال مش كدا؟
_معرفش يايامن ..يعلم الله انى معرفش ومش عاوزة اعرف ومش مهم عندى ...هتحاسبنى يا يامن على حاجه قديمه ماليش ذنب فيها؟ وقبل م تكون فحياتى
_مش بحاسبك يا حور،بس من اول يوم مابينا وانا مصارحك على كل حاجه ومفيش حاجه بخيبها عليكِ
نظرت حور له نظرة تعنى الكثير وقالت
_متأكد انك بتصارحنى بكل حاجه يايامن؟
_طبعا وانا مش بكدب
_والرسايل اللى بتمسحها اول ب اول وبتجيلك من روفيدة بتقولى عليها؟ وانها كمان طلبت تشوفك ولما ملبتش طلبها جات البيت هنا عند مامتك تحت!
ضيق يامن عيناه غير مستوعب حقا ماسمعه
_انتِ بتتجسسى على تليفونى ياحور ،وعرفتِ منين؟
تنحنحت حور بخجل واهتزت قليلا خوفا من ردة فعله ،واردفت
_انا نزلت برنامج بيرجع محادثات الواتساب على موبايلك لان حسيت من يوم م جاتلك وهى مش هتسيبنا فحالنا ،وان فيه حاجه وانت مش هتقولى عليها
مسح يامن على ذقنه برفق يتمهل قبل ان يفقد اعصابه ،وتوجه اليها بالحديث بنبرة غاضبه
_وياترى لاقيتى اللى يثبت خيانتى ليكِ ياحور ؟
_يامن انا ...
_حور مفيش اى مبرر انك تعملى اللى عملتيه دا وتبقى مش واثقه فزوجك والد اولادك ،وتتجسسى عليه وانتِ ادرى الناس بيه
ومفيش اى مبرر يخليكِ برضو تخبي موضوع حتى لو كان تافه عشان افوجأ بيه بعد سنين زى الاطرش فالزفة
تنهد وصمت قليلا ومن بعدها تحدث
_البيت بيتك ،بس انا من انهاردة مش هبات هنا
تركها ورحل ووقفت مكانها دون ان توقفه ،دون ان تتمسك هل المفاجئة ام انها تشعر بان الحق معها ولا شئ يدعو بأن تتنازل وتقدم اعتذارها له ...ام ان الموقف ككل يستحق العقاب على الطرفين ..
❈-❈-❈
_دكتورة وصال ، فيه واحدة برة طالبة تشوفك ومش هتكشف
عبست وصال بتعجب وقالت بنبرة تكبر كعهدها
_اوك خليها تدخل
عدلت وصال من هندام شعرها وثيابها كطبيبة ، وتوجهت بنظرها الى الباب حينما دلفت ....
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نور إسماعيل، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية
