رواية جديدة ترنيمة حب الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة لفاطمة الزهراء - الفصل 32 - الأحد 2/11/2025
قراءة رواية ترنيمة حب الجزء الثاني من روابة قلوب ضائعة كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ترنيمة حب
الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة فاطمة الزهراء
الفصل الثاني والثلاثون
تم النشر يوم الأحد
2/11/2025
يربطني بِك شيءٌ أعمق مِن المحبة،
أعجز عن شرح الأمر لك لكنني بطريقةٍ ما أشعر أنك أنا.
شعرت علياء بصدمة كبيرة وهي تنظر إلى نزار، وكأنه شخص غريب عنها. تابعته سمية وشاهي بدهشة، بينما عاد جسار مع زوجته وفيروز بعد زيارتهم لجاسر في الحضانة في محاولة لتخفيف حزنها. في المقابل، كان آسر منهمكًا في البحث عن وليد الذي تمكن من تضليلهم. حاولت علياء الاقتراب من نزار مجددًا، إلا أنه وقف مبتعدًا عنها دون أي كلمة.
تابعت علياء المشهد بدهشة، ثم تحدث جسار بهدوء وهو يلقي نظرة على نزار الذي كان غارقًا في صمته:
ـ نزار، إنت خرجت إزاي؟ وليد هرب مننا وآسر بيدور عليه.
تطلع إلى علياء بنظرة ساخرة وابتسم ابتسامة جانبية، ثم قال:
ـ اسألوا علياء، هي عارفة أنا خرجت إزاي.
نظر الجميع لعلياء بشك، لتهتف بتعجب:
ـ إنت بتقول إيه؟ أنا مش فاهمة حاجة.
تحدث بجدية، ونظر إليها بخيبة أمل:
ـ ليه مصممة تهنيني أكتر من كده؟ هاه، للدرجة دي كرامتي مالهاش قيمة عندك؟ عاوزة تعرفي خرجت إزاي؟ جاوبي على سؤالي الأول: ليه روحتي تقابلي وليد؟ هاه؟
تابع الجميع المشهد بقلق، ثم تحدث جسار بجدية موجهًا كلامه لنزار:
ـ نزار، إنت فاهم الحكاية غلط. أنا وآسر كنا مع علياء وهي بتقابل وليد، كل اللي فكرنا فيه وقتها نخرجك من الموضوع من غير قلق. قولي إيه اللي حصل وإزاي عرفت بمقابلة وليد وعلياء؟
أغمض نزار عينيه بتعب، ليجيبه بضيق:
ـ وليد أتنازل عن المحضر يا جسار، وسمعني كلام علياء إنها هتساعده في علاج كريم.
وقفت علياء أمامه، وعيناها تفيضان بالدموع، واندفعت في البكاء وهي تقول:
ـ كداب، أنا فعلًا قولتله هساعده في علاج كريم مقابل تنازله عن المحضر. صدقني، هو عاوز ينتقم مننا ويبعدنا عن بعض، متوقع إني السبب في حالة كريم.
بعد وصول آسر، الذي أخبرته شاهي بعودة نزار، وجد الوضع قد ساء. تحدث جسار بهدوء:
ـ نزار، اللي اتأكدت منه بعد كلامك إنه عاوز ينهي علاقتك إنت وعلياء. اهدى وصدقني، أنا وآسر كنا معاها وهي بتقابله. واضح إنه إنسان مريض مش طبيعي. أهدى، وياريت الكل ينسى الفترة اللي فاتت دي، لأن كلنا غلطانين.
نظر نزار إليه وقرر التزام الصمت، فقد كان يشعر بالتعب الشديد ولا يرغب في الحديث مع أحد. عادت علياء إلى سريرها برفقة شاهي، وتبادل آسر وجسار نظرات متوترة. ثم تحدثت سمية بجدية:
ـ أظن ده مش وقت العتاب، كلنا محتاجين نرتاح الليلة بعد خروج فاطيما من المستشفى، لينا قاعدة وهنتكلم كلنا، الكل يهدى بقى.
وافق الجميع على اقتراح سمية، لكن جسار رفض أن تبقى معهم في المستشفى، وأكد لها أنه سيبقى معهم. غادرت سمية مع آسر وشاهي، اللذان أوصلاها إلى المنزل. بقيت فيروز مع والدتها في المستشفى، وكانت ليلة صعبة على الجميع.
في الصباح التالي، استيقظ جسار ووجد فيروز تجلس مع علياء وفاطيما. نظرت إليه فيروز بتوتر، بينما غادر نزار الغرفة ليعود بعد قليل. كانت علياء تنظر إليه بحزن بسبب تجاهله لها.
بعد فترة وجيزة، حضرت الطبيبة وأخبرت فاطيما أن حالة جاسر تحسنت، ويمكنهم مغادرة المستشفى مساءً. شعرت فاطيما بارتياح كبير، وابتسم لها جسار بهدوء. ثم تحدث نزار بجدية:
ـ أنا رايح أشوف جاسر، مشوفتوش غير مرتين بس.
قالت فاطيما بهدوء، وهي تنظر إليه:
ـ أنا جاية معاك، عاوزة أطمن عليه.
كانت ترغب في التحدث مع نزار بعيدًا عن الآخرين، فانتهزت الفرصة وذهبت معه إلى الحضانة. رحبت بهم الطبيبة وأخرجت جاسر. أبلغتها الطبيبة أنه يمكنها أخذه إلى غرفتها وستزورهم مساءً لفحصه قبل الخروج من المستشفى.
خرجوا إلى الممر وجلسوا هناك، وأعطت جاسر لنزار الذي ابتسم له بهدوء وقبّل جبينه.
تحدثت فاطيما بجدية وهي تنظر لنزار:
ـ ممكن نتكلم شوية بهدوء، من غير عصبية ولا انفعال، وإلا جاسر هيعيط وهتسكته إنت أه.
ابتسم نزار على حديثها الأخير، ونظر لها بهدوء لأنه يعلم أنها تريد أن تتحدث عن علياء. ظل صامتًا لتهتف فاطمة وهي تضع يدها برفق على وجه جاسر:
ـ إحنا عارفين إن علياء غلطانة، بس صدقني دي كانت الطريقة الوحيدة علشان تساعدك. وأي واحدة غيرها هتعمل كده. إنت أكتر واحد عارف هي بتحبك قد إيه. بلاش تقسى عليها، اليومين اللي فاتوا كانوا صعبين عليها حقيقي. أخويا اللي عارفاه أحسن شخص في الدنيا ومش بيعرف يقسى على اللي بيحبهم كتير. صح كلامي ولا غلط؟
تنهد نزار بهدوء ووافق على ما قالته فاطيما، ثم اتجهوا إلى الغرفة. انتشرت السعادة بين الجميع عند رؤية جاسر، خاصة فيروز التي صفقت بسعادة طفولية.
اقترب نزار من علياء وهو يحمل جاسر، نظرت إليه بحزن ودموع، وقالت بصوت حزين:
ـ ابعد عني.
اقترب نزار أكثر، ونظرت إليه علياء بدموع وانفجرت في البكاء. أخذ جسار جاسر من نزار ليتسنى له تهدئة علياء، فاحتضنها بقوة. حاولت علياء دفعه بعيدًا، لكنها لم تستطع، فتشبثت به بقوة. بقي الاثنان على هذه الحال لدقائق، ثم ابتعد عنها نزار ومسح دموعها بيده.
قالت علياء بتحدٍ وعناد:
ـ مش هسامحك بسهولة يا نزار، أنسى. إنت وجعتني المرة دي، كنت محتاجة ليك أكتر شخص وبعدت عني بدل ما تطمني، خوفتني زيادة. جرحي من اللي اتعرضت له خلال الأسبوعين اللي فاتوا أقل من جرحي منك.
وضع يده برفق على شعرها، ومسح عليه بحنان، ونظراته كانت مليئة بالاعتذار. قال بهدوء:
ـ نتكلم لما نخرج من هنا، وهنسيكي أي وجع عشتيه.
ثم اقترب منها وهمس في أذنها بصوت هادئ، قبل أن تعترض على حديثه:
ـ قطعة الخبز تُسمى كسرة، وقطعة الكبد تُسمى فلذة، وقطعة الشعر تُسمى خصلة، وقطعة الورد تُسمى بتلة. أما قطعة من القلب، فهي أنتِ... الجزء الذي لا يُسمى، لأنه لا يمكن أن يكون أقل من الكل.
لم تستطع إنكار تأثير كلماته عليها، فقد هدأت قليلاً، لكنها لم تكن مستعدة للتسامح بسهولة. قالت فاطيما بمرح وهي تعطي جاسر لعلياء:
ـ أظن كده نعمل هدنة بينكم، لأني محتاجة علياء معايا علشان جاسر هيجنني. لكن إنت وصاحبك، لسه بينا وبينكم حساب كبير، مش هنسامح بسهولة.
ابتعد نزار عن علياء ليقترب من جسار، الذي هتف بضحك:
ـ بدأ العقاب يا دكتور، خلاص ريا وسكينة اتفقوا علينا.
نظرت إليه علياء بعينين غاضبتين، وقالت بتهديد:
ـ هتشوف يا بشمهندس، ريا وسكينة هيعملوا معاكم إيه. بدأ العد التنازلي.
حضر بعد ذلك شهد وميرا، وكانوا يشعرون بالسعادة بعد علمهم بخروج فاطيما وجاسر. وانضم إليهم أسر وشاهي، بينما تركوا الفتيات في الداخل. ثم اتجه أسر برفقة نزار وجسار إلى الكافتريا ليجلسوا ويتحدثوا قليلاً.
❈-❈-❈
حضرت الطبيبة في المساء وأجرت فحصًا لجاسر، ثم أعطته الضوء الأخضر للخروج، مما أدخل الفرح على قلوب الجميع. بعد ذلك، غادروا المستشفى متوجهين إلى الفيلا، حيث استقبلهم سليم وسمية بحرارة. صعد الجميع إلى المنزل وتمت تهنئة فاطيما وجسار على خروج جاسر من المستشفى.
اتجهت فاطيما بعدها إلى غرفتها لتستريح وتغير ملابسها بعد حمام دافئ. عند خروجها، وجدت جسار مع جاسر وفيروز، فتجاهلته وفضلت الانتظار حتى تغادر فيروز غرفة جسار. بعد فترة قصيرة، حضرت المربية وأخذت فيروز لتذهب للنوم، حيث حان موعدها.
تظاهرت فاطيما بالنوم، واستلقت على السرير، متجاهلة نظرات جسار لها تمامًا. ازداد غيظه، وقرر أن ينتظر حتى الصباح، ولن يتركها تغادر الغرفة دون أن يتحدث معها.
في غرفة نزار، كانت الأجواء مشحونة. ارتدت علياء قميص نوم قصيرًا عمدًا لإثارة نزار، ثم اتجهت إلى الفراش. نظر إليها نزار بهدوء، ثم تحدث بجدية وهو يحاول احتضانها:
ـ علياء، كفاية بقى اختاري أي عقاب إلا الطريقة دي.
ابتسمت علياء بخبث وهي تستمع إلى كلمات نزار، ثم نظرت إليه وهتفت بيدها تشير إلى نفسها:
ـ أنا بعاقبك فين ده يا دكتور؟ حضرتك غلطان. أنا لو هعاقب بجد، كنت روحت نمت في أي أوضة تانية. نام يا حبيبي، إنت مرهق، وأنا كمان كلنا تعبنا كتير الفترة اللي فاتت.
أغلقت علياء عينيها بسرعة واستدارت، مانعة نزار من التحدث مرة أخرى، بينما كانت تتوعد في نفسها بالانتـ.ـقام بطريقة مبتكرة. في المقابل، نظر نزار إليها بذهول، بعد أن قلبت هي الطاولة وجعلته يبدو المسؤول. أغمض عينيه، غارقًا في التفكير في كيفية التعامل مع زوجته العنيدة.
في الصباح الباكر، استيقظ جسار ونزل إلى الطابق السفلي ليحضر الإفطار لزوجته. عند عودته، وجدها ما زالت غارقة في النوم. سمع صوت جاسر يبكي، فذهب إليه وحمله من سريره الصغير. استيقظت فاطيما ببطء وفتحت عينيها لتجد جسار يحاول إطعام جاسر بالببرونة. اقتربت منه ببطء وأخذت جاسر لتعود به إلى الفراش وتتولى إطعامه بنفسها.
بينما كان جسار يشاهدهم بابتسامة هادئة، أنهت فاطيما إطعام جاسر، ورفعته إلى جوارها على السرير. ثم ذهب جسار ليحضر صينية الإفطار، وكانت فاطيما تراقبه بهدوء تام. فجأة، سمع صوت طرق على الباب، وبدا الغضب على جسار، معتقدًا أن فيروز هي من خلف الباب. لكن دهشته كانت كبيرة عندما رأى علياء تدخل الغرفة وتجلس بجانب فاطيما على السرير، متكئة على الوسادة. نظر إليها جسار بغضب، لكنها تجاهلته تمامًا، متنصلة بأنها فقط تلاعب جاسر.
أحس جسار باليأس، فغادر الغرفة تاركًا علياء وفاطيما يتبادلان الضحكات المدوية بسبب نجاح الجزء الأول من خطتهم. خرج من الغرفة وهو يشعر بغضب شديد تجاه علياء. قرر التوجه إلى نزار للبحث عن حل فوري، حيث كان يعلم أن اتفاق فاطيما وعلياء سيكون له عواقب خطيرة عليهم.
استيقظ نزار وبحث عن علياء في الغرفة، لكنها لم تكن موجودة. قرر البحث عنها، وأثناء خروجه صادف جسار الذي كان واقفًا أمامه، ويبدو عليه الانزعاج.
سأل نزار بهدوء:
ـ في إيه؟ واقف هنا ليه؟ المفروض تكون مع فاطيما دلوقتي.
رد جسار بعصبية، وهو يمرر يده في شعره بضيق:
علياء مع أختك، والاتنين تقريبًا اتفقوا علينا. رأيي تسافر أنت وهي الليلة، وإلا هنفضل نتعذب معاهم.
ذهب نزار إلى غرفة شقيقته ليطمئن عليها وعلى جاسر، وتبعه جسار. وقبل أن يدخلوا الغرفة، قالت علياء بضحك:
ـ الشباب مش هيتوقعوا، هنعمل معاهم إيه تحديدًا؟ أخوكي.
نظرت فاطيما إلى علياء بقلق وحدجتها بنظرة جادة، وقالت:
ـ مجنونة، بتفكري في إيه؟ الاتنين مجانين متنسيش، قلقانة منك.
ابتسمت علياء لفاطيما وأجابتها بمرح، وهي تحتضن جاسر:
ـ متخافيش يا بطاطا، بعدين اللي يغلط لازم يتعاقب، والاتنين غلطوا، يتحملوا النتائج بقى. استمتعي معايا بعقابهم.
دلف نزار إلى الغرفة، فرأى علياء وفاطيما جالستين معًا، وعلت وجه علياء ابتسامة نصر. نظر جسار إليها بغيظ، بينما تقدم نزار من شقيقته وقبّل جبينها، وجلس أمامهما. ثم أخذت فاطيما جاسر من علياء وسلمته لنزار، الذي ابتسم لها بحرارة.
قال جسار بجدية، وهو يراقب علياء بنظراته:
ـ أعتقد الوقت مناسب دلوقتي إنك تخرجي مع نزار، أنا عايز أتكلم مع فاطيما في موضوع مهم.
ردت علياء بصراحة، متجاهلة نظرات نزار الملحّة:
ـ فاطيما مبتخبيش حاجة عني، قول اللي عندك يا جسار.
نظر جسار لنزار بضيق، وهتف نزار بهدوء، وهو ينظر لزوجته:
ـ علياء ممكن تسيبيهم شوية وتعالي؟ عاوز أتكلم معاكي أنا كمان، بلاش عناد.
أضافت فاطيما بجدية، وهي تنظر لزوجها وشقيقها لتنهي الأمر:
ـ مفيش كلام بينا يا جسار، طلبت منك تتكلم كتير وكنت بترفض. دلوقتي جه دوري أرد اللي عملته فيا، وبلاش تفكر إني هسامح بسهولة. مش هنكر إني فكرت في وقت من الأوقات أسافر لندن، لكن اتراجعت علشان ولادي قبل أي حاجة. إنت كسرت الثقة بينا، وعلشان ترجع هتاخد وقت. من هنا لوقتها، أنسى فاطيما القديمة اللي تعرفها.
أراد نزار التدخل لتهدئة الوضع بينهم، فهتف بجدية:
ـ يا فاطيما، أنا مش بدافع عن جسار، لكن الأفضل تسمعيه وتتناقشوا سوا. علاقتكم تستاهل إنك تسامحي.
أضافت فاطيما بدموع، وهي تنظر لشقيقها وتضع يدها على قلبها بوجع:
ـ لا يا نزار، أنا اتوجعت كتير، وصاحبك كان بيتعمد يوجعني في أكتر وقت محتاجة وجوده معايا. أوڨات كتير كنت بفكر أجي لندن قبل الولادة، لكن تحذيرات الدكتورة اللي منعتني. أسوأ شيء الشخص يتعرض له هو الشك. هو محاولش يطمني، بالعكس كان بيبعد أكتر. المرة دي مش هنسى بسهولة، ولو ضغطوا عليا هروح أقعد في فيلا بابا وماما.
بعد سماع جسار لكلمات فاطيما، تيقن أن الصفح لن يكون سهلًا، فغادر الغرفة بسرعة. تنهد نزار بهدوء ثم حاول تهدئة شقيقته بضمها بحنان. بعد ذلك، خرج للقاء جسار والتحدث معه، ربما يجدون حلًا لمشكلة التعامل مع زوجاتهم العنيدات. انضم آسر إليهما، واجتمع الثلاثة في الحديقة يبحثون عن طريقة لإنهاء الخلافات بينهم.
مساءً، اجتمع الجميع معًا. ذهبت علياء إلى غرفة سمية لمناقشة أمر هام. بعد أن عرضت عليها خطتها، حاولت سمية الاعتراض، لكن علياء تمكنت من إقناعها. على الرغم من مخاوف سمية من حدوث توتر جديد مع نزار وجسار وفاطيما أيضًا، وافقت في النهاية. ثم عادت علياء إلى فاطيما وأخبرتها أن الجزء الثاني من الخطة سيُنفذ ليلًا. رغم تحفظات فاطيما، أكدت لها علياء أن التراجع لم يعد ممكنًا، فوافقت على المضي قدمًا.
اقتربت الساعة من الثانية عشرة ليلًا، وكان جسار ونزار جالسين في الأسفل، يحاولان إيجاد حل للمشاكل بينهم وبين زوجاتهم. أخبرهم آسر أنه سيضع خطة لمساعدتهم في حل هذه المشاكل، وفجأة ظهرت علياء وفاطيما معًا في الأسفل، مما أثار دهشة نزار وجسار.
قال جسار بجدية، وهو يلقي نظرة عليهم:
ـ في حاجة جديدة؟ رايحين فين دلوقتي؟ ولا فيه اتفاق على هدنة مؤقتة!!
أجابت علياء بمكر، وهي تشير له بابتسامة:
ـ هدنة؟ لا يا جسار، إحنا مالناش في الهدن. قررنا نخرج نأكل برا، أنا وفاطيما، وزهقنا من البيت. فات أكتر من شهر واحنا من البيت للمستشفى، حبينا نغير شوية.
أضاف نزار بسخرية، وهو ينظر لزوجته:
ـ هتاكلوا برا الساعة 12 بالليل؟ بلاش جنان يا علياء، إنتي وفاطيما، ارجعوا أوضكم وهنشوف الشغالين يجهزوا عشا ليكم.
تجاهلت علياء حديث نزار وسارت بضع خطوات، ثم ردت فاطيما على نزار بنبرة حازمة:
ـ بجد يا نزار، عاوزة أخرج دلوقتي، محتاجة أغير جو، وأكيد مش هنتأخر.
ذهبت فاطيما وعلياء للخارج، فتبادل نزار وجسار نظرة قلق. قال جسار بتنهيدة:
ـ أكيد مش هنسيبهم يخرجوا لوحدهم في الوقت ده، تعالى نشوف آخر جنانهم إيه!!
أضاف نزار بغيظ، وهو يتجه للخارج برفقة جسار:
ـ واثق إن الجنان ده تخصص علياء، أنا حقيقي تعبت.
وقفت علياء أمام سيارة جسار في الخارج، فالتفتت لها فاطيما بقلق:
ـ إنتي واثقة أنهم هييجوا ولا إيه؟ مش مطمنة حقيقي.
ابتسمت علياء بمرح قبل أن تتكلم، مشيرة لفاطيما أن نزار وجسار تبعوهما. ركبت علياء وفاطيما في الخلف، بينما استقر نزار وجسار في المقعد الأمامي. بعد وصولهم إلى مطعم مشهور، طلبت علياء وفاطيما من أزواجهما جلب الطعام، وجلس الجميع على طاولة في زاوية هادئة، يستمتعون برؤية انزعاج أزواجهن.
وصل النادل بالطعام، فوضع الأطباق أمام فاطيما وعلياء، والقهوة أمام جسار. نظر نزار إليهم بانزعاج، بينما كانت علياء تأكل بشراهة، كأنها لم تتذوق الطعام منذ فترة طويلة. فاجأت الجميع بطلبها وجبة أخرى، مما أثار دهشة جسار. في حين تناولت فاطيما طعامها بهدوء دون اكتراث لنظرات زوجها. في النهاية، لم يتحمل نزار الموقف وغادر المطعم إلى الخارج، تاركًا الآخرين يواصلون تناولهم.
بعد ساعة تقريبًا، صاح جسار بضيق:
ـ مش كفاية بقى، يلا نمشي، الوقت اتأخر.
قالت علياء بتمثيل وهي تدعي البكاء:
ـ لسه جعانة يا جسار، ممكن تطلب وجبة تانية؟ وفاطيما خلصت كمان، اطلب لها واحدة.
مرر يده على وجهه بضيق وقال بغيظ:
ـ هجيب وجبات جاهزة، خلاص، يلا بينا، مش هينفع نسيب جاسر لوحده.
عاد نزار إليهم وقال بجدية:
ـ الوقت متأخر، الساعة ٣، لو عايزين تكملوا قعدة في المطعم اتفضلوا، وأنا همشي دلوقتي وراجع الفيلا.
نهضت فاطيما وهي قلقة على أطفالها، واتجهت مع نزار وعلياء وجسار للخروج بعد أن جلب لهم جسار وجبات إضافية. أثناء قيادته، توقفت السيارة فجأة، فنظر جسار لنزار بضيق. نزل جسار ليتحقق من سبب التوقف، ثم عاد إلى السيارة، وجلس وهو يخطط للرد على تصرفاتهم المتهورة.
خرج نزار من السيارة ووقف خارجًا، فصرخت فاطيما بقلق:
ـ جسار ليه وقفت!! يلا نمشي بسرعة، أنا خايفة على الولاد.
قال لها بهدوء في محاولة لتهدئة روعها:
ـ العربية فيها عطل، واحنا هنستنى شوية لغاية ما نصلحها، متقلقيش، هنروح في أول ما نلاقي حل.
قالت علياء بتوتر وقلق:
ـ إنت بتقول إيه؟ نستنى فين؟ مش وقت هزار، يا جسار، اتصل بـ آسر ييجي ياخدنا أو عمو سليم.
عاد نزار إلى السيارة وجلس في المقعد الأمامي، فأجاب جسار علياء بهدوء:
ـ أكيد الكل نايم دلوقتي، أهدي بقى، الوضع مش بسيط.
نزلت دموع فاطيما بصمت وهي تزداد توترًا مع علياء مع اقتراب سيارتين، وبدأ الخوف يتسرب إلى قلبيهما.
يتبع...
