-->

رواية جديدة البطة السودا لأسماء عبد الهادي - الفصل 3 - السبت 6/12/2025

 

قراءة رواية البطة السودا كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية  البطة السودا

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أسماء عبد الهادي 

الفصل الثالث 

تم النشر السبت 

6/12/2025


ربا دفعها الفضول انها تدخل تشوف اوضة اختها منار وخاصة لما شافت الباب موارب ومنار من استعجالها مقفلتوش وراها كويس 

واول ما دخلت زهلت بمنظر الاوضة.. الاوضة كبيرة وواسعة فيها اثاث قيم وغالي سرير كبير لونه بينك ونجفة كبيرة في نص الاوضة وتسريحة عليها كل حاجة ممكن منار تحتاجها دا غير المجوهرات الكتير المحطوطة في العلب المخصصة .. ركن كامل لهدوم منار اللي ملهاش حصر وكأنه محل ملابس مش دولاب... تلاجة صغيرة ببابين وشاشة سمارت.. حمام خاص كبير وواسع ومجهز بكل خاجة ممكن هي تحتاجها بمعنى اوضتها كانت عبارة عن جناح كامل متكامل دا غير شاشة العرض الكبيرة اوي واللي اخده معظم الحيطة قدام ربا 


ربا وقفت مزهولة مقارنة بأوضتها .. اوضة ربا كانت عبارة عن مخزن يادوب مكان فيه سرير ودولاب صغير وتسريحة مفيش حمام خاص ولا فيها كل الإمكانيات اللي موجودة دي 

ربا كلمت نفسها 

مش مشكلة يا ربا هو انتي كنتي تحلمي بربع اوضتك حتى انتي كان طول عمرك نفسك ف اوضتك الخاصة ترتاحي فيها بهدوء واديه حصل بلاش تبقي طماعة اتفقنا انك نتتبهي لدراستك افضل 


ولما جت تخرج قابلتها امها 

ربا 

ماما 

انغام 

بطة بتعملي ايه هنا في اوضة منار ومين سمحلك تدخليها منار مبتحبش حد يدخل أوضتها حتى الشغالين ممنوع يدخلوا اوضتها بدون اذنها 


ربا 

اا انا اسفة بس هي منار نسيت الاوضة مفتوحة فدفعني الفضول ادخل اشوفها مش اكتر قد ايه الاوضة جميلة اوي 


انغام بجدية 

طيب متتكررش تاني يا بطة واتفضلس ع اوضتك يلا 


ربا 

حاضر .. اا ماما بعد اذنك ممكن اخرج اجيب شوية حاجات 


انغام 

اخرجي بس لوحدك لاني مش فاضية وكمان الفلوس اللي عطهالك فريد مفيش غيرهم 


ربا 

حاضر يا ماما هجيب شوية حاجات ناقصاني بس اا فيه سواق هيوصلني ولا ايه 


انغام بانزعاج 

يووه طيب ماشي هكلم عم عباس يوصلك او اقولك انزلي لأم سمير تحت تنادي عليه 


ربا 

حاضر هعمل دا 


انغام 

بطة انا بحذرك تدخلي اوضة اختك تاني مفهوم المرة دي عدت ع خير ومنار مشافتكيش كانت هتبقى مصيبة 


ربا 

حاضر مش هدخلها تاني اطمني يا ماما 

ونزلت ربا لأم سمير تحت 

❈-❈-❈

على الجانب التاني

كان راجع من برا ودخل البيت والفرحة مش سايعاه فضل ينادي عليهم بابا ماما انا جيت ومعايا خبر بمليون جنيه 


جت الأم وكانت ست كبيرة في السن يادوب ساندة نفسها بالعافية 

اهلا يا عمر يا حبيبي قول انك لقيت شغل اخيرا يا ابني 


عمر قرب من امه وباس ايديها 

ايوا يا امي الحمد لله لقيت شغل ف الشركة اللي بحلم بيها طول عمري 


هنا جه الأب وكان باين انه كان بيتوضى وقال بفرحة 

الحمد لله يا ما انت كريم يارب 


الام 

ربنا ينولك اللي ف بالك يا عمر يلا اقعد لنا اعملك كوباية الشاي بالنعناع اللي بتحبها واحكيلنا عن شغلك دا 


عمر قعد واتكلم بكل حماس 

دي شركة الإلكترونيات اللي بحلم اشتغل بيها اخيرا قبلوني عندهم 


الأب وكان راجل عجوز

طيب حلو اوي يا ابني .. ها هتستلم شغلك امتا والله وبقيت موظف قد الدنيا وهتقعد على مكتبك اللي يليق بيك 


هنا وش عمر بهت لكنه دارى حزنه في وشه المبتسم علطول 

لا مكتب ايه مش دلوقتي خالص ومش بالسهولة دي مفيش حد بينط السلم لازم نطلعه سلمة سلمة 


الاب

 مش فاهم لو مكنتش تشتغل ع مكتب هتشتغل ايه بس هتقف ع مكن تصلحه هيودوك المصنع تصلح الاجهزة والمكن!! 


عمر 

حاجة زي كدا انا هكون فعلا ف المصنع التابع للشركة بس لسه موصلتش لمرحلة الصيانة او التصنيع 


هنا جت الأم وحطت الشاي قدام عمر وقالت 

اومال هتشتغل ايه يا عمر يا ابني عامل نظافة!!! 


عمر هز راسه 

فاتسعت عيون امه وابوه

الاب

عامل نظافة يا عمر!! من مهندس قد الدنيا لعامل نظافة في مصنع ايه اللي يجبرك ع الشغل دا يا ابني فيه الف شركة تتمناك غير دي بس انت حاول تاني 


عمر

من يوم ما اتخرجت وانا بحاول يا بابا وزي ما انت شايف مفيش عندي حل تاني غير دا وكمان الشركة دي الشركة اللي بحلم بالشغل فيها وسمعت ان محدش بيعدي كدا بسهولة كل اللي اشتغلوا فيها لازم يمر بالمرحلة دي ويثبت ولاءه وكفاءته علشان يترقى لحاجة اعلى وانا عندي امل اني اترقى بسرعة واوصل للي انا عايزه 


اتنهد الاب والام بقلة حيلة 

الاب

ربنا يصلح حالك يا ابني وينور طريقك 


الام 

اشرب الشاي قبل ما يبرد يا عمر انت ما بتحبوش بارد يا ابني 


عمر 

مش عايزكم تزعلوا الشغل في الشركة مرتبه افضل من مليون شغل برا 


الام 

مش زعلانين يا ابني المهم انت تكون مبسوط ومرتاح ربنا يروق بالك يارب


عمر 

يارب يا امي يارب... عن اذنكم هدخل ارتاح شوية علشان عندي مشوار بالليل عايز اعمله 

ولما دخل عمر ينام قالت الأم 

صعبان عليا عمر اوي يا حج فتحي.. طول عمره شايف الغلب وشقيان ومفيش حاجة تفرحه يا دوب يلاقي حاجة يدخل ف حاجة مبيلحقش يفرح يا حبة ربنا يسهله طريقه يارب 

❈-❈-❈

ربا خرجت اشترت شوية هدوم جديدة بسيطة وف نفس الوقت مش مكلفة علشان تخافظ على فلوسها ولما رجعت مكانش حد ف البيت غير انغام كانت قاعدة بتشرب القهوة بتاعها وف ايديها التانية الفون 


ربا كانت راجعة متحمسة واول ما شافت امها قررت انها تفرجها على اللي اشترته 

رُبا

مساء الخير يا نانا 


أنغام (من غير ما تبص فيها)

مساء النور.


رُبا تقف شوية، وبعدين تمسك كيس الهدوم 

رُبا (بنبرة خفيفة)

انا اشتريت هدوم جديدة بالفلوس اللي بابا حطهالي ف الفيزا ايه رايك تشوفيهم 


أنغام (ببرود وهي تبتاخد شفطة من القهوة

مش هيهمني في حاجة لان في الاول والاخر زوقك مش هيعجبني علشان كدا وفري على نفسك وخدي حاجتك واطلعي ع اوضتك 


رُبا (تحاول تبتسم)

ممكن نجرب. .. يمكن يعجبوكي ولو مش عجبوكي اغيرهم عادي


أنغام (بتقف، تبص لها لحظة، وبعدين ترجع تركّز في الفون 

مش هتفرق كتير لو عاجبينك خلاص انتي خلاص اشترتيهم اطلعي اوضتك متوجعيش دماغي اكتر


رُبا تحس بصدمة صغيرة، تحاول تخفيها 


رُبا (بهدوء فيه كبت)

هو أنا بعمل حاجة مضايقاكي يا ماما؟


أنغام

مش مضايقة. بس البيت دا له نظام. وإنتي مش متعودة عليه.


رُبا (تتمالك نفسها بصعوبة)

بس أنا بحاول… بجد. أنا كل يوم بصحى على أمل إننا نبدأ صفحة جديدة... ااا


أنغام 

مش كل الصفحات بتتفتح بسهولة، بطة. في صفحات بتتقفل من سنين، وبتبقى صعبة تتقري تاني... رغم اننا كنا بنتلهف عليها


رُبا (بهمس)

بس أنا الصفحة اللي اتقفلت… من غير ما أختار... مليش ذنب


انغام مردتش عليها وسابتها ومشيت فما كان من ربا الا انها اخدت اكياسها وجرت ذيول الخيبة وطلعت ع اوضتها 

❈-❈-❈

طلعت اوضتها بحزن شديد فدخلت الدادة اللي شافت الموقف وحبت تدخل علشان تخفف عنها 

ااا بطة سمعت انك كنتي بتشتري هدوم جديدة ايه مش ناوية تفرجيني عليها 


ربا حاولت تبتسم 

مش هتفرق يا دادا زوقي مش هيعجبكم 


الدادة جربي يمكن يعجبني يا بطتي 


ربا هنا ادركت ان الدادة سمعت الحوار بينها وبين امها وجاية تخفف عنها علشان كدا قالت

دادا ممكن بينا وبين بعض تناديني ربا اسم بطة دا انا مش حاباه بيضايقني


الدادة 

زي ما تحبي يا احلى ربا ها مش هتوريني بقا جبتي ايه 


ربا حاولت تنسى حزنها وبدأت تخرج كل اللي ف الشنط وتفرجه للدادة وتلبسه وتعملها عرض ازياء بسيطة 


ربا ها ايه رايك ف زوقي 


الدادة والله زي العسل وزوقك هادي وجميل والأحلى انك لما لبستيهم جملتيهم بويادة 


ربا بامتنان 

الله على لسانك اللي بينط سكر دا يا دادة كنت محتاجة اسمع كلام جميل زي دا وتشجيع بس من ماما لكن للاسف دا محصلش متشكرة ليكي جدا 


الدادة معرفتش ترد تقول ايه فقالت 

اا تلاقيكي جوعتي ظبطي هدومك ف الدولاب لحد ما انزل احضرلك غداكي يا حبيبتي 


ربا 

وهما تحت مش هيتغدوا 


الدادة 

كل واحد ف حوار لوحده هتلاقي انغام هانم اتغدت ف النادي ومنار مع صحابها وقاسم بيه سافر وفريد بيه بيتغدى ف المكتب طالما أتأخر كدا ومتبقاش غيرك اللي مأكلش نصيحة متشغليش بالك غير بنفسك وبس علشان متتعبيش هنا كل واحد ف وادي الا بسيط جدا يوم ولا اتنين ف الاسبوع لو اتجمعوا ع سفرة واحدة 


تاني يوم 

منار كانت قاعدة على الكنبة، ماسكة موبايلها و بتضحك، ورُبا داخلة تدور على كتاب كانت سايباه على الترابيزة


رُبا

منار، شوفتي كتاب لونه أزرق؟ كان هنا على الترابيزة 


منار من غير ما تبص لها

مش مهتمة بالكتب.. ولو كنت شوفته مكنتش ههتم 


رُبا

أنا بسأل عادي. يمكن شوفتيه او تعرفي مكانه


منار (تضحك بسخرية)

ولا يمكن حد زهق من منظر حاجاتك اللي في كل مكان؟

يعني مش كفاية علينا نعيش مع حد غريب، كمان لازم نتحمّل الفوضى بتاعته


رُبا بهدوء مليان بالغليان

أنا مش غريبة، يا منار... انا اختك


منار (تقوم من مكانها، تقرب منها خطوة)

 لا انتي غريبة جدًا. ووجودك أصلاً هتا غلط. فجأة دخلتي حياتنا، وعايزة تلعبي دور الأخت؟ بأي حق

إنتي اتربّيتي في مكان تاني، عند ناس تانيين، بعقلية تانية…

مش مننا، ومش هتبقي مننا... افهمي بقا 


رُبا بصوت مهزوز لكن قوي

أنا ما اخترتش ده. أنا كنت طفلة...

وإنتي كل مرة بتكلميني كأنك بتحاسبيني على شيء ما عملتوش... ذنبي ايه


منار (بنبرة باردة)

يمكن ما عملتِيش حاجة… بس وجودك كفاية يخرب كل حاجة.. كل حاجة بتخرب بسببك 


سكتت ربا شوية مش عارفة ترد ع اختها تقول ايه 


منار زعقت فيها 

لسه واقفة ليه ما تغوري من وشي وانا اوعدك لو لقيت كتابك اللي بتقولي عليه دا هقطعه فاهمة هقطعه علشان تتمحي تماما زيه بالظبط 


ربا بصتلها بحزن دفين وسابتها وطلعت ع اوضتها وانفردت بنفسها في بحظة انهزام وضعف تعيط لوحدها 

وبعد كم يوم من حبسة ربا في اوضتها راحت لوالدها


فريد كان قاعد على المكتب، لابس نضارته وبيقرأ جريدة قديمة. رُبا وقفت عند الباب وخبطت براحة


رُبا

بابا… ممكن أدخل؟


فريد (من غير ما يرفع عينه عن الجريدة)

ادخلي.


رُبا دخلت و، واقفة مترددة. بتحاول تفتح موضوع.


رُبا

كنت عايزة أتكلم معاك شوية… لو في وقت.


فريد بيقلب الصفحة بهدوء

اتفضلي.


رُبا 

أنا حاسة إني… مش لاقية مكاني هنا.

مش عايزة أكون عبء، ولا دخيلة. بس محتاجة أفهم…

هل وجودي مزعج للدرجة دي؟


فريد سكت لحظة، وبعدين رد من غير ما يبصلها

الموضوع مش بسيط، يا بطة

الحياة مش بترجع زي ما كانت لمجرد إن حد رجع فجأة.


رُبا

بس أنا مش "حد". أنا بنتك.


فريد 

كنت بنتي… زمان... لما كنتي معانا وسطينا 

دلوقتي، إنتي شخص جديد… واحنا كمان اتغيّرنا... صعب نتقبل دا بسهولة


رُبا اتهزت من الجملة، حاولت ترد، لكن ملقتش كلام. فهزت راسها بخيبة أمل، وخرجت من المكتب في صمت تام 



.... 

ربا مقدرتش تطلع ع اوضتها كانت مخنوقة مش طايقة المكان ولا اللي فيه ولا حتى روحها قررت تخرج تحاول تنفث عن غضبها ... حزنها.. انسكارها وحدتها رغم البيت الكبير اللي كانت عايشة فيه رجليها خدتها لروحها اللي سايباها خدتها للمكان اللي بتحس فيه بالأمان رغم برودته 

وقفت قدام الباب وخبطت بتردد 


صوت من جوه 

جااااايةاااا! اصبر شوية وبعدين اول مرة حد مؤدب يخبط قبل ما يدخل كله بيرزع الباب برجليه ويخش 



سماح بصدمة وفرحة

رُبـــــــــــااااا!!!


تترتمي ربا في حضنها، الاتنين يضحكوا ويبكوا في نفس اللحظة. سماح سحبتها بسرعة لجوا.وقفلت الباب


وحشتيني يا ربا؟ كنت بفكر فيكي كل يوم…عاملة ايه واخبارك كدا



رُبا بابتسامة باهتة ودموع في عينيها

أنا كنت بحاول ألاقي نفسي… بس يمكن كنت لازم أرجعلك عشان ألاقيها.


سماح

قوليلي… مالك؟ وشك مش مرتاح... انتي مش مبسوطة بالرغم من انك رجعتي لأهلك الاغنيا


رُبا انهار ت

لقيتهم، يا سماح لقيت أهلي.

بس ما لقيتش حضن… ولا حنان.

لقيت بيت كبير، بس قلبي كان بردان فيه... ملقتش الدفا والحب اللي كنت بدور عليهم طول عمري


سماح قعدت جنبها، ومسكت إيدها

أنا وإنتي اتربينا على اللهفة للحضن الدافي والكلمة الحلوة بنتشحتف طول عمرنا علشان نلاقيها


رُبا بانهيار

منار بتكرهني… و ماما أنغام بتتجاهلني… وفريد بيتكلم كإني "موضوع مش بنته وقاسم مش فاضيلي تقريبا مش بشوفه خالص

حاسّة إني دخيلة على اسمي، على حياتي... عليهم كلهم 


سماح بحنان وبحزم في نفس الوقت

بس إنتي مش دخيلة على نفسك…

ربا اللي عرفتها زمان، كانت دايمًا بتخفف على كل الناس لما يعيّطوا.

دلوقتي دورنا نخفف عنك إحنا؟؟


رُبا بصت لها، دموعها نزلت 

هنا… أنا حاسّة إني رجعت بيتي.. الحقيقي 

فضلت ربا مع سماح مش حابة ترجع وسماح كانت بتخفف عنها وتواسيها بس بأسلوبها الخاص


كانوا قاعدين سوا على السرير . رُبا ما قدرتش تنام، بتبص للسقف، وبعدين تهمس


رُبا 

فاكرة أول مرة دخلت فيها الملجأ؟ أنا كنت قاعدة في الركن، لابسة جاكيت أكبر مني، خايفة أتنفّس.


سماح 

كنتِ عاملة زي قطة البريئة الغرقانة تحت المطر.

كل البنات كانوا بيخافوا يقربوا منك… وأنا دخلت عليكي وبصيت في ايدك اللي ماسكة البسكوت ومتبتة عليه وقلتلك"إنتي هتاكلي البسكوت ده ولا أرميه؟" 😂


رُبا ضحكت بخفة

وأنا كنت هموت من الجوع بس خايفة من كل اللي حواليا


سماح 

ومن يومها بقيتي تاكلي نص أكلي، ونص حزني... بقينا اصحاب ومش بش اصحاب اكتر من اخوات روح واحدة

ربا سكتت وكأنها بتفتكر موقف وبعدين قالت

فاكرة الغطا المقطع اللي كنا بنتخانق عليه؟

كل واحدة تشدّه ناحيتها بالليل، لحد ما اتقطع خالص


سماح ضحكت

آه والله… لدرجة إن المشرفة قالت لنا

"هو أنتم بتتخانقوا عليه ولا بتمثلوا عليه مسرحية؟ اهمدوا

بس احنا كنا بندوّر على أي دفا… حتى لو كان بحتة قماشة.


رُبا دمعت

كنت بحس إن كل ما الدنيا تضيق، إنتي كنتِ الحتة الوحيدة اللي بترجع لي فيها روحي.

أنا مش ناسية لما اتعاقبتي بسببّي… وأنا اللي غلطانة.


سماح، بصت لها بحنان

لو رجعت السنين دي تاني… هعمل نفس اللي عملته 

مفيش حب حقيقي بيستنى مقابل.


ربا مدت ايديها مسكت ايد سماح

رُبا

أنا فقدت كتير… بس وجودك بيخليني أحس إني لسه ما خسرتش كل حاجة.


سماح شددت على إيدها

وكل ما تتكسري… تعالي هنا.

ده المكان اللي قلبك فاكره قبل ما عقلك يتلخبط... بصي كدا من الشباك طول ما القمر موجود وطول ما فيه نور يبقى الأمل لسه موجود 

....

في صباح اليوم التالي....

 ف اوضة السفرة منار قاعدة بتتصفح موبايلها، وأنغام بتطلب من الشغالة تحط الفطار وفريد نازل من الدور العلوي، بيعدل رابطة عنقه.


أنغام من غير اهتمام واضح

رُبا ما نزلتش تفطر؟


منار وهي بتلعب بالنوب

ما رجعتش من امبارح تقريبا


فريد وقف في نص السلم

إيه؟!


منار (اتنهدت وكأنها زهقت من الموضوع

ما رجعتش يمكن

سابت البيت ورجعت للملجأ اللي جاية منه وريحتنا


فريد نزل باقي السلم بسرعة، ملامحه بتتغير، وصوته على لأول مرة.


فريد بحدة

راحت فين؟!

إنتي متأكدة من الكلام ده يا منار؟


منار ببرود

دا شىء اكيد

والموضوع مش مفاجأة يا بابا … شكلها لقت نفسها هناك أكتر.


فريد صاح بغضب

ده بيتها!

هي تسيب البيت وتمشي كأنها سايبة شارع؟!

ومين قالها تروح تاني تدور ورا الماضي؟! مش كفاية اني متحمل انعا طول عمرها عايزة ف ملجأ للأيتام!؟


أنغام بتحاول تهدي

فريد، إهدا بس، صحتك اا


فريد قاطعها بغضب حاد

البنت ما تعرفش حاجة عنّا! ولا احنا كمان

وإحنا مش مسؤولين عن سنين ما عشناهاش معاها!


منار بتهكم

بس الظاهر إن اللي عاشته هناك أغلى عندها من اللي لقته هنا... مش عاجبهت عيشتنا رجعت تاني لأصلها


فريد لف وشه ناحية منار بسرعة، صوته بقا واطي شوية لكن نبرته تبقى عنيفة


كفاية....الموضوع مش هزار.

إحنا استقبلناها، فتحنا لها بيتنا، وهي تقابل ده بإهانة؟

لا… ما ينفعش! مش هسمح بدا ابدا


أنغام 

يمكن مش قصدها تهينك… يمكن كانت رايحة تزور حد هناك الغايب حجته معاه


فريد اتنفس بعصبية، 

لو كلامك دا صح يبقى كانت تستأذن الاول ولا هي وكالة من غير بواب تدخل وتخرج وتقابل وتزور زي ما نا تحب لا وكمان تبات هناك دي بقت مهزلة


لحظة صمت من الكل فريد قفل زرار الجاكيت، بصلهم بنظرة سريعة، ومشي ناحية الباب.


وقال قبل ما يخرج

لو رجعت…

قولوا لها إنها مش طفلة تهرب وتفتكر إحنا هنجري وراها.


قفل الباب وراه بقوة. لحظة صمت تقيلة تسيطر على المكان... بعدين منار نفخت بانزعاج 

دا كله منها من اول ما جتلنا البيت وهي دخلت الكآبة للكل بابا اول مرة اشوفه متعصب كدا

.... 

سراج قاعد على الكرسي بيقلب في الجرنال، وفتون قاعدة قدامه بتبصله بنظرة كلها ملل وغيظ


فتون بنيرة كلها غل

سراج... هو باباك ما بيزهقش؟ بقاله سنتين وهو كل أسبوع يقولي "حاسس إنها آخر جمعة ليا"

وكل مرة، يصحى تاني يوم زي الحصان! وصحته احسن مني ومنك


سراج بغصة

أنا كمان مستغرب... ده حتى دكتور طارق قال إن عنده القلب تعبان.

بس الظاهر قلبه عنيد زيه! مبيملش 


فتون اتنهدت

يعني إمتى؟ إمتى هنرتاح؟

أنا زهقت من العيشة دي... القصر باسمه، الحساب كله باسمه، حتى الشجر اللي في الجنينة باسمه!

هو سايب لنا إيه غير "اصبروا عليا شوية"؟


سراج بنرفزة

أنا ابنه الكبير! من حقي أعرف مصيرنا.

وأهو كل ما أفتح الموضوع، يقولي "استعجلت على موتي يا سراج؟"


فتون بخبث

ماهو لو كنت شاطر، كنت خدت توقيع منه وانت بتوديه الدكتور المرة اللي فاتت.

بس انت كل اللي عملته... سلامتك يا بابا سلامتك دا اللي قدرت عليه يا سراج!


سراج بيدافع عن نفسه 

كنت هغدر بيه قدام الناس؟!

أنا مش كده يا فتون


فتوت بتضحك بسخرية

لا يا سلام... بس مستني يموت بطبيعته وانت بتعد الأيام!

على كده نلحق نحتفل بعيد ميلاده التسعين... السنة الجاية... ولا هنموت احنا قبليه


سراج بصلها بنظرة غيظ... وبعدين سحب سيجارة فتح الشباك


سراج قال بصوت واطي

هو لازم يموت في يوم...

بس لو فضّل كده، فعبا هنموت إحنا قبله من القهر.

فتون قامت تقفل التلفزيون وتبص له بعيون لامعة

يبقى لازم نفكر...بطريقة تانية... غير اللي بنفكر بيها


....

الجد سليم قاعد على كرسي خشب بالرغم من انه قديم الا انه قيم وغالي جدا وقدامه مكتب مليان أوراق


بتول بنته دخلت ليه بالأوراق، لابسة لبس بسيط وأنيق، وشايلة فايل فيه أوراق مهمة


بتول بابتسامة دافية

مساء الخير يا بابا...

جبت كشف الحساب، والتقارير من شركة المقاولات... اهم اتفضل 


الجد سليم بصوت متعب لكن فيه حنية

ربنا يرضى عليكي يا بتول يا بنتي 

الوحيدة اللي لو غمّضت عيني، أسيبلك المفتاح من غير ما أرجع أسأل انتي عملتي ايه


بتول قعدت قصاده ع الكنبة الجلد

ربنا يخليك لينا يا بابا، بس أنا عاملة كل ده علشانك... مش عشان ورث ولا فلوس.


الجد سليم بص لها بحزن

عارف يا بنتي... عارف...

أهو شوفي إخواتك، دمّهم من دمي، بس قلوبهم بعيدة عني...

سراج مستعجل على موتي، ومنير بيتمنالي الغيبوبة مقومش منها 


بتول بهدوء

أنا شايفاهم... بس أنا كمان شايفا إنك لسه واقف على رجليك، ولسه تقدر تقول لأ.

وماحدش يقدر ياخد منك كلمة بالعافية.


الجد سليم ضحك بخفة

قوليلي بقى...

لو حصللي حاجة، تمسكي كل حاجة؟

القصر.. الأراضي، الشركتين؟


بتول تبص له بثقة

لو انت وصيتني، آه.

بس لو انت سايبها للناس تأكل بعض... أنا ماليش في المعارك...


الجد سليم يبتسم بارتياح

عشان كده بحبك.

وأنا وصّيت... والوصية في درج المكتب.


لحظة صمت فيها هي تبص له، مش متأكدة هو بيهزر ولا بيتكلم بجد


بتول بحذر

يعني كتبت حاجة رسمي؟


الجد سليم

كتبت...

بس مش كل الورق.

في حاجات لسه مخبيها... للي يستحقها بجد.


اتنهدت بتول بقلة حيلة 

ياريت كان بالي مرتاح يا بابا يا ريت كنت وعدتك اني هحافظ على كل حاجة بجد 


سليم بنبرة واثقة 

متأكد انك هتحافظي عليهم بكل طاقتك مش علشانك علشان عمر علشان لما تلاقيه تعوضيه عن كل السنين اللي فاتت 


بتول عينيها دمعت

امتا الاقيه يا بابا امتا خايفة يكون مات وانا فضلت متعشمة طول الوقت دا كله 


سليم بأمل وثقة 

ان شاء الله يكون عايش لو عمر زي ما انتي حكيتي عنه هيعافر وهيعيش وتلاقيه بيدور عليكي كمان 


بتول ببصيص امل

يارب يارب يا بابا الاقيه وحشني اوي وحشني ضمته ليا وهو بيحط كفه الصغير على وشي وبيقول متعيطيش يا بتول كل حاجة هتبقى تمام طول ما انا معاكي سبتني ليه يا عمر سبتني ليه بس 

دموعها نزلت فسليم اخدها ف حضنه 

كل دا غلطتي ولسه بفكر عنها لحد دلوقتي سامحيني يا بنتي

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة  أسماء عبد الهادي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة