-->

رواية جديدة ترنيمة حب الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة لفاطمة الزهراء - الفصل 38 - الأحد 7/12/2025

 

قراءة رواية ترنيمة حب الجزء الثاني من روابة قلوب ضائعة كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية ترنيمة حب 

الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة فاطمة الزهراء


الفصل الثامن والثلاثون 

تم النشر يوم الأحد

7/12/2025


أعرف أني كُلما تخبطت

وجارت الأيام علي

لدي حبّك لأطمئن به

" لدي أنتَ "

وهذا كافي لأتباهى بك .


في مصر، أصبح عمر جاسر ٧ أعوام، وفيروز ١٢ عامًا. كانت فيروز تشبه والدتها إلى حد كبير وتمتلك ملامح مميزة، وكانت متفوقة في دراستها رغم صغر سنها. كانت شديدة التعلق بوالديها وصديقة جيدة لوالدتها. أخذ جاسر بعض الصفات من خاله نزار، وكان يشبه والده في الكثير من الأشياء. استطاع جسار الحفاظ على أسرته، وعادت فاطيما للعمل معه في الشركة، لكنها كانت تخصص الوقت الأكبر لأسرتها.

كانت العائلة تشعر بالسعادة مع قدوم نزار وأسرته لقضاء العطلة السنوية معهم، فقد انتظروا هذا اللقاء بشوق كبير. ذهب جسار وعمر لاستقبالهم في المطار، وأصر جاسر على مرافقة والده. في حين بقيت فاطيما في المنزل لتحضير الأطباق المفضلة لشقيقها وأسرته. عند وصولهم للمطار، لم يمض وقت طويل حتى ظهر نزار وعلياء مع أولادهم فريدة، عاليا، ليلي، زين، بالإضافة إلى يزن وتيم. وما إن رأت ليلي جسار حتى ركضت نحوه، تاركة والدتها خلفها. تقدم الجميع لتحية الوافدين بحرارة.

أردف جسار بابتسامة حارة وهو يرحب بنزار وأسرته:

ـ نورتوا مصر يا شباب! طمنوني، أخبار لندن إيه؟ عاملين إيه هناك؟

أجابه نزار بمكر، وهو يرتب الحقائب في السيارة:

ـ لندن كويسة، بعتالك سلامات كتير، بقول نشوف رأي فاطيما إيه لما نوصل. 

تحدث جسار بضحكة، وهو يحاول تهدئة نزار:

ـ خلاص يا دكتور، أهدى هاه! إنت عارف أختك مجنونة.

هتفت بها علياء بضحك، وهي تنظر لجسار بنظرة مرحة، محاولة إثارة غيظه:

ـ اعترف يا جسار، إنك بتخاف! متقلقش، مش هقول لحد.

نظر لها جسار بغيظ شديد، لكنه سيرد عليها لاحقًا. ركبت عاليا وفريدة و يزن مع تيم في سيارة والده، وركب نزار وعلياء برفقة زين وليلي في سيارة جسار، وكان جاسر معهم ليتحركوا نحو الفيلا. وصلوا بعد فترة، وكان في استقبالهم سليم وسمية وسلمى. لتخرج فاطيما برفقة فيروز بعد استماعهما لنداء جسار عليهم من الخارج.

هتف نزار بسعادة، وهو يضم فيروز بحرارة، محدثًا إياها عن رغبته في اصطحابها معهم إلى لندن:

ـ روزا كبرت بسرعة كده بقول ناخدها معانا لندن بقى.

قال جسار باعتراض، وهو يأخذ فيروز من نزار:

ـ لا يا دكتور، أنسى الفكرة لسه بدرسها، لكن أظن تسافر لما توصل لمرحلة الجامعة.

هتفت علياء بمكر وهي تقف أمام جسار:

ـ عندي عرض مناسب ليك يا جسار، إحنا ناخد روزا معانا لندن ونسيب ليلي معاكم هنا.

قالتها فاطيما بضحك، وهي تتابع نظرات ليلي لوالدتها، محاولةً تهدئة الأجواء واقتراح تأجيل الحديث إلى وقت لاحق:

ـ أنا بقول ترتاحوا دلوقتي ونتكلم بعدين

صعدوا للأعلى برفقة فاطيما اتجهت علياء برفقة نزار لغرفتهم، و ذهبت فريدة و عاليا و ليلي لغرفتهم و اتجه يزن و زين لغرفتهم. لتهبط فاطيما للاسفل وجدت جسار جالس يبدو وكأنه يفكر في أمر ما.

هتفت فاطيما باهتمام، وهي تقترب منه وتحاول معرفة ما يشغله:

ـ مالك يا جسار؟ بتفكر في إيه؟

أردف بجدية شديدة وهو ينظر لابنته فيروز الجالسة مع عمته سمية: 

ـ فيروز كبرت بسرعة، فكرة إنها تبعد عني مش قادر أتخيلها بجد.

تنهدت فاطيما بهدوء، فهي لم تشعر أبدًا بهذه السنوات، لكن بالفعل بدأت ابنتها تنضج أمامها، لتتحدث وهي تشاهد جاسر قادمًا إليهم ويشعر بالضيق: 

ـ حبيبي، إحنا اتكلمنا في موضوع سفر روزا واتفقنا نقرر لما تدخل الثانوي بعدين، أهدى وشوف الكابتن ليه متعصب.

وقف جاسر أمام والده هاتفًا بتذمر: 

ـ بابا، إنت وعدتني هتعلمني ركوب الخيل في الإجازة، امتى هنبدأ بقى؟

ابتسم جسار ابتسامة هادئة وهو يجيب: 

ـ ايوه يا حبيبي، اتفقنا بس نرتاح النهارده ونبدأ من بكره.

ضرب جاسر قدمه في الأرض باعتراض، ليهتف بغيظ: 

ـ ليه فيروز لما تطلب حاجة حضرتك تنفذها على طول، ليه أنا لأ؟

نظر جسار لزوجته التي تتابع حديثهم بهدوء: 

ـ إنت غيران من فيروز ولا إيه؟! بعدين أنا قولت نرتاح النهارده مش رفضت، جاسر أهدى وإلا مفيش ركوب خيل.

ركض جاسر متجهًا للداخل، لتهتف فاطيما بتنهيدة عميقة: 

ـ على فكرة، إنت متحيز فعلًا لفيروز، وده هيخلي علاقتها بجاسر فيها قلق.

أشار لها وتحدث بجدية وهو يغمض عينيه بتعب: 

ـ إنتي اللي بتقولي كده كل ده علشان قولتله نركب خيل بكره؟!

أجابته فاطيما و أردفت بهدوء شديد: 

ـ جسار، ابننا بيكبر هو كمان، ومحتاج تكون معاه وقت أكبر، جاسر ولد مش بنت.

اتجه جسار للداخل ليجد جاسر في غرفته، دلف إليه وجلس جواره على الفرش، ليهتف بهدوء: 

ـ جاسر، إنت ابني، وفيروز أختك، بحبكم أنتم الاتنين زي بعض، حياتي من غيركم هتكون فاضية، عاوز تكون متأكد إني بحبك قوي، يلا انزل استنى تحت، هغير الهدوم ونركب خيل سوا.

أومأ جاسر بموافقة واتجه جسار لغرفته ليبدل ملابسه، وهبط جاسر للأسفل ليخبر فيروز أنهم سيبدأوا تدريب على ركوب الخيل الآن. هبط جسار إليهم بعد فترة وجيزة وأحضر فرسًا، ركب جاسر على واحد وفيروز على الثاني، ركب جسار خلف جاسر وبدأ يسير ببطء. كانت فاطيما تتابعهم بابتسامة هادئة وتراقبهم، وهي تتمنى أن تظل أسرتها مستقرة ومتماسكة.

❈-❈-❈

استيقظ نزار ليجد علياء ما زالت نائمة، فقرر أن يتركها ترتاح بعض الوقت. وأثناء مغادرته للغرفة، وجد ليلي تسير تائهة، فاقترب منها واردف بجدية: 

ـ إيه يا ليلي، خايفة ليه؟

ارتمت بين ذراع والدها وتحدثت بتوتر: 

ـ صحيت ومش عارفة أروح فين لوحدي، جعانة أوي.

مسد على شعرها وحملها، ليتجهوا للأسفل معًا: 

ـ تعالي يا حبيبتي، هننزل نقول لعمتو تجهزلك الأكل، إنتي اللي رفضتي الأكل في الطيارة.

اتجه للحديقة ليجد سمية تجلس برفقة فاطيما، يشاهدون جسار وفيروز وجاسر، فهتف نزار بابتسامة هادئة: 

ـ بتعملوا إيه لوحدكم، وفين جسار والشباب؟

أشارت سمية للخيل لتجيب نزار بهدوء: 

ـ بنشوف سباق الخيل زي ما إنت شايف.

نظرت ليلي للخيل لتهتف بصدمة ممزوجة بسعادة حقيقية: 

ـ بابا، عاوزة أركب حصان زي فيروز وخالو.

تحدث نزار بيأس من تهور طفلته: 

ـ إنتي مش بتقولي جعانة، مش هينفع تركبي كده هتتعبي، خليها يوم تاني.

وقفت واردفت بحزن وبدأت بالبكاء، ليهتف نزار بغيظ: 

ـ تعالي يا مجنونة، مفيش فايدة معاكي.

أحضر نزار فرسًا آخر واتجه لجسار الذي كان يراقب أولاده بهدوء، فهتف نزار بمرح: 

ـ إنت وأولادك مجانين، وليلي أجن منكم.

ابتسم جسار له ليهتف بمكر وهو يشير للخيل: 

ـ تحب نعمل سباق نشوف مين هيكسب؟

أجابه نزار بتردد وهو ينظر لأولادهم: 

ًـ لا طبعاً، الأولاد معانا صعب، يوم تاني نبقى في المزرعة كلنا.

تركه جسار وبدأ يركض بسرعة هادئة بسبب ركوب جاسر معه، فلحق به نزار، لتهتف ليلي بسعادة: 

ـ بابا، عاوزين نسبق خالو، أنا وإنت.

لتحدث حالة من المرح لديهم وبدأ سباق متوسط السرعة بينهم، لتصرخ ليلي كلما حاول جسار الاقتراب منهم. هبطت عاليا وفريدة للأسفل بعد استيقاظهم، وبعد فترة استيقظت علياء وبحثت عن نزار في الغرفة لتشاهده من النافذة، ذهبت لرؤية زين و يزن لأنها لم تشاهدهم في الأسفل لتجدهم استيقظوا، أخذتهم وهبطت للأسفل. لتحدث حالة من الجدال والفوضى بسبب غضب عاليا و يزن لأنهم كانوا يريدون مشاركة نزار وجسار في هذا السباق المرح. عاد نزار وجسار بعد أن أعادوا الخيول للاصطبل، وكانت ليلي ترقص وتصفق نظراً لفوز والدها على جسار.

أردف جسار وهو ينظر لعلياء بغيظ: 

ـ بنتك متشاركش في سباق تاني، كل ما أحاول أسبق نزار تصرخ وجاسر يقولي سيبها تكسب.

ضحك الجميع بقوة على حديث جسار، لتهتف عاليا بحزن: 

ـ كنا عاوزين نشارك معاكم يا خالو.

تحدثت سمية بسعادة وهي تتمنى أن تستمر أسرتها الكبيرة هادئة هكذا: 

ـ آخر الأسبوع نروح كلنا المزرعة، هناك خيول كتير والمساحة أكبر.

أومأ الجميع بموافقة، لتخبرهم الخادمة أنها أعدت الطعام، اتجهوا معاً للداخل وبينهم حالة سعادة حقيقية.

بعد تناولهم العشاء، أخبر جسار نزار وعلياء أنه يريد التحدث معهم في أمر ما، وطلب أن تكون زوجته فاطيما متواجدة معهم. اتجهت سمية لغرفتها برفقة سليم لتستريح بسبب شعورها ببعض الإرهاق، وذهب الأولاد إلى الحديقة لينتظروا والديهم. اتجه نزار وعلياء وجسار وفاطيما إلى غرفة المكتب ليتحدثوا بهدوء بعيدًا عن إزعاج أولادهم، لأن الأمر يتطلب نقاشًا هامًا.

أردف نزار بجدية، وهو ينظر لجسار: 

ـ إيه الحكاية يا جسار قلقتني.

تذكر جسار حديث مالك معه قبل عدة أيام، بعد علمه بموعد قدوم نزار وعلياء، ليهتف جسار بجدية شديدة، وهو يراقب نظرات نزار وعلياء بصراحة: 

ـ مالك كلمني من كام يوم لما عرف إنكم جايين، طلب أعرف رأيكم الأول، لو وافقتم هيجي هو ورؤى ووالدته وعز معاهم.

تعلم علياء جيداً سبب طلب مالك لقائهم، لتتحدث بهدوء: 

ـ إيه سبب الزيارة، مش فاهمه!!

ابتسم جسار بهدوء لأنه يعلم أن علياء تعلم سبب زيارة مالك لهم، فتحدث بمراوغة: 

ـ لما يجي بكره، هتعرفي كل حاجة.

وقفت وهتفت باعتراض شديد: 

ـ يجي بكره فين؟ أنا مش موافقة طبعًا.

تحدث جسار بجدية وهو ينظر لها: 

ـ أهدى، هو طلب يتكلم معاكم الأول ويعرف إيه رأيكم في عز.

هتف نزار بهدوء وهو ينظر لهم: 

ـ بالنسبة لي، شايف عز إنسان كويس وأكتر حد هيحافظ على فريدة.

تحدثت علياء بجدية وهي تنظر له: 

ـ إنت موافق إن فريدة تعيش بعيد عننا يا نزار؟

قال نزار بابتسامة حانية: 

ـ بنتنا كبرت يا حبيبتي، وعز إنسان كويس وهيخاف عليها.

هتفت بدون وعي وهي تنظر له: 

ـ لا يا نزار، فريدة بنتي لوحدي، مش من حق حد فيكم يقرر عنها غيري، أنا المسؤولة عنها.

نظر الجميع لها بصدمة، فهتف نزار بابتسامة حزينة قبل مغادرته للغرفة:

ـ آسف، واضح إني نسيت نفسي.

ثم غادر الغرفة، دخلت علياء في حالة من الصمت بعد مغادرة نزار، وبدأت تفكر في كلماته وتتأمل مستقبل فريدة. بعد فترة، قررت أن تتحدث مع فريدة حول الموضوع.

ذهبت علياء إلى غرفة فريدة ووجدتها جالسة على سريرها، تتأمل صورة لها مع عز. تحدثت علياء بهدوء: 

ـ فريدة، حبيبتي، عايزة أتكلم معاكي في موضوع مهم.

نظرت فريدة لوالدتها بفضول:

موضوع إيه يا ماما!!

جلست علياء بجانب فريدة وهتفت بتنهيدة:

ـ عز، هو فعلاً شخص كويس، وأنا عارفة إنه بيحبك، بس أنا خايفة عليكي، خايفة إنك تسيبيني.

ابتسمت فريدة وضمت والدتها بحب:

ـ ماما، أنا هكون معاكي دايمًا، حتى لو اتجوزت عز، مش هبعد عنك، وهتكوني دايمًا جنبي.

علياء ابتسمت، شعرت بالراحة قليلاً، لكنها لا تزال قلقة بسبب طبيعة عمل عز كضابط شرطة.

جلست علياء تتحدث مع فريدة بعض الوقت، ثم اتجهت لغرفتهم لتبحث عن نزار، لكنها شعرت بالقلق بسبب عدم وجوده. كانت تريد أن تعتذر منه على حديثها السابق معه، لكن غيرتها على ابنتها جعلتها تنسى ما فعله نزار من أجلهم.

اتجهت للحديقة لتجد الأولاد يجلسون معًا، فسألتهم عن والدهم. أخبروها أنه غادر بالسيارة، وكان يبدو عليه الغضب والحزن في آن واحد.

حاولت علياء الاتصال بنزار عدة مرات، لكنها وجدت هاتفه مغلقًا. عادت للداخل وقررت أن تنتظره حتى يعود. 

في غرفة جسار كانت فاطيما تشعر بالقلق على أخاها، خاصة بعد أن حاولت الاتصال به أكثر من مرة ولم يرد.

أردف جسار بهدوء، يحاول طمأنة فاطيما على نزار: 

ـ أهدى يا حبيبتي، هو محتاج يكون لوحده شوية وهيرجع.

أومأت فاطمة بموافقة، وهبطت إلى الأسفل لتخبر الأولاد أن يصعدوا كي يناموا بسبب تأخر الوقت. بعد ذلك، عادت إلى غرفتها، تحاول عدم التفكير فيما حدث.


عاد نزار إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليل، ووجد علياء مازالت مستيقظة في انتظاره. حاولت التحدث معه، لكنه تجاهلها واتجه إلى غرفته ليبدل ملابسه، وقال بلهجة جادة:

ـ أنا محتاج أنام، أظن إنك قولتي رأيك، مبقاش فيه كلام بينا.

بدل نزار ملابسه وارتدى بيجاما مريحة، ثم استلقى على الفراش. بعد فترة، استلقت علياء جواره، وظلت تفكر في طريقة لإنهاء التوتر الذي حدث بينها وبين زوجها. كانت تعترف في نفسها بأنها أخطأت هذه المرة، وكانت ترغب في إصلاح الأمور بينهما. 

في الظلام، كانت تسمع أنفاس نزار الهادئة، وتشعر بثقل الصمت بينهما. كانت ترغب في التحدث معه، لكنها لم تعرف كيف تبدأ. ظلت مستيقظة لفترة طويلة، تفكر في الكلمات التي يمكن أن تقولها، وفي كيفية إصلاح العلاقة بينهما.

❈-❈-❈

في صباح يوم جديد، استيقظ نزار وهبط إلى الأسفل، وطلب من الخادمة أن تعد له فنجان قهوة، فقد كانت الليلة الماضية قاسية ولم ينعم بالنوم الهادئ. 

اقترب جسار منه وحاول المزاح معه، لكن نزار هتف بهدوء: 

ـ قهوة قبل الفطار، فين فاطيما تشوف يا دكتور.

تنهد نزار بضيق وحاول الاعتراض، لكنه يعلم أن شقيقته عنيدة، فذهبوا معًا لتناول الإفطار أولًا. وجدوا سليم وسمية ينتظرونهم، وبعد لحظات قليلة هبطت فيروز ومعها جاسر، فقد اعتادوا على الاستيقاظ في هذا الموعد. لحقت بهم فريدة برفقة ليلي، وبعد لحظات انضمت علياء إليهم برفقة عاليا وزين و يزن. تناولوا الإفطار في هدوء، ولاحظ الجميع حالة نزار، لينهي طعامه أولًا ويتجه ليجلس في الحديقة. ذهبت علياء خلفه، عليها إنهاء هذا الجفاء الذي حدث بينهم الآن، وسريعًا.

أردفت علياء بتوتر، لأنها تعلم رد فعله مسبقًا: 

ـ نزار، أرجوك، خلينا نتكلم سوا شوية، اديني فرصة ادافع عن نفسي.

كانت تعلم أن نزار قد يكون غاضبًا، لكنها كانت ترغب في التحدث معه وتصحيح الأمور.

تحدث نزار بضيق شديد، وهو يحاول ألا ينفعل عليها: 

ـ هتقولي إيه تاني فريدة مش بنتي لا يا علياء، الأب والأم مش اللي أسمهم بيكتب في شهادة الميلاد بس. لأن فريدة بنتي من أول لحظة شوفتها فيها وهي خارجة من المطار، وجريت عليا لما قالت كلمة بابا. وقتها العلاقة اتكونت بيني وبينها، فمش من حقك إنتِ أو أي شخص يشكك في أبوتي ليها. سمعتي؟

كانت كلمات نزار حازمة وعاطفية، تعبر عن مدى حبه وتعلقه بفريدة، ورفضه لأي شك في علاقته بها.

استمع من في الداخل لصوت نزار المرتفع، لكن جسار منعهم من التدخل في الأمر، مؤكدًا أن علياء هي من ستصلح ما قامت بإفساده. ظل الجميع في الداخل، ينتظرون نتيجة هذا النقاش، بينما استمر نزار وعلياء في حديثهما الحاد في الحديقة.

هتفت علياء بدموع، لأنها تعلم أنه محق في حديثه، لأنه بالفعل تعامل مع فريدة بمنتهى الحب، ولم يتعامل معها كابنة زوجته، بل كان يميزها عن أولاده: 

ـ نزار، أنا بس غيرت على بنتي، فريدة بنت عمري، عاشت معايا مراحل صعبة. فريدة عاشت طفولتها الحقيقية في وجودك جنبها بس، فكرة إنها تبعد عني وتعيش في بلد وأنا في بلد تانية مش سهلة عليا. ٢١ سنة وهي معايا، فيهم صاحبتي وكل حاجة في حياتي.

كانت دموع علياء تعبر عن مدى حزنها وقلقها على ابنتها، وعن صعوبة فكرة الابتعاد عنها، بعد كل السنوات التي قضتها معها.

اقتربت علياء من نزار وأمسكت يده، لتكمل حديثها بلهفة وحزن: 

ـ نزار أرجوك، متزعلش مني. إنت وفريدة عيلتي الحقيقية، فكرة بعد أي حد منكم عني مش سهلة عليا، صدقني. 

كانت كلماتها تعبر عن مدى تعلقها بهم ومدى ألمها من فكرة الابتعاد عنهم.

أغمض نزار عينيه يعلم جيداً مدى تعلقها بابنتها لكن في النهاية سيأتي يوم وتتركهم لتنشأ حياة خاصة بها. 

فجأة انضم جسار إليهم، وهتف بمكر: 

ـ بم إني خال فريدة، هكلم مالك وأبلغه يجي بكره.

نظرت علياء لجسار بغيظ، وبحثت عن شيء تقذفه به، ليركض أمامها، لكنها لن تتركه هذه المرة. تحدثت بهدوء، وهي تنظر لزوجها: 

ـ هشوف المجنون ده وجاية يا دكتور.


ركضت علياء خلف جسار، والجميع يضحكون على مشهد المطاردة بينهما. أثناء ركض جسار، التفت لها ليهدئها، وكانت تسير أمامه، هتف بهدوء: 

ـ كفاية يا مجنونة، خلاص.

وفي لحظة تراجعه للخلف، لم ينتبه للحوض، ليجد نفسه وقع في حمام السباحة فجأة.

ضحكت علياء على جسار بقوة، وهو يسقط في حمام السباحة، ليتوعد بأخذ حقه منها لاحقًا. استطاع جسار تهدئة الأوضاع بين الجميع، ثم صعد لتبديل ملابسه وعاد إليهم مجددًا. وبعد مناقشات دارت بينهم، قام جسار بالاتصال بمالك وأخبره أنهم ينتظرونه للقائهم في المنزل بعد يومين.

كانت علياء تجلس برفقة نزار على الأرجوحة، وهتفت بتنهيدة عميقة: 

ـ مش قادرة أصدق إن خلاص فريدة كبرت وهتبعد عني يا نزار.

كانت كلماتها تعبر عن حزنها الشديد وقلقها على ابتعاد ابنتها عنها.

أردف نزار بهدوء، وهو يمرر يده على شعر علياء: 

ـ الأيام بتعدي بسرعة، بعدين أنا مبسوط إنها هتكون موجودة هنا، الكل هيكون معاها، وفرصة ننزل مصر كل فترة.

كان نزار يحاول نزار تهدئة علياء وتخفيف قلقها، مؤكدًا على الجوانب الإيجابية في الأمر.

نظرت علياء لنزار وتحدثت بجدية: 

ـ إنت بتفكر نرجع مصر ولا إيه؟ 

كانت كلماتها تحمل استفهامًا حقيقيًا عن نوايا نزار وتفكيره في العودة إلى مصر.

أجابها نزار وهو ينظر لأولاده الجالسين برفقة أبناء شقيقته: 

ـ أوقات بفكر نرجع فعلاً، بس دلوقتي صعب، ممكن لما عاليا و يزن يخلصوا دراسة نشوف الفكرة.

ظلت علياء صامتة لتفكر في حديث نزار بعض الوقت، ثم اقتربت عاليا منهم وهتفت بهدوء:

ـ بابا، إحنا هنروح المزرعة إمتى؟ عاوزة أركب خيل، أو نروح أي مشوار سوا. كانت كلمات عاليا تحمل شوقها للخروج مع والدها والقيام بنشاطات ممتعة معًا.

أردف نزار بابتسامة هادئة، وهو يشير لابنته لتجلس جواره في الناحية الأخرى: 

ـ بكره عندي مفاجأة ليكم، أنا وجسار.

كانت كلماته تحمل إثارة وفضول، مما جعل عاليا تتطلع لمعرفة المزيد عن المفاجأة.

هتفت عاليا بفضول: 

ـ مفاجأة إيه يا بابا؟ قولي.

كانت عيناها تلمعان بالفضول والترقب، وهي تنتظر من والدها أن يكشف عن المفاجأة.

اقتربت ليلي منهم لتهتف بغيظ، وهي تنظر لهم: 

ـ عاوزة أقعد معاكم.

أشار نزار لليلي لتقترب منه وتجلس على قدمه، لتنظر لها علياء بغيظ بعد أن أشارت لها ليلي بعلامة الانتصار. هتفت ليلي بهدوء: 

ـ بابا، عاوزة أنام معاك النهاردة.

وقفت علياء وتحدثت برفض: 

ـ لا يا ليلي، أنسى.

كانت كلماتها تحمل رفضًا واضحًا لطلب ليلي، مع نظرة تعبر عن عدم الموافقة.

أراد نزار التحدث، لتهتف علياء بجدية: 

ـ لا يا نزار، هتنام مع إخواتها، قراري نهائي.

كانت كلماتها تحمل حزمًا وتصميمًا على تنفيذ قرارها، مؤكدة على رغبتها في تعليم ابنتها الاعتماد على نفسها.

ابتعدت ليلي عن والدها وضربت قدمها في الأرض، وهي تغادر المكان بعنف، لتتركهم وتختفي من أمامهم. كانت حركتها تعبر عن غضبها ورفضها لقرار والدتها.


في صباح اليوم التالي، استيقظت علياء وبحثت عن ليلي في غرفتها، ولم تجدها، لتشعر ببعض القلق. هبطت للأسفل للبحث عنها، ولم تستطيع العثور عليها، لتبدأ حالة قلق تسيطر عليها بسبب اختفاء ابنتها. بدأت علياء تبحث في كل مكان، وهي تتساءل عن مكان ليلي، وبدأ الخوف يسيطر عليها.


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الزهراء، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة